فصل: قال ابن عطية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عطية:

ثم خاطبه تعالى بأمر الكفار وإقامة الحجة عليهم بأنهم إن سئلوا عن الأمور العظام التي هي دلائل القدرة لم يكن لهم إلا التسليم بأنها لله تعالى، و{يؤفكون} معناه يصرفون، ونبه تعالى على خلق السماوات وخلق الأرض وتسخير الكواكب وذكر عظمها فاقتضى ذلك ما دونه، ثم نبه على بسط الرزق وقدره لقوم، وإنزال المطر من السماء، وهذه عبر كفيلة لمن تأمل بالنجاة والمعتقد الأقوم، ثم أمر تعالى نبيه بحمده على جهة التوبيخ لعقولهم وحكم عليهم بأن {أكثرهم لا يعقلون} ولا يتسدد منهم نظر. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَلَئن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض} الآية.
لما عيّر المشركون المسلمين بالفقر وقالوا لو كنتم على حق لم تكونوا فقراء، وكان هذا تمويهًا، وكان في الكفار فقراء أيضًا أزال الله هذه الشبهة.
وكذا قول من قال إن هاجرنا لم نجد ما ننفق.
أي فإذا اعترفتم بأن الله خالق هذه الأشياء، فكيف تَشكُّون في الرزق، فمن بيده تكوين الكائنات لا يعجز عن رزق العبد؛ ولهذا وصله بقوله تعالى: {الله يَبْسُطُ الرزق لمَن يَشَاءُ منْ عبَاده وَيَقْدرُ لَهُ}.
{فأنى يُؤْفَكُونَ} أي كيف يكفرون بتوحيدي وينقلبون عن عبادتي {الله يَبْسُطُ الرزق لمَن يَشَاءُ} أي لا يختلف أمر الرزق بالإيمان والكفر، فالتوسيع والتقتير منه فلا تعيير بالفقر، فكل شيء بقضاء وقدر.
{إنَّ الله بكُلّ شَيْءٍ عَليمٍ} من أحوالكم وأموركم.
وقيل: عليم بما يصلحكم من إقتار أو توسيع.
قوله تعالى: {وَلَئن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ منَ السماء مَاءً} أي من السحاب مطرًا.
{فَأَحْيَا به الأرض من بَعْد مَوْتهَا} أي جدبها وقحط أهلها.
{لَيَقُولُنَّ الله} أي فإذا أقررتم بذلك فلم تشركون به وتنكرون الإعادة.
وإذا قَدَر على ذلك فهو القادر على إغناء المؤمنين؛ فكرر تأكيدًا.
{قُل الحمد للَّه} أي على ما أوضح من الحجج والبراهين على قدرته.
{بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقلُونَ} أي لا يتدبرون هذه الحجج.
وقيل: {الْحَمْدُ للَّه} على إقرارهم بذلك.
وقيل: على إنزال الماء وإحياء الأرض. اهـ.

.قال أبو حيان:

ثم أعقب تعالى ذلك بإقرارهم بأن مبدع العالم ومسخر النيرين هو الله.
وأتبع ذلك ببسط الرزق وضيقه، فقال: {الله يبسط الرزق لمن يشاء} أن يبسطه، {ويقدر} لمن يشاء أن يقدره.
والضمير في له ظاهره العود على من يشاء، فيكون ذلك الواحد يبسط له في وقت، ويقدر في وقت.
ويجوز أن يكون الضمير عائدًا عليه في اللفظ، والمراد لمن يشاء آخر، فصار نظير: {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره} أي من عمر معمر آخر.
وقولهم: عندي درهم ونصفه: أي ونصف درهم آخر، فيكون المبسوط له الرزق غير المضيق عليه الرزق.
وقرأ علقمة الحمصي: ويقدر: بضم الياء وفتح القاف وشد الدال، {عليم} يعلم ما يصلح العباد وما يفسدهم.
ولما أخبر بأنهم مقرون بأن موجد العالم، ومسخر النيرين، ومحيي الأرض بعد موتها هو الله، كان ذلك الإقرار ملزمًا لهم أن رازق العباد إنما الله هو المتكفل به.
وأمر رسوله بالحمد له تعالى، لأن في إقرارهم توحيد الله بالإبداع ونفي الشركاء عنه في ذلك، وكان ذلك حجة عليهم، حيث أسندوا ذلك إلى الله وعبدوا الأصنام.
