فصل: قال البيضاوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ومعنى {واضمم إليك جناحك} و{اسلك يدك في جيبك} على أحد التفسيرين واحد ولكن خولف بين العبارتين لاختلاف الغرضين إذ الغرض في أحدهما خروج اليد بيضاء، وفي الثاني إخفاء الرهب.
ومعنى {واضمم يَدَكَ إلى جَنَاحِكَ} [طه: 22] في طه أدخل يمناك تحت يسراك {فَذَانِكَ} مخففًا مثنى ذاك ومشددًا: مكي وأبو عمرو مثنى ذلك فإحدى النونين عوض من اللام المحذوفة والمراد اليد والعصا {برهانان} حجتان نيرتان بينتان وسميت الحجة برهانًا لإنارتها من قولهم للمرأة البيضاء برهرهة {مِن رَّبّكَ إلى فِرْعَوْنَ وَمَلإيهِ} أي أرسلناك إلى فرعون وملئه بهاتين الآيتين {إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمًا فاسقين} كافرين.
{قَالَ رَبّ إِنّى قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ} به بغير ياء وبالياء: يعقوب {وَأَخِى هَرُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنّى لِسَانًا فَأَرْسِلْهِ مَعِىَ} حفص {رِدْءًا} حال أي عونا يقال ردأته أعنته، وبلا همز: مدني {يُصَدّقُنِى} عاصم وحمزة صفة أي ردأ مصدقًا لي، وغيرهما بالجزم جواب ل {أرسله} ومعنى تصديقه موسى إعانته إياه بزيادة البيان في مظان الجدال إن احتاج إليه ليثبت دعواه لا أن يقول له صدقت، ألا ترى إلى قوله: {هو أفصح مني لسانًا فأرسله} وفضل الفصاحة إنما يحتاج إليه لتقرير البرهان لا لقوله صدقت فسحبان وباقل فيه يستويان {إِنّى أَخَافُ أَنْ يُكَذّبُونِ}.
{يكذبوني} في الحالين: يعقوب {قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} سنقويك به إذ اليد تشد بشدة العضد لأنه قوام اليد والجملة تقوى بشدة اليد على مزاولة الأمور {وَنَجْعَلُ لَكُمَا سلطانا} غلبة وتسلطًا وهيبة في قلوب الأعداء {فَلاَ يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا باياتنا} الباء تعلق ب {يصلون} أي لا يصلون إليكما بسبب آياتنا وتم الكلام، أو ب {نجعل لكما سلطانًا} أي نسلطكما بآياتنا أو بمحذوف أي إذهبا بآياتنا، أو هو بيان ل {الغالبون} لا صلة، أو قسم جوابه {لا يصلون} مقدمًا عليه {أَنتُمَا وَمَنِ اتبعكما الغالبون}.
واضحات {قَالُواْ مَا هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّفْتَرًى} أي سحر تعمله أنت ثم تفتريه على الله، أو سحر موصوف بالافتراء كسائر أنواع السحر وليس بمعجزة من عند الله {وَمَا سَمِعْنَا بهذا في ءابَائِنَا الأولين} حال منصوبة عن هذا أي كائنًا في زمانهم يعني ما حدثنا بكونه فيهم {وَقَالَ موسى رَبّى أَعْلَمُ بِمَن جَاء بالهدى مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عاقبة الدار إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون} أي ربي أعلم منكم بحال من أهله الله للفلاح الأعظم حيث جعله نبيًا وبعثه بالهدى ووعده حسن العقبى يعني نفسه، ولو كان كما تزعمون ساحرًا مفتريًا لما أهله لذلك لأنه غني حكيم لا يرسل الكاذبين ولا ينبيء الساحرين ولا يفلح عنده الظالمون.
وعاقبة الدار هي العاقبة المحمودة لقوله تعالى: {أُوْلَئِكَ لَهُمْ عقبى الدار جنات عَدْنٍ} [الرعد: 22] والمراد بالدار الدنيا وعاقبتها أن يختم للعبد بالرحمة والرضوان وتلقي الملائكة بالبشرى والغفران.
{قال موسى} بغير واو: مكي وهو حسن لأن الموضع موضع سؤال وبحث عما أجابهم موسى عند تسميتهم مثل تلك الآيات العظام سحرًا مفترى، ووجه الأخرى أنهم قالوا ذلك وقال موسى هذا ليوازن الناظر بين القول والمقول ويتبصر فساد أحدهما وصحة الآخر.
ربي أعلم حجازي وأبو عمرو و{من يكون} حمزة وعلي.
