فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عاشور:

وقوله: {فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين}، أي فإن انتهوا عن نقض الصلح أو فإن انتهوا عن الشرك بأن آمنوا فلا عدوان عليهم، وهذا تصريح بمفهوم قوله: {الذين يقاتلونكم} [البقرة: 190] واحتيج إليه لبعد الصفة بطول الكلام ولاقتضاء المقام التصريحَ بأهم الغايتين من القتال؛ لئلا يتوهم أن آخر الكلام نسخ أوله وأوجب قتال المشركين في كل حال.
وقوله: {فلا عدوان إلا على الظالمين} قائم مقام جواب الشرط لأنه علة الجواب المحذوف، والمعنى فإن انتهوا عن قتالكم ولم يقدموا عليه فلا تأخذوهم بالظنة ولا تبدءوهم بالقتال، لأنهم غير ظالمين؛ وإذ لا عدوان إلاّ على الظالمين، وهو مجاز بديع.
والعدوان هنا إما مصدر عدا بمعنى وثب وقاتل أي فلا هجوم عليهم، وإما مصدر عدا بمعنى ظلم كاعتدى فتكون تسميته عدوانًا مشاكلة لقوله: {على الظالمين} كما سمي جزاء السيئة بالسوء سيئة. وهذه المشاكلة تقديرية. اهـ.
سؤال: لم جاء: ب {على}؟
الجواب: جاء: بعلى، تنبيها على استيلاء الجزاء عليهم واستعلائه. اهـ.
فإن قيل: لم سمي ذلك القتل عدوانًا مع أنه في نفسه حق وصواب؟.
قلنا: لأن ذلك القتل جزاء العدوان فصح إطلاق اسم العدوان عليه كقوله تعالى: {وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا} [الشورى: 40] وقوله تعالى: {فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعتدى عَلَيْكُم} [البقرة: 194] {ومكروا ومكر الله} [آل عمران: 54] {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ الله مِنْهُمْ} [التوبة: 79] والثاني: إن تعرضتم لهم بعد انتهائهم عن الشرك والقتال كنتم أنتم ظالمين فنسلط عليكم من يعتدي عليكم. اهـ.
وقال الرماني، إنما استعمل لفظ العدوان في الجزاء من غير مزاوجة اللفظ، لأن مزاوجة اللفظ مزاوجة المعنى، كأنه يقول: انتهوا عن العدوان فلا عدوان إلاَّ على الظالمين انتهى كلامه. وهذا النفي العام يراد به النهي، أي: فلا تعتدوا، وذلك على سبيل المبالغة إذا أرادوا المبالغة في ترك الشيء عدلوا فيه عن النهي إلى النفي المحض العام، وصار ألزم في المنع، إذ صار من الأشياء التي لا تقع أصلًا، ولا يصح حمل ذلك على النفي الصحيح أصلًا لوجود العدوان على غير الظالم. فكأنه يكون إخبارًا غير مطابق، وهو لا يجوز على الله تعالى.
وقيل: معنى لا عدوان، لا سبيل، كقوله: {أيما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ} أي لا سبيل عليّ، وهو مجاز عن التسليط والتعرض، وهو راجع لمعنى جزاء الظالم الذي شرحنا به العدوان.
ورابط الجزاء بالشرط إما بتقدير حذف أي: إلاَّ على الظالمين منهم، أو بالاندراج في عموم الظالمين، فكان الربط بالعموم. اهـ.

.قال ابن عطية:

والانتهاء في هذا الموضع يصح مع عموم الآية في الكفار أن يكون الدخول في الإسلام، ويصح أن يكون أداء الجزية، وسمى ما يصنع بالظالمين عدوانًا من حيث هو جزاء عدوان إذ الظلم يتضمن العدوان، والعقوبة تسمى باسم الذنب في غير ما موضع، والظالمون هم على أحد التأويلين: من بدأ بقتال، وعلى التأويل الآخر: من بقي على كفر وفتنة. اهـ.

.قال أبو حيان:

وفسر الظالمون هنا بمن بدأ بالقتال، وقيل: من بقي على كفر وفتنة، قال عكرمة، وقتادة: الظالم هنا من أبى أن يقول لا إله إلاَّ الله. اهـ.

