فصل: قال الدمياطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ: {بَلِ ادَّرَكَ} مخفوضة اللام، مشددة الدال الحسن.
وقرأ: {بَلْ تَدَارَكَ} أُبَيّ بن كعب.
وقراءة الناس: {بَلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ} و{بَلِ ادَّارَكَ} فذلك ثمانية أوجه:
قال أبو الفتح: أما {بَلَ ادْرَكَ} فعلى تخفيف الهمزة بحذفها، وإلقاء حركتها على اللام الساكنة قبلها، كقولك: في {قَدْ أَفْلَحَ}2: {قَدَ افْلَحَ}.
وأما {بَلَ ادَّرَكَ}، بفتح اللام فكان قياسه: بَلِ ادَّرَكَ؛ بكسر اللام لسكونها وسكون الدال بعدها، إلا أنه فتحت اللام لأن في ذلك إزالة لالتقاء الساكنين، وعدولا إلى الفتحة لخفتها، كما رُوِّينا عن قطرب: أن منهم من يقول: {قُمَ الليل} وبِيعَ الثوب.
وأما {بَلْ آدْرَكَ} فإن {بل} استئناف، وما بعدها استفهام، كما تقول: أزيد عندك؟ بل أجعفر عندك؟ تركا للأول إلى غيره، لا تراجعا عنه، لكن للانتحاء من بعده على غيره.
وأما {بَلَى} فكأنه جواب، وذلك أنه لما قال: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} فكأن قائلا قال: ما الأمر كذلك، فقيل له: {بلى} ثم استؤنف فقيل: {آدْرَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ}.
وأما {بَلِ ادَّرَكَ} فلا سوال مع كسر اللام؛ لسكونها، وسكون الدال بعدها.
وأما بَلْ تَدَارَكَ فإنه أصل قراءة من قرأ: {ادَّارَكَ}؛ وذلك أنه في الأصل تدارك، ثم آثر إدغام التاء في الدال؛ لأنها أختها في المخرج، فقلبها إلى لفظها، وأسكنها، وأدغمها فيها. واحتاج إلى ألف الوصل؛ لسكون الدال بعدها، ومثله: {قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ}4. {فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا}5.
ومن ذلك قراءة الأعرج: {رَدَفَ لَكُمْ}، بفتح الدال.
قال أبو الفتح: من قال: {رَدِف} فهو في وزن تبع، ومن قال: {ردف} فهو بمنزلة تلا، وشفع. والكسر أفصح، وهو أكثر اللغة.
ومن ذلك قراءة ابن السميفع وابن محيصن: {تَكُنُّ صُدُورُهُمْ} بفتح التاء. وضم الكاف.
قال أبو الفتح: المألوف في هذا: أَكْنَنْتُ الشيءَ: إذا أخفيتَه في نفسك. وكَنَنْتُه: إذا سترته بشيء، فأكننت كأضمرت، وكَنَنْتُ كسترت. فأما هذه القراءة: {تَكُنُّ صُدُورُهُمْ} فعلى أنه أجرى الضمير لها مجرى الجسم الساتر لها مبالغة؛ وذلك لأن الجسم أقوى من العَرَض، وهذا نحو من قوله:
وحَاجَةٌ دونَ أُخْرَى قَدْ عَرَضْتُ ** لها جَعَلْتُها لِلَّتِي أَخْفَيْتُ عُنْوَانا

فأجرى ما يخفيه الضمير ويبرزه البوح به مجرى ما يدرك باللمس؛ تنويها به، ومُبَادَاة للحس بإدراكه، وقد مر به بعض المولدين، فقال:
حُبِّي لَهُ جِسْمٌ وَحُبْـ ** ـبُّ الناسِ كُلِّهِمُ عَرَضْ

وعليه قول الآخر:
تَغَلْغَلَ حُبُّ عَثْمَةَ في فُوادِي ** فَبَادِيِهِ مَعَ الخافِي يَسِيرُ

ألا تراه كيف وصفه بما توصف به الجواهر من السروب والتغلغل؟ ومرَّ به الطائي الكبير، إلا أنه عكسه فقال:
مَوَدَّةٌ ذَهَبٌ أثمارُها شَبهُ ** وَهِمّةٌ جَوْهَرٌ مَعْرُوفُها عَرَضُ

