فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن مردويه من طريق علي بن عاصم عن أبي هريرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن رجلًا سأله أي الأجلين قضى موسى؟ فقال: لا أدري حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: لا أدري حتى أسأل جبريل فقال: لا أدري حتى أسأل ميكائيل، فسأل ميكائيل فقال: لا أدري حتى أسأل الرفيع، فسأل الرفيع فقال: لا أدري حتى أسأل اسرافيل، فسأل إسرافيل فقال: لا أدري حتى أسأل ذا العزة، فنادى إسرافيل بصوته الأشد: يا ذا العزة أي الأجلين قضى موسى؟ قال: أتم الأجلين وأطيبهما عشر سنين قال علي بن عاصم: فكان أبو هرون إذا حدث بهذا الحديث يقول: حدثني أبو سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن جبريل، عن ميكائيل، عن الرفيع، عن إسرافيل، عن ذي العزة تبارك وتعالى أن موسى قضى أتم الأجلين وأطيبه، عشر سنين.
وأخرج ابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأجلين قضى موسى؟ قال: «أوفاهما».
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل: «يا محمد إن سألك اليهود أي الأجلين قضى موسى؟ فقل أوفاهما، وإن سألوك أيهما تزوج؟ فقال الصغرى منهما».
وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سئلت أي الأجلين قضى موسى؟ فقل خيرهما وأبرهما، وإذا سئلت أي المرأتين تزوج؟ فقل الصغرى منهما، وهي التي جاءت فقالت {يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} فقال: ما رأيت من قوته؟ قالت: أخذ حجرًا ثقيلًا فألقاه على البئر قال: وما الذي رأيت من أمانته؟ قالت: قال لي امشي خلفي ولا تمشي امامي».
وأخرج البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأجلين قضى موسى؟ قال: «أبعدهما وأطيبهما».
وأخرج البزار وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أي الأجلين قضى موسى؟ قال: «أبرهما وأوفاهما. قال: وإن سئلت أي المرأتين تزوج؟ فقل الصغرى منهما».
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأجلين قضى موسى؟ قال: «سوف أسأل جبريل، فسأل قال: سوف أسأل ميكائيل، فسأله قال: سوف أسأل إسرافيل، فسأله فقال: سوف أسأل الرب، فسأله فقال: أبرهما وأوفاهما».
وأخرج ابن مردويه عن مقسم قال: لقيت الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، فقلت له: أي الأجلين قضى موسى. الأول أو الآخر؟ قال: الآخر.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {والله على ما نقول وكيل} قال: على قول موسى وختنه. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
قوله: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا} قرأ ابن محيصن {فجاءَتْه حْداهما} بحذفِ الهمزةِ تخفيفًا على غيرِ قياسٍ كقولِهم: يا با فلان، وقولِه:
يا با المُغيرة رُبَّ أَمْرٍ مُعْضِلٍ ** فَرَّجْتُه بالمَكْرِ مني والدَّها