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ يا أيّها الملأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إله غَيْرِى} قصد بنفي علمه بإله غيره نفي وجوده أي ما لكم من إله غيري أو هو على ظاهره وأن إلهًا غيره غير معلوم عنده {فَأَوْقِدْ لِى ياهامان عَلَى الطين} أي اطبخ لي الآجر واتخذه.
وإنما لم يقل مكان الطين هذا لأنه أول من عمل الآجر فهو يعلمه الصنعة بهذه العبارة، ولأنه أفصح وأشبه بكلام الجبابرة إذ أمر هامان وهو وزيره بالإيقاد على الطين منادى باسمه ب يا في وسط الكلام دليل التعظيم والتجبر {فاجعل لّى صَرْحًا} قصرًا عاليًا {لَّعَلّي أَطَّلِعُ} أي أصعد والاطلاع الصعود {إلى إله موسى} حسب أنه تعالى في مكان كما كان هو في مكان {وَإِنّى لأظُنُّهُ} أي موسى {مِنَ الكاذبين} في دعواه أن له إلهًا وأنه أرسله إلينا رسولًا.
وقد تناقض المخذول فإنه قال: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إله غَيْرِى} ثم أظهر حاجته إلى هامان، وأثبت لموسى إلهًا وأخبر أنه غير متيقن بكذبه وكأنه تحصن من عصا موسى عليه السلام فلبّس وقال: {لعلى أطلع إلى إله موسى} روي أن هامان جمع خمسين ألف بناء وبنى صرحًا لم يبلغه بناء أحد من الخلق، فضرب الصرح جبريل عليه السلام بجناحه فقطعه ثلاث قطع، وقعت قطعة على عسكر فرعون فقتلت ألف ألف رجل، وقطعة في البحر، وقطعة في المغرب ولم يبق أحد من عماله إلا هلك.
{واستكبر هُوَ وَجُنُودُهُ} تعظم {فِى الأرض} أرض مصر {بِغَيْرِ الحق} أي بالباطل، فالاستكبار بالحق لله تعالى وهو المتكبر على الحقيقة أي المتبالغ في كبرياء الشأن كما حكى رسولنا عن ربه: {الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدًا منهما ألقيته في النار} وكل مستكبر سواه فاستكباره بغير الحق {وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لاَ يُرْجَعُونَ} {يَرجعون} نافع وحمزة وعلي وخلف ويعقوب {فأخذناه وَجُنُودَهُ فنبذناهم في اليم} من الكلام المفخم الذي دل به على عظمة شأنه شبههم استقلالًا لعددهم وإن كانوا الجم الغفير بحصيات أخذهن آخذ بكفه فطرحهن في البحر {فانظر} يا محمد {كَيْفَ كَانَ عاقبة الظالمين} وحذر قومك فإنك منصور عليهم.
{وجعلناهم أَئِمَّةً} قادة {يَدْعُونَ إِلَى النار} أي عمل أهل النار.
قال ابن عطاء: نزع عن أسرارهم التوفيق وأنوار التحقيق فهم في ظلمات نفوسهم لا يدلون على سبيل الرشاد.
وفيه دلالة خلق أفعال العباد {وَيَوْمَ القيامة لاَ يُنصَرُونَ} من العذاب.
{وأتبعناهم في هَذِهِ لَعْنَةٍ} ألزمناهم طردًا وإبعادًا عن الرحمة.
وقيل: هو ما يلحقهم من لعن الناس إياهم بعدهم {وَيَوْمَ القيامة هُمْ مّنَ المقبوحين} المطرودين المبعدين أو المهلكين المشوهين بسواد الوجوه وزرقة العيون {ويوم} ظرف ل {المقبوحين} {وَلَقَدْ ءاتَيْنَا موسى الكتاب} التوراة {بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا القرون الأولى} قوم نوح وهود وصالح ولوط عليهم السلام {بَصَائِرَ لِلنَّاسِ} حال من {الكتاب} والبصيرة نور القلب الذي يبصر به الرشد والسعادة كما أن البصر نور العين الذي يبصر به الأجساد.
يريد آتيناه التوراة أنوارًا للقلوب لأنها كانت عمياء لا تستبصر ولا تعرف حقًا من باطل {وهدى} وإرشادًا لأنهم كانوا يخبطون في ضلال {وَرَحْمَةً} لمن اتبعها لأنهم إذا عملوا بها وصلوا إلى نيل الرحمة {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} يتعظون.
