فصل: قال النسفي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجب ربنا من رجلين رجل ثار عن وطائه ولحافه من بين جنبيه وأهله إلى صلاته فيقول الله لملائكته انظروا إلى عبدي ثار عن فراشه ووطائه من بين جنبيه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله وانهزم مع أصحابه فعلم ما عليه في الانهزام وما له في الرجوع فرجع حتى أهريق دمه فيقول الله تعالى لملائكته انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي حتى أهريق دمه» أخرجه الترمذي بمعناه.
م عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل».
ق عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تورمت قدماه فقلت لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا» عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة غرفًا يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها أعدها الله لمن ألان الكلام وأطعم الطعام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام» أخرجه الترمذي.
خ عن الهيثم بن أبي سنان أنه سمع أبا هريرة في قصة يذكر النبي صلى الله عليه وسلم يقول «إن أخًا لكم لا يقول الرفث» يعني بذلك ابن رواحة قال:
وفينا رسول الله يتلو كتابه ** إذا انشق معروف من الفجر ساطع

أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا ** به موقنات ما إذا قال واقع

يبيت يجافي جنبه عن فراشه ** إذا استثقلت بالكافرين المضاجع

أخرجه البخاري، وليس للهيثم بن سنان عن أبي هريرة في الصحيحين غير هذا الحديث.
وقوله: {يدعون ربهم خوفًا وطمعًا} قال ابن عباس خوفًا من النار وطمعًا في الجنة {ومما رزقناهم ينفقون} قيل أراد به الصدقة المفروضة وقيل بل هو عام في الواجب والتطوع.
قوله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} أي مما تقربه أعينهم فلا يلتفتون إلى غيره قال ابن عباس هذا مما لا تفسير له وقيل أخفوا أعمالهم فأخفى الله ثوابهم {جزاء بما كانوا يعملون} أي من الطاعات في دار الدنيا.
ق عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله تبارك وتعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر واقرؤوا إن شئتم: فلا تعلم نفس ما أخفي لم من قرة أعين» قوله تعالى: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون} نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة بن أبي معيط، كان بينهما تنازع وكلام في شيء، فقال الوليد لعلي اسكت فانك صبي وأنا شيخ وإني أبسط منك لسانًا، وأحد منك سنانًا وأشجع منك جنابًا وأملأ منك حشوًا في الكتيبة، فقال له علي اسكت فانك فاسق، فأنزل الله هذه الآية وقوله: {لا يستوون} أراد جنس المؤمنين وجنس الفاسقين ولم يرد مؤمنًا واحدًا ولا فاسقًا واحدًا {أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى} أي التي يأوي إليها المؤمنون {نزلًا} هو ما يهيأ للضيف عند نزوله {بما كانوا يعملون} يعني من الطاعات في دار الدنيا {وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون}.
قوله تعالى: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} أي سوى العذاب الأكبر، قال ابن عباس العذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها، وعنه أنه الحدود وقيل هو الجوع بمكة حتى أكلوا الجيف والعظام والكلاب سبع سنين، وقال ابن مسعود هو القتل بالسيف يوم بدر والأكبر هو عذاب جهنم {لعلهم يرجعون} إي إلى الإيمان يعني من بقي منهم بعد القحط وبعد بدر {ومن أظلم} أي لا أحد أظلم {ممن ذكر بآيات ربه} أي بدلائل وحدانيته وإنعامه عليه {ثم أعرض عنها} أي ترك الإيمان بها {إنا من المجرمين} يعني المشركين {منتقمون} معناه أنهم لما لم يرجعوا بالعذاب الأدنى فانا منهم منتقمون بالعذاب الأكبر.
قوله تعالى: {ولقد آتينا موسى الكتاب} أي التوراة {فلا تكن في مرية} أي في شك {من لقائه} أي من لقاء موسى ليلة المعراج، قاله ابن عباس.
ق عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رأيت ليلة أسري بي موسى رجلًا آدم طوالًا جعدًا كأنه من رجال شنوءة ورأيت عيسى رجلًا مربوعًا مربوع الخلق إلى الحمرة وإلى البياض سبط الشعر، ورأيت مالكًا خازن النار، والدجال في آيات أراهن الله أياه فلا تكن في مرية من لقائه».
م عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتيت على موسى ليلة المعراج ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره» فإن قلت قد صح في حديث المعراج أنه رآه في السماء السادسة عند مراجعته في الصلوات فكيف الجمع بين هذين الحديثين.
