فصل: من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقيل: إن المقصود هنا إيذاء الرسول خاصة صلّى اللّه عليه وسلّم وذكر اللّه عزّ وجلّ معه للتشريف، والإشارة إلى أنّ ما يؤذي الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم لخليق به أن يؤذي اللّه تعالى، ولا يرضيه، كما جعلت طاعة الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ومحبته طاعة اللّه تعالى ومحبته.
واللعن الطرد والإبعاد من رحمة اللّه، وبعد ذلك فهناك العذاب المهين المحقّر ينتظر في الآخرة.
قال اللّه تعالى: {وَالَّذينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمنينَ وَالْمُؤْمنات بغَيْر مَا اكْتَسَبُوا فَقَد احْتَمَلُوا بُهْتانًا وَإثْمًا مُبينًا (58)} لما أنهى الكلام في شأن الذين يؤذون اللّه ورسوله ناسب ذلك أن يقرن به ذكر الذين يتعرّضون للمؤمنين بالأذى، والأذى هنا مطلق كالأذى في الآية السابقة، يتناول كل ما يصدق عليه اسم الأذى، سواء أكان بالقول أم بالفعل، وسواء أكان إيذاء للعرض أو الشرف أو المال، فإنّ الذين يلحقون بالمؤمنين أيّ نوع من أنواع الأذى يستحقون الجزاء الذي ذكر في الآية الكريمة، لا يخصّ منه شيء إلا ما خصّه اللّه تعالى، وهو أن يكون الإيذاء جزاء على الاكتساب، كالإيذاء بالقصاص، والإيذاء بقطع اليد في السرقة، وكالإيذاء بالتعزيرات المختلفة، وكالحقّ الوارد في قوله صلّى اللّه عليه وسلّم: «أمرت أن أقاتل الناس حتّى يقولوا لا إله إلا اللّه، فإذا قالوها فقد عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلا بحقّها».
وقد فهم أبو بكر رضي اللّه عنه أنّ الزكاة حقّ المال، فقاتل مانعيه من أجله، وقال: واللّه لو منعوني عناقا كانوا يعطونه لرسول اللّه لقاتلتهم عليه. وحاجّه في ذلك عمر، فقال له: إلا بحقها، والزكاة حق الأموال، فانشرح صدره لما رآه أبو بكر.
وقد يخطر لك أن تقول: لما ذا قيل: {بغَيْر مَا اكْتَسَبُوا} هنا، ولم يقل في الآية المتقدمة مثله؟
ونقول: لأنّ اكتساب الأذى هناك لا يكون، أما العباد فكل يوم يعدو بعضهم على بعض.
والمراد بالبهتان الفعل الشنيع، والإثم المبين البيّن الظاهر. واحتماله: حمله وفي التعبير بالاحتمال إشارة إلى ثقل ما يحملون من أوزار.
ويذكر المفسّرون هنا أسبابا لنزول الآية، فيقولون: هي في قوم آذوا عليا أو عائشة، وقيل في شأن النبي وصفيّة، وقيل: في قوم كانوا يتّبعون النساء إذا برزن لحاجتهنّ. وهي بعد ثبوتها لا تقتضي حمل الآية على واحد منها، وقد تكون الآية نزلت بعد تجمّع الأسباب.
وقد روى البيهقي في شعب الإيمان عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأصحابه: «أيّ الرّبا أربى عند اللّه» قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: «أربى الربا عند اللّه استحلال عرض امرئ مسلم» ثم قرأ: {وَالَّذينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمنينَ وَالْمُؤْمنات بغَيْر مَا اكْتَسَبُوا} الآية.
قال اللّه تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبيُّ قُلْ لأَزْواجكَ وَبَناتكَ وَنساء الْمُؤْمنينَ يُدْنينَ عَلَيْهنَّ منْ جَلَابيبهنَّ ذلكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحيمًا (59)} جرى حكم العرف بتخصيص النساء بالحرائر، وسبب النزول الآتي يقتضيه، وآخر الآية ظاهر فيه.
والإدناء: التقريب، أدناني منه: قرّبني منه. وهو هنا مضمّن معنى الإرخاء والسدل، ولذا عدّي بعلى، يقال: إذا زلّ الثوب عن وجه المرأة: أدني ثوبك على وجهك، أي أرخيه واسدليه. والجلابيب جمع جلباب، وقد اختلف أهل التأويل في الجلباب على ألفاظ متقاربة عمادها أنه الثوب الذي تستر به المرأة بدنها كله، ويتأتى معه رؤية الطريق إذا مشت.
روى جماعة من المفسرين أنّه كانت الحرة والأمة تخرجان ليلا لقضاء الحاجة في الغيطان وبين النخيل من غير امتياز بين الحرائر والإماء، وكان في المدينة فسّاق لا يزالون على عاداتهم في الجاهلية، يتعرّضون للإماء، وربما تعرضوا للحرائر، فإذا قيل لهم يقولون: حسبناهن إماء فأمرت الحرائر أن يخالفن الإماء في الزي، فيستترن ليحتشمن ويهبن، فلا يطمع فيهنّ مراض القلوب.
