فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الألوسي:

{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا للنَّاس في هذا القرءان من كُلّ مَثَلٍ} أي وبالله تعالى لقد وصفنا للناس من كل صفة كأنها مثل في غرابتها وقصصنا عليهم كل صفة عجيبة الشأن كصفة المبعوثين يوم القيامة وما يقولون وما يقال لهم وما لا ينفع من اعتذارهم ولا يسمع من استعتابهم، فضرب المثل اتخاذه وصنعه من ضرب الخاتم واللبن.
والمثل مجاز عن الصفة الغريبة، والمراد بهذا القرآن إما هذه السورة الجليلة الشأن أو المجموع وهو الظاهر، و{منْ} تبعيضية وجوزت الزيادة، وقيل: المعنى وبالله تعالى لقد بينا للناس من كل مثل ينبؤهم عن التوحيد والبعث وصدق الرسول عليه الصلاة والسلام، فضرب بمعنى بين والمثل على أصله، وقيل: الدليل العجيب والقرآن بمعنى المجموع {وَلَئن جئْتَهُمْ بئَايَةٍ} أي مع ضربنا لهم من كل مثل في هذا القرآن الجليل الشأن لئن جئتهم بآية من آياته {لَّيَقُولَنَّ الذين كَفَرُوا} لفرط عتوهم وعنادهم وقساوة قلوبهم مخاطبين لك وللمؤمنين {إنْ أَنتُمْ إلاَّ مُبْطلُونَ} أي مزورون، وجوز حمل الآية على المعجزة أي لئن جئتهم بمعجزة من المعجزات التي اقترحوها ليقولن الذين كفروا الخ، والاتيان بالموصول دون الضمير لبيان السبب الحامل على القول المذكور، وإذا أريد بالناس ما يعم الكفرة وغيرهم فوجه الإظهار ظاهر، وتوحيد الخطاب في {جئْتَهُمْ} على ما يقتضيه الظاهر، وأما جمعه في قولهم: {إنْ أَنتُمْ} فلئلا يبقى بزعمهم له عليه الصلاة والسلام شاهد من المؤمنين حيث جعلوا الكل مدعين، وقال الإمام: في توحيد الخطاب في {جئْتَهُمْ} وجمعه في {أَنتُمْ} لطيفة وهي أن الله تعالى قال: إن جئتهم بكل آية جاءت بها الرسل عليهم السلام ويمكن أن يجاء بها يقولوا: أنتم كلكم أيها المدعون للرسالة مبطلون انتهى، ولا يخفى أن ما ذكرناه أحسن وألطف.
{كذلك} أي مثل ذلك الطبع الفظيع، وجوز أن يكون المعنى مثل ذلك القول {يَطْبَعُ} أي يختم {الله} الذي جلت عظمته وعظمت قدرته {على قُلُوب الذين لاَ يَعْلَمُونَ} أي لا يطلبون العلم ولا يتحرون الحق بل يصرون على خرافات اعتقدوها وترهات ابتدعوها، فإن الجهل المركب يمنع إدراك الحق ويوجب تكذيب المحق، ومن هنا قالوا: هو شر من الجهل البسيط، وما ألطف ما قيل:
قال حمار الحكيم يوما ** لو أنصفوني لكنت أركب

لأنني جاهل بسيط ** وصاحبي جاهل مركب

وإطلاق العلم على الطلب مجاز لما أنه لازم له عادة وقيل: المعنى يطبع الله تعالى على قلوب الذين ليسوا من أولى العلم، وليس بذاك، والمراد من {الذين لاَ يَعْلَمُونَ} يحتمل أن يكون الذين كفروا فيكون قد وضع الموصول موضع ضميرهم للنعي بما في حيز العلة، ويحتمل أن يكون عامًا ويدخل فيه أولئك دخولًا أوليًا.
وظاهر كلام بعض الأجلة يميل إلى الاحتمال الأول، وقد تقدم الكلام في طبعه وختمه عز وجل على القلب.
{فاصبر} أي إذا علمت حالهم وطبع الله تعالى على قلوبهم فاصبر على مكارههم من الأقوال الباطلة والأفعال السيئة {إنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ} وقد وعدك عز وجل بالنصرة وإظهار الدين وإعلاء كلمة الحق ولابد من إنجازه والوفاء به لا محالة {وَلاَ يَسْتَخفَّنَّكَ} لا يحملنك على الخفة والقلق {الذين لاَ يُوقنُونَ} بما تتلو عليهم من الآيات البينة بتكذيبهم إياها وإيذائهم لك بأباصيلهم التي من جملتها قولهم: {إنْ أَنتُمْ إلاَّ مُبْطلُونَ} [الروم: 8 5] فإنهم شاكون ضالو ولا يستبدع أمثال ذلك منهم، وقيل: أي لا يوقنون بأن وعد الله حق وهو كما ترى، والحمل وإن كان لغيره صلى الله عليه وسلم لكن النهي راجع إليه عليه الصلاة والسلام فهو من باب لا أرينك هاهنا وقد مر تحقيقه فكأنه قيل: لا تخف لهم جزعًا، وفي الآية من إرشاده تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وتعليمه سبحانه له كيف يتلقى المكاره بصدر رحيب ما لا يخفى.
