فصل: قال أبو حيان في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فلله تعالى في كونه أسرار لا تُحصى، أجَّل الله ميلادها؛ لنعلم أننا في كل يوم نجهل ما عند الله، وكل يوم يطلع علينا العلماء والباحثون بجديد من أسرار الكون- هذا ونحن لا نزال في الدنيا، فما بالنا في الآخرة، وفي الجنة إن شاء الله؟
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنها فقال: «فيها ما لا عين رأتْ، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر».
والإنسان يكتسب المعلومات، إما برؤية العين، أو بسماع الأذن، ومعلوم أن رقعة السمع أوسع من البصر؛ لأنك لا ترى إلا ما تراه عيناك، لكن تسمع لمرائي الآخرين، ثم أنت تسمع وترى موجودًا، لكن هناك ما لا يخطر على قلب بشر يعني: أشياء غيبية لم تطرأ على بال أحد، وفي ذلك يقول سبحانه: {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفيَ لَهُم مّن قُرَّة أَعْيُنٍ جَزَاءً بمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17].
وقد ورد في أسباب نزول مفاتح الغيب هذه، أن رجلًا من محارب، اسمه الحارث بن عمرو بن حارثة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله: أريد أنْ أعرف متى الساعة، وقد بذرْت بذري، وأنتظر المطر فمتى ينزل؟ وامرأتي حامل، وأريد أن تلد ذكرًا، وقد أعددت لليوم عُدَّته، فماذا أُعد لغد؟ وقد عرفت موقع حياتي، فكيف أعرف موقع مماتي؟
هذه خمس مسائل مخصوصة جاء بها الجواب من عند الله تعالى: {إنَّ الله عندَهُ علْمُ الساعة وَيُنَزّلُ الغيث وَيَعْلَمُ مَا في الأرحام وَمَا تَدْري نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسبُ غَدًا وَمَا تَدْري نَفْسٌ بأَيّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: 34].
وعجيب أنْ نرى من خَلْق الله مَنْ يحاول أن يستدرك على مقولة الله في هذه الغيبيات الخمس، كالذين حاولوا أنْ يتنبأوا بموعد قيام الساعة، وقد كذبوا جميعًا، ولو قُدّر لهم الإيمان بالله، والعلم كما قاله الله في قيام الساعة ما تجرأ منهم أحد على هذه المسألة.
وقلنا: إن الحق سبحانه أخفى موعد الساعة لكي نستشعرها دائمًا، وفي كل وقت، حتى الذين لا يؤمنون بها ويشكُّون فيها، وإذا ما استشعرها الناس عملوا لها، واستعدوا لأهوالها، كما أخفى الله عن الإنسان ساعة موته ومكان أجله، وجعل الموت يدور على العباد على غير قاعدة.
فمنهم مَنْ يموت بعد دقائق من مولده، ومنهم مَنْ يعمر مئات السنين، كما أنه سبحانه لم يجعل للموت مقدمات من مرض أو غيره، فكم من مريض يُعافى، وصحيح يموت، كما يقولون: كيف مريضكم؟ قال: سليمنا مات، وصدق القائل:
فلا تَحْسَب السُّقْم كأْسَ الممات ** وإنْ كَان سُقْمًا شَديد الأثَر

فرُبَّ عليل تَرَاهُ اسْتفَاق ** ورُبّ سلَيم تَرَاه اسْتتر

كذلك الموت لا يرتبط بالسّن:
كم بُودرت غادة كعَابٌ ** وغُودرَتْ أمُّها العَجُوزُ

يجوُزُ أنْ تبطئ المنَايَا ** والخُلْدُ في الدَّهْرلا لا يَجُوزُ

إذن: أخفى الله القيامة وأخفى الموت؛ لنظل على ذُكْر له نتوقعه في كل لحظة، فنعمل له، ولنتوقع دائمًا أننا سنلقى الله، فنعد للأمر عُدته؛ لأن مَنْ مات فقد قامت قيامته؛ لأنه انقطع عمله، ففي إبهام موعد القيامة وساعة الموت عَيْن البيان لكل منهما، فالإبهام أشاعه في كل وقت.
وقوله: {وَيُنَزّلُ الغيث} [لقمان: 34] وهذا أيضًا، ومع تقدُّم العلوم حاول البعض التنبؤ به بناء على حسابات دقيقة لسرعة الرياح ودرجة الحرارة. إلخ، وربما صَحَّتْ حساباتهم، لكن فاتهم أن الله أقدارًا في الكون تحدث ولا تدخل في حساباتهم، فكثيرًا ما نُفَاجأ بتغيُّر درجة الحرارة أو اتجاه الريح، فتنقلب كل حساباتنا.
