فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



نزلت هذه الآية في جماعة من المؤمنين صادقي الإيمان، إلا أنهم لم يشهدوا بدرًا ولا أُحُدًا، ولكنهم عاهدوا الله إنْ جاءت معركة أخرى لَيُبَادرُونَّ إليها، ويبلُون فيها بلاءً حسنًا.
وورد أنها نزلت في أنس بن النضر، فقد عاهد الله لما فاتته بدر لو جاءت مع المشركين حرب أخرى لَيبلونَّ فيها بلاء حسنًا، وفعلًا لما جاءت أُحُد أبلى فيها بلاءً حسنًا حتى استشهد فيها، فوجدوا جسده في نيّفًا وثمانين طعنةً برمح، وضربة بسيف، وهذا معنى {صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْه} [الأحزاب: 23].
وساعة تسمع كلمة {رجَالٌ} [الأحزاب: 23] في القرآن، فاعلم أن المقام مقام جدٍّ وثبات على الحق، وفخر بعزائم صُلْبة لا تلين، وقلوب رسخ فيها الإيمان رسوخ الجبال، وهؤلاء الرجال وَفَّوا العهد الذي قطعوه أمام الله على أنفسهم، بأنْ يبلُوا في سبيل نصرة الإسلام، ولو يصل الأمر إلى الشهادة.
وقوله تعالى: {فَمنْهُمْ مَّن قضى نَحْبَهُ وَمنْهُمْ مَّن يَنتَظرُ} [الأحزاب: 23] قضى نحبه: أي أدَّى العهد ومات، والنحب في الأصل هو النذر، فالمراد: أدى ما نذره، أو ما عاهد الله عليه من القتال، ثم اسْتُعملَت النحب بمعنى الموت.
لكن، ما العلاقة بين النذر والموت؟ قالوا: المعنى إذا نذرتَ فاجعل الحياةَ ثمنًا للوفاء بهذا النذر، وجاء هذا التعبير {فَمنْهُمْ مَّن قضى نَحْبَهُ} [الأحزاب: 23] لتعلم أن الموت يجب أن يكون منك نذرًا. أي: انذر لله أنْ تموت، لكن في نُصْرة الحق وفي سبيل الله، فكأن المؤمن هو الذي ينذر نفسه وروحه لله، وكأن الموت عنده مطلوب ليكون في سبيل الله.
فالمؤمن حين يستصحب مسألة الموت ويستقرئها يرى أن جميع الخَلْق يموتون من لُدن آدم عليه السلام حتى الآن؛ لذلك تهون عليه حياته ما دامت في سبيل الله، فينذرها ويقدمها لله عن رضا، ولمَ لا وقد ضحيتَ بحياة، مصيرها إلى زوال، واشتريتَ بها حياة باقية خالدة مُنعَّمة.
وقد ورد في الأثر: ما رأيتُ يقينًا أشبه بالشك من يقين الناس بالموت ومع أننا نرى الموت لا يُبقى على أحد فينا إلا أن كل إنسان في نفسه يتصور أنه لن يموت.
وحَقٌّ للمؤمن أنْ ينذر نفسه، وأنْ يضحي بها في سبيل الله؛ لأن الله يقول: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الذين قُتلُوا في سَبيل الله أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عندَ رَبّهمْ يُرْزَقُونَ فَرحينَ بمَآ آتَاهُمُ الله من فَضْله وَيَسْتَبْشرُونَ بالذين لَمْ يَلْحَقُوا بهم مّنْ خَلْفهمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشرُونَ بنعْمَةٍ مّنَ الله وَفَضْلٍ وَأَنَّ الله لاَ يُضيعُ أَجْرَ المؤمنين} [آل عمران: 169-171].
وهذه الحياة التي عند الله حياة على الحقيقة، لأن الرزق سمة الحيّ الذي يعيش ويأكل ويشرب.
إلخ، وإياك أنْ تظن أنها حياة معنوية فحسب.
وقد تسمع مَنْ يقول لك: هذا يعني أنني لو فتحتُ القبر على أحد الشهداء أجده حيًا في قبره؟ ونقول لمن يحب أنْ يجادل في هذه المسألة: الله تعالى قال: {أَحْيَاءٌ عندَ رَبّهمْ} [آل عمران: 169] ولم يقل: أحياء عندك، فلا تحكم على هذه الحياة بقانونك أنت، لا تنقل قانون الدنيا إلى قانون الآخرة.
والمؤمن ينبغي أن يكون اعتقادة في الموت، كما قال بعض العارفين: الموت سهم أُرسل إليك بالفعل، وعمرك بقدر سفره إليك.
والقرآن حين يعالج هذه المسألة يقول تعالى: {تَبَارَكَ الذي بيَده الملك وَهُوَ على كُلّ شَيْءٍ قَديرٌ الذي خَلَقَ الموت والحياة} [الملك: 1-2] فقدَّم الموت على الحياة، حتى لا نستقبل الحياة بغرور الحياة، إنما نستقبلها مع نقيضها حتى لا نغترَّ بها.