واختلف أهل التأويل في كيفية هذا التستر، فأخرج ابن جرير وغيره عن ابن سيرين أنه قال: سألت عبيدة السلماني عن هذه الآية {يُدْنينَ عَلَيْهنَّ منْ جَلَابيبهنَّ} فرفع ملحفة كانت عليه، فتقنّع بها، وغطّى رأسه كلّه حتى بلغ الحاجبين، وغطّى وجهه، وأخرج عينه اليسرى من شقّ وجهه الأيسر، وروي مثل ذلك عن ابن عباس.
وفي رواية أخرى عنه أنها تلوي الجلباب فوق الجبين، وتشدّه، ثم تعطفه على الأنف وإن ظهرت عيناها، لكن تستر الصدر ومعظم الوجه.
وأخرج عبد الرزاق وجماعة عن أم سلمة قالت: لما نزلت هذه الآية: {يُدْنينَ عَلَيْهنَّ منْ جَلَابيبهنَّ} خرج نساء من الأنصار كأن على رءوسهنّ الغربان من أكسية سود يلبسنها.
ومعنى الآية: أنّ اللّه جلّ شأنه يأمر الحرائر إذا خرجن لحاجة أن يتقنّعن ويستترن، حتى يميّزن من الإماء، فلا يتعرّض لهنّ أحد بالإيذاء. هذه طريق الجمهور في تأويل الآية.
ومن المعروف أن هذه الآية نزلت بعد أن استقر أمر الشريعة على وجوب ستر العورة، فلابد أن يكون الستر المأمور به هنا زائدا على ما يجب من ستر العورة، ولذلك ترى عبارات المفسرين على اختلاف ألفاظها متحدة في أنّ المراد بالجلباب الثوب الذي تستر به المرأة بدنها كلّه من فوق ثيابها، كالملاءة المعروفة في عصرنا.
وعلى ذلك يكون الأمر بإدناء الجلابيب من الأدب الحسن، زيادة في الاحتياط، ومبالغة في التستر والاستعفاف، وبعدا عن مظان التهمة والارتياب.
ولا يعدّ في إجراء الأمر على ظاهره من وجوب لبس الجلباب إذا كان خروج المرأة بدونه- وإن كانت مستورة العورة- مدعاة للفتنة، وسببا في تعرّض الفساق لها، وإيذائها بالرفث وفحش القول.
وقد يقال: إنّ تأويل الآية على هذا الوجه، وقصرها على الحرائر، قد يفهم منه أنّ الشارع أهمل أمر الإماء، ولم يبال بما ينالهنّ من الإيذاء، وتعرض الفسّاق لهن في الطرقات، مع أنّ في ذلك من الفتنة ما فيه: فهلا كان ذلك التصون والتستر عامّا في جميع النساء؟
الجواب: أنّ الإماء بطبيعة عملهن يكثر خروجهن، وترددهنّ في الأسواق ومحالّ البياعات في خدمة سادتهن، وقضاء مصالحهم، فإذا كلّفن أن يتقنّعن، ويلبسن الجلباب السابغ كلّما خرجن، كان في ذلك حرج ومشقة عليهن، وليس كذلك الحرائر، فإنهنّ مأمورات بالاستقرار في البيوت، وعدم الخروج منها إلا في أوقات الحاجة الشديدة، فلم يكن عليهنّ من الحرج والمشقة في التقنّع والتستر ما على الإماء.
ولقد راعى الشارع هذه الحال، فنهى الناس أن يؤذوا المؤمنين والمؤمنات جميعا، سواء الحرائر والإماء، وتوعّد المؤذين بالعذاب الأليم والعقاب الشديد.
ومع هذا فإنّ الشرع لم يحظر على الإماء التقنع والتستر، ولكنّه لم يكلفهن ذلك دفعا للحرج والعسر. فللأمة أن تتقنع وتلبس الجلباب السابغ متى تيسر لها ذلك. وأما نهي عمر رضي اللّه عنه الإماء في زمانه، وزجره إياهنّ عن التقنع، فإنما كان ذلك من السياسات الشرعية، لأنّه كان يخشى إذا هنّ تشبهن بالحرائر في لباسهن وزيهنّ أن يعتدن الرقة، ويضعفن عن الخدمة والعمل، وتكثر مؤنهنّ على سادتهنّ.
وبعد فقد اختار أبو حيان في تأويل الآية الكريمة وجها غير الوجه الذي سلكه الجمهور، فجعل الأمر بإدناء الجلابيب موجها إلى النساء جميعا، سواء الحرائر والإماء، وجعل معنى قوله تعالى: {ذلكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ} أنهنّ يعرفن بالعفة والتصون، فلا يتعرّض لهنّ، ولا يتلقين بما يكرهن، فإنّ المرأة إذا بالغت في التستر والتعفف لم يطمع فيها أهل السوء والفساد، وهو رأي تبدو عليه مخائل الجودة.
وفي الطبقات الكبرى أنّ أحمد بن عيسى من فقهاء الشافعية استنبط من هذه الآية- على رأي الجمهور في تأويلها- أنّ ما يفعله العلماء والسادات من تغيير لباسهم وعمائمهم أمر حسن، وإن لم يفعله السلف، لأن فيه تمييزا لهم، حتى يعرفوا، فيعمل بأقوالهم.
وَكانَ اللَّهُ غَفُورًا فيغفر لمن امتثل أمره ما عسى أن يصدر منه من الإخلال بالتستر رَحيمًا بعباده، حيث راعى في مصالحهم أمثال هذه الجزئيات، وأرشدهم إلى هذه الآداب الحسنة الجميلة. اهـ.

