فصل: قال أبو حيان في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قالوا: لأن الناس جميعًا لا يختلفون في بَدْء الخلق ولا في إعادته، لكن يختلفون في الرجوع إلى الله، فهذا مؤمن، وهذا كافر، هذا طائع، وهذا عاصٍ، وهذا بين بين، ففي حال الرجوع إلى الله ستفترق هذه الوحدة إلى طريقين: طريق للسعداء، وطريق للأشقياء، لذلك لزم صيغة الإفراد في البَدْء وفي الإعادة، وانتقل إلى الجمع في الرجوع إلى الله لاختلافهم في الرجوع ثم يقول الحق سبحانه: {وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة}.
معنى {يُبْلسُ المجرمون} [الروم: 12] أي: يسكتون سُكوتَ اليائس الذي لا يجد حجة، فينقطع لا يدري ما يقول ولا يجد مَنْ يدافع عنه، حتى قادتهم وكبراؤهم قد سبقوهم إلى العذاب، فلم يعُدْ لهم أمل في النجاة، كما قال تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القيامة} [هود: 98]، ومن ذلك سُمّي إبليس؛ لأنه يئس من رحمة الله.
وفي موضع آخر يقول الحق سبحانه: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكّرُوا به فَتَحْنَا عَلَيْهمْ أَبْوَابَ كُلّ شَيْءٍ حتى إذَا فَرحُوا بمَآ أوتوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإذَا هُمْ مُّبْلسُونَ} [الأنعام: 44].
أي: لما نسوا منهج الله أراد سبحانه أن يعاقبهم في الدنيا، وحين يعاقبهم الله في الدنيا لا يأخذهم على حالهم إنما يُرخي لهم العَنان، ويُزيد لهم في الخيرات، ويُوسّع عليهم مٌتَع الدنيا وزخارفها، حتى إذا أخذهم على هذه الحال كان أَخْذه أليمًا، وكانت سقطتهم من أعلى.
كما أنك مثلًا لا تُوقع عدوك من على الحصيرة، إنما ترفعه إلى أعلى ليكون الانتقام أبلغَ، أمّا إنْ أخذهم على حال الضّيق والفقر، فالمسألة إذن هيّنة، وما أقرب الفقر من العذاب!
ولنا ملحظ في قوله تعالى: {فَتَحْنَا عَلَيْهمْ} [الأنعام: 44] فمادة فتح إنْ أراد الحق سبحانه الفتح لصالح المفتوح عليه يقول {إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبينًا} [الفتح: 1] وإن أراد الفتح لغير صالحه يقول {فَتَحْنَا عَلَيْهمْ} [الأنعام: 44] والفرق بيّن بين المعنيين، لأن اللام هنا للملك {إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبينًا} [الفتح: 1] إنما على {فَتَحْنَا عَلَيْهمْ} [الأنعام: 44] فتعني ضدهم وفي غير صالحهم، كما نقول في المحاسبة: له وعليه، له في المكسب وعليه في الخسارة.
{وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ منْ شُرَكَائهمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بشُرَكَائهمْ كَافرينَ (13)}.
نعم، لم يجدوا من شركائهم مَنْ يشفع لهم؛ لأن الشركاء قد تبرأوا منهم، كما قال سبحانه: {إذْ تَبَرَّأَ الذين اتبعوا منَ الذين اتبعوا وَرَأَوُا العذاب وَتَقَطَّعَتْ بهمُ الأسباب} [البقرة: 166].
وكذلك يقول التابعون: {رَبَّنَآ أَرنَا الذين أَضَلاَّنَا منَ الجن والإنس نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامنَا ليَكُونَا منَ الأسفلين} [فصلت: 29].
وما أشبه هذين: التابع والمتبوع بتلميذين فاشلين تعوَّدا على اللعب وتضييع الوقت، وشغَل كل منهما صاحبه عن دروسه، وأغواه بالتسكّع في الطرقات، إلى أنْ داهمهما الامتحان وفاجأتهما الحقيقة المرّة، فراح كل منهما يلعن الآخر ويسبُّه، ويلقي عليه بالمسئولية.
إذن: ساعة الجد تنهار كل هذه الصلات الواهية، وتتقطع كل الحبال التي تربط أهل الباطل في الدنيا {وَكَانُوا بشُرَكَآئهمْ كَافرينَ} [الروم: 13] ولمَ لا وقد تكشفتْ الحقائق، وظهر زيفهم وبان ضلالهم؟
ثم يقول الحق سبحانه: {وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة}.
