فصل: قال الفراء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



51- ثم قال جل وعز: {وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين} آية 149 قال أبو صالح أي حاذقين بنحتها وقال منصور بن المعتمر {فارهين} أي حاذقين وقال الحسن فرهين أي آمنين وقال عبد الله بن شداد فارهين بألف أي متجبرين وقال قتادة فرهين أي معجبين وقال مجاهد فرهين أي أشرين بطرين.
قال أبو جعفر وهذا أعرفها في اللغة وهو قول أبي عمرو وأبي عبيدة فكأن الهاء مبدلة من حاء لأنهما من حروف الحلق وأبو عبيدة يذهب إلى أن فارهين وفرهين بمعنى واحد.
52- وقوله جل وعز: {قالوا إنما أنت من المسحرين} آية 153 أي من المسحورين قاله مجاهد وأبو عبيدة يذهب إلى أن المعنى إنما أنت بشر لك سحر والسحر الرئة، وقيل من المسحرين أي من المعللين بالطعام والشراب كما قال الشاعر:
أرانا موضعين لحتم غيب ** ونسحر بالطعام وبالشراب

53- وقوله جل وعز: {لها شرب ولكم شرب يوم معلوم} آية 155 والشرب الحظ من الماء.
54- وقوله جل وعز: {وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم} آية 166 قال إبراهيم بن المهاجر: قال لي مجاهد: كيف يقرأ عبد الله بن مسعود {وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم} قلت وتذرون ما أصلح لكم ربكم من أزواجكم قال الفرج كما قال تعالى فأتوهن من حيث أمركم الله وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد: {وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم} قال القبل الفرج إلى أدبار النساء والرجال.
55- ثم قال جل وعز: {بل أنتم قوم عادون} آية 166 يقال عدا إذا تجاوز في الظلم.
56- وقوله جل وعز: {قال إني لعملكم من القالين} آية 168 أي المبغضين الكارهين وقد قلاه يقليه قلى وقلاء كما قال عليك السلام لا مللك قريبة ومالك عندي إن نأيت قلاء.
57- وقوله جل وعز: {إلا عجوزا في الغابرين} آية 171 قال أبو عبيدة والفراء أي الباقين قال أبو جعفر يقال للذاهب غابر وللباقي غابر كما قال لا تكسع الشول بأغبارها إنك لا تدري من الناتج، وكما قال فما ونى محمد مذ أن غفر له الإله ما مضى وما غبر أي وما بقي والأغبار بقيات الألبان والشول الإبل التي قد شالت بأذنابها.
58- وقوله جل وعز: {كذب أصحاب الأيكة المرسلين} آية 176 الأيكة عند أهل اللغة الشجر لالملتف والجمع أيك ويروى أنهم كانوا أصحاب شجر ملتف وقد قيل إن الأيكة اسم موضع ولا يصح ذلك ولا يعرف.
59- وقوله جل وعز: {إذ قال لهم شعيب ألا تتقون} آية 177 قرئ على أحمد بن شعيب عن عبد الحميد بن محمد قال حدثنا مخلد قال حدثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال كل الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة نوح وصالح وهود وشعيب وإبراهيم ولوط وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ومحمد صلى الله عليهم وزعم الشرقي بن قطامي أن شعيبا هو ابن عيفا بن نويب بن مدين بن إبراهيم وزعم ابن سمعان أن شعيبا بن جزي بن يشجر بن لاوي بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم صلى الله عليهم.
60- وقوله جل وعز: {وزنوا بالقسطاس المستقيم} آية 182 قال عبد الله بن عباس ومجاهد القسطاس العدل.
61- ثم قال جل وعز: {ولا تبخسوا الناس أشياءهم} آية 183 أي ولا تظلموا ومنه قول العرب: تحسبها حمقاء وهي باخس.
62- وقوله جل وعز: {واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين} آية 184 روى ابن أبي نجيح عن مجاهد الجبلة الخليقة قال أبو جعفر يقال جبل فلان على كذا أي خلق وقوله جبلة وجبلة وجبلة.
63- وقوله جل وعز: {فأسقط علينا كسفا من السماء} آية 187 روى علي بن الحكم عن الضحاك {فأسقط علينا كسفا} قال جانبا.
قال أبو جعفر ويقرأ: {كسفا} وهو جمع كسفة وهي القطعة.
