فصل: الفوائد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الفوائد:

أيّ المشددة:
تأتي أيّ المشددة على خمسة أوجه:
1- أن تكون شرطا نحو {أيما الأجلين قضيت} وقد تزاد ما بعدها للتوكيد.
2- أن تكون استفهامية: {أيكم زادته هذه إيمانا}.
3- موصولة: {ثم لننزعنّ من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا}.
4- أن تكون دالة على معنى الكمال فتقع صفة للنكرة نحو زيد رجل أي رجل أي كامل في صفات الرجال وحالا من المعرفة كمررت بعبد اللّه أي رجل، قال أبو العتاهية وقد وردت صفة:
إن الشباب والفراغ والجده ** مفسدة للمرء أي مفسده

5- أن تكون وصلة إلى نداء ما فيه أل نحو يا أيها الرجل.
هذا وقد أورد صاحب المغني بيتا لأبي الطيب فيه أي وهو:
أي يوم سررتني بوصال ** لم ترعني ثلاثة بصدود

وقال: ليست فيه أي موصولة لأن الموصولة لا تضاف إلا إلى المعرفة، قال أبو علي في التذكرة في قوله:
أرأيت أي سوالف وخدود ** برزت لنا بين اللوى فزرود

لا تكون أي فيه موصولة لإضافتها إلى نكرة وتابع صاحب المغني كلامه فقال: ولا شرطية لأن المعنى حينئذ إن سررتني يوما بوصالك آمنتني ثلاثة أيام من صدودك، وهذا عكس المعنى المراد وإنما هي للاستفهام الذي يراد به النفي كقولك لمن ادعى أنه أكرمك:
أي يوم أكرمتني؟ والمعنى ما سررتني يوما بوصالك إلا روعتني ثلاثة بصدودك، والجملة الأولى مستأنفة قدم ظرفها لأن له الصدر والثانية اما في موضع جر صفة لوصال على حذف العائد أي لم ترغني بعده كما حذف في قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس} الآية، أو نصب حالا من فاعل سررتني أو مفعوله والمعنى أي يوم سررتني غير رائع لي أو غير مروع منك وهي حال مقدرة مثلها في {طبتم فادخلوها خالدين} أو لا محل لها على أن تكون معطوفة على الأولى بفاء محذوفة كما قيل في {وإذ قال موسى لقومه إن اللّه يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ باللّه} وكذا في بقية الآية وفيه بعد، والمحققون في الآية على أن الجمل مستأنفة بتقدير: فما قالوا له؟ فما قال لهم؟ ومن روى ثلاثة بالرفع لم يجز عنده كون الحال من فاعل سررتني لخلو ترعني من ضمير ذي الحال.
وقال أبو البقاء العكبري في شرحه لديوان المتنبي: أي نصب وهو استفهام خرج مخرج النفي كما تقول لمن يدعي أنه أكرمك: أي يوم أكرمتني قط كما قال الهذلي:
اذهب فأي فتى في الناس أحرزه ** من حتفه ظلم دعج ولا جبل

ولا يجوز أن تكون أي شرطية تتعلق الجملة بالجملة تعلق الجزاء بالشرط، وإذا حملته على الشرط كان مناقضا للمعنى الذي أراده فكأنه يقول: إن سررتني يوما بوصالك أمنتني ثلاثة من صدودك وهذا عكس مراده.
وهذا البيت من جملة أبيات غزلية استهل بها أبو الطيب قصيدة قالها في صباه ونورد هنا الأبيات الغزلية لنفاستها ونعرب بعض ما فيه فائدة منها:
كم قتيل كما قتلت شهيد ** ببياض الطّلى وورد الخدود