{بل أكثرهم لا يعقلون} حيث يقرون بالصانع الرازق المحيي، ويعبدون غيره. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَلَئن سَأَلْتَهُمْ} أي أهلَ مكَّةَ {منْ خلاق السموات والأرض وَسَخَّرَ الشمس والقمر لَيَقُولُنَّ الله} إذ لا سبيلَ لهم إلى إنكاره ولا إلى التَّردُد فيه {فأنى يُؤْفَكُونَ} إنكار واستبعاد من جهته تعالى لتركهم العملَ بموجبه أي فكيفَ يُصرفون عن الإقرار بتفرُّده تعالى في الإلهية مع إقرارهم بتفرُّده تعالى فيما ذُكر من الخلق والتَّسخير.
{الله يَبْسُطُ الرزق لمَنْ يَشَاء} أنْ يبسطَه له {منْ عبَاده وَيَقْدرُ لَهُ} أي يقدرُ لمن يشاءُ أنْ يقدرَ له منهم كائنًا مَن كانَ على أنَّ الضَّميرَ مبهم حسبَ إبهام مرجعه، أو يقدرُ لمن يبسطه له على التَّعاقب {أَنَّ الله بكُلّ شيء عَليم} قيعلم مَن يليقُ ببسط الرّزق فيبسطُه له ومن يليقُ بقدْره له فيقدرُه له أو فيعلم أنَّ كلًا من البسط والقدر في أيّ وقتٍ يُوافق الحكممةَ والمصلحةَ فيفعلُ كلًا منهما في وقته {وَلَئن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ منَ السماء مَاء فَأَحْيَا به الأرض من بَعْد مَوْتهَا لَيَقُولُنَّ الله} معترفينَ بأنَّه الموجدُ للممكنات بأسرها أصولها وفروعها ثمَّ إنَّهم يُشركون به بعضَ مخلوقاته الذي لا يكادُ يُتوهَّمُ منه القدرةُ على شيءٍ أصلًا {قُل الحمد للَّه} على أنْ جعلَ الحقَّ بحيثُ لا يجترىءُ المبطلون على جُحوده وأنَّه أظهرَ حجَّتَك عليهم وقيل: على أنْ عصَمَك من هذه الضَّلالات ولا يخفى بعدُه {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقلُونَ} أي شيئًا من الأشياء فلذلك لا يعملونَ بمُقتضى قولهم هذا فيُشركون به سبحانَه أخسَّ مخلوقاته وقيل: لا يعقلونَ ما تُريد بتحميدك عند مقالهم ذلك. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَلَئن سَأَلْتَهُمْ} أي أهل مكة {منْ خلاق السموات والأرض وَسَخَّرَ الشمس والقمر لَيَقُولُنَّ الله} إذ لا سبيل لهم إلى إنكاره ولا التردد فيه، والاسم الجليل مرفوع على الابتداء والخبر محذوف لدلالة السؤال عليه أو على الفاعلية لفعل محذوف لذلك أيضًا {فأنى يُؤْفَكُونَ} إنكار واستبعاد من جهته تعالى لتركهم العمل بموجبه، والفاء للترتيب أو واقعة في جواب شرط مقدر أي إذا كان الأمر كذلك فكيف يصرفون عن الإقرار بتفرده عز وجل في الألوهية مع إقرارهم بتفرده سبحانه فيما ذكر من الخلق والتسخير.
وقدر بعضهم الشرط فإن صرفهم الهوى والشيطان لمكان بناء {يُؤْفَكُونَ} للمفعول، ولعل ما ذكرناه أولى.
{الله يَبْسُطُ يَهَبُ لمَن يَشَاء} أن يبسطه له لا غيره {منْ عبَاده وَيَقْدرُ لَهُ} أي يضيق عليه، والضمير عائد على {مَن يَشَاء} الذي يبسط له الرزق أي عائد عليه مع ملاحظة متعلقه فيكون المعنى أنه تعالى شأنه يوسع على شخص واحد رزقه تارة ويضيقه عليه أخرى، والواو لمطلق الجمع فقد يتقدم التضييق على التوسيع أو عائد على {مَن يَشَاء} بقطع النظر عن متعلقه فالمراد من يشاء آخر غير المذكور فهو نظير عندي درهم ونصفه أي نصف درهم آخر، وهذا قريب من الاستخدام، فالمعنى أنه تعالى شأنه يوسع على بعض الناس ويضيق على بعض آخر، وقرأ علقمة {وَيَقْدرُ} بضم الياء وفتح القاف وشد الدال {أَنَّ الله بكُلّ شيء عَليم} فيعلم أن كلًا من البسط والقدر في أي وقت يوافق الحكمة والمصلحة فيفعل كلًا منهما في وقته أو فيعلم من يليق ببسط الرزق فيبسطه له ومن يليق بقدره له فيقدر له، وهذه الآية أعني قوله تعالى: {الله يَبْسُطُ} الخ تكميل لمعنى قوله سبحانه: {الله يَرْزُقُهَا وَإيَّاكُمْ} [العنكبوت: 0 6] لأن الأول كلام في المرزوق وعمومه وهذا كلام في الرزق وبسطه وقتره، وقوله سبحانه: {وَلَئن سَأَلْتَهُمْ} الخ معترض لتوكيد معنى الآيتين وتعريض بأن الذين اعتمدتم عليهم في الرزق مقرون قدرتنا وبقوتنا كقوله تعالى: {إنَّ الله هُوَ الرزاق ذُو القوة المتين} [الذاريات: 8 5] قاله العلامة الطيبي.
