فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وسبأٌ منصرفٌ على أنَّه اسمٌ لحيَ سُمُّوا باسم أبيهم الأكبرِ وهو سبأُ بنُ يشجبَ بنِ يعرُبَ بنِ قَحطانَ. قالُوا اسمُه عبدُ شمسٍ لُقِّب به لكونه أوَّلَ مَنْ سَبَى. وقُرىء بفتحِ الهمزةِ غيرَ مُنصرفٍ على أنَّه اسمٌ للقبيلةِ ثمَّ سُميت مدينةُ مأربَ بسبأٍ وبينها وبينَ صنعاءَ مسيرةُ ثلاثٍ. وعلى هذه القراءةِ يجوزُ أنْ يرادَ به القبيلةُ والمدينةُ، وأمَّا على القراءةِ الأُولى فالمرادُ هو الحيُّ لا غيرُ. وعدمُ وقوفِ سليمانَ عليه السَّلامُ على نبئِهم قبلَ إنباءِ الهُدهدِ ليس بأمرٍ بديعٍ لابد له من حكمةٍ داعيةٍ إليه ألبتةَ وإنِ استحال خلوُّ إفعالِه تعالى من الحكمِ والمصالحِ لما أنَّ المسافةَ بين محطِّه عليه الصَّلاة والسَّلام وبين مأربَ وإن كانتْ قصيرةً لكن مدةُ ما بين نزولِه عليه الصَّلاة والسَّلام هناك وبين مجيءِ الهدهدِ بالخبرِ أيضًا قصيرةٌ. نعم اختصاصُ الهدهدِ بذلك مع كون الجنِّ أقوى منه مبنيٌّ على حِكَمٍ بالغةٍ يستأثرُ بها علاَّمُ الغُيوبِ.
وقولُه تعالى: {إِنّى وَجَدتُّ امرأة تَمْلِكُهُمْ} استئنافٌ ببيان ما جاء به من النبأ وتفصيلٌ له إثرَ الإجمالِ وهي بلقيسُ بنتُ شراحيلَ بنِ مالكِ بنِ ريَّانَ. وكان أبُوها ملكَ أرضِ اليمنِ كلِّها ورثَ المُلكَ من أربعين أبًا ولم يكُن له ولدٌ غيرُها فغلبتْ بعدَه على المُلكِ ودانتْ لها الأمَّة. وكانتْ هي وقومُها مجوسًا يعبدونَ الشمسَ. وإيثارُ وجدتُ على رأيتُ لما أُشير إليه من الإيذانِ بكونِه عند غيبته بصددِ خدمتِه عليه الصَّلاة والسَّلامِ بإبراز نفسه في معرضِ من يتفقدُ أحوالَها ويتعرَّفها كأنَّها طِلبتُه وضالَّتُه ليعرضَها على سليمانَ عليه السَّلامُ. وضميرُ تملكُهم لسبأٍ على أنَّه اسمُ الحيِّ أو لأهلها المدلولِ عليهم بذكرِ مدينتِهم على أنَّه اسمٌ لها. {وَأُوتِيَتْ مِن كُلّ شيء} أي من الأشياءِ التي يحتاجُ إليها الملوكُ {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} قيل كان ثلاثينَ ذراعًا في ثلاثين عَرضًا وسَمكًا وقيل: ثمانينَ في ثمانينَ من ذهبٍ وفضةَ مُكللًا بالجواهرِ، وكانتْ قوائمُه من ياقوتٍ أحمرَ وأخضرَ ودُرَ وزمردٍ، وعليه سبعةُ أبياتٍ على كلِّ بيتٍ بابٌ مغلقٌ. واستعظامُ الهدهدِ لعرشِها مع ما كان يشاهدُه من ملكِ سليمانَ عليه السَّلام إمَّا بالنسبة إلى حالِها أو إلى عروشَ أمثالِها من الملوكِ. وقد جُوِّز أنْ لا يكونَ لسليمانَ عليه السَّلامَ مثلُه. وأيَّا ما كانَ فوصفُه بذلكَ بينَ يديهِ عليه الصَّلاة والسَّلام لما مرَّ من ترغيبِه عليه الصَّلاة والسَّلام في الإصغاءِ إلى حديثِه وتوجيهِ عزيمتِه عليه الصَّلاة والسَّلام نحو تسخيرِها، ولذلكَ عقَّبه بما يُوجبُ عزوَها من كُفرِها وكُفر قومِها حيثُ قال: {وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ الله} أي يعبدونَها متجاوزينَ عبادةَ الله تعالى {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان أعمالهم} التي هي عبادةُ الشمسِ ونظائِرها منْ أصنافِ الكفرِ والمَعَاصي.
