فصل: قال أبو السعود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو السعود:

{وَمنَ الناس} محله الرَّفعُ على الابتداء باعتبار مضمونه أو بتقدير الموصوف. ومَن في قوله تعالى: {مَن يَشْتَرى لَهْوَ الحديث} موصولةٌ أو موصوفةٌ محلُّها الرَّفعُ على الخبرَّية والمعنى وبعضُ النَّاس، أو وبعضٌ من النَّاس الذي يشتري أو فريقٌ يشتري على أنَّ مناطَ الإفادة والمقصودَ بالأصالة هو اتّصافُهم بما في حّيز الصّلة أو الصّفة لا كونُهم ذواتَ أولئك المذكورينَ كما مرَّ في قوله تعالى: {وَمنَ الناس مَن يَقُولُ ءامَنَّا بالله وباليوم الأخر} الآيات ولهوُ الحديث ما يُلهى عمَّا يُعنى من المهمَّات كالأحاديث التي لا أصلَ لها والأساطير التي لا اعتدادَ بها والمضاحك وسائر ما لا خيرَ فيه من فضُول الكلام. والإضافةُ بمعنى من التبيينية إنْ أُريد بالحديث المنكرُ وبمعنى التبعيضية إن أُريد به الأعمُّ من ذلكَ. وقيلَ نزلت الآيةُ في النَّضر بن الحارث اشترى كتبَ الأعاجم وكان يُحدّثُ بها قُريشًا ويقولُ إنْ كان محمدٌ عليه الصَّلاة والسَّلام يُحدّثكم بحديث عادٍ وثمودٍ فأَنا أُحدّثكم بحديث رُسْتُمَ واسفنْديارَ والأكاسرة. وقيلَ كان يشتري القيانَ ويحملهنَّ على مُعاشرة مَن أرادَ الإسلامَ ومنعه عنْهُ {ليُضلَّ عَن سَبيل الله} أي دينه الحقّ الموصّل إليه تعالى أو عن قراءة كتابه الهادي إليه تعالى.
وقُرىء ليَضلَّ بفتح الياء أي ليثبُتَ ويستمرَّ على ضلاله أو ليزدادَ فيه {بغَيْر علْمٍ} أي بحال ما يشتريه أو بالتّجارة حيثُ استبدلَ الشرَّ البَحتَ بالخير المحض. {وَيَتَّخذَهَا} بالنَّصب عطفًا على يُضلَّ. والضَّميرُ للسَّبيل فإنَّه ممَّا يُذكّرُ ويُؤنَّثُ وهو دينُ الإسلام أو القُرآن أي ويتخذَها {هُزُوًا} مَهزُوًا به. وقُرىء ويتخذُها بالرَّفع عطفًا على يشتري. وقولُه تعالى: {أولئك} إشارةٌ إلى مَن. والجمعُ باعتبار معناها كما أنَّ الإفرادَ في الفعلين باعتبار لفظها، وما فيه منْ مَعنْى البُعد مع قُرب العهد بذكر المُشار إليه للإيذان ببُعد منزلتهم في الشَّرارة أي أولئكَ الموصُوفون بما ذُكر من الاشتراء للإضلال {لَهُمْ عَذَابٌ مُّهينٌ} لما اتَّصفُوا به من إهانتهم الحقّ بإيثار الباطل عليه وترغيب النَّاس فيه.
