فصل: تفسير الآية رقم (212):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآية رقم (212):

قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (212)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

.قال البقاعي:

ولما تقدم من الأمر بالسلم والتهديد على الزلل عنه ما يقتضي لزومه حتمًا كان كأنه قيل: ما فعل من خوطب بهذه الأوامر وقمع بتلك الزواجر؟ فقيل: أبى أكثرهم، فقيل: إن هذا لعجب! ما الذي صدهم؟ فقيل: تقدير العزيز الذي لا يخالف مراده الحكيم الذي يدق عن الأفكار استدراجه، فقيل: كيف يتصور من العاقل كفر النعمة؟ فبين أن سبب ذلك غالبًا الترفع والتعظم والكبر والبطر فرحًا بما في اليد وركونًا إليه وإعراضًا عما خبئ في خزائن الله في حجب القدرة فقال مستأنفًا بانيًا للمفعول دلالة على ضعف عقولهم بأنهم يغترون بكل مزين {زين} قال الحرالي: من التزيين بما منه الزينة. وهي بهجة العين التي لا تخلص إلى باطن المزين- انتهى. {للذين كفروا} حتى بدلوا النعمة {الحياة الدنيا} لحضورها فألهتهم عن غائب الآخرة. قال الحرالي: ففي ضمنه إشعار بأن استحسان بهجة الدنيا كفر ما من حيث إن نظر العقل والإيمان يبصر طيتها ويشهد جيفتها فلا يغتر بزينتها وهي آفة الخلق في انقطاعهم عن الحق، وأبهم تعالى المزين في هذه الآية ليشمل أدنى التزيين الواقع على لسان الشيطان وأخفى التزيين الذي يكون من استدراج الله كما في قوله تعالى: {كذلك زينا لكل أمة عملهم} [الأنعام: 108].
ولما ذكر ذلك بين حالهم عنده فقال: {ويسخرون} أي والحال أنهم لا يزالون يسخرون أي يوقعون السخرية، وهي استزراء العقل هزؤًا. وقال الحرالي: هي استزراء العقل معنى بمنزلة الاستسخار في الفعل حسًا {من الذين آمنوا} لما هم فيه من الضعف والحاجة لإعراضهم عن الدنيا رغبة فيما عند الله لما وهبهم الله سبحانه وتعالى من العلم الخارق لتلك الحجب الكاشف لأستار المغيب ولأن الله يزوي عنهم الدنيا ويحميهم منها رغبة بهم عنها لكرامتهم عليه كما يحمي الإنسان حبيبه الطعام والشراب إن كان مريضًا لكرامته عليه فصار الكفار بهذا التزيين مع ما بوأناهم من الهوان بأنواع التهديد التي لا مرية في قدرتنا عليها مشغولين بلعاعة من العيش فهم راضون بأحوالهم مسرورون بها بحيث إنهم لا ينظرون في عاقبة بل مع الحالة الراهنة فيهزؤون بأهل الحق متعامين عن البينات معرضين عن التهديد تاركين الاستبصار بأحوال بني إسرائيل. اهـ.

.قال الفخر:

اعلم أنه تعالى لما ذكر من قبل حال من يبدل نعمة الله من بعدما جاءته وهم الكفار الذين كذبوا بالدلالة والأنبياء وعدلوا عنها أتبعه الله تعالى بذكر السبب الذي لأجله كانت هذه طريقتهم فقال: {زُيّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الحياة الدنيا} ومحصول هذا الكلام تعريف المؤمنين ضعف عقول الكفار والمشركين في ترجيح الفاني من زينة الدنيا على الباقي من درجات الآخرة. اهـ.

.قال القرطبي:

وخص الذين كفروا بالذكر لقبولهم التزيين جملة؛ وإقبالهم على الدنيا وإعراضهم عن الآخرة بسببها. وقد جعل الله ما على الأرض زينة لها ليبلو الخلق أيهم أحسن عملًا؛ فالمؤمنون الذين هم على سنن الشرع لم تفتنهم الزينة، والكفار تملكتهم لأنهم لا يعتقدون غيرها. وقد قال أبو بكر الصِّدّيق رضي الله عنه حين قُدم عليه بالمال: اللّهمّ إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زيّنت لنا. اهـ.

