فصل: فصل في ذكر قراءات السورة كاملة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في ذكر قراءات السورة كاملة:

.قال ابن جني:

سورة النمل:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قراءة أُبَيّ: {تَبَارَكت الأرضُ}.
قال أبو الفتح: هو تَفاعَلَ من البركة، وهو توكيد لمعنى البركة، كقولك: تعالى الله، فهو أبلغ من علا، وكقول العجاج:
تَقاعَسَ العِزُّ بِنا فَاقْعَنْسَسَا

فهو أبلغ معنى من قَعِسَ، كما أن [118و] احدودب أقوى معنى من حَدِبَ، واعشوشب أقوى من أَعْشَبَ؛ وذلك لكثرة الحروف.
وأصل هذا كله من فَعَّلَ في الفعل، كقطّعت وكسّرت، ألا تراها أقوى معنى من قطَعت وكسَرت؟ وعليه جاء قوله: {أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ}، فهو أبلغ من قادر. ولهذا جاء قوله: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}، فعبر عن لفظ الحسنة بكسب، وذلك لاحتقار الحسنة إلى ثوابها؛ لقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} وجاء {اكتسبت} في السيئة، تنفيرا عنها، وتهويلا وتشنيعا بارتكابها. ألا ترى إلى قوله تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا}؟ فافهم هذا، وابنِ عليه.
قال أمية:
تَبَارَكَ أمْ صِدِّيقُ حَقًّا ** كانَ مِن كُل عَتِيقَا

خالِقُ الخَلْقِ جَمِيعًا ** ويعُودُ الخَلْقُ صِيقَا

أي ترابا: والتاء في {تبارك} زائدة على بناء البيت. ومعتدة خزما كالواو في قوله:
وكأنَّ ثَبِيرًا في عَرَانِينِ وَبْلِهِ ** كَبِيرُ أُنَاسٍ في بِجَاد مُزَمَّلِ