{فَصَدَّهُمْ} بسببِ ذلكَ {عَنِ السبيل} أي سبيلِ الحقِّ والصوابِ فإنَّ تزيينَ أعمالِهم لا يتصورُ بدون تقويمِ طرقِ كفرِهم وضلالِهم، ومن ضرورته نسبةُ طريقِ الحقِّ إلى العوجِ. {فَهُمُ} بسبب ذلكَ {لاَ يَهْتَدُونَ} إليهِ.
وقوله تعالى: {أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ} مفعولٌ له إمَّا للصدِّ أو للتزيينِ على حذفِ اللامِ منه أي فصدَّهم لأنْ لا يسجدوا له تعالى أو زيَّن لهم أعمالَهم لأنْ لا يسجدوا أو بدلٌ على حالِه من أعمالَهم، وما بينهما اعتراضٌ أي زيَّن لهم أنْ لا يسجدوا وقيل: هو في موقع المفعولِ ليهتدون بإسقاطِ الخافضِ، ولا مزيدةٌ كما في قولِه تعالى: {لّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكتاب} والمعنى فهم لا يهتدون إلى أنْ يسجدوا له تعالى. وقرىء أَلاَ يَا اسجدُوا، على التنبيهِ والنداءِ، والمُنادى محذوفٌ، أيْ أَلاَ يا قومُ اسجدُوا كما في قولِه:
أَلاَ يا اسلَمي يا دارَ مَي عَلَى البِلَى

ونظائِره. وعلى هذا يحتملُ أنُ يكونَ استئنافًا من جهة الله عزَّ وجلَّ أو من سليمانَ عليه السَّلام ويُوقف على لا يهتدونَ ويكون أمرًا بالسجودِ، على الوجوهِ المتقدمةِ ذمًَّا على تركِه وأيَّا ما كان فالسجودُ واجبٌ. وقُرىء هَلاّ وهَلاَ بقلبِ الهمزتينِ هاءً. وقُرىء هَلاَّ تسجدون بمعنى ألا تسجدونَ على الخطاب.
{الذى يُخْرِجُ الخبء في السموات والأرض} أيْ يظهرُ ما هو مخبوءٌ مخفيٌّ فيهما كائنًا ما كان، وتخصيصُ هذا الوصفِ بالذكرِ بصددِ بيانِ تفرُّده تعالى باستحقاق السُّجودِ له من بين سائرِ أوصافِه الموجبةِ لذلك لما أنَّه أرسخُ في معرفتِه والإحاطةِ بأحكامه بمشاهدة آثارهِ التي من جُملتها ما أودعَه الله تعالى في نفسه من مقدرةٍ على معرفةِ الماءِ تحتَ الأرضِ. وأشارَ بعطفِ قوله: {وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ} على يخرجُ إلى أنَّه تعالى يخرجُ ما في العالمِ الإنسانيِّ من الخَفَايَا كما يخرجُ ما في العالم الكبير من الخَبَايَا لِما أنَّ المرادَ يظهرُ ما تُخفونَهُ من الأحوال فيجازيكُم بها، وذكرُ ما تُعلنون لتوسيع دائرةِ العلمِ وللتنبيهِ على تساويهما بالنسبة إلى العلمِ الإلهيِّ. وقُرِىءَ ما يُخفون وما يُعلنون على صيغةِ الغَيبةِ بلا التفاتٍ. وإخراجُ الخبءِ يعمُّ إشراقَ الكواكبِ وإظهارَها من آفاقِها بعد استنارتِها وراءها وإنزالَ الأمطارِ وإنباتَ النباتِ. بل الإنشاءَ الذي هو إخراجُ ما في الشيء بالقوَّةِ إلى الفعلِ والإبداعَ الذي هو إخراجُ ما في الإمكان والعدمِ إلى الوجود وغيرَ ذلك من غيوبِه عزَّ وجلَّ. وقُرىء الخَبَ بتخفيف الهمزةِ بالحذفِ. وقُرىء الخَبَا بتخفيفها بالقلبِ. وقرئ: {ألا تسجدون لله الذي يخرج الخبء من السماء والأرض ويعلم سركم وما تعلنون}.
{الله لاَ إله إِلاَّ هُوَ رَبُّ العرش العظيم}.