.سبب النزول:

قال الفخر:
ذكروا في سبب النزول وجوهًا:
فالرواية الأولى: قال ابن عباس: نزلت في أبي جهل ورؤساء قريش، كانوا يسخرون من فقراء المسلمين، كعبد الله بن مسعود، وعمار، وخباب، وسالم مولى أبي حذيفة، وعامر بن فهيرة وأبي عبيدة بن الجراح بسبب ما كانوا فيه من الفقر والضرر والصبر على أنواع البلاء مع أن الكفار كانوا في التنعم والراحة.
والرواية الثانية: نزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم من بني قريظة والنضير وبني قينقاع، سخروا من فقراء المسلمين المهاجرين، حيث أخرجوا من ديارهم وأموالهم.
والرواية الثالثة: قال مقاتل: نزلت في المنافقين عبد الله بن أبي وأصحابه، كانوا يسخرون من ضعفاء المسلمين وفقراء المهاجرين، واعلم أنه لا مانع من نزولها في جميعهم. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا}:

.قال الفخر:

اختلفوا في كيفية هذا التزيين، أما المعتزلة فذكروا وجوهًا أحدها: قال الجبائي: المزين هو غواة الجن والإنس، زينوا للكفار الحرص على الدنيا، وقبحوا أمر الآخرة في أعينهم، وأوهموا أن لا صحة لما يقال من أمر الآخرة، فلا تنغصوا عيشتكم في الدنيا قال: وأما الذي يقوله المجبرة من أنه تعالى زين ذلك فهو باطل، لأن المزين للشيء هو المخبر عن حسنه فإن كان المزين هو الله تعالى، فإما أن يكون صادقًا في ذلك التزين، وإما أن يكون كاذبًا، فإن كان صادقًا وجب أن يكون مازينه حسنًا، فيكون فاعله المستحسن له مصيبًا وذلك يوجب أن الكافر مصيب في كفره ومعصيته، وهذا القول كفر، وإن كان كاذبًا في ذلك التزيين أدى ذلك إلى أن لا يوثق منه تعالى بقول ولا خبر، وهذا أيضًا كفر، قال: فصح أن المراد من الآية أن المزين هو الشيطان، هذا تمام كلام أبي علي الجبائي في تفسيره.
وأقول هذا ضعيف لأن قوله تعالى: {زُيّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ} يتناول جميع الكفار، فهذا يقتضي أن يكون لجميع الكفار مزين، والمزين لجميع الكفار لابد وأن يكون مغايرًا لهم، إلا أن يقال: إن كل واحد منهم كان يزين للآخر، وحينئذ يصير دورًا فثبت أن الذين يزين الكفر لجميع الكفار لابد وأن يكون مغايرًا لهم، فبطل قوله: إن المزين هم غواة الجن والإنس، وذلك لأن هؤلاء الغواة داخلون في الكفار أيضًا، وقد بينا أن المزين لابد وأن يكون غيرهم، فثبت أن هذا التأويل ضعيف، وأما قوله: المزين للشيء هو المخبر عن حسنه فهذا ممنوع، بل المزين من يجعل الشيء موصوفًا بالزينة، وهي صفات قائمة بالشيء باعتبارها يكون الشيء مزينًا، وعلى هذا التقدير سقط كلامه، ثم إن سلمنا أن المزين للشيء هو المخبر عن حسنه، فلم لا يجوز أن يقال: الله تعالى أخبر عن حسنه، والمراد أنه تعالى أخبر عما فيها من اللذات والطيبات والراحات، والإخبار عن ذلك ليس بكذب، والتصديق بها ليس بكفر، فسقط كلام أبي علي في هذا الباب بالكلية.
التأويل الثاني: قال أبو مسلم: يحتمل في {زُيّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ} أنهم زينوا لأنفسهم والعرب يقولون لمن يبعد منهم: أين يذهب بك لا يريدون أن ذاهبًا ذهب به وهو معنى قوله تعالى في الآي الكثيرة: {أنى يُؤْفَكُونَ} [المائدة: 75، التوبة: 30، المنافقون: 4]، {أنى يُصْرَفُونَ} [غافر: 69] إلى غير ذلك، وأكده بقوله تعالى: {يا أيها الذين آمَنُوا لاَ تُلْهِكُمْ أموالكم وَلاَ أولادكم عَن ذِكْرِ الله} [المنافقون: 9] فأضاف ذلك إليهما لما كانا كالسبب، ولما كان الشيطان لا يملك أن يحمل الإنسان على الفعل قهرًا فالإنسان في الحقيقة هو الذي زين لنفسه، واعلم أن هذا ضعيف، وذلك لأن قوله: {زُيّنَ} يقضي أن مزينًا زينه، والعدول عن الحقيقة إلى المجاز غير ممكن.
التأويل الثالث: أن هذا المزين هو الله تعالى ويدل على صحة هذا التأويل وجهان أحدهما: قراءة من قرأ: {زُيّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الحياة الدنيا} على البناء للفاعل الثاني: قوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرض زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُم أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف: 7] ثم القائلون بهذا التأويل ذكروا وجوهًا الأول: يمتنع أن يكون تعالى هو المزين بما أظهره في الدنيا من الزهرة والنضارة والطيب واللذة، وإنما فعل ذلك ابتلاء لعباده، ونظيره قوله تعالى: {زُيّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشهوات} [آل عمران: 14] إلى قوله: {قُلْ أَؤُنَبّئُكُمْ بِخَيْرٍ مّن ذلكم لِلَّذِينَ اتقوا عِندَ رَبّهِمْ جنات} [آل عمران: 15] وقال أيضًا: {المال والبنون زِينَةُ الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خَيْرٌ عِندَ رَبّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف: 46] وقالوا: فهذه الآيات متوافقة، والمعنى في الكل أن الله جل جلاله جعل الدنيا دار ابتلاء وامتحان، فركب في الطباع الميل إلى اللذات وحب الشهوات لا على سبيل الإلجاء الذي لا يمكن تركه، بل على سبيل التحبيب الذي تميل إليه النفس مع إمكان ردها عنه ليتم بذلك الإمتحان، وليجاهد المؤمن هواه فيقصر نفسه على المباح ويكفها عن الحرام الثاني: أن المراد من التزيين أنه تعالى أمهلهم في الدنيا، ولم يمنعهم عن الإقبال عليها، والحرص الشديد في طلبها، فهذا الإمهال هو المسمى بالتزيين.
