فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وثانيا: أن قول قارون: {إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ عِنْدِي}- هو دعوى يدّعيها، ويبرر بها إضافة هذا المال إلى كسبه بوسائله، تلك الوسائل التي أشرنا إليها. فهو- في تقديره- كان يحسب أن هذه الوسائل هي التي جلبت له هذا الثراء العريض، وهذه الوسائل- في تقديره- هي علم يحسنه وحده، ولا يحسنه غيره. وهذا لا يمنع من أن تكون تلك الوسائل في ذاتها غير فاعلة، وإن بدا في الظاهر أنها هي التي يردّ إليها هذا الذي اجتمع في يديه من مال. وأن هناك أسبابا خفية، هي التي جلبت له هذا الثراء، على غير تقدير منه.
وثالثا: قد يسند الإيتاء إلى اللّه سبحانه وتعالى للنقمة في ثوب النعمة، كما قال تعالى: {وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها} [59: الإسراء]. فالذى آتاه اللّه ثمود هنا- وهو الناقة- كان بلاء وهلاكا.
ورابعا: أن إسناد هذا الفعل للّه، إنما هو من مقولة القوم، الذين ينظرون إلى هذا المال الذي اجتمع ليد قارون كما ينظرون إلى كل شيء يناله الإنسان في هذه الدنيا، وهو أنه من عند اللّه. إذ كان القوم مؤمنين باللّه، وقولهم هذا هو على ما جرت به عادة المؤمنين، من إضافة كل شيء إلى اللّه، سواء أ كان خيرا أو شرّا. أما النعم الخالصة التي يسوقها اللّه إلى المصطفين من عباده، فإنها تحمل مع هذا الفعل مسندا إلى اللّه، بإخبار منه سبحانه، كما يقول سبحانه: {وَآتَيْنا داوُدَ زَبُورًا} [الإسراء: 55].
{وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ} [87: البقرة]. أمّا قارون فقد أتاه اللّه هذا المال الوفير، جزاء بغيه، فكان نقمة في صورة نعمة.
وقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا} هو رد على هذا الادعاء العريض الكاذب الذي يدعيه قارون. وأنه لو كانت له قوة ذاتية، وكان له من العلم الذاتي ما جمع به هذا المال، لكان لهذه القوة وهذا العلم أن يحفظا عليه ما جمع، فلا يذهب من يده، بل كان لهذه القوة وهذا العلم أن يحفظا عليه ما جمع، فلا يذهب من يده، بل كان لهذه القوة وهذا العلم، أن يحفظا عليه وجوده هو نفسه!! فهل تنفعه هذه القوة، وهل يجديه هذا العلم، إذا جاءه بأس اللّه؟ ألا فلينظر إلى من كان قبله من الأمم السابقة، ممن هم أشد منه قوة وأكثر جمعا. أين هم الآن؟ وأين ما جمعوا من مال وما اجتمع لهم من قوة؟ هل أغنى ذلك عنهم من بأس اللّه من شيء لقد؟ هلكوا، وهلك ما كان لهم.
وفي قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَعْلَمْ} رد على هذا العلم الذي يدعيه، وأنه علم هو الجهل بعينه، وأنه لو كان علما حقا، لعلم به ما حل بالظالمين المفسدين في كل أمة وكل جيل ولما سار على دربهم، وسلك طريقهم.!
وقوله تعالى: {وَلا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ}. أي أن اللّه سبحانه إذا أخذ المجرمين بجرمهم في الدنيا، وأنزل بهم البلاء، وسلط عليهم النقم- أخذهم بغتة، على غير توقع منهم، حيث لا يسألون عما هم فيه من ضلال، ولا يدعون إلى موقف المحاسبة في هذه الدنيا. فهذا موقف له يومه، يوم يقوم الناس لرب العالمين.
قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}.
إنها الفتنة تتحرك في هذا الموكب، الذي تحتشد فيه زخارف الحياة، حيث يخرج قارون في موكبه الحاشد، وقد ظهر فيه سيدا عظيما في زى أصحاب الملك والسلطان، وبين يديه ومن خلفه الجنود والأعوان. فتحركت مع هذا الموكب أهواء النفوس وشهواتها، وتطايرت من العيون قطرات الاشتهاء والتمني، فقال الذين همهم هذه الدنيا وحدها، وليس للآخرة نصيب يشغل به تفكيرهم، ويصرف إليه همهم- قالوا: {يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}. وهكذا تعظم الدنيا في عين طلابها، فإن فاتهم شيء منها مما وقع لغيرهم، تقطعت نفوسهم أسى وحسرة على حظهم المنكود، ذلك، ولو لم يكن ينقصهم شيء مما يحتاجون إليه لحفظ حياتهم، من طعام، وكساء، ومأوى. وإنما هو الغيرة والتنافس في متاع الدنيا.
قوله تعالى: {وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ}.