لذلك من عجائب الخَلْق أنك كلما اقتربتَ من الشمس وهي مصدر الحرارة تقلُّ درجة الحرارة، وكلما ابتعدت عنها زادت درجة الحرارة، إذن: المسألة ليست روتينية، إنما هي قدرة لله سبحانه، والله يجمع لك الأسباب ليثبت لك طلاقة قدرته التي تقول للشيء: كُنْ فيكون.
ألسنا نُؤمر في الحج بأن نُقبّل حجرًا ونرمي آخر، وكل منهما إيمان وطاعة، هذا يُباس وهذا يُداس، هذا يُقبَّل وهذا يقنبل، لماذا؟ لأن الله تعالى يريد منا الالتزام بأمره، وانصياع النفس المؤمنة للرب الذي أحيا، والرب الذي كلَّف.
وقوله تعالى: {وَيَعْلَمُ مَا في الأرحام} [لقمان: 34] هذه أيضًا من مفاتح الغيب، وستظل كذلك مهما تقدمت العلوم، ومها ادَّعى الخَلْق أنهم يعلمون ما في الأرحام، والذي أحدث إشكالًا في هذه المسألة الآن الأجهزة الحديثة التي استطاعوا بها رؤية الجنين، وتحديد نوعه أذكر أم أنثى، فهذه الخطوة العلمية أحدثتْ بلبلة عند بعض الناس، فتوهموا أن الأطباء يعلمون ما في الأرحام، وبناءً عليه ظنوا أن هذه المسألة لم تَعُدْ من مفاتح الغيب التي استأثر الله بها.
ونقول: أنتم بسلطان العلم علمتم ما في الأرحام بعد أن تكوَّن ووضحتْ معالمه، واكتملتْ خلْقته، أما الخالق- عز وجل- فيعلم ما في الأرحام قبل أنْ تحمل الأم به، ألم يُبشّر الله تعالى نبيه زكريا عليه السلام بولده يحيى قبل أن تحمل فيه أمه؟ ونحن لا نعلم هذا الغيب بذواتنا، إنما بما علّمنا الله، فالطبيب الذي يُخبرك بنوع الجنين لا يعلم الغيب، إنما مُعلَّم غيب.
والله- تبارك وتعالى- يكشف لبعض الخلق بعض الغيبيات، ومن ذلك ما كان من الصّدّيق أبي بكر- رضي الله عنه- حين أوصى ابنته عائشة- رضي الله عنها- قبل أن يموت وقال لها: يا عائشة إنما هما أخواك وأختاك، فتعجبت عائشة حيث لم يكن لها من الإخوة سوى محمد وعبد الرحمن، ومن الأخوات أسماء، لكن كان الصّديق في هذا الوقت متزوجًا من بنت خارجة، وكانت حاملًا وبعد موته ولدتْ له بنتًا، فهل تقول: إن الصّدّيق كان يعلم الغيب؟ لا، إنما أُعلم من الله. إذن: الممنوع هنا العلم الذاتي أن تعلم بذاتك.
ثم إن الطبيب يعلم الآن نوع الجنين، إما من صورة الأشعة أو التحاليل الي يُجريها على عينة الجنين، وهذا لا يُعتبر علمًا للغيب، والشطارة أن تجلس المرأة الحامل أمامك وتقول لها: أنت إنْ شاء الله ستلدين كذا أو كذا، وهذا لا يحدث أبدًا.
ثم يقول سبحانه: {وَمَا تَدْري نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسبُ غَدًا} [لقمان: 34] الإنسان يعمل، إما لدنياه، وإما لأُخْراه، فالمعنى إما تكسب من الخير المادي لذاتك لتعيش، وإن كان من مسألة التكليف، فالنفس إما تعمل الخير أو الشر، الحسنة أو السيئة، والإنسان في حياته عُرضَة للتغيُّر.
لذلك يقال في الأثر: يا ابن آدم، لا تسألني عن رزق غدٍ، كما لو أطالبك بعمل غد.
وقوله تعالى: {وَمَا تَدْري نَفْسٌ بأَيّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: 34] وهذه المسألة حدث فيها إشكال؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الأنصار أنه سيموت بالمدينة حينما وزع الغنائم على الناس جميعًا ما عدا الأنصار؛ لذلك غضبوا ووجدوا في أنفسهم شيئًا؛ لأن رسول الله حرمهم، لكن سيدنا رسول الله جمعهم وتلطَّف معهم في الحديث واعترف لهم بالفضل فقال: والله لو قلتم أني جئت مطرودًا فآويتموني فأنتم صادقون، وفقيرًا فأغنيتموني فأنتم صادقون. لكن الأ تحبون أن يرجع الناس بالشاه والبعير، وترجعون أنتم برسول الله، وقال في مناسبة أخرى «المحيا محياكم، والممات مماتكم».
