فصل: قال الشعراوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الشعراوي:

{وَمنْ آيَاته مَنَامُكُمْ باللَّيْل وَالنَّهَار وَابْتغَاؤُكُمْ منْ فَضْله}.
كذلك من الآيات العجيبة الدالة على قدرة الله {مَنَامُكُم} [الروم: 23] فحتى الآن لم يكشف علماء وظائف الأعضاء والتشريح عن سرّ النوم، ولم يعرفوا- رغم ما قاموا به من تجارب- ما هو النوم. لكن هو ظاهرة موجودة وغالبة لا يقاومها أحد مهما أُوتي من القوة، ومهما حاول السهر دون أنْ ينام، لابد أن يغلبه النوم فينام، ولو على الحصى والقتاد، ينام وهو واقف وهو يحمل شيئًا لابد أنْ ينام على أية حالة.
وفلسفة النوم، لا أن نعرف كيف ننام، إنما أن نعرف لماذا ننام؟ قالوا: لأن الإنسان مُكوَّن من طاقات وأجهزة لكل منها مهمة، فالعين للرؤية، والأذن للسمع. الخ، فساعة تُجهد أجهزة الجسم تصل بك إلى مرحلة ليستْ قادرة عندها على العمل، فتحتاج أنت- بدون شعورك وبأمر غريزي- إلى أن يرتاح كأنها تقول لك كفى لم تَعُد صالحًا للعمل ولا للحركة فنم.
ومن عجيب أمر النوم أنه لا يأتي بالاستدعاء؛ لأنك قد تستدعي النوم بشتى الطرق فلا يطاوعك ولا تنام، فإنْ جاءك هو غلبك على أيّ حال كنتَ، ورغم الضوضاء والأصوات المزعجة تنام. لذلك يقول الرجل العربي: النوم طيف إنْ طلبتَه أعْنَتك، وإنْ طلبك أراحك.
ولأهل المعرفة نظرة ومعنى كوني جميل في النوم، يقولون في قوله تعالى: {وَإن مّن شَيْءٍ إلاَّ يُسَبّحُ بحَمْده} [الإسراء: 44] فكل ما في الوجود يُسبّح حتى أبعاض الكافر وأعضاؤه مُسبحة، إنما إرادته هي الكافرة، وتظل هذه الأبعاض خاضعة لإرادة صاحبها إلى أنْ تنفكّ عن هذه الإرادة يوم القيامة، فتشهد عليه بما كان منه، وبما أجبرها عليه من معصية الله.
وسبق أنْ مثَّلْنَا لذلك بقائد الكتيبة حين يطيعه جنوده ولو في الخطأ؛ لأن طاعته واجبة إلى أنْ يعودوا إلى القائد الأعلى فيتظلمون عنده، ويخبرونه بما كان من قائدهم.
وذكرنا أن أحد قواد الحرب العالمية أراد أنْ يستخدم خدعة يتفوق بها على عدوه، رغم أنها تخالف قانون الحرب عندهم، فلما أفلحتْ خْطّته وانتصر على عدوه كرَّموه على اجتهاده، لكن لم يَفُتهم أنْ يعاقبوه على مخالفته للقوانين العسكرية، وإنْ كان عقابًا صُوريًا لتظل للقانون مهابته.
كذلك أبعاض الكافر تخضع له في الدنيا، وتشهد عليه يوم القيامة: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهمْ أَلْسنَتُهُمْ وَأَيْديهمْ وَأَرْجُلُهُمْ بمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النور: 24].
مع أن هذه الجوارح هي التي نطقتْ بكلمة الكفر، وهي التي سرقتْ. الخ؛ لأن الله أخضعها لإرادة صاحبها، أما يوم القيامة فلا إرادةَ له على جوارحه: {وَقَالُوا لجُلُودهمْ لمَ شَهدتُّمْ عَلَيْنَا قالوا أَنطَقَنَا الله الذي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [فصلت: 21] لذلك يُطمئننا الحق سبحانه بقوله: {لّمَن الملك اليوم للَّه الواحد القهار} [غافر: 16].
فإذا ما نام الكافر ارتاحتْ منه أبعاضه وجوارحه، ارتاحتْ من مرادات الشر عنده؛ لذلك يُحدّثنا إخواننا الذين يحجُّون بيت الله يقولون: هناك النوم فيه بركة، ويكفيني أقلّ وقت لارتاح، لماذا؟ لأن فكرك في الحج مشغول بطاعة الله، ووقتك كله للعبادة، فجوارحك في راحة واطمئنان لم ترهقها المعصية؛ لذلك يكفيها أقل وقت من النوم لترتاح.