فالواو خَزْم، وهذا يكاد يسقط حكم ما يُبنَى من الزوائد في الكلم حتى يحسنَ له تحقير الترخيم، نحو قولهم: في حارث حُرَيْث، وفي أزهر زُهَيْر. ألا تراه كيف خزم بتاء {تبارك} وإن كانت مصوغة في نفس المثال كما تُخْزَم حروف المعاني المنفصلة من المُثُل، كواو العطف، وفائه، وبل، وهل، ويا، ونحو ذلك؟ ولهذا قالوا أيضا في تكسير فَعَلَان: فِعْلَان، ككَرَوَان وكِرْوَان، وشَقَذَان وشِقْذان، فأجروه مجرى فَعَل وفِعْلان، نحو خَرَب وخِرْبان، وشَبَثٍ وشِبْثان، وبَرَق وبِرْقَان. فاعرف ذلك إلى ما يليه من نحوه بمشيئة الله.
ومن ذلك قراءة الحسن وعمرو بن عبيد: {كَأَنَّهَا جَأنٌ}.
قال أبو الفتح: قد تقدم القول على نظير هذا فيما مضى من الكتاب، وذكرناه أيضا في الخصائص، وفي سر الصناعة، وفي المنصف، وفي التمام، وغيره من مصنفاتنا وإنما كررناه لإعراب القول في معناه.
ومن ذلك قراءة زيد بن أسلم وأبي بن جعفر القارئ: {أَلَا مَنْ ظَلَم}، بفتح الهمزة، خفيفة اللام.
قال أبو الفتح: {مَنْ} ههنا مرفوعة بالابتداء، وخبره {ظلم} كقول: من يَقُم أضربْ زيدا، فيقم خبر عن {من} حيث كان شرطا. وكأن من عَدَلَ إلى هذا جفا عليه انقطاع الاستثناء في القراءة الفاشية. و{من} هناك منصوبة على الاستثناء، وهو منقطع بمعنى لكن، فقوله تعالى: {إِنِّي لا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلَّا مَنْ ظَلَمَ} معناه: لكن من ظلم كان كذا. ولعمري إن الاستثناء المنقطع فاش في القرآن وغيره، إلا أنه- مع ذلك- مُحوِج إلى التأول وإعمال القياس والتمحّل.
ومن ذلك قراءة قتادة وعلي بن الحسين: {مَبْصَرَةً}.
قال أبو الفتح: هو كقولك: هُدًى، ونورا. وقد كثرت المَفْعَلَة بمعنى الشِّياع والكثرة في الجواهر والأحداث جميعا، وذلك كقولهم: أرض مَضَبَّةٌ: كثيرة الضِّبَاب، ومثْعلَة: كثيرة الثعالي، ومَحْيَاة ومَحْوَاة ومَفْعَاة: كثير الحيات والأفاعي، فهذا [118ظ] في الجواهر. وأما الأحداث فكقولك: البِطْنَة مَوْسَنَة، وأكل الرطَب مَوْرَدَة ومَحَمَّة. ومنه المَسْعَاة، والمَعْلَاة، والحقُّ مَجْدَرَة بك، ومَخْلَقَة ومَعْسَاة، ومَقْمَنَة، ومَحْجَاة. وفي كله معنى الكثرة من موضعين:
أحدهما المصدرية التي فيه، والمصدر إلى الشياع والعموم والسعة.
والآخر التاء، وهي لمثل ذلك، كرجل راوية، وعَلّامَة، ونَسّابَة، وهُذَرَة. ولذلك كثرت المَفْعَلَة فيما ذكرناه لإرادة المبالغة.
ومن ذلك قراءة سليمان التيمي: {قَالَتْ نَمُلَةٌ يَأَيُّهَا النَّمُلُ}.
وروي عنه أيضا: {نُمُلَة}، و{النُّمُل}، بضمهما.
قال أبو الفتح: أما النَّمُلة، بفتح النون، وضم الميم؛ فتقبلها النَّمْلَة، بفتح النون، وسكون الميم، لأن فَعُلا يخفف إلى فَعْل، كسَبُع إلى سَبْع، ورَجُل إلى رَجْل. قال:
رَجْلانِ مِنْ ضَبَّة أخْبَرَانَا ** إنَّا رَأَيْنَا رَجُلا عُرْيَانَا

فقائل هذا الشعر إما أن يكون له لغتان: رَجُل ورَجْل، وإما أن تكون لغته رَجُل بضم الجيم، فاضطر للشعر؛ فأسكن الجيم.
ألا تراه كيف جمع بين رَجْلان ورَجُل؟ ونظير نَمُلة ونَمُل: سَمُرة وسَمُر، وثَمُرة وثَمُر. وكذلك القول في {نُمُلة}، لأن فُعُلا لا يخفف إلى فَعْل، إنما يخفف إلى فُعْل، كطُنُب إلى طُنْب، وعُنُق إلى عُنْق. ومنه عندي: أُخِذ رجل نَمَّال: أي: نمَّام، كأنه يدب بالنميمة دبيب النملة. ونظير نُمُلة ونُمُل: بُسُرة وبُسُر، بضم السين.
ومن ذلك قراءة الحسن: {لا يَحَطِّمَنَّكُم}، بفتح الياء والحاء، وتشديد الطاء والنون.
وروي عنه أيضا: {يَحِطِّمَنَّكُم} بفتح الياء، وكسر الحاء، والتشديد.
قال أبو الفتح: أما الأصل فيهما فَيَحتَطِمَنَّكُم، يفتعل من الحطم، وهو الكسر، أي: يقتلنكم. وآثر إدغام التاء في الطاء لقرب مخرجيهما؛ فأسكنها، وأبدلها طاء، وأدغمها في الطاء بعدها، ونقل الفتحة من التاء إلى الحاء، فقال: {يَحَطِّمَنَّكُم}.
ومن كسر الحاء فإنه لما أسكن التاء للإدغام كسر الحاء، لسكونها وسكون التاء بعدها ثم أدغم فصار {يَحِطِّمَنَّكُم} ويجوز في العربية كسر الياء إتباعا لكسرة الحاء؛ فقال يحطمنكم. ومثله قول العجلي:
تَدَافُعُ الشَّيبِ ولم تِقِتِّلِ

