فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال القرطبي:

{وَلَوْ أَنَّمَا في الْأَرْض منْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ}.
لما احتجّ على المشركين بما احتجّ بيّن أن معاني كلامه سبحانه لا تنفد، وأنها لا نهاية لها.
وقال القَفّال: لما ذكر أنه سخر لهم ما في السموات وما في الأرض وأنه أسبغ النعم نبّه على أن الأشجار لو كانت أقلامًا، والبحار مدادًا فكتب بها عجائب صنع الله الدالة على قدرته ووحدانيته لم تنفد تلك العجائب.
قال القُشَيْريّ: فردّ معنى تلك الكلمات إلى المقدورات، وحملُ الآية على الكلام القديم أوْلى؛ والمخلوق لابد له من نهاية، فإذا نفيت النهاية عن مقدوراته فهو نفي النهاية عما يقدّر في المستقبل على إيجاده، فأما ما حصره الوجود وعدّه فلابد من تناهيه، والقديمُ لا نهاية له على التحقيق.
وقد مضى الكلام في معنى {كَلمَاتُ اللَّه} في آخر الكهف.
وقال أبو عليّ: المراد بالكلمات والله أعلم ما في المقدور دون ما خرج منه إلى الوجود.
وهذا نحو مما قاله القَفّال، وإنما الغرض الإعلام بكثرة معاني كلمات الله وهي في نفسها غير متناهية، وإنما قرّب الأمر على أفهام البشر بما يتناهى لأنه غاية ما يعهده البشر من الكثرة؛ لا أنها تنفد بأكثر من هذه الأقلام والبحور.
ومعنى نزول الآية: يدلّ على أن المراد بالكلمات الكلام القديم.
قال ابن عباس: إن سبب هذه الآية أن اليهود قالت: يا محمد، كيف عُنينا بهذا القول: {وَمَآ أُوتيتُم مّن العلم إلاَّ قَليلًا} [الإسراء: 85] ونحن قد أوتينا التوراة فيها كلام الله وأحكامه، وعندك أنها تبيان كل شيء؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التوراة قليل من كثير» ونزلت هذه الآية، والآية مدنية.
قال أبو جعفر النحاس: فقد تبيّن أن الكلمات هاهنا يراد بها العلم وحقائق الأشياء؛ لأنه عز وجل علم قبل أن يخلق الخلق ما هو خالق في السموات والأرض من كل شيء، وعلم ما فيه من مثاقيل الذرّ؛ وعلم الأجناس كلّها وما فيها من شعرة وعضو، وما في الشجرة من ورقة، وما فيها من ضروب الخلق، وما يتصرف فيه من ضروب الطّعم واللون؛ فلو سَمّى كل دابة وحدها، وسَمَى أجزاءها على ما علم من قليلها وكثيرها وما تحوّلت عليه من الأحوال، وما زاد فيها في كل زمان، وبيّن كلّ شجرة وحدها وما تفرّعت إليه، وقدّر ما ييبس من ذلك في كل زمان، ثم كتب البيان على كل واحد منها ما أحاط الله جل ثناؤه به منها، ثم كان البحر مدادًا لذلك البيان الذي بيّن الله تبارك وتعالى عن تلك الأشياء يمدّه من بعده سبعة أبحر لكان البيان عن تلك الأشياء أكثر.
قلت: هذا معنى قول القفال، وهو قول حسن إن شاء الله تعالى.
وقال قوم: إن قريشًا قالت سيتم هذا الكلام لمحمد وينحسر؛ فنزلت.
وقال السديّ: قالت قريش ما أكثر كلام محمد! فنزلت.
قوله تعالى: {والبحر يَمُدُّهُ} قراءة الجمهور بالرفع على الابتداء، وخبره في الجملة التي بعدها، والجملة في موضع الحال؛ كأنه قال: والبحر هذه حاله؛ كذا قدّرها سيبويه.
وقال بعض النحويين: هو عطف على إن لأنها في موضع رفع بالابتداء.
وقرأ أبو عمرو وابن إسحاق: {وَالْبَحْرَ} بالنصب على العطف على ما وهي اسم إن.
وقيل: أي ولو أن البحر يمدّه أي يزيد فيه.
وقرأ ابن هُرْمُز والحسن: {يمدّه}؛ من أمدّ.
قالت فرقة: هما بمعنًى واحد.
وقالت فرقة: مدّ الشيء بعضه بعضًا؛ كما تقول: مدّ النيل الخليج؛ أي زاد فيه.
وأمدّ الشيء ما ليس منه.
وقد مضى هذا في البقرة وآل عمران.
وقرأ جعفر بن محمد: {والبحر مداده}.
{مَّا نَفدَتْ كَلمَاتُ الله} تقدم.
{إنَّ الله عَزيزٌ حَكيمٌ} تقدم أيضًا.