وقوله تعالى: {وَمنْهُمْ مَّن يَنتَظرُ} [الأحزاب: 23] أي: ينتظر الوفاء بعهده مع الله، وكأن الله تعالى يقول: الخير فيكم يا أمة محمد باقٍ إلى يوم القيامة {وَمَا بَدَّلُوا تَبْديلًا} [الأحزاب: 23] معنى التبديل هنا: أي ما تخاذلوا في شيء عاهدوا الله عليه ونذروه، فما جاءت بعد ذلك حرب، وتخاذل أحد منهم عنها، ولا أُدخل أحد منهم الحرب مواربة ورياء، فقاتل من بعيد، أو تراجع خوفًا من الموت، بل كانوا في المعمعة حتى الشهادة.
ثم يقول الحق سبحانه: {لّيَجْزيَ الله الصادقين}.
{ليَجْزيَ اللَّهُ الصَّادقينَ بصدْقهمْ وَيُعَذّبَ الْمُنَافقينَ إنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهمْ إنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحيمًا (24)}.
تأمل هنا رحمة الخالق بالخَلْق، هذه الرحمة التي ما حُرم منها حتى المنافق، فقال سبحانه: {وَيُعَذّبَ المنافقين إن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهمْ} [الأحزاب: 24].
وسبق أنْ تحدثنا عن صفتي المغفرة والرحمة وقلنا: غفور رحيم من صيغ المبالغة، الدالة على كثرة المغفرة وكثرة الرحمة، وأن القرآن كثيرًا ما يقرن بينهما، فالمغفرة أولًا لستر العيب والنقائص، ثم يتلوها الرحمة من الله، بأن تمتد يده سبحانه بالإحسان.
وقد أوضحنا ذلك باللص تجده في بيتك، فتشفق عليه، ثم تمتد إليك يدك بالمساعدة التي تعينه على عدم تكرار ذلك. وقلنا: إن الغالب أن تسبق المغفرةُ الرحمةَ، وقليلًا ما تسبق الرحمةُ المغفرةَ.
وقلنا: أنه يشترط في المغفرة أن تكون من الأعلى للأدنى، فإذا ستر العبد على سيده قبحًا لا يقال: غفر له، وكذلك في الرحمة فإن مال الأقل بالإحسان إلى الأعلى لا يقال رحمة؛ لأنه قد يعطيه عوَضًا عما قدَّم له أو يعطيه انتظار أنْ يرد إليه ما أعطاه مرة أخرى. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُول اللَّه أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} قال: مواساة عند القتال.
وأخرج ابن مردويه والخطيب في رواة مالك وابن عساكر وابن النجار عن ابن عمر رضي الله عنه في قوله: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} قال: في جوع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن سعيد بن يسار قال: كنت مع ابن عمر رضي الله عنهما في طريق مكة، فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت، فقال ابن عمر رضي الله عنه: أليس لك في رسول الله اسوة حسنة؟ قلت: بلى. قال: فإنه كان يوتر على البعير.
وأخرج ابن ماجة وابن أبي حاتم عن حفص بن عاصم رضي الله عنه قال: قلت لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما: رأيتك في السفر لا تصلي قبل الصلاة ولا بعدها فقال: يا ابن أخي صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا.. وكذا. فلم أره يصلي قبل الصلاة ولا بعدها، ويقول الله تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}.
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه سئل عن رجل معتمر طاف بالبيت: أيقع على امرأته قبل أن يطوف بالصفا والمروة؟ فقال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطاف بالبيت، وصلى خلف المقام ركعتين، وسعى بين الصفا والمروة، ثم قرأ: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه أن رجلًا أتى ابن عباس رضي الله عنهما فقال: إني نذرت أن أنحر نفسي. فقال ابن عباس {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} {وفديناه بذبح عظيم} فأمره بكبش.
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق والبخاري ومسلم وابن ماجة وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا حرم الرجل عليه امرأته فهو يمين يكفرها، وقال: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أهلّ وقال: إن حيل بيني وبينه فعلت كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأنا معه، ثم تلا {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن قتادة رضي الله عنه قال: هم عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن ينهي عن الحبرة من صباغ البول، فقال له رجل: أليس قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها؟ قال عمر رضي الله عنه: بلى.
قال الرجل: ألم يقل الله: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}؟ فتركها عمر.
وأخرج أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه أكب على الركن فقال: إني لا علم أنك حجر، ولو لم أرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك، واستلمك، ما استلمتك. ولا قبلتك {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}.
وأخرج أحمد وأبو يعلى عن يعلى بن أمية رضي الله عنه قال: طفت مع عمر رضي الله عنه، فلما كنت عند الركن الذي يلي الباب مما يلي الحجر، أخذت بيده ليستلم فقال: ما طفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى. قال: فهل رأيته يستلمه؟ قلت: لا. قال: ما بعد عنك فإن لك في رسول الله أسوة حسنة.
