فصل: قال الشعراوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والفرح: الرضا والابتهاج.
وهذه حالة ذميمة من أحوال أهل الشرك يراد تحذير المسلمين من الوقوع في مثلها، فإذا اختلفوا في أمور الدين الاختلاف الذي يقتضيه اختلاف الاجتهاد أو اختلفوا في الآراء والسياسات لاختلاف العوائد فليحذروا أن يجرهم ذلك الاختلاف إلى أن يكونوا شيعًا متعادين متفرقين يلعن بعضهم بعضًا ويذيق بعضهم بأس بعض.
وتقدم {كل حزب بما لديهم فرحون} في سورة المؤمنين (53).
{وَإذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنيبينَ إلَيْه}.
عطف على جملة {فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا} [الروم: 32] أي فرقوا دينهم وكانوا شيعًا، وإذا مسهم ضر فدعوا الله وحده فرحمهم عادوا إلى شركهم وكفرهم نعمة الذي رحمهم.
فالمقصود من الجملة هو قوله: {ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون} فمحل انتظامه في مذام المشركين أنهم يرجعون إلى الكفر، بخلاف حال المؤمنين فإنهم إذا أذاقهم الله رحمة بعد ضر شكروا نعمة ربهم وذلك من إنابتهم إلى الله.
ونُسجَ الكلام على هذا الأسلوب ليكون بمنزلة التذييل بما في لفظ {الناس} من العموم وإدماجًا لفضيلة المؤمنين الذين لا يكفرون نعمة الرحيم.
فالتعريف في {الناس} للاستغراق.
والضُرّ، بضم الضاد: سوء الحال في البدن أو العيش أو المال، وهذا نحو ما أصاب قريشًا من الشدة والقحط حتى كانوا يرون في الجو مثل الدخان من شدة الجفاف، وحتى أكلوا العظام والميتة، وقد أصاب ذلك مشركيهم ومؤمنيهم وكانت شدته على المشركين لأنهم كانوا في رفاهية، فالشدة أقوى عليهم، فأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستشفعون به أن يدعو الله بكشف الضر عنهم فدعا فأمطروا فعادوا إلى ترفهم، قال تعالى: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} [الدخان: 10] الآيات، فدعاؤهم ربهم يشمل طلبهم أن يدعو لهم الرسول صلى الله عليه وسلم و{منيبين} حال من الناس كلهم أي استووا في الإنابة إليه أي راجعين إليه بعد، واشتغل المشركون عنه بدعاء الأصنام، قال تعالى: {إنَّا كاشفوا العذاب قليلًا إنكم عائدون} [الدخان: 15].
وتقدم {مُنيبين} آنفًا.
والمس: مستعار للإصابة.
وحقيقة المس: أنه وضع اليد على شيء ليعرف وجوده أو يختبر حاله، وتقدم في قوله: {ليمسَنَّ الذين كفروا منهم عذاب أليم} في العقود (73).
واختير هنا لما يستلزمه من خفة الإصابة، أي يدعون الله إذا أصابهم خفيف ضُر بَلْهَ الضرّ الشديد.
والإذاقة: مستعارة للإصابة أيضًا.
وحقيقتها: إصابة المطعوم بطَرَف اللسان وهي أضعف إصابات الأعضاء للأجسام فهي أقلّ من المضغ والبلع، وتقدم في قوله تعالى: {ليَذُوق وبال أمْره} في سورة العقود (95)، {وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء} في سورة يونس (21).
واختير فعل الإذاقة لما يدل عليه من إسراعهم إلى الإشراك عند ابتداء إصابة الرحمة لهم.
والرحمة: تخليصهم من الشدّة.
وثمّ للتراخي الرتبي لأن إشراكهم بالله بعد الدعاء والإنابة وحصول رحمته أعجب من إشراكهم السابق، ففي التراخي الرتبي معنى التعجيب من تجدد إشراكهم، وحَرْف المفاجأة {إذا} يفيد أيضًا أن هذا الفريق أسرعوا العودة إلى الشرك بحدثان ذوق الرحمة لتأصل الكفر منهم وكمونه في نفوسهم.
وضمير {منه} عائد إلى الله تعالى.
و{من} ابتدائية متعلقة ب {أصابهم} و{رحمة} فاعل {أصابهم} ولم يؤنث لها الفعل لأن تأنيث مسمى الرحمة غير حقيقي ولأجل الفصل بالمجرور.
وتقديم المجرور على الفاعل للاهتمام به ليظهر أن الذي أصابهم هو من فضل الله وتقديره لا غير ذلك.
