فصل: قال الأخفش:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الأخفش:

سورة الروم:
{الم غُلبَت الرُّومُ في أَدْنَى الأَرْض وَهُم مّن بَعْد غَلَبهمْ سَيَغْلبُونَ}.
قال: {الم غُلبَت الرُّومُ} {وَهُم مّن بَعْد غَلَبهمْ سَيَغْلبُونَ} أيْ: من بعدما غُلبُوا. وقال بعضهم {غَلَبَتْ} و{سيُغْلَبُون} لأنهم كانوا حين جاء الاسلام غَلَبوا ثم غُلبُوا حين كثر الاسلام.
{في بضْع سنينَ للَّه الأَمْرُ من قَبْلُ وَمن بَعْدُ وَيَوْمَئذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمنُونَ}.
وقال: {من قَبْلُ وَمن بَعْدُ} رفع لأن {قَبْلُ} و{بَعْدُ} مضمومتان مالم تضفهما لأنهما غير متمكنتين فاذا أضفتهما تمكنتا.
{ثُمَّ كَانَ عَاقبَةَ الَّذينَ أَسَاءُوا السُّوءَى أَن كَذَّبُوا بآيَات اللَّه وَكَانُوا بهَا يَسْتَهْزئُونَ} وقال: {أَسَاءُوا السُّوأى} ف {السُّوأَى} مصدرها هنا مثل التَقْوَى.
{وَمنْ آيَاته يُريكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزّلُ منَ السَّمَاء مَاءً فَيُحْيي به الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتهَا إنَّ في ذَلكَ لآيَاتٍ لّقَوْمٍ يَعْقلُونَ}.
وقال: {وَمنْ آيَاته يُريكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا} فلم يذكر فيها {أَنْ} لأن هذا يدل على المعنى. وقال الشاعر: من الطويل وهو الشاهد السابع بعد المئة:
ألاَ أيُّهذا الزاَّجري أحْضر الوغى ** وأنْ أشْهَدَ اللَذَّات هَلْ أَنْتَ مُخْلدي

اراد: أنْ إَحْضُرَ الوَغَى.
{فَأَقمْ وَجْهَكَ للدّين حَنيفًا فطْرَتَ اللَّه الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْديلَ لخَلْق اللَّه ذَلكَ الدّينُ الْقَيّمُ ولكنَّ أَكْثَرَ النَّاس لاَ يَعْلَمُونَ}.
وقال (159) {فطْرَتَ اللَّه} فنصبها على الفعل كأنه قال فَطَرَ اللهُ تلْكَ فطْرَةً.
{مُنيبينَ إلَيْه وَاتَّقُوهُ وَأَقيمُوا الصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُوا منَ الْمُشْركينَ}.
وقال: {مُنيبينَ} على الحال لأنه حين قال: {فَأَقمْ وَجْهَكَ} (30) قد أمره وأمر قومه حتى كأنه قال فَأَقيمُوا وَجُوهَكُمْ مُنيبينَ.
{ليَكْفُرُوا بمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
وقال: {ليَكْفُرُوا بمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا} فمعناه- والله أعلم- فعلوا ذلك ليَكْفُرُوا. وانما اقبل عليهم فقال تَمَتَّعُوا {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} وقال بعضهم {فَتَمَتَّعُوا فسوف يَعْلَمونَ} كأنه: فَقَدْ تَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ.
{وَإذَآ أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرحُوا بهَا وَإن تُصبْهُمْ سَيّئَة بمَا قَدَّمَتْ أَيْديهمْ إذَا هُمْ يَقْنَطُونَ}.
وقال: {وَإن تُصبْهُمْ سَيّئَة إذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} فقوله: {إذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} هو الجواب لأن {إذا} معلقة بالكلام الأول بمنزلة الفاء.
{وَإن كَانُوا من قَبْل أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهمْ مّن قَبْله لَمُبْلسينَ}.
وقال: {وَإن كَانُوا من قَبْل أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهمْ مّن قَبْله لَمُبْلسينَ} فرد {مّن قَبْله} على التوكيد نحو {فَسَجَدَ الْمَلائكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ}. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة الروم مكية كلها.
