فصل: الفوائد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الفوائد:

1- أراجيف المغرضين عن تعدد أزواج النبي:
سيطول بنا القول في هذا الصّدد لأنه أثار شكوكا لدى المغرضين وأصحاب الهوى من المستشرقين والمشهرين بالإسلام، فقد قالوا في معرض افتراءاتهم وأراجيفهم إن تعدد زوجات النبي مناف لشمائل النبوة ومخالف لما ينبغي أن يتسم به أصحاب الدعوة وهداة الأرواح، وقال بعض المستشرقين ما نصه بالحرف: إن تسع زوجات لدليل على فرط الميول الجنسية، ونسوا أو تناسوا أنه لا غضاضة على العظيم أن يحب المرأة ويشعر بمنتها وما من فطرة هي أعمق في طبائع الأحياء عامة من فطرة الجنسين والتقاء الذكر والأنثى، نعم قد تكون الغضاضة إذا طغى هذا الحب حتى أخرج العظيم عن سواء السبيل وشغله عما هو معني به من هداية وليس أبعد به صلى اللّه عليه وسلم عن الاستسلام لنزوات اللذة الجنسية من أنه أوشك أن يطلق نساءه أو يخيرهن في الطلاق لأنهن طلبن إليه المزيد من النفقة، حدث التاريخ أن أبا بكر ذهب إليه يوما يستأذن عليه فوجد الناس جلوسا لا يؤذن لأحد منهم ثم دخل أبو بكر وعمر من بعده فوجد النبي جالسا حوله نساؤه واجما ساكتا فأراد أبو بكر أن يقول شيئا يسرّي عنه فقال: يا رسول اللّه لو رأيت بنت خارجة! سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها فضحك النبي وقال: هن حولي، كما ترى، يسألنني النفقة، فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها، وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها، ويقولان: تسألن رسال اللّه ما ليس عنده؟ فقلن: واللّه لا نسأل رسول اللّه شيئا ليس عنده، ثم اعتزلهن الرسول شهرا أو تسعة وعشرين يوما نزلت بعدها الآية التي فيها التخيير وهي {يا أيها النبي قل لأزواجك} الآية. فبدأ الرسول بعائشة فقال لها: يا عائشة إني أريد أن أعرض عليك أمرا أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك، قالت: وما هو يا رسول اللّه؟ فتلا عليها الآية، قالت: أفيك يا رسول اللّه أستشير أبوي؟ بل أختار اللّه ورسوله والدار الآخرة، ثم خيّر نساءه كلهن فأجبن كما أجابت عائشة وقنعن بما هن فيه من معيشة كان كثير من زوجات المسلمين يظفرن بما هو أنعم منها فعلام يدل هذا؟ لو شاء النبي لأغدق عليهن النعمة ولأغرقهن بتهاويل الزينة وتعاجيب الحلي وأطايب اللذات، وهل هذا الصدوف عن ذلك فعل مستسلم للذات الحسية المتهالك على حب النساء؟ ولما بنى بأولى زوجاته- خديجة- لم تكن لذات الحسن هي التي سيطرت على هذا الزواج ولا الباعثة عليه لأنه نبى بها وهي في نحو الأربعين وهو في نحو الخامسة والعشرين ونيف على الخمسين وأوتي الفتح المبين وليس له من زوجة غيرها ولم تبدر عنه أية رغبة في الزواج بأخرى.
قالت له عائشة مرة: هل كانت خديجة إلا عجوزا بدّلك اللّه خيرا منها فقال لها مغضبا: لا واللّه ما أبدلني اللّه خيرا منها: آمنت بي إذ كفر الناس وصدقت إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني اللّه منها الولد دون غيرها من النساء.
ولو كانت لذات الحسن هي التي سيطرت على زواج النبي بعد بعد وفاة خديجة لكان الأحجى بإرضاء هذه اللذات أن يجمع إليه تسعا من الفتيات الأبكار اللائي اشتهرن بفتنة الجمال في مكة والمدينة وشبه الجزيرة العربية فيسرعن إليه راضيات فخورات وأولياء أمورهن أرضى منهن وأفخر بهذه المصاهرة التي لا تسمو إليها مصاهرة، بيد أن محمدا لم يتزوج بكرا قط غير عائشة ولم يكن زواجه بها مقصودا في بداية الأمر حتى رغبته فيه خولة بنت حكيم التي عرضت عليه الزواج بعد وفاة خديجة.
