فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة: {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (33)}.
تَعلَّلَ بكلِّ وجهٍ رَجَاءَ أن يُعَافَى من مشقةِ التبليغ ومقاساةِ البلاءِ؛ لأنه عَلِمَ أنَّ النبوةَ فيها مَشَقّةٌ، فلم يَجِدْ الرُّخصةَ والإعفاءَ مِمَّا كُلِّفَ، وأجاب سُؤْلَه في أخيه حيث سأله أنْ يجعلَ له رِدْءًا، وضمن لهما النصرة.
ثم إنهما لَمَّا أتَيَا فرعونَ قابلهما بالتكذيب والجحد، ورماهما بالخطأ والكذب والسحر، وجاوباه بالحجة، ودَعَوَاه إِلى سَوَاءِ المحجَّة، فأَبَى إِلاَّ الْجَحْدَ. اهـ.

.تفسير الآيات (36- 37):

قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ (36) وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (37)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان التقدير: فأتاهم كما أمر الله، وعاضده أخوه كما أخبر الله، ودعواهم إلى الله تعالى، وأظهرا ما أمرا به من الآيات، بنى قوله مبينًا بالفاء سرعة امتثاله: {فلما جاءهم} أي فرعون وقومه.
ولما كانت رسالة هارون عليه الصلاة والسلام إنما هي تأييد لموسى عليه الصلاة والسلام، أشار إلى ذلك بالتصريح باسم الجائي، فقال: {موسى بآياتنا} أي التي أمرناه بها، الدالة على جميع الآيات للتساوي في خرق العادة حال كونها {بينات} أي في غاية الوضوح {قالوا} أي فرعون وجنوده {ما هذا} أي الذي أظهره من الآيات {إلا سحر مفترى} أي هو خيال لا حقيقة له كجميع أنواع السحر، متعمدًا التخييل به، لا أنه معجزة من عند الله {وما سمعنا بهذا} أي الذي تقوله من الرسالة عن الله {في آبائنا} وأشاروا إلى البدعة التي قد أضلت أكثر الخلق، وهي تحكيم عوائد التقليد، ولاسيما عند تقادمها على القواطع في قوله: {الأولين} وقد كذبوا وافتروا لقد سمعوا بذلك في أيام يوسف عليه السلام وما بالعهد من قدم فقد قال لهم الذي آمن {يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب} [غافر: 34]- إلى قوله: {ولقد جاءكم يوسف من قبله بالبينات} [غافر: 34].
ولما أخبر تعالى بقولهم عطف عليه الإخبار بقول موسى عليه الصلاة والسلام ليوازن السامع بين الكلامين، ويتبصر بعقله ما الفاسد منهما فبضدها تتبين الأشياء هذا على قراءة الجماعة بالواو، واستأنف جوابًا لمن كأنه سأل عن جوابه على قراءة ابن كثير بحذفها، فإن الموضع موضع بحث عما أجابهم به عند تسميتهم الآيات الباهرات سحرًا، استعظامًا لذلك فقال: {وقال موسى} أي لما كذبوه وهم الكاذبون، مشيرًا لذي البصر إلى طريق يميزون به الأمرين في سياق مهدد لهم: {ربي} أي المحسن إليّ بما ترون من تصديقي في كل ما ادعيته بإظهار ما لا تقدرون عليه على قوتكم من الخوارق، ومنع هذا الظالم العاتي المستكبر من الوصول إليّ بسوء {أعلم بمن جاء} بالضلال ظلمًا وعدوانًا، فيكون مخذولًا لكونه ساحرًا فمحرقًا مفتريًا على الله، ويكون له سوء الدار، وأعلم بحاله، ولكنه قال: {بمن جاء بالهدى} أي الذي أذن الله فيه، وهو حق في نفسه {من عنده} تصويرًا لحاله، وتشويقًا إلى أتباعه {ومن تكون له} لكونه منصورًا مؤيدًا {عاقبة الدار} أي الراحة والسكن والاستقرار مع الأمن والطمأنينة والسرور والظفر بجميع المطالب في الحالة التي تكون آخر الحالات مني ومنكم، فيعلم أنه أتى بما يرضي الله وهي وإن كانت حقيقتها ما يتعقب الشيء من خير أو شر، لكنها لا يراد بها إلا ما يقصد للعاقل حتى تكون له، وأما عاقبة السوء فهي عليه لا له؛ ثم علل ذلك بما أجرى الله به عادته؛ فقال معلمًا بأن المخذول هو الكاذب، إشارة إلى أنه الغالب لكون الله معه، مؤكدًا لما استقر في الأنفس من أن التقوي لا يغلبه الضعيف {إنه لا يفلح} أي يظفر ويفوز {الظالمون} أي الذين يمشون كما يمشي من هو في الظلام بغير دليل، فهم لا يضعون قدمًا في موضع يثقون بأنه صالح للمشي فيه، لا تبعة فيه فستنظرون {ولتعلمن نبأه بعد حين}. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