يريد: تَقتتل، ثم غير ذلك على ما تقدم.
يقال: حَطَمَه يَحْطِمه حَطْما: إذا كسره، وحطَّمه يُحَطِّمه، واحْتَطَمَه يَحْتَطِمُه احتطاما ويغيَّر الماضي واسم الفاعل والمصدر على الصنعة التي تقدمت في {يَحَطِّمَنَّكُم}.
فمن قال: يَحَطِّم قال: حَطَّم، ومن قال: يَحِطِّمُ قال: حِطِّمَ.
ومن أتبع الأول يِحِطِّم أتبع الآخر هنا، فقال: حِطِّمَ. وعليه أنشد قطرب فيما روينا عنه أو غيره.
لا حِطِّبَ القَوْمَ ولا القَومَ سَقَى

يريد: احتطب.
ويقول في اسم الفاعل على يَحَطِّم: مُحَطِّم، وعلى يَحِطِّم: مُحِطِّم.
ومن كسر الأول إتباعا، فقال: يحِطِّمُ لم يكسر الميم؛ لأن اسم المفعول والفاعل من هذا ونحوه لا يكون إلا مضموم الأول، وعليه قال: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُون}، و{الْمُعِذِّرُون}. وتتبع العينُ الميم، فيقال: {الْمُعُذِّرُون}. وعليه أيضا يقال: مُخُطِّفٌ، والأصل في جميعه المعتذرون. ويقول في المصدر على يَحَطِّم ويَحِطِّم جميعا: حِطَّامًا.
ومن كسر هناك لالتقاء الساكنين وكسر هنا أيضا، فقال: حِطَّاما؛ لئلا تنكسر الطاء، فتبدل الألف بعدها ياء، فتقول: حِطِّيمًا، فيزول حديث المصدر بانقلاب ألفه. وليس في حِطِّم ألف؛ فتنقلب لكسرة الطاء إلى غيرها.
ومن قال: {وَجَاءَ الْمُعُذِّرُون}، فضم العين لم يقل حُطاما؛ لأنه ليس معه في حُطَّاما ضمة مثل الميم فتتبَعها الحاء مضمومةً، وكذلك {مُرَدِّفِين} {ومُرِدِّفِين} ومُرُدِّفين، الحكم واحد.
ومن ذلك قراءة محمد بن السميفع: {فَتَبَسَّمَ ضَحِكًا مِنْ قَوْلِهَا} بفتح الضاد بغير ألف.
قال أبو الفتح: {ضَحِكًا} منصوب على المصدر بفعل محذوف يدل على عليه تبسم، كأنه قال: ضَحِكَ ضَحِكًا. وهذا مذهب صاحب الكتاب، وقياس قول أبي عثمان في قولهم: تَبَسَّمْتُ وميضَ البرقِ، أنه منصوب بنفس تبسمتُ؛ لأنه في معنى أومضت، ويكون {ضحِكًا} منصوبًا بنفس تبسم؛ لأنه في معنى ضحك.
ويدل على مذهب صاحب الكتاب أنه قد ثبت أن الماضي والمضارع واسم الفاعل والمصدر يجري كل واحد منها مجرى صاحبه، حتى كأنه هو. ويجب أن تكون كلها من لفظ واحد، كضرب يضرب ضربا وهو ضارب، فكما لا يجوز أن يقول: قعد يجلس وإن كانا في معنى واحد دون أن يكون من لفظ واحد وهو قعد يقعد، ولا يجوز تبسَّم يُومِض؛ لاختلاف لفظيهما وإن كان معنياهما واحد- فكذلك لا يجوز تبسمت وميض البرق؛ لاختلاف لفظيهما، كما لا يجوز تبسمتُ أُومِض، لكن دل تبسمت على أومضت، فكأنه قال: أومضت وميض البرق، فاعرف ذلك وقسه بإذن الله.
ومن ذلك قراءة ابن عباس في رواية وهب بن منبه: {أنْ لَا تَغْلُوا} بالغين معجمة.
قال أبو الفتح: غَلَا في قوله: {غُلُوًّا} وغلا السعرُ يغلُو غَلَاء. فصلوا بينهما في المصدر وإن اتفقا في الماضي، وهذا أحد ما يدل على ما قدمناه أيضا من أن الماضي والمضارع واسم الفاعل والمصدر تجري مجرى المثال الواحد، فإذا خولف فيها بين المصادر قام ذلك الخلاف مقام ما كان يجب من اختلاف الأمثلة لاختلاف ما تحتها من المعاني المقصودة؛ وذلك أن أعدل اللغة اختلاف الألفاظ لاختلاف المعاني، فإن اتفقت الألفاظ اختلفت الأمثلة، فإن اتفقت الألفاظ والأمثلة، ووقع التغيير في بعض المُثُل قام مقام تغييرها كلها. وذلك نحو غلا يغلو في القول والسعر.