الذي هو أولُ الأجرامِ وأعظمُها. وقُرىء العظيمُ بالرَّفعِ على أنَّه صفةُ الربِّ. واعلمْ أن ما حُكي من الهُدهدِ من قوله: {الذي يُخرج الخبءَ} إلى هُنا ليس داخلًا تحت قوله: {أحطتُ بما لم تُحط به} وإنَّما هُو من العلومِ والمعارفِ التي اقتبسها من سليمانَ عليه السَّلام أوردَهُ بيانًا لما هو عليهِ وإظهارًا لتصلُّبهِ في الدِّينِ، وكلُّ ذلكَ لتوجيهِ قلبِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ نحوَ قبولِ كلامِه وصرفِ عَنَانِ عزيمتِه عليه السَّلامُ إلى غزوِها وتسخيرِ ولايتِها. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَتَفَقَّدَ الطير} أي أراد معرفة الموجود منها من غيره، وأصل التفقد معرفة الفقد، والظاهر أنه عليه السلام تفقد كل الطير وذلك بحسب ما تقتضيه العناية بأمور الملك والاهتمام بالرعاية لاسيما الضعفاء منها؛ قيل وكان يأتيه من كل صنف واحد فلم ير الهدهد، وقيل: كانت الطير تظله من الشمس وكان الهدهد يستر مكانه الأيمن فمسته الشمس فنظر إلى مكان الهدهد فلم يره، وعن عبد الله بن سلام أن سليمان عليه السلام نزل بمفازة لا ماء فيها وكان الهدهد يرى الماء في باطن الأرض فيخبر سليمان بذلك فيأمر الجن فتسلخ الأرض عنه في ساعة كما تسلخ الشاة فاحتاجوا إلى الماء فتفقد لذلك الطير فلم ير الهدهد {فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى الهدهد} وهو طائر معروف منتن يأكل الدم فيما قيل ويكنى بأبي الأخبار وأبي الربيع وأبي ثمامة وبغير ذلك مما ذكره الدميري، وتصغيره على القياس هديهد، وزعم بعضهم أنه يقال في تصغيره هداهد بقلب الياء الفاء، وأنشدوا:
كهداهد كسر الرماة جناحه

ونظير ذلك دوابه وشوابه في دويبه وشويبه.
والظاهر أن قوله عليه السلام ذلك مبني على أنه ظن حضوره ومنع مانع له من رؤيته أي عدم رؤيتي إياه مع حضوره لأن سبب ألساتر أم لغيره ثم لاح له أنه غائب فاضرب عن ذلك وأخذ يقول: {أَمْ كَانَ مِنَ الغائبين} كأنه يسأل عن صحة ما لاح له، فأم هي المنقطعة كما في قولهم إنها لا بل أم شاء.
قال ابن عطية: مقصد الكلام الهدهد غاب ولكنه أخذ اللازم من مغيبه وهو أن لا يراه فاستفهم على جهة التوقيف عن اللازم وهذا ضرب من الإيجاز، والاستفهام الذي في قوله: {مَالِيَ} ناب مناب الهمزة التي تحتاجها أم. انتهى.
وظاهره أن أم متصلة والهمزة قائمة مثام همزة الاستفهام فالمعنى عنده أغاب عني الآن فلم أره حال التفقد أم كان من غاب قبل ولم أشعر بغيبته والحق ما تقدم، وقيل في الكلام قلب والأصل ما للهدهد لا أراد، ولا يخفى أنه لا ضرورة إلى ادعاء ذلك، نعم قيل هو أوفق بكون التفقد للعناية، وذكر أن اسم هذا الهدهد يعفور، وكون الهدهد يرى الماء تحت الأرض رواه ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وأخرج ابن أبي حاتم.
وسعيد بن منصور عن يوسف بن ماهك أن ابن عباس حين قال ذلك اعترض عليه نافع بن الأزرق كعادته بأنه كيف ذاك والهدهد ينصب له الفخ ويوضع فيه الحبة وتستر بالتراب فيصطاد فقال رضي الله تعالى عنه إن البصر ينفع ما لم يأت القدر فإذا جاء القدر حال دون البصر فقال ابن الأزرق: لا أجادلك بعدها بشيء ولا مانع من أن يقال: يجوز أن يرى الحبة أيضًا إلا أنه لا يعرف أن التقاطها من الفخ يوجب اصطياده، وكثير من الطيور وسائر الحيوانات يصطاد بما يراه بنوع حيلة.
ويجوز أيضًا أن يراها ويعرف المكيدة في وضعها إلا أن القدر يغلب عليه فيظن أنه ينجو إذا التقطها بأحد وجوه يتخيلها فيكون نظير من يخوض المهالك لظن النجاة مع مشاهدة هلاك الكثير ممن خاضها قبله وإذا أراد الله تعالى بقوم أمرًا سلب من ذوي العقول عقولهم، نعم أن رأيته الماء تحت الأرض وان جاز على ما تقتضيه أصول الأشاعرة أمر يستبعده العقل جدًا ولا جزم لي بصحة الخبر السابق، وتصحيح الحاكم محكوم عليه عند المحدثين بما تعلم، ومثله ما تقدم عن ابن سلام وكذا غيره من الأخبار التي وقفت عليها في هذا الشأن، وليس في الآية إشارة إلى ذلك بل الظاهر بناء على ما يقتضيه حال سليمان عليه السلام إن التفقد كان منه عليه السلام عناية بأمور ملكه واهتمامًا بضعفاء جنده، وكانه عليه السلام أخرج كلامه كما حكاه النظم الجليل لغلبة ظنه إنه لم يصبه ما أهلكه وليكون ذلك مع التفقد من باب الجمع بين صفتي الجمال والجلال وهو الأكمل في شأن الملوك، ولعل ما وقع من حديث النملة كان كالحالة المذكورة له عليه السلام للتفقد.
