فصل: قال ابن الجوزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {يا أيُّها النبيُّ قُلْ لأزواجكَ} الآية، ذكر أهل التفسير أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم سألنه شيئًا من عرض الدنيا، وطلبن منه زيادة النفقة، وآذينه بغَيْرة بعضهنّ على بعض، فآلى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم منْهُنَّ شهرًا، وصَعد إلى غرفة له فمكث فيها، فنزلت هذه الآية، وكُنَّ أزواجُه يومئذ تسعًا: عائشة، وحفصة، وأم حبيبة، وسَوْدة، وأم سَلَمة، وصَفيَّة الخيبريَّه، وميمونة الهلالية؛ وزينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض الآية عليهنّ، فبدأ بعائشة، فاختارت الله ورسوله، ثم قالت: يا رسول الله لا تُخبر أزواجك أنّي اخترتك؛ فقال: «إن الله بعثني مُبلّغًا ولم يبعثني متعنّتًا» وقد ذكرت حديث التخيير في كتاب الحدائق وفي المغني بطوله.
وفي ما خيَّرهنَّ فيه قولان:
أحدهما: أنه خيَّرهن بين الطلاق والمقام معه، هذا قول عائشة عليها السلام.
والثاني: أنه خيَّرهنَّ بين اختيار الدنيا فيفارقهنّ، أو اختيار الآخرة فيُمسكهنّ، ولم يخيّرهنّ في الطلاق، قاله الحسن، وقتادة.
وفي سبب تخييره إيَّاهُنَّ ثلاثة أقوال:
أحدها: أنَّهنَّ سألنَه زيادة النَّفقة.
والثاني: أنَّهنَّ آذَينه بالغَيْرة، والقولان مشهوران في التفسير.
والثالث: أنه لمَّا خُيّر بين ملك الدنيا ونعيم الآخرة فاختار الآخرة، أُمر بتخيير نسائه ليكنَّ على مثْل حاله، حكاه أبو القاسم الصَّيمري.
والمراد بقوله: {أُمَتَّعْكُنَّ} مُتعة الطلاق.
والمراد بالسَّراح: الطلاق، وقد ذكرنا ذلك في [البقرة: 231].
والمراد بالدار الآخرة: الجنة والمُحْسنات: المُؤْثرات للآخرة.
قال المفسرون: فلمّا اخْتَرْنَه أثابهنَّ اللّهُ عز وجل ثلاثة أشياء:
أحدها: التفضيل على سائر النساء بقوله: {لَسْتُنَّ كأحَد من النساء}.
والثاني: أن جَعَلَهُنَّ أُمَّهات المؤمنين.
والثالث: أن حظر عليه طلاقَهُنَّ والاستبدال بهنّ بقوله: {لا يَحلُّ لَكَ النّساءُ منْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52].
وهل أُبيح له بعد ذلك التزويج عليهنّ؟ فيه قولان سيأتي ذكْرهما إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى: {مَنْ يأت منْكُنَّ بفاحشة مُبَيّنة} أي: بمعصية ظاهرة.
قال ابن عباس: يعني النشوز وسوءَ الخُلُق {يُضَاعَفْ لها العذابُ ضعفين} أي: يُجعل عذاب جُرمها في الآخرة كعذاب جُرمَين، كما أنها تُؤتى أجرَها على الطاعة مرتين.
وإنما ضوعف عقابُهنّ، لأنهنَّ يشاهدن من الزّواجر الرَّادعة مالا يُشاهد غيرُهن، فإذا لم يمتنعن استحققن تضعيف العذاب، ولأن في معصيتهنَّ أذىً لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وجُرم من آذى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أكبرُ من جُرم غيره.
قوله تعالى: {وكان ذلك على الله يسيرًا} أي: وكان عذابُها على الله هيّنًا. اهـ.

.قال القرطبي:

{يَا أَيُّهَا النَّبيُّ قُلْ لأَزْوَاجكَ إنْ كُنْتُنَّ تُردْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزينَتَهَا} فيه ثماني مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {يا أيها النبي قُل لأَزْوَاجكَ} قال علماؤنا: هذه الآية متصلة بمعنى ما تقدّم من المنع من إيذاء النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ وكان قد تأذى ببعض الزوجات.
قيل: سألنَه شيئًا من عرَض الدنيا.
وقيل: زيادة في النفقة.
وقيل: آذَيْنَه بغيْرة بعضهنّ على بعض.
وقيل: أمر صلى الله عليه وسلم بتلاوة هذه الآية عليهنّ وتخييرهنّ بين الدنيا والآخرة.