وقال أبو عبيدة: البحر هاهنا الماء العذب الذي ينبت الأقلام، وأما الماء الملح فلا ينبت الأقلام.
قوله تعالى: {مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إلاَّ كَنَفْسٍ وَاحدَةٍ} قال الضحاك: المعنى ما ابتداء خلقكم جميعًا إلا كخلق نفس واحدة، وما بعثكم يوم القيامة إلا كبعث نفس واحدة.
قال النحاس: وهكذا قدّره النحويون بمعنى إلا كخلق نفس واحدة؛ مثل: {واسأل القرية} [يوسف: 82].
وقال مجاهد: لأنه يقول للقليل والكثير كن فيكون.
ونزلت الآية في أبَيّ بن خلف وأبي الأسدين ومُنَبّه ونبيه ابني الحجاج بن السباق، قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قد خلقنا أطوارًا، نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظامًا، ثم تقول إنا نُبعث خَلْقًا جديدًا جميعًا في ساعة واحدة! فأنزل الله تعالى: {مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إلاَّ كَنَفْسٍ وَاحدَةٍ} لأن الله تعالى لا يصعب عليه ما يصعب على العباد، وخلْقُه للعالم كخلقه لنفس واحدة.
{إنَّ الله سَميعٌ} لما يقولون {بَصيرٌ} بما يفعلون.
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يُولجُ الليل في النهار وَيُولجُ النهار في الليل} تقدم في الحج وآل عمران.
{وَسَخَّرَ الشمس والقمر} أي ذللهما بالطلوع والأفول تقديرًا للآجال وإتمامًا للمنافع.
{كُلٌّ يجري إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} قال الحسن: إلى يوم القيامة.
قتادة: إلى وقته في طلوعه وأفوله لا يَعْدُوه ولا يَقْصُر عنه.
{وَأَنَّ الله بمَا تَعْمَلُونَ خَبيرٌ} أي مَن قدر على هذه الأشياء فلابد من أن يكون عالمًا بها، والعالم بها عالم بأعمالكم.
وقراءة العامة {تَعْمَلُونَ} بالتاء على الخطاب.
وقرأ السُّلَميّ ونصر بن عاصم والدُّوريّ عن أبي عمرو بالياء على الخبر.
{ذَلكَ} أي فعل الله تعالى ذلك لتعلموا وتقرّوا {بأَنَّ الله هُوَ الحق وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ من دُونه الباطل} أي الشيطان؛ قاله مجاهد.
وقيل: ما أشركوا به الله تعالى من الأصنام والأوثان.
{وَأَنَّ الله هُوَ العلي الكبير} العليّ في مكانته، الكبير في سلطانه. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَلَوْ أَنَّما في الْأَرْض منْ شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ} أي لو أن الأشجارَ أقلامٌ وتوحيدُ الشَّجرة لما أنَّ المراد تفصيلُ الآحاد {والبحر يَمُدُّهُ من بَعْده} أي من بعد نفاده {سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} أي والحالُ أنَّ البحرَ المحيطَ بسعته يمدُّه الأبحرُ السبعةُ مدًَّا لا ينقطعُ أبدًا وكتبتْ بتلك الأقلام وبذلك المداد كلماتُ الله {مَا نَفدَتْ كلمات الله} ونفدتْ تلك الأقلامُ والمدادُ كما في قوله تعالى: {لَنَفدَ البحر قَبْلَ أَن تَنفَدَ كلمات رَبّى} وقُرىء يُمدُّه من الإمداد بالياء والتاء. وإسنادُ المدّ إلى الأبحر السَّبعة دونَ البحر المحيط مع كونه أعظمَ منها وأطمَّ لأنَّها هي المجاورةُ للجبال ومنابع المياه الجارية وإليها تنصبُّ الأنهارُ العظامُ أولًا ومنها ينصبُّ إلى البحر المحيط ثانيًا. وإيثارُ جمع القلَّة في الكلمات للإيذان بأنَّ ما ذُكر لا يَفي بالقليل منها فكيفَ بالكثير {أَنَّ الله عَزيزٌ} لا يُعجزه شيءٌ {حَكيمٌ} لا يخرجُ عن علمه وحكمته أمرٌ فلا تنفذُ كلماتُه المؤسسةُ عليهما {مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إلاَّ كَنَفْسٍ واحدة} أي إلا كخلقها وبعثها في سهولة التَّأنّي إذ لا يشغلُه شأنٌّ عن شأنٍ لأن مناطَ وجود الكلّ تعلقُ إرادته الواجبة مع قدرته الذاتيَّة حسبما يفصحُ عنه قولُه تعالى: {إنَّمَا قَوْلُنَا لشَىْء إذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} {إنَّ الله سَميعٌ} يسمعُ كلَّ مسموعٍ {بَصيرٌ} يبصرُ كلَّ مبصَرٍ لا يشغلُه علمُ بعضها عن علم بعضٍ فكذلك الخلقُ والبعثُ.
