فصل: قال الشريف الرضي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ} (45) أي ما يفترون ويسحرون.
{قالُوا لا ضَيْرَ} (50) مصدر ضار يضير، ويقال: لا يضيرك عليه رجل أي لا يزيدك عليه {إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} (54) أي طائفة وكل بقية قليلة فهى شرذمة قال:
يحذين في شراذم النّعال

أي قطع النعال وبقاياها، وهى هاهنا في موضع الجماعات ألا ترى أنه قال شرذمة قليلون.
{وإنّا لجميع حذرون} (56) قال ابن أحمر:
هل أنسأن يوما إلى غيره ** أنّى حوالى وأنّى حذر

حذر وحذر وحاذر، وقوم حذرون وحاذرون، حوالى ذو حيلة، قال عباس بن مرداس:
وإنى حاذر أنمى سلاحي ** إلى أوصال ذيّال منيع

الذيال الفرس الطويل الذنب.
{فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} (60) مجاز المشرق مجاز المصبح.
{كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} (63) أي كالجبل قال الشاعر:
حلّوا بأنقرة بجيش عليهم ** ماء الفرات يجىء من أطواد

{وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ} (64) أي وجمعنا، ومنه ليلة المزدلفة، والحجة فيها أنها ليلة جمع وقال بعضهم وأهلكنا.
{هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ} (72) أي يسمعون دعاءكم وفي آية أخرى {إِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [83- 3] وفي الكلام أنصتك حتى فرغت واشتقتك أي اشتقت إليك.
{وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} (84) أي ثناء حسنا في الآخرين.
{وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} (90) قرّبت وأدنيت، ومنه قوله:
طىّ الليالى زلفا فزلفا ** سماوة الهلال حتى احقوقفا

ويقال: له عندى زلفة أي قربى.
{فَكُبْكِبُوا فِيها} (94) أي طرح بعضهم على بعض جماعة جماعة.
{كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ} (105) قوم يذكّر ويؤنّث.
{فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا} (118) أي أحكم بينى وبينهم حكما قال الشاعر:
ألا أبلغ بنى عصم رسولا ** فإنى عن فتاحتكم غنىّ

{فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} (119) أي المملوء، ومنه قولهم شحنها عليهم خيلا ورجالا أي ملأها، والفلك يقع لفظه على الواحد والجميع من السفن سواء، بمنزلة قوله السلام رطاب وكذلك الحجر الواحد.
{بِكُلِّ رِيعٍ} (128) وهو الارتفاع من الأرض والطريق والجميع أرياع وريعة قال ذو الرّمة:
طراق الخوافي مشرف فوق ريعة ** ندى ليله في ريشه يترقرق

وقال الشّماخ:
تعنّ له بمذنب كل واد إذا ** ما الغيث أخضل كل ريع

{وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ} (129) وكل بناء مصنعة.
{وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ} (148) أي قد ضمّ بعضه بعضا وهى النخل وهو النخل يذكّر ويؤنّث، وفي آية أخرى {أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} [54 2]:
{وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتًا فارِهِينَ} (149) أي حاذقين، وقال آخرون:
فارهين أي مرحين. وقال عدى بن وداع العقوىّ من العقاة بن عمرو بن مالك ابن فهم من الأزد:
لا أستكين إذا ما أزمة أزمت ** ولن ترانى بخير فاره اللبب

أي مرح اللبب ويجوز فرهين في معنى فارهين.
{قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} (153) وكل من أكل من إنس أو دابة فهو مسحّر وذلك أن له سحرا يقرى يجمع ما أكل فيه، قال لبيد بن ربيعة:
فإن تسألينا فيم نحن فإننا ** عصافير في هذا الأنام المسحّر

{لَها شِرْبٌ} (155) يكسر أوله ويضم ويفتح.
{إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغابِرِينَ} (171) والغابر الباقي قال العجّاج:
فماونى محمد مذ أن غفر ** له الإله ما مضى وما غبر

أي بقي وكذلك غبر اللبن والحيض وغبر الليل، ويقال: غبر تخفف من ذا إلا عجوزا وقد هلكت في الهالكين الذي هلكوا من قومها ومجازها إلا عجوزا هرمة في العابرين الذين بقوا حتى هرموا وقد أهلكت مع الذين أهلكوا، وقال الأعشى:
عضّ بما أبقى المواسى ** له من أمه في الزمن الغابر

