فصل: قال ابن عطية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عطية:

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (67)}.
استبعد الكفار أن تبعث الأجساد والرمم من القبور واستملحوا ذلك فذكر ذلك عنهم على جهة الرد عليهم، وقرأ أبو عمرو وابن كثير {أيِذَا} {أيِنَّا} مهموز، غير أن أبا عمرو يمد وابن كثير لا يمد، وقرأ عاصم وحمزة {أَءِذَا} {أَئِنَّا} بهمزتين فيهما، وقرأ نافع {إذا} مكسورة الألف {آيِنَّا} ممدوة الألف، وقرأ الباقون {آئِذَا} ممدودة {إِنَّنَا} بنونين وكسر الألف، ثم ذكر الكفار أن هذه المقالة مما قد وعد بها قبل وردوا على جميع الأنبياء وجعلوها من الأساطير، ثم وعظهم تعالى بحال من كذب من الأمم فأمر نبيه أن يأمرهم بالسير والتطلع على حال مجرمي الأمم وبالحذر أن يصيبهم مثل ما أصاب أولئك، وهذا التحذير يقتضيه المعنى، ثم سلى نبيه عليه السلام عنهم، وهذا بحسب ما كان عنده من الحرص عليهم الاهتمام بأمرهم، وقرأ ابن كثير {في ضِيق} بكسر الضاد ورويت عن نافع، وقرأ الباقون بفتحها ووالضِّيق والضَّيق مصدران بمعنى واحد، وكره أبو علي أن يكون {ضيق} كهين ولين مسهلة من ضيق قال: لأن ذلك يقتضي أن تقام الصفة مقام الموصوف، ثم ذكر استعجال قريش بأمر الساعة والعذاب بقولهم {متى هذا الوعد}، على معنى التعجيز للواعد به، فأمر تعالى نبيه يتوعدهم بأنه عسى أن يأذن الله في أن يقرب منهم بعض ما استعجلوه من الساعة والعذاب.
و{ردف} معناه قرب وأزف قاله ابن عباس وغيره، ولكنها عبارة عما يجيء بعد الشيء قريبًا منه ولكونه بمعنى هذه الأفعال الواقعة تعدى بحرف وإلا فبابه أن يتجاوز بنفسه، وقرأ الجمهور بكسر الدال، وقرأ الأعرج {ردَف} بفتح الدال، وقرأ جمهور الناس، {تُكن} من أكن وقرأ ابن محيصن وابن السميفع {تكن} من كن وهما بمعنى. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَقَالَ الذين كفروا} يعني مشركي مكة.
{أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَآؤُنَآ أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ} هكذا يقرأ نافع هنا وفي سورة: العنكبوت.
وقرأ أبو عمرو باستفهامين إلا أنه خفف الهمزة.
وقرأ عاصم وحمزة أيضًا باستفهامين إلا أنهما حققا الهمزتين، وكل ما ذكرناه في السورتين جميعًا واحدًا.
وقرأ الكسائي وابن عامر ورُويس ويعقوب: {أَئِذَا} بهمزتين {إِنَّنَا} بنونين على الخبر في هذه السورة؛ وفي سورة: العنكبوت باستفهامين؛ قال أبو جعفر النحاس: القراءة {إِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاأُنَا آيِنَّا لَمُخْرَجُونَ} موافقة للخط حسنة، وقد عارض فيها أبو حاتم فقال وهذا معنى كلامه: {إِذَا} ليس باستفهام و{آيِنَّا} استفهام وفيه {إنّ} فكيف يجوز أن يعمل ما في حيز الاستفهام فيما قبله؟ا وكيف يجوز أن يعمل ما بعد {إنّ} فيما قبلها؟ا وكيف يجوز غدًا إن زيدًا خارج؟ا فإذا كان فيه استفهام كان أبعد، وهذا إذا سئل عنه كان مشكلًا لما ذكره.
وقال أبو جعفر: وسمعت محمد بن الوليد يقول: سألنا أبا العباس عن آية من القرآن صعبة مشكلة، وهي قول الله تعالى: {وَقَالَ الذين كَفَرُواْ هَلْ نَدُلُّكُمْ على رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [سبأ: 7] فقال: إن عمل في {إذَا} {ينبئكم} كان محالًا؛ لأنه لا ينبئهم ذلك الوقت، وإن عمل فيه ما بعد {إنّ} كان المعنى صحيحًا وكان خطأ في العربية أن يعمل ما قبل {إنّ} فيما بعدها؛ وهذا سؤال بيّن رأيت أن يذكر في السورة التي هو فيها؛ فأما أبو عبيد فمال إلى قراءة نافع وردّ على من جمع بين استفهامين، واستدلّ بقوله تعالى: {أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقلبتم على أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: 144] وبقوله تعالى: {أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ الخالدون} [الأنبياء: 34] وهذا الردّ على أبي عمرو وعاصم وحمزة وطلحة والأعرج لا يلزم منه شيء، ولا يشبه ما جاء به من الآية شيئًا؛ والفرق بينهما أن الشرط وجوابه بمنزلة شيء واحد؛ ومعنى: {أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ الخالدون} [الأنبياء: 34] أفإن مِتّ خلدوا.