واللام في قوله: {ليَكْفروا} لام التعليل وهي مستعارة لمعنى التسبب الذي حقه أن يفاد بالفاء لأنهم لما أشركوا لم يريدوا بشركهم أن يجعلوه علة للكفر بالنعمة ولكنهم أشركوا محبة للشرك فكان الشرك مفضيًا إلى كفرهم نعمة الله خشية الإفضاء والتسبب بالعلة الغائية على نحو قوله تعالى: {فالتقطه ءال فرعون ليكون لهم عدوًّا وحَزَنًا} [القصص: 8].
وضمير {ليكفروا} عائد إلى الفريق باعتبار معناه.
والإيتاء: إعطاء النافع، أي بما أنعمنا عليهم من النعم التي هي نعمة الإيجاد والرزق وكشف الضر عنهم.
ثم التفت عن الغيبة إلى الخطاب بقوله: {فتمتعوا} توبيخًا لهم وإنذارًا، وجيء بفاء التفريع في قوله: {فتمتعوا} لأن الإنذار والتوبيخ مفرعان عن الكلام السابق.
والأمر في تمتعوا مستعمل في التهديد والتوبيخ.
والتمتع: الانتفاع بالملائم وبالنعمة مدة تنقضي.
والفاء في {فسوف تعلمون} تفريع للإنذار على التوبيخ، وهو رشيق.
و{سوف تعلمون} إنذار بأنهم يعلمون في المستقبل شيئًا عظيمًا، والعلم كناية عن حصول الأمر الذي يُعلم، أي عن حلول مصائب بهم لا يعلمون كنهها الآن، وهو إيماء إلى عظمتها وأنها غير مترقبة لهم.
وهذا إشارة إلى ما سيصابون به يوم بدر من الاستئصال والخزي وهم كانوا يستعجلون بعذاب من جنس ما عذب به الأمم الماضية مثل عاد وثمود، وكانت الغاية واحدة، فإن إصابتهم بعذاب سيوف المسلمين أبلغ في كون استئصالهم بأيدي المؤمنين مباشرة، وأظهر في إنجاء المؤمنين من عذاب لا يصيب الذين ظلموا خاصة وذلك هو المراد في قوله تعالى: {إنا كاشفوا العذاب قليلًا إنكم عائدون يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون} [الدخان: 15، 16].
والبطشة الكبرى: بطشة يوم بدر.
{أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بمَا كَانُوا به يُشْركُونَ (35)}.
{أمْ} منقطعة، فهي مثل {بَل} للإضراب هو إضراب انتقالي.
وإذ كان حرف {أم} حرفَ عطف فيجوز أن يكون ما بعدها إضرابًا عن الكلام السابق فهو عطف قصة على قصة بمنزلة ابتداءٍ، والكلام توبيخ ولوم متصل بالتوبيخ الذي أفاده قوله: {فتمتعوا فسوف تعلمون} [الروم: 34].
وفيه التفات من الخطاب إلى الغيبة إعراضًا عن مخاطبتكم إلى مخاطبة المسلمين تعجيبًا من حال أهل الشرك.
ويجوز أن يكون ما بعدها متصلًا بقوله: {بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم} [الروم: 29] فهو عطف ذَم على ذم وما بينهما اعتراض.
وحيثما وقعت {أمْ} فالاستفهام مقدَّر بعدها لأنها ملازمة لمعنى الاستفهام.
فالتقدير: بل أأنزلنا عليهم سلطانًا وهو استفهام إنكاري، أي ما أنزلنا عليهم سلطانًا، ومعنى الاستفهام الإنكاري أنه تقرير على الإنكار كأن السائل يسأل المسؤول ليقر بنفي المسؤول عنه.
والسلطان: الحجة.
ولما جعل السلطان مفعولًا للإنزال من عند الله تعين أن المراد به كتاب كما قالوا {حتى تنزل علينا كتابًا نَقرؤه} [الإسراء: 93].
ويتعين أن المراد بالتكلم الدلالة بالكتابة كقوله تعالى: {هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق} [الجاثية: 29]، أي تدل كتابته، أي كتب فيه بقلم القدرة أن الشرك حق كقوله تعالى: {أم ءاتيناهم كتابًا من قبله فهم به مستمسكون} [الزخرف: 21].
وقدم {به} على {يشركون} للاهتمام بالتنبيه على سبب إشراكهم الداخل في حيز الإنكار للرعاية على الفاصلة. اهـ.

.قال الشعراوي:

{مُنيبينَ إلَيْه وَاتَّقُوهُ وَأَقيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا منَ الْمُشْركينَ (31)}.
أناب: يعني رجع وقطع صلته بغير الحق {إلَيْه} [الروم: 31] إلى الله، فلا علاقة له بالخَلْق في مسألة العقائد، فجعل كل علاقته بالله.