وقرأ ابن أبي إسحق ويعقوب {وَلاَ} بحاء مهملة وقاف من الاستحقاق، والمعنى لا يفتننك الذين لا يوقنون ويكونوا أحق بك من المؤمنين على أنه مجاز عن ذلك لأن من فتن أحدًا استماله إليه حتى يكون أحق به من غيره، والنهي على هذه القراءة راجع إلى أمته عليه الصلاة والسلام دونه صلى الله عليه وسلم لمكان العصمة، وقد تقدم نظائر ذلك وما للعلماء من الكلام فيها.
وقرأ الجمهور بتشديد النون وخففها ابن أبي عبلة، ويعقوب.
ومن لطيف ما يروى ما أخرجه ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في سننه عن علي كرم الله تعالى وجهه أن رجلًا من الخوارج ناداه وهو في صلاة الفجر فقال: {وَلَقَدْ أُوْحىَ إلَيْكَ وَإلَى الذين من قَبْلكَ لَئنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ منَ الخاسرين} [الزمر: 5 6] فأجابه كرم الله تعالى وجهه وهو في الصلاة {فاصبر إنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخفَّنَّكَ الذين لاَ يُوقنُونَ} ولا بدع في هذا الجواب من باب مدينة العلم وأخي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا. اهـ.

.قال عبد الكريم الخطيب:

قوله تعالى: {وَلَقَدْ ضَرَبْنا للنَّاس في هذَا الْقُرْآن منْ كُلّ مَثَلٍ وَلَئنْ جئْتَهُمْ بآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذينَ كَفَرُوا إنْ أَنْتُمْ إلَّا مُبْطلُونَ}.
هو بيان لانقطاع عذر المعتذرين، وعتاب المستعتبين، الذين يطلبون المعاتبة. وذلك لما جاءهم في دنياهم من آيات اللّه، وما حمل إليهم القرآن الكريم من دلائل وبراهين بين يدى دعوتهم إلى الإيمان باللّه واليوم الآخر، وقد ضربت لهم الأمثال على وجوه مختلفة، فما انتفعوا بها، ولا أخذوا العبرة والعظة من مهلك القوم الظالمين في الأمم الغابرة.
وقوله تعالى: {وَلَئنْ جئْتَهُمْ بآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذينَ كَفَرُوا إنْ أَنْتُمْ إلَّا مُبْطلُونَ}. إشارة إلى أن هؤلاء المكذبين المشركين، لن تنفعهم الآيات المادية التي كانوا يطالبون النبىّ بها، ويتحدونه بأن يأتى بمعجزة من تلك المعجزات المحسوسة التي كانت بين يدى الرسل من قبله. ففى كل ما جاء به القرآن من آيات، وما ضرب من أمثال، معجزات قاهرة بيّنة، لمن يطلب الهدى أو يقبله، إذا عرض عليه. وهؤلاء المشركون لا يطلبون الهدى، ولا يستجيبون له إذا دعوا، لما ركب في طبيعتهم من فساد.
قوله تعالى: {كَذلكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوب الَّذينَ لا يَعْلَمُونَ}.
الإشارة هنا إلى ما تضمنته الآية السابقة، من استغلاق مدارك المشركين عن أن يدخل عليها هدى، وذلك لأن اللّه قد طبع على قلوبهم. وإنه مع ما ضرب اللّه سبحانه ممن أمثال، وما حملت هذه الأمثال من شواهد واضحة وآيات بينة، فإن أهل الضلالات والأهواء لم ينتفعوا بها، ولم يروا إشارة مضيئة من إشاراتها، تعدل بهم عن طريق الكفر الذي يركبونه، إلى طريق الإيمان الذي يدعون إليه، وهذا شأنهم أبدا مع كل آية من آيات اللّه. وهذا لا يكون إلا عن فساد فطرة، وعمى بصيرة، وزيغ قلب، وهذا ما عليه حال أولئك الذين شغلتهم دنياهم عن أن يقفوا على آيات اللّه، وأن ينظروا فيها، وأن يحصلوا علما منها، فخذلهم اللّه، وخلّى بينهم وبين أنفسهم كما يقول سبحانه: {فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدي الْقَوْمَ الْفاسقينَ} (5 الصف) قوله تعالى: {فَاصْبرْ إنَّ وَعْدَ اللَّه حَقٌّ وَلا يَسْتَخفَّنَّكَ الَّذينَ لا يُوقنُونَ}.
