فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عاشور:

سورة النمل:
أشهر أسمائها سورة النمل.
وكذلك سميت في صحيح البخاري وجامع الترمذي.
وتسمى أيضا سورة سليمان، وهذان الاسمان اقتصر عليهما في الإتقان وغيره.
وذكر أبو بكر ابن العربي في أحكام القرآن أنها تسمى سورة الهدهد.
ووجه الأسماء الثلاثة أن لفظ النمل ولفظ الهدهد لم يذكرا في سورة من القرآن غيرها، وأما تسميتها سورة سليمان فلأن ما ذكر فيها من ملك سليمان مفصلا لم يذكر مثله في غيرها.
وهذه السورة مكية بالاتفاق كما حكاه ابن عطية والقرطبي والسيوطي وغير واحد.
وذكر الخفاجي أن بعضهم ذهب إلى مكية بعض آياتها كذا ولعله سهو صوابه مدنية بعض آياتها ولم أقف على هذا لغير الخفاجي.
وهي السورة الثامنة والأربعون في عداد نزول السور، نزلت بعد الشعراء وقبل القصص.
كذا روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير.
وقد عدت آياتها في عدد أهل المدينة ومكة خمسا وتسعين، وعند أهل الشام والبصرة والكوفة أربعا وتسعين.
من أغراض هذه السورة:
أول أغراض هذه السورة افتتاحها بما يشير إلى إعجاز القرآن ببلاغة نظمه وعلو معانيه، بما يشير إليه الحرفان المقطعان في أولها.
والتنويه بشأن القرآن وأنه هدى لمن ييسر الله الاهتداء به دون من جحدوا أنه من عند الله.
والتحدي بعلم ما فيه من أخبار الأنبياء.
والاعتبار بملك أعظم ملك أوتيه نبي.
وهو ملك داود وملك سليمان عليهما السلام.
وما بلغه من العلم بأحوال الطير، وما بلغ إليه ملكه من عظمة الحضارة.
وأشهر أمة في العرب أوتيت قوة وهي أمة ثمود.
والإشارة إلى ملك عظيم من العرب وهو ملك سبأ.
وفي ذلك إيماء إلى أن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم رسالة تقارنها سياسة الأمة ثم يعقبها ملك، وهو خلافة النبي صلى الله عليه وسلم.
وأن الشريعة المحمدية سيقام بها ملك للأمة عتيد كما أقيم لبني إسرائيل ملك سليمان.
ومحاجة المشركين في بطلان دينهم وتزييف آلهتهم وإبطال أخبار كهانهم وعرافيهم، وسدنة آلهتهم.
وإثبات البعث وما يتقدمه من أهوال القيامة وأشراطها.
وأن القرآن مهيمن على الكتب السابقة.
ثم موادعة المشركين وإنباؤهم بأن شأن الرسول الاستمرار على إبلاغ القرآن وإنذارهم بأن آيات الصدق سيشاهدونها والله مطلع على أعمالهم.
قال ابن الفرس ليس في هذه السورة إحكام ولا نسخ.
ونفيه أن يكون فيها إحكام ولا نسخ معناه أنها لم تشتمل على تشريع قار ولا على تشريع منسوخ.
وقال القرطبي في تفسير آية: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ} [النمل: 91- 92] الآية نسختها آية القتال اهـ. يعني الآية النازلة بالقتال في سورة البراءة.
وتسمى آية السيف، والقرطبي معاصر لابن الفرس إلا أنه كان بمصر وابن الفرس بالأندلس، وقوله: {لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا} ويؤخذ منهما حكمان كما سيأتي. اهـ.

.قال سيد قطب:

سورة النمل:
الوحدة الأولى: 1- 6 الموضوع: إثبات مصدر القرآن وأهم صفات المؤمنين مقدمة سورة النمل:
هذه السورة مكية نزلت بعد الشعراء؛ وهي تمضي على نسقها في الأداء:مقدمة وتعقيب يتمثل فيهما موضوع السورة الذي تعالجه؛ وقصص بين المقدمة والتعقيب يعين على تصوير هذا الموضوع، ويؤكده، ويبرز فيه مواقف معينة للموازنة بين موقف المشركين في مكة ومواقف الغابرين قبلهم من شتى الأمم، للعبرة والتدبر في سنن الله وسنن الدعوات.
وموضوع السورة الرئيسي- كسائر السور المكية- هو العقيدة:الإيمان بالله، وعبادته وحده، والإيمان بالآخرة، وما فيها من ثواب وعقاب. والإيمان بالوحي وأن الغيب كله لله، لا يعلمه سواه. والإيمان بأن الله هو الخالق الرازق واهب النعم؛ وتوجيه القلب إلى شكر أنعم الله على البشر. والإيمان بأن الحول والقوة كلها لله، وأن لا حول ولا قوة إلا بالله.
ويأتي القصص لتثبيت هذه المعاني؛ وتصوير عاقبة المكذبين بها، وعاقبة المؤمنين.
تأتي حلقة من قصة موسى- عليه السلام- تلي مقدمة السورة. حلقة رؤيته النار وذهابه إليها، وندائه من الملأ الأعلى، وتكليفه الرسالة إلى فرعون وملئه. ثم يعجل السياق بخبر تكذيبهم بآيات الله وهم على يقين من صدقها وعاقبة التكذيب مع اليقين..{وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين}. وكذلك شأن المشركين في مكة كان مع آيات القرآن المبين.
وتليها إشارة إلى نعمة الله على دواد وسليمان- عليهما السلام- ثم قصة سليمان مع النملة، ومع الهدهد،ومع ملكة سبأ وقومها. وفيها تظهر نعمة الله على داود وسليمان وقيامهما بشكر هذه النعمة. وهي نعمة العلم والملك والنبوة مع تسخير الجن والطير لسليمان. وفيها تظهر كذلك أصول العقيدة التي يدعو إليها كل رسول. ويبرز بصفة خاصة استقبال ملكة سبأ وقومها لكتاب سليمان- وهو عبد من عباد الله- واستقبال قريش لكتاب الله. هؤلاء يكذبون ويجحدون. وأولئك يؤمنون ويسلمون. والله هو الذي وهب سليمان ما وهب، وسخر له ما سخر. وهو الذي يملك كل شيء، وهو الذي يعلم كل شيء. وما ملك سليمان وما علمه إلا قطرة من ذلك الفيض الذي لا يغيض.
وتليها قصة صالح مع قومه ثمود. ويبرز فيها تآمر المفسدين منهم عليه وعلى أهله، وتبييتهم قتله؛ ثم مكر الله بالقوم، ونجاة صالح والمؤمنين معه، وتدمير ثمود مع المتآمرين: {فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا}.. وقد كانت قريش تتآمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبيت له، كما بيتت ثمود لصالح وللمؤمنين.
ويختم القصص بقصة لوط مع قومه. وهمهم بإخراجه من قريتهم هو والمؤمنون معه، بحجة أنهم أناس يتطهرون! وما كان من عاقبتهم بعد إذ هاجر لوط من بينهم، وتركهم للدمار: {وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين}.. ولقد همت قريش بإخراج الرسول صلى الله عليه وسلم وتآمرت في ذلك قبل هجرته من بين ظهرانيهم بقليل.
فإذا انتهى القصص بدأ التعقيب بقوله: {قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون}.. ثم أخذ يطوف معهم في مشاهد الكون، وفي أغوار النفس. يريهم يد الصانع المدبر الخالق الرازق، الذي يعلم الغيب وحده، وهم إليه راجعون. ثم عرض عليهم أحد أشراط الساعة وبعض مشاهد القيامة، وما ينتظر المكذبين بالساعة في ذلك اليوم العظيم.
ويختم السورة بإيقاع يناسب موضوعها وجوها:{إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما أنا من المنذرين وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون}.
والتركيز في هذه السورة على العلم. علم الله المطلق بالظاهر والباطن، وعلمه بالغيب خاصة. وآياته الكونية التي يكشفها للناس. والعلم الذي وهبه لداود وسليمان. وتعليم سليمان منطق الطير وتنويهه بهذا التعليم، ومن ثم يجيء في مقدمة السورة:{وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم}. ويجيء في التعقيب {قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون بل ادارك علمهم في الآخرة}..{وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين} ويجيء في الختام: {سيريكم آياته فتعرفونها}.. ويجيء في قصة سليمان:{ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين}.. وفي قول سليمان: {يا أيها الناس علمنا منطق الطير}.. وفي قول الهدهد:{ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون}. وعندما يريد سليمان استحضار عرش الملكة، لا يقدر على إحضاره في غمضة عين عفريت من الجن، إنما يقدر على هذه: {الذي عنده علم من الكتاب}.
وهكذا تبرز صفة العلم في جو السورة تظللها بشتى الظلال في سياقها كله من المطلع إلى الختام. ويمضي سياق السورة كله في هذا الظل، حسب تتابعه الذي أسلفنا. فنأخذ في استعراضها تفصيلا. اهـ.