{وَإذَا تتلى عَلَيْه} أي على المُشتري، أُفرد الضَّميرُ فيه وفيما بعدَه كالضَّمائر الثلاثة الأول باعتبار لفظة مَن بعدَ ما جُمع فيما بينهما باعتبار معناها. {ءاياتنا} التي هي آياتُ الكتاب الحكيم وهدى ورحمةٌ للمحسنين {وَلَّى} أعرض عنها غيرَ معتدَ بها {مُسْتَكْبرًا} مبالغًا في التَّكَبُّر {كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا} حالٌ من ضمير ولَّى أو من ضميرٍ مستكبرًا. والأصلُ كأنَّه فحذف ضميرُ الشَّأن وخُفّفتْ المُثقَّلةُ أي مشبهًا حاله حالَ مَن لم يسمعها وهو سامعٌ وفيه رمزٌ إلى أنَّ مَن سمعها لا يُتصوَّرُ منه التَّوليةُ والاستكبارُ لما فيها من الأمور الموجبة للإقبال عليها والخضوع لها على طريقة قول مَن قال:
كأنَّك لم تَجْزَعْ على ابن طَريْف. {كَأَنَّ في أُذُنَيْه وَقْرًا} حال من ضمير لم يسمعْها أي مُشبهًا حالُه حالَ من في أذينه ثقَلٌ مانع من السَّماع ويجوز أنْ يكونا استئنافين. وقُرىء في أُذْنيه بسكون الذَّال. {فَبَشّرْهُ بعَذَابٍ أَليمٍ} أي فأعلمه بأنَّ العذابَ المفرط في الإيلام لاحقٌ به لا محالة، وذكرُ البشارة للتَّهكم. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَمنَ الناس} أي بعض من الناس أو بعض الناس {مَن يَشْتَرى لَهْوَ الحديث} أي الذي أو فريق يشتري على أن مناط الإفادة والمقصود بالأصالة هو اتصافهم بما في حيز الصلة أو الصفة لا كونهم ذوات أولئك المذكورين، والجملة عطف على ما قبلها بحسب المعنى كأنه قيل: من الناس هاد مهدي ومنهم ضال مضل أو عطف قصة على قصة، وقيل: إنها حال من فاعل الإشارة أي أشير إلى آيات الكتاب حال كونها هدى ورحمة والحال من الناس من يشتري الخ، و{لَهْوَ الحديث} على ما روي عن الحسن كل ما شغلك عن عبادة الله تعالى وذكره من السمر والأضاحيك والخرافات والغناء ونحوها، والإضافة بمعنى من أن أريد بالحديث المنكر كما في حديث: «الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش» بناءً على أنها بيانية وتبعيضية إن أريد به ما هو أعم منه بناءً على مذهب بعض النحاة كابن كيسان والسيرافي قالوا: إضافة ما هو جزء من المضاف إليه بمعنى من التبعيضية كما يدل عليه وقوع الفصل بها في كلامهم، والذي عليه أكثر المتأخرين وذهب إليه ابن السراج والفارسي وهو الأصح أنها على معنى اللام كما فصله أبو حيان في شرح التسهيل وذكر شارح اللمع.
وعن الضحاك أن {لَهْوَ الحديث} الشرك، وقيل: السحر، وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي الصهباء قال: سألت عبد الله بن مسعود عن قوله تعالى: {وَمنَ الناس مَن يَشْتَرى لَهْوَ الحديث} قال: هو والله الغناء وبه فسر كثير، والأحسن تفسيره بما يعم كل ذلك كما ذكرناه عن الحسن، وهو الذي يقتضيه ما أخرجه البخاري في الأدب المفرد وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه قال: {لَهْوَ الحديث} هو الغناء وأشباهه، وعلى جميع ذلك يكون الاشتراء استعارة لاختياره على القرآن واستبداله به، وأخرج ابن عساكر عن مكحول في قوله تعالى: {مَن يَشْتَرى لَهْوَ الحديث} قال الجواري الضاربات.
وأخرج آدم وابن جرير والبيهقي في سننه عن مجاهد أنه قال فيه: هو اشتراؤه المغني والمغنية والاستماع إليه وإلى مثله من الباطل، وفي رواية ذكرها البيهقي في السنن عن ابن مسعود أنه قال: في الآية هو رجل يشتري جارية تغنيه ليلًا أو نهارًا واشتهر أن الآية نزلت في النضر بن الحرث، ففي رواية جويبر عن ابن عباس أنه اشترى قينة فكان لا يسمع بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته، فيقول: أطعميه واسقيه وغنيه ويقول: هذا خير مما يدعوك إليه محمد صلى الله عليه وسلم من الصلاة والصيام وأن تقاتل بين يديه فنزلت.
وفي أسباب النزول للواحدي عن الكلبي ومقاتل أنه كان يخرج تاجرًا إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم وفي بعض الروايات كتب الأعاجم فيرويها ويحدث بها قريشًا ويقول لهم: إن محمدًا عليه الصلاة والسلام يحدثكم بحديث عاد وثمود وأنا أحدثكم بحديث رستم واسفنديار وأخبار الأكاسرة فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن فنزلت، وقيل: إنها نزلت في ابن خطل اشترى جارية تغني بالسب، ولا يأبى نزولها فيمن ذكر الجمع في قوله تعالى بعد: {أُوْلئكَ لَهُمْ} كما لا يخفى على الفطن، والاشتراء على أكثر هذه الروايات على حقيقته ويحتاج في بعضها إلى عموم المجاز أو الجمع بين الحقيقة والمجاز كما لا يخفى على من دقق النظر، وجعل المغنية ونحوها نفس لهو الحديث مبالغة كما جعل {النساء} في قوله تعالى: {زُيّنَ للنَّاس حُبُّ الشهوات منَ النساء} [آل عمران: 4 1] نفس الزينة.