أما قوله: {فَلَمَّا جَاءهُم موسى بآياتنا بينات}.
فقد بينا في سورة طه أنه كيف أطلق لفظ الآيات وهو جمع على العصا واليد.
أما قوله: {قَالُواْ مَا هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى} فقد اختلفوا في مفترى، فقال بعضهم المراد أنه إذا كان سحرًا وفاعله يوهم خلافه فهو المفترى، وقال الجبائي المراد أنه منسوب إلى الله تعالى وهو من قبله فكأنهم قالوا هو كذب من هذا الوجه ثم ضموا إليه ما يدل على جهلهم وهو قولهم: {وَمَا سَمِعْنَا بهذا في ءابَائِنَا الأولين} أي ما حدثنا بكونه فيهم، ولا يخلو من أن يكونوا كاذبين في ذلك وقد سمعوا مثله، أو يريدوا أنهم لم يسمعوا بمثله في فظاعته، أو ما كان الكهان يخبرون بظهور موسى عليه السلام ومجيئه بما جاء به.
واعلم أن هذه الشبهة ساقطة لأن حاصلها يرجع إلى التقليد ولأن حال الأولين لا يخلو من وجهين، إما أن لا يورد عليهم بمثل هذه الحجة فحينئذ الفرق ظاهر أو أورد عليهم فدفعوه فحينئذ لا يجوز جعل جهلهم وخطئهم حجة، فعند ذلك قال موسى عليه السلام وقد عرف منهم العناد {رَبّى أَعْلَمُ بِمَن جَاء بالهدى مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عاقبة الدار} فإن من أظهر الحجة ولم يجد من الخصم اعتراضًا عليها وإنما لما وجد منه العناد صح أن يقول ربي أعلم بمن معه الهدى والحجة منا جميعًا ومن هو على الباطل ويضم إليه طريق الوعيد والتخويف وهو قوله: {وَمَن تَكُونُ لَهُ عاقبة الدار} من ثواب على تمسكه بالحق أو من عقاب وعاقبة الدار هي العاقبة المحمودة والدليل عليه قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ لَهُمْ عقبى الدار جنات عَدْنٍ} [الرعد: 22، 23] وقوله: {وَسَيَعْلَمُ الكفار لِمَنْ عُقْبَى الدار} [الرعد: 42] والمراد بالدار الدنيا وعاقبتها وعقباها أن يختم للعبد بالرحمة والرضوان وتلقى الملائكة بالبشرى عند الموت فإن قيل العاقبة المحمودة والمذمومة كلتاهما يصح أن تسمى عاقبة الدار، لأن الدنيا قد تكون خاتمتها بخير في حق البعض وبشر في حق البعض الآخر، فلم اختصت خاتمتها بالخير بهذه التسمية دون خاتمتها بالشر؟ قلنا إنه قد وضع الله سبحانه الدنيا مجازًا إلى الآخرة وأمر عباده أن لا يعملوا فيها إلا الخير ليبلغوا خاتمة الخير وعاقبة الصدق، فمن عمل فيها خلاف ما وضعها الله له فقد حرف، فإذن عاقبتها الأصلية هي عاقبة الخير، وأما عاقبة السوء فلا اعتداد بها لأنها من نتائج تحريف الفجار، ثم إنه عليه السلام أكد ذلك بقوله: {إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون} والمراد أنهم لا يظفرون بالفوز والنجاة والمنافع بل يحصلون على ضد ذلك وهذا نهاية في زجرهم عن العناد الذي ظهر منهم. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {ما هذا إِلا سِحْرٌ مفْترىً} أي: ما هذا الذي جئتَنا به إِلا سِحْر افتريتَه مِنْ قِبَل نفسك ولم تُبعَث به {وما سَمِعْنا بهذا} الذي تدعونا إِليه {في آبائنا الأوَّلين} {وقال موسى ربِّي أعلم} وقرأ ابن كثير: {قال موسى} بلا واو، وكذلك هي في مصاحفهم {بمن جاء بالهُدى} أي: هو أعلم بالمُحِقِّ منَّا، {ومَنْ تكونُ له عاقبة الدَّار} وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف، والمفضل: {يكون} بالياء، والباقون بالتاء. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُم موسى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ}.
أي ظاهرات واضحات {قَالُواْ مَا هاذآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى} مكذوب مختلق {وَمَا سَمِعْنَا بهذا في آبَآئِنَا الأولين}.
وقيل: إن هذه الآيات ما احتج به موسى في إثبات التوحيد من الحجج العقلية.
وقيل: هي معجزاته.
قوله تعالى: {وَقَالَ موسى} قراءة العامة بالواو.
وقرأ مجاهد وابن كثير وابن محيصن: {قَالَ} بلا واو؛ وكذلك هو في مصحف أهل مكة.
{ربي أَعْلَمُ بِمَن جَاءَ بالهدى} أي بالرشاد.
{مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ} قرأ الكوفيون إلا عاصمًا: {يكون} بالياء والباقون بالتاء.
وقد تقدّم هذا.
{عَاقِبَةُ الدار} أي دار الجزاء.
{إِنَّهُ} الهاء ضمير الأمر والشأن {لاَ يُفْلِحُ الظالمون}. اهـ.

