فصل: قال ابن كثير:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



واختار هذا القول الكيَا الطبري.
الثانية: قال قوم: لو قُدّر الزنى من واحدة منهن وقد أعاذهنّ الله من ذلك لكانت تُحدّ حدّين لعظم قدرها، كما يزاد حدّ الحرة على الأمَة.
والعذاب بمعنى الحدّ، قال الله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَآئفَةٌ مّنَ المؤمنين} [النور: 2].
وعلى هذا فمعنى الضعفين معنى المثلين أو المرتين.
وقال أبو عبيدة: ضعف الشيء شيئان حتى يكون ثلاثة.
وقاله أبو عمرو فيما حكى الطبريّ عنه؛ فيضاعف إليه عذابان مثله فيكون ثلاثة أعذبة.
وضعّفه الطبري.
وكذلك هو غير صحيح وإن كان له باللفظ تعلّق الاحتمال.
وكون الأجر مرتين مما يفسد هذا القول؛ لأن العذاب في الفاحشة بإزاء الأجر في الطاعة؛ قاله ابن عطية.
وقال النحاس: فرق أبو عمرو بين {يُضَاعف} و{يضعَّف} قال: {يُضَاعَف} للمرار الكثيرة.
و{يضعّف} مرتين.
وقرأ: {يضعَّف} لهذا.
وقال أبو عبيدة: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ} يجعل ثلاثة أعذبة.
قال النحاس: التفريق الذي جاء به أبو عمرو وأبو عبيدة لا يعرفه أحد من أهل اللغة علمته، والمعنى في {يضاعف} و{يضعَّف} واحد؛ أي يجعل ضعفين؛ كما تقول: إن دفعت إليّ درهمًا دفعت إليك ضعْفَيه أي مثْلَيه؛ يعني درهمين.
ويدل على هذا {نُؤْتهَآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْن} ولا يكون العذاب أكثر من الأجر.
وقال في موضع آخر {آتهمْ ضعْفَيْن منَ العذاب} [الأحزاب: 68] أي مثلين.
وروى معمر عن قتادة {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضعْفَيْن} قال: عذابُ الدنيا وعذاب الآخرة.
قال القشيري أبو نصر: الظاهر أنه أراد بالضعفين المثلين؛ لأنه قال: {نُؤْتهَآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْن}.
فأما في الوصايا، لو أوصى لإنسان بضعفي نصيب ولده فهو وصية بأن يعطَى مثل نصيبه ثلاث مرات؛ فإن الوصايا تجري على العرف فيما بين الناس، وكلام الله يردُّ تفسيره إلى كَلام العرب، والضعف في كلام العرب المثل إلى ما زاد، وليس بمقصور على مثلين.
يقال: هذا ضعف هذا؛ أي مثله.
وهذا ضعفاه، أي مثلاه؛ فالضعف في الأصل زيادة غير محصورة؛ قال الله تعالى: {فأولئك لَهُمْ جَزَاءُ الضعف} [سبأ: 37] ولم يرد مثلًا ولا مثلين.
كل هذا قول الأزهري.
وقد تقدم في النور الاختلاف في حد من قذف واحدة منهن؛ والحمد لله.
الثالثة: قال أبو رافع: كان عمر رضي الله عنه كثيرًا ما يقرأ سورة يوسف وسورة الأحزاب في الصبح، وكان إذا بلغ {يَا نسَاءَ النَّبيّ} رفع بها صوته؛ فقيل له في ذلك فقال: أذكّرهن العهد.
قرأ الجمهور: {مَنْ يَأْت} بالياء.
وكذلك {مَنْ يَقْنُتْ} حملًا على لفظ مَن.
والقنوت الطاعة؛ وقد تقدم.
وقرأ يعقوب: {من تأت} و{تقنت} بالتاء من فوق، حملًا على المعنى.
وقال قوم: الفاحشة إذا وردت معرفة فهي الزنى واللواط.
وإذا وردت منكرة فهي سائر المعاصي.
وإذا وردت منعوتة فهي عقوق الزوج وفساد عشرته.
وقالت فرقة: بل قوله: {بفَاحشَةٍ مُّبَيّنَةٍ} تعم جميع المعاصي.