وقال صاحب الكشف قدس سره: اعترض ليفيد أن الخالق هو الرزاق وأن من أفاض ابتداء وأوجد أولى أن يقدر على الإبقاء وأكد به ما ضمن في قوله عز وجل: {وعلى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 99].
{وَلَئن سَأَلْتَهُمْ مَّن نَّزَّلَ منَ السماء مَاء فَأَحْيَا به الأرض من بَعْد مَوْتهَا لَيَقُولُنَّ الله} معترفين بأنه عز وجل الموجد للمكنات بأسرها أصولها وفروعها ثم إنهم يشركون به سبحانه بعض مخلوقاته الذي لا يكاد يتوهم منه القدرة على شيء ما أصلًا {قُل الحمد للَّه} على إظهار الحجة واعترافهم بما يلزمهم، وقيل: حمده عليه الصلاة والسلام على العصمة مما هم عليه من الضلال حيث أشركوا مع اعترافهم بأن أصول النعم وفروعها منه جل جلاله فيكون كالحمد عند رؤية المبتلي، وقيل: يجوز أن يكون حمدًا على هذا وذاك {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقلُونَ} ما يقولون وما فيه من الدلالة على بطلان الشرك وصحة التوحيد أو لا يعقلون شيئًا من الأشياء فلذلك لا يعملون بمقتضى قولهم هذا فيشركون به سبحانه أخس مخلوقاته، قيل: إضراب عن جهلهم الخاص في الإتيان بما هو حجة عليهم إلى أن ذلك لأنهم مسلوبو العقول فلا يبعد عنهم مثله، وقوله تعالى: {قُل الحمد للَّه} معترض وجعله الزمخشري في سورة لقمان إلزامًا وتقريرًا لاستحقاقه تعالى العبادة، وقيل: {لاَ يَعْقلُونَ} ما تريد بتحميدك عند مقالهم ذلك، ولم يرتضه بعض المحققين لخفائه وقلة جدواه وتكلف توجيه الإضراب فيه. اهـ.

.قال عبد الكريم الخطيب:

قوله تعالى: {وَلَئنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماوات وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}.
بعد هذه الوقفة مع هؤلاء المؤمنين الذين حملهم المشركون على الهجرة من أوطانهم، بما أخذوهم به من بأساء وضراء- عادت الآيات لتلقى المشركين بقدائفها المدمّرة، التي تدكّ بها حصون الشرك، وتهدم قلاعه، بحجتها الدامغة، وبيانها المبين.
فالمشركون هنا، في مواجهة سؤال، هو: {مَنْ خَلَقَ السَّماوات وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ}؟
وإنه لا يجرؤ أحد منهم أن يجيب بأن آلتهم تلك الجاثمة على الأرض، هي التي حلقت السموات والأرض، وأنها هي التي سخرت الشمس والقمر.
فمن إذن الذي خلق؟ ومن الذي سخّر؟ جواب واحد، هو اللّه الذي خلق السموات والأرض وسخّر الشمس والقمر. إنهم لا ينكرون هذا، ولا سبيل لهم إلى إنكاره. وإذن فكيف يصرفون وجوههم عن اللّه، ويقبلون على هده الدّمى يعبدونها من دونه؟ أليس هذا سفها وضلالا؟ وبلى إنه السّفه والضلال والضّياع أيضا.
وقوله تعالى: {فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} هو تعقيب على هذا السؤال، وعلى الجواب الذي أجابوا به نطقا، أو إلجاء، وإلزاما، إذ لا جواب لهم غيره! {لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}.
وأنّى، بمعنى كيف، ويؤفكون، من الإفك، وهو الانصراف عن وجه الحق إلى الضلال.