فلما اتفق اللفظان والمِثْلان في الماضي والمضارع خالفوا بين مصدريهما؛ ليكون ذلك كالخلاف بين مثاليهما أنفسهما، فقالوا: غُلُوًّا، وغَلَاء على ما مضى. وكذلك قولهم في نظائر هذا: وجَدت الشيء وجُودا، ووجَدت في الحزن وَجْدًا، ووجَدت من الغنى وُجْدًا ووَجْدًا ووِجْدًا وجِدَة، ووجدت على الرَّجل مَوْجِدة، وجدت الضَالَة وِجدَانا، فجعلوا اختلاف المصادر فيها عوضًا مما كان يقتضيه أصل وضع اللغة من اختلافها أنفسها، فهذا مَقَاد يُقْتَاس ويُرْجَع في نظائره إليه.
نعم، وخصوا غَلَا في القول بالغُلُوّ؛ [119ظ] لأن لفظ فُعُول أقوى من لفظ فَعَال؛ للواوين والضمتين، وضعفِ الألف والفتحتين. وذلك أن الغُلُوّ في القول أعلى وأعنى عندهم من غلاء السعر، ألا ترى إلى قول الله تعالى: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا}، وقال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ}؟ وأما غلاء السعر فلا يدخل النار، ولا يحرم الجنة، ثم إنهم قالوا: غلتِ القِدْرُ تَغْلِي غَلَيَانا، فلما صغر هذا المعنى في أنفسهم أخذوه من الياء؛ لأنها تنحط عن الواو والضمة إلى الياء والكسرة.
فإن قلت: فقد قالوا: عَلَوْتُ في المكان أَعْلُوا عُلُوًّا وعلِيتُ في الشرف علاءً؛ فجعلوا الشرف دون ارتفاع النِّصْبَة.
قيل: لم يَجْفُ الشرفُ عندهم، ولا تَبشَّع تبشّع الكفر والغلوّ في القول المعاقَب عليه، والمنهيَّ عنه؛ فلان جانبُه، ونَعُمَ وعَذُبَ في أنفسهم؛ فبنوه على فَعِل لتنقلب الواو ياءً، ومصدره على الفَعَال؛ لعذوبته بالفتحتين والألف. وهذه أماكن إن رَفَقْت بها، وسانَيْتَهَا، وتأنَّيْتَهَا، ولم تَبْءَ عليها وتَخْتَبطَها- أَوْلَئْكَ جانبها، وأركبتك ذِرْوَتها، وقبلَتْكَ لها ضيفا، وَبَسَطَتْكَ يدًا وسيفًا. وإن أَخْلَدْتَ بها إلى ضِدّ هذا أخْلَدَتْ بكَ إلى ضده، فَتَلَاقيا ورفقا، لا مُغَالَاةً ولا خُرْقًا.
ومن ذلك قراءة أبي رجاء وعيسى الثقفي: {عِفْريَةٌ}.
قال أبو الفتح: هو العفريت. يقال: رجل عِفْريَةٌ نِفْريَةٌ إتباعا: إذا كان خبيثا داهيا. وقالوا: تَعَفْرَتَ الرجلُ: إذا صار عفريتا، أي: خبيثا. وهذا مثال غريب؛ لأن وزنه تَفَعْلَتَ، ونحوه من المُثُل الغريبة في الفعل قولهم: يَرْنَأَ الرجُلُ لِحْيَتَهُ: إذا صَبَغَها باليُرْنَاء، وهو الحناء. فيَرْنَأَ على ما ترى يَفْعَلَ، ومضارعه يُيَرْنِئ يُيَفْعِلُ، واسم الفاعل مُيَرْنِئ، وهو مُيَفْعِل.
وأصل العفريب من العَفْر، وهو التراب، كأنه يختِل قِرْنَه فيصرعه إلى العَفْر، ومنه قيل للأسد: عَفَرْني، وللناقة الشديدة: عفرناة. وقال الأعشى:
بِذاتِ لَوْثٍ عَفْرَنَاةِ إذَا عَثَرَتْ ** فَالنَّعْسُ أَدْنَى لَهَا مِنْ أَنْ أَقُولَ لَعَا

