فصل: الفوائد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الفوائد:

شروط جمع المذكر السالم:
يشترط في كل ما يجمع جمع المذكر السالم من اسم أو صفة ثلاثة شروط:
آ- الخلو من تاء التأنيث فلا يجمع هذا الجمع من الأسماء نحو طلحة، ولا من الصفات نحو علّامة بتشديد اللام لئلا يجتمع فيهما علامتا التأنيث والتذكير.
ب- أن يكون لمذكر فلا يجمع هذا الجمع علم المؤنث نحو زينب ولا صفة المؤنث نحو حائض.
ج- أن يكون لعاقل لأن هذا الجمع مخصوص بالعقلاء فلا يجمع نحو وأشق علما لكلب وسابق صفة لفرس، ثم يشترط أن يكون إما علما غير مركب تركيبا مزجيا ولا استناديا فلا يجمع المركب المزجي نحو معدي كرب وسيبويه، وقيل إن المختوم بويه يجمع هذا الجمع فيقال سيبويهون ومنهم من يحذف وبه فيقول سيبون، أما المركب الاضافي فيجمع أول المتضايفين ويضاف للثاني فيقال غلامو زيد وغلامي زيد، والكوفيون يجمعونهما معا، وأما صفة تقبل التاء المقصود بها معنى التأنيث فلا يجمع هذا الجمع نحو علامة ونسابة لأن التاء فيهما لتأكيد المبالغة لا لقصد معنى التأنيث، أو صفة لا تقبل التاء ولكنها تدل على التفضيل فالصفة التي لا تقبل التاء نحو قائم ومذنب تقول قائمة ومذنبة والصفة التي تدل على التفضيل نحو أفضل فهذه الصفات الثلاث تجمع هذا الجمع كما تجمع بالألف والتاء فيقال قائمون ومذنبون وأفضلون كما يقال قائمات ومذنبات وفضليات، فلا يجمع هذا الجمع نحو جريح بمعنى مجروح وصبور بمعنى صابر وسكران وأحمر وأعجم فإنها لا تقبل التاء ولا تدل على تفضيل لأن جريحا وصبورا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث وسكران مؤنثه سكرى وأحمر مؤنثه حمراء وأعجم مؤنثة عجماء فلا يقال جريحون وصبورون وسكرانون وأحمرون كما لا يقال جريحات وصبورات وسكرانات وحمراوات وعجماوات فلو جعلت أعلاما جاز الجمعان.

.[سورة الشعراء: الآيات 204- 220]:

{أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (204) أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (205) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (206) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (207) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ (208) ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ (209) وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ (210) وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ (212) فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ (213) وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِي ءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220)}.

.الإعراب:

{أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ} الهمزة للاستفهام التوبيخي والتهكمي والإنكاري والفاء عاطفة على مقدر يقتضيه المقام وقد سبق تقريره والتقدير: أيكون حالهم كما ذكر من طلب الإنظار عند نزول العذاب الأليم فيستعجلون، هكذا قدره بعض المعربين ولكنه لا يخلو من إيهام، فالأولى أن يقدر: أيغفلون عن ذلك مع تحققه وتقرره فيستعجلون، وقدم الجار والمجرور لأمرين: لفظي وهو مراعاة الفواصل ومعنوي وهو الإيذان بأن مصب الإنكار والتوبيخ كون المستعجل به العذاب، والجار والمجرور متعلقان بيستعجلون.
{أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ} الهمزة للاستفهام والفاء حرف عطف ورأيت معطوف على فيقولوا وما بينهما اعتراض والتاء فاعل رأيت ورأيت بمعنى أخبرني فتتعدى إلى مفعولين أحدهما مفرد والآخر جملة استفهامية غالبا وإن شرطية ومتعناهم فعل ماض وفاعل ومفعول به وسنين ظرف متعلق بمتعناهم.
{ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ} ثم حرف عطف وجاءهم فعل ومفعول به وما فاعل جاءهم وجملة كانوا صلة والواو اسم كان وجملة يوعدون خبرها.
ثم: تنازع أفرأيت وجاءهم في قوله: {ما كانوا يوعدون} فإن أعملت الثاني وهو جاءهم كما تقدم في الاعراب رفعت به {ما كانوا} فاعلا به، ومفعول أرأيت الأول ضميره ولكنه حذف والمفعول الثاني هو الجملة الاستفهامية في قوله: {ما أغنى عنهم} ولابد من رابط بين هذه الجملة وبين المفعول الاول المحذوف وهو مقدر تقديره: أفرأيت ما كانوا يوعدونه، وإن أعملت الاول نصبت به {ما كانوا} مفعولا به وأضمرت في جاءهم فاعلا به والجملة الاستفهامية مفعول ثان أيضا والعائد مقدر على ما تقرر في للوجه قبله والشرط معترض وجوابه محذوف. وقد تقدم البحث مستوفى في هذا التعبير في سورة الأنعام وهذا كله إنما يتأتى على قولنا إن {ما} استفهامية ولا يضيرنا تفسيرهم لها بالنفي فإن الاستفهام قد يرد للنفي، وأما إذا جعلتها نافية، فتكون حرفا، ولا يتأتى ذلك لأن مفعول أرأيت الثاني لا يكون إلا جملة استفهامية وقد ذكر هذا مفصلا كما ذكرت أقوال المعربين في سورة الانعام فجدد به عهدا.
{ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ} ما استفهامية كما تقدم مفعول مقدم لأغنى وأغنى فعل ماض وعنهم متعلقان بأغنى وما مصدرية أو موصولة وعلى كل حال هي ومدخولها أو هي وحدها فاعل أغنى والتقدير ما أغنى عنهم تمتعهم أو ما كانوا يمتعون به من متاع الحياة الدنيا، والاستفهام إنكاري بمعنى النفي وقيل ما نافية ولا فرق بينهما كما تقدم.
{وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ} الواو عاطفة أو استئنافية وما نافية وأهلكنا فعل وفاعل ومن حرف جر زائد وقرية مجرور بمن لفظا منصوب محلا على أنه مفعول أهلكنا وإلا أداة حصر ولها خبر مقدم ومنذرون مبتدأ مؤخر والجملة صفة لقرية أو حال منه وسوغ ذلك سبق النفي وقد تقدم الزمخشري رأي جميل في مثل هذا التعبير ونعيده هنا قال: فإن قلت كيف عزلت الواو عن الجملة بعد إلا ولم تعزل عنها في قوله: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم} قلت: الأصل عزل الواو لأن الجملة صفة لقرية وإذا زيدت فلتأكيد وصل الصفة بالموصوف كما في قوله: {سبعة وثامنهم كلبهم}.
{ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ} مفعول لأجله على معنى أنهم ينذرون لأجل الموعظة والتذكرة، وجوز أبو البقاء أن تكون خبرا لمبتدأ محذوف أي هذه ذكرى والجملة اعتراضية، وأعربها الكسائي حالا أي مذكرين، وأعربها الزجاج مصدر والعامل منذرون لأنه في معنى مذكرون ذكرى أي هذه ذكرى والجملة اعتراضية، وأعرابها الكسائي حالا أي مذكرين، {وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ} الواو عاطفة وما نافية وتنزلت فعل ماض وبه جار ومجرور متعلقان بتنزلت والضمير للقرآن والشياطين فاعل تنزلت {وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ} الواو عاطفة وما نافية وينبغي فعل مضارع وفاعله مستتر يعود على القرآن ولهم متعلقان بينبغي وما يستطيعون عطف على ما ينبغي ومفعول يستطيعون محذوف تقديره ذلك.
{إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} الجملة تعليل لعدم استطاعتهم أن يتنزلوا به وان واسمها وعن السمع متعلقان بمعزولون واللام المزحلقة ومعزولون خبر إن.
{فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ} الفاء الفصيحة والخطاب للنبي صلى اللّه عليه وسلم والمقصود غيره، ولا ناهية وتدع فعل مضارع مجزوم بلا والفاعل مستتر تقديره أنت ومع ظرف متعلق بمحذوف حال لأنه كان في الأصل صفة لإلها وتقدم عليه وإلها مفعول به وآخر صفة لإلها، فتكون الفاء فاء السببية وتكون فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء واسم تكون مستتر تقديره أنت ومن المعذبين خبر تكون.
{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} الواو عاطفة وأنذر فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت وعشيرتك مفعول به والأقربين صفة، وسيأتي بحث واف عن هذا الانذار في باب الفوائد.
{وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} عطف أيضا واخفض جناحك فعل أمر وفاعل مستتر ومفعول به ولمن متعلقان بأخفض وجملة اتبعك صلة من ومن المؤمنين حال.
{فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِي ءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ} الفاء عاطفة وإن شرطية وعصوك فعل ماض وفاعل ومفعول به وهو في محل جزم فعل الشرط، فقل الفاء رابطة للجواب وان واسمها وبريء خبرها ومما متعلقان ببريء وجملة تعملون صلة وجملة اني بريء مقول القول ولذلك كسرت همزة إن.
{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ} عطف على ما تقدم وعلى العزيز متعلقان بتوكل.
{الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ} الذي صفة للعزيز الرحيم وجملة يراك صلة وحين ظرف متعلق بيراك وجملة تقوم مجرورة بإضافة الظرف إليها ومتعلق تقوم محذوف أي إلى الصلاة {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} عطف على الكاف في يراك وفي الساجدين حال وفي بمعنى مع أي مصليا مع الجماعة، وعن مقاتل أنه سأل أبا حنيفة رضي اللّه عنه: هل تجد الصلاة في الجماعة في القرآن؟ فتلا هذه الآية، وقال بعضهم المراد بالساجدين المؤمنون أي يراك متقلبا في أصلاب وأرحام المؤمنين منذ زمن آدم وحواء إلى عبد اللّه وآمنة {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ان واسمها وهو ضمير فصل أو مبتدأ والسميع العليم خبران لإن أو للضمير والجملة الاسمية خبر إن.