ووَيْلُمِّه أي: ويلٌ لأمِّه. قال:
وَيْلُمِّها خُلَّةً لو أنَّها صَدَقَتْ

و{تَمْشي} حالٌ، و{على استحياء} حالٌ أخرى: إمَّا مِنْ {جاءَتْ} وإمَّا مِنْ {تَمْشي}.
قوله: {أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى} رُوِيَ عن أبي عمرٍو: {أُنْكِحك حدى} بحَذْفِ همزةِ {إحدى} وهذه تُشْبِهُ قراءةَ ابن محيصن {فجاءَتْه حْداهما} وتقدَّم التشديدُ في نونِ {هاتَيْن} في سورةِ النساء.
قوله: {على أَن تَأْجُرَنِي} في محلِّ نصبٍ على الحالِ: إمَّا من الفاعلِ أو من المفعول أي: مَشْروطًا على، أو عليك ذلك. {وتَأْجُرَني} مضارعُ أَجَرْتُه: كنتُ له أَجيرًا. ومفعولُه الثاني محذوفٌ أي: تَأْجُرني نفسَك. و{ثماني حِجَج} ظرفٌ له. ونقل الشيخ عن الزمخشري أنها هي المفعولُ الثاني: قلتُ: الزمخشريُّ لم يَجْعَلها مفعولًا ثانيًا على هذا الوجهِ، وإنما جَعَلَها مفعولًا ثانيًا على وجهٍ آخرَ. وأمَّا على هذا الوجهِ فلم يَجْعَلْها غيرَ ظرفٍ. وهذا نصُّه ليتبيَّنَ لك. قال: تَأْجُرُني مِنْ أَجَرْتُه إذا كنتَ له أَجيرًا، كقولك: أَبَوْتُه إذا كنتَ له أبًا. وثماني حِججٍ ظرفٌ، أو مِنْ آجَرْتُه [كذا]: إذا أَثْبَتَّه [إياه]. ومنه تعزيةٌ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: «آجَرَكم اللهُ ورَحِمَكم» و{ثمانيَ حِجَجٍ} مفعولٌ به. ومعناه رِعْيَةَ ثَمانِي حِججٍ. فنقل الشيخُ عنه الوجهَ الأولَ من المعنيَيْن المذكورَيْن ل {تَأْجُرَني} فقط، وحكى عنه أنه أعربَ {ثمانيَ حِجَج} مفعولًا به. وكيف يَسْتقيم ذلك أو يَتَّجه؟ وانظر إلى الزمخشريِّ كيف قَدَّر مضافًا ليَصِحَّ المعنى به أي: رَعْيَ ثماني حِجج؛ لأنَّ العملَ هو الذي تقع الإِثابة عليه لا نفسُ الزمان فكيف تُوَجَّه الإِجازةُ على الزمان؟
قوله: {فَمِنْ عِندِكَ} يجوزُ أَنْ يكونَ في محلِّ رفع خبرًا لمبتدأ محذوفٍ، تقديرُه: فهي مِنْ عندِك، أو نصبٍ أي: فقَد زِدْتها أو تَفَضَّلْتَ بها مِنْ عندِك.
قوله: {أَنْ أَشُقَّ} مفعولُ {أُرِيْدُ} وحقيقةُ قولِهم شَقَّ عليه أي: شَقَّ ظَنَّه نِصْفَيْن، فتارةً يقول: أُطيق، وتارة: لا أُطيق. وهو مِنْ أحسنِ مجازٍ.
{قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28)}.
قوله: {ذَلِكَ} مبتدأٌ. والإِشارةُ به إلى ما تعاقَدَا عليه، والظرفُ خبرُه. وأُضِيْفَتْ بين لمفردٍ لتكررِها عطفًا بالواوِ. ولو قلتَ: المالُ بين زيدٍ فعمرٍو لم يَجُزْ. فأمَّا قولُه:
بين الدَّخولِ فَحَوْمَلِ

فكان الأصمعيُّ يَأْباها ويَرْوي وحَوْمَلِ بالواو. والصحيحُ بالفاءِ، وأوَّلَ البيتَ على: الدَّخولِ وَحَوْمَلِ مكانان كلٌّ منهما مشتملٌ على أماكنَ، نحو قولِك: داري بين مصرَ لأنه به المكانُ الجامع. والأصل: ذلك بَيْنَنا، ففرَّق بالعطف.
قوله: {أَيَّمَا الأجلين} أيّ شرطيةٌ. وجوابُها {فلا عُدْوانَ} عليَّ. وفي ما هذه قولان، أشهرُهما: أنها زائدةٌ كزيادتِها في أخواتِها مِنْ أدواتِ الشرط. والثاني: أنها نكرةٌ. والأَجَلَيْن بدلٌ منها. وقرأ الحسن وأبو عمرٍو في رواية {أَيْما} بتخفيفِ الياءِ، كقوله:
تَنَظَّرْتُ نَصْرًا والسِّماكَيْنِ أَيْهُما ** عليَّ من الغَيْثِ اسْتَهَلَّتْ مواطِرُهْ