قلت يحتمل أن تكون رؤيته في قبره عند الكثيب الأحمر كان قبل صعوده إلى السماء وذلك في طريقه إلى بيت المقدس، ثم لما صعد على السماء السادسة وجده هناك قد سبقه لما يريد الله وهو على كل شيء قدير.
فإن قلت كيف تصح منه الصلاة في قبره وهو ميت وقد سقط عنه التكليف وهو في دار الآخرة وليست دار عمل.
وكذلك رأى النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الأنبياء وهم يحجون فما الجواب عن هذا؟ قلت يجاب عنه بأجوبة أحدها: أن الأنبياء كالشهداء بل هم أفضل منهم والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، فلا يبعد أن يحجوا أو يصلوا كما صح في الحديث وأن يتقربوا إلى الله بما استطاعوا وإن كانوا قد ماتوا لأنهم بمنزلة الأحياء في هذه الدار التي هي دار العمل، إلى أن تفنى ثم يرحلون إلى دار الجزاء التي هي الجنة.
الجواب الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم رأى حالهم الذي كانوا عليه في حياتهم ومثلوا له كيف كانوا وكيف كان حجهم وصلاتهم.
الجواب الثالث: أن التكليف وإن ارتفع عنهم في الآخرة لكن الذكر والشكر والدعاء لا يرتفع، قال الله تعالى: {دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام} وقال صلى الله عليه وسلم: «يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس» فالعبد يعبد ربه في الجنة أكثر مما كان يعبده في الدنيا وكيف لا يكون ذلك وقد صار حاله مثل حال الملائكة والذين قال الله في حقهم {يسبحون الليل والنهار لا يفترون} غاية ما في الباب أن العبادة ليست عليهم بتكليف بل هي على مقتضى الطبع والله أعلم، وقيل في قوله: {فلا تكن في مرية من لقائه} أي تلقى موسى كتاب الله بالرضا والقبول {وجعلناه} أي الكتاب {هدى لبني إسرائيل وجعلنا منهم} أي من بني إسرائيل {أئمة} أي قادة للخير يقتدى بهم وهم الأنبياء الذين كانوا في بني إسرائيل وقيل هم أتباع الأنبياء {يهدون بأمرنا} يعني يدعون الناس إلى طاعتنا {لما صبروا} يعني على دينهم وعلى البلاء من عدوهم بمصر {وكانوا بآياتنا يوقنون} يعني أنها من الله تعالى: {إن ربك هو يفصل} أي يقضي ويحكم {بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون} قيل هم الأنبياء وأممهم وقيل هم المؤمنون والمشركون قوله تعالى: {أو لم يهد لهم} أي نبين لهم {كم أهلكنا} يعني كثرة من أهلكنا {من قبلهم من القرون} يعني الأمم الخالية {يمشون في مساكنهم} يعني أهل مكة يسيرون في بلادهم ومنازلهم إذا سافروا {إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون} يعني آيات الله ومواعظة فيتعظون بها.
قوله: {أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز} أي الأرض اليابسة الغليظة التي لا نبات فيها قال ابن عباس هي أرض باليمن وقيل هي أبين {فنخرج به} أي بذلك الماء {زرعًا تأكل منه أنعامهم} يعني العشب والتبن {وأنفسهم} أي من الحبوب والأقوات {أفلا يبصرون} يعني فيعتبروا.
قوله تعالى: {ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين} قيل أراد بيوم الفتح يوم القيامة الذي فيه الحكم والقضاء بين العباد، وذلك أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للكفار إن لنا يومًا ننعم فيه ونستريح ويحكم فيه بيننا وبينكم.
فقال الكفار استهزاء متى هذا الفتح أي القضاء والحكم، وقيل هو فتح مكة وقيل يوم بدر، وذلك أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون للكفار إن الله ناصرنا ومظهرنا عليكم فيقولون متى هذا الفتح {قل يوم الفتح} يعني يوم القيامة {لا ينفع الذين كفروا إيمانهم} يعني لا يقبل منهم الإيمان ومن حمل يوم الفتح على فتح مكة أو القتل يوم بدر، قال معناهم لا ينفع الذين كفروا إيمانهم إذا جاءهم العذاب وقتلوا {ولا هم ينظرون} يعني يمهلون ليتوبوا ويعتذروا {فأعرض عنهم} قال ابن عباس نسختها آية السيف {وانتظر} يعني موعدي لك بالنصر عليهم {إنهم منتظرون} أي بك حوادث الزمان وقيل معناه انتظر عذابنا إياهم فهم منتظرون ذلك.