1، 2- {الم غُلبَت الرُّومُ في أَدْنَى الْأَرْض} مفسر في كتاب تأويل مشكل القرآن.
9- {وَأَثارُوا الْأَرْضَ} أي قلبوها للزراعة. ويقال للبقرة: المثيرة، قال اللّه تعالى: {إنَّها بَقَرَة لا ذَلُول تُثيرُ الْأَرْضَ} [سورة البقرة آية: 71].
10- {ثُمَّ كانَ عاقبَةَ الَّذينَ أَساؤُا السُّواى} وهي: جهنم والحسني الجنّة، في قوله: {للَّذينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى} سورة يونس آية: 26.
10 – {أَنْ كَذَّبُوا بآيات اللَّه} أي كانت عاقبتهم جهنم، بأن كذّبوا بآيات اللّه.
15- {فَهُمْ في رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} أي يسرّون. والحبرة: السّرور. ومنه يقال: كل حبرة، تتبعها عبرة.
18- {وَحينَ تُظْهرُونَ} أي تدخلون في الظّهيرة، وهو وقت الزّوال.
26- {كُلّ لَهُ قانتُونَ} أي مقرّون بالعبوديّة.
27- {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْه} قال ابو عبيدة: وهو هين عليه، كما يقال: اللّه أكبر، أي كبير. وأنت أوحد، أي واحد الناس. وإني لأوجل، أي وجل. وقال أوس بن حجر:
وقد أعتب أبن العمّ إن كنت ظالما ** وأغفر عنه الجهل إن كان أجهلا

أي أن كان جاهلا.
وفي تفسير أبي صالح: وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْه أي على المخلوق. لأنه يقال له يوم القيامة: كن، فيكون. وأول خلقه نطفة، ثم علقة، ثم مضغة.
28- {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا منْ أَنْفُسكُمْ} مفسر في كتاب تأويل المشكل.
30- {فطْرَتَ اللَّه الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها} أي خلقة اللّه التي خلق الناس عليها، وهي: أن فطرهم جميعا على أن يعلموا أن لهم خالقا ومدبّرا.
{لا تَبْديلَ لخَلْق اللَّه} أي لا تغيير لما فطرهم عليه من ذلك. ثم قال عز من قائل: {ذلكَ الدّينُ الْقَيّمُ وَلكنَّ أَكْثَرَ النَّاس لا يَعْلَمُونَ}.
31- {مُنيبينَ إلَيْه} أي مقبلين إليه بالطاعة. ويقال: أناب ينيب، إذا رجع عن باطل كان عليه.
35- {أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهمْ سُلْطانًا}؟ أي عذرا. ويقال: كتابا ويقال: برهانا. {فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بما كانُوا به يُشْركُونَ} فهو يدلّهم على الشرك. وهو مجاز.
36- {وَإذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً} أي نعمة.
{وَإنْ تُصبْهُمْ سَيّئَة} أي مصيبة.
39- {وَما آتَيْتُمْ منْ ربًا ليَرْبُوَا في أَمْوال النَّاس} أي ليزيدكم مم اموال الناس، فَلا يَرْبُوا عنْدَ اللَّه. قال ابن عباس: هو الرجل يهدي الشيء، يريد أن يثاب أفضل منه. فذلك الذي لا يربو عند اللّه.
{وَما آتَيْتُمْ منْ زَكاةٍ} أي من صدقة، تُريدُونَ وَجْهَ اللَّه، {فَأُولئكَ هُمُ الْمُضْعفُونَ} أي الذين يجدون التضعيف والزيادة.
41- {ظَهَرَ الْفَسادُ في الْبَرّ وَالْبَحْر} أي أجدب البرّ، وانقطعت مادّة البحر بذنوب الناس.
44- {فَلأَنْفُسهمْ يَمْهَدُونَ} أي يعملون ويوطّئون. والمهاد: الفراش.
48- {فَتَرَى الْوَدْقَ} أي المطر، {يَخْرُجُ منْ خلاله} أي من بين السحاب.
49- {لَمُبْلسينَ} أي يائسين. يقال: أبلس، إذا يئس.
50- {فَانْظُرْ إلى آثار رَحْمَت اللَّه} يعني: آثار المطر.
