فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال: والخلق والاختلاق الكذب، ومنه قوله: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} [العنكبوت: 17].
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب: {خلق الأوّلين} بفتح الخاء، وسكون اللام.
وقرأ الباقون بضم الخاء، واللام.
قال الهروي: معناه على القراءة الأولى: اختلاقهم، وكذبهم.
وعلى القراءة الثانية: عادتهم، وهذا التفصيل لابد منه.
قال ابن الأعرابي: الخلق: الدين، والخلق: الطبع، والخلق: المروءة.
وقرأ أبو قلابة بضم الخاء، وسكون اللام، وهي تخفيف لقراءة الضم لهما، والظاهر: أن المراد بالآية هو قول من قال: ما هذا الذي نحن عليه إلا عادة الأوّلين وفعلهم، ويؤيده قولهم: {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} أي على ما نفعل من البطش، ونحوه مما نحن عليه الآن.
{فَكَذَّبُوهُ فأهلكناهم} أي بالريح كما صرح القرآن في غير هذا الموضع بذلك {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز الرحيم} تقدّم تفسير هذا قريبًا في هذه السورة.
ثم لما فرغ سبحانه من ذكر قصة هود وقومه، ذكر قصة صالح وقومه، وكانوا يسكنون الحجر، فقال: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ} إلى قوله: {إِلاَّ على رَبّ العالمين} قد تقدّم تفسيره في قصة هود المذكورة قبل هذه القصة.
{أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا ءامِنِينَ} الاستفهام للإنكار.
أي: أتتركون في هذه النعم التي أعطاكم الله آمنين من الموت والعذاب باقين في الدنيا.
ولما أبهم النعم في هذا فسرها بقوله: {فِي جنات وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ}، والهضيم: النضيح الرخص اللين اللطيف، والطلع: ما يطلع من الثمر، وذكر النخل مع دخوله تحت الجنات لفضله على سائر الأشجار، وكثيرًا ما يذكرون الشيء الواحد بلفظ يعمه وغيره كما يذكرون النعم ولا يقصدون إلاّ الإبل، وهكذا يذكرون الجنة، ولا يريدون إلاّ النخل.
قال زهير:
كأن عيني في غربي مقبلة ** من النواضح تسقي جنة سحقًا

وسحقًا جمع سحوق، ولا يوصف به إلاّ النخل.
وقيل: المراد بالجنات غير النخل من الشجر، والأوّل أولى.
وحكى الماوردي في معنى {هضيم} اثني عشر قولًا، أحسنها وأوفقها للغة ما ذكرناه.
{وَتَنْحِتُونَ مِنَ الجبال بُيُوتًا فارهين} النحت: النجر، والبري، نحته ينحته بالكسر: براه.
والنحاتة: البراية، وكانوا ينحتون بيوتهم من الجبال لما طالت أعمارهم وتهدّم بناؤهم من المدر.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن ذكوان: {فرهين} بغير ألف.
وقرأ الباقون: {فارهين} بالألف.
قال أبو عبيدة وغيره: وهما بمعنى واحد.
والفره: النشاط، وفرّق بينهما أبو عبيد وغيره فقالوا: {فارهين} حاذقين بنحتها، وقيل: متجبرين، و{فرهين} بطرين أشرين، وبه قال مجاهد، وغيره.
وقيل: شرهين.
وقال الضحاك: كيسين.
وقال قتادة: معجبين ناعمين آمنين، وبه قال الحسن.
وقيل: فرحين، قاله الأخفش.
قال ابن زيد: أقوياء {فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ وَلاَ تُطِيعُواْ أَمْرَ المسرفين} أي المشركين، وقيل: الذين عقروا الناقة، ثم وصف هؤلاء المسرفين بقوله.
{الذين يُفْسِدُونَ في الأرض وَلاَ يُصْلِحُونَ} أي ذلك دأبهم يفعلون الفساد في الأرض، ولا يصدر منهم الصلاح ألبتة {قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مِنَ المسحرين} أي الذين أصيبوا بالسحر قاله مجاهد، وقتادة.
وقيل: المسحر هو: المعلل بالطعام والشراب قاله الكلبي، وغيره، فيكون المسحر الذي له سحر، وهو الرئة، فكأنهم قالوا: إنما أنت بشر مثلنا تأكل وتشرب.
قال الفراء: أي: إنك تأكل الطعام والشراب، وتسحر به، ومنه قول امرىء القيس أو لبيد:
فإن تسألينا فيم نحن فإننا ** عصافير من هذا الأنام المسحر