بهذه الآية تختم السورة الكريمة، وهى تحمل إلى النبي الكريم دعوة من اللّه سبحانه وتعالى إلى الصبر على ما يلقى من قومه من مكاره، مستعينا على الصبر، واحتمال المكروه، بما وعده ربه من نصر لدين اللّه الذي يدعو إليه، ومن تمكن له وللمؤمنين معه في هذه الدنيا، ومغفرة من اللّه ورضوان في الآخرة، هذا، إلى ما يلقى هؤلاء المشركون الضالون من خزى وخذلان في الدنيا، وعذاب شديد في الآخرة.
وفي قوله تعالى: {وَلا يَسْتَخفَّنَّكَ الَّذينَ لا يُوقنُونَ} إشارة لافتة إلى ما قد يرد على النبي- صلوات اللّه وسلامه عليه- من تلك الخواطر التي تساور بعض النفوس، من المؤمنين الذين اشتدت عليهم وطأة البلاء، وطال بهم الانتظار لملاقاة ما وعدهم اللّه من نصر، ففى ساعات الضيق والعسرة، قد يتسرب إلى بعض المؤمنين شيء من القلق، وربما شيء من الشك والريب، ذلك أن للنفس البشرية حدا من الاحتمال والصبر على المكاره، إذا بلغته زايلتها القدرة على الاحتمال، وآذنها الصبر بالرحيل، وعندئذ تنحلّ العزيمة، ويضعف اليقين، وتبرد حرارة الإيمان، وفي هذا يقول اللّه تعالى: {أَمْ حَسبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتكُمْ مَثَلُ الَّذينَ خَلَوْا منْ قَبْلكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّه} (214: البقرة). فهذه حال تعرض المؤمنين، ولن يعصهم منها إلا التحصن بالإيمان، واللّياذ باليقين الذي يدفع كل شك في قدرة اللّه، وفي تحقيق ما وعد المؤمنين به، من نصر، وعافية مما هم فيه من بلاء.
فقوله تعالى: {وَلا يَسْتَخفَّنَّكَ الَّذينَ لا يُوقنُونَ} دعوة للمؤمنين أن يوثّقوا إيمانهم باللّه، وأن يمتحنوا هذا الإيمان على محك الشدائد والمحن، فعلى هذا المحك يظهر معدن الإيمان، وتعرف حقيقته.
والاستخفاف: أصله من الخفة، والمراد به التحول من حال إلى حال، والانتقال من وضع إلى وضع، عند كل خاطرة، ولأية مسة. فإن الخفيف من الشيء، هدف سهل لكل عارض يعرض له، ويريد زحزحته عن موضعه الذي هو عليه.
والآية، إذ تدعو المؤمنين إلى أن يكونوا من الموقنين باللّه، والمستيقنين بنصره، فإنها تدعو النبي إلى أن يثبت في موقفه من الإيمان بربه، والثقة فيما وعده به، حتى ترتدّ عنه العوارض التي تعرض له داخل نفسه أو خارجها، حين تجده جبلا راسخا، لا تصادف أية خفة في أي جانب منه. وقد كان صلوات اللّه وسلامه عليه على هذا اليقين الذي تزول الجبال ولا يزول. حتى ليقول لعمه أبى طالب، وقد جاء يدعوه إلى مهادنة قومه، على أن يحتكم بما شاء فيهم، من مال أو سلطان، فيقول: «واللّه يا عم لو وضعوا الشمس في يمينى والقمر في شمالى على أن أترك هذا الأمر، ما تركته، أو أهلك دونه». اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا للنَّاس في هَذَا الْقُرْآن منْ كُلّ مَثَلٍ}.
لما انتهى ما أقيمت عليه السُورة من دلائل الوحدانية وإثبات البعث عقب ذلك بالتنويه بالقرآن وبلوغه الغاية القصوى في البيان والهدى.