واعلم أن جملة هذه الوجوه التي نقلناها عن المعتزلة يتوجه عليها سؤال واحد وهو أن حصول هذه الزينة في قلوب الكفار لابد له من محدث وإلا فقد وقع المحدث لا عن مؤثر وهذا محال ثم هذا التزيين الحاصل في قلوب الكفار هل رجح جانب الكفر والمعصية على جانب الإيمان والطاعة أو ما رجح فإن لم يرجح ألبتة بل الإنسان مع حصول هذه الزينة في قلبه كهو لا مع حصولها في قلبه فهذا يمنع كونه تزيينًا في قلبه، والنص دل على أنه حصل هذا التزيين، وإن قلنا بأن حصول هذا التزيين في قلبه يرجح جانب الكفر والمعصية، على جانب الإيمان والطاعة، فقد زال الاختيار لأن حال الإستواء لما امتنع حصول الرجحان، فحال صيرورة أحد الطرفين مرجوحًا كان أولى بامتناع الوقوع، وإذا صار المرجح ممتنع الوقوع صار الراجح واجب الوقوع، ضرورة أنه لا خروج عن النقيضين فهذا هو توجيه السؤال ومعلوم أنه لا يندفع بالوجوه التي ذكرها هؤلاء المعتزلة.
الوجه الثالث: في تقرير هذا التأويل أن المراد: أن الله تعالى زين من الحياة الدنيا ما كان من المباحات دون المحظورات، وعلى هذا الوجه سقط الإشكال، وهذا أيضًا ضعيف، وذلك لأن الله تعالى خص بهذا التزيين الكفار، وتزيين المباحات لا يختص به الكافر، فيمتنع أن يكون المراد بهذا التزيين تزيين المباحات، وأيضًا فإن المؤمن إذا تمتع بالمباحات من طيبات الدنيا يكون تمتعه بها مع الخوف والوجل من الحساب في الآخرة فهو وإن كثر ماله وجاهه فعيشه مكدر منغص، وأكثر غرضه أجر الآخرة وإنما يعد الدنيا كالوسيلة إليها، وليس كذلك الكافر، فإنه وإن قلت ذات يده فسروره بها يكون غالبًا على ظنه، لاعتقاده أنها كمال المقصود دون غيرها، وإذا كان هذا حاله صح أنه ليس المراد من الآية تزيين المباحات، وأيضًا أنه تعالى أتبع تلك الآية بقوله: {وَيَسْخَرُونَ مِنَ الذين آمَنُوا} وذلك مشعر بأنهم كانوا يسخرون منهم في تركهم اللذات المحظورة، وتحملهم المشاق الواجبة، فدل على أن ذلك التزيين ما وقع في المباحات بل وقع في المحظورات.
وأما أصحابنا فإنهم حملوا التزيين على أنه تعالى خلق في قلبه إرادة الأشياء والقدرة على تلك الأشياء، بل خلق تلك الأفعال والأحوال، وهذا بناء على أن الخالق لأفعال العباد ليس إلا الله سبحانه، وعلى هذا الوجه ظهر المراد من الآية. اهـ.
بصيرة في الزين:
الزِّينة: ما يُتزيَّن به. وكذلك الزِّيان. والزَّين: ضدّ الشَيْن، والجمع أَزيان. وزانة وأَزانَه وأَزْيَنه بمعنى، فتزَّين هو وازدان وازَّيَّنَ وازْيَانَّ وازْيَنَّ. وقمرٌ زَيَانٌ: حَسَنٌ، وامرأَةٌ زائن: متزيّنة.
والزِّينة في الحقيقة: ما لا يَشين الإِنسانَ في شئ من أَحواله، لا في الدُّنيا ولا في الآخرة. فأَمّا ما يزينه في حالة دون حالة فهو من وجهٍ شَيْن.
والزِّينة بالقول المجمل ثلاث: زينة نفسيّة؛ كالعلم والاعتقادات الحسنة، وزينة بدنيَّة، كالقوّة وطول القامة وتناسب الأَعضاءِ. وزينة خارجيّة؛ كالمال والجاه.
وقوله تعالى: {حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} هو من الزينة النفسيّة. وقوله: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} حُمِل على الزِّينة الخارجيَّة، وذلك أَنَّه قد رُوى أَنَّ أَقوامًا كانوا يطوفون بالبيت عُراةً، فنُهوا عن ذلك بهذا الآية. وقيل: بل زينة الله في هذه الآية هي الكَرَم المذكور في قوله: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
وقوله: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} هي الزينة الدّنيوية: من الأَثاث والمال والجاه.
وقد نسب الله تعالى تزيين الأَشياءِ إِلى نفسه في مواضع، وإِلى الشيطان في مواضع، وفى أَماكن ذكره عن مُسَمَّى فاعلُه. قال تعالى في الإِيمان: {وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ}، وفى الكفر: {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ}. وممّا نسبه إِلى الشيطان: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ}. ممّا لم يسمَّ فاعله: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ}، {وَكَذلك زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} أَى زَيّنَهُ شركاؤهم.
وقوله: {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ}، {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ}، {وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} إِشارة إِلى الزِّينة المدرَكة بالبصر للخاصّة والعامّة، وإِلى الزينة المعقولة التي تعرفها الخاصّة، وذلك إِحكامها وسيرها.
وتزيين الله تعالى للأَشياءِ قد يكون بإِداعها مزيَّنة كذلك. قال الشاعر:
الرّوض يزدان بالأَنوار فاغِمة ** والحُرّ بالبرّ والإِحسان يزدانُ