وقال الشافعيّ رحمه الله تعالى: إن مَنْ مَلَك زوجة فليس عليه تخييرها، أمر صلى الله عليه وسلم أن يخيّر نساءه فاخترنه.
وجملة ذلك أن الله سبحانه خيّر النبيّ صلى الله عليه وسلم بين أن يكون نبيًّا ملكًا وعرض عليه مفاتيح خزائن الدنيا، وبين أن يكون نبيًّا مسكينًا؛ فشاور جبريل فأشار عليه بالمسكنة فاختارها؛ فلما اختارها وهي أعلى المنزلتين، أمره الله عز وجل أن يخيّر زوجاته؛ فربما كان فيهنّ من يكره المقام معه على الشدّة تنزيهًا له.
وقيل: إن السبب الذي أُوجب التخيير لأجله، أن امرأة من أزواجه سألته أن يصوغ لها حَلْقة من ذهب، فصاغ لها حلقة من فضة وطلاها بالذهب وقيل بالزعفران فأبت إلا أن تكون من ذهب؛ فنزلت آية التخيير فخيَّرهنّ، فقلن اخترنا الله ورسوله.
وقيل: إن واحدة منهنّ اختارت الفراق فالله أعلم.
روى البخاريّ ومسلم واللفظ لمسلم عن جابر بن عبد الله قال: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد الناس جلوسًا ببابه لم يؤذن لأحد منهم، قال: فأذن لأبي بكر فدخل، ثم جاء عمر فاستأذن فأذن له، فوجد النبيّ صلى الله عليه وسلم جالسًا حوله نساؤه واجمًا ساكتًا قال: فقال والله لأقولنّ شيئًا أضحك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة فقمتُ إليها فَوَجَأْتُ عنقها؛ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «هنّ حولي كما ترى يسألنَني النفقة» فقام أبو بكر إلى عائشة يَجَأُ عنقها، وقام عمر إلى حفصة يَجَأ عنقها؛ كلاهما يقول: تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده!! فقلن: واللَّه لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا أبدًا ليس عنده ثم اعتزلهنّ شهرًا أو تسعًا وعشرين.
ثم نزلت عليه هذه الآية: {يا أيها النبي قُل لأَزْوَاجكَ حتى بلغ للْمُحْسنَات منكُنَّ أَجْرًا عَظيمًا}.
قال: فبدأ بعائشة فقال: «يا عائشة، إني أريد أن أعرض عليك أمرًا أحبُّ ألا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك» قالت: وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية.
قالت: أفيك يا رسول الله أستشير أبوي! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، وأسألك ألا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت قال: «لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها، إنّ الله لم يبعثني مُعَنتًا ولا مُتَعنّتًا ولكن بعثني معلمًا مُيَسّرًا» وروى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: «يا عائشة، إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك ألا تستعجلي حتى تستأمري أبويْك» قالت: وقد عَلم أن أبويّ لم يكونا ليأمراني بفراقه؛ قالت ثم قال: إنّ الله يقول: {يا أيها النبي قُل لأَزْوَاجكَ إن كُنتُنَّ تُردْنَ الحياة الدنيا وَزينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتّعْكُنَّ وَأُسَرّحْكُنَّ سَرَاحًا جَميلًا حتى بلغ للْمُحْسنَات منكُنَّ أَجْرًا عَظيمًا} فقلت: أفي هذا أستأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، وفعل أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت قال: هذا حديث حسن صحيح.
قال العلماء: وأما أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم عائشة أن تشاور أبويها لأنه كان يحبها، وكان يخاف أن يحملها فرط الشباب على أن تختار فراقه، ويعلم من أبويها أنهما لا يشيران عليها بفراقه.
الثانية: قوله تعالى: {قُل لأَزْوَاجكَ} كان للنبيّ صلى الله عليه وسلم أزواج، منهن من دخل بها، ومنهن من عقد عليها ولم يدخل بها، ومنهن من خطبها فلم يتم نكاحه معها.
فأوّلهنّ: خديجة بنت خُوَيلد بن أسد بن عبد العُزّى بن قُصَيّ بن كلاب وكانت قبله عند أبي هالة واسمه زرارة بن النبّاش الأسدي، وكانت قبله عند عتيق بن عائذ، وَلدت منه غلامًا اسمه عبد مناف.
وولدت من أبي هالة هند بن أبي هالة، وعاش إلى زمن الطاعون فمات فيه.