قالت عائشة: لما توفيت خديجة قالت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون للنبي: أي رسول اللّه ألا تتزوج؟ قال: من؟
قالت: إن شئت بكرا وإن شئت ثيبا قال: فمن البكر؟ قالت: بنت أحبّ الناس إليك عائشة بنت أبي بكر قال: فمن الثيب؟ قالت:
سودة بنت زمعة آمنت بك واتبعتك.
ثم كانت سودة هي أولى النساء اللاتي بنى بهن بعد وفاة خديجة وكان زوجها الأول- ابن عمها- قد توفي بعد رجوعه من الهجرة إلى الحبشة وكانت هي من أسبق النساء إلى الإسلام فآمنت وهجرت أهلها ونجا بها زوجها إلى الحبشة فرارا من إعنات المشركين له ولها فلما مات لم يبق لها إلا أن تعود إلى أهلها فتصبأ وتؤذى أو تتزوج بغير كفء فضمها النبي إليه حماية لها وتأليفا لأعدائه من آلها وكان غير هذا الزواج أولى به لو نظر إلى لذات حسن ومال إلى متاع.
وكان للنبي زوجة أخرى اتسمت بالوضاءة والحداثة والغضاضة وهي زينب بنت جحش ابنة عمته التي زوجها زيدا بن حارثة بأمره وعلى غير رضى منها لأنها أنفت- وهي ما هي في الحسب والقرابة إلى رسول اللّه- من أن يتزوجها غلام عتيق، هذه أيضا لم يكن للذات الحسن سلطان في بناء النبي بها بعد تطليق زيد إياها وتعذر التوفيق بينهما وستأتي قصتها كاملة مدعومة بالتحليل التام لها.
أما سائر زوجاته فما من واحدة منهن إلا كان لزواجه بهن سبب من المصلحة العامة.
إجمال أسماء زوجاته:
قال ابن الكلبي: إن النبي صلى اللّه عليه وسلم تزوج خمس عشرة امرأة ودخل بثلاث عشرة وجمع بين احدى عشرة وتوفي عن تسع فأولهن خديجة بنت خويلد وكانت قبله تحت عتيق بن عابد بن عبد اللّه بن عمرو بن مخزوم ومات عنها وتزوجها بعده أبو هالة بن زرارة بن النباش التميمي فولدت له هند ثم مات عنها وتزوجها بعده النبي فولدت له ثمانية: القاسم والطيب والطاهر وعبد اللّه وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة.
فأما الذكور فماتوا وهم صغار وأما الإناث فبلغن ونكحن وولدن ولم يتزوج على خديجة أحدا وكان موتها قبل الهجرة بثلاث سنين، ثم بعدها سودة بنت زمعة وقيل عائشة وكانت بنت ست سنين فدخل بها في المدينة وهي ابنة تسع ومات عنها وهي ابنة ثماني عشرة وماتت سنة ثمان وخمسين، وأما سودة فكانت امرأة ثيبا وكانت قبله عند السكران بن عمرو بن عبد شمس ومات عنها فخلف عليها رسول اللّه ودخل بها بمكة، ثم تزوج بعدها حفصة بنت عمر بن الخطاب وكانت قبله تحت خنيس بن حذافة السهمي وكان بدريا وماتت بالمدينة في خلافة عثمان، ثم تزوج بعدها أم سلمة ابنة أبي أمية المخزومية وكانت قبله تحت أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي شهد بدرا وأصابته جراحة يوم أحد فمات عنها فتزوجها رسول اللّه قبل الأحزاب، ثم تزوج زينب بنت خزيمة من بني عامر بن صعصعة ويقال لها أم المساكين وتوفيت في حياته ولم يمت غيرها وغير خديجة في حياته وكانت زينب قبله تحت الطفيل بن الحارث بن عبد المطلب، ثم تزوج جورية ابنة الحارث بن أبي ضرار الخزاعية من بني المصطلق وكانت تحت مالك بن صفوان، ثم تزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب وكانت قبله تحت عبد اللّه بن جحش وكان من مهاجرة الحبشة فتنصر ومات بها فأرسل رسول اللّه إلى النجاشي فخطبها عليه وتزوجها وهي بالحبشة وساق النجاشي المهر لها عن رسول اللّه وماتت في خلافة أخيها معاوية، ثم تزوج زينب بنت جحش وستأتي قصتها ثم تزوج عام خيبر صفية بنت حيي بن أخطب، ثم تزوج ميمونة ابنة الحارث الهلالية وكانت قبله تحت عمير بن عمرو الثقفي فمات عنها وخلف عليها أبو زهير بن عبد العزى ثم رسول اللّه وهي خالة ابن عباس وخالد بن الوليد، ثم تزوج امرأة من بني كليب يقال لها شاة بنت رفاعة وقيل سنا بنت الصلت وقيل ابنة الصلت بن حبيب توفيت قبل أن يدخل بها وقيل الشنباء دخل بها ومات ابنه ابراهيم فقالت لو كان نبيا ما مات ولده فطلقها، ثم تزوج غزية بنت جابر الكلابية، قال ابن الكلبي: غزية هي أم شريك فلما قدمت على النبي وأراد أن يخلو بها استعاذت منه فردها، ثم تزوج العالية ابنة ظبيان فجمعها ثم فارقها، ثم تزوج قتيلة ابنة قيس أخت الأشعث فتوفي عنها قبل أن يدخل بها فارتدت، ثم تزوج فاطمة ابنة الضحاك وقيل تزوج خولة ابنة الهذيل بن هبيرة، وليلى ابنة الحطيم عرضت نفسها عليه فتزوجها وفارقها.