وفي ضوء هذا الفهم نفهم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «تنام عيني ولا ينام قلبي» لأنه صلى الله عليه وسلم حياته كلها للطاعة، فجوارحه مستريحة، فيكفيه من النوم مجرد الإغفاءة.
وفي العامية يقول أهل الريف: نوم الظالم عبادة، لماذا؟ لأنه مدة نومه لا يأمر جوارحه بشرٍّ، ولا يُرغمها على معصية فتستريح منه أبعاضه، ويستريح الناس والدنيا من شره، وأيّ عبادة أعظم من هذه؟
ونلحظ في هذه الآية: {وَمنْ آيَاته مَنَامُكُم باليل والنهار وابتغآؤكم مّن فَضْله} [الروم: 23] فجعل الليل والنهار محلًا للنوم، ولابتغاء الرزق، وفي آية أخرى: {وَمن رَّحْمَته جَعَلَ لَكُمُ اليل والنهار لتَسْكُنُوا فيه} [القصص: 73] فجمعهما معًا، ثم ذكر تفصيل ذلك على الترتيب {لتَسْكُنُوا فيه} [القصص: 73] أي: في الليل {وَلتَبتَغُوا من فَضْله} [القصص: 73] أي: في النهار.
وهذا أسلوب يُعرف في اللغة باللفّ والنشر، وهو أنْ تذكر عدة أشياء محكومًا عليها، ثم تذكر بعدها الحكمَ عليها جملة، وتتركه لذكاء السامع ليُرجع كل حكم إلى المحكوم عليه المناسب.
ومن ذلك قول الشاعر:
قَلْبي وجَفْني واللسَان وخَالقي ** رَاضٍ وبَاكٍ شَاكر وغَفُور

فجمع المحكوم عليه في ناحية، ثم الحكم في ناحية، فجَمْع المحكوم عليه يسمى لَفًّا، وجَمْع الحكم يُسمى نَشْرًا.
وهاتان الآيتان من الآيات التي وقف أمامها العلماء، ولا نستطيع أنْ نخرج منهما بحكم إلا بالجمع بين الآيات، لا أن نفهم كل آية على حدة، فنلحظ هنا في الآية التي معنا {وَمنْ آيَاته مَنَامُكُم باليل والنهار وابتغآؤكم مّن فَضْله} [الروم: 23] أن الله تعالى جعل كلًا من الليل والنهار محلًا للنوم، ومحلًا للسعي.
وفي الآية الأخرى: {وَمن رَّحْمَته جَعَلَ لَكُمُ اليل والنهار لتَسْكُنُوا فيه} [القصص: 73] ثم قال: {وَلتَبتَغُوا من فَضْله} [القصص: 73] ولم يقل فيه ويجب هنا أنْ نتنبه، فهذه آية كونية أن يكون الليل للنوم والسكون والراحة، والنهار للعمل وللحركة، فلا مانع أن نعمل بالليل أيضًا، فبعض الأعمال لا تكون إلا بليل، كالحراس ورجال الأمن والعسس والخبازين في المخابز وغيرهم، وسكن هؤلاء يكون بالنهار، وبهذا الفهم تتكامل الآيات في الموضوع الواحد.
إذن: فقوله تعالى: {وابتغآؤكم مّن فَضْله} [الروم: 23] يعني: طلب الرزق والسَّعْي إليه يكون في النهار ويكون في الليل، لكن جمهرة الناس يبتغونه بالنهار ويسكنون بالليل، والقلة على عكس ذلك.
فإنْ قلتَ: هذا عندنا حيث يتساوى الليل والنهار، فما بالك بالبلاد التي يستمر ليلها مثلًا ثلاثة أشهر، ونهارها كذلك، نريد أن نفسر الآية على هذا الأساس، هل يعملون ثلاثة أشهر وينامون ثلاثة أشهر؟ أم يجعلون من أشهر الليل ونهارًا، ومن أشهر النهار أيضًا ليلًا ونهارًا؟ لا مانع من ذلك؛ لأن الإنسان لا يخلو من ليل للراحة، ونهار للعمل أو العكس، فكل من الليل والنهار ظرف للعمل أو للراحة.
لذلك، فالحق- تبارك وتعالى- يمتنُّ علينا بتعاقُب الليل والنهار، فيقول سبحانه: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ الليل سَرْمَدًا إلى يَوْم القيامة مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتيكُمْ بضيَاءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ} [القصص: 71] وذيَّل الآية بأفلا تسمعون {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ النهار سَرْمَدًا إلى يَوْم القيامة مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتيكُمْ بلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فيه أَفلاَ تُبْصرُونَ} [القصص: 72].
