فصل: (سورة العنكبوت الآيات 1- 3):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة العنكبوت الآيات 1- 3]:

{الم (1) أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون (2) ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين (3)}.
الحسبان لا يصح تعليقه بمعاني المفردات، ولكن بمضامين الجمل. ألا ترى أنك لو قلت: حسبت زيدا وظننت الفرس: لم يكن شيئا حتى تقول: حسبت زيدا عالما وظننت الفرس جوادا، لأن قولك: زيد عالم، أو الفرس جواد كلام دال على مضمون، فأردت الإخبار عن ذلك المضمون ثابتا عندك على وجه الظن لا اليقين، فلم تجد بدا في العبارة عن ثباته عندك على ذلك الوجه، من ذكر شطرى الجملة مدخلا عليهما فعل الحسبان، حتى يتم لك غرضك.
فإن قلت: فأين الكلام الدال على المضمون الذي يقتضيه الحسبان في الآية؟ قلت: هو في قوله: {أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} وذلك أن تقديره: أحسبوا تركهم غير مفتونين، لقولهم: آمنا، فالترك أول مفعولي حسب، ولقولهم: آمنا، هو الخبر. وأما غير مفتونين فتتمة الترك، لأنه من الترك الذي هو بمعنى التصيير، كقوله:
فتركته جزر السباع ينشنه

ألا ترى أنك قبل المجيء بالحسبان، تقدر أن تقول: تركهم غير مفتونين، لقولهم: آمنا، على تقدير: حاصل ومستقر، قبل اللام. فإن قلت: أن يقولوا هو علة تركهم غير مفتونين، فكيف يصح أن يقع خبر مبتدأ؟ قلت: كما تقول خروجه لمخافة الشر، وضربه للتأديب، وقد كان التأديب والمخافة في قولك: خرجت مخافة الشر، وضربته تأديبا: تعليلين.
وتقول أيضا: حسبت خروجه لمخافة الشر، وظننت ضربه للتأديب، فتجعلهما مفعولين كما جعلتهما مبتدأ وخبرا.
والفتنة: الامتحان بشدائد التكليف: من مفارقة الأوطان، ومجاهدة الأعداء، وسائر الطاعات الشاقة، وهجر الشهوات والملاذ، وبالفقر والقحط، وأنواع المصائب في الأنفس والأموال. وبمصابرة الكفار على أذاهم وكيدهم وضرارهم. والمعنى: أحسب الذين أجروا كلمة الشهادة على ألسنتهم وأظهروا القول بالإيمان: أنهم يتركون بذلك غير ممتحنين، بل يمحنهم الله بضروب المحن، حتى يبلو صبرهم، وثبات أقدامهم، وصحة عقائدهم، ونصوع نياتهم، ليتميز المخلص من غير المخلص، والراسخ في الدين من المضطرب، والمتمكن من العابد على حرف، كما قال: {لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور} وروى أنها نزلت في ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جزعوا من أذى المشركين. وقيل في عمار بن ياسر: وكان يعذب في الله. وقيل: في ناس أسلموا بمكة، فكتب إليهم المهاجرون: لا يقبل منكم إسلامكم حتى تهاجروا، فخرجوا فتبعهم المشركون فردوهم، فلما نزلت كتبوا بها إليهم، فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوهم، فمنهم من قتل ومنهم من نجا. وقيل: في مهجع بن عبد الله مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو أول قتيل من المسلمين يوم بدر، رماه عامر بن الحضرمي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سيد الشهداء مهجع، وهو أول من يدعى إلى باب الجنة من هذه الأمة» فجزع عليه أبواه وامرأته {ولقد فتنا} موصول بأحسب أو بلا يفتنون، كقولك: ألا يمتحن فلان وقد امتحن من هو خير منه، يعنى: أن أتباع الأنبياء عليهم السلام قبلهم، قد أصابهم من الفتن والمحن نحو ما أصابهم أو ما هو أشد منه فصبروا، كما قال: وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا. الآية وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «قد كان من قبلكم يؤخذ فيوضع المنشار على رأسه فيفرق فرقتين، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب، ما يصرفه ذلك عن دينه» فليعلمن الله بالامتحان الذين صدقوا في الإيمان وليعلمن الكاذبين فيه. فإن قلت: كيف وهو عالم بذلك فيما لم يزل؟ قلت: لم يزل يعلمه معدوما، ولا يعلمه موجودا إلا إذا وجد، والمعنى: وليتميزن الصادق منهم من الكاذب. ويجوز أن يكون وعدا ووعيدا، كأنه قال: وليثيبن الذين صدقوا وليعاقبن الكاذبين. وقرأ على رضي الله عنه والزهري: {وليعلمن} من الإعلام، أي: وليعرفنهم الله الناس من هم. أو ليسمنهم بعلامة يعرفون بها من بياض الوجوه وسوادها، وكحل العيون وزرقتها.