.الفوائد:

أمر اللّه تعالى رسوله صلى اللّه عليه وسلم أن ينذر الأقرب فالأقرب، فلما أنزل اللّه تعالى {وأنذر عشيرتك الأقربين} دعاهم إلى دار عمه أبي طالب وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه وفيهم أعمامه، فأنذرهم فقال يا بني عبد المطلب: لو أخبرتكم أن بسفح هذا الجبل خيلا أكنتم مصدقيّ؟ قالوا: نعم، قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. وروي انه قال: يا بني عبد المطلب، يا بني هاشم، يا بني عبد مناف افتدوا أنفسكم من النار فإني لا أغني عنكم شيئا، ثم قال: يا عائشة بنت أبي بكر، ويا حفصة بنت عمر، ويا فاطمة بنت محمد، ويا صفية عمة محمد اشترين أنفسكن من النار فإني لا أغني عنكن شيئا.
وهناك روايات أخرى لا تخرج عن هذا المعنى نجتزىء بما تقدم منها.

.[سورة الشعراء: الآيات 221- 227]:

{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (223) وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (225) وأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ (226) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (227)}.

.الإعراب:

{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ} كلام مستأنف مسوق لإبطال كونه كاهنا يتلقى من الشياطين، وهل حرف استفهام وأنبئكم فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به أول وعلى من جار ومجرور متعلقان بتنزل وقدم للاهتمام به ولأن للاستفهام صدر الكلام، وهو معلق لفعل التنبئة عن العمل والجملة سدت مسد المفعولين الثاني والثالث وتنزل فعل مضارع حذفت إحدى تاءيه والأصل تتنزل، والشياطين فاعل تنزل.
{تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} الجار والمجرور متعلقان بتنزل، وهو بدل من الجار والمجرور قبله وأفاك مضاف إلى كل وأثيم صفة وهم الكهنة والمتنبئة كشق وسطيح ومسيلمة وطلحة.
{يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ} يلقون فعل مضارع والواو فاعل وهو يعود على الشياطين فتكون الجملة حالية أو يعود على كل أفاك أثيم من حيث أنه جمع في المعنى فتكون الجملة مستأنفة أو صفة لكل أفاك أثيم، ومعنى إلقائهم السمع إنصاتهم إلى الملأ الأعلى ليسترقو شيئا أو إلقاء الشيء المسموع إلى الكهنة، والسمع مفعول به والواو حالية وأكثرهم مبتدأ وكاذبون خبر والجملة حالية.
{وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ} كلام مستأنف أيضا مسوق لإبطال كونه شاعرا كما زعموا وسيأتي بحث ضاف عن الشعر ومن هم الشعراء الذين يتبعهم الغاوون في باب الفوائد والشعراء مبتدأ وجملة يتبعهم خبر ويتبعهم فعل مضارع ومفعول به مقدم والغاوون فاعل مؤخر.
{أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ} الجملة مفسرة والهمزة للاستفهام التقريري ولم حرف نفي وقلب وجزم والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت وأن وما بعدها سدت مسد مفعولي تر وفي كل واد متعلقان بيهيمون ويهيمون فعل مضارع وفاعل والجملة خبر أنهم، ويجوز أن تعلق الجار والمجرور بمحذوف هو الخبر وجملة يهيمون حالية، وتمثيل ذهابهم في كل شعب من القول بالوادي سيأتي بحثه في باب البلاغة.
{وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ} جملة معطوفة.
{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} إلا أداة استثناء والذين مستثنى من الشعراء المذمومين وجملة آمنوا صلة وعملوا الصالحات عطف على آمنوا داخل في حيز الصلة وذكروا اللّه عطف أيضا وكثيرا صفة لمفعول مطلق محذوف أي ذكروا اللّه ذكرا كثيرا أو صفة لظرف زمان محذوف أي وقتا كثيرا.
{وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا} عطف على ما تقدم وما مصدرية أي من بعد ظلمهم من إضافة المصدر لمفعوله.
{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} الواو استئنافية والسين حرف استقبال ويعلم فعل مضارع والذين فاعله وجملة ظلموا صلة وأي منقلب منصوب على المفعولية المطلقة لأن أيا تعرب بحسب ما تضاف إليه وقد علقت يعلم عن العمل، هذا والعامل في أي هو ينقلبون لا يعلم لأن أسماء الاستفهام لا يعمل فيها ما قبلها، قال النحاس: وحقيقة القول في ذلك أن الاستفهام معنى وما قبله معنى آخر فلو عمل فيه لدخل بعض المعاني في بعض.

.البلاغة:

في قوله تعالى: {ألم تر أنهم في كل واد يهيمون} استعارة تمثيلية لطيفة وليس ثمة واد ولا شعاب ولا هيام وإنما هو تغلغل إلى مناحي القول، واعتساف في الأوصاف والتغزل والتشبيب والنسيب وقلة مبالاة بما يهتكونه من أعراض، ويرجفون به من أقوال، وسيأتي تفصيل ذلك عند الكلام على الشعر في باب الفوائد، وعن الفرزدق أن سليمان بن عبد الملك سمع قوله:
فبتن بجانبي مصرعات ** وبت أفض أغلاق الختام

فقال قد وجب عليك الحد، فقال يا أمير المؤمنين قد درأ اللّه عني الحد بقوله: {وأنهم يقولون ما لا يفعلون}.