فصل: قال الشوكاني في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أجيب: بأن السابق ذكر الكفار فذكر العذاب لسبق ذكر مستحقه بحكم الإيعاد وعقبه بالرحمة، فذكر الرحمة وقع تبعا لئلا يكون العذاب مذكورا وحده وهذا تحقيق قوله: «رحمتي سبقت غضبي» {وإليه} وحده {تقلبون} أي: تردون بعد موتكم بأيسر سعي.
{وما أنتم بمعجزين} ربكم عن إدراككم {في الأرض} كيف انقلبتم في ظاهرها وباطنها واختلف في معنى قوله تعالى: {ولا في السماء} لأن الخطاب مع الآدميين وهم ليسوا في السماء فقال الفراء معناه: ولا منْ في السماء بمعجز إن عصى كقول حسان بن ثابت رضى الله تعالى عنه:
فمن يهجو رسول الله منكم ** ويمدحه وينصره سواء

أراد ومن يمدحه وينصره فأضمر {من} يريد أنه لا يعجز أهل الأرض من في الأرض ولا أهل السماء من في السماء فالمعنى أن من في السماء عطف بتقدير إن يعصى وقال الفراء: وهذا من غوامض العربية، وقال قطْرب: وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء لو كنتم فيها كقول القائل: ما يفوتني فلان هنا ولا في البصرة أي: ولا في البصرة لو كان بها وكقوله تعالى: {إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض} أي: على تقدير إن تكونوا فيها.
وقال ابن عادل: وأبعد من ذلك من قدر موصولين محذوفين، أي: وما أنتم بمعجزين منْ في الأرض من الجن والأنس ولا منْ في السماء من الملائكة فكيف تعجزون خالقهما، وعلى قول الجمهور يكون المفعول محذوفا أي: وما أنتم بمعجزين أي: فائتين ما يريد الله تعالى، وقال البقاعي: ويمكن أن يكون له نظر إلى قصة نمروذ وبنائه الصرح الذي أراد به التوصل إلى السماء لاسيما والآيات مكتنفة بقصة إبراهيم عليه السلام من قبلها ومن بعدها، ولما أخبرهم بأنهم مقدور عليهم وكان ربما يتوهم أن غيرهم ينصرهم صرح بنفيه في قوله تعالى: {ومالكم} أي: أجمعين وأشار إلى سفول رتبة كل من سواه بقوله تعالى: {من دون الله} أي: غيره وأكد النفي بإثبات الجار بقوله: {من ولي} أي: قريب يحميكم لأجل القرابة {ولا نصير} ينصركم من عذابه، ولما بين الأصلين التوحيد والإعادة وقررهما بالبرهان هدد كل من خالفه على سبيل التفصيل بقوله تعالى: {والذين كفروا} أي: ستروا ما أظهرت لهم أنوار العقول {بآيات الله} أي: بسبب دلائل الملك الأعظم المرئية والمسموعة التي لا أوضح منها {ولقائه} بالبعث بعد الموت الذي أخبر به وأقام الدليل عليه {أولئك} أي: البعداء البغضاء {يئسوا} أي: متحققين يأسهم من الآن بل من الأزل لأنهم لم يرجوا لقاء الله يوما ولا قال قائل منهم: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين {من رحمتي} أي: من أن أفعل بهم من الإكرام بدخول الجنة وغيرها فعل الراحم {وأولئك لهم عذاب أليم} أي: مؤلم بالغ ألمه، فإن قيل هلا اكتفى بقوله تعالى: {أولئك} مرة واحدة؟
أجيب: بأن ذلك كرر تفخيما للأمر فاليأس وصف لهم لأن المؤمن دائما يكون راجيا خائفا، وأما الكافر فلا يخطر بباله رجاء ولا خوف.
وعن قتادة: أن الله تعالى ذم قوما هانوا عليه فقال: {أولئك يئسوا من رحمتي} وقال: {ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}.
