فصل: قال بيان الحق الغزنوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال بيان الحق الغزنوي:

سورة النمل:
{بشهاب قبس} (7) أي: مقبوس، أو بشهاب ذي قبس. وكلاهما على الصفة للشهاب. وإن كان القبس اسمًا للنار، فيكون على البدل من الشهاب. و{بشهاب قبس} بالإضافة، على أن يكون الشهاب قطعة من النار، كقولك: ثوب خز. قال:
في كفه صعدة مثقفة ** فيها سنان كشعلة القبس

{بورك} (8) قدس، هكذا هو المعنى، كما قال الكميت- في روضة رسول الله عليه السلام-:
فبورك قبر أنت فيه وبوركت ** به وله أهل لذلك يثرب

لقد غيبوا برًا وحزمًا ونائلًا ** عشية واراك الصفيح المنصب

{من في النار ومن حولها} قيل: إن من زائدة. وقيل: إنه بمعنى ما، أي: ما في النار، ومن حولها. وقيل: إنه يعود إلى النور، أي: بورك النور الذي في النار، أو الشجرة التي في النار، وكانت خضراء، ولا تزداد على اشتعال النار إلا اخضرارًا. وقيل: {بورك من في النار} أي: الملائكة، {ومن حولها} أي: موسى.
أو بورك من في طلب النار بحذف الطلب، ومن حولها من الملائكة. وقيل: معناه بورك من في النار سلطانه وكلامه، فيكون التقديس لله تعالى عن المكان والزمان.
وفي التوراة: جاء الله من سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلى من جبال فاران. أي: من هذه المواضع جاءت آياته، وظهرت رحمته، حيث كلم موسى بسيناء، وبعث عيسى من ساعير، ومحمدًا من فاران، جبال مكة.
{ولم يعقب} (10) لم يرجع ولم يلتفت، من العقب.
{إلا من ظلم} (11) استثناء منقطع، أي: لكن من ظلم من غيرهم، لأن الأنبياء لا يظلمون، وقيل: إنه تعريض بما كان من قتله القبطي.
{مبصرة} (13) مبصرة، من البصيرة.
{علمنا منطق الطير} (16) كان يفهمهم، كما يتفاهم الطير بعضها عن بعض، وأصوات الطير سمي منطقًا، قال حميد بن ثور:
وما هاج هذا الشوق إلا حمامة ** دعت ساق حر ترحة فترنما

عجبت لها أنى يكون غناؤها ** فصيحًا ولم تفغر بمنطقها فما

{يوزعون} (17) يدفعون ويحبسون. قال:
لسان الفتى سبع عليه شذاته ** وإلا تزع عن غربه فهو قاتله

وما الجهل إلا منطق متسرع ** سواء عليه حق أمر وباطله

وينبغي أن يعلم أن معرفة تلك النملة بسليمان، وحديث الهدهد لم يجر على الجنس، ولكن عليهما بعينهما، فيكون اختصاصهما وحدهما في زمن نبي- بما يكون في حد المعجزة له- بمنزلة كلام الذئب، وكلام الصبي في المهد، وأما من كل نوع من الحيوان، أو في كل زمان، [فلا فضل] في معارف العجم من الحيوانات على خاص مصالحها.
{وتفقد الطير} (20) هذا التفقد منه أدب للملوك والأكابر في تفقد جندهم، [واستشفاف] أمرهم، ومقابلة من [أخل] منهم بشرطه من الإنكار بما يستحقه.
{ليأتيني} (21) إن كانت النون ثقيلة، مشاكلة لقوله: {لأعذبنه} {أو لأذبحنه} فإنه حذفت إحداهما استثقالًا. وإن كانت [نون] التوكيد [الخفيفة]، فلا حذف، ولكن أدغمت في نون الإضافة.
{من سبأ} (22) صرفه، لأنه في الأصل اسم رجل، غلب على اسم [بلد].
{ألا يسجدوا} (25) أي: زين لهم الشيطان أعمالهم، بأن لا يسجدوا، أو فصدهم عن السبيل بأن لا يسجدوا.
{يخرج الخبء} (25) أي: غيب السموات والأرض. وقيل: خبء السموات المطر، وخبء الأرض النبات.
{في السموات} أي: من السموات، وجاز ذلك، لأن ما أخرج من الشيء فهو فيه قبل الإخراج.
{قبل أن يرتد إليك طرفك} (40) أي: تديم النظر حتى يرتد الطرف كليلًا. ويقال: لأن الجن كرهت بلقيس، لئلا يجتمع علمها إلى علمه، فيزداد كدها، فذكرتها بقبح رجلها، ورمتها في عقلها، فأمر سليمان بتغيير شيء من عرشها، فقالت: {كأنه هو} بل هو، على حد قولهم: {أهكذا عرشك}. ورأى قدميها أحسن قدم، حين ظنت صرح الزجاجة ماء، فكشفت عن ساقيها.
وصرحة الدار، وباحتها، وساحتها واحدة، وهي ها هنا: بركة من الزجاج. وفي شعر الهذليين، بناء مرتفع:
على طرق كنحور الركاب ** تحسب أعلامهن الصروحا