أي: الذين اجتمعوا في الدنيا على الشر وعلى الضلال يتفرقون يوم القيامة، ويصيرون أعداءً وخصومًا بعد أنْ كانوا أخلاء، فيمتاز المؤمنون في ناحية والكافرون في ناحية، حتى العصاة من المؤمنين الذين لهم رائحة من الطاعة لا يتركهم المؤمنون، إنما يشفعون لهم ويأخذونهم في صفوفهم.
والتنوين في {يَوْمَئذٍ} [الروم: 14] بدل من جملة {وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة} [الروم: 14] أي: يوم تقوم الساعة يتفرقون.
{فَأَمَّا الَّذينَ آمَنُوا وَعَملُوا الصَّالحَات فَهُمْ في رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15)}.
ما دام الخلق سيمتازون يوم القيامة ويتفرقون، فلابد أن نرى هذه القسمة: الذين آمنوا والذين كفروا، وها هي الآيات تُرينا هذا التفصيل: {فَأَمَّا الذين آمَنُوا وَعَملُوا الصالحات} [الروم: 15] فما جزاؤهم {فَهُمْ في رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} [الروم: 15] الروضة: هي المكان المليء بالخضرة والأنهار والأشجار والنضارة، وكانت هذه عادة نادرة عند العرب؛ لأنهم أهل صحراء تقلُّ في بلادهم الحدائق والرياض.
لذلك، فالرياض والبساتين عندهم شيء عظيم ونعمة كبيرة، ومعنى {يُحْبَرُونَ} [الروم: 15] من الحبور، وهو الفرحة حينما يظهر عليك أثر النعمة، هذا عن المؤمنين، فماذا عن الكافرين؟
ثم يقول الحق سبحانه: {وَأَمَّا الذين كَفَرُوا وَكَذَّبُوا}.
المحضر بالفتح: الذي يحضره غيره، ولا تُقَال إلا في الشر، وفيها ما يدلُّ على الإدانة، وإلا لحضر هو بنفسه، ونحن نفزع لسماع هذه الكلمة؛ لأن المحضر لا يأتيك إلا لشر، كذلك حال الكفار والمكذّبين يوم القيامة تجرُّهم الملائكة، وتجبرهم، وتسوقهم للحضور رَغْمًا عنهم. اهـ.

.قال أبو حيان في الآيات السابقة:

{الم (1) غُلبَت الرُّومُ (2)}.
هذه السورة مكية، قال ابن عطية وغيره، بلا خلاف.
وقال الزمخشري: إلا قوله: {فسبحان الله}.
وسبب نزولها أن كسرى بعث جيشًا إلى الروم، وأمر عليهم رجلًا، واختلف النقلة في اسمه؛ فسار إليهم بأهل فارس، وظفر وقتل وخرب وقطع زيتونهم، وكان التقاؤهم بأذرعات وبصرى، وكان قد بعث قيصر رجلًا أميرًا على الروم.
وقال مجاهد: التقت بالجزيرة.
وقال السدي: بأرض الأردن وفلسطين، فشق ذلك على المسلمين لكونهم مع الروم أهل الكتاب، وفرح بذلك المشركون لكونهم مع المجوس ليسوا بأهل كتاب.
وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الروم {سيغلبون في بضع سنين}.
ونزلت أوائل الروم، فصاح أبو بكر بها في نواحي مكة: {الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين}.
فقال ناس من مشركي قريش: زعم صاحبك أن الروم ستغلب فارسًا في بضع سنين، أفلا نراهنك على ذلك؟ فقال: بلى، وذلك قبل تحريم الرهان.
فاتفقوا أن جعلوا بضع سنين وثلاث قلائص، وأخبر أبو بكر رسول الله بذلك فقال: «هلا اختطبت؟ فارجع فزدهم في الأجل والرهان» فجعلوا القلائص مائة، والأجل تسعة أعوام.
فظهرت الروم على فارس في السنة السابعة، وكان ممن راهن أبيّ بن خلف.
فلما أراد أبو بكر الهجرة، طلب منه أبيّ كفيلًا بالخطر إن غلبت، فكفل به ابنه عبد الرحمن.
فلما أراد أبيّ الخروج إلى أحد، طلبه عبد الرحمن بالكفيل، فأعطاه كفيلًا ومات أبيّ من جرح جرحه النبي صلى الله عليه وسلم.
وظهر الروم على فارس يوم الحديبية.
وقيل: كان النصر يوم بدر للفريقين، فأخذ أبو بكر الخطر من ذرية أبي، وجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: «تصدق به».