قالوا: لأن النهار محلُّ الرؤية والبصر، أما الليل فلا بصرَ فيه، فيناسبه السمع، والأذن هي الوسيلة التي تؤدي مهمتها في الليل عندما لا تتوفر الرؤية.
وفي موضع آخر: {وَهُوَ الذي جَعَلَ اليل والنهار خلْفَةً لّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 62] فالليل يخلُف النهار، والنهار يخلُف الليل، هذا في الزمن العادي الذي نعيشه، أما في بدْء الخَلْق فأيهما كان أولًا، ثم خلفه الآخر؟
فإنْ قلت: إن الليل جاء أولًا، فالنهار بعده خلْفة له، لكن الليل في هذه الحالة لا يكون خلفة لشيء، والنص السابق يوضح أن كلًا منهما خلْفة للآخر، إذن: فما حَلُّ هذا اللغز؟
مفتاح هذه المسألة يكمن في كروية الأرض، ولو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر في بداية البعثة بهذه الحقيقة لما صدَّقوه، كيف ونحن نرى مَنْ ينكر هذه الحقيقة حتى الآن.
والحق- سبحانه وتعالى- لا يترك قضية كونية كهذه دون أنْ يمسَّها ولو بلُطْف وخفة، حتى إذا ارتقت العقول تنبهتْ إليها، فلو أن الأرض مسطوحة وخلقَ الله تعالى الشمس في مواجهة الأرض لاستطعنا أنْ نقول: إن النهار جاء أولًا، ثم عندما تغيب الشمس يأتي الليل، أما إنْ كانت البداية خلْق الأرض غير مواجهة للشمس، فالليل في هذه الحالة أولًا، ثم يعقبه النهار، هذا على اعتبار أن الأرض مسطوحة.
وما دام أن الخالق- عز وجل- أخبر أن الليل والنهار كل منهما خلْفة للآخر، فلابد أنه سبحانه خلق الأرض على هيئة بحيث يوجد الليل ويوجد النهار معًا، فإذا ما دارت دورة الكون خلف كل منهما الآخر، ولا يتأتّى ذلك إلا إذا كانت الأرض مُكوَّرة، فما واجه الشمس منها صار نهارًا، وما لم يواجه الشمس صار ليلًا.
لذلك يقول سبحانه في آية أخرى: {لاَ الشمس يَنبَغي لَهَآ أَن تدْركَ القمر وَلاَ اليل سَابقُ النهار وَكُلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 40].
فالحق سبحانه ينفي هنا أنْ يسبقَ الليلُ النهارَ، فلماذا؟
قالوا: يعتقدون أن الليلَ سابقُ النهار، أَلاَ تراهم يلتمسون أول رمضان بليله لا بنهاره؟ وما داموا يعتقدون أن الليل سابق النهار، فالمقابل عندهم أن النهار لا يسبق الليل، هذه قضية أقرَّها الحق سبحانه؛ لذلك لم يعدل فيها شيئًا إنما نفى الأولى {وَلاَ اليل سَابقُ النهار} [يس: 40].
إذن: نفى ما كانوا يعتقدونه {وَلاَ اليل سَابقُ النهار} [يس: 40] وصدَّق على ما كانوا يعتقدونه من أن النهار لا يسبق الليل. فنشأ عن هذه المسألة: لا الليل سابق النهار، ولا النهار سابق الليل، وهذا لا يتأتّى إلا إذا وُجدوا في وقت واحد، فما واجه الشمسَ كان نهارًا، وما لم يواجه الشمس كان ليلًا.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَمنْ آيَاته يُريكُمُ البرق خَوْفًا وَطَمَعًا}.
نلحظ في تذييل الآيات مرة يقول سبحانه: {لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21] ومرة {لّلْعَالَمينَ} [الروم: 22] ومرة {لّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} [الروم: 23] أو {لّقَوْمٍ يَعْقلُونَ} [الروم: 24] فتختلف الأدوات الباحثة في الآيات.
والبعض يظن أن العقل آلة يُعملها في كل شيء، فالعقل هو الذي يُصدّق أو لا يُصدّق، والحقيقة أنك تستعمل العقل في مسألة الدين مرة واحدة تُغنيك عن استعماله بعد ذلك، فأنت تستعمل العقل في أنْ تؤمن أو لا تؤمن، فإنْ هداك العقل إلى أن الكون له إله قادر حكيم خالق لا إله إلا هو ووثقتَ بهذه القضية، فإنها لا تطرأ على تفكيرك مرة أخرى، ولا يبحثها العقل بعد ذلك، ثم إنك في القضايا الفرعية تسير فيها على وَفْق قضية الإيمان الأولى فلا تحتاج فيها للعقل.
