فصل: الفوائد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الفوائد:

1- تمييز العدد:
مميز الثلاثة والعشرة وما بينهما إن كان اسم جنس وهو ما يفرق بينه وبين مفرده بالتاء كشجر وتمر، أو اسم جمع وهو ما دل على الجمع وليس له مفرد من لفظه كقوم ورهط جرّ بمن، تقول ثلاثة من التمر أكلتها وعشرة من القوم لقيتهم وتسعة من الرهط صحبتهم، قال تعالى: {فخذ أربعة من الطير} وقد يجر بإضافة العدد إليه فاسم الجمع نحو الآية المتقدمة {وكان في المدينة تسعة رهط} وفي الحديث: «ليس فيما دون خمس ذود صدقة» وقال الشاعر:
ثلاثة أنفس وثلاث ذود ** لقد جار الزمان على عيالي

والذود من الإبل ما بين الثلاث إلى العشرة وهي مؤنثة ولا واحد لها من لفظها كما في الصحاح، والأنفس جمع نفس وهي مؤنثة وإنما أنّث عددها وكان القياس تذكيره لأن النفس كثر استعمالها مقصودا بها الإنسان، أما اسم الجنس فكقول جندل بن المثنى:
كأن خصييه من التدلدل ظرف ** عجوز فيه ثنتا حنظل

فحنظل اسم جنس مجرور بالإضافة على حد تسعة رهط، هذا ويروي بدل التدلدل التهدل وهو أولى ويروى سحق جراب وخص العجوز لأنها لا تستعمل الطيب حتى يكون في ظرفها ما تتزين به والبيت من أقذع الهجاء.
وان كان مميز الثلاثة والعشرة وما بينهما جمعا جر باضافة العدد اليه نحو ثلاثة رجال وثلاث إماء، ويعتبر التذكير والتأنيث مع اسمي الجمع والجنس بحسب حالهما باعتبار عود الضمير عليهما تذكيرا وتأنيثا فيعطى العدد عكس ما يستحقه ضميرهما، فإن كان ضميرهما مذكرا أنث العدد وإن كان مؤنثا ذكر، فتقول في اسم الجنس ثلاثة من الغنم عندي بالتاء في ثلاثة لانك تقول غنم كثير بالتذكير للضمير المستتر في كثير، وروى صاحب المصباح أنه يجوز في غنم تذكير ضميره وتأنيثه، وثلاث من البط بترك التاء من ثلاث لأنك تقول بط كثيرة بالتأنيث للضمير المستتر في كثير، وثلاثة أو ثلاث من البقر لأن ضمير البقر يجوز فيه التذكير والتأنيث وذلك أن في البقر لغتين التذكير والتأنيث، قال اللّه تعالى: {إن البقر تشابه علينا} بتذكير الضمير وقرئ تشابهت بتأنيثه، وأما اسم الجمع فحكمه حكم المذكر إن كان لمن يعقل كالقوم والرهط والنفر وان كان لما لا يعقل فحكمه حكم المؤنث كالجامل والباقر. هذا ما ذكره النحاة ولكن فيه نظرا لأن نسوة اسم جمع وحكمه حكم المؤنث باتفاق فيقال ثلاث نسوة، والتذكير والتأنيث مع الجمع يعتبران بحال مفرده فان كان مفرده مذكرا أنث عدده وإن كان مؤنثا ذكر عدده فلذلك تقول ثلاثة اصطبلات جمع إصطبل بقطع الهمزة المكسورة وثلاثة حمامات لأن الاصطبل والحمام مذكران، وتقول ثلاث سحابات بترك التاء اعتبارا بالسحابة فهي مؤنثة ولا يعتبر من حال الواحد حال لفظه حتى يقال ثلاث طلحات بترك التاء، ولا يعتبر حال معناه حتى يقال ثلاث أشخص بتركها أيضا يريد نسوة لأن الشخص يقع على المذكر والمؤنث، بل ينظر إلى ما يستحقه المفرد باعتبار ضميره فيعكس حكمه في العدد فأما قول عمر بن أبي ربيعة:
فكان مجني دون من كنت أتقي ** ثلاث شخوص كاعبان ومعصر

فضرورة وكان القياس فيه ثلاثة شخوص بالتاء ولكنه كنى بالشخوص عن النساء والذي سهل ذلك قوله: كاعبان ومعصر فاتصل اللفظ بما يعضد المعنى المراد وهو التأنيث، والكاعب الجارية حين يبدو ثديها للنهود، والمعصر بضم الميم وكسر الصاد الجارية أول ما أدركت سميت بذلك لكونها دخلت في عصر الشباب كما قال الخليل.
هذا وقد جمح بنا عنان القول فحسبنا ما تقدم أوردناه لاهميته وفائدته ولابد من الرجوع إلى المطولات لمن أراد المزيد.
2- اعلم أنهم قد كسروا شيئا من الأسماء لا على الواحد المستعمل بل نحملوا لفظا آخر مرادفا له فكسروه على ما لم يستعمل فمن ذلك رهط وأراهط قال الشاعر:
يا بؤس للحرب التي ** وضعت أراهط فاستراحوا