ونظير هذا: أزيد منطلق، ولا يقال: أزيد أمنطلق؛ لأنها بمنزلة شيء واحد وليس كذلك الآية؛ لأن الثاني جملة قائمة بنفسها فيصلح فيها الاستفهام، والأوّل كلام يصلح فيه الاستفهام؛ فأما من حذف الاستفهام من الثاني وأثبته في الأول فقرأ: {أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاأُنَا إِنَّنَا} فحذفه من الثاني؛ لأن في الكلام دليلًا عليه بمعنى الإنكار.
قوله تعالى: {لَقَدْ وُعِدْنَا هذا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا مِن قَبْلُ إِنْ هاذآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأولين} تقدّم في سورة المؤمنين.
وكان الأنبياء يقرِّبون أمر البعث مبالغة في التحذير؛ وكل ما هو آت فقريب.
قوله تعالى: {قُلْ سِيرُواْ فِي الأرض} أي {قُلْ} لهؤلاءِ الكفار {سِيرُوا} في بلاد الشام والحجاز واليمن.
{فَاْنظُرُواْ} أي بقلوبكم وبصائركم {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المجرمين} المكذبين لرسلهم.
{وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} أي على كفار مكة إن لم يؤمنوا {وَلاَ تَكُن فِي ضَيْقٍ} في حرج {مِّمَّا يَمْكُرُونَ} نزلت في المستهزئين الذين اقتسموا عِقاب مكة وقد تقدّم ذكرهم.
وقرىء: {فِي ضِيقٍ} بالكسر وقد مضى في آخر النحل.
{وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد} أي وقت يجيئنا العذاب بتكذيبنا {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}.
قوله تعالى: {قُلْ عسى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم} أي اقترب لكم ودنا منكم {بَعْضُ الذي تَسْتَعْجِلُونَ} أي من العذاب؛ قاله ابن عباس.
وهو من ردفه إذا تبعه وجاء في أثره؛ وتكون اللام أدخلت لأن المعنى اقترب لكم ودنا لكم.
أو تكون متعلقة بالمصدر.
وقيل: معناه معكم.
قال ابن شجرة: تبعكم؛ ومنه رِدْف المرأة؛ لأنه تبع لها من خلفها؛ ومنه قول أبي ذؤيب:
عاد السوادُ بياضًا في مَفَارِقهِ ** لاَ مَرحبًا ببياض الشَّيْبِ إذ رَدِفَا

قال الجوهري: وَأَرْدَفه أمرٌ لغةٌ في رَدِفه، مثل تَبِعه وأتبعه بمعنى؛ قال خُزيمة بن مالك بن نَهد:
إذا الجوزاءُ أردفتِ الثُّرَيَّا ** ظَننتُ بآل فاطمةَ الظنُّونَا

يعني فاطمة بنت يَذْكُر بن عَنزة أحدِ القارِظَيْن.
وقال الفراء: {رَدِفَ لَكُمْ} دنا لكم ولهذا قال: {لَكُمْ}.
وقيل: رَدِفَه ورَدِف له بمعنًى فتزاد اللام للتوكيد؛ عن الفراء أيضًا.
كما تقول: نقدته ونقدت له، وكِلْته ووزنته، وكِلْتُ له ووزنت له؛ ونحو ذلك.
{بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ} مِن العذابِ فكان ذلك يوم بدر.
وقيل: عذاب القبر. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَقَالَ الذين كَفَرُواْ}.
