فصل: (سورة الروم: الآيات 46- 50).

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة الروم: الآيات 46- 50].

{وَمنْ آياته أَنْ يُرْسلَ الرّياحَ مُبَشّراتٍ وَليُذيقَكُمْ منْ رَحْمَته وَلتَجْريَ الْفُلْكُ بأَمْره وَلتَبْتَغُوا منْ فَضْله وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (46) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا منْ قَبْلكَ رُسُلًا إلى قَوْمهمْ فَجاؤُهُمْ بالْبَيّنات فَانْتَقَمْنا منَ الَّذينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمنينَ (47) اللَّهُ الَّذي يُرْسلُ الرّياحَ فَتُثيرُ سَحابًا فَيَبْسُطُهُ في السَّماء كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ منْ خلاله فَإذا أَصابَ به مَنْ يَشاءُ منْ عباده إذا هُمْ يَسْتَبْشرُونَ (48) وَإنْ كانُوا منْ قَبْل أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهمْ منْ قَبْله لَمُبْلسينَ (49) فَانْظُرْ إلى آثار رَحْمَت اللَّه كَيْفَ يُحْي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتها إنَّ ذلكَ لَمُحْي الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلّ شَيْءٍ قَديرٌ (50)}.

.اللغة:

{الرّياحَ} أحد جموع الريح والريح مؤنثة وتجمع أيضا على أرواح وأرياح وريح، وجمع الجمع أراويح وأراييح، والرياح أربع:
الجنوب وهي القبلية، والشمال وهي الشمالية، والصبا وهي الشرقية، والدبور وهي الغربية، والثلاثة الأول رياح الرحمة والرابعة هي ريح العذاب، وقد تقدم أن لفظ الريح لم يأت في القرآن إلا في الشر وجاء الجمع في الخير ومن ذلك نرى أن العربية غنية بمدلولاتها واننا إذا أوغلنا في الألفاظ المخصصة لبعض الأمور استنبطنا مفاهيم ربما كنا لا نعيرها التفاتا في كتابتنا الحديثة.
{كسَفًا} بكسر ففتح ويجوز تسكين السين جمع كسفة أي قطعة وفي القاموس: الكسفة بالكسر القطعة من الشيء والجمع كسف وكسف وجمع الجمع أكساف وكسوف وكسفه يكسفه قطعه.
{الْوَدْقَ} المطر.

.الإعراب:

{وَمنْ آياته أَنْ يُرْسلَ الرّياحَ مُبَشّراتٍ} كلام مستأنف مسوق لعرض آياته تعالى ومن آياته خبر مقدم وأن وما في حيزها مبتدأ مؤخر والرياح مفعول به ومبشرات حال وهذا هو الغرض الأول في إرسالها.
{وَليُذيقَكُمْ منْ رَحْمَته وَلتَجْريَ الْفُلْكُ بأَمْره وَلتَبْتَغُوا منْ فَضْله وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} الواو عاطفة والجملة عطف على قوله مبشرات لأن الحال والصفة تتعاوران في إفهام العلة فكأن التقدير ليبشركم وليذيقكم، وعبارة الزمخشري بهذا الصدد: فإن قلت بم يتعلق {وليذيقكم}؟
قلت: فيه وجهان: أن يكون معطوفا على مبشرات على المعنى كأنه قيل ليبشركم وليذيقكم وأن يتعلق بمحذوف تقديره وليذيقكم وليكون كذا وكذا أرسلناها {ومن رحمته} متعلقان بيذيقكم وسيأتي معنى هذا المجاز في باب البلاغة ولتجري الفلك عطف أيضا وبأمره حال ولتبتغوا من فضله عطف أيضا ولعلكم تشكرون لعل واسمها وجملة تشكرون خبرها.
{لَقَدْ أَرْسَلْنا منْ قَبْلكَ رُسُلًا إلى قَوْمهمْ فَجاؤُهُمْ بالْبَيّنات} كلام مستأنف مسوق لتسليته صلى اللّه عليه وسلم وتأنيسا له وإيذانا بالنصر، واللام موطئة للقسم وقد حرف تحقيق وأرسلنا فعل وفاعل ومن قبلك حال ورسلا مفعول به والى قومهم جار ومجرور متعلقان بأرسلنا فجاءوهم عطف على أرسلنا وبالبينات متعلقان بجاءوهم أو بمحذوف حال.
{فانْتَقَمْنا منَ الَّذينَ أَجْرَمُوا وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمنينَ}.
الفاء عاطفة على محذوف تقديره فكذبوهم فانتقمنا ومن الذين متعلقان بانتقمنا وجملة أجرموا صلة وكان الواو استئنافية وكان فعل ماض ناقص وحقا خبرها المقدم وعلينا متعلقان بحقا أو بمحذوف صفة له ونصر المؤمنين اسمها المؤخر وهذا هو الاعراب المستقيم وقد تكلف بعض المعربين فأجازوا أن يكون حقا مصدرا وعلينا الخبر وأن يكون في كان ضمير الشأن وحقا مصدر وعلينا نصر مبتدأ وخبرا في موضع نصب خبر كان وفي هذا الكلام من تعظيم أمر المؤمنين وتأهيلهم للكرامة واستحقاق الاثابة والنصر ما فيه وفي تعريف المؤمنين تنويه بهم وإلماع إلى أن من تخلّف عن مراتبهم لا يستحق هذه المنّة الكبرى.
{اللَّهُ الَّذي يُرْسلُ الرّياحَ فَتُثيرُ سَحابًا فَيَبْسُطُهُ في السَّماء كَيْفَ يَشاءُ} كلام مستأنف أيضا لتفصيل ما أجمله من ذكر الرياح وأحوالها واللّه مبتدأ والذي خبره وجملة يرسل الرياح صلة فتثير عطف على يرسل وسحابا مفعول به والفاء عاطفة ويبسطه عطف على تثير أيضا وفي السماء متعلقان بيبسطه وكيف أداة شرط وتعليق كقولهم كيف تصنع أصنع وكيف تكون أكون إلا أنه لا يجزم بها وجوابها محذوف لدلالة ما قبلها عليه وكذلك مفعول يشاء وقد تقدم أن المفعول بعد يشاء يكون محذوفا في الغالب والتقدير كيف يشاء بسطه يبسطه فحذف بسطه لأنه مفعول يشاء وحذف يبسطه لدلالة يبسطه الأول عليه وكيف منصوب على الحال بالفعل بعده والمعنى على أي حال شاء أن يبسطه يبسطه وسيأتي مزيد بحث عن كيف الشرطية في باب الفوائد.
{وَيَجْعَلُهُ كسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ منْ خلاله} ويجعله عطف على يبسطه والهاء مفعول يجعل الاول وكسفا مفعوله الثاني، فترى عطف على ما تقدم وفاعل ترى مستتر تقديره أنت والودق مفعول به وجملة يخرج حالية لأن الرؤية هنا بصرية ومن خلاله متعلقان بيخرج.
{فَإذا أَصابَ به مَنْ يَشاءُ منْ عباده إذا هُمْ يَسْتَبْشرُونَ} الفاء عاطفة وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجملة أصاب في محل جرّ بإضافة الظرف إليها وبه متعلقان بأصاب ومن يشاء مفعول أصاب ومن عباده حال وإذا فجائية واقعة في جواب إذا الاولى وهم مبتدأ وجملة يستبشرون خبر.
{وَإنْ كانُوا منْ قَبْل أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهمْ منْ قَبْله لَمُبْلسينَ} الواو حالية أو عاطفة وإن مخففة من الثقيلة مهملة أو عاملة في ضمير شأن محذوف وكان واسمها ومن قبل متعلقان بمحذوف حال وأن وما في حيزها مصدر مؤول مضاف لقبل وينزل فعل مضارع مبني للمجهول منصوب بأن وعليهم متعلقان به ونائب الفاعل مستتر تقديره هو واللام الفارقة ومبلسين خبرها ومن قبله الثانية قيل هي تكرير وتوكيد لمن قبل الأولى قال الزمخشري: من باب التكرير والتوكيد كقوله تعالى: {فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها} ومعنى التوكيد فيه الدلالة على أن عهدهم بالمطر قد تطاول وبعد فاستحكم يأسهم وتمادى إبلاسهم فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك وقال ابن عطية: وفائدة هذا التأكيد الاعلام بسرعة تقلب قلوب البشر من الإبلاس إلى الاستبشار وذلك أن قوله: {من قبل أن ينزل عليهم} يحتمل الفسحة في الزمان أي من قبل أن ينزل بكثير فجاء قوله من قبله بمعنى أن ذلك متصل بالمطر فهو تأكيد مفيد.
{فَانْظُرْ إلى آثار رَحْمَت اللَّه كَيْفَ يُحْي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتها} الفاء الفصيحة أي إذا أردت أن تعرف ما يترتب على إنزال المطر فانظر، وانظر فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت والى آثار رحمة اللّه متعلقان بانظر وكيف اسم استفهام في محل نصب على الحال وهي معلقة لانظر عن العمل والأرض مفعول به وبعد موتها ظرف متعلق بيحيي والجملة بدل من آثار فهي في حيز النصب بنزع الخافض والمعنى بعد كل هذا فانظر إلى إحيائه البديع للأرض بعد موتها والمراد التنبيه على عظيم قدرته وسعة رحمته.
{إنَّ ذلكَ لَمُحْي الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلّ شيء قَديرٌ} إن واسمها أي إن ذلك القادر واللام المزحلقة ومحيي الموتى خبرها وهو مبتدأ وعلى كل شيء متعلقان بقدير وقدير خبر هو.