.قال في الميزان:

سياق الآيات الشريفة يدل على أنها نازلة دفعة واحدة، وقد سيق الكلام فيها لبيان غرض واحد وهو تشريع القتال لأول مرة مع مشركي مكة، فإن فيها تعرضا لإخراجهم من حيث أخرجوا المؤمنين، وللفتنة، وللقصاص، والنهي عن مقاتلتهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوا عنده، وكل ذلك أمور مربوطة بمشركي مكة، على أنه تعالى قيد القتال بالقتال في قوله: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم}، وليس معناه الاشتراط أي قاتلوهم إن قاتلوكم وهو ظاهر، ولا قيدا احترازيا، والمعنى قاتلوا الرجال دون النساء والولدان الذين لا يقاتلونكم كما ذكره بعضهم، إذ لا معنى لقتال من لا يقدر على القتال حتى ينهى عن مقاتلته، ويقال: لا تقاتله بل إنما الصحيح النهى عن قتله دون قتاله.
بل الظاهر أن الفعل أعني يقاتلونكم، للحال والوصف للإشارة، والمراد به الذين حالهم حال القتال مع المؤمنين وهم مشركوا مكة.
فمساق هذه الآيات مساق قوله تعالى: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله} الحج- 40، إذن ابتدائي للقتال مع المشركين المقاتلين من غير شرط.
على أن الآيات الخمس جميعا متعرضة لبيان حكم واحد بحدوده وأطرافه ولوازمه فقوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله}، لأصل الحكم، وقوله تعالى: {لا تعتدوا}الخ، تحديد له من حيث الانتظام، وقوله تعالى: {واقتلوهم}. إلخ. تحديد له من حيث التشديد، وقوله تعالى: {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام}. إلخ، تحديد له من حيث المكان، وقوله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} الخ تحديد له من حيث الأمد والزمان، وقوله تعالى: {الشهر الحرام} الخ، بيان أن هذا الحكم تشريع للقصاص في القتال والقتل ومعاملة بالمثل معهم، وقوله تعالى: {وأنفقوا}، إيجاب لمقدمته المالية وهو الإنفاق للتجهيز والتجهز، فيقرب أن يكون نزول مجموع الآيات الخمس لشأن واحد من غير أن ينسخ بعضها بعضا كما احتمله بعضهم، ولا أن تكون نازلة في شئون متفرقة كما ذكره آخرون، بل الغرض منها واحد وهو تشريع القتال مع مشركي مكة الذين كانوا يقاتلون المؤمنين. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.قال ابن القيم:

والتحقيق أن جنس الجهاد فرض عين إما بالقلب وإما باللسان وإما بالمال وإما باليد فعلى كل مسلم أن يجاهد بنوع من هذه الأنواع.
أما الجهاد بالنفس ففرض كفاية وأما الجهاد بالمال ففي وجوبه قولان والصحيح وجوبه لأن الأمر بالجهاد به وبالنفس في القرآن سواء كما قال تعالى: {انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون} [التوبة: 41] وعلق النجاة من النار به ومغفرة الذنب ودخول الجنة فقال: {يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم} [الصف: 10] وأخبر أنهم إن فعلوا ذلك أعطاهم ما يحبون من النصر والفتح القريب فقال: {وأخرى تحبونها} [الصف: 12] أي: ولكم خصلة أخرى تحبونها في الجهاد وهي {نصر من الله وفتح قريب} وأخبر سبحانه أنه {اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} [التوبة: 110] وأعاضهم عليها الجنة وأن هذا العقد والوعد قد أودعه أفضل كتبه المنزلة من السماء وهي التوارة والإنجيل والقرآن ثم أكد ذلك بإعلامهم أنه لا أحد أوفى بعهده منه تبارك وتعالى ثم أكد ذلك بأن أمرهم بأن يستبشروا ببيعهم الذي عاقدوه عليه ثم أعلمهم أن ذلك هو الفوز العظيم.
فليتأمل العاقد مع ربه عقد هذا التبايع ما أعظم خطره وأجله فإن الله عز وجل هو المشتري والثمن جنات النعيم والفوز برضاه والتمتع برؤيته هناك والذي جرى على يده هذا العقد أشرف رسله وأكرمهم عليه من الملائكة والبشر وإن سلعة هذا شأنها لقد هيئت لأمر عظيم وخطب جسيم:
قد هيئوك لأمر لو فطنت له ** فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل

مهر المحبة والجنة بذل النفس والمال لمالكهما الذي اشتراهما من المؤمنين فما للجبان المعرض المفلس وسوم هذه السلعة بالله ما هزلت فيستامها المفلسون ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون لقد أقيمت للعرض في سوق من يريد فلم يرض ربها لها بثمن دون بذل النفوس فتأخر البطالون وقام المحبون ينتظرون أيهم يصلح أن يكون نفسه الثمن فدارت السلعة بينهم ووقعت في يد {أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين} [المائدة: 54].
لما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخلي حرفة الشجي فتنوع المدعون في الشهود فقيل: لا تثبت هذه الدعوى إلا ببينة {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} [آل عمران: 31] فتأخر الخلق كلهم وثبت أتباع الرسول في أفعاله وأقواله وهديه وأخلاقه فطولبوا بعدالة البينة وقيل: لا تقبل العدالة إلا بتزكية {يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم} [المائدة: 54] فتأخر أكثر المدعين للمحبة وقام المجاهدون فقيل لهم: إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم فسلموا ما وقع عليه العقد فإن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة وعقد التبايع يوجب التسليم من الجانبين فلما رأى التجار عظمة المشتري وقدر الثمن وجلالة قدر من جرى عقد التبايع على يديه ومقدار الكتاب الذي أثبت فيه هذا العقد عرفوا أن للسلعة قدرا وشأنا ليس لغيرها من السلع فرأوا من الخسران البين والغبن الفاحش أن يبيعوها بثمن بخس دراهم معدودة تذهب لذتها وشهوتها وتبقى تبعتها وحسرتها فإن فاعل ذلك معدود في جملة السفهاء فعقدوا مع المشتري بيعة الرضوان رضى واختيارا من غير ثبوت خيار وقالوا: والله لا نقيلك ولا نستقيلك فلما تم العقد وسلموا المبيع قيل لهم: قد صارت أنفسكم وأموالكم لنا والآن فقد رددناها عليكم أوفر ما كانت وأضعاف أموالكم معها {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون} [آل عمران: 69] لم نبتع منكم نفوسكم وأموالكم طلبا للربح عليكم بل ليظهر أثر الجود والكرم في قبول المعيب والإعطاء عليه أجل الأثمان ثم جمعنا لكم بين الثمن والمثمن تأمل قصة جابر بن عبد الله وقد اشترى منه صلى الله عليه وسلم بعيره ثم وفاه الثمن وزاده ورد عليه البعير وكان أبوه قد قتل مع النبي صلى الله عليه وسلم في وقعة أحد فذكره بهذا الفعل حال أبيه مع الله وأخبره أن الله أحياه وكلمه كفاحا وقال: يا عبدي تمن علي فسبحان من عظم جوده وكرمه أن يحيط به علم الخلائق فقد أعطى السلعة وأعطى الثمن ووفق لتكميل العقد وقبل المبيع على عيبه وأعاض عليه أجل الأثمان واشترى عبده من نفسه بماله وجمع له بين الثمن والمثمن وأثنى عليه ومدحه بهذا العقد وهو سبحانه الذي وفقه له وشاءه منه:
فحيهلا إن كنت ذا همة فقد ** حدا بك حادي الشوق فاطو المراجلا