{وَمَا كُنْتَ} يا محمد {بِجَانِبِ} الجبل {الغربى} وهو المكان الواقع في شق الغرب وهو الذي وقع فيه ميقات موسى {إِذْ قَضَيْنَا إلى مُوسَى الأمر} أي كلمناه وقربناه نجيًا {وَمَا كنتَ مِنَ الشاهدين} من جملة الشاهدين للوحي إليه حتى تقف من جهة المشاهدة على ما جرى من أمر موسى في ميقاته {وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا} بعد موسى {قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ العمر} أي طالت أعمارهم وفترت النبوة وكادت الأخبار تخفى واندرست العلوم ووقع التحريف في كثير منها، فأرسلناك مجددًا لتلك الأخبار مبينًا ما وقع فيه التحريف، وأعطيناك العلم بقصص الأنبياء وقصة موسى كأنه قال: وما كنت شاهدًا لموسى وما جرى عليه ولكنا أوحيناه إليك، فذكر سبب الوحي هو إطالة الفترة ودل به على المسبب اختصارًا فإذا هذا الاستدراك شبيه الاستدراكين بعده {وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا} مقيمًا {فِى أَهْلِ مَدْيَنَ} وهم شعيب والمؤمنون به {تَتْلُو عَلَيْهِمْ ءاياتنا} تقرؤها عليهم تعلمًا منهم يريد الآيات التي فيها قصة شعيب وقومه.
و{تَتْلُو} في موضع نصب خبر ثانٍ أو حال من الضمير في {ثاويا} {وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} ولكنا أرسلناك وأخبرناك بها وعلمناكها.
{وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطور إِذْ نَادَيْنَا} موسى أن خذ الكتاب بقوة {ولكن} أعلمناك وأرسلناك {رَحْمَةً} للرحمة {مّن رَّبِكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أتاهم مّن نَّذِيرٍ مّن قَبْلِكَ} في زمان الفترة بينك وبين عيسى وهو خمسمائة وخمسون سنة {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَلَوْلاَ تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ} عقوبة {بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ} من الكفر والظلم.
ولما كانت أكثر الأعمال تزاول بالأيدي نسبت الأعمال إلى الأيدي وإن كانت من أعمال القلوب تغليبًا للأكثر على الأقل عند العذاب {رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتّبِعَ ءاياتك وَنَكُونَ مِنَ المؤمنين} {لولا} الأولى امتناعية وجوابها محذوف، والثانية تحضيضية، والفاء الأولى للعطف والثانية جواب {لولا} لكونها في حكم الأمر إذ الأمر باعث على الفعل والباعث والمحضض من وادٍ واحد، والفاء تدخل في جواب الأمر والمعنى: ولولا أنهم قائلون إذا عوقبوا بما قدموا من الشرك والمعاصي هلا أرسلت إلينا رسولًا محتجين علينا بذلك لما أرسلنا إليهم يعني أن إرسال الرسول إنما هو ليلزموا الحجة ولا يلزموها كقوله: {لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرسل} [النساء: 165] فإن قلت: كيف استقام هذا المعنى وقد جعلت العقوبة هي السبب في الإرسال لا القول لدخول {لولا} الامتناعية عليها دونه؟ قلت: القول هو المقصود بأن يكون سببًا للإرسال ولكن العقوبة لما كانت سببًا للقول وكان وجوده بوجودها جعلت العقوبة كأنها سبب الإرسال فأدخلت عليها {لولا} وجيء بالقول معطوفًا عليها بالفاء المعطية معنى السببية، ويئول معناه إلى قولك: ولولا قولهم هذا إذا أصابتهم مصيبة لما أرسلنا.
{فَلَمَّا جَاءهُمُ الحق مِنْ عِندِنَا} أي القرآن أو الرسول المصدق بالكتاب المعجز {قَالُواْ} أي كفار مكة {لَوْلا أُوتِىَ} هلا أعطي {مِثْلَ مَا أُوتِىَ موسى} من الكتاب المنزل جملة واحدة {أَوَ لَمْ يَكْفُرُواْ} يعني أبناء جنسهم ومن مذهبهم مذهبهم وعنادهم عنادهم وهم الكفرة في زمن موسى عليه السلام {بِمَا أُوتِىَ موسى مِن قَبْلُ} من قبل القرآن {قَالُواْ} في موسى وهارون {سِحْرانِ تَظَاهَرَا} {ساحران تظاهرا} تعاونا {سِحْرَانِ} كوفي أي ذوا سحر أو جعلوهما سحرين مبالغة في وصفهما بالسحر {وَقَالُواْ إِنَّا بِكُلّ} بكل واحد منهما {كافرون} وقيل: إن أهل مكة كما كفروا بمحمد عليه السلام وبالقرآن فقد كفروا بموسى والتوراة وقالوا في موسى ومحمد.
ساحران تظاهرا، أو في التوراة والقرآن سحران تظاهرا، وذلك حين بعثوا الرهط إلى رؤساء اليهود بالمدينة يسألونهم عن محمد فأخبروهم أنه في كتابهم فرجع الرهط إلى قريش فأخبروهم بقول اليهود فقالوا عند ذلك: ساحران تظاهرا.