54- {خَلَقَكُمْ منْ ضَعْفٍ} أي من مني.
55- {ما لَبثُوا غَيْرَ ساعَةٍ} يحلفون- إذا خرجوا من قبورهم: أنهم ما لبثوا فيها غير ساعة. كَذلكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ في الدنيا. أي كذبوا في هذا الوقت، كما كانوا يكذبون من قبل. ويقال: أفك الرجل، إذا عدل به عن الصدق، وعن الخير. وأرض مأفوكة، أي محرومة المطر.
56- {وَقالَ الَّذينَ أُوتُوا الْعلْمَ وَالْإيمانَ لَقَدْ لَبثْتُمْ في كتاب اللَّه إلى يَوْم الْبَعْث} أي لبثتم في القبور- في خبر الكتاب- إلى يوم القيامة. اهـ.

.قال الغزنوي:

ومن سورة الروم:
2 {غُلبَت الرُّومُ} غلبتهم الفرس في زمن أنو شروان، فأخبر اللّه رسوله أنّ الروم ستدال على فارس فغلبوهم عام الحديبية.
3 {في أَدْنَى الْأَرْض} في الجزيرة، وهي أقرب أرض الروم إلى فارس.
4، 5 {وَيَوْمَئذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمنُونَ بنَصْر اللَّه} الروم على فارس لتصديق الوعد.
أو لأنّ ضعف فارس قوة العرب.
7 {يَعْلَمُونَ ظاهرًا منَ الْحَياة الدُّنْيا} أي: عمرانها، متى يزرعون ويحصدون، وكيف يبنون، ومن أين يعيشون.
8 {إلَّا بالْحَقّ} إلّا بالعدل، أو إلّا للحق، أي: لإقامة الحق.
10 {السُّواى} أي: النّار.
15 {يُحْبَرُونَ} يسرّون. والحبرة كل نعمة حسنة.
17 {فَسُبْحانَ اللَّه} سبحوا اللّه في هذه الأوقات، وهو مصدر عقيم بمعنى تسبيح اللّه وتنزيهه.
21 {منْ أَنْفُسكُمْ} من شكل أنفسكم.
{لتَسْكُنُوا إلَيْها} سكون أنس إذا كانت من جنسها.
24 {وَمنْ آياته يُريكُمُ الْبَرْقَ} تقديره: ومن آياته البرق يريكم، أو آية يريكم البرق فيها.
{خَوْفًا} للمسافر، {وَطَمَعًا} للمقيم أو {خَوْفًا} من الصّواعق، {وَطَمَعًا} في الغيث.
25 {إذا دَعاكُمْ} أخرجكم بما هو بمنزلة الدعاء.
27 {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْه} أي: عندكم، أو أهون على المعاد لأنّه في الابتداء ينقل حالا فحالا.
{وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى} الصفة العليا، أي: إذا كان من بنى بناء يهون عليه إعادته مع نقصه فمن لا يلحقه النقص والعجز أحق بالإعادة لما خلق.
28 {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا منْ أَنْفُسكُمْ} أي: لستم تجعلون عبيدكم شركاءكم فكيف؟.
{كَخيفَتكُمْ أَنْفُسَكُمْ} معناه أن للسيد سلطانا على عبده وليس للعبد ذلك عليه، فلا يجوز أن يستويا في الخوف إذا أجريت الأمور على حقها، وأنتم قد جعلتم الخيفة من العبد كالخيفة من مالك العبد إذ عبدتموه كعبادته.
32 {وَكانُوا شيَعًا} صاروا فرقا.
38 {فَآت ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ} من البرّ وصلة الرحم.
41 {ظَهَرَ الْفَسادُ في الْبَرّ وَالْبَحْر} أجدب البر وانقطعت مادة البحر.
وقيل: البرّ مدائن البلاد والبحر جزائرها.
{ليُذيقَهُمْ بَعْضَ الَّذي عَملُوا} أي: جزاءه، أقيم السبب مكان المسبّب.
43 {فَأَقمْ وَجْهَكَ} قصدك، أو اجعل وجهتك للدين القيّم.
{يَصَّدَّعُونَ} يتفرقون، فريق إلى الجنّة وفريق إلى النار.