وقرأ عبد الله {أَيَّ الأَجَلَيْنِ ما قَضَيْتُ} بإقحام {ما} بين {الأجلين} و{قَضَيْتُ}. قال الزمخشري: فإنْ قلتَ: ما الفرقُ بين موقعَيْ زيادةِ {ما} في القراءتين؟ قلت: وقعَتْ في المستفيضة مؤكِّدةً لإِبهامِ أيّ زائدةً في شِياعِها، وفي الشاذَّة تأكيدًا للقضاءِ كأنه قال: أيَّ الأجلين صَمَّمْتُ على قضائه، وجَرَّدْت عَزيمتي له.
وقرأ أبو حيوةَ وابنُ قطيب {عِدْوان}. قال الزمخشري: فإنْ قلتَ: تَصَوُّرُ العُدْوان إنما هو في أحد الأجلَيْن الذي هو أقصرُهما، وهو المطالبةُ بتتمَّة العَشْر، فما معنى تعلُّقِ العُدْوانِ بهما جميعًا؟ قلت: معناه كما أنِّي إنْ طُوْلِبْتُ بالزيادةِ على العشر [كان عدوانًا] لا شك فيه، فكذلك إنْ طولِبْتُ بالزيادةِ على الثمان. أراد بذلك تقريرَ أمرِ الخِيارِ، وأنه ثابتٌ مستقرٌّ، وأن الأجلَيْنِ على السَّواء: إمَّا هذا وإمَّا هذا. ثم قال: وقيل: معناه: فلا أكونُ متعديًا. وهو في نَفْي العدوان عن نفسه كقولِك: لا إثمَ علي ولا تَبِعَةَ. قال الشيخ: وجوابُه الأولُ فيه تكثيرٌ. قلتُ: كأنه أعجبه الثاني، والثاني لم يَرْتَضِه الزمخشريُّ؛ لأنه ليس جوابًا في الحقيقة؛ فإن السؤالَ باقٍ أيضًا. وكذلك نَقَلَه عن غيره.
وقال المبرد: وقد عَلِم أنه لا عُدْوانَ عليه في أتَمِّهما، ولكنْ جَمَعَهما ليجعلَ الأولَ كالأَتَمِّ في الوفاء. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة: {فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ}.
قيل إنما استحيَتْ لأنها كانت تخاطِبُ مَنْ لم يكن لها مَحْرَمًا.
وقيل لمّا دَعَتْه للضيافة تكلمتْ مستحييةً- فالكريم يستحي من الضيافة.
ويقال لم تَطِبُ نَفْسُ شعيب لمَّا أَحْسَنَ موسى إليه وأنه لم يكافئه- وإن كان موسى لم يُرِدْ مكافأةً منهم {فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ} لم يَقُلْ: فلما جاءَه قَدَّم السُّفْرةَ بل قال: وقصَّ عليه القصص، وهذا طَرَفٌ من قصته.
ويقال: وَرَدَ بظاهرِه ماءَ مدين، ووَرَدَ بقلبه موارِدَ الأُنْس والرَّوْح. والموارد مختلفة؛ فمواردُ القلبِ رياضُ البَّسطِ بكشوفات المحاضرة فيطربون بأنواع الملاطَفَة، ومواردُ الأرواح مشاهدُ الأرواح فيُكَاشَفون بأنوار المشاهدة، فيغيبون عن كل إحساسٍ بالنَّفْسِ، ومواردُ الأسرارِ ساحاتُ التوحيدِ، وعند ذلك الولاية لله، فلا نَفْسَ ولا حِسَّ، ولا قلبَ ولا أُنْسَ، استهلاكٌ في الصمدية وفناءٌ بالكليةّ!
ويقال كانت الأجنبيةُ والبعد عن المحرميَّة يوجبان إمساكه عن مخاطبتهما، والإعراضَ والسكونَ عن سؤالهما، ولكن الذي بينهما من المشاكلة والموافقة بالسِّرِّ استنطقة حتى سألهما عن قصتهما، كما قيل:
أَجَارَتَنا إِنَّا غريبان ها هنا ** وكلُّ غريبٍ للغريبِ نسيبُ