معناه عضّ بالذي أبقى المواسى له من أمه، الغابر منه أي الباقي ألا ترى أنه قال:
وكنّ قد أبقين منها أذى ** عند الملاقى وافر الشافر

{أَصْحابُ الْأَيْكَةِ} (176) وجمعها أيك وهى جماع من الشجر.
{وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ} (182) أي بالسّواء والعدل.
{وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ} (183) أي لا تنقصوهم يقال في المثل:
تحسبها حمقاء وهى باخسة

{وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ} (183) يقال عثيت تعثى عثوا وهى أشد الفساد والخراب.
{وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ} (184) أي الخلق وجاء خبرها على المعنى الجماع وإذا نزعت الهاء من آخرها ضممت أوله كما هو في آية أخرى {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا} [36-62] قال أبو ذوءيب:
منايا يقرّبن الحتوف لأهلها ** جهارا ويستمتعن بالأنس الجبل

{فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفًا مِنَ السَّماءِ} (187) جمع كسفة بمنزلة سدرة والجميع سدر ومعناها قطعا.
{لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ} (196) أي كتب الأولين واحدها زبور.
{وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ} (198) يقال رجل أعجم إذا كانت في لسانه عجمة، ورجل عجمى أي من العجم وليس من اللسان، قال ذو الرّمة:
أحبّ المكان القفر من أجل ** أننى به أتغنّى باسمها غير معجم

والدواب عجم لأنها لا تتكلّم وجاء في الحديث العجماء جبار لا تودى أي لادية فيه.
{إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ} (212) مفتوح الأول لأنه مصدر سمعت والمعنى الاستماع يقال: سمعته سمعا حسنا.
{وَاخْفِضْ جَناحَكَ} (215) أي ألن جانبك وكلامك.
{كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} (222) أي كذّاب بهّات أثيم أي آثم بمنزلة عليم في موضع عالم.
{فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ} (225) الهائم هو المخالف للقصد الجائر عن كل حق وخير. اهـ.

.قال الشريف الرضي:

ومن السورة التي يذكر فيها الشعراء:

.[سورة الشعراء آية 61]:

{فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61)}.
قوله سبحانه: {فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} (61) وهذه استعارة. والمراد بها: العبارة عن التقارب والتداني. وإنما قلنا إن اللفظ مستعار، لأنه قد يحسن أن يوصف به الجمعان، وإن لم ير بعضهم بعضا بالموانع، من مثار العجاج، ورهج الطّراد. لأن المراد به تقارب الأشخاص، لا تلاحظ الأحداق، وذلك كقولهم في الحيّين المتقاربين: تتراءى ناراهما. أي تتقابل وتتقارب. لكون النارين بحيث لو كان بدلا منهما إنسانان لرأى كل واحد منهما صاحبه. وقد أومأنا إلى ذلك فيما مضى.
ويقال أيضا: قوم رئاء، على وزن فعال أي يقابل بعضهم بعضا. وكذلك بيوتهم رئاء إذا كانت متقابلة. ذكر ذلك أحمد بن يحيى ثعلب.
ومن هذا الباب الحديث المشهور عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم، وهو قوله: «أنا برىء من كل مسلم مع مشرك قيل: ولم يا رسول اللّه؟ لا تراءى ناراهما» وقد استقصينا الكلام على معنى هذا الخبر في كتاب مجازات الآثار النبوية.

.[سورة الشعراء آية 118]:

{فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118)}.
وقوله سبحانه فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا، وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (118) وهذه استعارة. والمراد بها- واللّه أعلم- فاحكم بيننا وبينهم حكما قاطعا، وأمرا فاصلا: بفتح الباب المبهم بعد ما استصعب رتاجه، وأعضل علاجه.
ويقال للحاكم: الفتّاح، لأنه يفتح وجه الأمر بعد اشتباهه واستبهام أبوابه. وقال تعالى: {وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} وقال بعض بني ذهل بن زيد بن نهد:
وعمّى الّذي كانت فتاحة ** قومه إلى بيته حتّى يجهّز غاديا

أي كان الحكم بين قومه فيه وفي أهل بيته إلى حين وفاته. وقال فتاحة قومه بكسر الفاء، لأنها في معنى الولاية والزعامة وما يجرى مجراهما.