49 {وَإنْ كانُوا منْ قَبْل أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهمْ منْ قَبْله} الأول من قبل الإنزال، والثاني من قبل الإرسال.
50 {آثار رَحْمَت اللَّه} آثار المطر الذي هو رحمة.
51 {وَلَئنْ أَرْسَلْنا ريحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا} أي: السّحاب، وإذا كان مصفرا لم يمطر، ولام لَئنْ للقسم، ولام لَظَلُّوا جواب القسم.
55 {ما لَبثُوا غَيْرَ ساعَةٍ} أي: من حين انقطاع عذاب القبر.
56 {لَقَدْ لَبثْتُمْ في كتاب اللَّه} في علم اللّه، أو ما بيّن في كتابه. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة الروم:
عدد 34- 84- 3.
نزلت بمكة بعد الانشقاق عدا الآية 17 فإنها نزلت بالمدينة، وهي ستون آية وثمنمئة وتسع عشرة كلمة، وثلاث آلاف وخمسمائة وأربعة وثلاثون حرفا.
ومثلها في عدد الآي سورة الذاريات المارة.
بسْم اللَّه الرَّحْمن الرَّحيم.
قال تعالى: {الم} تقدم ما فيه أول الأعراف ج 1 وما بعدها مما بدئت به من السور فراجعها ففيها كفاية {غُلبَت الرُّومُ} 2 قبيلة روم بن يونان بن علجان بن يافث بن نوح عليه السلام {في أَدْنَى الْأَرْض} أرض العرب، لأن أل فيها للعهد والمعهود في الخطاب أرض العرب، لأن أرض الروم التي وقع فيها الغلب قريبة منها ولأنهم هم المخاطبون في هذا القرآن.
وقد تواقفت الروم مع الفرس، وكانت الفرس متوافقة مع المشركين على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، فغلبت فارس الروم وقهرتها {وَهُمْ} الروم المغلوبون {منْ بَعْد غَلَبهمْ} هذا {سَيَغْلبُونَ} 3 الفرس.
ولا وقف هنا بل يقرأ متصلا بما بعده إذ لا يحسن الوقف عليه.
وسيكون غلب الروم للفرس {في بضْع سنينَ} 4 آتية ما بين الثلاث والتسع {للَّه الْأَمْرُ منْ قَبْلُ} هذا الغلب {وَمنْ بَعْدُ}.
وقد حذف المضاف هنا ونوى معناه، ولذلك بني الظرفان على الضمّ أي من قبل الغلب ومن بعده يكون الأمر للّه وحده كما هو في سائر الأوقات، إذ لا يكون شيء إلا بقضائه وقدره وإرادته {وَيَوْمَئذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمنُونَ} يقرأ متصلا {بنَصْر اللَّه} الروم على الفرس، لأنهم أهل كتاب، كما يفرح المشركون بنصر الفرس لأنهم مشركون مثلهم {يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزيزُ الرَّحيمُ} 5 وأعلم يا أكمل الرسل أن هذا الوعد بنصر الروم على الفرس {وَعْدَ اللَّه} حق واقع لا مرية فيه أبدا {لا يُخْلفُ اللَّهُ وَعْدَهُ} البتة، كيف وهو الآمر بالوفاء به، وقوله الحق، وبيده الأمر {وَلكنَّ أَكْثَرَ النَّاس لا يَعْلَمُونَ} 6 ذلك لفرط جهلم بشئون اللّه عز وجل وعدم تذكرهم بما يجب عليهم وما يستحيل على اللّه.
وفي لفظ أكثرهم دليل على أن الأقل يعلمون ذلك.
واعلم أن الكفرة {يَعْلَمُونَ ظاهرًا منَ الْحَياة الدُّنْيا} أي أن علمهم مقصور على ما يتعلق بمعاشهم وصنايعهم ومنافعهم ومضارهم وشهواتهم، ولا يعلمون لما ذا خلقوا ولا يتفكرون بحالهم ومصيرهم ومرجع ما خلق لهم، ولما ذا خلق، لأن هذا كله من أمور الآخرة.
ويأتي ظاهر بمعنى زائل قال الهذلي:
وعيرها الواشون أني أحبها ** وتلك شكاة ظاهر عنك عارها