وكذلك الفاحشة كيف وردت.
وقرأ ابن كثير {مبيَّنةٍ} بفتح الياء.
وقرأ نافع وأبو عمرو بكسرها.
وقرأت فرقة: {يُضَاعفْ} بكسر العين على إسناد الفعل إلى الله تعالى.
وقرأ أبو عمرو فيما روى خارجة {نضاعف} بالنون المضمومة ونصب {العذاب} وهذه قراءة ابن مُحَيْصن.
وهذه مفاعلة من واحد؛ كطارقت النعل وعاقبت اللص.
وقرأ نافع وحمزة والكسائيّ {يضاعَف} بالياء وفتح العين، {العذابُ} رفعًا.
وهي قراءة الحسن وابن كثير وعيسى.
وقرأ ابن كثير وابن عامر {نُضَعّف} بالنون وكسر العين المشددة؛ {العذابَ} نصبًا.
قال مقاتل: هذا التضعيف في العذاب إنما هو في الآخرة؛ لأن إيتاء الأجر مرتين أيضًا في الآخرة.
وهذا حسن؛ لأن نساء النبيّ صلى الله عليه وسلم لا يأتين بفاحشة توجب حدًّا.
وقد قال ابن عباس: ما بَغَت امرأة نبيّ قط، وإنما خانت في الإيمان والطاعة.
وقال بعض المفسرين: العذاب الذي تُوُعّدْن به {ضعفين} هو عذاب الدنيا وعذاب الآخرة؛ فكذلك الأجر.
قال ابن عطية: وهذا ضعيف، اللهم إلا أن يكون أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا ترفع عنهن حدودُ الدنيا عذابَ الآخرة، على ما هي حال الناس عليه؛ بحكم حديث عُبادة بن الصّامت.
وهذا أمر لم يُرْوَ في أزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم ولا حفظ تقرره.
وأهل التفسير على أن الرزق الكريم الجنة؛ ذكره النحاس. اهـ.

.قال ابن كثير:

{يَا أَيُّهَا النَّبيُّ قُلْ لأزْوَاجكَ إنْ كُنْتُنَّ تُردْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزينَتَهَا}.
هذا أمر من الله لرسوله، صلوات الله وسلامه عليه، بأن يخَيّر نساءه بين أن يفارقهن، فيذهبن إلى غيره ممن يَحصُل لهن عنده الحياةُ الدنيا وزينتها، وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال، ولهن عند الله في ذلك الثواب الجزيل، فاخترن، رضي الله عنهن وأرضاهن، الله ورسوله والدار الآخرة، فجمع الله لهن بعد ذلك بين خير الدنيا وسعادة الآخرة.
قال البخاري: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن عائشة، رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءها حين أمره الله أن يخير أزواجه، فبدأ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إني ذاكر لك أمرا، فلا عليك أن لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك»، وقد عَلمَ أن أبويّ لم يكونا يأمراني بفراقه. قالت: ثم قال: وإن الله قال: {يا أيها النبي قل لأزواجك} إلى تمام الآيتين، فقلت له: ففي أي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة.
وكذا رواه معلقا عن الليث: حدثني يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة، فذكره وزاد: قالت: ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت.
وقد حكى البخاري أن مَعْمَرًا اضطرب، فتارة رواه عن الزهري، عن أبي سلمة، وتارة رواه عن الزهري، عن عُرْوَة، عن عائشة.