وقل لمنادي حبهم ورضاهم ** إذا ما دعا لبيك ألفا كواملا

ولا تنظر الأطلال من دونهم فإن ** نظرت إلى الأطلال عدن حوائلا

ولا تنتظر بالسير رفقة قاعد ** ودعه فإن الشوق يكفيك حاملا

وخذ منهم زادا إليهم وسرعلى ** طريق الهدى والحب تصبح واصلا

وأحي بذكراهم شراك إذا دنت ** ركابك فالذكرى تعيدك عاملا

وأما تخافن الكلال فقل لها ** أمامك ورد الوصل فابغي المناهلا

وخذ قبسا من نورهم ثم سر به ** فنورهم يهديك ليس المشاعلا

وحى على وادي الأراك فقل به ** عساك تراهم ثم إن كنت قائلا

وإلا ففي نعمان عندي معرف الـ ** أحبة فاطلبهم إذا كنت سائلا

وإلا ففي جمع بليلته فإن ** تفت فمنى يا ويح من كان غافلا

وحي على جنات عدن فإنها ** منازلك الأولى بها كنت نازلا

ولكن سباك الكاشحون لأجل ذا ** وقفت على الأطلال تبكي المنازلا

وحي على يوم المزيد بجنة الـ ** خلود فجد بالنفس إن كنت باذلا

فدعها رسوما دارسات فما بها ** مقيل وجاوزها فليست منازلا

رسوماعفت ينتابها الخلق كم بها ** قتيل وكم فيها لذا الخلق قاتلا

وخذ يمنة عنها على المنهج الذي ** عليه سرى وفد الأحبة آهلا

وقل ساعدي يانفس بالصبرساعة ** فعند اللقا ذا الكد يصبح زائلا

فما هي إلا ساعة ثم تنقضي ** ويصبح ذو الأحزان فرحان جاذلا

لقد حرك الداعى إلى الله وإلى دار السلام النفوس الأبية والهمم العالية وأسمع منادي الإيمان من كانت له أذن واعية وأسمع الله من كان حيا فهزه السماع إلى منازل الأبرار وحدا به في طريق سيره فما حطت به رحاله إلا بدار القرار فقال: انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة أو أدخله الجنة ولولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سرية ولوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل.
وقال: مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله وتوكل الله للمجاهد في سبيله بأن يتوفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة.
وقال: غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها.
وقال فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى: أيما عبد من عبادي خرج مجاهدا في سبيلي وابتغاء مرضاتي ضمنت له أن أرجعه إن أرجعته بما أصاب من أجر أو غنيمة وإن قبضته أن أغفر له وأرحمه وأدخله الجنة.
وقال: جاهدوا في سبيل الله فإن الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنة ينجي الله به من الهم والغم.
وقال: أنا زعيم- والزعيم الحميل- لمن آمن بي وأسلم وهاجر ببيت في ربض الجنة وببيت في وسط الجنة وأنا زعيم لمن آمن بي وأسلم وجاهد في سبيل الله ببيت في ربض الجنة وببيت في وسط الجنة وببيت في أعلى غرف الجنة من فعل ذلك لم يدع للخير مطلبا ولا من الشر مهربا يموت حيث شاء أن يموت.
وقال: من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة وجبت له الجنة.
وقال: إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة.
وقال لأبي سعيد: من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وجبت له الجنة فعجب لها أبو سعيد فقال: أعدها على يا رسول الله ففعل ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: الجهاد في سبيل الله.
وقال: من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة كل خزنة باب أي فل هلم فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان فقال أبو بكر: بأبى أنت وأمي يا رسول الله ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى من تلك الأبواب كلها؟ قال: نعم وأرجو أن تكون منهم.
وقال: من أنفق نفقة فاضلة في سبيل الله فبسبعمائة ومن أنفق على نفسه وأهله وعاد مريضا أو أماط الأذى عن طريق فالحسنة بعشر أمثالها والصوم جنة ما لم يخرقها ومن ابتلاه الله في جسده فهو له حطة.
وذكر ابن ماجه عنه: من أرسل بنفقة في سبيل الله وأقام في بيته فله بكل درهم سبعمائة درهم ومن غزا بنفسه في سبيل الله وأنفق في وجهه ذلك فله بكل درهم سبعمائة ألف درهم ثم تلا هذه الآية: {والله يضاعف لمن يشاء} [البقرة: 261].
وقال: «من أعان مجاهدا في سبيل الله أو غارما في غرمه أو مكاتبا في رقبته أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله».
وقال: «من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار».
وقال: «لا يجتمع شح وإيمان في قلب رجل واحد ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في وجه عبد» وفي لفظ في قلب عبد وفي لفظ في جوف امرئ وفي لفظ في منخري مسلم.