وقال آخر:
وإِذا الدُرّ زان حُسْنَ وجوهٍ ** كان للدُرّ حسنُ وجهك زينا

وقال:
لكلّ شيى حسن زينة ** وزينة العاقل حسن الأَدب

قد يشرِّف المرءُ بآدابه ** يومًا وإِن كان وضيع النَّسب

وقد وردت الزِّينة في القرآن على عشرين وجها:
الأَول: زينة الدّنيا: {وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ}.
الثَّانى: زينة بالملابس: {تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} أَى ثيابها.
الثالث: زينة ستر العورة: {خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ}.
الرّابع: زينة قارُون بماله ورجاله: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ}.
الخامس: زينة النّساء بالْحُلِىّ: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}، {مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ}.
السادس: زينة العجائز بالثياب الفاخرة: {غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ}.
السابع: زينة العيد: {مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ}.
الثامن: زينة عاريّة القِبْط: {حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِّن زِينَةِ الْقَوْمِ}.
التاسع: زينة آل فرعون: {آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً}.
العاشر: زينة أَهل الدّنيا فيها: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.
الحادى عشر: زينة المسافرين بالمراكب: {لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً}.
الثانى عشر: زينة حبّ الشَّهوات: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ}، أَى حُسِّنَ في أَعينهم وقلوبهم.
الثانى عشر أيضا: زينة العصيان في أَعين ذو الخذلان: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا}.
الثالث عشر: زينة قتل الوِلدان: {وَكَذلك زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ}.
الرابع عشر: زينة الحياة لذوي الطغيان: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}.
الخامس عشر: زينة أَحوال الماضين والباقين في عيون الكفَّار استدراجًا لهم: {فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}.
السادس عشر: زينة الشَّيطان الضلال لمتَّبعيه: {لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ}. {فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ}.
السابع عشر: زينة الله لأَعدائه خذلانهم: {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ}.
الثامن عشر: زينة السّماء لأُولى الأَبصار: {وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ}.
التاسع عشر: زينة الأَرض بالنَّبات والرياحين: {أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ} أَى تلوّنت بالأَلوان.
العشرون: زينة الفَلَك بالكواكب: {زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ}.
الحادى والعشرون: زينة الأَفلاك السّبع بالسّيّارات السّبع: {وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ}.
الثانى والعشرون: زينة الإِيمان في قلوب العارفين: {وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ}.
أُنشِدنا لبعض المحدَثين:
سبحان مَنْ زيّن الأَفلاك بالقمر ** وزيّن الأَرض بالأَنهار والشَجَر

لا كالسّراج والا كالشَّمس زاهرة ** لا كالجواهر والياقوت والدُررِ

وجَنَّة الخلد بالأَنوار زيَّنها ** والقصرُ زيَّنه بالحُور والسُرُور

وزيَّن النفس بالأَعضاءِ مستويا ** والرأْس زيَّنه بالسمع والبصر

وزيَّن القلبَ بالأَنوار نوّره ** لا كالنجوم ولا كالشمس والقمر

اهـ.