.[سورة الشعراء آية 148]:

{وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ (148)}.
وقوله سبحانه: وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ (148) وهذه استعارة. والمراد بالهضيم هاهنا على بعض الأقوال- واللّه أعلم- الذي قد ضمن بدخول بعضه في بعض، فكأنّ بعضه هضم بعضا لفرط تكاثفه، وشدة تشابكه.
وقيل: الهضيم اللطيف. وذلك أبلغ في صفة الطّلع الذي يراد للأكل. وذلك مأخوذ من قولهم: فلان هضيم الحشا. أي لطيف البطن. وأصله النقصان من الشيء.
كأنه نقص من انتفاخ بطنه، فلطفت معاقد خصره. ومنه قوله تعالى: {فَلا يَخافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا} أي نقصا وثلما.
وقيل الهضيم الذي قد أينع وبلغ. وقيل أيضا هو الذي إذا مسّ تهافت من كثرة مائه، ورطوبة أجزائه.
والقولان الأخيران يخرجان الكلام عن حد الاستعارة.

.[سورة الشعراء آية 219]:

{وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219)}.
وقوله تعالى: {وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} (219) وهذه استعارة. وليس هناك تقلّب منه على الحقيقة. وإنما المراد به تقلّب أحواله بين المصلّين وتصرّفه فيهم بالركوع والسجود، والقيام والقعود. وذهب بعض علماء الشيعة في تأويل هذه الآية مذهبا آخر، فقال: المراد بذلك تقلّب الرسول صلّى اللّه عليه وسلم في أصلاب الآباء المؤمنين. واستدل بذلك على أن آباءه إلى آدم عليه السلام مسلمون، لم تختلجهم خوالج الشرك، ولم تضرب فيهم أعراق الكفر، تكريما له عليه السلام عن أن يجرى إلا في منزهات الأصلاب، ومطهّرات الأرحام. وهذا الوجه يخرج به الكلام عن أن يكون مستعارا.

.[سورة الشعراء الآيات 223- 225]:

{يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (223) وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (225)}.
وقوله سبحانه: يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ (223) وهذه استعارة على أحد التأويلين. وهو أن يكون المراد بها أنهم يشغلون أسماعهم، ويديمون إصغاءهم ليسمعوا من أخبار السماء ما يموّهون به على الضّلّال من أهل الأرض، وهم عن السمع بمعزل، وعن العلم بمزجر. وذلك كقول القائل لغيره: قد ألقيت إليك سمعى. أي صرفته إلى حديثك، ولم أشغله بشيء غير سماع كلامك.
والتأويل الآخر أن يكون السّمع هاهنا بمعنى المسموع، كما يكون العلم بمعنى المعلوم فيكون التأويل أن الشياطين يلقون ما يدّعون أنهم يستمعونه إلى كل أفاك أثيم، من أعداء النبي صلّى اللّه عليه وعلى آله. على طريق الوسوسة واعتماد القدح في الشريعة. وهذا الوجه يخرج الكلام عن حد الاستعارة.
وقوله سبحانه: وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ [224، 225]. وهذه استعارة. والمراد بها- واللّه أعلم- أن الشعراء يذهبون في أقوالهم المذاهب المختلفة، ويسلكون الطرق المتشعبة. وذلك كما يقول الرّجل لصاحبه إذا كان مخالفا له في رأى، أو مباعدا له في كلام: أنا في واد، وأنت في واد. أي أنت ذاهب في طريق وأنا ذاهب في طريق. ومثل ذلك قولهم: فلان يهبّ مع كل ريح، ويطير بكل جناح. إذا كان تابعا لكل قائد، ومجيبا لكل ناعق.
وقيل إن معنى ذلك تصرّف الشاعر في وجوه الكلام من مدح وذم، واستزادة، وعتب، وغزل، ونسيب، ورثاء، وتشبيب. فشبّهت هذه الأقسام من الكلام بالأودية المتشعبة، والسبل المختلفة.
ووصف الشعراء بالهيمان فيه فرط مبالغة في صفتهم بالذهاب في أقطارها، والإبعاد في غاياتها. لأن قوله سبحانه: {يَهِيمُونَ} أبلغ في هذا المعنى من قوله: يسعون، ويسيرون ومع ذلك فالهيمان صفة من صفات من لا مسكة له ولا رجاحة معه، فهى مخالفة لصفات ذى الحلم الرزين، والعقل الرصين. اهـ.