إذن: نُبّئ رسول الله أنه سيموت بالمدينة، والله يقول: {وَمَا تَدْري نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسبُ غَدًا وَمَا تَدْري نَفْسٌ بأَيّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: 34] نقول: الأرض منها عام ومنها خاصّ، فأرض المدينة شيء عام، نعم سيموت بالمدينة، لكن في أيّ بقعة منها، وفي أي حجرة من حجرات زوجاته، إذن: إذا علمتَ الأرض العامة، فإن الأرض الخاصة ما زالت مجهولة لا يعلمها أحد.
يُروى أن أبا جعفر المنصور الخليفة العباسي كان يحب الحياة ويحرص عليها، ويخاف الموت، وكان يستشير في ذلك المنجّمين والعرافين، فأراد الله أنْ يقطع عليه هذه المسألة، فأراه في المنام أن يدًا تخرج من البحر وتمتد إليه، وهي مُفرَّجة الأصابع هكذا، فأمر بإحضار مَنْ يُعبّر له هذه الرؤيا، فكان المتفائل منهم، أو الذي يبغي نفاقه يقول له: هي خمس سنوات وآخرون قالوا: خمسة أشهر، أو خمسة أيام أو دقائق.
إلى أن انتهى الأمر عند أبي حنيفة رضي الله عنه فقال له: إنما يريد الله أن يقول لك: هي خمسة لا يعلمها إلا الله، وهي: {إنَّ الله عندَهُ علْمُ الساعة وَيُنَزّلُ الغيث وَيَعْلَمُ مَا في الأرحام وَمَا تَدْري نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسبُ غَدًا وَمَا تَدْري نَفْسٌ بأَيّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان: 34].
وما دامت هذه المسائل كلها مجهولة لا يعلمها أحد، فمن المناسب أن يكون ختام الآية {إنَّ الله عَلَيمٌ خَبيرٌ} [لقمان: 34].
إذن: الحق سبحانه يريد أنْ يُريح خَلْقه من الفكر في هذه المسائل الخمس، وكل ما يجب أن نعلمه أن المقادير تجري بأمر الله لحكمة أرادها الله، وأنها إلى أجل مسمى، وأن العلم بها لا يُقدّم ولا يُؤخّر، بالله ماذا يحدث لو علمت ميعاد موتك؟ لا شيء أكثر من أنك ستعيش نَكدًا حزينًا طول الوقت لا تجد للحياة لذة.
لذلك أخفى الله عنَّّا هذه المسألة لنُقبل على الله بثقتنا في مجريات قدر الله فينا. اهـ.

.قال أبو حيان في الآيات السابقة:

{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولجُ اللَّيْلَ في النَّهَار وَيُولجُ النَّهَارَ في اللَّيْل}.
{يولج الليل} الجملتين شرحت في آل عمران وهنا.
{إلى أجل} ويدل على الأنتهاء، أي: يبلغه وينتهي إليه.
وفي الزمر: {لأجل} ويدل على الاختصاص بجعل الجري مختصًا بإدراك أجل مسمى، وجري الشمس مختص بآخر السنة، وجري القمر بآخر الشهر؛ فكلا المعنيين متناسب لجريهما، فلذلك عدى بهما.
وقرأ عياش، عن أبي عمرو: بما يعملون، بياء الغيبة.
{ذلك بأن الله} الآية، تقدم شرحها في الحج وهنا.
{وأن ما يدعون من دونه الباطل} وفي الحج {من دونه هو الباطل} بزيادة هو.
ولما ذكر تعالى تسخير النيرين وإمتنانه بذلك علينا، ذكر أيضًا من سخر الفلك من العالم الأرضي بجامع ما اشتركا فيه من الجريان.
وقرأ الجمهور: {بنعمة الله} على الإفراد اللفظي.
وقرأ الأعرج، والأعمش، وابن يعمر: بنعمات الله، بكسر النون وسكون العين جمعًا بالألف والتاء.
وقرأ ابن أبي عبلة: بفتح النون وكسر العين بالألف والتاء والباء، وتحتمل السببية: أي تجري بسبب الريح وتسخير الله، وتحتمل الحالية، أي مصحوبة بنعمة الله، وهي ما تحمله السفن من الطعام والأرزاق والتجارات.
قال ابن عطية: الباء للالصاق. انتهى.
وقرأ موسى بن الزبير: {الفلك} بضم اللام.
و{صبار شكور} بنيتا مبالغة، وفعال أبلغ لزيادة حروفه.
ولما تقدم ذكر جري الفلك في البحر، وكأن في ذلك ما لا يخفى على راكبه من الخوف، وتقدم ذكر النعمة، ناسب الختم بالصبر على ما يحذر، وبالشكر على ما أنعم به تعالى، وشبه الموج في ارتفاعه واسوداده واضطرابه بالظلل، وهو السحاب.