وهذه نظرة أهل الحق والعلم إلى الدنيا. إنها نظرة قائمة على حساب سليم مع الحياة الدنيا ومتاعها. فهى عندهم ظل زائل، ومتاع قليل، وحسب الإنسان منها أن يأخذ في حمد ورضى، ما قسم اللّه له، وأن يطلب الرزق من وجوه سليمة مستقيمة، وأن يؤدى حق اللّه والعباد فيما آتاه اللّه. ثم لا يصرفه شيء من هذا عن طلب الآخرة، والإعداد لها، وابتغاء مرضاة اللّه بالأعمال الصالحة.
فذلك هو خير مما لو اجتمعت الدنيا كلها للإنسان، ثم لم يكن له نصيب في الآخرة.
وقوله تعالى: {وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ} أي لا يلقيّ هذه المقولة، ولا يتقبل هذه الدعوة الطيبة إلى ابتغاء ثواب اللّه- إلا الصابرون، الذين يصبرون على بأساء الحياة الدنيا وضرائها، ابتغاء ما يلقون من جزاء حسن في الآخرة.
فمن لم يكن من الصابرين، فإنه لا يؤدى حقا، ولا يصبر على حق، بل يستعمل كل ماله في هذه الدنيا، ويستهلكه في يومه، غير ملتفت إلى غده. إن الطاعات تكاليف وأعباء، لا تقع موقع القبول والرضا إلا من نفوس صابرة، تغرس اليوم، لتجنى ثمار غرسها غدا.
قوله تعالى: {فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ}.
وهكذا يدور الزمن دورته، وينخرم حساب قارون مع دنياه هذه، وما جمع فيها، وإذا هو وما جمع في حفرة عميقة في الأرض، قد فغرت فاها، وابتلعته في غمضة عين، كما يبتلع الحيوان فريسته. وهكذا تطوى صفحة هذا الضلال المتحرك، وتذهب معالمه، دون أن يكون له من ينصره من بأس اللّه ويدفع عنه هذا المصير، فقد ذهب عنه سلطانه، ولم يغن عنه ماله! قوله تعالى: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ}. وينتقل المشهد من قارون وموكبه، وداره وحشمه وماله، إلى تلك العيون التي كانت متعلقة بهذا الموكب وما يجر وراءه، وإذا بها شاخصة في ذهول مما حدث؟ أين قارون الذي تعلقت بأذيال موكبه أمانيّ القوم؟ وأين كنوزه وأمواله، وقصوره؟ لا شيء من هذا. لقد اختفى كل شيء في لحظة خاطفة، كما يختفى السابح في الماء وقد احتوته دوامة عاتية، فغرق، وهوى إلى القاع!! أ هكذا الدنيا إذن؟ وأ هكذا تصاريف القدر فيها؟ {وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ} إذن، فالأمر للّه وحده، يبسط الرزق لمن يشاء، ويقدره ويقبضه عمن يشاء، بعلم، وحكمة وتدبير.
وإذن، فقد كان من فضل اللّه علينا أنه لم يستجب لأمنياتنا، ولم يؤتنا مثل ما أوتى قارون. إنه لو فعل لكان مصيرنا كمصيره، ولخسف بنا وبدورنا الأرض، كما خسف به وبداره الأرض. {لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا}.
إن أشد الناس فقرا فينا، لهو خير من قارون وكنوزه. وهل يرضى أحد من هؤلاء الذين شهدوا هذا المشهد اليوم أن يكونوا قارون الذي كان بالأمس؟
{وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ}. وإذن، فالحكم القاطع الذي يمليه علينا هذا المشهد، هو أنه لا فلاح للكافرين أبدا، وإن كثرت أموالهم، وملكوا الدنيا في أيديهم. إنهم هم الخاسرون خسرانا مبينا، في الدنيا والآخرة جميعا.
وكلمة وى أداة تعجب وانبهار، يلقى بها المرء مواقف العجب والدهش.
قوله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَسادًا وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}. هو تعقيب على هذه القصة، التي كان مدار حركتها قائما على هذه الدنيا، وقد انتهى المشهد، وقد تحطم هذا الدولاب، وتحطم كل ما احتواه وإذن فلا التفات إلى هذا الحطام، ولا اشتغال به. وإذن فإلام تتلفت النفوس؟ وبم تشتغل القلوب؟ هذه هي الدار الآخرة. الدار الباقية التي ينبغى أن يلتفت إليها، ويشتغل بها.
ولكن لمن هذه الدار؟ ومن يصلح للاتجاه إليها، والتعامل معها؟ {لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَسادًا} فهؤلاء هم أهلها، حيث لا تنصرف إرادتهم إلى الدنيا، وإلى طلب العلو والإفساد فيها. إن إرادتهم متجهة إلى الآخرة، وإن كانت الدنيا معبرهم إليها، وطريقهم عليها. {وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} أي العاقبة الحسنة الطيبة لأهل التقوى، الذين يريدون اللّه والدار الآخرة. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ}.