فينبغي للمؤمن أن لا ييأس من روح الله ولا من رحمته وأن لا يأمن عذابه وعقابه، فصفة المؤمن أن يكون راجيا لله خائفا ثم إن الله تعالى أخبر عن فظاظة قوم إبراهيم وتكبرهم بقوله تعالى: {فما كان جواب قومه} لما أمرهم بالتوحيد وتقوى الله تعالى: {إلا أن قالوا} أي: قال بعضهم لبعض أو قاله واحد منهم وكان الباقون راضين {اقتلوه أو حرقوه} بالنار، فإن قيل كيف سمى قولهم اقتلوه أو حرقوه جوابا مع أنه ليس بجواب؟
أجيب عنه من وجهين: أحدهما: أنه خرج مخرج كلام المتكبر كما يقول الملك لرسول خصمه جوابكم السيف مع أن السيف ليس بجواب وإنما معناه لا أقابل بالجواب وإنما أقابل بالسيف، وثانيهما: أن الله تعالى أراد بيان صلابتهم وأنهم ذكروا ما ليس بجواب في معرض الجواب فبين أنهم لم يكن لهم جواب أصلا، وذلك أن من لا يجيب غيره وسكت لا يعلم أنه يقدر على الجواب أم لا لجواز أن يكون سكوته عن الجواب لعدم الالتفات، وأما إذا أجاب بجواب فاسد علم أنه قصد الجواب وما قدر عليه، ثم إنهم استقر رأيهم على الإحراق فجمعوا له حطبا إلى أن ملؤوا ما بين الجبال وأضرموا فيه النار حتى أحرقت ما دنا منها بعظيم الاشتعال وقذفوه فيها بالمنجنيق {فأنجاه الله} بما له من كمال العظمة {من النار} أي: من إحراقها وأذاها ونفعته بأن أحرقت وثاقه {إن في ذلك} أي: ما ذكر من أمره وما اشتملت عليه قصته من الحكم {لآيات} أي: براهين قاطعة على جميع أمر الله من تصرفه في الأعيان والمعاني لكون النار لم تحرقه وأحرقت وثاقه وكل ما مر عليها من طائر وإخمادها مع عظمتها في زمان يسير وإنشاء روض مكانها، وروي أنه لم ينتفع في ذلك اليوم الذي ألقي فيه إبراهيم عليه السلام بالنار وذلك لذهاب حرقها {لقوم يؤمنون} أي: يصدقون بتوحيد الله وقدرته لأنهم المنتفعون بالفحص عنها والتأمل فيها.
{وقال} أي: إبراهيم عليه السلام غير هائب لتهديدهم بقتل أو غيره {إنما اتخذتم} أي: أخذتم باصطناع وتكلف وأشار إلى عظمة الله وعلو شأنه {من دون الله} الذي كل شيء تحت قهره {أوثانا} أي: أصناما تبعدونها وما مصدرية {مودة بينكم} أي: تواددتم على محبتها {في الحياة الدنيا} بالاجتماع عندها والتواصل في أمرها بالتناصر والتعاضد كما يتفق ناس على مذهب فيكون ذلك سبب تصادقهم، وهذا دال على أن جمع الفسوق لأهل الدنيا هو العادة المستمرة، وأن الحب في الله والاجتماع له عزيز جدا لما فيه من قطع علائق الدنيا وشهواتها التي زينت للناس على ما فيها من الإلباس وعظيم البأس، وقرأ نافع وابن عامر وشعبة مودة بالنصب والتنوين وبينكم بنصب النون فنصب مودة على أنه مفعول له أي: لأجل مودة، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي برفع مودة من غير تنوين وكسر النون على أن مودة خبر مبتدأ محذوف أي: هي مودة، والباقون بنصب مودة من غير تنوين وكسر النون وهذا أيضا كإعراب المنونة، ولما أشار إلى هذا النفع الذي هو في الحقيقة ضرا تبع ذلك ما يعقبه من الضر البالغ معبرا بأداة البعد بقوله: {ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض} فينكر كل منكم محاسن أخيه ويتبرأ منه وتلعن الأتباع القادة وتلعن القادة الأتباع كما قال تعالى: {ويلعن بعضكم بعضا} وتنكرون كلكم عبادة الأوثان تارة إذا تحققتم أنها ضرر لا نفع لها وتقرون بها أخرى طالبين نصرتها راجين منفعتها وتنكر الأوثان عبادتكم وتجحد منفعتكم {ومأواكم} أي: جميعا أنتم والأوثان {النار وما لكم من ناصرين} يحمونكم منها، ثم بين تعالى أول من آمن بإبراهيم بقوله تعالى: {فآمن له} أي: لأجل دعائه له مع ما رأى من الآيات {لوط} وكان ابن أخيه هاران وهو أول من صدقه من الرجال {وقال} أي: إبراهيم عليه السلام لما هو جدير بالإنكار من الهجرة لصعوبتها {إني مهاجر} أي: خارج من أرضي وعشيرتي على وجه يهم فمنتقل ومنحاز {إلى ربي} أي: إلى أرض ليس فيها أنيس ولا عشير ولا من ترجى نصرته ولا من تنفع مودته فهاجر من كوثى من سواد الكوفة إلى حران ثم منها إلى الأرض المقدسة فكانت هجرتان، ومن ثم قالوا لكل نبي هجرة ولإبراهيم عليه السلام هجرتان، وهو أول من هاجر في الله وكان معه في هجرته لوط وامرأته سارة، قال مقاتل وكان إذ ذاك ابن خمس وسبعين سنة.