.قال الصابوني:

سورة النمل مكية وآياتها ثلاث وتسعون آية.

.بين يدي السورة:

سورة النمل من السور المكية التي تهتم بالحديث عن أصول العقيدة التوحيد، والرسالة، والبعث وهي إحدى سور ثلاث نزلت متتالية، ووضعت في المصحف متتالية، وهي: الشعراء، والنمل، والقصص ويكاد يكون منهاجها واحدا، في سلوك مسلك العظة والعبرة، عن طريق قصص الغابرين.
تناولت السورة الكريمة القرآن العظيم، معجزة محمد الكبرى، وحجته البالغة إلى يوم الدين، فوضحت أنه تنزيل من حكيم عليم، ثم تحدثت عن قصص الأنبياء بإيجاز في البعض وإسهاب في البعض، فذكرت بالإجمال قصة موسى وقصة صالح وقصة لوط وما نال أقوامهتم من العذاب والنكال، بسبب إعراضهم عن دعوة الله، وتكذيبهم لرسله الكرام، بدءا من قصة موسى عليه السلام [إذ قال موسى لأهله إني ءانست نارا سأتيكم منها بخبر أو ءاتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون..] الآيات.، وتحدثت بالتفصيل عن قصة داود وولده سليمان وما أنعم الله عليهما من النعم الجليلة، وما خصهما به من الفضل الكبير، بالجمع بين النبوة والملك الواسع، ثم ذكرت قصة سليمان مع بلقيس ملكة سبأ [ولقد ألينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين] الآيات.
وفي هذه القصة مغزى دقيق لأصحاب الجاه والسلطان، والعظماء والملوك، فقد إتخذ سليمان الملك وسيلة للدعوة إلى الله، فلم يترك حاكما جائرا، ولا ملكا كافرا إلا دعاه إلى الله، وهكذا كان شأنه مع بلقيس حتى تركت عبادة الأوثان، وأتت مع جندها خاضعة مسلمة، مستجيبة لدعوة الرحمن {قالت ربي إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين}.
وتناولت السورة الكريمة الدلائل والبراهين على وجود الله ووحدانيته، من آثار مخلوقاته وبدائع صنعه، وساقت بعض الأهوال والمشاهد الرهيبة، التي يراها الناس يوم الحشر الأكبر، حيث يفزعون ويرهبون، وينقسمون إلى قسمين: السعداء الأبرار والكفار الفجار الذين يكبون على وجوههم في النار، ووضحت أن القيامة هو يوم العدالة الإلهية، الذي يجزى فيه كل إنسان، على ما عمل في هذه الحياة الدنيا، من خير أو شر، جزاء عادلا يناسب عمله {ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين} إلى نهاية السورة الكريمة.

.التسمية:

سميت سورة النمل لأن الله تعالى ذكر فيها قصة النملة، التي وعظت بني جنسها وذكرت ثم اعتذرت عن سليمان وجنوده، ففهم نبي الله كلامها، وتبسم من قولها، وشكر الله على ما منحه من الفضل والإنعام، وفي ذلك أعظم الدلالة على علم الحيوان، وأن ذلك من إلهام الواحد الديان. اهـ.

.قال أبو عمرو الداني:

سورة النمل مكية ولا نظير لها في عددها.
وكلمها ألف ومئة وتسع وأربعون كلمة.
وحروفها أربعة آلاف وسبع مئة وتسعون حرفا.
وهي تسعون وثلاث آيات في الكوفي وأربع بصري وشامي وخمس في المدنيين والمكي.
اختلافها آيتان {وأولو بأس شديد} عدها المدنيان والمكي ولم يعدها الباقون {من قوارير} لم يعدها الكوفي وعدها الباقون وكلهم لم يعد {طس}.
وفيها مما يشبه الفواصل وليس معدودا بإجماع موضع واحد {وما يشعرون} بعده {أيان يبعثون}.