وذكر الإمام أحمد رحمه الله تعالى: من اغبرت قدماه في سبيل الله ساعة من نهار فهما حرام على النار.
وذكر عنه أيضا أنه قال: لا يجمع الله في جوف رجل غبارا في سبيل الله ودخان جهنم ومن اغبرت قدماه في سبيل الله حرم الله سائر جسده على النار ومن صام يوما في سبيل الله باعد الله عنه النار مسيرة ألف سنة للراكب المستعجل ومن جرح جراحة في سبيل الله ختم له بخاتم الشهداء له نور يوم القيامة لونها لون الزعفران وريحها ريح المسك يعرفه بها الأولون والآخرون ويقولون: فلان عليه طابع الشهداء ومن قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة.
وذكر ابن ماجه عنه: من راح روحة في سبيل الله كان له بمثل ما أصابه من الغبار مسكا يوم القيامة.
وذكر أحمد رحمه الله عنه: ما خالط قلب امرئ رهج في سبيل الله إلا حرم الله عليه النار.
وقال: رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها.
وقال: رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن الفتان.
وقال: كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتنة القبر.
وقال: رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل.
وذكر ابن ماجه عنه: من رابط ليلة في سبيل الله كانت له كألف ليلة صيامها وقيامها.
وقال: مقام أحدكم في سبيل الله خير من عبادة أحدكم في أهله ستين سنة أما تحبون أن يغفر الله لكم وتدخلون الجنة جاهدوا في سبيل الله من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة.
وذكر أحمد عنه: من رابط في شيء من سواحل المسلمين ثلاثة أيام أجزأت عنه رباط سنة.
وذكر عنه أيضا: حرس ليلة في سبيل الله أفضل من ألف ليلة يقام ليلها ويصام نهارها.
وقال: حرمت النار على عين دمعت أو بكت من خشية الله وحرمت النار على عين سهرت في سبيل الله.
وذكر أحمد عنه: من حرس من وراء المسلمين في سبيل الله متطوعا لا يأخذه سلطان لم ير النار بعينيه إلا تحلة القسم فإن الله يقول: {وإن منكم إلا واردها}.
وقال لرجل حرس المسلمين ليلة في سفرهم من أولها إلى الصباح على ظهر فرسه لم ينزل إلا لصلاة أو قضاء حاجة: قد أوجبت فلا عليك ألا تعمل بعدها.
وقال: من بلغ بسهم في سبيل الله فله درجة في الجنة.
وقال: من رمى بسهم في سبيل الله فهو عدل محرر ومن شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا يوم القيامة وعند النسائي تفسير الدرجة عام.
وقال: إن الله يدخل بالسهم الواحد الجنة: صانعه يحتسب في صنعته الخير والممد به والرامي به وأرموا واركبوا وأن ترموا أحب إلي من أن تركبوا وكل شيء يلهو به الرجل فباطل إلا رميه بقوسه أو تأديبه فرسه وملاعبته امرأته ومن علمه الله الرمي فتركه رغبة عنه فنعمة كفرها رواه أحمد وأهل السنن وعند ابن ماجه من تعلم الرمي ثم تركه فقد عصاني وذكر أحمد عنه أن رجلا قال له: أوصني فقال: أوصيك بتقوى الله فإنه رأس كل شيء وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن فإنه روحك في السماء وذكر لك في الأرض.
وقال: ذروة سنام الإسلام الجهاد وقال: ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سييل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف.
وقال: من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق.
وذكر أبو داود عنه: من لم يغز أو يجهز غازيا أو يخلف غازيا في أهله بخير أصابه الله بقارعة قبل يوم القيامة.
وقال: إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاء فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم.
وذكر ابن ماجه عنه: من لقي الله عز وجل وليس له أثر في سبيل الله لقي الله وفيه ثلمة.
وقال تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة: 195] وفسر أبو أيوب الأنصاري الالقاء باليد إلى التهلكة بترك الجهاد وصح عنه صلى الله عليه وسلم: إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف.
وصح عنه: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله.
وصح عنه: إن النار أول ما تسعر بالعالم والمنفق والمقتول في الجهاد إذا فعلوا ذلك ليقال.
وصح عنه: أن من جاهد يبتغي عرض الدنيا فلا أجر له.
وصح عنه أنه قال لعبد الله بن عمرو: إن قاتلت صابرا محتسبا بعثك الله صابرا محتسبا وإن قاتلت مرائيا مكاثرا بعثك الله مرائيا مكاثرا يا عبد الله بن عمرو على أي وجه قاتلت أو قتلت بعثك الله على تلك الحال. اهـ.