بهن نعام بناه الرجال ** تلقي النفائض فيه السريحا

واللجة: معظم الماء. والممرد: المملس.
{تفتنون} (47) تمتحنون بطاعة الله ومعصيته.
{تقاسموا} (49) تحالفوا {إنا دمرناهم} (51) على الاستئناف. ومعناه بيان العاقبة.
{حدائق ذات بهجة} (60) ذوات بهجة. كقول الأعشى:
وسوف يعقبنيه إن ظفرت به ** رب كريم وبيض ذات أطهار

لا سرهن لدينا ضائع مذق ** وكاتمات إذا استودعن أسراري

{بل ادارك علمهم في الأخرة} (66) أي: تدارك، فأدغمت التاء في الدال، واجتلبت ألف الوصل للابتداء. تقول: أدركت الشيء وتداركته، [واداركته]، وأدركته: إذا لحقته. والمعنى: أحاط علمهم في الآخرة بها عند مشاهدتهم أحوالها وأهوالها، وكانوا في الشك منها. وقيل: بل هو تلاحق علمهم وتساويه بالآخرة في الدنيا، مما ذكره الله في العقول من وجوب جزاء الأعمال، ومما جاءت به الرسل.
{بل هم في شك} (66) من وقت ورودها.
{بل هم منها عمون} أي: تاركون مع ذلك التأمل.
{ردف لكم} (72) تبعكم ودنا منكم. واللام ينبغي أن يقتضي زيادة تتابع، واتصال، مع الدنو. كما قال طلحة ابن عبد الرحمن:
تقول سلمى أراك شبت ولم ** تبلغ من السن كنهها فلمه

يا سلم إن الخطوب إذ ردفت ** لي شاب رأسي وكان كالحممة

{وإذا وقع القول عليهم} (82) وجب الغضب. وقيل: حق القول بأنهم لا يؤمنون. وسئل علي رضي الله عنه عن دابة الأرض؟ فقال: والله مالها ذنب، وإن لها للحية وهذا يدل على أنه من الإنس. وقال ابن عباس: هي دابة ذات زغب وريش، لها أربع قوائم، يخرج من وادي تهامة.
{ففزع من في السموات} (87) أسرع إلى الإجابة، كقول كلحبة:
فقلت لكأس ألجميها فإنما ** نزلنا الكثيب من زرود لنفزعا

{إلا من شاء الله} من البهائم، ومن لا ثواب له ولا عقاب. ومن حمله على الفزع المعروف من الخوف، كان الاستثناء للملائكة والشهداء.
{وترى الجبال تحسبها جامدة} (88) أي: في يوم القيامة، لأنها تجمع وتسير، وكل شيء إذا عظم حتى غص به الهواء، تكون في العين واقفة وهي سائرة. كما قال الجعدي:
بأرعن مثل الطود تحسب أنهم ** وقوف لحاج والركاب تهملك

[تمت سورة النمل]. اهـ.