والضرب حقيقته: الوضع والإلصاق، واستعير في مثل هذه الآية للذكر والتبيين لأنه كوضع الدالّ بلصق المدلول، وتقدم في قوله تعالى: {إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلًا ما} [البقرة: 26] وتقدم أيضًا آنفًا عند قوله: {ضرَب لكم مثلًا من أنفسكم} [الروم: 28]، وهذا كقوله تعالى: {ولقد صرفنا للناس في هذا القرءان من كل مثل} المتقدم في سورة الإسراء (89)، والناس أُريد به المشركون لأنهم المقصود من تكرير هذه الأمثال، وعطف عليه قوله: {ولئن جئتهم بآية} الخ فهو وصف لتلقي المشركين أمثال القرآن فإذا جاءهم الرسول صلى الله عليه وسلم بآية من القرآن فيها إرشادهم تلقوها بالاعتباط والإنكار البحت فقالوا {إن أنتم إلا مبطلون}.
وضمير جمع المخاطب للنبي لقصد تعظيمه من جانب الله تعالى، وإنما يقول الذين كفروا: إن أنت إلا مبطل، فحكي كلامهم بالمعنى للتنويه بشأن الرسول عليه الصلاة والسلام.
وقيل: الخطاب للرسول والمؤمنين فهو حكاية باللفظ.
وهذا تأنيس للرسول عليه الصلاة والسلام من إيمان معانديه، أي أئمة الكفر منهم، ولذلك اعتُرض بعده بجملة: {كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون} بين الجملتين المتعاطفتين تمهيدًا للأمر بالصبر على غلوائهم، أي تلك سنة أمثالهم، أي مثل ذلك الطبع الذي علمتَه يَطبع الله على قلوبهم، وقد تقدم في قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطًا} في سورة البقرة (143) وفي مواضع كثيرة من القرآن.
والطبع على القلب: تصييره غير قابل لفهم الأمور الدينية وهو الختم، وقد تقدم في قوله تعالى: {ختم الله على قلوبهم} في سورة البقرة (7).
{والذين لا يعلمون} مراد بهم الذين كفروا أنفسهم، فعدل عن الإضمار لزيادة وصفهم بانتفاء العلم عنهم بعد أن وصفوا: بالمجرمين، والذين ظلموا، والذين كفروا.
{فَاصْبرْ إنَّ وَعْدَ اللَّه حَقٌّ وَلَا يَسْتَخفَّنَّكَ الَّذينَ لَا يُوقنُونَ (60)}.
الأمر للنبيء صلى الله عليه وسلم بالصبر تفرع على جملة {ولئن جئْتَهم بآية} [الروم: 58] لتضمنها تأييسه من إيمانهم.
وحذف متعلق الأمر بالصبر لدلالة المقام عليه، أي اصبر على تعنتهم.
وجملة {إن وعد الله حق} تعليل للأمر بالصبر وهو تأنيس للنبيء صلى الله عليه وسلم بتحقيق وعد الله من الانتقام من المكذبين ومن نصر الرسول عليه الصلاة والسلام.
والحق: مصدر حَقّ يحقّ بمعنى ثبت، فالحق: الثابت الذي لا ريب فيه ولا مبالغة.
والاستخفاف: مبالغة في جعله خفيفًا فالسين والتاء للتقوية مثلها في نحو: استجاب واستمسك، وهو ضد الصبر.
والمعنى: لا يحملُنّك على ترك الصبر.
والخفة مستعارة لحالة الجزع وظهور آثار الغضب.
وهي مثل القلق المستعار من اضطراب الشيء لأن آثار الجزع والغضب تشبه تقلقل الشيء الخفيف، فالشيء الخفيف يتقلقل بأدنى تحريك، وفي ضده يستعار الرسوخ والتثاقل.
وشاعت هذه الاستعارات حتى ساوت الحقيقة في الاستعمال.
ونهي الرسول عن أن يستخفه الذين لا يوقنون نهي عن الخفة التي من شأنها أن تحدث للعاقل إذا رأى عناد من هو يرشده إلى الصلاح، وذلك مما يستفز غضب الحليم، فالاستخفاف هنا هو أن يؤثروا في نفسه ضد الصبر، ويأتي قوله تعالى: {فاستَخَفّ قومَه فأطاعوه} في سورة الزخرف (54)، فانظره إكمالًا لما هنا.
وأسند الاستخفاف إليهم على طريقة المجاز العقلي لأنهم سببه بما يصدر من عنادهم.
والذين لا يوقنون: هم المشركون الذين أجريت عليهم الصفات المتقدمة من الإجرام، والظلم، والكفر، وعدم العلم؛ فهو إظهار في مقام الإضمار للتصريح بمساويهم.
قيل: كان منهم النضر بن الحارث.
ومعنى {لا يوقنون} أنهم لا يوقنون بالأمور اليقينية، أي التي دلت عليها الدلائل القطعية فهم مكابرون. اهـ.