بيانٌ لجهلِهم بالآخرةِ وعَمَهِهم منها بحكايةِ إنكارِهم للبعثِ، ووضعُ الموصولِ موضَع ضميرِهم لذمِّهم بما في حيِّز صلته والإشعارِ بعلَّة حُكمهم الباطلِ في قولِهم {أَءذَا كُنَّا تُرَابًا وَءابَاؤُنَا أَءنَّا لَمُخْرَجُونَ} أي أنخرجُ من القبورِ إذا كنَّا تُرابًا كما ينبىءُ عنه مخرجونَ ولا مساغَ لأنْ يكونَ هو العاملَ في إذا لاجتماعِ موانعَ لو تفرَّدَ واحدٌ منها لكَفَى في المنعِ، وتقييدُ الإخراجِ بوقتِ كونِهم تُرابًا ليس لتخصيصِ الإنكارِ بالإخراجِ حينئذٍ فقط فإنَّهم مُنكرون للإحياءِ بعدَ الموتِ مُطلقًا وإنْ كانَ البدنُ على حالِه بل لتقويةِ الإنكارِ بتوجيههِ إلى الإخراجِ في حالةٍ منافيةٍ له. وقوله تعالى: {وآباؤُنا} عطفٌ على اسمِ كانَ، وقامَ الفصلُ مع الخبرِ مقامَ الفصلِ بالتأكيدِ، وتكريرُ الهمزةِ في أئنا للمبالغةِ والتَّشديدِ في الإنكارِ. وتحليةُ الجُملةِ بأنَّ واللامِ لتأكيدِ الإنكارِ لا لإنكار التَّاكيدِ كما يُوهمه ظاهرُ النَّظمِ فإنَّ تقديمَ الهمزةِ لاقتضائِها الصدارةَ كَما في قولِه تعالى: {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} ونظائِره عَلَى رَأي الجُمهورِ فإنَّ المَعْنى عندَهُم تعقيبُ الإنْكارِ لا إنكارُ التَّعقيبِ كما هو المشهورُ. وقُرىءَ {إذَا كنَّا} بهمزةٍ واحدةٍ مكسورةٍ، وقُرىء {إنَّا لمخرجُون} على الخبرِ.
{لَقَدْ وُعِدْنَا هذا} أي الإخراجَ {نَحْنُ وَءابَاؤُنَا مِن قَبْلُ} أي من قبلِ وعدِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وتقديمُ الموعودِ على نحنُ لأنَّه المقصودُ بالذكرِ وحيثُ أُخّرَ قُصد به المبعوثَ والجملةُ استئنافٌ مسوقٌ لتقريرِ الإنكارِ. وتصديرُها بالقسمِ لمزيدِ التأكيدِ. وقولُه تعالى: {إِنْ هذا إِلاَّ أساطير الأولين} تقريرُ إثرَ تقريرٍ.
{قُلْ سِيرُواْ في الأرض فَاْنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عاقبة المجرمين} بسببِ تكذيبِهم للرُّسلِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ فيما دَعَوهم إليهِ من الإيمانِ بالله عزَّ وجلَّ وحَدهُ وباليومِ الآخرِ الذي تُنكرونَهُ فإنَّ في مشاهدةِ عاقبتِهم ما فيهِ كفايةٌ لأُولي الأبصارِ وفي التعبيرِ عن المُكذبينَ بالمجرمينَ لُطفٌ بالمؤمنينَ في تَرْكِ الجرائم.
{وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} لإصرارِهم على الكُفْرِ والتَّكذيبِ {وَلاَ تَكُن في ضَيْقٍ} في حَرَجِ صدرٍ {مّمَّا يَمْكُرُونَ} من مكرِهم فإنَّ الله تعالى يَعصِمُك من النَّاسِ. وقُرىءَ بكسرِ الضَّادِ وهُو أيضًا مصدرٌ ويجوزُ أنْ يكونَ المفتوحُ مخفَّفًا من ضيّقٍ. وقد قرئ كذلكَ أي لا تكُن في أمرٍ ضيِّقٍ.
{وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد} أي العذابُ العاجلُ الموعودُ {إِن كُنتُمْ صادقين} في إخبارِكم بإتيانِه. والجمعُ باعتبارِ شركةِ المُؤمنينَ في الإخبارِ بذلَك.
{قُلْ عسى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم} أي تبعكُم ولحقكُم والَّلامُ مزيدةٌ للتأكيدِ كالباءِ في قولهِ تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التهلكة} أو الفعلُ مضمَّنٌ معنى فعلٍ يُعدَّى باللَّامِ. وقُرىءَ بفتحِ الدَّالِ وهي لغةٌ فيه {بَعْضُ الذي تَسْتَعْجِلُونَ} وهو عذابُ يومِ بدرٍ. وعسَى ولعلَّ وسوف في مواعيد الملوك بمنزلة الجزم بها وإنما يطلقونها إظهارًا للوقار وإشعارًا بأنَّ الرَّمزَ من أمثالِهم كالتَّصريحِ ممَّن عداهُم وعلى ذلك مَجرى وعدِ الله تعالى ووعيدهِ. وإيثارُ ما عليه النَّظمُ الكريمُ على أنْ يُقالَ عَسى أنْ يردفَكم الخ لكونِه أدلَّ على تحققِ الوعدِ. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَقَالَ الذين كَفَرُواْ أَءذَا كُنَّا تُرَابًا وَءابَاؤُنَا أَءنَّا لَمُخْرَجُونَ}.