ق عن ابي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرآ في الفجر يوم الجمعة الم تنزيل الكتاب وهل أتى على الإنسان عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم: «كان لا ينام حتى يقرأ الم تنزيل الكتاب وتبارك لذي بيده الملك» أخرجه الترمذي.
وقال طاوس تفضلان عن كل سورة في القرآن بسبعين حسنة أخرجه الترمذي.
والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه. اهـ.

.قال النسفي:

{إنّما يؤمن بآياتنا الّذين إذا ذكّروا بها} أي وعظوا بها {خرّوا سجّدًا} سجدوا لله تواضعًا وخشوعًا وشكرًا على ما رزقهم من الإسلام {وسبّحوا بحمد ربّهم} ونزهوا الله عما لا يليق به وأثنوا عليه حامدين له {وهم لا يستكبرون} عن الإيمان والسجود له {تتجافى} ترتفع وتنتحي {جنوبهم عن المضاجع} عن الفرض ومضاجع النوم.
قال سهل: وهب لقوم هبة وهو أن أذن لهم في مناجاته وجعلهم من أهل وسيلته ثم مدحهم عليه فقال: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} {يدعون} داعين {ربّهم} عابدين له {خوفًا وطمعًا} مفعول له أي لأجل خوفهم من سخطه وطمعهم في رحمته وهم المتهجدون.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسيرها قيام العبد من الليل.
وعن ابن عطاء: أبت جنوبهم أن تسكن على بساط الغفلة وطلبت بساط القربة يعني صلاة الليل.
وعن أنس: كان أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يصلون من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء الأخيرة فنزلت فيهم.
وقيل: هم الذين يصلون صلاة العتمة لا ينامون عنها.
{وممّا رزقناهم ينفقنون} في طاعة الله تعالى: {فلا تعلم نفسٌ مّا أخفي لهم} ما بمعنى الذي {أخفي} على حكاية النفس: حمزة ويعقوب {مّن قرّة أعينٍ} أي لا يعلم أحد ما أعد لهؤلاء من الكرامة {جزاءً} مصدر أي جوزوا جزاء {بما كانوا يعملون} عن الحسن رضي الله عنه: أخفى القوم أعمالًا فأخفى الله لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.
وفيه دليل على أن المراد الصلاة في جوف الليل ليكون الجزاء وفاقًا.
ثم بين أن من كان في نور الطاعة والإيمان لا يستوي مع من هو في ظلمة الكفر والعصيان بقوله: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا} أي كافرًا وهما محمولان على لفظ من وقوله: {لاّ يستوون} على المعنى بدليل قوله: {أمّا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات فلهم جنّات المأوى} هي نوع من الجنان تأوي إليها أرواح الشهداء.
وقيل: هي عن يمين العرش {نزلًا بما كانوا يعملون} عطاء بأعمالهم والنزل عطاء النازل ثم صار عامًا {وأمّا الّذين فسقوا فمأواهم النّار} أي ملجؤهم ومنزلهم {كلّما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم} أي تقول لهم خزنة النار {ذوقوا عذاب النّار الّذي كنتم به تكذّبون} وهذا دليل على أن المراد بالفاسق الكافر إذ التكذيب يقابل الإيمان {ولنذيقنّهم مّن العذاب الأدنى} أي عذاب الدنيا من الأسر وما محنوا به من السنة سبع سنين {دون العذاب الأكبر} أي عذاب الآخرة أي نذيقهم عذاب الدنيا قبل أن يصلوا إلى الآخرة.
وعن الداراني: العذاب الأدنى الخذلان والعذاب الأكبر الخلود في النيران.
وقيل: العذاب الأدنى عذاب القبر {لعلّهم} لعل المعذبين بالعذاب الأدنى {يرجعون} يتوبون عن الكفر {ومن أظلم ممّن ذكّر} وعظ {بآيات ربّه} أي بالقرآن {ثمّ أعرض عنها} أي فتولى عنها ولم يتدبر فيها.
وثم للاستبعاد أي أن الإعراض عن مثل هذه الآيات في وضوحها وإنارتها وإرشادها إلى سواء السبيل والفوز بالسعادة العظمى بعد التذكير بها، مستبعد في العقل كما تقول لصاحبك: وجدت مثل تلك الفرصة ثم لم تنتهزها استبعادًا لتركه الانتهاز {إنّا من المجرمين منتقمون} ولم يقل منه لأنه إذا جعله أظلم كل ظالم ثم توعد المجرمين عامة بالانتقام منهم فقد دل على إصابة الأظلم النصيب الأوفر من الانتقام، ولو قال بالضمير لم يفد هذه الفائدة.