لذلك العقلاء يقولون: العقل كالمطية توصلك إلى حضرة السلطان، لكن لا تدخل معك عليه، وهكذا العقل أوصلك إلى الإيمان ثم انتهى دوره، فإذا ما سمعتَ قال الله فأنت اثق من صدْق القول دون أنْ تُعمل فيه العقل.
وحين يقول سبحانه: {يعقلون} {يتفكرون} {يعلمون} حين يدعوك للتدبُّر والعظَة إنما ينبه فيك أدوات المعارضة لتتأكد، والعقل هنا مهمته النظر في البدائل وفي المقدمات والنتائج.
كما لو ذهبتَ مثلًا لتاجر القماش فيعرض عليك بضاعته: فهذا صوف أصلي، وهذا فطن خالص، ولا يكتفي بذلك إنما يُريك جودة بضاعته، فيأخذ فتلة من الصوف، وفتلة من القطن، ويشعل النار في كل منهما لترى بنفسك، فالصوف لا ترعى فيه النار على خلاف القطن.
إذن: هو الذي يُنبّه فيك وسائل النقد، ولا يفعل ذلك إلا وهو واثق من جودة بضاعته، أما الآخر الذي لا يثق في جودة بضاعته فإنه يلجأ إلا ألاعيب وحيل يغري بها المشتري ليغُرّه.
كذلك الخالق- عز وجل- يُنبّهنا إلى البحث والتأمل في آياته فيقول: تفكَّروا تدبَّروا، تعقَّلوا، كونوا علماء واعين لما يدور حولكم، وهذا دليل على أننا لو بحثنا هذه الآيات لتوصَّلْنا إلى مطلوبه سبحانه، وهو الإيمان.
والبرق: ظاهرة من ظواهر فصل الشتاء، حيث نسمع صوتًا مُدوّيًا نسميه الرعد، بعد أن نرى ضوءًا شديدًا يلمع في الجو نسميه برق، وهو عامل من عوامل كهربة الجو التي توصَّل إليها العلم الحديث، لكن قبل ذلك كان الناس عندما يروْن البرق لا يفهمون منه إلا أحد أمرين: إما أنْ يأتي بصاعقة تحرقهم، أو ينزل عليهم المطر، فيخافون من الصاعقة ويرجون المطر.
{وَمنْ آيَاته يُريكُمُ البرق خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزّلُ منَ السماء مَاءً} [الروم: 24] ليظل العبد دائمًا مع ربه بين الخوف والرجاء.
لكن أكُلّ الناس يرجون المطر؟ هَبْ أنك مسافر أو مقيم في بادية ليس لك كنٌّ تكنُّ فيه، ولا مأوى يأويك من المطر، فهذا لا يرجو المطر ولا ينتظره، لذلك من رحمته تعالى أن يغلب انفعال الطمع في الماء الذي به تحيا الأرض بالنبات.
{وَيُنَزّلُ منَ السماء مَاءً فَيُحْيي به الأرض بَعْدَ مَوْتهَا} [الروم: 24] وكلمة السماء لها مدلولان: مدلولٌ غالب، وهي السماوات السبع، ومدلول لُغوي، وهي كل ما علاَّك فأظلَّك، وهذا هو المعنى المراد هنا {وَيُنَزّلُ منَ السماء مَاءً} [الروم: 24] لأن المطر إنما ينزل من السحاب، فالسماء هنا تعني: كل ما علاك فأظلَّك.
ولو تأملتَ الماء الذي ينزل من السماء لوجدتَّه من سحاب متراكم {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُزْجي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الودق يَخْرُجُ منْ خلاَله} [النور: 43].
وسبق أنْ تحدَّثنا عن كيفية تكوُّن السُّحُب، وأنها نتيجة لبخر الماء، لذلك من حكمته تعالى أنْ جعل ثلاثة أرباع الأرض ماءً والربع يابسة، ذلك لتتسع رقعة بَخْر الماء، فكأن الثلاثة الأرباع جعلت لخدمة الرُّبْع، وليكفي ماء المطر سكان اليابسة.
وبيَّنا أهمية اتساع مسطح الماء في عملية البخر، بأنك حين تترك مثلًا كوبًا من الماء على المنضدة لمدة طويلة يظل كما هو، ولو نَقُص منه الماء لكان قليلًا، أمّا لو سكبتَ ماء الكوب على أرض الغرفة مثلًا فإنه يجفّ في عدة دقائق لماذا؟ لأن مسطح الماء اتسع فكَثُر الماء المتبخّر.