كالبيان لجهلهم بالآخرة وعما هم منها ووضع الموصول موضع ضميرهم لذمهم بما في حيز صلته والإشعار بعلة حكمهم الباطل الذي تضمنه مقول القول، وإذا ظرف لمحذوف دل عليه مخرجون أي أنخرج إذا كنا ترابًا ولا مساغ لأن يكون ظرفًا {لَمُخْرَجُونَ} لأن كلًا من الهمزة وإن اللام على ما قيل: مانعة من عمل ما بعدها فيما قبلها فكيف بها إذا اجتمعت، ولم يعتبر بعضهم اللام مانعة بناءًا على ما قرر في النحو من جواز تقدم معمول خبر إن المقرون باللام عليه نحو إن زيدًا طعامك لآكل، ويكفي حينئذٍ مانعان وأظن أن من قال: يتوسع في الظروف ما لا يتوسع في غيرها لا يقول باطراد الحكم في مثل هذا الموضع ومرادهم بالإخراج الإخراج من القبور، وجوز أن يكون الإخراج من حال الفناء إلى الحياة، والأول هو الظاهر، وتقييد الإخراج بوقت كونهم ترابًا ليس لتخصيص الإنكار بالإخراج حينئذٍ فقط فإنهم منكرون للإحياء بعد الموت مطلقًا وإن كان البدن على حاله بل لتقوية الإنكار بتوجيهه إلى الإخراج في حالة منافية له بزعمهم، وقوله سبحانه: {وَءابَاؤُنَا} عطف على اسم كان واستغنى بالفصل بالخبر عن الفصل بالتأكيد، وتكرير الهمزة في أئنا للمبالغة والتشديد في الإنكار، وتحلية الجملة بأن واللام لتأكيد الإنكار لا لإنكار التأكيد كما يوهمه ظاهر النظم الكريم، فإن تقديم الهمزة لأصالتها في الصدارة، والضمير في أئنا لهم ولآبائهم لأن الكون ترابًا قدتنا ولهم وآباءهم، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو {أئذا} و{أئنا} بالجمع بين الاستفهامين، وقلب الثانية ياءًا وفصل بينهما بألف أبو عمرو.
وقرأ نافع إذا بهمزة واحدة مكسورة فهمزة الاستفهام مقدرة مع الفعل المقدر لأن المعنى ليس على الخبر، وآينا بهمزة الاستفهام وقلب الثانية ياءًا وبينهما مدة، وقرأ آخرون أئذا باستفهام ممدود أننا بنونين من غير استفهام.
{لَقَدْ وُعِدْنَا هذا} أي الإخراج المذكور {نَحْنُ وَءابَاؤُنَا مِن قَبْلُ} أي من قبل وعد محمد صلى الله عليه وسلم، وتقديم الموعود على {نَحْنُ} هنا للدلالة على أنه هو الذي تعمد بالكلام وقصد به حتى كأن ما سواه مطرح وعلاوة له كما ينبىء عن ذلك ذكر ما صدر منهم أنفسهم مؤكدًا مقررًا مكررًا؛ وتأخيره عنه في آية سورة المؤمنين لرعاية الأصل، ولا مقتضى للعدول إذ لم يذكر هناك سوى اتباعهم أسلافهم في الكفر وإنكار البعث من غير نعي ذلك عليهم، والجملة استئناف مسوق لتقرير الإنكار وتصديرها بالقسم لمزيد التأكيد، وقوله تعالى: {إِنْ هذا إِلاَّ أساطير الاولين} تقرير إثر تقرير.
{قُلْ سِيرُواْ في الأرض فَاْنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عاقبة المجرمين} بسبب تكذيبهم الرسل عليهم الصلاة والسلام فيما دعوهم إليه من الإيمان بالله عز وجل وحده وباليوم الآخر الذي تنكرونه فإن في مشاهدة عاقبتهم ما فيه كفاية لأولي الأبصار، وفي التعبير عن المكذبين با لمجرمين الأعم منه بحسب المفهوم لطف بالمؤمنين في ترك الجرائم لما فيه من إرشادهم إلى أن الجرم مطلقًا مبغوض لله عز وجل.