وقال ابن جرير: حدثنا أحمد بن عبَدة الضَّبّي، حدثنا أبو عَوَانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه قال: قالت عائشة: لما نزل الخيار قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني أريد أن أذكر لك أمرا، فلا تقضي فيه شيئا حتى تستأمري أبويك». قالت: قلت: وما هو يا رسول الله؟ قال: فردّه عليها. فقالت: فما هو يا رسول الله؟ قالت: فقرأ عليها: {يَا أَيُّهَا النَّبيُّ قُلْ لأزْوَاجكَ إنْ كُنْتُنَّ تُردْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزينَتَهَا} إلى آخر الآية. قالت: فقلت: بل نختار الله ورسوله والدار الآخرة. قالت: ففرح بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
وحدثنا ابن وَكيع، حدثنا محمد بن بشر، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن عائشة، رضي الله عنها، قالت: لما نزلت آية التخيير، بدأ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا عائشة، إني عارض عليك أمرًا، فلا تُفتياني فيه بشيء حتى تعرضيه على أبويك أبي بكر وأم رومان». فقلت: يا رسول الله، وما هو؟ قال: قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبيُّ قُلْ لأزْوَاجكَ إنْ كُنْتُنَّ تُردْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتّعْكُنَّ وَأُسَرّحْكُنَّ سَرَاحًا جَميلا وَإنْ كُنْتُنَّ تُردْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخرَةَ فَإنَّ اللَّهَ أَعَدَّ للْمُحْسنَات منْكُنَّ أَجْرًا عَظيمًا}.قالت: فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، ولا أؤامر في ذلك أبويّ أبا بكر وأم رومان، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استقرأ الحُجَر فقال: «إن عائشة قالت كذا وكذا». فقلن: ونحن نقول مثل ما قالت عائشة، رضي الله عنهن كلهن.
ورواه ابن أبي حاتم، عن أبي سعيد الأشَجّ، عن أبي أسامة، عن محمد بن عمرو، به.
قال ابن جرير: وحدثنا سعيد بن يحيى الأموي، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عَمرة، عن عائشة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل إلى نسائه أمر أن يخيرهن، فدخل عَليَّ فقال: «سأذكر لك أمرا فلا تعجلي حتى تستشيري أباك». فقلت: وما هو يا نبي الله؟ قال: «إني أمرت أن أخيركن»، وتلا عليها آية التخيير، إلى آخر الآيتين. قالت: فقلت: وما الذي تقول لا تعجلي حتى تستشيري أباك؟ فإني اختار الله ورسوله، فَسُرّ بذلك، وعَرَض على نسائه فتتابعن كُلّهن، فاخترنَ الله ورسوله.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا يزيد بن سنان البصري، حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح، حدثني الليث، حدثني عُقَيل، عن الزهري، أخبرنَي عُبيد الله بن عبد الله بن أبي ثَور، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: قالت عائشة، رضي الله عنها: أنزلت آية التخيير فبدأ بي أَوَّلَ امرأة من نسائه، فقال: «إني ذاكر لك أمرا، فلا عليك ألا تعجلي حتى تستأمري أبويك». قالت: قد عَلم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه. قالت: ثم قال: إن الله قال: {يَا أَيُّهَا النَّبيُّ قُلْ لأزْوَاجكَ} الآيتين. قالت عائشة: فقلت: أفي هذا أستأمر أبويّ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. ثم خير نساءه كلهن، فقلن مثل ما قالت عائشة، رضي الله عنهن.
وأخرجه البخاري ومسلم جميعا، عن قتيبة، عن الليث، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة مثله.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن مسلم بن صَبيح، عن مسروق، عن عائشة قالت: خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه، فلم يعدها علينا شيئا. أخرجاه من حديث الأعمش.
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو، حدثنا زكريا بن إسحاق، عن أبي الزبير، عن جابر قال: أقبل أبو بكر، رضي الله عنه، يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس ببابه جلوس، والنبي صلى الله عليه وسلم جالس: فلم يؤذن له. ثم أقبل عمر فاستأذن فلم يؤذن له. ثم أذن لأبي بكر وعمر فدخلا والنبي صلى الله عليه وسلم جالس وحوله نساؤه، وهو ساكت، فقال عمر: لأكلمن النبي صلى الله عليه وسلم لعله يضحك، فقال عمر: يا رسول الله، لو رأيت ابنة زيد- امرأة عمر- سألتني النفقة آنفا، فوجأت عنقها. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدا ناجذه وقال: «هن حولي يسألنني النفقة». فقام أبو بكر، رضي الله عنه، إلى عائشة ليضربها، وقام عمر، رضي الله عنه، إلى حفصة، كلاهما يقولان: تسألان النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده. فنهاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن نساؤه: والله لا نسأل رسول الله بعد هذا المجلس ما ليس عنده. قال: وأنزل الله، عز وجل، الخيار، فبدأ بعائشة فقال: «إني أذكر لك أمرًا ما أحب أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك». قالت: وما هو؟ قال: فتلا عليها: {يَا أَيُّهَا النَّبيُّ قُلْ لأزْوَاجكَ} الآية، قالت عائشة، رضي الله عنها: أفيك أستأمر أبوي؟ بل أختار الله ورسوله، وأسألك ألا تذكر لامرأة من نسائك ما اخترت. فقال: «إن الله تعالى لم يبعثني معنفًا، ولكن بعثني معلمًا ميسرًا، لا تسألني امرأة منهن عما اخترت إلا أخبرتُها».