.قال الأخفش:

سورة النمل:
{إِذْ قَالَ مُوسَى لأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ}.
وقال: {بِشِهَابٍ قَبَسٍ} إِذا جعل القَبَسَ بدلا من الشِّهابِ وإِنْ أضافَ الشِّهابَ الى القَبَسِ لم ينون الشِّهابَ وكلٌّ حسن.
{فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.
قال: {نُودِيَ أَن بُورِكَ} أَيْ: نُودِيَ بذلك.
{إِلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
وقال: {إَلاَّ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْنًا بَعْدَ سُوءٍ} لأن {إِلاَّ} تدخل في مثل هذا الكلام كمثل قول العرب: ما أَشْتَكِي إِلاَّ خَيْرًا فلم يجعل قوله إِلاَّ خَيْرًا على الشكوى ولكنه علم اذا قال لهم مَا أَشْتَكي شَيْئًا أنه يذكر من نفسه خيرًا. كأنه قال ما أَذْكُرُ إِلاّ خَيْرًا.
{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُواْ هذاسِحْرٌ مُّبِينٌ}.
وقال: {آيَاتُنَا مُبْصِرَةً} أي: إِنَّها تُبَصِّرُهُم حتَّى أَبْصَرُوا. وان شئت قلت {مُبْصَرَةً} ففتحت فقد قرأها بعض الناس وهي جيدة يعني مُبْصَرَةً مُبَيَّنَةً.
{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذالَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ}.
وقال: {عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ} لأنها لما كانت تكلمهم صار كالمنطق. وقال الشاعر: [من الخفيف وهو الشاهد الثالث والثلاثون بعد المئتين]:
صدّها منطق الدجاج عن القصد

وقال: [من الرجز وهو الشاهد الخامس والثلاثون بعد المئتين]:
فَصَبَّحَتْ والطَيْرُ لَمْ تَكَلَّم

{أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ}.
وقال: {أَلاَّ يَسْجُدُواْ} يقول: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} (24) ل {أَنْ لاّ يَسْجُدُوا}. وقال بعضهم {أَلا يَسْجُدوا} فجعله أمْرًا كأنه قال لهم أَلاَ اسْجُدُوا وزاد بينهما يَا التي تكون للتنبيه ثم اذهب ألف الوصل التي في اِسْجُدُوا وأذهب الألف التي في يا لأنها ساكنة لقيت السين فصارت {أَلاَ يَسْجُدُوا}. وفي الشعر: من الطويل وهو الشاهد الثاني والستون بعد المئتين:
أَلاَ يَا سْلِمَى يَا دَاَرَمّيٍ على البِلَى ** وَلاَ زَالَ مُنْهَلًا بِجَرْعَائِكِ القِطْرُ

وإنَّما هي: ألا يا اسْلَمِى.
{اذْهَب بِّكِتَابِي هذافَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ}.
قال: {ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} ف {ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ} مؤخرة لأن المعنى {فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهَمُ}.
{إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ}.
وقال: {إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ} على {إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ} (29) {إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ} و{وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ} و{بِسْمِ اللهِ} مقدمة في المعنى.
{قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هذامِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}.
وقال: {لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} أَيْ: لِيَنْظُرَ أَأَشْكُرُ أم أكفر. كقولك: جِئْتُ لِأَنْظُرَ أَزَيْدٌ أَفْضَلُ أَمْ عَمْرٌو.
{قَالُواْ اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ}.
و[قال] {قَالُواْ اطَّيَّرْنَا بِكَ} فادغم التاء في الطاء لأنها من مخرجها واذا استأنفت قلت {اِطَّيَّرْنا}.
{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ}.
وقال: {تِسْعَةُ رَهْطٍ} فجمع وليس لهم واحد من لفظهم مثل ذَوْدٍ.
{أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَآئِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَاله مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ}.
وقال: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ} {أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ} (64) حتى ينقضي الكلام {مَنْ} ها هنا ليست باستفهام على قوله: {خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} (59) إنما هي بمنزلة الّذِي.
{قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاواتِ والأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}.
وقال [قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاَتِ والأَرْضِ] {الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} كما قال: {إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ} وفي حرف ابن مسعود {قَلِيلًا} بدلًا من الأول لأنك نفيته عنه وجعلته للآخر.
{قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ}.
وقال: {رَدِفَ لَكُم} ونظنها رَدِفَكُمْ وادخل اللام فأضاف بها الفعل كما قال: {لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} و{لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} وتقول العرب: رَدِفَهُ أمْرٌ كما يقولون: تَبِعَه وأَتْبَعَهُ.
{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ}.
وقال: {أَنَّ النَّاسَ} أي: بأنَّ النَّاسَ، وبعضهم يقول: {إِنَّ النَّاسَ} كما قال: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ} إنما معناه يقولون: {ما نَعْبُدُهُم}. اهـ.