فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفي الكلام حذف، والتقدير: فقالوا لها: من هم؟ فقالت: أمي، فقيل لها: وهل لأمك لبن؟ قالت: نعم لبن أخي هارون: فدلتهم على أمّ موسى، فدفعوه إليها، فقبل ثديها، ورضع منه، وذلك معنى قوله سبحانه: {فرددناه إلى أُمّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا} بولدها {وَلاَ تَحْزَنْ} على فراقه {وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ الله} أي جميع وعده، ومن جملة ذلك ما وعدها بقوله: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ}.
{حَقّ} لا خلف فيه واقع لا محالة {ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} أي أكثر آل فرعون لا يعلمون بذلك، بل كانوا في غفلة عن القدر وسرّ القضاء، أو أكثر الناس لا يعلمون بذلك أو لا يعلمون أن الله وعدها بأن يردّه إليها.
وقد أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد: {وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} قال: فرّق بينهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة: {وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} قال: يستعبد طائفة منهم، ويدع طائفة ويقتل طائفة ويستحيي طائفة.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عليّ بن أبي طالب في قوله: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الذين استضعفوا فِي الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً} قال: يوسف وولده.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الذين استضعفوا فِي الأرض} قال: هم: بنو إسرائيل {وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً} أي ولاة الأمر {وَنَجْعَلَهُمُ الوارثين} أي الذين يرثون الأرض بعد فرعون وقومه {وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وهامان وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرونَ} قال: ما كان القوم حذروه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وَأَوْحَيْنَا إلى أُمّ موسى} أي ألهمناها الذي صنعت بموسى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش قال: قال ابن عباس في قوله: {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ} قال: أن يسمع جيرانك صوته.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمّ موسى فَارِغًا} قال: فرغ من ذكر كل شيء من أمر الدنيا إلاّ من ذكر موسى.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس في قوله: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمّ موسى فَارِغًا} قال: خاليًا من كل شيء غير ذكر موسى.
وفي قوله: {إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} قال: تقول: يا ابناه.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عنه في قوله: {وَقَالَتْ لأخْتِهِ قُصّيهِ} أي اتبعي أثره {فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ} قال: عن جانب.
وأخرج الطبراني وابن عساكر عن أبي أمامة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخديجة: «أما شعرت أن الله زوّجني مريم بنت عمران وكلثوم أخت موسى وامرأة فرعون؟» قالت: هنيئًا لك يا رسول الله، وأخرجه ابن عساكر عن ابن أبي روّاد مرفوعًا بأطول من هذا، وفي آخره: أنها قالت: بالرفاء والبنين.
وأخرج الفريابي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ المراضع مِن قَبْلُ} قال: لا يؤتى بمرضع فيقبلها. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي: {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا}.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغًا} قال: فرغ من ذكر كل شيء من أمر الدنيا إلا من ذكر موسى.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغًا} قال: خاليًا من كل شيء غير ذكر موسى عليه السلام، وفي قوله: {إن كادت لتبدي به} قال: تقول يا ابناه.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه {وأصبح فؤاد أم موسى فارغًا} قال: من كل شيء غير هم موسى عليه السلام.
وأخرج الفريابي عن عكرمة رضي الله عنه {وأصبح فؤاد أم موسى فارغًا} قال: من كل شيء من أمر الدنيا والآخرة إلا من هم موسى.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه {وأصبح فؤاد أم موسى فارغًا} قال: من كل شيء إلا من ذكر موسى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن مغيث بن سمي أو عن أبي عبيدة في قوله: {إن كادت لتبدي به} أي لتنبىء أنه ابنها من شدة وجدها {لولا أن ربطنا على قلبها} قال: ربط الله على قلبها بالإِيمان.
{وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11)}.
أخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وقالت لأخته قصيه} أي اتبعي أثره {فبصرت به عن جنب} قال: عن جانب.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وقالت لأخته قصيه} أي اتبعي أثره كيف يصنع به؟ {فبصرت به عن جنب} قال عن بعد {وهم لا يشعرون} قال: آل فرعون انه عدو لهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وقالت لأخته قصيه} قال: قصي أثره {فبصرت به عن جنب} يقول: بصرت به وهي مجانبة لهم {وهم لا يشعرون} انها أخته قال: جعلت تنظر إليه وكأنها لا تريده.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: اسم أخت موسى يواخيد، وأمه يحانذ.
وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق عن أبي رواد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخديجة رضي الله عنها «أما علمت أن الله قد زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران، وكلثوم أخت موسى، وآسية امرأة فرعون، قالت: وقد فعل الله ذلك يا رسول الله قال: نعم. قالت: بالرفاه والبنين».
وأخرج الطبراني وابن عساكر عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما شعرت أن الله زوجني مريم بنت عمران، وكلثوم أخت موسى، وامرأة فرعون فقلت: هنيئًا لك يا رسول الله».
{وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12)}.
أخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وحرمنا عليه المراضع من قبل} قال: لا يؤتى بمرضع فيقبلها.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد {وحرمنا عليه المراضع من قبل} قال: لا يقبل ثدي امرأة حتى يرجع إلى أمه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال: حين قالت {هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون} قالوا: قد عرفتيه فقالت: إنما أردت الملك، هم للملك ناصحون.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وحرمنا عليه المراضع} قال: جعل لا يؤتى بامرأة إلا لم يأخذ ثديها وفي قوله: {ولتعلم أن وعد الله حق} قال: وعدها أنه راده إليها وجاعله من المرسلين ففعل الله بها ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال: كان فرعون يعطي أم موسى على رضاع موسى كل يوم دينارًا.
وأخرج أبو داود في المراسيل عن جبير بن نفير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الجعل يعني: يتقوّون على عدوهم؛ مثل أم موسى، ترضع ولدها وتأخذ أجرها». اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
قوله: {فَارِغًا} خبرُ {أصبحَ} أي: فارغًا من العقلِ، أو من الصبرِ، أو من الحُزْن. وهو أبعدُها. ويَرُدُّه قراءاتٌ تُخالِفهُ: فقرأ فضالةُ والحسنُ {فَزِعًا} بالزاي، مِنَ الفزعِ. وابن عباس {قَرِعًا} بالقافِ وكسرِ الراء وسكونِها، مِنْ قَرِِعَ رأسُه: إذا انحسَرَ شعرُه. والمعنى: خلا مِنْ كلِّ شيء، وانحسَر عنه كلُّ شيءٍ، إلاَّ ذِكْرَ موسى. وقيل: الساكنُ الراءِ مصدرُ قَرَعَ يَقْرَعُ أي: أصيب. وقُرِىء {فِرْغًا} بكسر الفاءِ وسكونِ الراء. والغينِ معجمةً، أي: هَدْرًا. كقوله:
فإنْ يَكُ قَتْلى قد أُصيبَتْ نفوسُهُمْ ** فلَنْ يَذْهبُوا فَرْغًا بقَتْلِ حِبالِ

{فَرْغًا} حالٌ مِنْ بِقَتْلِ. وقرأ الخليلُ {فُرُغًا} بضم الفاء والراء وإعجامِ الغين، من هذا المعنى.
قوله: {إِن كَادَتْ لَتُبْدِي} {إنْ} إمَّا مخففةٌ، وإمَّا نافيةٌ. واللامُ: إمَّا فارقةٌ، وإمَّا بمعنى إلاَّ.
قوله: {لولا أَن رَّبَطْنَا} جوابُها محذوفٌ أي: لأَبْدَتْ، كقولِه: {وَهَمَّ بِهَا لولا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} [يوسف: 24]. و{لِتَكُونَ مِنَ المؤمنين} متعلقٌ ب {رَبَطْنا}. والباء في {به} مزيدةٌ في المفعولِ أي: لِتُظْهِرَه وقيل: ليسَتْ زائدةً بل سببيةٌ. والمفعولُ محذوفٌ أي: لَتُبْديْ القولَ بسببِ موسى أو بسببِ الوَحْي. فالضميرُ يجوزُ عَوْدُه على موسى أوعلى الوحي.
{وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (11)}.
قوله: {قُصِّيهِ} أي: قُصِّي أثرَه أي: تَتَبَّعيه.
قوله: {فَبَصُرَتْ بِهِ} أي: أَبْصَرَتْه، وقرأ قتادةُ {بَصَرَتْ} بفتح الصاد. وعيسى بكسرِها. وتقدَّم معناه في طه.
قوله: {عَن جُنُبٍ} في موضعِ الحال: إمَّا مِنَ الفاعلِ أي: بَصُرَتْ به مُسْتَخْفِيَةً كائنةً عن جُنُبٍ، وإمَّا مِن المجرورِ، أي: بعيدًا منها. وقرأ العامَّةُ {جُنُبٍ} بضمتين وهو صفةٌ لمحذوفٍ. أي: مِنْ مكان بعيد. وقال أبو عمرو ابن العلاء: أي: عن شوق، وهي لغةُ جُذام يقولون: جَنِبْتُ إليك أي: اشْتَقْتُ. وقرأ قتادة والحسن والأعرج وزيد بن علي بفتح الجيمِ وسكونِ النونِ، وعن قتادةَ أيضًا بفتحهما. وعن الحسن {جُنْبِ} بالضم والسكونِ. وعن سالم {عن جانبٍ} وكلُّها بمعنى واحد. ومثلُه: الجَنَابُ والجَنابَة.
قوله: {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} جملةٌ حاليةٌ، ومتعلَّق الشعورِ محذوفٌ أي: أنها تَقُصُّه، أو أنه سيكونُ لهم عَدُوًَّا وحَزَنًا.
{وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12)}.
قوله: {المراضع} قيل: يجوزُ أَنْ تكونَ جمعَ مُرْضِع، وهي المرأة.
وقيل: جمعُ {مَرْضَعْ} بفتح الميمِ والضاد. ثم جَوَّزوا فيه أَنْ يكونَ مكانًا أي: مكان الإِرضاع وهو الثَّدْيُ، وأَنْ يكونَ مصدرًا أي: الإِرْضاعاتِ أي: أنواعَها.
قوله: {مِن قَبْلُ} أي: مِنْ قبلِ قَصِّها أثرَه.
قوله: {وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} الظاهرُ أنه ضميرُ موسى. وقيل: لفرعون. ومن طريف ما يحكى: أنها لَمَّا قالَتْ لهم ذلك استنكروا حالَها وتفرَّسوا أنها قَرابَتُه. فقالَتْ: إنما أردْتُ: وهم للمَلِكِ ناصحون. فتخلَّصَتْ منهم. قاله ابن جريج. قلت: وهذا يُسَمَّى عند أهلِ البيانِ الكلامَ المُوَجَّه ومثلُه لَمَّا سُئل بعضُهم وكان بين أقوامٍ، بعضُهم يُحِبُّ عليًَّا دونَ غيرِه، وبعضُهم أبا بكر، وبعضُهم عمرَ، وبعضُهم عثمانَ، فقيل له: أيُّهم أحبُّ إلى رسول الله؟ فقال: مَنْ كانت ابنتُه تحته.
{فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (13)}.
قوله: {وَلاَ تَحْزَنَ} عطفٌ على {تَقَرَّ}. ودمعةُ الفرحِ قارَّةٌ، ودمعة التَّرَحِ حارَّة. قال أبو تمام:
فأمَّا عيونُ العاشِقين فَأُسْخِنَتْ ** وأمَّا عيونُ الشامتينَ فَقَرَّتِ

وقد تقدَّم تحقيقُ هذا في مريم. اهـ.