قال ابن الكلبي: أما من خطب النبي من النساء ولم ينكحها فأم هانئ بنت أبي طالب خطبها ولم يتزوجها وضباعة ابنة عامر من بني قشير وصفية بنت بشامة الأعور العنبري وأم حبيبة ابنة عمه العباس فوجد العباس أخا له من الرضاعة فتركها وجمرة ابنة الحارث ابن أبي حارثة خطبها فقال أبوها بها سوء ولم يكن بها وجع فرجع إليها فوجدها قد برصت.
وأما سرارية فمارية ابنة شمعون القطبية ولدت له ابراهيم وريحانة ابنة زيد القرظية وقيل هي من بني النضير وأخرى وهبتها له زينب بنت جحش واسمها نفيسة والرابعة أصابها في بعض السبي ولم يعرف اسمها.
وفي المواهب رواية أخرى تختلف فيها الأسماء بعض الاختلاف ويطول بنا القول لو نقلناها فليرجع إليها من يشاء.
وكان إعزاز من ذلوا بعد عزة سنة النبي في معاملة جميع الناس ولاسيما النساء اللاتي تنكسر قلوبهن في الذل بعد فقد الحماة والأقربين، ولهذا خيّر صفية الإسرائيلية سيدة بني قريظة بين أن يلحقها بأهلها وأن يعتقها ويتزوج بها فاختارت الزواج منه.
هذا وتتكشف لنا مراجعة الحياة الزوجية لمحمد عليه الصلاة والسلام عن أسباب حفزته إلى الزواج بهن واستجماع لهذا العدد منهن ولا حرج على رجل قويم الفطرة أن يلتمس المتعة في زواجه، ولكن الواقع أن المتعة لم تكن قط مقدّمة في الاعتبار عند نظر النبي في اختيار واحدة من زوجاته قبل الدعوة أو بعدها أو بعد تجاوز الكهولة وانما كان الاختيار كله على حسب حاجتهن إلى الإيواء الشريف أو على حسب المصلحة الكبرى التي تقضي باتصال الرحم بينه وبين سادات العرب وأساطين الجزيرة من أصدقائه وأعدائه لا استثناء في هذه الخصلة لزوجة واحدة بين جميع زوجاته حتى التي بنى بها فتاة بكرا موسومة بالجمال وهي السيدة عائشة.
2- الجاهلية الأولى:
اختلف الناس في الجاهلية الأولى وأصح ما قيل أنهما جاهليتان أولى وأخيرة فالأولى هي القديمة ويقال لها الجاهلية الجهلاء وهي تمتد إلى أبعد الآماد والجاهلية الأخيرة تمتد من منتصف القرن الخامس الميلادي، وفي الجاهلية الأولى كانت المرأة تلبس الدرع من اللؤلؤ فتمشي في منتصف الطريق تعرض نفسها على الرجال فنهين عن ذلك.

.[سورة الأحزاب: الآيات 34- 37]:

{وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا (36) وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَرًا زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (37)}.

.الإعراب:

{وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} الواو عاطفة واذكرن فعل أمر والنون فاعل وما مفعول به وجملة يتلى صلة ويتلى فعل مضارع مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر يعود على ما وفي بيوتكن متعلقان بيتلى ومن آيات اللّه حال والحكمة عطف على آيات اللّه.
{إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} أن واسمها وجملة كان خبرها واسم كان مستتر يعود على اللّه ولطيفا خبرها الأول وخبيرا خبرها الثاني.