ويقال: إن الذي عاش إلى زمن الطاعون هند بن هند، وسُمعت نادبته تقول حين مات: واهندُ ابن هنداه، واربيبَ رسول الله.
ولم يتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم على خديجة غيرها حتى ماتت وكانت يوم تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنت أربعين سنة، وتوفيت بعد أن مضى من النبوّة سبع سنين، وقيل: عشر.
وكان لها حين توفيت خمس وستون سنة، وهي أول امرأة آمنت به، وجميع أولاده منها غير إبراهيم.
قال حكيم بن حزام: توفيت خديجة فخرجنا بها من منزلها حتى دفنّاها بالحَجُون؛ ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حفرتها، ولم تكن يومئذٍ سُنَّةُ الجنازة الصلاةَ عليها.
ومنهن: سَوْدة بنت زَمْعة بن قيس بن عبد شمس العامرية، أسلمت قديمًا وبايعت، وكانت عند ابن عمّ لها يقال له السكران بن عمرو؛ وأسلم أيضًا، وهاجرا جميعًا إلى أرض الحبشة في الهجرة الثانية، فلما قدما مكة مات زوجها.
وقيل: مات بالحبشة؛ فلما حلّت خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتزوّجها ودخل بها بمكة، وهاجر بها إلى المدينة؛ فلما كبرت أراد طلاقها فسألته ألاّ يفعل وأن يدعها في نسائه، وجعلت ليلتها لعائشة حسبما هو مذكور في الصحيح فأمسكها، وتوفيت بالمدينة في شوّال سنة أربع وخمسين.
ومنهن: عائشة بنت أبي بكر الصدّيق، وكانت مسماة لجُبير بن مطعم، فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال أبو بكر: يا رسول الله، دَعْني أسُلّها من جُبير سَلًا رفيقًا؛ فتزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة بسنتين، وقيل بثلاث سنين؛ وبنى بها بالمدينة وهي بنت تسع، وبقيت عنده تسع سنين، ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت ثمان عشرة، ولم يتزوج بكرًا غيرها، وماتت سنة تسع وخمسين، وقيل ثمان وخمسين.
ومنهن: حفصة بنت عمر بن الخطاب القُرَشية العدويّة، تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم طلقها، فأتاه جبريل فقال: «إن الله يأمرك أن تراجع حفصة فإنها صوّامة قوّامة» فراجعها.
قال الواقديّ: وتوفيت في شعبان سنة خمس وأربعين في خلافة معاوية، وهي ابنة ستين سنة.
وقيل: ماتت في خلافة عثمان بالمدينة.
ومنهن: أم سلمة، واسمها هند بنت أبي أميّة المخزومية واسم أبي أمية سُهيل تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليال بقين من شوّال سنة أربع، زوّجها منه ابنها سلمة على الصحيح، وكان عُمَرُ ابنُها صغيرًا، وتوفيت في سنة تسع وخمسين.
وقيل: سنة ثنتين وستين؛ والأول أصح، وصلّى عليها سعيد بن زيد، وقيل أبو هريرة، وقُبرت بالبقيع وهي ابنة أربع وثمانين سنة.
ومنهنّ: أم حبيبة، واسمها رَمْلة بنت أبي سفيان، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضَّمْريّ إلى النجاشيّ، ليخطب عليه أم حبيبة فزوجه إياها، وذلك سنة سبع من الهجرة، وأصدق النجاشيّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة دينار، وبعث بها مع شُرحبيل بن حَسَنة، وتوفيت سنة أربع وأربعين.
وقال الدَّارَقُطْنيّ: كانت أم حبيبة تحت عبيد الله بن جحش فمات بأرض الحبشة على النصرانية، فزوّجها النجاشيّ النبيّ صلى الله عليه وسلم، وأمهرها عنه أربعة آلاف، وبعث بها إليه مع شُرحبيل بن حسنة.
ومنهنّ: زينب بنت جَحْش بن رئاب الأسديّة؛ وكان اسمها بَرّة فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب، وكان اسم أبيها بُرّة؛ فقالت: يا رسول الله، بدّل اسم أبي فإن البُرّة حقيرة؛ فقال لها النبيّ صلى الله عليه وسلم: «لو كان أبوك مؤمنًا سميناه باسم رجل منا أهل البيت ولكني قد سميته جحشًا والجحش من البُرّة» ذكر هذا الحديث الدَّارَقُطْنيّ.
تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في سنة خمس من الهجرة، وتوفيت سنة عشرين، وهي بنت ثلاث وخمسين.