فإن قيل: لم لمْ يقل: إني مهاجر إلى حيث أمرني ربي مع أن المهاجرة توهم الجهة؟
أجيب: بأن هذا القول ليس في الإخلاص كقوله إلى ربي لأن الملك إذا صدر منه أمر برواح الأخيار ثم إن واحدا منهم سار إلى ذلك الموضع لغرض نفسه فقد هاجر إلى حيث أمره الملك ولكن ليس مخلصا لوجهه فلذا قال مهاجر إلى ربي يعني يوجهني إلى الجهة المأمور بالهجرة إليها ليس طلبا للجهة وإنما هو طلب لله، ثم علل ذلك بما يسليه عن فراق أرضه وأهل وده من ذوي رحمه وأنسابه بقوله: {إنه هو} أي: وحده {العزيز} أي: فهو جدير بإعزاز من انقطع إليه {الحكيم} فهو إذا أعز أحدا منعته حكمته من التعرض له بالإذلال بفعل أو مقال، ولما كان التقدير فأعززناه بما ظن بنا عطف عليه قوله: {ووهبنا له} أي: بعظيم قدرتنا شكرا على هجرته {إسحاق} من زوجته سارة رضي الله تعالى عنها التي جمعت إلى العقم في شبابها اليأس في كبرها {ويعقوب} من ولده إسحاق عليهما السلام فإن قيل لم لمْ يذكر إسماعيل عليه السلام وذكر إسحاق وعقبه؟
أجيب: بأن هذه السورة لما كان السياق فيها للامتحان وكان إبراهيم عليه السلام قد ابتلي في إسماعيل بفراقه مع أمه ووضعهما في مضيعة من الأرض لا أنيس فيها لم يذكره تصريحا في سياق الامتنان وأفرد إسحاق لأنه لم يبتل فيه بشيء من ذلك ولأن الامتنان به لكون أمه عجوزا عقيما أكبر وأعظم لأنها أعجب، وذكر إسماعيل تلويحا في قوله تعالى: {وجعلنا} أي: بعزتنا وحكمتنا {في ذريته} من ولد إسحاق وإسماعيل عليهما السلام {النبوة} فلم يكن بعده نبي أجنبي عنه بل جميع الأنبياء من ذرية إسحاق إلا نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم فإنه من ذرية إسماعيل قاله بعض العلماء، فإن قيل إن الله تعالى جعل في ذريته النبوة أجابة لدعائه والوالد يسوي بين أولاده فكيف صارت النبوة في ولد إسحاق عليه السلام أكثر؟.
أجيب: بأن الله تعالى قسم الزمان من وقت إبراهيم إلى يوم القيامة قسمين والناس أجمعين فالقسم الأول من الزمان: بعث الله تعالى فيه أنبياء فيهم فضائل جمة وجاؤوا تترى واحدا بعد واحد مجتمعين في عصر واحد كلهم من ذرية إسحاق عليه السلام، ثم في القسم الثاني: من الزمان: أخرج من ذرية ولده إسماعيل عليه السلام واحدا اجتمع فيه ما كان فيهم وأرسله إلى كافة الخلق وهو محمد صلى الله عليه وسلم وجعله خاتم النبيين وقد دام الخلق على دين أولاد إسحاق أكثر من أربعة آلاف سنة ولا يبعد أن تبقى الخلق على دين ذرية إسماعيل ذلك المقدار {والكتاب} فلم ينزل كتاب إلا على أولاده، فإن قيل: لم أفرد الكتاب مع أنها أربعة التوراة والإنجيل والزبور والفرقان؟
أجيب: بأنه أفرده ليدل مع تناوله جنسية الكتب الأربعة أنه لا شيء يستحق أن يكتب إلا ما أنزل فيها أو كان راجعا إليها ولو جمع لم يفد هذا المعنى {وآتيناه أجره} على هجرته {في الدنيا} بما خصصناه به مما لا يقدر عليه غيرنا من سعة الرزق ورغد العيش وكثرة الولد والحزم في الشيخوخة وكثرة النسل، والثناء الحسن والمحبة من جميع الخلق وغير ذلك.