{قُلْ فَأْتُواْ بكتاب مّنْ عِندِ الله هُوَ أهدى مِنْهُمَا} مما أنزل على موسى ومما أنزل على {أَتَّبِعْهُ} جواب {فأتوا} {إِن كُنتُمْ صادقين} في أنهما سحران {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فاعلم أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ} فإن لم يستجيبوا دعاءك إلى الإتيان بالكتاب الأهدى فاعلم أنهم قد ألزموا ولم تبق لهم حجة إلا اتباع الهوى {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتبع هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مّنَ الله} أي لا أحد أضل ممن اتبع في الدين هواه و{بغير هدى} حال أي مخذولًا يخلى بينه وبين هواه {إِنَّ الله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين}. اهـ.

.قال البيضاوي:

{فَلَمَّا قضى مُوسَى الأجل وَسَارَ بِأَهْلِهِ}.
بامرأته. روي أنه قضى أقصى الأجلين ومكث بعد ذلك عنده عشرًا أخرى ثم عزم على الرجوع. {آنَسَ مِن جَانِبِ الطور نَارًا} أبصر من الجهة التي تلي الطور. {قَالَ لأَهْلِهِ امكثوا إِنّى ءانَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي ءَاتِيكُمْ مّنْهَا بِخَبَرٍ} بخبر الطريق. {أَوْ جَذْوَةٍ} عود غليظ سواء كان في رأسه نار أو لم يكن.
قال:
بَاتَتْ حَوَاطِبُ لَيْلَى يَلْتَمِسْنُ لَهَا ** جَزلَ الجذى غَيْرَ خوارٍ وَلاَ دَعِرٍ

وقال آخر:
وَأَلْقَى عَلى قَبس مِنْ النَّارِ جَذْوَة ** شَدِيدًا عَلَيْهِ حَرُّهَا وَالتِهَابُهَا

ولذلك بينه بقوله: {مِنَ النار} وقرأ عاصم بالفتح وحمزة بالضم وكلها لغات. {لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} تستدفئون بها.
{فَلَمَّا أتاها نُودِىَ مِن شَاطِىء الواد الأيمن} أتاه النداء من الشاطىء الأيمن لموسى. {فِى البقعة المباركة} متصل بالشاطىء أو صلة ل {نُودِىَ}. {مِنَ الشجرة} بدل من شاطىء بدل الاشتمال لأنها كانت ثابتة على الشاطىء. {أَن يا موسى} أي يا موسى. {إِنّى أَنَا الله رَبُّ العالمين} هذا وإن خالف ما في طه والنمل لفظًا فهو طبقه في المقصود.
{وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَءاهَا تَهْتَزُّ} أي فألقاها فصارت ثعبانًا واهتزت {فَلَمَّا رَءاهَا تَهْتَزُّ}. {كَأَنَّهَا جَانٌّ} في الهيئة والجثة أو في السرعة. {ولى مُدْبِرًا} منهزمًا من الخوف. {وَلَمْ يُعَقّبْ} ولم يرجع. {يَا موسى} نودي يا موسى. {أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الآمنين} من المخاوف، فإنه لا {يَخَافُ لَدَىَّ المرسلون} {اسلك يَدَكَ في جَيْبِكَ} أدخلها. {تَخْرُجُ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} عيب. {واضمم إِلَيْكَ جَنَاحَكَ} يديك المبسوطتين تتقي بهما الحية كالخائف الفزع بإدخال اليمنى تحت عضد اليسرى وبالعكس، أو بإدخالهما في الجيب فيكون تكريرًا لغرض آخر وهو أن يكون ذلك في وجه العدو إظهار جراءة ومبدأ لظهور معجزة، ويجوز أن يراد بالضم التجلد والثبات عند انقلاب العصا حية استعارة من حال الطائر فإنه إذا خاف نشر جناحيه وإذا أمن واطمأن ضمهما إليه. {مِنَ الرهب} من أجل الرهب أي إذا عراك الخوف فافعل ذلك تجلدًا وضبطًا لنفسك. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر بضم الراء وسكون الهاء، وقرىء بضمهما، وقرأ حفص بالفتح والسكون والكل لغات. {فَذَانِكَ} إشارة إلى العصا واليد، وشدده ابن كثير وأبو عمرو ورويس. {برهانان} حجتان وبرهان فعلان لقولهم أبره الرجل إذا جاء بالبرهان من قولهم بره الرجل إذا ابيض، ويقال برهاء وبرهرهة للمرأة البيضاء وقيل فعلال لقولهم برهن. {مِن رَبّكَ} مرسلًا بهما. {إلى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمًا فَاسِقِينَ} فكانوا أحقاء بأن يرسل إليهم.