.من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

.قال ابن المثنى:

سورة الأحزاب:
بسْم اللَّه الرَّحْمن الرَّحيم.
{فَإخْوانُكُمْ في الدّين} (5) أي إخوانكم في الملّة وخرج مخرج فتى والجميع فتيان وفتية.
{وَمَواليكُمْ} (5) أي بنو عمكم وولاتكم.
{في الْكتاب مَسْطُورًا} (6) أي مكتوبا قال العجّاج:
فى الصّحف الأولى التي كان سطر

{وَإذْ زاغَت الْأَبْصارُ} (10) أي حارت وطمحت وعدلت وفى آية أخرى: {ما زاغَ الْبَصَرُ} (53: 17).
{زُلْزلُوا زلْزالًا شَديدًا} (11) أي ابتلوا وفتنوا ومنه الزلازل.
{يَثْربَ} (13) اسم أرض ومدينة النبي صلى اللّه عليه في ناحية من يثرب قال حسّان في الجاهليّة:
سأهدى لها في كل عام قصيدة ** وأقعد مكفيّا بيثرب مكرما

{لا مُقامَ لَكُمْ} (13) مفتوحة الأول ومجازها: لا مكان لكم تقومون فيه ومنه قوله:
فاىّ ما وأيّك كان شرا ** فقيد إلى المقامة لا يراها