64- ثم قال جل وعز: {فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة} آية 189 قال عبد الله بن عباس أصابهم حر شديد فدخلوا البيوت فأخذ بأنفاسهم فخرجوا إلى البرية لا يسترهم شيء فأرسل الله إليهم سحابة فهربوا إليها ليستظلوا بها ونادى بعضهم بعضا فلما اجتمعوا تحتها أهلكهم الله جل وعز وقال مجاهد فلما اجتمعوا تحتها صيح بهم فهلكوا.
65- وقوله جل وعز: {نزل به الروح الأمين} آية 193 يعني جبريل صلى الله عليه على قلبك أي يتلوه فيعيه قلبك.
66- وقوله جل وعز: {وإنه لفي زبر الأولين} آية 196 أي إن إنزاله وذكره.
67- ثم قال جل وعز: {أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل} آية 197 وفي قراءة عبد الله: {أو ليس لكم آية أن يعلمه علماء بني إسرائيل} قال مجاهد هو عبد الله بن سلام وقال غيره هو عبد الله وغيره ممن أسلم.
68- ثم قال جل وعز: {ولو نزلناه على بعض الأعجمين} آية 198 الأعجم الذي لا يفصح وإن كان عربيا والعجمي الذي أصله من العجم وإن كان فصيحا وقد ذكرنا قوله: {كذلك سلكناه في قلوب المجرمين} في سورة الحج.
69- وقوله جل وعز: {إنهم عن السمع لمعزولون} آية 212 أي عن استماع الوحي لممنوعون بالرجم وروى عروة عن عائشة قالت قلت يا رسول الله إن الكهان كانوا يحدثوننا بالشئ فنجده كما يقولون فقال تلك الكلمة يخطفها أحدهم فيكذب معها مائة كذبة وذكر الحديث.
70- ثم قال جل وعز: {وأنذر عشيرتك الأقربين} آية 214
قال عبد الله بن عباس لما نزلت صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا فصاح يا صباحاه فاجتمعوا إليه من بين رجل يجئ وبين رجل يبعث برسول فقال أرأيتم لو أخبرتكم أن رجلا جاء من هذا الفج ليغير عليكم أصدقتموني قالوا نعم ما جربنا عليك إلا صدقا، قال فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب ألهذا دعوتنا تبا لك فأنزل الله جل وعز تبت يدا أبي لهب وتب وروى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية قال يا صفية عمة رسول الله يا فاطمة ابنة محمد يا بني عبد المطلب إني لا أملك لكم من الله شيئا سلوني من مالي ما شئتم.
71- وقوله جل وعز: {الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين} آية 219 218 قال مجاهد وقتادة {في الساجدين} في المصلين قال مجاهد وكان يرى من خلفه كما يرى من أمامه قال عكرمة أي قائما وراكعا وساجدا وروي عن ابن عباس أنه قال تقلبه في الظهور حتى أخرجه نبيا.
72- وقوله جل وعز: {تنزل على كل أفاك أثيم} آية 222 قال مجاهد على كل أفاك على كل كذاب.
73- وقوله جل وعز: {والشعراء يتبعهم الغاوون} آية 224 قال ابن عباس الرواة وقال الضحاك هما اثنان تهاجيا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما من الأنصار وكان مع كل واحد منهما جماعة وهم الغواة أي السفهاء وقال عكرمة هم الذين يتبعون الشاعر وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد: {يتبعهم الغاوون} قال الشياطين وروى خصيف عن مجاهد قال هم الذين يتبعونهم ويروون شعرهم.
74- ثم قال جل وعز: {ألم تر أنهم في كل واد يهيمون} آية 225 قال مجاهد أي في كل فن يفتنون قال أبو جعفر والتقدير في اللغة في كل واد من القول يهيمون قال أبو عبيدة الهائم المخالف للقصد في كل شيء.
75- وقوله جل وعز: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} آية 227 قال عبد الله بن عباس يعني عبد الله بن رواحة وحسانا وفي غير هذا الحديث لما نزلت هذه الآية قال عبد الله قد علم الله جل وعز أنا نقول الشعر وأنزل هذا فأنزل الله عز وجل: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا} أي ناضلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن المؤمنين من هجاهم.
76- ثم قال جل وعز: {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} آية 227 روي في الحديث أنه يراد به من بين يدي الله جل وعز إلى النار. انتهت سورة الشعراء. اهـ.