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما {إن قارون كان من قوم موسى} قال: كان ابن عمه، وكان يبتغي العلم حتى جمع علمًا، فلم يزل في أمره ذلك حتى بغى على موسى وحسده. فقال له موسى عليه السلام: إن الله أمرني أن آخذ الزكاة، فأبى فقال: إن موسى عليه السلام يريد أن يأكل أموالكم. جاءكم بالصلاة، وجاءكم بأشياء فاحتملتموها، فتحملوه أن تعطوه أموالكم؟ قالوا: لا نحتمل فما ترى فقال لهم: أرى أن أرسل إلى بغي من بغايا بني إسرائيل، فنرسلها إليه فترميه بأنه أرادها على نفسها. فارسلوا إليها فقالوا لها: نعطيك حكمك على أن تشهدي على موسى أنه فجر بك. قالت: نعم. فجاء قارون إلى موسى عليه السلام قال: اجمع بني إسرائيل فأخبرهم بما أمرك ربك قال: نعم. فجمعهم فقالوا له: بم أمرك ربك؟ قال: أمرني أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وأن تصلوا الرحم، وكذا وكذا، وقد أمرني في الزاني إذا زنى وقد أحصن أن يرجم. قالوا: وإن كنت أنت قال: نعم. قالوا: فإنك قد زنيت قال: أنا. فأرسلوا إلى المرأة، فجاءت فقالوا: ما تشهدين على موسى؟ فقال لها موسى عليه السلام: أنشدك بالله إلا ما صدقت قالت: أما إذ نشدتني بالله فإنهم دعوني وجعلوا لي جعلًا على أن أقذفك بنفسي، وأنا أشهد أنك بريء، وأنك رسول الله، فخر موسى عليه السلام ساجدًا يبكي، فأوحى الله إليه: ما يبكيك؟ قد سلطناك على الأرض، فمرها فتطيعك. فرفع رأسه فقال: خذيهم فأخذتهم إلى أعقابهم، فجعلوا يقولون: يا موسى يا موسى فقال: خذيهم فأخذتهم إلى أعناقهم، فجعلوا يقولون: يا موسى يا موسى فقال: خذيهم فغيبتهم فأوحى الله يا موسى: سألك عبادي وتضرعوا إليك فلم تجبهم، وعزتي لو أنهم دعوني لأجبتهم. قال ابن عباس: وذلك قوله تعالى: {فخسفنا به وبداره الأرض} وخسف به إلى الأرض السفلى.
وأخرج الفريابي عن إبراهيم رضي الله عنه قال: كان قارون ابن عم موسى.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {إن قارون كان من قوم موسى} قال: كان ابن عمه أخي أبي قارون بن مصر بن فاهث أو قاهث، وموسى بن عرمرم بن فاهث أو قاهث، وعرمرم بالعربية عمران.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله قال: كان قارون ابن عم موسى أخي أبيه، وكان قطع البحر مع بني إسرائيل، وكان يسمى النور من حسن صوته بالتوراة، ولكن عدوّ الله نافق كما نافق السامري، فأهلكه الله ببغيه. وإنما بغى لكثرة ماله وولده.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {فبغى عليهم} قال: فعلا عليهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي الله عنه في قوله: {إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم} قال: زاد عليهم في طول ثيابه شبرًا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله: {وآتيناه من الكنوز} قال: أصاب كنزًا من كنوز يوسف.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الوليد بن زوران رضي الله عنه في قوله: {وآتيناه من الكنوز} قال: كان قارون يعلم الكيمياء.
وأخرج ابن مردويه عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كانت أرض دار قارون من فضة، وأساسها من ذهب».
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن خيثمة رضي الله عنه قال: وجدت في الإِنجيل أن مفاتيح خزائن قارون كانت وقر ستين بغلًا غرًا محجلةً، ما يزيد منها مفتاح على أصبع، لكل مفتاح كنز.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن خيثمة رضي الله عنه قال: كانت مفاتيح كنوز قارون من جلود كل مفتاح على خزانة على حدة، فإذا ركب حملت المفاتيح على سبعين بغلًا أغر محجلًا.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال: كانت المفاتيح من جلود الإِبل.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {لتنوء بالعصبة} يقول: لا يرفعها العصبة من الرجال {أولي القوّة}.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {لتنوء بالعصبة} قال: لتثقل قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت قول امرىء القيس إذ يقول:
تمشي فتثقلها عجيزتها ** مشي الضعيف ينوء بالوسق

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال: {العصبة} ما بين العشرة إلى الخمسة عشر {أولوا القوّة} خمسة عشر.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي قال: {العصبة} ما بين الخمس عشرة إلى الأربعين.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: {العصبة} أربعون رجلًا.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال: كنا نحدث أن {العصبة} ما فوق العشرة إلى الأربعين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح مولى أم هانىء قال: {العصبة} سبعون رجلًا. قال: وكانت خزانته تُحْمَلُ على أربعين بغلًا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {إذ قال له قومه لا تفرح} قال: هم المؤمنون منهم قالوا: يا قارون لا تفرح بما أوليت فتبطر.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إن الله لا يحب الفرحين} قال: المرحين، الأشرين، البطرين، الذين لا يشكرون الله على ما أعطاهم.
وأخرج الحاكم وصححه والطبراني وأبو نعيم والبيهقي في الشعب والخرائطي في اعتلال القلوب عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله يحب كل قلب حزين».