انفرد بإخراجه مسلم دون البخاري، فرواه هو والنسائي، من حديث زكريا بن إسحاق المكي، به.
وقال عبد الله بن الإمام أحمد: حدثنا سُرَيْج بن يونس، حدثنا علي بن هاشم بن البريد، عن محمد بن عبيد الله بن علي بن أبي رافع، عن عثمان بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي، رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خَيَّر نساءه الدنيا والآخرة، ولم يخيرهن الطلاق.
وهذا منقطع، وقد رُوي عن الحسن وقتادة وغيرهما نحو ذلك. وهو خلاف الظاهر من الآية، فإنه قال: {فَتَعَالَيْنَ أُمَتّعْكُنَّ وَأُسَرّحْكُنَّ سَرَاحًا جَميلا} أي: أعطيكن حقوقكن وأطلق سراحكن.
وقد اختلف العلماء في جواز تزويج غيره لهن لو طلقهن، على قولين، وأصحهما نعم لو وقع، ليحصل المقصود من السراح، والله أعلم.
قال عكرمة: وكان تحته يومئذ تسع نسوة، خمس من قريش: عائشة، وحفصة، وأم حبيبة، وسودة، وأم سلمة، وكانت تحته صلى الله عليه وسلم صفية بنت حُيَيّ النَّضَريَّة، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية، رضي الله عنهن وأرضاهن.
ولم يتزوج واحدة منهن، إلا بعد أن توفيت خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، وهو ابن خمس وعشرين سنة، وبقيت معه إلى أن أكرمه الله برسالته فآمنت به ونصرته، وكانت له وزير صدق، وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين، رضي الله عنها، في الأصح، ولها خصائص منها: أنه لم يتزوج عليها غيرها، ومنها أن أولاده كلهم منها، إلا إبراهيم، فإنه من سريته مارية، ومنها أنها خير نساء الأمة.
واختلف في تفضيلها على عائشة على ثلاثة أقوال، ثالثها الوقف.
وسئل شيخنا أبو العباس بن تيمية عنهما فقال: اختصت كل واحدة منهما بخاصية، فخديجة كان تأثيرها في أول الإسلام، وكانت تُسلّي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتثبته، وتسكنه، وتبذل دونه مالها، فأدركت غُرة الإسلام، واحتملت الأذى في الله وفي رسوله وكان نصرتها للرسول في أعظم أوقات الحاجة، فلها من النصرة والبذل ما ليس لغيرها. وعائشة تأثيرها في آخر الإسلام، فلها من التفقه في الدين وتبليغه إلى الأمة، وانتفاع بنيها بما أدَّت إليهم من العلم، ما ليس لغيرها. هذا معنى كلامه، رضي الله عنه.
ومن خصائصها: أن الله، سبحانه، بعث إليها السلام مع جبريل، فبلغها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك. روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: أتى جبريل، عليه السلام، النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هذه خديجة، قد أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فأقرأها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة، من قَصَب، لا صَخَب فيه ولا نَصَب وهذه لعَمْر الله خاصة، لم تكن لسواها. وأما عائشة، رضي الله عنها، فإن جبريل سلَّم عليها على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، فروى البخاري بإسناده أن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا: «يا عائشة، هذا جبريل يقرئك السلام». فقلت: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى، تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن خواص خديجة، رضي الله عنها: أنه لم تسوءه قط، ولم تغاضبه، ولم ينلها منه إيلاءً، ولا عتب قط، ولا هجر، وكفى بهذه منقبة وفضيلة.