فصل: الحكمة من تعدُّد أزواج النّبّي صلى الله عليه وسلم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الحكمة من تعدُّد أزواج النّبّي صلى الله عليه وسلم:

تقديم وتمهيد:
يتخذ أعداء الإسلام من جمع الرسول صلى الله عليه وسلم بين تسع نسوة في وقت واحد، منفذًا للطعن، ووسيلة للاتهام، وحين يبحثون عن الأسباب فلا يجدون تعليلًا لهذا الجمع سوى الشهوة الجنسية والثورة الغريزية، دون أن يحيطوا بالظروف التي صحبت هذا الزواج، ودون أن يبحثوا عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذا الجمع.
وأراهم حين يسددون هذه المطاعن، ويثيرون تلك الشبهات منساقين كل الإنسياق وراء التعصب الأعمى، والحقد الأسود على الإسلام ورسول الإسلام، بل عداوتهم لهذا الدين قديمة متأصلة توارثوها عن الحروب الصليبية جيلًا بعد جيل، فترسخت حتى خالطت اللحم والعظم، وتأصلت حتى انطبعت في سويداء القلوب، وماذا تنتظر من اللئيم غير الخبث واللؤم، ومن الحقود غير العقد والظلم؟.
ومع كل هذا لابد أن يوجد من غير المسلمين عقلاء منصفون تجردوا من مؤثرات العصبية والهوى، فتكلموا بلسان المنطق والحق، وكشفوا عن وجه الحقيقة في تعداد أزواجه عليه الصلاة والسلام. ومن هؤلاء توماس كارليل الذي يقول في هذا المقام: ماكان محمد أخا شهوات، برغم ما اتهم به ظلمًا وعدوانًا، وشدَّ مانجور ونخطئ إذا حسبناه رجلًا شهوانيًا، لا همّ له إلا مآربه من الملاذ. كلا! فما أبعد ماكان بينه وبين الملاذ أيًا كانت.
بعد هذه التقدمة سأشرع بعون الله في بيان الحكمة من تعداد أزواجه صلى الله عليه وسلم مفصلًا الأسباب التي دعت إلى التعدد، ومبينًا الظروف التي أحاطت بهذا الجمع، ليعلم القارئ الكريم لماذا تزوج النبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة في آن واحد؟.
ولكن قبل أن أسرد الحكمة من هذا الزواج أريد أن يضع في ذهن القارئ حقيقتين هامتين:
الحقيقة الأولى: أن الجمع بين عدة زوجات كان شائعًا في البيئة الإنسانية والعربية قبل الإسلام. ومما يدل على هذا أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة، وأن الحارث ابن قيس حين أسلم كان عنده ثمان نسوة، وسبق أن ذكرنا في مبحث أحكام التعدد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرهما أي يختارا منهن أربعًا ويفارقن سائرهن.
ولقد كان كثير من العرب يعددون ولا يرون في ذلك حرجًا ولا غضاضة، فلما رأى أعداء الإسلام النبي صلى الله عليه وسلم وحده، ولم يروا العصر كله، ولماذا خصوا الرسول عليه الصلاة والسلام بالذكر، ولم ينظروا إلى التعدد الذي رافق أبياء التوراة عبر التاريخ؟.
يقول الدكتور مصطفى السباعي- رحمه الله- في كتابه: حين كنت في دبلن ايرندا عام 1956 زرت مؤسسة الآباء اليسوعيين فيها، وجرى حديث طويل بيني وبين الأب المدير لها، وكان مما قلته له: لماذا تحملون على الإسلام ونبيه بخاصة في كتبكم المدرسة بما لا يصلح أن يقال في مثل هذا العصر، الذي تعارفت فيه الشعوب والتقت الثقافات؟!.
فأجابني: نحن الغربيين لا نستطيع أن نحترم رجلًا تزوج تسع نساء!.
قلت له: هل تحترمون نبي الله داود، ونبيه سليمان؟.
قال: نعم! وهما عندنا من أنبياء التوراة!.
قلت: إن النبي داود كانت له مائة زوجة كما هو معلوم، ونبي الله سليمان كانت له- كما جاء في التوراة- سبعمائة زوجة من الحرائر، وثلاثمائة من الجواري، وكن أجمل أهل زمانهن، فَلمَ يستحق احترامكم من تزوج ألف امرأة، ولا يستحق من يتزوج تسعًا؟ ثمانية منهن ثيبات وبعضهن عجائز، والتاسعه هي الفتاة البكر الوحيدة التي تزوّجها طيلة عمره.
فسكت قليلًا وقال: لقد أخطأت التعبير، أنا أقصد أننا نحن الغربيين لا نستسيغ الزواج بأكثر من امرأة، ويبدو لنا أن من يعدد الزوجات غريب الأطوار، أو عارم الشهوة!.
قلت: فما تقولون في داود وسليمان- عليهما السلام- وبقية أنبياء بني إسرائيل الذين كانوا جميعًا معددين الزوجات بدءًا من جدهم إبراهيم عليهم السلام، فسكت ولم يُحرْ جوابًا.
ورب سائل يقول: لماذا جمع الرسول صلى الله عليه وسلم بين تسع نسوة، بينما كان التشريع الذي شرعه الله للأمة مقيدًا بأربع زوجات؟.