وعلى ما تقدم عن ابن سلام أن الحالة المذكرة بل الداعية هي النزول في المفازة التي لا ماء فيها، وكون الهدهد قناقنه، ويحكون في ذلك أن سليمان عليه السلام حين تم له بناء بيت المقدس تجهز ليحج بحشره فوافى الحرم وأقام به ما شاء وكان يقرب كل يوم طول مقامه خمسة آلاف بقرة وخمسة آلاف ناقة وعشرين ألف شاة وقال لأشراف من معه أن هذا مكان يخرج منه نبي عربي صفته كذا وكذا يعطي النصر على من عاداه وينصر بالرعب من مسيرة شهر القريب والبعيد عنده سواء في الحق لا تأخذه في الله تعالى لومة لائم قالوا: فبأي دين يدين يا نبي الله؟ فقال: بدين الحنيفية فطوبى لمن آمن به وأدركه فقالوا: كم بيننا وبين خروجه؟ قال: مقدار ألف عام فليبلغ الشاهد منكم الغائب فإنه سيد الأنبياء وخاتم الرسل عليهم السلام، ثم عزم على السير إلى اليمن فخرج من مكة صباحًا يؤم سهيلًا فوافى صنعاء وقت الزوال وذلك مسيرة شهر فرأى أرضًا أعجبته خضرتها فنزل ليتغذى ويصلي فلم يجدوا الماء فكان ما كان.
وفي بعض الآثار ما يعارض حكاية الحج، فقد روي عن كعب الأحبار أن سليمان عليه السلام سار من اصطخر يريد اليمن فمر على مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام فقال: هذه دار هجرة نبي يكون آخر الزمان طوبى لمن اتبعه، ولما وصل إلى مكة رأى حول البيت أصنامًا تعبد فجاوزه فبكى البيت فأوحى الله تعالى إليه ما يبكيك؟ قال يا رب أبكاني أن هذا نبي من أنبيائك ومعه قوم من أوليائك مروا على ولم يهبطوا ولم يصلوا عندي والأصنام تعبد حولي من دونك فأوحى الله تعالى إليه لاتبك فإني سوف أبكيك وجوهًا سجدًا وأنزل فيك قرآنًا جديدًا وأبعث منك نبيًا في آخر الزمان أحب أنبيائي إلى واجعل فيك عمارًا من خلقي يعبدونني وأفرض عليهم فريضة يرفون إليك رفيف النسر إلى وكره ويحنون إليك حنين الناقة إلى ولدها والحمامة إلى بيضها وأطهرك من الأوثان وعبدة الشيطان، ثم مضى سليمان حتى أتى على وادي النمل، ولا يظهر الجمع بين الخبرين، ولعل المقدار الذي يصح من الأخبار أنه عليه السلام لما تم له بناء بيت المقدس حج وأكثر من تقريب القرابين وبشر بالنبي صلى الله عليه وسلم وقصد اليمن وتفقد الطير فلم ير الهدهد فتوعده بقوله: {لاعَذّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا} قيل بنتف ريشه وروي ذلك عن ابن عباس ومجاهد وابن جريج والظاهر أن المراد جميع ريشه، وقال يزيد بن رومان بنتف ريش جناحيه، وقال ابن وهب بنتف نصف ريشه.
وزاد بعضهم مع النتف القاره للنمل وآخر تركه في الشمس، وقيل: ذلك بطليه بالقطران وتشميسه وقيل بحبسه في القفص، وقيل بجمعه مع غير جنسه، وقيل بإبعاده من خدمة سليمان عليه السلام، وقيل بالتفريق بينه وبين الفه، وقيل بالزامه خدمة أقرانه.
وفي البحر الأجود أن يجعل كل من الأقوال من باب التمثيل وهذا التعذيب للتأديب.
ويجوز أن يبيح الله تعالى له ذلك لما رأى فيه من المصلحة والمنفعة كام أباح سبحانه ذبح البهائم والطيور للأكل وغيره من المنافع وإذا سخر له الطير ولم يتم ما سخر من أجله إلا بالتأديب والسياسة جاز أن يباح له ما يستصطلح به.