وسبب ظهور الروم، أن كسرى بعث إلى شهريزان، وهو الذي ولاه على محاربة الروم، أن اقتل أخاك فرّخان لمقالة قالها، وهي قوله: لقد رأيتني جالسًا على سرير كسرى، فلم يقتله.
فبعث إلى فارس أني عزلت شهريزان ووليت أخاه فرّخان، وكتب إليه: إذا ولي، أن يقتل أخاه شهريزان، فأراد قتله، فأخرج له شهريزان ثلاث صحائف من كسرى يأمره بقتل أخيه فرّخان.
قال: وراجعته في أمرك مرارًا، ثم تقتلني بكتاب واحد؟ فرد الملك إلى أخيه.
وكتب شهريزان إلى قيصر ملك الروم، فتعاونا على كسرى، فغلبت الروم فارس، وجاء الخبر، ففرح المسلمون.
وكان ذلك من الآيات البينات الشاهدة بصحة النبوة، وأن القرآن من عند الله، لأنها إيتاء من علم الغيب الذي لا يعلمه إلاّ الله.
وقرأ علي، وأبو سعيد الخدري، وابن عباس، وابن عمر، ومعاوية بن قرة، والحسن: {غلبت الروم} مبنيًا للفاعل، {سيغلبون} مبنيًا للمفعول؛ والجمهور: مبنيًا للمفعول، سيغلبون: مبنيًا للفاعل.
وتأويل ذلك على ما فسره ابن عمران: الروم غلبت على أدنى ريف الشأم، يعنى: بالريف السواد.
وجاء كذلك عن عثمان، وتأوله أبو حاتم على أن الروم غلبت يوم بدر، فعز ذلك على كفار قريش، وسر المؤمنون، وبشر الله عباده بأنهم سيغلبون في بضع سنين. انتهى.
فيكون قد أخبر عن الروم بأنهم قد غلبوا، وبأنهم سيغلبون، فيكون غلبهم مرتين.
قال ابن عطية: والقراءة بضم الغين أصح.
وأجمع الناس على سيغلبون بفتح الياء، يراد به الروم.
وروي عن ابن عمر أنه قرأ سيغلبون بضم الياء، وفي هذه القراءة قلب المعنى الذي تظاهرت به الروايات. انتهى.
وقوله: وأجمعوا، ليس كذلك.
ألا ترى أن الذين قرأوا غلبت بفتح الغين هم الذين قرأوا سيغلبون بضم الياء وفتح اللام، وليست هذه مخصوصة بابن عمر؟ وقرأ الجمهور: غلبهم، بفتح الغين واللام: وعلي، وابن عمر، ومعاوية بن قرة: بإسكانها؛ والقياس عن ابن عمر: وغلابهم، على وزن كتاب.
والروم: طائفة من النصارى، وأدنى الأرض: أقربهما: فإن كانت الواقعة في أذرعات، فهي أدنى الأرض بالنظر إلى مكة، وهي التي ذكرها امرؤ القيس في قوله:
تنوّرتها من أذرعات وأهلها ** بيثرب أدنى دارها نظر عال

وإن كانت بالجزيرة، فهي أدنى بالنظر إلى أرض كسرى.
فإن كانت بالاردن، فهي أدنى بالنظر إلى أرض الروم.
وقرأ الكلبي: {في أدنى الأرض} وتقدم الكلام في مدلول البضع باعتبار القراءتين.
ففي غلبت، بضم الغين، يكون مضافًا للمفعول؛ وبالفتح، يكون مضافًا للفاعل، ويكون المعنى: سيغلبهم المسلمون في بضع سنين، عند انقضاء هذه المدة التي هي أقصى مدلول البضع.
أخذ المسلمون في جهاد الروم، وكان شيخنا الأستاذ أبو جعفر بن الزبير يحكي عن أبي الحكم بن برجان أنه استخرج من قوله تعالى: {الم غلبت الروم} إلى قوله: {في بضع سنين} افتتاح المسلمين بيت المقدس، معينًا زمانه ويومه، وكان إذ ذاك بيت المقدس قد غلبت عليه النصارى، وأن ابن برجان مات قبل الوقت الذي كان عينه للفتح، وأنه بعد موته بزمان افتتحه المسلمون في الوقت الذي عينه أبو الحكم.
وكان أبو جعفر يعتقد في أبي الحكم هذا، أنه كان يطلع على أشياء من المغيبات يستخرجها من كتاب الله.
{لله الأمر} أي إنفاذ الأحكام وتصريفها على ما يريد.
وقرأ الجمهور: {من قبل ومن بعد} بضمهما: أي من قبل غلبة الروم ومن بعدها.