{منْ أَقْطارها} (14) أي من جوانبها ونواحيها واحدها قطر.
{سُئلُوا الْفتْنَةَ لَآتَوْها} (14) أي لأعطوها.
{فَإذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بأَلْسنَةٍ حدادٍ} (19) أي بالغوا في عيبكم ولا أئمتكم ومنه قولهم خطيب مسلق ومنه الخاطب المسلاق وبالصاد أيضا وقال الأعشى:
فيهم الحزم والسّماحة والنّجـ ** ـدة فيهم والخاطب المسلاق

ويقال: لسان حديد أي ذلق وذليق.
{الْأَحْزابَ} (20) واحدهم حزب يقال: من أيىّ حزب أنت وقال رؤبة:
وكيف أضوى وبلال حزبى

{فَمنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ} (23) أي نذره الذي كان نحب أي نذر والنحب أيضا النفس أي الموت وجعله جرير الخطر العظيم فقال:
بطخفة جالدنا الملوك وخيلنا ** عشيّة بسطام جرين على نحب

أي خطر عظيم، قال ومنه التنحيب قال الفرزدق:
وإذ نحبّت كلب على الناس ** أيّهم أحقّ بتاج الماجد المتكرّم

وقال ذو الرّمّة:
قضى نحبه في ملتقى الخيل هوبر

أي نفسه وإنما هو يزيد بن هوبر ويقال: نحب في سيره يومه أجمع إذا مدّ فلم ينزل وليلته جميعا.
{الَّذينَ ظاهَرُوهُمْ} (26) أي عاونوهم وهو من التظاهر.
{منْ صَياصيهمْ} (26) أي من حصونهم وأصولهم يقال: جذّ اللّه صيصة فلان أي أصله وهى أيضا شوك الحاكة قال:
وما راعنى إلّا الرماح تنوشه ** كوقع الصّياصى في النّسيج الممدّد

وهى شوكتا الديك وهى قرن البقرة أيضا.
{يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضعْفَيْن} (29) أي يجعل لها العذاب ثلاثة أعذبة لأن ضعف الشيء مثله، وضعفى الشيء مثلا الشيء ومجاز {يُضاعَفْ} أي يجعل الشيء، شيئين حتى يكون ثلاثة فأما قوله ويضعّف أي يجعل الشيء شيئين.
{نُؤْتها أَجْرَها} (31) أي نعطها ثوابها.
{لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ منَ النّساء} (32) أحد يقع على الذكر والأنثى بلفظ واحد يقع على ما ليس في الآدميين، يقال: لم أجد فيها أحدا شاة ولا بعيرا.
{وَقَرْنَ في بُيُوتكُنَّ} (33) القاف مكسورة لأنها من وقرت تقر، تقديره وزنت تزن ومعناه من الوقار ومن فتح القاف فإن مجازها من قرّت تقرّ تقديره: قررت تقر فحذف الراء الثانية فخففها وقد تفعل العرب ذلك وقال الشاعر:
خلا أنّ العتاق من المطايا ** أحسن به فهنّ إليه شوس

أراد أحسسن.
{ولا يتبرّجن (33)} وهو من التبرج وهو أن يبرزن محاسنهن فيظهرنها.
{فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ منْها وَطَرًا} (37) أي أربا وحاجة قال الشاعر:
ودّعنى قبل أن أودّعه ** لمّا قضى من شبابنا وطرا

أي أربا وحاجة.
{ما كانَ عَلَى النَّبيّ منْ حَرَجٍ فيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّه في الَّذينَ خَلَوْا منْ قَبْلُ} (38) سنة اللّه منصوبة لأنها في موضع مصدر من غير لفظها من حرج أي من ضيق وإثم خلوا أي مضوا.
{بُكْرَةً وَأَصيلًا} (42) ما بين العصر إلى الليل.
{هُوَ الَّذي يُصَلّي عَلَيْكُمْ وَمَلائكَتُهُ} (43) أي يبارك عليكم قال الأعشى:
عليك مثل الذي صلّيت فاغتمضى ** نوما فإن لجنب المرء مضطجعا

{اللَّاتي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} (50) أي أعطيت مهورهن.
{ممَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ} (50) أي مما فتح اللّه عليك من الفيء.
{وَامْرَأَةً مُؤْمنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَها للنَّبيّ} (50) مجازه: إن تهب والموضع موضع مجازاة والعرب قد تجازى بحرف وتضمر الآخر معهما قال ذو الرّمّة:
وإنى متى أشرف على الجانب الذي ** به أنت ما بين الجوانب ناظر

