فصل: قال الأخفش:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{ولنحمل خطاياكم} (12) لفظه أمر، ومعناه الجزاء. أي: اكفروا فإن كان عليكم شيء فهو علينا.
{وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم} (13) أي: أثقال إضلالهم مع أثقال ضلالهم. وقيل: إنها أوزار السنن الجائرة.
{ألف سنة إلا خمسين عامًا} (14) هذا أفخم في اللفظ، وأحسن في النظم من القول: تسع مئة وخمسين عامًا.
{ينشئ النشأة} (20) مصدر من غير صدره، وتقديره: ثم الله ينشئ الخلق فينشؤون النشأة الأخرة.
{يعذب من يشاء} (21) قيل: بالانقطاع إلى الدنيا. وقيل: بسوء الخلق.
{وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء} (22) أي: ولا في السماء لو كنتم فيها. وقيل: معناه أنه لا يعجزه أهل الأرض في الأرض، ولا أهل السماء في السماء، إلا أنه لم يظهر الضمير.
{مودة بينكم} (25) يتوادون بها في الدنيا، ويتبرؤون منها يوم القيامة، فيتم الكلام عند قوله: {إنما اتخذتم من دون الله أوثانا} ثم تكون {مودة بينكم} مبتدأ، والخبر: {في الحياة الدنيا} أي: مودة بينكم كائنة في الدنيا، ثم ينقطع يوم القيامة. وقيل: بأن الكلام متصل بأوله على وجهين:-أن ما في {إنما} اسم، وهو مع الفعل بمعنى المصدر، أي: إن اتخاذكم من دون الله أوثانًا مودة بينكم.-والثاني: أن يكون ما بمعنى الذي أي: إن الذي اتخذتم من دون الله أوثانًا مودة بينكم، أي: ذوو مودة بينكم.
{وقال إني مهاجر} (26) قاله إبراهيم، أي: مهاجر للظالمين، وهاجر إلى حران.
{وتقطعون السبيل} (29) هو قطع سبيل الولد برفض النساء.
{وكانوا مستبصرين} (38) أي: عقلاء، ذوي بصائر. وعن قتادة: مستبصرين في ضلالتهم، معجبين بها.
{وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت} (42) إذ ليس في جميع البيوت لجميع الحيوان، ما لا يكن من حر أو برد، ولا يحصن عن طالب، إلا بيت العنكبوت. قال الفرزدق:
ضربت عليك العنكبوت بنسجها وقضى عليك به الكتاب المنزل.
{ولذكر الله أكبر} (45) أي: ذكر الله لكم بالرحمة، أكبر من ذكركم له بالطاعة.
{إلا بالتي هي أحسن} (46) أي: في إيراد الحجة من غير سباب واضطراب.
{إلا الذين ظلموا منهم} أي: منع الجزية وقاتل. وقيل: هم الذين أقاموا على الكفر بعد أن حجوا وألزموا.
{ومن هؤلاء من يؤمن} (47) أي: أهل مكة، أو العرب.
{بل هو ءايات بينات في صدور الذين أوتوا العلم} (49) أي: حفظ القرآن وحفظ الكتاب بتمامه لهذه الأمة. وفي الحديث: «أناجيلهم في صدورهم وقربانهم من نفوسهم»، أي: الجهاد.
{وكأين من دابة} (60) لما أمروا بالهجرة، قالوا: ليس لنا بالمدينة منازل ولا أموال.
{لا تحمل رزقها} أي: لا تدخر.
{وإن الدار الآخرة لهي الحيوان} (64) أي: الحياة، أو دار الحيوان. وإن كانت الدار حياة، فما ظنكم بأهل الدار.
{ليكفروا بما ءاتيناهم وليتمتعوا} (66) جرى على الوعيد، لا الرخصة، كقوله: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}.
تمت سورة العنكبوت. اهـ.

.قال الأخفش:

سورة العنكبوت:
{وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَآ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}.
قال: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} على وَوَصَّيْنَاهُ حُسْنًا وقد يقول الرجل: وَصَّيْتُهُ خَيْرًا أيْ: بِخَيْرٍ.
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}.
وقال: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} على الأمر كأنهم أمروا أنفسهم.
{أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلك عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِىءُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
وقال: {كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ} وقال: {كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} لأنهما لغتان تقول: بَدَأَ الخَلْقَ وأَبْدَأَ.
{وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ}.
وقال: {وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ} أيْ: لا تُعْجِزُونَنَا هَرَبًا في الأَرْضِ ولا في السَّمَاءِ.
{وَلَمَّآ أَن جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لاَ تَخَفْ وَلاَ تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرينَ}.
وقال: {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلاَّ امْرَأَتَكَ} لأنَّ الأول كان في معنى التنوين لأنه لم يقع فلذلك انتصب الثاني. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة العنكبوت مكية كلها.
{وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} أي لا يقتلون ولا يعذّبون.
{وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي ابتليناهم.
{مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ} أي يخافه.
{اتَّبِعُوا سَبِيلَنا} أي ديننا. وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ أي لنحمل عنكم ذنوبكم. والواو زائدة.
{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ} أي أوزارهم. وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ:
أوزارا مع أوزارهم. قال قتادة: «من دعا قوما إلى ضلالة، فعليه مثل أوزارهم من غير أن ينقض من أوزارهم شيء».
{الطُّوفانُ} المطر الشديد.
{الْأَوْثانِ} واحدها: وثن. وهو: ما كان من حجارة أو جصّ.
وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا أي تختلقون كذبا.
{وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ} أي ترّدون.
{وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ} أي ولا من في السماء بمعجز.
{آتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا} بالولد الطّيب، وحسن الثناء عليه.
{وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ} والنادي: المجلس. و{المنكر} مجمع الفواحش من القول والفعل. وقد اختلف في ذلك المنكر.
{فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِبًا} يعني: الحجارة. وهي: الحصباء أيضا. يعني: قوم لوط.
{إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ} قالوا: المصلّي لا يكون في منكر ولا فاحشة، ما دام فيها.
وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ يقول: ذكر اللّه العبد- ما كان في صلاته- اكبر من ذكر العبد للّه.
ويقال: وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ أي التسبيح والتكبير أكبر وأحرى بأن ينهي عن الفحشاء والمنكر.
{وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ} يقول: هم يجدونك أمّيا في كتبهم، فلو كنت تكتب لأرتابوا.
{لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا} أي لننزلنّهم. ومن قرأ: {لنثوينهم} فهو من ثويت بالمكان أي أقمت به.
{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ} أي كم من دابة لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا: لا ترفع شيئا لغد، اللَّهُ يَرْزُقُها. قال ابن عيينة: ليس شيء يخبأ، إلا الإنسان والنملة والفأرة.
{وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ} يعني: الجنة هي دار الحياة، أي لا موت فيها. اهـ.

.قال الغزنوي:

ومن سورة العنكبوت:
{أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا} موضع أَنْ نصب بمعنى: لأن يقولوا، أو على البدل من أَنْ الأولى فيعمل فيه حسب.
{وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} بالأوامر والنواهي، أو في أموالهم وأنفسهم.
{فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ} يظهرنّه ويميّزنّه، أو يعلمه كائنا واقعا.
{أَنْ يَسْبِقُونا} يفوتونا فوت السابق لغيره.
{مَنْ كانَ يَرْجُوا} مَنْ رفع بالابتداء، وكانَ خبره، وجواب الجزاء فَإِنَّ، كقولك: إن كان زيد في الدار فقد صدق الوعد.
{وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ} هو طاعتهم للّه فلا شيء أحسن منه.
{جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ} في قوم من مكة أسلموا، فلما فتنوا وأوذوا ارتدّوا.
{وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ} أي: اكفروا، فإن كان عليكم شيء فهو علينا.
{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ} أي: أثقال إضلالهم مع أثقال ضلالهم، أو هي أوزار السنن الجائرة.
{يُنْشِئُ النَّشْأَةَ} أي: ينشئ الخلق فينشئون. وقريء {النشاءة}.
{يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ} بالانقطاع إلى الدنيا. وقيل: بسوء الخلق.
{وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ} لو كنتم فيها، أو هو على تقدير: ولا من في السماء.
{مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي} خارج عن جملة الظالمين على جهة الهجر لهم إلى حيث أمرني ربي، وقد كان هاجر من كوثى قرية بسواد الكوفة إلى الشّام.
{مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ} أي: الآلهة التي اتخذتموها من دونه تتوادّون بها في الدنيا وتتبرأون منها يوم القيامة، فتكون مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ مبتدأ، والخبر فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، أي: مودّة بينكم بسببها كائنة في الدنيا ثم ينقطع يوم القيامة.
{وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ} أي: سبيل الولد برفض النساء.
{مِنَ الْغابِرِينَ} الباقين في العذاب.
{وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ} عقلاء ذوي بصائر، أو مستبصرين في ضلالتهم معجبين بها.
{لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ} إذ لا يكنّ من حرّ أو برد ولا يحصّن عن طالب.
{وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} أي: ذكر اللّه لكم بالرحمة أكبر من ذكركم له بالثناء، أو ذكركم اللّه أفضل من جميع عملكم.
{إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} أي: في إيراد الحجة من غير سباب واضطراب.
{إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} أي: منع الجزية وقاتل، أو أقام على الكفر بعد أن حجّ وألزم.
{بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ} أي: حفظ القرآن وحفظ الكتاب بتمامه لهذه الأمّة. وفي الحديث: «أناجيلهم في صدورهم وقرابينهم من نفوسهم».
{فَإِيَّايَ} الفاء للجزاء، بتقدير: إن ضاق بكم موضع فإيّاي فاعبدون، لأنّ أرضي واسعة.
{وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ} لما أمروا بالهجرة قالوا: ليس لنا بالمدينة منازل ولا أموال.
{لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا} لا تدّخر.
{لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ} على الوعيد، كقوله: {فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ}. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة العنكبوت:
عدد 35 و85 و29.
نزلت بمكة بعد سورة الروم عدا الآيات من 1 إلى 11 فإنها نزلت بالمدينة وهي تسع وستون آية، وتسعمائة وثمانون كلمة، وأربعة آلاف ومائة وخمسة وستون حرفا.
لا يوجد مثلها في عدد الآي.
بسْم اللَّه الرَّحْمن الرَّحيم.
قال تعالى: {الم} 1 تقدم معناه وما فيه أول سورة الأعراف فما بعدها من أمثاله مفصلا {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا} في هذه الدنيا بلا بلاء وهي داره، ولا امتحان واختبار وهي محلهما، بمجرد {أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا} باللّه ورسوله وكتابه وملائكته والبعث بعد الموت والقدر خيره وشره من اللّه {وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} فيها بأموالهم وأولادهم وأنفسهم، كلا ثم كلا.