ومنه عِفْرِيَةُ الرأس: للشعر الذي عليه؛ وذلك لأن قُصَارَاه أن يُحْلَقَ فيصير إلى التراب، أو يصير تُرَابًا. ومنه اليَعْفُور. لولَدِ الظبية؛ لأنه لصغَرِه ما يلزق بالتراب، أو لأن لونه لون التراب. ومنه ليث عِفِرِّينَ؛ لأنه دابة يلزم التراب.
ومن ذلك قراءة الحسن: {فَمَا كَانَ جَوَابُ قَوْمِهِ} يرفع الباء.
قال أبو الفتح: أقوى من هذا {جَوَابَ قَوْمِهِ} بالنصب، ويجعل اسم كان قوله: {أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ} لشبه أن بالمضمر. من حيث كانت لا توصف كما لا يوصف. والمضمر أعرف من هذا المظهر، وقد تقدم القول في ذلك.
ومن ذلك قراءة الأعمش، وقد اختلف عنه: {أَمَنْ خَلَقَ} خفيفة الميم.
قال أبو الفتح: {مَنْ} هنا خبر بمنزلة الذي، وليست باستفهام كقراءة الجماعة: {أَمْ مَنْ خَلَقَ}، فكأنه قال: الذي خلق السموات والأرض، وأنزل لكم من السماء ماء، فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها خير أم ما تشركون ثم حذف الخبر الذي هو خير أم ما تشركون؛ لدلالة ما قبله عليه، وهو قوله تعالى: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ}. وما يحذف خبره لدلالة ما هناك عليه أكثر من أن يحصى، فابنِ على هذا.
ومن ذلك قراءة السلمى: {إِيَّانَ يُبْعَثُونَ} بكسر الهمزة.
قال أبو الفتح: قد تقدم القول على كسر هذه الهمزة فيما مضى من الكتاب.
ومن ذلك قراءة سليمان بن يسار وعطاء بن السائب: {بَلَ ادْرَكَ عِلْمُهُمْ} بفتح اللام، ولا همز، ولا ألف.
وروي عنهما: {بَلَ ادّرَكَ} بفتح اللام، ولا همز، وتشديد الدال، وليس بعد الدال ألف.
وقرأ: {بلْ آدْرَكَ} الحسن وأبو رجاء وابن محيصن وقتادة.
وقرأ: {بَلَى} بياء {آدْرَك} ممدودا ابن عباس.