.قال الفراء:

ومن سورة الشعراء:
قوله: {باخِعٌ نَفْسَكَ} قاتل نفسك {أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} موضع أن نصب لأنها جزاء، كأنك قلت: إن لم يؤمنوا فأنت قاتل نفسك. فلمّا كان ماضيا نصبت أن كما تقول أتيتك أن أتيتنى. ولو لم يكن ماضيا لقلت: آتيك إن تأتنى. ولو كانت مجزومة وكسرت إن فيها كان صوابا. ومثله قول اللّه {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ} و{إن صدّوكم}. وقوله: {من الشهداء أن تضلّ} و{إن تضلّ} وكذلك {أفنضرب عنكم الذكر صفحا إن كنتم} و{أن كنتم} وجهان جيّدان.
وقوله: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً} ثم قال: {فظلّت} ولم يقل {فتظللّ} كما قال: {ننزل} وذلك صواب: أن تعطف على مجزوم الجزاء بفعل لأنّ الجزاء يصلح في موضع فعل يفعل، وفي موضع يفعل فعل، ألا ترى أنك تقول: إن زرتنى زرتك وإن تزرنى أزرك والمعنى واحد. فلذلك صلح قوله: {فَظَلَّتْ} مردودة على يفعل، وكذلك قوله: {تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ} ثم قال: {وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا} فردّ يفعل على فعل وهو بمنزلة ردّه {فظلّت} على {ننزّل} وكذلك جواب الجزاء يلقى يفعل بفعل، وفعل بيفعل كقولك: إن قمت أقم، وإن تقم قمت. وأحسن الكلام أن تجعل جواب يفعل بمثلها، وفعل بمثلها كقولك: إن تتجر تربح، أحسن من أن تقول: إن تتجر ربحت. وكذلك إن تجرت ربجت أحسن من أن تقول: إن تجرت تربح. وهما جائزان. قال اللّه {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ} فقال: {نُوَفِّ} وهى جواب لكان. وقال الشاعر:
إن يسمعوا سبّة طاروا بها فرحا ** منى وما يسمعوا من صالح دفنوا

فردّ الجواب بفعل وقبله يفعل قال الفراء: إن يسمعوا سبّة على مثال غيّة.
وقوله: {فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ (4)} والفعل للأعناق فيقول القائل: كيف لم يقل:
خاضعة: وفي ذلك وجوه كلّها صواب. أوّلها أن مجاهدا جعل الأعناق: الرجال الكبراء. فكانت الأعناق هاهنا بمنزلة قولك: ظلّت رءوسهم رءوس القوم وكبراؤهم لها خاضعين للآية. والوجه الآخر أن تجعل الأعناق الطوائف، كما تقول: رأيت الناس إلى فلان عنقا واحدة فتجعل الأعناق الطّوائف والعصب وأحبّ إليّ من هذين الوجهين في العربيّة أن الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون فجعلت الفعل أوّلا للأعناق ثم جعلت {خاضِعِينَ} للرجال كما قال الشاعر:
على قبضة موجوءة ظهر كفّه ** فلا المرء مستحى ولا هو طاعم

فأنّث فعل الظهر لأن الكف تجمع الظهر وتكفى منه: كما أنك تكتفى بأن تقول: خضعت لك رقبتى ألا ترى أن العرب تقول: كلّ ذى عين ناظر وناظرة إليك لأن قولك: نظرت إليك عينى ونظرت إليك بمعنى واحد فترك {كلّ} وله الفعل وردّ إلى العين. فلو قلت: فظلّت أعناقهم لها خاضعة كان صوابا. وقد قال الكسائىّ: هذا بمنزلة قول الشاعر:
ترى أرباقهم متقلّديها إذا ** صدىء الحديد على الكماة

ولا يشبه هذا ذلك لأن الفعل في المتقلّدين قد عاد بذكر الأرباق فصلح ذلك لعودة الذكر. ومثل هذا قولك: ما زالت يدك باسطها لأن الفعل منك على اليد واقع فلابد من عودة ذكر الذي في أول الكلام. ولو كانت فظلت أعناقهم لها خاضعيها كان هذا البيت حجّة له. فإذا أوقعت الفعل على الاسم ثم أضفته فلا تكتف بفعل المضاف إلا أن يوافق فعل الأول كقولك ما زالت يد عبد اللّه منفقا ومنفقة فهذا من الموافق لأنك تقول يده منفقة وهو منفق ولا يجوز كانت يده باسطا لأنه باسط لليد واليد مبسوطة، فالفعل مختلف، لا يكفى فعل ذا من ذا، فإن أعدت ذكر اليد صلح فقلت: ما زالت يده باسطها.
وقوله: {أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} يقول: حسن، يقال: هو كما تقول للنخلة:
كريمة إذا طاب حملها، أو أكثر كما يقال للشاة وللناقة كريمة إذا غزرتا. قال الفراء: من كلّ زوج من كل لون.
وقوله في كلّ هذه السّورة {وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} في علم اللّه. يقول: لهم في القرآن وتنزيله آية ولكنّ أكثرهم في علم اللّه لن يؤمنوا وقوله: {قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ} (11).