والباب واسع، والطريف مُسْهَب، إلا أنّ هذا سًمْته.
ومن ذلك قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد والجحدري وأبي زرعة.
{تَكْلِمُهُمْ} قال أبو الفتح: {تَكْلِمُهُمْ} تجرحهم بأكلها إياهم، وهذا شاهد لمن ذهب في قوله: {تُكَلِّمُهُمْ} إلى أنه بمعنى تجرحهم بأكلها إياهم. ألا ترى أن {تَكْلِمُهُمْ} لا يكون من الكَلْم وهو الجرح. وهذه المادة مما وضعته العرب عبارة عن الشدة هي وتقاليبها الستة: ك ل م، ك م ل، م ل ك، ل ك م، م ك ل، ل م ك. وقد ذكرناها في كتابنا الخصائص أول باب منه، وهو باب القول على فرق بين الكلام والقول.
ويشهد لمن قال في قوله: {تُكَلِّمُهُمْ} إلى أنه من الكلام قراءة أبي: {تُنَبِّئُهُم}، ويشهد لهذا التأويل أيضا قراءة ابن مسعود: {تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُون}. وإن شئت كان هذا شاهدا لمن ذهب إلى أن {تُكَلِّمُهُمْ} تجرحهم، أي: تفعل بهم ذلك بكفرهم، وزوال يقينهم.
ومن ذلك قراءة قتادة: {وَكُلٌّ أَتَاهُ دَاخِرِين}.
قال أبو الفتح: حمل {أتاه} على لفظ {كل}؛ إذ كان مفردا، و{داخرين} على معناها. ولو قلب ذلك لم يحسن، لو قال: وكل أتوه داخرا قبح وضعف؛ وذلك أنك لما قلت: وكل فقد جئت بلفظ مفرد، فإذا قلت: أتوه فقد حملت على المعنى وانصرفت عن اللفظ، ثم إذا قلت: من بعد داخرا فأفردت فقد تراجعت إلى ما انصرفت عنه، فكان ذلك قلقا في الصنعة وانتكاثا عن المحجة المصير إليها المعتزمة.
وعلى ذلك قول الله سبحانه: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ}3. فلو قال: من بعد: حتى إذا خرج من عندك لم يحسن؛ وذلك لأنه قد ترك لفظ. {من} إلى معناه بقوله: {يستمعون}. فلو عاد إليه بعدَ انصرافه عنه فقال: خرج عاد إلى ما كان قد رغب عنه. واعتزم غيره عوضا منه. وكذلك قول الفرزدق:
تَعَشَّ فإنْ عاهدْتَنِي لا تخونُنِي ** نَكُنْ مِثْل مَن يا ذِيبُ يَصْطَحِبان

فلو قال بعدَ يصطحبان: فلا تُنكر صحبته، أو فلا تذم عشرته؛ عودا إلى لفظ {مَن} وإفراده لكان فيه ما ذكرنا من كراهيته. واعلم أن مقاد الاستعمال في {كُلٌّ} أنها إذا كانت [121و] مفردة أخبر عنها بالجميع، نحو قوله تعالى: {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}2، و{كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}{وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ}4 في قراءة الكافة. فإن كانت مضافة إلى الجماعة أتى الخبر عنها مفردا كقوله تعالى: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} 5، وذلك أن أحد عَلَمَي الجمع كاف عندهم من صاحبه، وابنِ 6 على ذلك. اهـ.

.قال الدمياطي:

سورة النمل مكية وآيها تسعون وثلاث كوفي وأربع بصري وشامي وخمس حجازي خلافها بأس شديد حجازي قوارير تركها كوفي مشبه الفاصلة طس غير بعيد وما يشعرون القراآت آمال طاء طس أبو بكر وحمزة والكسائي وخلف ومر ذلك كسكت أبي جعفر على طاوس وتقدم التنبيه على إخفاء النون من س عند التاء من تلك خلافا لأبي شامة ونقل قران لابن كثير وفتح ياء الإضافة من {إني آنست} نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر.
واختلف في بشهاب قبس (الآية 7) فعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف بالتنوين على القطع عن الإضافة وقبس بدل منه أو صفة له بمعنى مقتبس أو مقبوس وافقهم الأعمش والباقون بغير تنوين لبيان النوع أي من قبس كخاتم فضة.
وقرأ فلما رآها بالتسهيل الأصبهاني وأما حكم الإمالة فمر نظيره في وإذا رآك بالأنبياء كما فصل بالأنعام.
وأمال {ولي مدبرا} الآية 10 حمزة والكسائي وخلف وبالفتح والصغرى الأزرق ووقف يعقوب بخلفه على لدي بهاء السكت وتقدم تغليظ لام أظلم للأزرق بخلفه وعن المطوعي بدل حسنا بفتح الحاء والسين ووقف الكسائي ويعقوب على {واد النمل} بالياء والباقون بحذفها.
واختلف في {لا يحطمنكم} الآية 18 فرويس بسكون نون التأكيد وافقه الشبنوذي ومر بآل عمران وعن المطوعي بضم الياء وفتح الحاء وتشديد الطاء والنون وفتح ياء أوزعني أن الأزرق والبزي ووقف يعقوب بخلفه على على بهاء السكت وأمال ترضاه حمزة والكسائي وخلف وقلله الأزرق بخلفه وفتح ياء ما لي لا أرى ابن كثير وعاصم والكسائي واختلف عن هشام وابن وردان، وأمال أرى الهدهد وصلا السوسي بخلفه.
واختلف في {ليأتيني} الآية 21 فابن كثير بنون التأكيد المشددة وبعدها نون الوقاية على الأصل وعليه الرسم المكي والباقون بحذف نون الوقاية للاستغناء عنها بالمؤكدة ولذا كسرت مثل كأني وعليه بقية الرسوم.
واختلف في {فمكث} الآية 22 فعاصم وروح بفتح الكاف والباقون بضمها لغتان كطهر واتفقوا على إدغام الطاء مع بقاء صفتها في التاء من أحطت وإن زيادة الصفة في المدغم لا تمنع.
واختلف في {من سبإ} الآية 22 هنا وفي سورة سبأ الآية 15 فالبزي وأبو عمرو بفتح الهمزة من غير تنوين ممنوعا من الصرف للعلمية والتأنيث اسم للقبيلة أو البقعة وافقهما ابن محيصن واليزيدي وقرأ قنبل بسكون الهمزة كأنه نوى الوقف وأجرى الوصل مجراه كيتسنه وعوجا والباقون بالكسر والتنوين فهو مصروف لإرادة الحي.
واختلف في {ألا يسجدوا} الآية 25 فالكسائي وكذا رويس وابو جعفر بهمزة مفتوحة وتخفيف اللام على أن ألا للاستفتاح ثم قيل يا حرف تنبيه وجمع بينه وبين إلا تأكيدا وقيل النداء والمنادي محذوف أي يا هؤلاء أو يا قوم ورجح الأول لعدم الحذف ولهم الوقف ابتداء على ألا يا معا والابتداء اسجدوا بهمزة مضمومة فعل أمر وحذفت همزة الوصل خطأ على مراد الوصل كما حذفت لذلك في يبنؤم بطه كما قاله الداني وتعقبه في النشر بأنه رآه في الإمام ومصاحف الشام بإثبات إحدى الألفين ثم اعتذر عنه باحتمال أنه رآه كذلك محذوفا في بعض المصاحف ولهم الوقف اختبارا أيضا على ألا وحدها وعلى يا وحدها لأنهما حرفان منفصلان وقد سمع في النثر ألا يا ارحمونا ألا يا أصدقوا علينا وفي النظم كثيرا نحو فقالت ألا يا اسمع أعظك بخطبة وافقهم الحسن والشنبوذي وكذا المطوعي في أحد وجهيه والثاني عنه هلا يسجد بقلب الهمزه هاء وتشديد اللام والباقون بالهمزة وتشديد اللام وأصلها أن لا فإن ناصبة للفعل ولذا سقطت نون الرفع