قال الرازي: وفي الآية لطيفة وهي أن الله تعالى بدل جميع أحوال إبراهيم عليه السلام في الدنيا بأضدادها لما أراد القوم تعذييه بالنار كان وحيدا فريدا فبدل الله تعالى وحدته بالكثرة حتى ملأ الدنيا من ذريته، ولما كان أولا بعث إلى قومه وأقاربه الأقربين ضالين مضلين من جملتهم آزر بدل الله تعالى أقاربه بأقارب مهتدين هادين وهم ذريته الذين جعلت فيهم النبوة والكتاب، وكان أولا لا جاه له ولا مال وهما غاية المذلة الدنيوية آتاه الله تعالى من المال والجاه حتى كان له من المواشي ما علم الله تعالى عدده حتى قيل إنه كان له اثنا عشر ألف كلب حارس بأطواق الذهب وأما الجاه فصار بحيث تقرن الصلاة عليه بالصلاة على سائر الأنبياء إلى يوم القيامة فصار معروفا بشيخ المرسلين بعد أن كان خاملا حتى قال قائلهم سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم وهذا الكلام لا يقال إلا للمجهول عند الناس.
{وإنه في الآخرة} أي: التي هي الدار ومحل الاستقرار {لمن الصالحين} أي: الذين خصصناهم بالسعادة وجعلنا لهم الحسنى وزيادة، قال ابن عباس: مثل آدم ونوح،. اهـ.

.قال الشوكاني في الآيات السابقة:

{ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون (14)}.
أجمل سبحانه قصة نوح تصديقا لقوله في أول السورة: {ولقد فتنا الذين من قبلهم} فيه تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم، كأنه قيل له: إن نوحا لبث ألف سنة إلا خمسين عاما يدعو قومه، ولم يؤمن منهم إلا قليل، فأنت أولى بالصبر لقلة مدة لبثك وكثرة عدد أمتك.
قيل: ووقع في النظم إلا خمسين عاما ولم يقل: تسعمائة سنة وخمسين؛ لأن في الاستثناء تحقيق العدد بخلاف الثاني، فقد يطلق على ما يقرب منه.
وقد اختلف في مقدار عمر نوح.
وسيأتي آخر البحث.
وليس في الآية إلا أنه لبث فيهم هذه المدة، وهي لا تدل على أنها جميع عمره.
فقد تلبث في غيرهم قبل اللبث فيهم، وقد تلبث في الأرض بعد هلاكهم بالطوفان، والفاء في {فأخذهم الطوفان} للتعقيب، أي أخذهم عقب تمام المدة المذكورة، والطوفان يقال لكل شيء كثير مطيف بجمع محيط بهم من مطر أو قتل: أو موت قاله النحاس.
وقال سعيد بن جبير وقتادة والسدي: هو المطر، وقال الضحاك: الغرق، وقيل: الموت، ومنه قول الشاعر:
أفناهم طوفان موت جارف. وجملة {وهم ظالمون} في محل نصب على الحال، أي مستمرون على الظلم، ولم ينجع فيهم ما وعظهم به نوح، وذكرهم هذه المدة بطولها {فأنجيناه وأصحاب السفينة} أي أنجينا نوحا، وأنجينا من معه في السفينة من أولاده وأتباعه.
واختلف في عددهم على أقوال: {وجعلناها} أي السفينة {آية للعالمين إن} أي عبرة عظيمة لهم، وفي كونها آية وجوه: أحدها: أنها كانت باقية على الجودي مدة مديدة.
وثانيها: أن الله سلم السفينة من الرياح المزعجة.
وثالثها: أن الماء غيض قبل نفاذ الزاد.
وهذا غير مناسب لوصف السفينة بأن الله جعلها آية.
وقيل: إن الضمير راجع في {جعلناها} إلى الواقعة أو إلى النجاة، أو إلى العقوبة بالغرق.
{وإبراهيم إذ قال لقومه} انتصاب {إبراهيم} بالعطف على {نوحا} وقال النسائي: هو معطوف على الهاء في {جعلناها} وقيل: منصوب بمقدر، أي واذكر إبراهيم.
و{إذ قال} منصوب على الظرفية، أي وأرسلنا إبراهيم وقت قوله لقومه اعبدوا الله، أو جعلنا إبراهيم آية وقت قوله هذا، أو واذكر إبراهيم وقت قوله، على أن الظرف بدل اشتمال من إبراهيم {اعبدوا الله واتقوه} أي أفردوه بالعبادة وخصوه بها واتقوه أن تشركوا به شيئا {ذلكم خير لكم} أي عبادة الله وتقواه خير لكم من الشرك، ولا خير في الشرك أبدا، ولكنه خاطبهم باعتبار اعتقادهم {إن كنتم تعلمون} شيئا من العلم، أو تعلمون علما تميزون به بين ما هو خير، وما هو شر.