ومنه يسمون الناب؛ لأنه يقطع الأشياء، ويقولون: ناب إلى الرشد، وثاب إلى رشده، كلها بمعنى: رجع، وما دام هناك رجوع فهناك أصل يُرجع إليه، وهو أصل الفطرة.
وقوله تعالى: {واتقوه} [الروم: 31] لأنه لا يجوز أنْ تنيب إلى الله، وأن ترجع إليه، وأن تجعله في بالك ثم تنصرف عن منهجه الذي شرَّعه لينظم حركة حياتك، فالإنابة وحدها والإيمان بالله لا يكفيان؛ بل لابد من تطبيق المنهج بتقوى الله، لذلك كثيرًا ما يجمع القرآن بين الإيمان والعمل الصالح: {إلاَّ الذين آمَنُوا وَعَملُوا الصالحات} [الشعراء: 227].
لأن فائدة الإيمان وثمرته بعد أن تؤمن بالإله الحق، وأن منهجه هو الصدق، وفيه نفعك وسلامتك في حركة حياتك، وأنه الذي يُوصلّك إلى سعادة الدارين، ولا معنى لهذا كله إلا بالعمل والتطبيق.
{واتقوه} [الروم: 31] أي: اتقوا غضبه، واجعلوا بينكم وبين غضب الله وقاية، وهذه الوقاية تتحقق باتباع المنهج في افعل ولا تفعل. وسبق أن تكلمنا في معنى التقوى وكلنا: إنها تحمل معنيين يظن البعض أنهما متضاربان حين نقول: اتقوا الله. واتقوا النار. لكن المعنى واحد في النهاية؛ لأن معنى اتق الله: اجعل بينك وبين عذاب الله وغضبه وقاية، وهذا نفسه معنى: اتق النار. يعني: ابتعد عن اسبابها حتى لا تمسَّك.
وقوله تعالى: {وَأَقيمُوا الصلاة} [الروم: 31] أقيموا الصلاة أدُّوها على الوجه الأكمل، وأدُّوها على ما أُحبُّ منكم في أدائها، فساعة أناديك: الله أكبر يجب أن تقبل عليَّ، وأنت حين تُلبّي النداء لا تأتي لتعينني على شيء، ولا أنتفع بك في شيء، إنما تنتفع أنت بهذا اللقاء، وتستمد مني العون والقوة، وتأخذ شحنة إيمان ويقين من ربك.
وقلنا: ما تصورك لآلة تُعرَض على صانعها كل يوم خمس مرات أيبقى بها عَطَب؟ لذلك يُعلّمنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه إذا حزبنا أمر أن نهرع إلى الصلاة، وكذلك كان يفعل صلى الله عليه وسلم إذا عزَّ عليه شيء، أو ضاقت به الأسباب، وإلا فما معنى الإيمان بالله إنْ لم تلجأ إليه.
وما دام ربك غيبًا، فهو سبحانه يُصلحك بالغيب أيضًا، ومن حيث لا تدري؛ لذلك أمرنا ربنا بإقامة الصلاة، وجعلها عماد الدين والركْن الذي لا يسقط عنك بحال، فالزكاة والحج مثلًا يسقطان عن الفقير وعن غير القادر، والصوم يسقط عن المريض أو المسافر، في حين مرضه أو سفره، ثم يقضيه بعد انقضاء سبب الإفطار.
أما الصلاة فهي الركْن الدائم، ليس مرة واحدة في العمر، ولا مرة واحدة في العام، إنما خمس مرات في اليوم والليلة، فبها يكون إعلان الولاء لله تعالى إعلانًا دائمًا، وهذا إنْ دلَّ فإنما يدل على عظمة الإنسان ومكانته عند ربه وخالقه.
وسبق أن قلنا: إنك إنْ أردتَ مقابلة أحد المسئولين أو أصحاب المنزلة كم تعاني ليُؤذَن لك، ولابد أن يُحدّد لك الموعد والمكان، بل وموضوع المقابلة وما ستقوله فيها، ثم لصاحب المقابلة أنْ يُنهيها متى يشاء.
إذن: لا تملك من عناصر هذا اللقاء شيئًا؟ أما في لقائك بربك- عز وجل- فالأمر على خلاف ذلك، فربُّك هو الذي يطلبك ويناديك لتُقبل عليه، لا مرة واحدة بل خمس مرات كل يوم، ويسمح لك أنْ تناجيه بما تحب، وتطلب منه ما تريد.
ولك أن تنهي أنت المقابلة بقولك: السلام عليكم، فإنْ أحببتَ أن تطيل اللقاء، أو أنْ تعتكف في بيت ربك فإنه سبحانه لا يملُّ حتى تملُّوا، فهذه- إذن- ليست عبودية، بل عزٌّ وسيادة.