.[سورة العنكبوت آية 4]:

{أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون (4)}.
{أن يسبقونا} أن يفوتونا، يعني أن الجزاء يلحقهم لا محالة، وهم لم يطمعوا في الفوت، ولم يحدثوا به نفوسهم، ولكنهم لغفلتهم وقلة فكرهم في العاقبة وإصرارهم على المعاصي: في صورة من يقدر ذلك ويطمع فيه. ونظيره {وما أنتم بمعجزين في الأرض} {ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون}. فإن قلت: أين مفعولا حسب؟ قلت: اشتمال صلة أن على مسند ومسند إليه سد مسد المفعولين، كقوله تعالى: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة} ويجوز أن يضمن حسب معنى قدر وأم منقطعة. ومعنى الإضراب فيها: أن هذا الحسبان أبطل من الحسبان الأول، لأن ذاك يقدر أنه لا يمتحن لإيمانه، وهذا يظن أنه لا يجازى بمساويه ساء ما يحكمون بئس الذي يحكمونه حكمهم هذا. أو بئس حكما يحكمونه حكمهم هذا، فحذف المخصوص بالذم.

.[سورة العنكبوت آية 5]:

{من كان يرجوا لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم (5)}.
{لقاء الله} مثل للوصول إلى العاقبة، من تلقى ملك الموت، والبعث، والحساب، والجزاء:
مثلت تلك الحال بحال عبد قدم على سيده بعد عهد طويل، وقد اطلع مولاه على ما كان يأتى ويذر، فإما أن يلقاه ببشر وترحيب لما رضى من أفعاله، أو بضد ذلك لما سخطه منها، فمعنى قوله: {من كان يرجوا لقاء الله} من كان يأمل تلك الحال. وأن يلقى فيها الكرامة من الله والبشر فإن أجل الله وهو الموت لآت لا محالة، فليبادر العمل الصالح الذي يصدق رجاءه، ويحقق أمله، ويكتسب به القربة عند الله والزلفى وهو السميع العليم الذي لا يخفى عليه شيء مما يقوله عباده ومما يفعلونه، فهو حقيق بالتقوى والخشية. وقيل يرجوا: يخاف من قول الهذلي في صفة عسال:
إذا لسعته الدبر لم يرج لسعها

فإن قلت: فإن أجل الله لآت، كيف وقع جوابا للشرط؟ قلت: إذا علم أن لقاء الله عنيت به تلك الحال الممثلة والوقت الذي تقع فيه تلك الحال هو الأجل المضروب للموت: فكأنه قال: من كان يرجو لقاء الله فإن لقاء الله لآت، لأن الأجل واقع فيه اللقاء، كما تقول: من كان يرجو لقاء الملك فإن يوم الجمعة قريب، إذا علم أنه يقعد للناس يوم الجمعة.

.[سورة العنكبوت آية 6]:

{ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين (6)}.
{ومن جاهد} نفسه في منعها ما تأمر به وحملها على ما تأباه فإنما يجاهد لها، لأن منفعة ذلك راجعة إليها، وإنما أمر الله عز وجل ونهى، رحمة لعباده وهو الغنى عنهم وعن طاعتهم.

.[سورة العنكبوت آية 7]:

{والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون (7)}.
إما أن يريد قوما مسلمين صالحين قد أساءوا في بعض أعمالهم وسيئاتهم مغمورة بحسناتهم فهو يكفرها عنهم، أي يسقط عقابها بثواب الحسنات ويجزيهم أحسن الذي كانوا يعملون، أي: أحسن جزاء أعمالهم: وإما قوما مشركين آمنوا وعملوا الصالحات، فالله عز وجل يكفر سيئاتهم بأن يسقط عقاب ما تقدم لهم من الكفر والمعاصي ويجزيهم أحسن جزاء أعمالهم في الإسلام.