ولما كانا مضافين إلى معرفة، وحذفت بنيا على الضم، والكلام على ذلك مذكور في علم النحو.
وقرأ أبو السمال، والجحدري، وعون العقيلي: من قبل ومن بعد، بالكسر والتنوين فيهما.
قال الزمخشري: على الجر من غير تقدير مضاف إليه واقتطاعه، كأنه قيل: قبلًا وبعدًا، بمعنى أولًا وآخرًا. انتهى.
قال ابن عطية: ومن العرب من يقول: من قبل ومن بعد، بالخفض والتنوين.
قال الفراء: ويجوز ترك التنوين، فيبقى كما هو في الإضافة، وإن حذف المضاف. انتهى.
وأنكر النحاس ما قاله الفراء ورده، وقال الفراء في كتابه: في القرآن أشياء كثيرة من الغلط، منها: أنه زعم أنه يجوز من قبل ومن بعد، وإنما يجوز من قبل ومن بعد على أنهما نكرتان، والمعنى: من متقدم ومن متأخر.
وحكى الكسائي عن بعض بني أسد: لله الأمر من قبل ومن بعد الأول مخفوض منوّن، والثاني مضموم بلا تنوين.
والظاهر أن يومئذ ظرف {يفرح المؤمنون} وعلى هذا المعنى فسره المفسرون.
وقيل: {ويومئذ} عطف على: {من قبل ومن بعد} كأنه حصر الأزمنة الثلاثة: الماضي والمستقبل والحال، ثم ابتدأ الإخبار بفرح المؤمنين بالنصر.
و{بنصر الله} أي الروم على فارس، أو المسلمين على عدوهم، أو في أن صدق ما قال الرسول من أن الروم ستغلب فارس، أو في أن يسلط بعض الظالمين على بعض، حتى تفانوا وتناكصوا، احتمالات.
وفي الحديث: «فارس نطحة أو نطحتان، ثم لا فارس بعدها أبدًا، والروم ذات القرون، كلما ذهب قرن خلف قرن إلى آخر الأبد».
وقال ابن عباس: يوم بدر كانت هزيمة عبدة الأوثان وعبدة النيران، وقال معناه أبو سعيد الخدري، وقيل: ورد الخبر يوم الحديبية بوفاة كسرى، فسر المسلمون بحرب المشركين، ولموت عدو لهم في الأرض متمكن.
وهو {العزيز} بانتقامه من أعدائه، {الرحيم} لأوليائه.
وانتصب {وعد الله} على أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة التي تقدمت، وهو قوله: {سيغلبون} وقوله: {يفرح المؤمنون}.
{ولكن أكثر الناس} الكفار من قريش وغيرهم، {لا يعلمون} نفي عنهم العلم النافع للآخرة، وقد أثبت لهم العلم بأحوال الدنيا.
قيل: والمعنى لا يعلمون أن الأمور من عند الله، وأن وعده لا يخلفه، وأن ما يورده بعينه، صلى الله عليه وسلم، حق.
{يعلمون ظاهرًا} أي بينًا، أي ما أدّته إليهم حواسهم، فكأن علومهم إنما هي علوم البهائم.
وقال ابن عباس، والحسن، والجمهور: معناه ما فيه الظهور والعلوّ في الدنيا من اتقان الصناعات والمباني ومظان كسب المال والفلاحات، ونحو هذا.
وقالت فرقة: معناه ذاهبًا زائلًا، أي يعلمون أمور الدنيا التي لا بقاء لها ولا عاقبة.
وقال الهذلي:
وعيرها الواشون أني أحبها ** وتلك شكاة ظاهر عنك عارها

أي: زائل.
وقال ابن جبير: {ظاهرًا} أي يعلمون من قبل الكهنة مما يسترقه الشياطين.
وقال الرماني: كل ما يعلم بأوائل الرؤية فهو الظاهر، وما يعلم بدليل العقل فهو الباطن.
وقال الزمخشري: {يعلمون} بدل من قول: {لا يعلمون} وفي هذا الإبدال من النكتة أنه أبدله منه، وجعله بحيث يقوم مقامه ويسد مسده، لنعلمك أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل، وبين وجود العلم الذي لا يتجاوز الدنيا.
وقوله: {ظاهرًا من الحياة الدنيا} يفيد أن للدنيا ظاهرًا وباطنًا، فظاهرها ما يعرفه الجهال من التمتع بزخارفها والتنعم بملاذها، وباطنها وحقيقتها أنها مجاز للآخرة، يتزود إليها منها بالطاعة والأعمال الصالحة؛ وهم الثانية توكيد لهم الأولى، أو مبتدأ.