وفي البحر إن أريد بلهو الحديث ما يقع عليه الشراء كالجواري المغنيات وككتب الأعاجم فالاشتراء حقيقة ويكون الكلام على حذف مضاف أي من يشتري ذات لهو الحديث.
وقال الخفاجي: عليه الرحمة لا حاجة إلى تقدير ذات لأنه لما اشتريت المغنية لغنائها فكأن المشتري هو الغناء نفسه فتدبره، وفي الآية عند الأكثرين ذم للغناء بأعلى صوت وقد تضافرت الآثار وكلمات كثير من العلماء الأخيار على ذمه مطلقًا لا في مقام دون مقام، فأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعبه عن ابن مسعود قال: إذا ركب الرجل الدابة ولم يسم ردفه شيطان فقال: تغنه فإن كان لا يحسن قال: تمنه، واخرجا أيضًا عن الشعبي قال: عن القاسم بن محمد أنه سئل عن الغناء فقال للسائل: أنهاك عنه وأكرهه لك فقال السائل: أحرام هو؟ قال: انظر يا ابن أخي إذا ميز الله تعالى الحق من الباطل في أيهما يجعل سبحانه الغناء، واخرجا عنه أيضًا أنه قال: لعن الله تعالى المغني والمغنى له، وفي السنن عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل» وأخرج عنه نحوه ابن أبي الدنيا ورواه عن أبي هريرة والديلمي عنه وعن أنس وضعفه ابن القطان، وقال النووي لا يصح، وقال العراقي: رفعه غير صحيح لأن في إسناده من لم يسم وفيه إشارة إلى أن وقفه على ابن مسعود صحيح وهو في حكم المرفوع إذ مثله لا يقال من قبل الرأي، وأخرج ابن أبي الدنيا وابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما رفع أحد صوته بغناء إلا بعث الله تعالى إليه شيطانين يجلسان على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك».
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي عثمان الليثي قال: قال يزيد بن الوليد الناقص: يا بني أمية إياكم والغناء فإنه ينقص الحياء ويزيد في الشهوة ويهدم المروءة وإنه لينوب عن الخمر ويفعل ما يفعل السكر فإن كنتم لابد فاعلين فجنبوه النساء فإن الغناء داعية الزنا، وقال الضحاك: الغناء منفدة للمال مسخطة للرب مفسدة للقلب، وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وغيرهم عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام في مثل هذا أنزلت هذه الآية {وَمنَ الناس مَن يَشْتَرى لَهْوَ الحديث} إلى لآخر الآية» وفي رواية ابن أبي الدنيا وابن مردويه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى حرم القينة وبيعها وثمنها وتعليمها والاستماع إليها» ثم قرأ: {وَمنَ الناس مَن يَشْتَرى لَهْوَ الحديث} ويعود هذا ونحوه إلى ذم الغناء.
وقيل: الغناء جاسوس القلب وسارق المروءة والعقول يتغلغل في سويداء القلوب ويطلع على سرائر اوفئدة ويدب إلى بيت التخييل فينشر ما غرز فيها من الهوى والشهوة والسخافة والرعونة فبينما ترى الرجل وعليه سمت الوقار وبهاء العقل وبهجة الإيمان ووقار العلم كلامه حكمة وسكوته عبرة فإذا سمع الغناء نقص عقله وحياؤه وذهبت مروءته وبهاؤه فيستحسن ما كان قبل السماع يستقبحه ويبدي من أسراره ما كان يكتمه وينتقل من بهاء السكوت والسكون إلى كثرة الكلام والهذيان والاهتزاز كأنه جان وربما صفق بيديه ودق الأرض برجليه وهكذا تفعل الخمر إلى غير ذلك، واختلف العلماء في حكمه فحكى تحريمه عن الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه القاضي أبو الطيب والقرطبي والماوردي والقاضي عياض وفي التاتارخانية اعلم أن التغني حرام في جميع الأديان، وذكر في الزيادات أن الوصية للمغنين والمغنيات مما هو معصية عندنا وعند أهل الكتاب، وحكى عن ظهير الدين المرغيناني: أنه قال من قال لمقري زماننا أحسنت عند قراءته كفر، وصاحبا الهداية والذخيرة سمياه كبيرة.
هذا في التغني للناس في غير الأعياد والأعراس ويدخل فيه تغني صوفية زماننا في المساجد والدعوات بالأشعار والأذكار مع اختلاط أهل الأهواء والمرد بل هذا أشد من كل تغن لأنه مع اعتقاد العبادة وأما التغني وحده بالأشعار لدفع الوحشة أو في الأعياد والأعراس فاختلفوا فيه والصواب منعه مطلقًا في هذا الزمان انتهى.