.[سورة العنكبوت آية 8]:

{ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون (8)}.
وصى حكمه حكم أمر في معناه وتصرفه. يقال: وصيت زيدا بأن يفعل خيرا، كما تقول: أمرته بأن يفعل. ومنه بيت الإصلاح:
وذبيانية وصت بنيها ** بأن كذب القراطف والقروف

كما لو قال: أمرتهم بأن ينتهبوها. ومنه قوله تعالى: {ووصى بها إبراهيم بنيه} أي وصاهم بكلمة التوحيد وأمرهم بها، وقولك: وصيت زيدا بعمرو، معناه: وصيته بتعهد عمرو ومراعاته ونحو ذلك، وكذلك معنى قوله: {ووصينا الإنسان بوالديه حسنا} وصيناه بإيتاء والديه حسنا، أو بإيلاء والديه حسنا، أي: فعلا ذا حسن، أو ما هو في ذاته حسن لفرط حسنه، كقوله تعالى: {وقولوا للناس حسنا} وقرئ: {حسنا} و{إحسانا} ويجوز أن تجعل حسنا من باب قولك: زيدا، بإضمار أضرب إذا رأيته متهيئا للضرب، فتنصبه بإضمار أو لهما. أو افعل بهما، لأن التوصية بهما دالة عليه، وما بعده مطابق له، كأنه قال: قلنا أو لهما معروفا وفلا تطعهما في الشرك إذا حملاك عليه. وعلى هذا التفسير إن وقف على بوالديه وابتدأ حسنا حسن الوقف، وعلى التفسير الأول لابد من إضمار القول، معناه: وقلنا إن جاهداك أيها الإنسان ما ليس لك به علم أي لا علم لك بإلهيته. والمراد بنفي العلم: نفى المعلوم، كأنه قال: لتشرك بى شيئا لا يصح أن يكون إلها ولا يستقيم: وصاه بوالديه وأمره بالإحسان إليهما، ثم نبه بنهيه عن طاعتهما إذا أراداه على ما ذكر، على أن كل حق وإن عظم ساقط إذا جاء حق الله، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ثم قال: إلى مرجع من آمن منكم ومن أشرك، فأجازيكم حق جزائكم. وفيه شيئان، أحدهما: أن الجزاء إلى، فلا تحدث نفسك بجفوة والديك وعقوقهما لشركهما، ولا تحرمهما برك ومعروفك في الدنيا، كما أنى لا أمنعهما رزقي. والثاني: التحذير من متابعتهما على الشرك، والحث على الثبات والاستقامة في الدين بذكر المرجع والوعيد.
روى أن سعد بن أبى وقاص الزهري رضي الله عنه حين أسلم قالت أمه وهي حمنة بنت أبى سفيان بن أمية بن عبد شمس: يا سعد، بلغني أنك قد صبأت، فو الله لا يظلني سقف بيت من الضح والريج، وإن الطعام والشراب على حرام حتى تكفر بمحمد- وكان أحب ولدها إليها- فأبى سعد وبقيت ثلاثة أيام كذلك، فجاء سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا إليه، فنزلت هذه الآية والتي في لقمان والتي في الأحقاف، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يداريها ويترضاها بالإحسان.
وروى أنها نزلت في عياش بن أبى ربيعة المخزومي، وذلك أنه هاجر مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مترافقين حتى نزلا المدينة، فخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام أخواه لأمه أسماء بنت مخرمة: امرأة من بنى تميم من بنى حنظلة فنزلا بعياش وقالا له: إن من دين محمد صلة الأرحام وبر الوالدين، وقد تركت أمك لا تطعم ولا تشرب ولا تأوى بيتا حتى تراك، وهي أشد حبا لك منا فاخرج معنا، وفتلا منه في الذروة والغارب فاستشار عمر رضي الله عنه فقال: هما يخدعانك، ولك على أن أقسم مالى بيني وبينك، فما زالا به حتى أطاعهما وعصى عمر، فقال له عمر: أما إذ عصيتني فخذ ناقتي، فليس في الدنيا بعير يلحقها، فإن رابك منهما ريب فارجع، فلما انتهوا إلى البيداء قال أبو جهل: إن ناقتي قد كلت فاحملني معك. قال: نعم، فنزل ليوطئ لنفسه وله، فأخذاه وشداه وثاقا، وجلده كل واحد منهما مائة جلدة، وذهبا به إلى أمه فقالت: لا تزال في عذاب حتى ترجع عن دين محمد، فنزلت.