ويقال: لمَّا سألهما وأخبرتا عن ضعفهما لزمه القيامُ بأمرهما؛ ليُعْلَمَ أنَّ مَنْ تَفَقَّدَ أمرَ الضعفاء ووقف على موضع فاقتهم لزمه إشكاؤُهم.
ويقال مِنْ كمالِ البلاء على موسى أَنَّه وافى الناسَ وكان جائعًا، وكان مقتضى الرِّفْقِ أَنْ يُطْعِموه، ولكنه قَبَضَ القلوبَ عنه، واستقبله مِنْ موجباتِ حُكْمِ الوقتِ أَنْ يعملَ أربعين رجلًا؛ لأن الصخرة التي نَحَّاها عن رأس البئر- وَحْدَه- كان ينقلها أربعون رجلًا، فلمَّا عَمِلَ عَمَلَ أربعين رجلاٌ، تولَّى إلى الظِّلِّ، وقال: إنْ رأيتَ أَنْ تُطْعِمَني بعد مُقَاساة اللتيا والتي، فذلك فَضْلُكَ!.
قال ذلك بلسان الانبساط، ولا لسانَ أحلى من ذلك. وسُنَّةُ الشكوى أن تكون إليه لا مِنْكَ، بل منه إليه.
ويقال: تولَّى إلى ظلِّ الأُنْس ورَوْح البسط واستقلال السِّرِّ بحقيقة الوجود.
ويقال قال: {رَبِّ إِنِّى لِمَآ أَنزَلْتَ إِلَىَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ} فَزِدْني فقرًا؛ فإنَّ فقري إليك يوجِبُ استعانتي بك.
{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26)}.
كان شُعيبُ عليه السلام يحتاج إلى أجير، ولكن لا يسكن قلبُ إلى أحدٍ، فلمَّا رأى موسى، وسمع من ابنته وصفةَ بالقوة والأمانة سأل:
عَرَفْتُ قُوَّتَه، فكيف عرفْتِ أمانتَه؟
فقالت: كنتُ أمشي قُدَّامَه فأَخَّرَني عنه في الطريق قائلًا: سيري ورائي واهديني، لئلا يَقَعَ بَصَرُه عليَّ، فقال شعيب: {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَىَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِى ثَمَانِىَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِى إِن شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}.
فرغب موسى وتزوجها على صداقٍ أن يعمل عشر حجج لشعيب.
وفي القصة أن شعيبًا قال لموسى: ادخلْ هذا البيتَ وأخْرِجْ مما فيه من العِصِيِّ عصًا، وكان البيتُ مظلِمًا، فَدَخَل وأخرج العصا، تلك التي أظهر الله فيها معجزاته، ويقال: إنها كانت لآدم عليه السلام، ووقعت لشعيب من نبيٍّ إلى نبيٍّ. إذ يقال: إنه لما هَبَطَ آدمُ إلى الأرض صال عليه ما على وجهها من السَِّباع، فأنزل عليه الله عصًا، وأمَرَه جبريلُ أنْ يَرُدَّ السباعَ عن نَفْسِه بتلك العصا.
وتوارث الأنبياءُ واحدًا بعد الآخر تلك العصا، فلمَّا أخرج موسى تلك العصا، قال شعيب: ردَّها إلى البيت، واطرحها فيه، وأخْرِجْ عصًا أخرى، فَفَعَلَ غير مرة، ولم تحصل كلَّ مرة في يده إلا تلك العصا، فلمَّ تَكَرَّرَ ذلك عِلِمَ شعيبُ أنَّ له شأنًا فأعطاه إياها.
وفي القصة: أنه في اليوم الأول ساق غَنَمه، وقال له شعيب: إنَّ طريقَكَ يتشعب شِعْبَيْن: على أحدهما كَلأٌ كثيرٌ فلا تَسْلُكْه في الرعي فإنَّ فيه ثعبانًا، واسْلُكْ الشِّعْبَ الآخرَ. فلمَّا بلغ موسى مَفْرِقَ الطريقين، تَفَرَّقَتْ أغنامُه ولم تطاوعه، وسامت في الشِّعْبِ الكثيرِ الكَلأَ، فَتَبِعَها، ووقع عليه النومُ، فلمَّا انتبه رأى الثعبانَ مقتولًا، فإن العصا قتلته، ولمَّا انصرف أخبر شعيبًا بذلك فَسُرَّ به. وهكذا كان يرى موسى في عصاه آياتٍ كثيرة، ولذا قال: {وَلِىَ فِيهَا مَئَارِبُ أُخْرَى}. اهـ.

.قال الجصاص:

قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ}.
يَسْتَدِلُّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسَافِرَ بِامْرَأَتِهِ وَيَنْقُلَهَا إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَيُفَرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَبَوَيْهَا؛ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عِنْدِي عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ بِرِضَاهَا. اهـ.