وفي الدر المختار التغني لنفسه لدفع الوحشة لا بأس به عند العامة على ما في العناية وصححه العيني وغيره قال ولو فيه وعظ وحكمة فجائز اتفاقًا ومنهم من أجازه في العرس كما جاز ضرب الدف فيه ومنهم من أباحه مطلقًا ومنهم من كرهه مطلقًا انتهى.
وفي البحر والمذهب حرمته مطلقًا فانقطع الاختلاف بل ظاهر الهداية أنه كبيرة ولو لنفسه وأقره المنصف وقال: ولا تقبل شهادة من يسمع الغناء أو يجلس مجلسه انتهى كلام الدر.
وذكر الإمام أبو بكر الطرسوسي في كتابه في تحريم السماع أن الإمام أبا حنيفة يكره الغناء ويجعله من الذنوب وكذلك مذهب أهل الكوفة سفيان وحماد وإبراهيم والشعبي وغيرهم لا اختلاف بينهم في ذلك ولا نعلم خلافًا بين أهل البصرة في كراهة ذلك والمنع منه انتهى وكأن مراده بالكراهة الحرمة، والمتقدمون كثيرًا ما يريدون بالمكروه الحوام كما في قوله تعالى: {كُلُّ ذلك كَانَ سَيّئُهُ عنْدَ رَبّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: 8 3] ونقل عليه الرحمة فيه أيضًا عن الإمام مالك أنه نهى عن الغناء وعن استماعه وقال: إذا اشترى جارية فوجدها مغنية فله أن يرد بالعيب وأنه سئل ما ترخص فيه أهل المدينة من الغناء، فقال: إنما يفعله عندنا الفساق؟ ونقل التحريم عن جمع من الحنابلة على ما حكاه شارح المقنع وغيره، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب البلغة أن أكثر أصحابهم على التحريم وعن عبد الله ابن الإمام أحمد أنه قال: سألت أبي عن الغناء فقال ينبت النفاق في القلب لا يعجبني ثم ذكر قول مالك: إنما يفعله عندنا الفساق، وقال المحاسبي في رسالة الإنشاء الغناء حرام كالميتة، ونقل الطرسوسي أيضًا عن كتاب أدب القضاء أن الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه قال: إن الغناء لهو مكروه يشبه الباطل والمحال من استكثر منه فهو سفيه ترد شهادته، وفيه أنه صرح أصحابه العارفون بمذهبه بتحريمه وأنكروا على من نسب إليه حله كالقاضي أبي الطيب والطبري والشيخ أبي إسحاق في التنبيه وذكر بعض تلامذة البغوي في كتابه الذي سماه التقريب أن الغناء حرام فعله وسماعه، وقال ابن الصلاح في فتاواه بعد كلام طويل: فإذن هذا السماع حرام بإجماع أهل الحل والعقد من المسلمين انتهى.
والذي رأيته في الشرح الكبير للجامع الصغير للفاضل المناوي أن مذهب الشافعي أنه مكروه تنزيهًا عند أمن الفتنة، وفي المنهاج يكره الغناء بلا آلة قال العلامة ابن حجر لما صح عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه وذكر الحديث السابق الموقوف عليه وأنه جاء مرفوعًا من طرق كثيرة بينها في كتابه كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع ثم قال: وزعم أنه لا دلالة فيه على كراهته لأن بعض المباح كلبس الثياب الجميلة ينبت النفاق في القلب وليس بمكروه يرد بأنا لا نسلم أن هذا ينبت نفاقًا أصلًا، ولئن سلمناه فالنفاق مختلف فالنفاق الذي ينبته الغناء من التخنث وما يترتب عليه أقبح وأشنع كما لا يخفى ثم قال: وقد جزم الشيخان يعني النووي والرافعي في موضع بأنه معصية وينبغي حمله على ما فيه وصف نحو خمر أو تشبب بأمرد أو أجنبية ونحو ذلك مما يحمل غالبًا على معصية، قال الأذرعي: أما ما اعتيد عند محاولة عمل وحمل ثقيل كحداء الأعراب لإبلهم والنساء لتسكين صغارهن فلا شك في جوازه بل ربما يندب إذا نشط على سير أو رغب في خير كالحداء في الحج والغزو، وعلى هذا يحمل ما جاء عن بعض الصحابة انتهى، وقضية قولهم بلا آلة حرمته مع الآلة، قال الزركشي لكن القياس تحريم الآلة فقط وبقاء الغناء على الكراهة انتهى.