وليس القياس في رهط أن يجمع على أراهط لأن هذا البناء من جموع الرباعي وما كان على عدته نحو جعفر وجعافر وجدول وجداول وأرنب وأرانب. وليس أرهط بجمع رهط إذ لو كان كذلك لم يكن شاذا ويدل على ذلك أن الشاعر قد جاء به لما احتاج اليه قال:
وفاضح مفتضح في أرهطه ** من أرفع الوادي ولا من بعثطه

والبعثط والبعثوط: سرّة الوادي وخير موضع فيه.
هذا وقد اختلف النحويون في أراهط، فزعم قوم منهم أنه جمع أرهط الذي هو جمع رهط وهو النفر من ثلاثة إلى عشرة، وزعم أكثر النحويين أن أراهط جمع رهط على خلاف القياس. والبيت مطلع قصيدة لسعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة جد طرفة بن العبد الشاعر وبعده:
والحرب لا يبقى لجا ** حمها التخيل والمراح

إلا الفتى الصبار في النّ ** نجدات والفرس الوقاح

والنثرة الحصداء وال ** بيض المكلّل والرماح

وتساقط الأوشاظ والذّ ** نبات إذ جهد الفضاح

والكر بعد الفر إذ كره ** التقدم وال نطاح

كشفت لهم عن ساقها ** وبدا من الشر الصراح

لفظ الآيين في شعر أبي نواس:
وردت في باب الاعراب كلمة الإسكندر وفيها يقول: ليس من آيين الملوك استراق الظفر، ونحب أن نورد أبياتا لأبي نواس استعمل فيها كلمة الآيين فجاءت خفيفة ظريفة رغم غرابتها، قال أبو نواس يصف ما جرى له في دير نهراذان:
بدير نهراذان لي مجلس ** وملعب وسط بساتينه

رحت إليه ومعي قينة ** نزوره يوم سعانينه

بكلّ طلاب الهوى فاتك ** قد آثر الدنيا على دينه

حتى توافينا إلى مجلس ** تضحك ألوان رياحينه

والنرجس الغض لدى ** ورده والورد قد خفّ بنسرينه

وجيء بالدن على مرفع ** وخاتم العلج على طينه

وطاف بالكأس لنا شادن ** يدميه مس الكف من لينه

يكاد من اشراق خديه أن ** يختطف الابصار من دونه

فلم يزل يسقي ونلهو ** به ونأخذ القصف بآيينه

حتى غدا السكران من ** سكره كالميت في بعض أحايينه

فقوله نأخذ القصف بآيينه أي برسومه وقوانينه وشروطه.

.[سورة النمل الآيات: 54- 58]:

{وَلُوطًا إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (54) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (55) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (56) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (57) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (58)}.

.الإعراب:

{ولُوطًا إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} الواو استئنافية والكلام مستأنف مسوق لذكر القصة الخامسة والأخيرة من قصص السورة، ولوطا مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكر أو أرسلنا، فإن جعلته اذكر كانت إذ ظرفا لما مضى من الزمان متعلقا باذكر، وان جعلته أرسلنا كانت إذ بدل اشتمال من لوطا وجملة قال مجرورة بإضافة الظرف إليها، ولقومه جار ومجرور متعلقان بقال، والهمزة للاستفهام الانكاري التوبيخي وتأتون فعل مضارع والواو فاعل والفاحشة مفعول به والجملة مقول القول، وأنتم الواو حالية وأنتم مبتدأ وجملة تبصرون خبر أنتم والمراد بصر القلب أي تعلمون أنها فاحشة ومع ذلك تفعلونها.
{أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ} الهمزة للاستفهام الانكاري التوبيخي وكرر التوبيخ زيادة في التقبيح واستسماج هذه الفعلة الشنعاء المخالفة لنواميس الطبيعة، وسيرد في باب الفوائد بحث عن هذه الميول الجنسية الشاذة التي لا يبلغ كنه قبحها، وان واسمها واللام المزحلقة وجملة تأتون الرجال خبرها وشهوة مفعول لأجله أو حال من الفاعل أو المفعول ومن دون النساء متعلقان بمحذوف حال من الفاعل.
{بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} بل حرف إضراب وأنتم مبتدأ وقوم خبر وتجهلون صفة لقوم.
{فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ} الفاء عاطفة وما نافية وكان فعل ماض ناقص وجواب قومه خبر كان المقدم وإلا أداة حصر وأن قالوا مصدر مؤول في موضع الرفع اسم كان المؤخر وجملة أخرجوا مقول القول وهو فعل أمر وفاعل وآل لوط مفعول به ومن قريتكم متعلقان بأخرجوا وإنهم تعليل لإخراجهم وان واسمها وأناس خبرها وجملة يتطهرون صفة أي يتنزهون عن هذا العمل القذر.
{فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ} الفاء عاطفة على مقدر محذوف يفهم من السياق أي فخرج لوط بأهله من أرضهم بعد أن أحس بمكرهم وكيدهم وتربصهم الدوائر. وأنجيناه فعل ماض وفاعل ومفعول به وأهله عطف على الهاء أو مفعول معه وإلا أداة استثناء وامرأته مستثنى وجملة قدرناها حال وقدرناها فعل ماض وفاعل ومفعول به ومن الغابرين متعلقان بقدرناها أي الباقين في العذاب.
{وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} الواو عاطفة وأمطرنا فعل وفاعل وعليهم متعلقان بأمطرنا ومطرا مفعول به، فساء الفاء عاطفة وساء فعل ماض للذم ومطر المنذرين فاعل.