.البلاغة:

في قوله: {وليذيقكم من رحمته} استعارة ومجاز فالاستعارة في قوله ليذيقكم وقد تقدمت كثيرا وهي استعارة مكنية والمجاز المرسل في قوله من رحمته وهو مجاز مرسل علاقته الحالية لأن الرحمة تحل في الخصب والمطر فأطلق الحال وأريد المحل وفسر بعضهم الرحمة بقوله: أي من نعمته من المياه العذبة والأشجار الرطبة وصحة الأبدان وما يتبع ذلك من أمور لا يحصيها إلا اللّه.

.الفوائد:

كيف أيضا:
جاء في المغني ما نصه: وتستعمل على وجهين: أحدهما أن تكون شرطا فيقتضي فعلين متفقي اللفظ والمعنى غير مجزومين نحو كيف تصنع أصنع ولا يجوز كيف تجلس أذهب باتفاق ولا كيف تجلس أجلس بالجزم عند البصريين إلا قطربا لمخالفتها لأدوات الشرط بوجوب موافقة جوابها لشرطها كما مر، وقيل يجوز مطلقا وإليه ذهب قطرب والكوفيون، وقيل يجوز بشرط اقترانها بما، قالوا ومن ورودها شرطا {ينفق كيف يشاء} {يصوركم في الأرحام كيف يشاء} {فيبسطه في السماء كيف يشاء} وجوابها في ذلك كله محذوف لدلالة ما قبلها وهذا يشكل على إطلاقهم أن جوابها يجب مماثلته لشروطها وقد استدرك بعض المعلقين على المغني فقال أجاب بعضهم بأنه يمكن أن يقدر الجواب موافقا للشرط بأن يقدر الجواب فعل مشيئته متعلقة بالفعل السابق وهو دال عليه لأن الفعل الاختياري يستلزم المشيئة والأصل كيف يشاء أمرا يشاء التصوير في الأرحام، كيف يشاء أمرا يشاء الانفاق، كيف يشاء أمرا يشاء بسطه، غاية الأمر أن متعلق الفعلين مختلف وهذا جواب بعيد لأنهم قالوا لدلالة ما قبلها لأن المتبادر انه دال على الجواب وعلى دفع الاشكال فيكون ما قبلها دالا على متعلق جوابها لا على نفس جوابها وقد علمت دفع هذا بأن الفعل الاختياري وهو الفعل الواقع قبلها يستلزم المشيئة وهو الجواب المحذوف.

.[سورة الروم: الآيات 51- 54].

{وَلَئنْ أَرْسَلْنا ريحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا منْ بَعْده يَكْفُرُونَ (51) فَإنَّكَ لا تُسْمعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إذا وَلَّوْا مُدْبرينَ (52) وَما أَنْتَ بهاد الْعُمْي عَنْ ضَلالَتهمْ إنْ تُسْمعُ إلاَّ مَنْ يُؤْمنُ بآياتنا فَهُمْ مُسْلمُونَ (53) اللَّهُ الَّذي خَلَقَكُمْ منْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ منْ بَعْد ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ منْ بَعْد قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَليمُ الْقَديرُ (54)}.

.الإعراب:

{وَلَئنْ أَرْسَلْنا ريحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا منْ بَعْده يَكْفُرُونَ} الواو عاطفة واللام موطئة للقسم دخلت على حرف الشرط وأرسلنا فعل وفاعل في محل جزم فعل الشرط وريحا مفعول أرسلنا فرأوه عطف على أرسلنا وهو فعل وفاعل ومفعول به ومصفرا حال ولظلوا اللام واقعة في جواب القسم وظلوا فعل ماض ناقص والواو اسمها والجملة لا محل لها لأنها جواب القسم وقد أغنت عن جواب الشرط حسب القاعدة المشهورة:
واحذف لدى اجتماع شرط وقسم ** جواب ما أخرت فهو ملتزم