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِراتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} كلام مستأنف مسوق لخطاب النساء بما يخاطب به الرجال من شئون الهداية والتعليم السامية فقد قالت أزواج النبي إن اللّه ذكر الرجال في كتابه ولم يذكر النساء بخير فنزلت. وان واسمها وما بعدها عطف على الاسم إلى قوله والذاكرات وليس فيها ما يستدعي التنبيه سوى قوله فروجهم فهو مفعول به للحافظين وكذلك قوله والذاكرين اللّه فلفظ الجلالة مفعول به للذاكرين وجملة أعد خبر إن واللّه فاعل أعد ولهم متعلقان بأعد وأجرا مفعول أعد وعظيما صفة.
{وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} الواو استئنافية والكلام مسوق للشروع في قصة عبد اللّه بن جحش وأخته زينب وزيد بن حارثة وسيأتي بحث مسهب عنها في باب الفوائد. وما نافية وكان فعل ماض ناقص ولمؤمن خبر كان المقدم ولا مؤمنة عطف على لمؤمن وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وقضى اللّه ورسوله صلة والجواب محذوف يدل عليه النفي المتقدم ولك أن تجعل إذا للظرفية المحضة فتتعلق بالاستقرار الذي تعلق به خبر كان وأن يكون مصدر مؤول هو اسم كان ولهم خبر يكون المقدم والخيرة اسمها المؤخر وذكر يكون لأن المؤنث مجازي وقُرئ بالتاء ومن أمرهم حال من الخيرة والخيرة مصدر تخير كالطيرة من تطير وجمع الضمير في أمرهم وفي لهم لوقوعهما في سياق النفي وقد تقدم أن النكرة إذا وقعت في سياق النفي دلت على العموم ليشمل كل مؤمن ومؤمنة كما غلب المذكر على المؤنث.
{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا} الواو عاطفة ومن شرطية مبتدأ ويعص فعل الشرط مجزوم بحذف حرف العلة وفاعل يعص مستتر تقديره هو يعود على من ولفظ الجلالة مفعول به ورسوله عطف عليه والفاء رابطة للجواب لأنه اقترن بقد وضل فعل ماض وفاعله مستتر أيضا وضلالا مفعول مطلق ومبينا صفة.
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ} عطف على ما سبق وإذ ظرف لما مضى متعلق باذكر مقدرا وجملة تقول في محل جر بإضافة الظرف إليها وللذي متعلقان بتقول وجملة أنعم اللّه عليه صلة وأنعمت عليه عطف على الصلة وجملة أمسك مقول القول وعليك متعلقان بمحذوف حال كما قيل في اللام في سقيا لك وإما متعلقان بأمسك على حذف مضاف أي أمسك على نفسك وزوجك مفعول به واتق اللّه عطف على أمسك.
{وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} الواو واو الحال أو للعطف وفي نفسك متعلقان بتخفي وما مفعول به واللّه مبتدأ ومبديه خبر والجملة صلة ما.
{وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ} الواو حالية أو عاطفة أيضا وتخشى الناس فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به والواو عاطفة أو حالية واللّه مبتدأ وأحق خبر وأن وما في حيزها مصدر مؤول في محل رفع بدل اشتمال من اسم اللّه وقد تقدم هذا الاعراب في سورة التوبة ونزيد هنا أنه يجوز أن يكون منصوبا بنزع الخافض متعلق بأحق واختار أبو البقاء وجها ثالثا وهو أن يكون أن تخشوه مبتدأ وأحق خبره مقدم عليه والجملة خبر عن اسم اللّه.
{فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَرًا زَوَّجْناكَها} الفاء استئنافية ولما ظرفية حينية أو رابطة متضمنة معنى الشرط وقضى زيد فعل وفاعل ومنها متعلقان بقضى ووطرا مفعول به وزوجناكها فعل ماض وفاعل والكاف مفعول به أول والهاء مفعول به ثان والجملة لا محل لها. وقضاء الوطر في اللغة بلوغ منتهى ما في النفس من الشيء.
{لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا} اللام حرف جر للتعليل وكي حرف مصدري ويكون فعل مضارع منصوب بكي والمصدر المؤول في محل جر باللام والجار والمجرور متعلقان بزوجناكها على أنه تعليل للتزويج وعلى المؤمنين خبر يكون المقدم وحرج اسمها المؤخر وفي أزواج أدعيائهم صفة لحرج.
{وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} كان واسمها وخبرها والجملة معترضة أو معطوفة على ما تقدم.