وما أجملَ ما قاله الشاعر في هذا المعنى:
حَسْبُ نَفْسي عزًّا بأنّي عَبْدٌ ** يحتَفي بي بلاَ مَواعيدَ رَبُّ

هُوَ في قُدْسه الأعَزّ ولكنْ ** أنَا أَلْقى متَى وأيْنَ أُحبّ

ولأن للصلاة هذه المنزلة بين أركان الإسلام لم تُفرض بالوحي كباقي الأركان، إنما فُرضَتْ مباشرة من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، حين استدعاه ربه للقائه في السماء في رحلة المعراج.
وسبق أنْ مثَّلنا لذلك- ولله تعالى المثل الأعلى- برئيس العمل الذي يُلقي أوامره بالتليفون، أو بتأشيره على ورقة، فإنْ تعرَّض لأمر هام استدعى الموظف المختص إلى مكتبه، وأعطاه الأمر مباشرة لأهميته، كذلك كانت الصلاة، وكذلك فُرضَتْ على سيدنا رسول الله بالتكليف المباشر.
ثم يقول سبحانه: {وَلاَ تَكُونُوا منَ المشركين} [الروم: 31] وهنا وقفة: فكيف بعد الإنابة إلى الله والتقوى، وبعد الأمر بإقامة الصلاة يقول {وَلاَ تَكُونُوا منَ المشركين} [الروم: 31]؟ وأين الشرك ممَّنْ يُؤدّي التعاليم على هذا الوجه؟ قالوا: الشرك المنهيّ عنه هنا ليس الإشراك مع الله إلهًا آخر، إنما أشركوا مع الله نية أخرى، فالإشراك هنا بمعنى الرياء، والنظر إلى الناس لا إلى الله.
لذلك يقولون: العمل من أجل الناس رياء، وترْك العمل من أجل الناس شرك، فالذي يصلي أو يبني لله مسجدًا للشهرة، وليحمده الناس فهو مُراءٍ، وهو خائب خاسر؛ لأن الناس انتفعوا بعمله ولم يُحصّل هو من عمله شيئًا.
أما مَنْ يترك العمل خوفًا من الوقوع في الرياء، فيمتنع عن الزكاة مثلًا، خَوْفَ أن يُتَّهم بالرياء، فهو والعياذ بالله مشرك، لأن الناس ينتفعون بالعمل حتى وإنْ كان رياءً، لكن إن امتنعتَ عن العمل فلا ينتفع الناس منك بشيء.
فالمعنى: {وَلاَ تَكُونُوا منَ المشركين} [الروم: 31] أي: الشرك الخفي وهو الرياء؛ لذلك رأينا سيدنا رسول الله وهو الأسوة للأمة الإيمانية يدعو ربه ويقول: «اللهم إنّي أستغفرك من كل عمل أردتُ به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك».
فالعمل الإيماني ما كان لله خالصًا، وعلى قَدْر الإخلاص يكون الجزاء، فمن الناس مَنْ يفعل الصلاح فيوافق شيئًا في نفسه، كأن يساعده على استقامة الحياة أو على التوفير في النفقات أو غير ذلك؛ فيستمر عليه، لا لله إنما لمصلحته هو.
وفي هؤلاء يقول تعالى: {وَمنَ الناس مَن يَعْبُدُ الله على حَرْفٍ فَإنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطمأن به وَإنْ أَصَابَتْهُ فتْنَةٌ انقلب على وَجْهه خَسرَ الدنيا والأخرة ذلك هُوَ الخسران المبين} [الحج: 11].
وكالتاجر الذي يلتزم الصدق في تجارته، لا حبًا في الصدق ذاته، إنما طمعًا في الشهرة والصّيت وكَسْب المزيد من الزبائن، ومثل هؤلاء ينالون من الدنيا على قَدْر سعيهم لها، ولا يحرمهم اللهُ ثمرةَ مجهوداتهم، كما قال سبحانه: {مَن كَانَ يُريدُ حَرْثَ الآخرة نَزدْ لَهُ في حَرْثه وَمَن كَانَ يُريدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْته منْهَا وَمَا لَهُ في الآخرة من نَّصيبٍ} [الشورى: 20].
فما أشبه الناس في نياتهم من الأعمال بركْب يقصدون وجهة واحدة، لكن لكل منهم غاية يسعى إليها، فهذا يسعى للطعام أو أكلة شهية، وهذا يسعى لامرأة جميلة، وهذا يسعى لدرْس علم ينتفع به، وآخر يسعى لرؤية مَنْ يحب، وقد عبَّر الشاعر عن هذا المعنى بقوله:
قَصَدْتُ بالركْب مَنْ أَهْوى وقُلْتُ لَهُم ** هَيّا كُلوا وخُذُوا ما حَظكم فيه