ومن بعده حال وجملة يكفرون خبر ظلوا.
{فَإنَّكَ لا تُسْمعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إذا وَلَّوْا مُدْبرينَ} الفاء تعليلية والجملة تعليل لمحذوف أي لا تجزع ولا تحزن على عدم ايمانهم فإنهم موتى صم عمي، وان واسمها وجملة لا تسمع الموتى خبرها ولا تسمع الصم الدعاء عطف على الجملة السابقة والصم مفعول تسمع الاول والدعاء مفعول تسمع الثاني وإذا ظرف مستقبل متعلق بتسمع وجملة ولوا مضاف إليها الظرف وولوا فعل وفاعل ومدبرين حال من الواو.
{وَما أَنْتَ بهادي الْعُمْي عَنْ ضَلالَتهمْ} الواو عاطفة وما نافية حجازية وأنت اسمها والباء حرف جر زائد وهادي مجرور لفظا منصوب محلا لأنه خبر ما والعمي مضاف اليه وعن ضلالتهم متعلقان بالعمي أو بهادي على تضمين هادي معنى صارف وقد تقدم نظيره.
{إنْ تُسْمعُ إلَّا مَنْ يُؤْمنُ بآياتنا فَهُمْ مُسْلمُونَ} إن نافية وتسمع فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره أنت وإلا أداة حصر ومن مفعول به وجملة يؤمن صلة من وبآياتنا متعلقان بيؤمن، فهم الفاء عاطفة على المعنى وهم مبتدأ ومسلمون خبر.
{اللَّهُ الَّذي خَلَقَكُمْ منْ ضَعْفٍ} اللّه مبتدأ والذي خبر وجملة خلقكم صلة ومن ضعف متعلقان بخلقكم.
{ثُمَّ جَعَلَ منْ بَعْد ضَعْفٍ قُوَّةً} ثم حرف عطف وتراخ وجعل فعل ماض ومن بعد ضعف مفعول جعل الثاني أو متعلق بجعل وقوة مفعول جعل.
{ثُمَّ جَعَلَ منْ بَعْد قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَليمُ الْقَديرُ} ثم وما بعدها عطف على ما تقدم وجملة يخلق ما يشاء حالية وهو مبتدأ والعليم خبر أول والقدير خبر ثان.

.[سورة الروم: الآيات 55- 60].

{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسمُ الْمُجْرمُونَ ما لَبثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقالَ الَّذينَ أُوتُوا الْعلْمَ وَالْإيمانَ لَقَدْ لَبثْتُمْ في كتاب اللَّه إلى يَوْم الْبَعْث فَهذا يَوْمُ الْبَعْث وَلكنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (56) فَيَوْمَئذٍ لا يَنْفَعُ الَّذينَ ظَلَمُوا مَعْذرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (57) وَلَقَدْ ضَرَبْنا للنَّاس في هذَا الْقُرْآن منْ كُلّ مَثَلٍ وَلَئنْ جئْتَهُمْ بآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذينَ كَفَرُوا إنْ أَنْتُمْ إلاَّ مُبْطلُونَ (58) كَذلكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوب الَّذينَ لا يَعْلَمُونَ (59) فَاصْبرْ إنَّ وَعْدَ اللَّه حَقٌّ وَلا يَسْتَخفَّنَّكَ الَّذينَ لا يُوقنُونَ (60)}.

.اللغة:

{السَّاعَةُ} القيامة سميت بذلك لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا أو لأنها تقع بغتة وبديهة وجرت علما لها كالنجم للثريا والكوكب للزهرة وفي القاموس: والساعة جزء من أجزاء الجديدين والوقت الحاضر والجمع ساعات وساع والقيامة أو الوقت الذي تقوم فيه القيامة والهالكون كالجاعة للجياع والساعة أيضا آلة يعرف بها الوقت بحسب الساعات موالدة ومنها الساعة الرملية والساعة الشمسية.
{يُسْتَعْتَبُونَ} يطلب منهم العتبى أي الرجوع، من قولك استعتبني فلان فأعتبته أي استرضاني فأرضيته وذلك إذا كنت جانيا عليه وحقيقة أعتبته أزلت عتبه، ألا ترى إلى قوله:
غضبت تميم أن تقتل عامرا ** يوم النسار فأعتبوا بالصيلم

كيف جعلهم غضابا ثم قال فأعتبوا أي أزيل غضبهم، والغضب في معنى العتب، والصيلم ماء لبني عامر والصيلم الداهية والسيف كما في الصحاح. وفي المصباح: عتب عليه عتبا من بابي ضرب وقتل ومعتبا أيضا لامه في سخط فهو عاتب وعتاب مبالغة وبه سمي ومنه عتّاب ابن أسيد وعاتبه معاتبة وعتابا، قال الخليل: حقيقة العتاب مخاطبة الإدلال ومذاكرة الموجدة، وأعتبني الهمزة للسلب أي أزال الشكوى والعتاب واستعتب طلب الإعتاب والعتبى اسم من الإعتاب.
{يَسْتَخفَّنَّكَ} يحملنك على الخفة والطيش بترك الصبر.