.مطلب: لابدّ من اقتران الإيمان بالعمل الصالح:

لا يكفي الإيمان المجرد، بل لابد من اقترانه بالعمل الصالح والصبر على البلاء:
نزلت هذه الآية وما بعدها إلى 11 في المدينة المنورة في أناس كانوا في مكة بعد هجرة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم مسلمين فكتب إليهم أصحاب الرسول أن لا يقبل اللّه منكم الإقرار بالإسلام حتى تهاجروا من محل الكفر إلى الإيمان، فخرجوا عامدين إلى المدينة، فتبعهم المشركون فمنهم من قتل ومنهم من نجا، قال بعضهم لو أثاب اللّه المؤمن يوم القيامة من غير أن يفتنه في الدنيا، لقال الكافر المعذب ربي لو أنك كنت فتنته في الدنيا لكفر مثلي، فإيمانه الذي تثبيه عليه مما لا يستحق الثواب له، وبالفتنة يلجم الكافر عن مثل هذا القول ويعوض المؤمن بدلها ما يعوض من خير الآخرة ونعيمها الذي لا يكيف، وان نعيم رجل أو امرأة من أهل الجنة لو قسم على أهل الأرض لزاد عليهم بحيث يتمنى لو كانت فتنته أعظم مما كانت، وقال ابن عباس أراد بالناس الذين آمنوا بمكة سلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والوليد ابن الوليد وعمار بن ياسر وغيرهم من المسلمين، وقيل في عمار كان يعذب في اللّه، وقيل في مهجع بن عبد اللّه مولى عمر وكان أول من قتل من المسلمين في بدر فسماء صلّى اللّه عليه وسلم سيد الشهداء وقال إنه أول من يدعى إلى باب الجنة من هذه الأمة، فجزع أبوه وأمه فأنزل اللّه هذه الآية.
قال تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا} اختبرنا وامتحنا {الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} قبل أولئك المسلمين الممتحنين من الأنبياء والمرسلين وأتباعهم بأنواع البلاء فمنهم من قتل ومنهم من نشر بالمنشار، ومنهم من مشّط بأمشاط الحديد المحماة ومنهم من أحرق بالنار، ومنهم من صبر على أنواع التعذيب، فثبتوا على دينهم ولم ينصرفوا عنه {فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ} بهذا الافتتان، وهو عالم قبل ولكن ليظهر ذلك من عالم الغيب إلى عالم الشهادة ليطلع عليه خلقه {الَّذِينَ صَدَقُوا} بإيمانهم وحافظوا عليه ولم يثنهم عنه ما أصابهم من البلاء رغبة به وطلبا لما عند اللّه من الثواب {وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ} في إيمانهم الذين ذمهم اللّه تعالى بقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ} الآية 12 من سورة الحج، أي ليميز الصادق من الكاذب فيما بين الناس، أما هو جلّ علمه فهما معلومان عنده من يوم قالوا بلى كعلمه بجميع مكوناته، وان ما يطهره من أقوالهم ليعلم به الناس، وانه سيكافىء الصادق على صدقه، ويجازي الكاذب على كذبه.