وقيل: كالظلل: كالجبال، أطلق على الجبل ظلة.
وقرأ محمد بن الحنفية: كالظلال، وهما جمع ظلة، نحو: قلة وقلل وقلال.
وقوله: {وإذا غشيهم} فيه التفات خرج من ضمير الخطاب في {ليريكم} إلى ضمير الغيبة في {غشيهم}.
و{موج} اسم جنس يفرق بينه وبين مفرده بتاء التأنيث، فهو يدل على الجمع، ولذلك شبهه بالجمع.
{فمنهم مقتصد} قال الحسن: أي مؤمن يعرف حق الله في هذه النعم.
وقال مجاهد: مقتصد على كفره: أي يسلم لله ويفهم أن نحو هذا من القدرة، وإن ضل في الأصنام من جهة أنه يعظمها.
قيل: أو مقتصد في الإخلاص الذي كان عليه في البحر.
قال الزمخشري: يعني أن ذلك الإخلاص الحادث عند الخوف لا ينبغي لأحد قط. انتهى.
وكثر استعمال الزمخشري قط ظرفًا، والعامل فيه غير ماضٍ، وهو مخالف لكلام العرب في ذلك.
فقبل حذف مقابل فمنهم مؤمن مقتصد تقديره: ومنهم جاحد ودل عليه، قوله: {وما يجحد بآياتنا}.
وعلى هذا القول يكون مقتصد معناه: مؤمن مقتصد في أقواله وأفعاله بين الخوف والرجاء، موف بما عاهد الله عليه في البحر، وختم هنا ببنيتي مبالغة، وهما: {ختار} و{كفور}.
فالصبار الشكور معترف بآيات الله، والختار الكفور يجحد بها.
وتوازنت هذه الكلمات لفظًا ومعنىً.
أما لفظًا فظاهر، وأما معنىً فالختار هو الغدار، والغدر لا يكون إلا من قلة الصبر، لأن الصبارّ يفوّض أمره إلى الله، وأما الغدار فيعهد ويغدر، فلا يصبر على العهد: وأما الكفور فمقابلته معنى للشكور واضحة.
ولما ذكر تعالى الدلائل على الوحدانية والحشر من أوّل السورة، أمر بالتقوى على سبيل الموعظة والتذكير بهذا اليوم العظيم.
{لا يجزي} لا يقضي، ومنه قيل للمتقاضي: المتجازي، وتقدم الكلام في ذلك في أوائل البقرة.
ولما كان الوالد أكثر شفقة على الولد من الولد على أبيه، بدأ به أولًا، وأتى في الإسناد إلى الوالد بالفعل المقتضي للتجدد، لأن شفقته متجددة على الولد في كل حال، وأتى في الإسناد إلى الولد باسم الفاعل، لأنه يدل على الثبوت، والثبوت يصدق بالمرة الواحدة.
والجملة من لا يجزي صفة ليوم، والضمير محذوف، أي منه، فإما أن يحذف برمته، وإما على التدريج حذف الخبر، فتعدى الفعل إلى الضمير وهو منصوب فحذف.
وقرأ الجمهور: لا يجزي مضارع جزى؛ وعكرمة: بضم الياء وفتح الزاي مبنيًا للمفعول؛ وأبو السماك، وعامر بن عبد الله، وأبو السوار: لا يجزىء، بضم الياء وكسر الزاي مهموزًا، ومعناه: لا يغني؛ يقال: أجزأت عنك جزاء فلان: أي أغنيت.
ويجوز في {ولا مولود} وجهان: أحدهما: أن يكون معطوفًا على والد، والجملة من قوله: {هو جاز} صفة لمولود.
والثاني: أن يكون مبتدأ، وهو مبتدأ ثان، وجاز خبره، والجملة خبر للأول، وجاز الابتداء به، وهو نكرة لوجود مسوغ ذلك، وهو النفي.
وذهل المهدوي فقال: لا يكون {مولود} مبتدأ، لأنه نكرة وما بعده صفة، فيبقى بلا خبر و{شيئًا} منصوب بجاز، وهو من باب الأعمال، لأنه يطلبه {لا يجزي} ويطلبه {جاز} فجعلناه من أعمال الثاني، لأنه المختار.
وقرأ ابن أبي إسحاق، وابن أبي عبلة، ويعقوب: نغرنكم، بالنون الخفيفة.
وقرأ سماك بن حرب، وأبو حيوة: الغرور بالضم، وهو مصدر؛ والجمهور: بالفتح، وفسره ابن مجاهد والضحاك بالشيطان، ويمكن حمل قراءة الضم عليه جعل الشيطان نفس الغرور مبالغة.
وقال الزمخشري: فإن قلت: قوله: {ولا مولود هو جاز عن والده شيئًا} هو وارد على طريق من التوكيد، لم يرد عليه ما هو معطوف عليه.