وقال امرؤ القيس أيضًا:
أرانا موضعين لحتم غيب ** ونسحر بالطعام وبالشراب

قال المؤرّج: المسحر المخلوق بلغة ربيعة.
{مَا أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا فَأْتِ بِئَايَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} في قولك، ودعواك {قَالَ هذه نَاقَةٌ} الله {لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ} أي لها نصيب من الماء، ولكم نصيب منه معلوم، ليس لكم أن تشربوا في اليوم الذي هو نصيبها، ولا هي تشرب في اليوم الذي هو نصيبكم.
قال الفراء: الشرب الحظ من الماء.
قال النحاس: فأما المصدر، فيقال: فيه شرب شِربًا، وشُربًا، وأكثرها المضموم، والشرب بفتح الشين جمع شارب، والمراد هنا: الشرب بالكسر، وبه قرأ الجمهور فيهما، وقرأ ابن أبي عبلة بالضم فيهما {وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوء فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ} أي لا تمسوها بعقر، أو ضرب، أو شيء مما يسوؤها، وجواب النهي فيأخذكم {فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نادمين} على عقرها، لما عرفوا أن العذاب نازل بهم، وذلك أنه أنظرهم ثلاثًا، فظهرت عليهم العلامة في كلّ يوم، وندموا حيث لا ينفع الندم، لأن ذلك لا يجدي عند معاينة العذاب وظهور آثاره.
{فَأَخَذَهُمُ العذاب} الذي وعدهم به.
وقد تقدّم تفسير قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز الرحيم} في هذه السورة، وتقدّم أيضًا تفسير قصة صالح وقومه في غير هذه السورة.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس: {وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ} قال: معشب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال: أينع وبلغ.
وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضًا قال: أرطب واسترخى.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضًا في قوله: {فَرِهِينَ} قال: حاذقين.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال: {فَرِهِينَ} أشرين.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: شرهين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والخطيب وابن عساكر من طرق عن ابن عباس في قوله: {إِنَّمَا أَنتَ مِنَ المسحرين} قال: من المخلوقين، وأنشد قول لبيد بن ربيعة:
فإن تسألينا فيم نحن

البيت.
وأخرج عبد بن حميد عنه أيضًا في قوله: {لَّهَا شِرْبٌ} قال: إذا كان يومها أصدر لها لبنًا ما شاءوا. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141)}.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ونخل طلعها هضيم} قال: معشب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله عز وجل {طلعها هضيم} قال: منضم بعضه إلى بعض قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول امرئ القيس:
دار لبيضاء العوارض طفلة ** مهضومة الكشحين ريا المعصم

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن يزيد بن أبي زياد {ونخل طلعها هضيم} قال: هو الرطب وفي لفظ قال: المذنب الذي قد رطب بعضه.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة {طلعها هضيم} قال: لين.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن {طلعها هضيم} قال: الرخو.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك قال ال {هضيم} إذا بلغ البسر في عذوقه فعظم. فذلك الهضم.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد {طلعها هضيم} قال: يتهشم تهشمًا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد {طلعها هضيم} قال: الطلعة إذا مسستها تناثرت.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن {طلعها هضيم} قال: ليس فيه نوى.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة قال ال {هضيم} الرطب اللين.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ: {وتنحتون} بكسر الحاء {الجبال بيوتًا فارهين} بالألف.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فرهين} قال: حاذقين.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله: {فرهين} قال: حاذقين بنحتها.
وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة {فرهين} قال: حاذقين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {فرهين} قال: أشرين.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {فرهين} قال: شرهين.
وأخرج عبد بن حميد عن عطية في قوله: {فارهين} قال: متجبرين.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن عبد الله بن شداد في قوله: {فارهين} قال: يتجبرون.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {فرهين} قال: معجبين بصنعكم.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {ولا تطيعوا أمر المسرفين} قال: هم المشركون وفي قوله: {إنما أنت من المسحرين} قال: هم الساحرون.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {إنما أنت من المسحرين} قال: المسحورين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والخطيب وابن عساكر من طرق عن ابن عباس في قوله: {إنما أنت من المسحرين} قال: من المخلوقين ثم أنشد قول لبيد بن ربيعة:
إن تسألينا فيم نحن فإننا ** عصافير من هذا الأنام المسحر

وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء عن أبي صالح ومجاهد في قوله: {من المسحرين} قالا: من المخدوعين.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ: {إنما أنت من المسحرين} مثقلة وقال: المسحر: السوقة الذي ليس بملك.
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس؛ أن صالحًا بعثه الله إلى قومه فآمنوا به، ثم إنه لما مات كفر قومه ورجعوا عن الإِسلام، فاحيا الله لهم صالحًا وبعثه إليهم فقال: أنا صالح فقالوا: قد مات صالح، إن كنت صالحًا {فأت بآية إن كنت من الصادقين} فبعث الله الناقة فعقروها وكفروا فاهلكوا، وعاقرها رجل نساج يقال له قدار بن سالف.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال: {هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم} قال: كانت إذا كان يوم شربها شربت ماءهم كله، فإذا كان يوم شربهم كان لأنفسهم ومواشيهم وأرضهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: إذا كان يومها أصدرتهم لبنًا ما شاءوا. اهـ.