{أَلَمْ تَرَ} قيل: الخطابُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل: عامٌّ لكلّ أحدٍ ممّن يصلحُ للخطاب وهو الأوفقُ لما سبقَ وما لحقَ أي ألم تعلم علمًا قويًَّا جاريًا مجرى الرؤية {أَنَّ الله يُولجُ الليل في النهار وَيُولجُ النهار في الليل} أي يُدخل كلَّ واحدٍ منهما في الآخر ويضيفه إليه فيتفاوتُ بذلك حالُه زيادةً ونقصانًا {وَسَخَّرَ الشمس والقمر} عطفٌ على يُولج والاختلافُ بينهما صيغة لما أنُّ إيلاجَ أحد المَلَوين في الآخر متجددٌ في كلّ حينٍ، وأما تسخيرُ النَّيّرين فأمرٌ لا تعددَ فيه ولا تجددَ وإنَّما التعدُّدُ والتجدّد في آثاره وقد أُشير إلى ذلك حيثُ قيل {كُلٌّ يَجْرى} أي يحسب حركته الخاصَّة وحركته القسرية على المدارات اليومية المتخالفة المتعددة حسب تعدد الأيَّام جريا مستمرًا {إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} قدَّره الله تعالى لجريهما وهو يوم القيامة كما رُوي عن الحسن رحمه الله: فإنَّه لا ينقطعُ جريُهما إلا حينئذٍ والجملةُ على تقدير عموم الخطاب اعتراضٌ بين المعطوفين لبيان الواقع بطرق الاستطراد، وعلى تقدير اختصاصه به عليه الصَّلاة والسَّلام يجوزُ أن يكونَ حالًا من الشَّمس والقمر فإنَّ جريانَهما إلى يوم القيامة من جُملة ما في حيّز رؤيته عليه الصَّلاة والسَّلامُ هذا وقد جُعل جريانُهما عبارةً عن حركتهما الخاصَّة بهما في فلكهما والأجلُ المسمَّى عن منتهى دورتهما وجُعل مَّدةُ الجريان للشمس سنة وللقمر شهرًا فالجملةُ حينئذٍ بيان لحكم تسخيرهما وتنبيهٌ على كيفيَّة إيلاجٍ أحدٍ المَلَوين في الآخر وكون ذلك بحسب اختلافٍ جَرَيان الشَّمس على مَدَاراتها اليوميَّة فكُلما كان جريانُها متوجهًا إلى سمت الرَّأس تزدادُ القوسُ التي هي فوق الأرض كبرًا فيزدادُ النَّهارُ طُولًا بإنضمام بعض أجزاء الليل إليه إلى أنْ يبلغَ المدارَ الذي هو أقربُ المدارات إلى سمت الرَّأس وذلك عند بلوغها رأس السَّرطان ثم ترجعُ متوجهةً إلى التباعد عن سمت الرَّأس قلا تزال القسيُّ التي هي فوقَ الأرض تزدادُ صغرًا فيزدادُ النَّهارُ قصرًا بانضمام بعض أجزائه إلى اللَّيل إلى أنْ يبلغَ المدارَ الذي هو أبعدُ المدارات اليومية عن سمت الرأس وذلك عندَ بلوغها برجَ الجَدي.
وقولُه تعالى: {وَأَنَّ الله بمَا تَعْمَلُونَ خَبيرٌ} عطفٌ على أنَّ الله يُولج الخ داخلٌ معه في حيّز الرؤية على تقديري خصوص الخطاب وعمومه فإنَّ مَن شاهدَ مثلَ ذلك الصُّنع الرَّائق والتَّدبير الفائقَ لا يكادُ يغفلُ عن كون صانعه عزَّ وجلَّ محيطًا بجلائل أعماله ودقائقها.