قال القطامىّ:
والناس من يلق خيرا قائلون له ** ما يشتهى ولأمّ المخطئ الهبل

قال: {وَامْرَأَةً مُؤْمنَةً إنْ وَهَبَتْ نَفْسَها للنَّبيّ إنْ أَرادَ النَّبيُّ أَنْ يَسْتَنْكحَها خالصَةً لَكَ منْ دُون الْمُؤْمنينَ} (50) وهبت في موضع تهب والعرب تفعل ذلك قال:
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا ** وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا

أي يطيروا. والعرب قد تخاطب فتخبر عن الغائب والمعنى للشاهد فترجع إلى الشاهد فتخاطبه قال عنترة:
شطّت مزار العاشقين فأصبحت ** عسرا علىّ طلابك ابنة مخرم

{تُرْجي مَنْ تَشاءُ} (51) أي تؤخر.
{وَتُؤْوي إلَيْكَ مَنْ تَشاءُ} (51) أي تضمّ.
{لا يَحلُّ لَكَ النّساءُ منْ بَعْدُ} (52) إذا جعلت العرب من فعل المؤنث وبينها شيئا ذكّروا فعلها وبعد مرفوع بغير تنوين لأنه غاية لم تصف وحرّم على النبي صلى اللّه عليه النساء غير هؤلاء، فإن قال قائل إنهن لم يحّر من عليه فإن الآية إذا منسوخة.
{عَلى كُلّ شَيْءٍ رَقيبًا} (52) أي حفيظا قال أبو دؤاد:
كمفاعد الرّقباء للضْـ ** ـضُرباء أيديهم نواهد

{إلى طَعامٍ غَيْرَ ناظرينَ إناهُ} (53) أي إدراكه وبلوغه ويقال أبى لك أن تفعل، يأنى انيا والاسم إنى وأبى أبلغ أدرك قال:
تمخّصت المنون له بيوم ** أنى ولكلّ حاملة تمام

{وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّه وَلا أَنْ تَنْكحُوا أَزْواجَهُ منْ بَعْده أَبَدًا} (54) مجازه: ما كان لكم أن تفعلوا شيئا من ذلك وكان من حروف الزوائد قال:
فكيف إذا رأيت ديار قوم ** وجيران لهم كانوا كرام

القافية مجرورة والقصيدة لأنه جعل كانوا زائدة للتوكيد ولو أعمل كان لنصب القافية وقال العجّاج:
إلى كناس كان مستعيده

وقال الفزارىّ:
لم يوجد كان مثل بنى زياد

فرفع مثل بنى زياد لأنه ألقى كان وأعمل يوجد.
{لَنُغْريَنَّكَ بهمْ} (60) أي لنسلّطنك عليهم.
{وَقُتّلُوا تَقْتيلًا سُنَّةَ اللَّه} 61- 62 نصبوها لأنها في موضع مصدر فعل من غير لفظها {وَقُتّلُوا} أشد مبالغة من قتلوا إذا خففته.
{لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَريبًا} (63) مجازه مجاز الظرف هاهنا ولو كان وصفا للساعة لكان قريبة وإذا كان ظرفا فإن لفظها في الواحد والاثنين والجميع من المذكر والمؤنث واحد بغير الهاء وبغير تثنية وبغير جمع.
{فَأَضَلُّونَا السَّبيلَا} (67) ويقال أيضا في الكلام. أضلى عن السبيل ومجازه عن الحق والدين.
{وَقُولُوا قَوْلًا سَديدًا} (70) قصدا، قال أوس بن حجر:
وما جبنوا إنى أسدّ عليهم ** ولكن لقوا نارا تحسّ وتسفع

ويروى: نارا تخش توقد، وتحس: تستأصل أسدّ أقول عليهم السّداد، يقال:
أسددت بالقوم إذا قلت عليهم حقا وسددا. اهـ.
صفحة البداية الفهرس << السابق 17918  من  23844 التالى >> إخفاء التشكيل