{ولقد آتينا موسى الكتاب} التوراة {فلا تكن في مريةٍ} شك {من لقائه} من لقاء موسى الكتاب أو من لقائك موسى ليلة المعراج أو يوم القيامة أو من لقاء موسى ربه في الآخرة كذا عن النبي صلى الله عليه وسلم {وجعلناه هدًى لّبني إسرائيل} وجعلنا الكتاب المنزل على موسى لقومه هدى {وجعلنا منهم أئمّةً} بهمزتين: كوفي وشامي {يهدون} بذلك الناس ويدعونهم إلى ما في التوراة من دين الله وشرائعه {بأمرنا} إياهم بذلك {لمّا صبروا} حين صبروا على الحق بطاعة الله أو عن المعاصي {لما صبروا} حمزة وعلي أي لصبرهم عن الدنيا، وفيه دليل على أن الصبر ثمرته إمامة الناس {وكانوا بآياتنا} التوراة {يوقنون} يعلمون علمًا لا يخالجه شك {إنّ ربّك هو يفصل} يقضي {بينهم يوم القيامة} بين الأنبياء وأممهم أو بين المؤمنين والمشركين {فيما كانوا فيه يختلفون} فيظهر المحق من المبطل.
{أو لم} الواو للعطف على معطوف عليه منوي من جنس المعطوف أي أو لم يدع {يهد} يبين والفاعل الله بدليل قراءة زيد عن يعقوب {نهد} {لهم} لأهل مكة {كم} لا يجوز أن يكون كم فاعل {يهدى} لأن كم للاستفهام فلا يعمل فيه ما قبله ومحله نصب بقوله: {أهلكنا من قبلهم مّن القرون} كعاد وثمود وقوم لوط {يمشون في مساكنهم} أي أهل مكة يمرون في متاجرهم على ديارهم وبلادهم {إنّ في ذلك لآياتٍ أفلا يسمعون} المواعظ فيتعظوا {أو لم يروا أنّا نسوق الماء} نجري المطر والأنهار {إلى الأرض الجرز} أي الأرض التي جرز نباتها أي قطع إما لعدم الماء أو لأنه رعي، ولا يقال للتي لا تنبت كالسباخ جرز بدليل قوله: {فنخرج به} بالماء {زرعًا تأكل منه} من الزرع {أنعامهم} من عصفه {وأنفسهم} من حبه {أفلا يبصرون} بأعينهم فيستدلوا به على قدرته على إحياء الموتى {ويقولون متى هذا الفتح} النصر أو الفصل بالحكومة من قوله: {ربنا افتح بيننا} [الأعراف: 89] وكان المسلمون يقولون إن الله سيفتح لنا على المشركين أو بفتح بيننا وبينهم فإذا سمع المشركون ذلك قالوا: متى هذا الفتح أي في أي وقت يكون {إنّ كنتم صادقين} في أنه كائن.
{قل يوم الفتح} أي يوم القيامة وهو يوم الفصل بين المؤمنين وأعدائهم أو يوم نصرهم عليهم أو يوم بدر أو يوم فتح مكة {لا ينفع الّذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون} وهذا الكلام لم ينطبق جوابًا على سؤالهم ظاهرًا ولكن لما كان غرضهم في السؤال عن وقت الفتح استعجالًا منهم على وجه التكذيب والاستهزاء أجيبوا على حسب ما عرف من غرضهم في سؤالهم فقيل لهم: لا تستعجلوا به ولا تستهزئوا فكأني بكم وقد حصلتم في ذلك اليوم وآمنتم فلا ينفعكم الإيمان، أو استنظرتم في إدراك العذاب فلم تنظروا، ومن فسره بيوم الفتح أو بيوم بدر فهو يريد المقتولين منهم فإنهم لا ينفعهم إيمانهم في حال القتل كما لم ينفع فرعون إيمانه عند الغرق {فأعرض عنهم وانتظر} النصرة وهلاكهم {إنّهم مّنتظرون} الغلبة عليكم وهلاككم، وكان عليه السلام لا ينام حتى يقرأ: {الم تنزيل} السجدة و{تبارك الذي بيده الملك} [الملك: 1] وقال: «من قرأ الم تنزيل في بيته لم يدخله الشيطان ثلاثة أيام» وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سورة الم تنزيل هي المانعة تمنع من عذاب القبر. والله أعلم. اهـ.