ومنهنّ: زينب بنت خُذيمة بن الحارث ابن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صَعْصعة الهلالية، كانت تسمى في الجاهلية أمّ المساكين؛ لإطعامها إياهم، تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان على رأس واحد وثلاثين شهرًا من الهجرة، فمكثت عنده ثمانية أشهر، وتوفيت في حياته في آخر ربيع الأوّل على رأس تسعة وثلاثين شهرًا؛ ودفنت بالبقيع.
ومنهنّ: جُوَيرية بنت الحارث بن أبي ضرار الخُزاعية المُصْطَلقيّة، أصابها في غزوة بني المُصْطَلق فوقعت في سهم ثابت بن قيس بن شَمّاس فكاتبها؛ فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابتها وتزوّجها، وذلك في شعبان سنة ست، وكان اسمها بُرّة فسمّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم جُوَيرية، وتوفيت في ربيع الأول سنة ست وخمسين.
وقيل: سنة خمسين، وهي ابنة خمس وستين.
ومنهن: صفية بنت حُيَيّ بن أخْطَب الهارونية، سباها النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم خَيْبر واصطفاها لنفسه، وأسلمت وأعتقها، وجعل عتقها صداقها.
وفي الصحيح: أنها وقعت في سهم دحْيَة الكَلْبيّ فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعة أرؤس، وماتت في سنة خمسين.
وقيل: سنة اثنتين وخمسين، ودفنت بالبقيع.
ومنهن: رَيحانة بنت زيد بن عمرو بن خُنافة من بني النَّضير، سباها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعتقها، وتزوّجها في سنة ست، وماتت مرْجعَه من حَجة الوَداع، فدفنها بالبقيع.
وقال الواقديّ: ماتت سنة ست عشرة وصلّى عليها عمر.
قال أبو الفرج الجَوْزيّ: وقد سمعت من يقول: إنه كان يطؤها بملْك اليمين ولم يعتقها.
قلت: ولهذا والله أعلم لم يذكرها أبو القاسم عبد الرحمن السُّهَيْلي في عداد أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم.
ومنهن: ميمونة بنت الحارث الهلالية، تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسَرف على عشرة أميال من مكة، وذلك في سنة سبع من الهجرة في عُمْرة القَضيّة، وهي آخر امرأة تزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدّر الله تعالى أنها ماتت في المكان الذي بنى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، ودفنت هنالك، وذلك في سنة إحدى وستين وقيل: ثلاث وستين وقيل ثمان وستين.
فهؤلاء المشهورات من أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم، وهنّ اللاتي دخل بهن؛ رضي الله عنهن.
فأما من تزوّجهن ولم يدخل بهن؛ فمنهن: الكلابية، واختلفوا في اسمها؛ فقيل فاطمة وقيل عَمْرة وقيل العالية.
قال الزهريّ: تزوّج فاطمة بنت الضحاك الكلابية فاستعاذت منه فطلقها، وكانت تقول: أنا الشقيّة.
تزوّجها في ذي القعدة سنة ثمان من الهجرة، وتوفيت سنة ستين.
ومنهن: أسماء بنت النعمان بن الجَوْن بن الحارث الكنْدية، وهي الجونية.
قال قتادة: لما دخل عليها دعاها فقالت: تعال أنت، فطلّقها.
وقال غيره: هي التي استعاذت منه.
وفي البخاريّ قال: تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أميمة بنت شَراحيل، فلما أدخلت عليه بسط يده إليها فكأنها كرهت ذلك، فأمر أبا أسيد أن يجهزها ويكسوها ثوبين وفي لفظ آخر قال أبو أُسيد: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجَوْنية، فلما دخل عليها قال: «هبي لي نفسك» فقالت: وهل تهب الملكة نفسها للسُّوقة! فأهوى بيده ليضعها عليها لتسكن؛ فقالت: أعوذ بالله منك! فقال: «قد عُذت بمعَاذ» ثم خرج علينا فقال: «يا أبا أسَيد، أكْسها رازقيين وألحقها بأهلها» ومنهنّ: قُتَيْلة بنت قيس، أخت الأشعث بن قيس، زوّجها إياه الأشعث، ثم انصرف إلى حَضْرمَوْت، فحملها إليه فبلغه وفاة النبيّ صلى الله عليه وسلم فردّها إلى بلاده، فارتدّ وارتدت معه ثم تزوّجها عكرمة بن أبي جَهْل، فوجد من ذلك أبو بكر وَجْدًا شديدًا.