وعيون المها ولا كعيون ** فتكت بالمتيم المعمود

درّ درّ الصّبا أأيام تجر ** ير ذيولي بدار أثلة عودي

عمرك اللّه هل رأيت ** بدورا طلعت في براقع وعقود

راميات بأسهم ريشها الهد ** ب تشقّ القلوب قبل الجلود

يترشّفن في فمي رشفات ** هن فيه أحلى من التوحيد

كلّ خمصانة أرقّ من الخمـ ** ـر بقلب أقسى من الجلمود

ذات فرع كأنما ضرب العنـ ** ـبر فيه بماء ورد وعود

حالك كالغداف مثل دجو ** جيّ أثيث جعد بلا تجعيد

تحمل المسك عن غدائرها الريـ ** ـح وتفتّر عن شتيت برود

جمعت بين جسم أحمد والسقـ ** ـم وبين الجفون والتسهيد

أهل ما بي من الضنى بطل صيـ ** ـد بتصفيف طرّة وبجيد

كل شيء من الدماء حرام ** شربه ما خلا دم العنقود

فاسقنيها فدى لعينيك نفسي ** من غزال وطارفي وتليدي

شيب رأسي وذلتي ونحو لي ** ودموعي على هواك شهودي

أي يوم سررتني

البيت.
إعراب بعض الكلمات:
كم خبرية وتمييزها مجرور بالإضافة إليها أو بمن وقد تقدم القول فيها مطولا وهي هنا في محل رفع مبتدأ خبره ببياض، وكما قتلت نعت لمصدر محذوف، هذا ولهم في العشق حديث طويل، وخبره عند أرباب التصوف معقول قال الجنيد: العشقة ألفة رحمانية وإلهام شوقي أوجبهما كرم اللّه على كل ذي روح لتحصل به اللذة العظمى التي لا يقدر على مثلها إلا بتلك الألفة وهي موجودة في الأنفس مقدرة مراتبها عند أربابها فما أحد إلا عاشق لأمر يستدل به على قدر طبقته من الخلق ولأجل ذلك كان أشرف المراتب في الدنيا مراتب الذين زهدوا فيها مع كونها معاينة ومالوا إلى الآخرة مع كونها مغيبة عنهم وقد وصف اللّه تعالى نفسه بالحب فقال: {يحبهم ويحبونه} وقد تقدم القول فيه مطولا، وأما العشق فلم يرد في لسان الشرع، وقال الفضيل بن عياض كلاما جميلا منه: لو رزقني اللّه تعالى دعوة مجابة لدعوته تعالى أن يغفر للعشاق لأن حركاتهم اضطرارية لا اختيارية، وما أحسن قول أبي فراس الحمداني:
وكم في الناس من حسن ولكن ** عليك لشقوتي وقع اختياري

وقال رجل من العرب لبعض بني عذرة: ما لأحدكم يموت عشقا في هوى امرأة ألفها وليس ذلك إلا ضعف نفس أو خور تجدونه، يا بني عذرة فقال: أما واللّه لو رأيتم الحواجب الزّجّ، فوق النواظر الدعج، تحتها المباسم الفلج، لاتخذتموها اللات والعزى هذا وقد استند أبو الطيب في قوله شهيد إلى حديث يروونه هو: إن من عشق وعف وكتم فمات مات شهيدا.
عمرك اللّه: مصدر يقال: أطال اللّه عمرك وعمرك بالضم والفتح وهما وإن كانا مصدرين بمعنى إلا أنه استعمل أحدهما في القسم وهو المفتوح العين فإذا أدخلت عليه لام الابتداء رفعته بالابتداء والخبر محذوف والتقدير لعمر اللّه قسمي فإن لم تأت باللام نصبته نصب المصادر وقلت عمر اللّه ما فعلت كذا وعمرك اللّه ما فعلت كذا فكأنك قلت بتعميرك اللّه أي باقرارك له بالبقاء، ومنه قول عمر ابن أبي ربيعة:
أيها المنكح الثّريا سهيلا ** عمرك الله كيف يلتقيان

يريد سألت اللّه أن يطيل عمرك وهو في قول أبي الطيب مصدر ومعناه: سألت اللّه أن يعمرك تعميرا.
أحلى من التوحيد قال الواحدي: كنّ يمصصن ريقي لحبهنّ إياي فكانت الرشفات في فمي أحلى من كلمة التوحيد وهي لا إله إلا اللّه وهذا إفراط وتجاوز حد.
قال ابن القطاع: ذهب كثير من الناس إلى أن لفظة أفعل من كذا توجب تفضيل الأول على الثاني في جميع المواضع وذلك غلط والصحيح أن أفعل يجيء في كلام العرب على خمسة أوجه:
أحدها: أن يكون الأول من جنس الثاني ولم يظهر لأحدهما حكم يزيد على الأول به زيادة يقوم عليها دليل من قبل التفضيل فهذا يكون حقيقة في الفضل لا مجازا وذلك كقولك زيد أفضل من عمرو وهذا السيف أصرم من هذا.
والثاني: أن يكون الأول من جنس الثاني أو قريبا منه ومحتملا للحاق به وقد سبق للثاني حكم أوجب له الزيادة بالدليل الواضح فهذا يكون على المقاربة في التشبيه لا التفضيل نحو قولك الأمير أكرم من حاتم وأشجع من عمرو، وبيت المتنبي من هذا القبيل أي يترشفن من فمي رشفات هنّ قريب من التوحيد.
والثالث: أن يكون الأول من جنس الثاني أو قريبا منه والثاني دون الاول فهذا يكون على الإخبار المحض نحو قولك: الشمس أضوأ من القمر والأسد أجرأ من النمر.
والرابع: أن يكون الأول من غير جنس الثاني وقد سبق للثاني حكم أوجد له الزيادة واشتهر الأول من جنسه بالفضيلة فيكون هذا على سبيل التشبيه المحض والغرض أن يحصل للأول بعض ما يحصل للثاني نحو قولك: زيد أشجع من الأسد وأمض من السيف.
والخامس: أن يكون الأول من غير جنس الثاني والأول دون الثاني في الصفة جدا فيكون هذا على المبالغة المحضة نحو قامته أتمّ من الرمح ووجهه أضوأ من الشمس وجاء في الحديث: «ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء أصدق لهجة من أبي ذر» ذهب من لا يعرف معاني الكلام أن أبا ذر أصدق العالم أجمع وليس الأمر كذلك وإنما نفى عليه الصلاة والسلام أن يكون أحد أعلى منه رتبة في الصدق ولو أراد ما ذهبوا إليه لقال: أبو ذر أصدق من كل من أظلت وأقلت.
كل خمصانة: يجوز فيه الرفع على البدل من الضمير في يترشفن وعلى هذا يرفع أرق حملا على كل، ويجوز نصب كل حملا على النعت لقوله بدورا أو على البدلية منها والخمصانة الضامرة والذكر خمصان.
أهل ما بي من الضنى بطل أهل مبتدأ خبره بطل أو خبر لمبتدأ محذوف والمعنى أنا أهل ما بي وحقيق به وأنا بطل صيد.
ما خلا دم العنقود: إذا قلت جاء القوم ما خلا زيدا فليس إلا النصب لأن خلا يتحتم كونها فعلا لدخول ما المصدرية عليها، وإذا قلت جاء القوم خلا زيد كان الجر لا غير.