قوله تعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرّزْقَ لمَنْ يَشاءُ منْ عباده وَيَقْدرُ لَهُ إنَّ اللَّهَ بكُلّ شَيْءٍ عَليم}.
هذه الآية تعقيب على ما تقرر في الآية السابقة من استسلام المشركين لما ألزمتهم به من حجة، لم يجدوا معها سبيلا إلا الإذعان والإقرار، بأن اللّه سبحانه هو الذي خلق السموات والأرض وسخّر الشمس والقمر.
وإذا كان ذلك كذلك على ما أقروا به، فليعلموا إذن أن اللّه هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده، ويقدر له، فيوسع الرزق لمن يشاء، ويقدره أي يضيقه على من يشاء، حسب علمه، وحكمته. {إنَّ اللَّهَ بكُلّ شَيْءٍ عَليم} فلا يفعل ما يفعل إلا عن علم، وما كان فعلا عن علم، فهو أصلح الأفعال، وأنسبها، وأعدلها، وأحكمها.
قوله تعالى: {وَلَئنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ منَ السَّماء ماءً فَأَحْيا به الْأَرْضَ منْ بَعْد مَوْتها لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُل الْحَمْدُ للَّه بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقلُونَ}.
وهذا سؤال آخر يسأله المشركون: {مَنْ نَزَّلَ منَ السَّماء ماءً فَأَحْيا به الْأَرْضَ منْ بَعْد مَوْتها} فما جوابهم على هذا؟.
لقد أقروا- طوعا أو كرها- أن اللّه هو الذي خلق السموات والأرض وسخّر الشمس والقمر. إذ كان ذلك أمرا لا يمكن المجادلة فيه، ولا يجد معه أي عقل- مهما لج في الضلال والعناد- سبيلا إلى المماراة، والتمحك.
وعلى هذا، فإنه وقد سلّم بأن اللّه هو الذي خلق السموات والأرض وسخّر الشمس والقمر، لابد أن يسلّم بأنه سبحانه هو الذي يملك كل ما في السموات وما في الأرض، وأنه هو سبحانه الذي يصرّف كل شيء فيهما.
فما ينزل من السماء من ماء، فهو من أمر اللّه، ومن قدرته، وتدبيره. وما يحدث هذا الماء من آثار في الأرض، فهو من أمر اللّه، ومن قدرته، وتدبيره.
وإذن، فلا جواب لهؤلاء المشركين إلا الإقرار، بأن اللّه هو الذي نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها. فهذا من ذاك، أو من بعض ذاك.
وقوله تعالى: {قُل الْحَمْدُ للَّه} هو تعقيب على هذا الإقرار، الذي ألجأ المشركين إليه، ما طلع عليهم من آيات اللّه، فأنوا إليه مذعنين.
وهذا مما يجدد للمؤمن نظرا إلى نعم اللّه، حيث قهر جلالها المشركين الضالين، فاعترفوا برب هذه النعم، وأضافوها إليه. وإن الحمد والولاء للّه، هو ما ينبغى أن يسبّح به المؤمن في هذا المقام، مقام تلك النعمة الجليلة، وهى نزول الماء من السماء، وما لهذا الماء من آثار في بعث الحياة في الحياة!.
والأمر هنا في قوله تعالى: {قُل الْحَمْدُ للَّه} هو للنبى صلى اللّه عليه وسلم، ولكل مؤمن، يتلقى هذا الجواب، على هذا السؤال: من نزل من السماء ماء فأحيا به على الأرض من بعد موتها؟ سواء أكان الجواب على هذا السؤال واردا عليه من ذات نفسه، وهو يدير نظره في هذا الوجود، أو تلقاه من غيره، جوابا على سؤال! وفى قوله تعالى: {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقلُونَ} إشارة إلى ما ركب كثيرا من هؤلاء المشركين من جهل، وما تغشّاهم من ضلال. وأنهم لا يرون الحق الذي تلوح أماراته لأعينهم، ثم إنهم إذا بصّروا به، وأبصروه، لم يتقبلوه، واتهموا أنفسهم، وارتابوا في معطيات أبصارهم، وقالوا كما ذكر القرآن: {إنَّما سُكّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْم مَسْحُورُونَ} (15: الحجر).
فهذا الحمد الذي ينطق به الوجود كله، تسبيحا، وولاء للّه، لا يدرك المشركون دلالته، لأنهم لا يعقلون ما ينبغى للّه من تنزيه عن الشريك والولد. اهـ.