{ذلك} إشارةٌ إلى ما تُلي من الآيات الكريمة، وما فيه من مَعْنى البعد للإيذان ببُعد منزلتها في الفضل وهُو مبتدأٌ خبرُه قولُه تعالى: {بأَنَّ الله هُوَ الحق} أي بسبب بيان أنَّه تعالى هو الحقُّ إلهيَّته فقط ولأجله لكونها ناطقةً بحقية التَّوحيد {وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ من دُونه الباطل} أي ولأجل بيان بطلان آلهيّة ما يدعونَه من دونه تعالى لكونه شاهدةً بذلك شهادةً بينةً لا ريبَ فيها. وقُرىء بالتَّاء والتَّصريحُ بذلك مع أنَّ الدّلالةَ على اختصاص حقَّية الإلهية به تعالى مستتبعةٌ للدّلالة على بُطلان إلهيّةٍ ما عداهُ لإبراز كمال الاعتناء بأمر التَّوحيد وللإيذان بأنَّ الدّلالةَ على بُطلان ما ذُكر ليستْ بطريق الاستتباع فقط بلْ بطريق الاستقلال أيضًا. {وَأَنَّ الله هُوَ العلى الكبير} أي وبيانُ أنَّه تعالى هو المترفعُ عن كلّ شيءٍ المتسلطُ عليه فإنَّ ما في تضاعيف الآيات الكريمة مبيّنٌ لاختصاص العلوّ والكبرياء به تعالى أيّ بيانٍ. هذا وقيل: ذلك أيْ ما ذُكر من سَعة العلم وشمول القُدرة وعجائب الصُّنع تعالى واختصاص الباري تعالى به بسبب أنَّه الثَّابتُ في ذاته الواجبُ من جميَع جهاته أَو الثابتُ إلهيّتُه، وأنتَ خبيرٌ بأنَّ حقَّيته تعالى وعلوَّه وكبرياءَهُ وإنْ كانتْ صالحةً لمناطية ما ذُكر من الأحكام المعدودة لكنّ بطلانَ إلهية الأصنام لا دخلَ له في المناطيَّة قطعًا فلا مساغَ لنظمه في سلك الأسباب بل هو تعكيسٌ للأمر ضرورةَ أنَّ الأحكامَ المذكورةَ هي المقتضيةُ لبطلانها لا أنَّ بطلانَها يقتضيها. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَلَوْ أَنَّمَا في الأرض من شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ} أي لو ثبت كون ما في الأرض من شجرة أقلاما فإن وما بعدها فاعل ثبت مقدر بقرينة كون {إن} دالة على الثبوت والتحقق وإلى هذا ذهب المبرد، وقال سيبويه: إن ذلك مبتدأ مستغن عن الخبر لذكر المسند والمسند إليه بعده، وقيل: مبتدأ خبره مقدر قبله، وقال ابن عصفور: بعده: و{مَّا في الأرض} اسم أن و{من شَجَرَةٍ} بيان لما أو للضمير العائد إليها في الظرف فهو في موضع الحال منها أو منه أي ولو ثبت أن الذي استقر في الأرض كائنًا من شجرة، و{أَقْلاَمٌ} خبر أن قال أبو حيان: وفيه دليل دعوى الزمخشري وبعض العجم ممن ينصر قوله: إن خبر أن الجائة بعد لولا يكون إسمًا جامدًا ولا إسمًا مشتقًا بل يجب أن يكون فعلًا وهو باطل ولسان العرب طافح بخلافه، قال الشاعر:
ولو أنها عصفورة لحسبتها ** مسومة تدعو عبيدًا وأزنمًا

وقال آخر:
ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر ** تنبو الحوادث عنه وهو ملموم

إلى غير ذلك، وتعقب بأن اشتراط كون خبرها فعلًا إنما هو إذا كان مشتقًا فلا يرد {أَقْلاَمٌ} هنا ولا ما ذكر في البيتين، وأما قوله تعالى: {لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ} [الأحزاب: 20] فلو فيه للتمني والكلام في خبر أن الواقعة بعد لو الشرطية، والمراد بشجرة كل شجرة والنكرة قد تعم في الإثبات إذا اقتضى المقام ذلك كما في قوله تعالى: {عَلمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ} [التكوير: 4 1] وقول ابن عباس رضي الله عنهما لبعض أهل الشام وقد سأله عن المحرم إذا قتل جرادة أيتصدق بتمرة فدية لها؟ تمرة خير من جرادة على ما اختاره جمع ولا نسلم المنافاة بين هذا العموم وهذا التاء فكأنه قيل: ولو أن كل شجرة في الأرض أقلام الخ، وكون كل شجرة أقلامًا باعتبار الأجزاء أو الأغصان فيؤل المعنى إلى لو أن أجراء أو أغصان كل شجرة في الأرض أقلامًا الخ، ويحسن إرادة العموم في نحو ما نحن فيه كون الكلام الذي وقعت فيه النكرة شرطًا بلو وللشرط.
مطلقًا قرب ما من النفي فما ظنك به إذا كان شرطًا بها وإن كانت هنا ليست بمعناها المشهور من انتفاء الجواب لانتفاء الشرط أو العكس بل هي دالة على ثبوت الجواب أو حرف شرط في المستقبل على ما فصل في المغنى، واختيار {شَجَرَةٍ} على أشجار أو شجر لأن الكلام عليه أبعد عن ابعتار التوزيع بأن تكون كل شجرة من الأشجار أو الشجر قلما المخل بمقتضى المقام من المبالغة بكثرة كلماته تعالى شأنه: وفي البحر أن هذا مما وقع فيه المفرد موقع الجمع والنكرة موقع المعرفة، ونظيره.