.قال أبو السعود:

{فَلَمَّا جَاءهُم موسى بآياتنا بينات}.
أي واضحات الدِّلالةِ على صحَّةِ رسالةِ مُوسى عليه السَّلام منه تعالى، والمرادُ بها العَصَا واليدُ إذ هُما اللتانِ أظهرَهُما مُوسى عليه السَّلام إذْ ذاكَ، والتَّعبيرُ عنْهمَا بصيغةِ الجمعِ قد مرَّ سرُّه في سورةِ طه. {قَالُواْ مَا هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى} أي سحرٌ مختلقٌ لم يُفعل قبلَ هذا مثلُه أو سحرٌ تعمله ثم تفتريهِ على الله تعالى أو سحرٌ موصوفٌ بالافتراءِ كسائرِ أصنافِ السِّحِر {وَمَا سَمِعْنَا بهذا} أي السِّحرِ أو ادعاءِ النُّبوةِ {في آبائنا الأولين} أي واقعًا في أيَّامِهم.
{وَقَالَ موسى رَبّى أَعْلَمُ بِمَن جَاء بالهدى مِنْ عِندِهِ} يريدُ به نفسَه. وقُرىء قالَ بغيرِ واوٍ لأنَّه جوابٌ عن مقالِهم. ووجهُ العطفِ أنَّ المرادَ حكايةُ القولينِ ليوازنَ السَّامعُ بينهما فيميِّز صحيحَهما من الفاسدِ {وَمَن تَكُونُ لَهُ عاقبة الدار} أي العاقبةُ المحمودُة في الدَّارِ وهي الدُّنيا، وعاقبتُها الأصليةُ هي الجَّنة لأنَّها خُلقتْ مجازًا إلى الآخرةِ ومزرعة لها والمقصودُ بالذاتِ منها الثَّوابُ، وأمَّا العقابُ فمن نتائجِ أعمالِ العُصاةِ وسيئاتِ الغُواة. وقُرىء يكونُ بالياءِ التحتانيَّةِ {إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون} أي لا يفوزونَ بمطلوبٍ ولا ينجون عن محذُورٍ. اهـ.

.قال الألوسي:

{فَلَمَّا جَاءهُم موسى بِآَيَاتِنَا بينات}.
أي واضحات الدلالة على صحة رسالته عليه السلام منه عز وجل، والظاهر أن المراد بالآيات العصا واليد إذ هما اللتان أظهرهما موسى عليه السلام إذ ذاك وقد تقدم في سورة طه سر التعبير عنهما بصيغة الجمع {قَالُواْ مَا هذا} الذي جئت به {إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى} أي سحر تختلقه لم يفعل قبله مثله فالافتراء بمعنى الاختلاق لا بمعنى الكذب أو سحر تتعلمه من غيرك ثم تنسبه إلى الله تعالى كذبًا فالافتراء بمعنى الكذب لا بمعنى الاختلاق والصفة على هذين الوجهين مخصصة، وقيل: المراد بالافتراء التمويه أي هو سحر مموه لا حقيقة له كسائر أنواع السحر.
وعليه تكون الصفة مؤكدة والافتراء ليس على حقيقته كما في الوجه الأول.
والحق أن من أنواع السحر ماله حقيقة فتكون الصفة مخصصة أيضًا {وَمَا سَمِعْنَا بهذا} أي نوع السحر أو ما صدر من موسى عليه السلام على أن الكلام على تقدير مضاف أي بمثل هذا أو الإشارة إلى ادعاء النبوة ونفيهم السماع بذلك تعمد للكذب فقد جاءهم يوسف عليه السلام من قبل بالبينات وما بالعهد من قدم.
ويحتمل أنهم أرادوا نفي سماع ادعاء النبوة على وجه الصدق عندهم وكانوا ينكرون أصل النبوات ولا يقولون بصحة شيء منها كالبراهمة وككثير من الإفرنج ومن لحس من فضلاتهم اليوم.
والباء كما في مجمع البيان إما على أصلها أو زائدة أي ما سمعنا هذا {فِى ءابَائِنَا الاولين} أي واقعًا في أيامهم، فالجار والمجرور في موضع الحال من هذا بتقدير مضاف والعامل فيه سمعنا.
وجوز أن يكون بهذا على تقدير بوقوع هذا، ويكون الجار متعلقًا بذلك المقدر، وأشاروا بوصف آبائهم بالأولين إلى انتفاء ذلك منذ زمان طويل.
{وَقَالَ موسى رَبّى أَعْلَمُ بِمَن جَاء بالهدى مِنْ عِندِهِ}.
يريد عليه السلام بالموصول نفسه، وقرأ ابن كثير {قَالَ} بغيروا ولأنه جواب لقولهم: إنه سحر والجواب لا يعطف بواو ولا غيرها، ووجه العطف في قراءة باقي السبعة أن المراد حكاية القولين ليوازن الناظر المحكي له بينهما فيميز صحيحهما من الفاسد {وَمَن تَكُونُ لَهُ عاقبة الدار} أي العاقبة المحمودة في الدار وهي الدنيا، وعاقبتها أن يختم للإنسان بها بما يفضي به إلى الجنة بفضل الله تعالى وكرمه؛ ووجه إرادة العاقبة المحمودة من مطلق العاقبة إنها هي التي دعا الله تعالى إليها عباده، وركب فيهم عقولًا ترشدهم إليها ومكنهم منها وأزاح عللهم ووفر دواعيهم وحضهم عليها فكأنها لذلك هي المرادة من جميع العباد والغرض من خلقهم، وهذا ما اختاره ابن المنير موافقًا لما عليه الجماعة، وحكي أن بعضهم قال له: ما يمنعك أن تقول فهم عاقبة الخير من إضافة العاقبة إلى ذويها باللام كما في هذه الآية، وقوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الكفار لِمَنْ عُقْبَى الدار} [الرعد: 42]، وقوله سبحانه: {والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128] إذ عاقبة الخير هي التي تكون لهم، وأما عاقبة السوء فعليهم لا لهم فقال له: لقد كان لي في ذلك مقال لولا وروده مثل {أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار} [الرعد: 25]، ولم يقل وعليهم فاستعمال اللام مكان على دليل على إلغاء الاستدلال باللام على إرادة عاقبة الخير، وقد يقال: إن اللام ظاهرة في النفع ويكفي ذلك في انفهام كون المرادب العاقبة عاقبة الخير، ويلتزم في نحو الآية التي أوردها ابن المنير كونها من باب التهكم، وهذا نظير ما قالوا: إن البشارة في الخير، و{بشرهم بعذاب أليم} [آل عمران: 21] من باب التهكم.
وقال الطيبي انتصارًا للبعض أيضًا: قلت: الآية غير مانعة عن ذلك فإن قرينة اللعنة والسوء مانعة عن إرادة الخير وإنما أتى بلهم ليؤذن بأنهما حقان ثابتان لهم لازمان إياهم، ويعضده التقديم المفيد للاختصاص فتدبر وقرأ حمزة، والكسائي.
{يَكُونَ} بالياء التحتية، لأن المرفوع مجازي التأنيث ومفصول عن رافعه.
{إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون} أي لا يفوزون بمطلوب ولا ينجون عن محذور، وحاصل كلام موسى عليه السلام ربي أعلم منكم بحال من أهله سبحانه للفلاح الأعظم حيث جعله نبيًا وبعثه بالهدى ووعده حسن العقبى، ولو كان كما تزعمون كاذبًا ساحرًا مفتريًا لما أهله لذلك لأنه غني حكيم لا يرسل الكاذبين ولا ينبىء الساحرين ولا يفلح عنده الظالمون. اهـ.