.[سورة العنكبوت آية 9]:

{والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين (9)}.
في الصالحين في جملتهم. والصلاح من أبلغ صفات المؤمنين، وهو متمنى أنبياء الله. قال الله تعالى حكاية عن سليمان عليه السلام: {وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين} وقال في إبراهيم عليه السلام: {وإنه في الآخرة لمن الصالحين} أو في مدخل الصالحين وهي الجنة، وهذا نحو قوله تعالى: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم} الآية.

.[سورة العنكبوت الآيات 10- 11]:

{ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أو ليس الله بأعلم بما في صدور العالمين (10) وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين (11)}.
هم ناس كانوا يؤمنون بألسنتهم، فإذا مسهم أذى من الكفار وهو المراد بفتنة الناس، كان ذلك صارفا لهم عن الإيمان، كما أن عذاب الله صارف للمؤمنين عن الكفر. أو كما يجب أن يكون عذاب الله صارفا. وإذا نصر الله المؤمنين وغنمهم اعترضوهم وقالوا إنا كنا معكم أي مشايعين لكم في دينكم، ثابتين عليه ثباتكم، ما قدر أحد أن يفتننا، فأعطونا نصيبنا من المغنم. ثم أخبر سبحانه أنه أعلم بما في صدور العالمين من العالمين بما في صدورهم، ومن ذلك ما تكن صدور هؤلاء من النفاق، وهذا إطلاع منه للمؤمنين على ما أبطنوه، ثم وعد المؤمنين وأوعد المنافقين. وقرئ: {ليقولن} بفتح اللام.

.[سورة العنكبوت الآيات 12- 13]:

{وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون (12) وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسئلن يوم القيامة عما كانوا يفترون (13)}.
أمروهم باتباع سبيلهم وهي طريقتهم التي كانوا عليها في دينهم، وأمروا أنفسهم بحمل خطاياهم فعطف الأمر على الأمر، وأرادوا: ليجتمع هذان الأمران في الحصول أن تتبعوا سبيلنا وأن تحمل خطاياكم. والمعنى: تعليق الحمل بالاتباع، وهذا قول صناديد قريش: كانوا يقولون لمن آمن منهم: لا نبعث نحن ولا أنتم، فإن عسى كان ذلك فإنا نتحمل عنكم الإثم. ونرى في المتسمين بالإسلام من يستن بأولئك فيقول لصاحبه- إذا أراد أن يشجعه على ارتكاب بعض العظائم: افعل هذا وإثمه في عنقي. وكم من مغرور بمثل هذا الضمان من ضعفة العامة وجهلتهم- ومنه ما يحكى أن أبا جعفر المنصور رفع إليه بعض أهل الحشو حوائجه، فلما قضاها قال: يا أمير المؤمنين، بقيت الحاجة العظمى. قال: وما هي؟ قال شفاعتك يوم القيامة، فقال له عمرو بن عبيد رحمه الله: إياك وهؤلاء، فإنهم قطاع الطريق في المأمن. فإن قلت: كيف سماهم كاذبين، وإنما ضمنوا شيئا علم الله أنهم لا يقدرون على الوفاء به، وضامن ما لا يعلم اقتداره على الوفاء به، لا يسمى كاذبا لا حين ضمن ولا حين عجز، لأنه في الحالين لا يدخل تحت حد الكاذب وهو المخبر عن الشيء لا على ما هو عليه؟ قلت: شبه الله حالهم حيث علم أن ما ضمنوه لا طريق لهم إلى أن يفوا به، فكان ضمانهم عنده لا على ما عليه المضمون بالكاذبين الذين خبرهم لا على ما عليه لمخبر، عنه. ويجوز أن يريد أنهم كاذبون، لأنهم قالوا ذلك وقلوبهم على خلافه، كالكاذبين الذين يعدون الشيء وفي قلوبهم نية الخلف وليحملن أثقالهم أي أثقال أنفسهم وأثقالا يعني أثقالا أخر غير الخطايا التي ضمنوا للمؤمنين حملها، وهي أثقال الذين كانوا سببا في ضلالهم وليسئلن سؤال تقريع عما كانوا يفترون أي يختلقون من الأكاذيب والأباطيل. وقرئ: {من خطيآتهم}.