منه والنون مدغمة في لا المزيدة للتأكيد إن جعلت أن وما بعدها في موضع مفعول يهتدون بإسقاط إلى أي إلى أن يسجدوا أو بدلا من السبيل فإن جعلت بدلا من أعمالهم وما بين المبدل منه والبدل اعتراض أي وزين لهم الشيطان عدم السجود لله أو خبرا لمحذوف أي أعمالهم ألا يسجدوا فلا نافية حينئذ لا مزيدة وقد كتبت إلا بلا نون فيمتنع وقف الاختبار في هذه القراءة على أن وحدها ووقف على الخبء بالنقل مع إسكان الباء للوقف على القياس حمزة وهشام بخلفه وحكى فيه الحافظ أبو العلاء وجها آخر وهو الخبا بالألف قال في النشر وله وجه في العربية وهو الإشباع.
واختلف في {يخفون وما يعلنون} الآية 25 فحفص والكسائي بالتاء على الخطاب.
وافقهما الشنبوذي والباقون بالياء من تحت فيهما وعن ابن محيصن العظيم برفع الميم نعتا للرب.
وقرأ: {فألقه} الآية 28 بكسر الهاء مع القصر قالون وابن ذكوان بخلفه ويعقوب وقرأ بإسكان الهاء أبو عمرو وعاصم وحمزة والداجوني عن هشام وابن وردان وابن جماز بخلف عنهما واختلف عن الحلواني عن هشام في الاختلاس والحاصل أن قالون ويعقوب بالقصر فقط وأن أبا عمرو وعاصما وحمزة بالسكون فقط وابن ذكوان بالقصر والإشباع وأن هشاما بالسكون والإشباع وأن هشاما بالسكون والإشباع والقصر وأن أبا جعفر بالسكون والقصر وقرأ الباقون بالإشباع وقرأ الملؤا إني بتسهيل الثانية كالياء وبإبدالها واوا مكسورة نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ورويس ووقف حمزة وهشام بخلفه على الملؤا الثلاثة من هذه السورة كالأول من المؤمنين بإبدال الهمزة ألفا على القياسي ويجوز تسهيلها كالواو على تقدير روم حركة الهمزة وبتخفيفها بحركة نفسها فتبدل واوا مضمومة ثم تسكن للوقف فيتحد معه اتباع الرسم ويجوز معه الروم والإشمام فهي خمسة أوجه وفتح ياء {إني ألقي} نافع وابو جعفر وأبدل الثانية واوا مفتوحة من الملؤ أفتوني نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر ورويس وأثبت الياء في تشهدون في الحالين يعقوب.
واختلف في أتمدونن بمال فما آتاني الآية 36 فنافع وأبو عمرو وأبو جعفر {أتمدونني} بنونين خفيفتين مفتوحة فمكسورة بعدها ياء وصلا فقط {آتاني} بياء مفتوحة وصلا واختلف عن قالون وأبي عمرو في حذفها وقفا وافقهم اليزيدي وحذفها وقفا ورش وأبو جعفر بلا خلاف وقرأ ابن كثير أتمدونني كذلك بنونين مع إثبات الياء في الحالين آتان بحذف الياء وصلا وكذا وقفا بخلاف عن قنبل وافقه ابن محيصن وقرأ ابن عامر وشعبة {أتمدونني} كذلك إلا أنه أثبت الياء في {آتان} مفتوحة وصلا واختلف عنه وقرأ حمزة {أتمدوني} بإدغام نون الرفع في نون الوقاية وإثبات الياء بعدها وصلا ووقفا {آتان} بحذف الياء في الحالين وافقه الأعمش وقرأ الكسائي أتمدونني بنونين وحذف الياء في الحالين آتان بالإمالة مع حذف الياء في الحالين وكذا خلف لكن بغير إمالة وقرأ يعقوب أتمدوني بالإدغام وبالياء في الحالين أتاني بإثبات الياء وقفا وأما وصلا ففتحها رويس وحذفها روح وتقدم للأزرق في أتان بالنظر لمد البدل مع التقليل والفتح خمس طرق الأولى قصر البدل والفتح الثانية التوسط والفتح الثالثة المد المشبع والفتح الرابعة المد مع التقليل الخامسة التوسط مع التقليل وبالطرق الخمسة قرأنا من طرق الطيبة التي هي طرق كتابنا وتقدم في الإمالة منع بعض مشايخنا للطريق الثانية من طرق الحرز وكذا حكم أتاكم غير أن حمزة وخلفا أمالاه مع الكسائي ومد أنا أتيك وصلا نافع وأبو جعفر.