وأخرج عبد الرزاق عن عيسى بن عاصم عن أبيه قال: صلى ابن عمر رضي الله عنهما صلاة من صلاة النهار في السفر، فرأى بعضهم يسبح، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: لو كنت مسبحًا لأتممت الصلاة، حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان لا يسبح بالنهار، وحججت مع أبي بكر، فكان لا يسبح بالنهار، وحججت مع عمر، فكان لا يسبح بالنهار، وحججت مع عثمان رضي الله عنه، فكان لا يسبح بالنهار، ثم قال ابن عمر رضي الله عنه {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}.
{وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إلَّا إيمَانًا وَتَسْليمًا (22)}.
أخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما {ولما رأى المؤمنون الأحزاب} إلى آخر الآية قال إن الله تعالى قال لهم في سورة البقرة {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء} [البقرة: 214] فلما مسهم البلاء حيث رابطوا الأحزاب في الخندق {قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله} فتأول المؤمنون ذلك فلم يزدهم إلا إيمانًا وتسليمًا.
وأخرج جويبر عن الضحاك رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزلت هذه الآية قبل تحوّل {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم}. وصدق الله ورسوله فيما أخبرا به من الوحي قبل أن يكون.
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن قتادة رضي الله عنه قال: أنزل الله في سورة البقرة {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة}.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {وما زادهم إلا إيمانًا وتسليمًا} قال: ما زادهم البلاء إلا إيمانًا بالرب، وتسليمًا للقضاء.
{منَ الْمُؤْمنينَ رجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْه فَمنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمنْهُمْ مَنْ يَنْتَظرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْديلًا (23)}.
أخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن أبي داود في المصاحف والبغوي وابن مردويه والبيهقي في سننه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: لما نسخنا المصحف في المصاحف فقدت آية من سورة الأحزاب، كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة بن ثابت الأنصاري، الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} فألحقتها في سورتها في المصحف.
وأخرج البخاري وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن أنس رضي الله عنه قال: نرى هذه الآية نزلت في أنس بن النضر رضي الله عنه {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}.
وأخرج ابن سعد وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي والبغوي في معجمه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الدلائل عن أنس رضي الله عنه قال: غاب عمي أنس بن النضر عن بدر فشق عليه وقال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غبت عنه، لئن أراني الله مشهدًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بعد ليرين الله ما أصنع، فشهد يوم أحد فاستقبله سعد بن معاذ رضي الله عنه، فقال: يا أبا عمرو إلى أين؟ قال: واهًا لريح الجنة أجدها دون أحد، فقاتل حتى قتل، فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة بسيف، وطعنة برمح، ورمية بسهم، ونزلت هذه الآية: {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} وكانوا يرون أنها نزلت فيه وفي أصحابه.
وأخرج الحاكم وصححه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن أنس رضي الله عنه أن عمه غاب عن قتال بدر فقال: غبت عن أول قتال قاتله النبي صلى الله عليه وسلم المشركين، لئن أشهدني الله تعالى قتالًا للمشركين ليرين الله كيف أصنع، فلما كان يوم أحد انكشف المشركون، فقال: اللهم إني ابرأ إليك مما جاء به هؤلاء- يعني المشركون- واعتذر إليك مما صنع هؤلاء- يعني أصحابه- ثم تقدم فلقيه سعد رضي الله عنه فقال: يا أخي ما فعلت فأنا معك، فلم أستطع أن أصنع ما صنع، فوجد فيه بضعًا وثمانين من ضربة بسيف، وطعنة برمح، ورمية بسهم، فكنا نقول: فيه وفي أصحابه نزلت {فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر}.
وأخرج الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف من أحد مر على مصعب بن عمير رضي الله عنه وهو مقتول، فوقف عليه ودعا له، ثم قرأ: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} ثم قال: «أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة، فائتوهم وزوروهم، فوالذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه».
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن أبي ذر رضي الله عنه قال: لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، مر على مصعب بن عمير رضي الله عنه مقتولًا على طريقه، فقرأ: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}.
وأخرج ابن مردويه من طريق خباب رضي الله عنه، مثله.
وأخرج ابن أبي عاصم والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن طلحة رضي الله عنه أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا لأعرابي جاهل: سله عمن قضى نحبه من هو؟ وكانوا لا يجترؤون على مسألته، يوقرونه ويهابونه، فسأله الأعرابي فأعرض عنه، ثم سأله، فأعرض عنه، ثم إني انطلقت من باب المسجد فقال: «أين السائل عمن قضى نحبه؟ قال الأعرابي: أنا. قال: هذا ممن قضى نحبه».
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من أحد، صعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قرأ هذه الآية: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} كلها. فقام إليه رجل، فقال: يا رسول الله من هؤلاء؟ فأقبلت فقال: «أيها السائل هذا منهم».
وأخرج الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن معاوية رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «طلحة ممن قضى نحبه».