الجواب: إن جمع الرسول صلى الله عليه وسلم بين تسع نسوة في وقت واحد كان خصوصية من خصوصياته عليه الصلاة والسلام، وهذه خصوصية خاصة به لا يجوز لأحد من الأمة أن يقتدي بالإضافة إلى خصوصياته الكثيرة التي عددتها كتب السنة، وتكلم عنها الفقهاء والمفسرون.
نذكر منها على سبيل المثال وصاله عليه الصلاة والسلام الصوم، معنى الوصال: وصل صيام اليوم بالذي بعده دون الإفطار بينهما، ولما واصل الصحابة نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم الوصال، ثم قال لهم: «إني لست مثلكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني».
ومن خصوصياته أنه لا يحل له أن يتزوج على نسائه التسع أو يطلق واحدة منهن، مكافأة لهن على اختيارهن مرضاة الله ورسوله، وثواب الدار الآخرة على نعيم الحياة الدنيا وزينتها، ودليل هذا التحريم قوله تعالى: {لاّ يَحلّ لَكَ النّسَاءُ من بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدّلَ بهنّ منْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنّ}.
ومن خصوصياته: أنه لا يحل لأحد من المسلمين أن يتزوج بعد وفاته صلى الله عليه وسلم واحدة من نسائه؛ لأنهن أمهات المؤمنين، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُوا رَسُولَ اللّه وَلاَ أَن تَنكحُوَا أَزْوَاجَهُ من بَعْده أَبَدًا}.
إلى غير ذلك من هذه الخصوصيات التي ذكرها العلماء، وعددها المجتهدون. وإذا كان من وراء كل خصوصية حكمة وقصة، فعمّا قريب سيجد القارئ الحكمة من تعدد أزواجه عليه الصلاة والسلام، وقصته، عليه السلام مع كل زوجة تزوجها.
الحقيقة الثانية: زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بأكثر من واحدة كان في المدينة وفي سن الكهولة. فمن المعلوم تاريخيًا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتزوج بعد وفاة السيدة خديجة- رضي الله عنها- إلا سوداء بنت زمعه وإلى أن هاجر إلى المدينة ولم يعدّد إلا بعد أن ولدت الدولة الإسلامية، وقامت على أرجلها قوية متينة، وكان لهذا التعدد أغراض إصلاحية وتشريعية سنذكرها في حينها.
ومن الثابت تاريخيًا كذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج بالسيدة خديجة وهو شاب ابن خمس وعشرين سنة، وكانت هي ثيبًا بنت اربعين سنة، فعاشت معه خمس عشرة سنة قبل البعثة، وتوفيت قبل الهجرة بثلاث سنين، وكان عمرها يومئذ خمسًا وستين سنة.
فهل من المعقول أن نحكم على إنسان أنه شهواني وقد قضى زهرة شبابه، وعنفوان رجولته بزواجه من امرأة تزيد على عمره خمسة عشرًا عامًا؟ إذن لماذا يسدد أعداء الإسلام سهام طعنهم لرسول الإسلام وهم يعلمون الحقيقة بأجلى معانيها.
إنهم يحرفون الكلم عن مواضعه، ليشفوا حقدهم القديم، وعداوتهم اللئيمة!! فإذا عدَّد بعد أن جاوز الخمسين، درج في سن الكهولة لحكم اجتماعيه، وأغراض تشريعية، أيكون قد أتي بشئ عظيم؟.
ثمّ مَن اللواتي تزوجهن، ألسْنَ أيامى وثيبات؟ ألسْنَ عجائز وفقيرات؟ إذا كان الأمر كذلك؛ فلم هذه الإثارة والضجة؟ وَلمَ هذا الطعن والاتهام؟ أما يدل هذا على التعصب الأعمى، والحقد الدفين؟.
فيا ليتهم يتكلمون حين يتهمون بلسان الحث والمنطق!.
ويا ليتهم حين يتقولّون يزنون الأمور بميزان العقل السليم والمنهج العلمي الصحيح!.
بعد ذكر هاتين الحقيقتين أشرع في بيان الحكمة من تعدد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وفي سرد الملابسات التي اقضت الجمع بين تسع نسوة في آن واحد، وأرى أن الحكمة من هذا التعدد، والملابسة لهذا الجمع ترتكز على الأمور التالية:
1- انتشار التعليم.
2- كسب التأييد.
3- اكتمال التشريع.
4- تحقيق التكافل.
5- توثيق روابط الصحبة.
6- إعطاء القدرة.
أما انتشار التعليم: فيكفي أن نعلم أنّ نصف المجتمع نساء وأنهن بحاجة إلى الثقافة والتعليم كالرجال سواء بسواء، وإن واحدة أو اثنتين أو ثلاثة لايمكن أن يقمن بدورهن في إرشاد النساء، وتعليم البنات في المجتمع الإسلامي الجديد؛ إذن فالأمر يتطلب أن يقوم بعض نسوة في آداء رسالتهن كمرشدات ومعلمات، حتى يتعلم النساء كل ما ينفعنت في امور دينهن، ولاسيما في الأمور التي يستحيين أن يسألن عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم كأحكام الزوجية، ومسائل الحيض والنفاس، وقضايا الحنابة والطهارة وغيرها.
ومن الشواهد على هذا: ماروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها: أن مرأة من الأنصار سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غُسلها من المحيض، فأمرها أن تغتسل ثم قال: «خذي فرصة فتطهري بها» قالت: كيف أتطهر بها؟ قال: «تطهري بها»، قالت: كيف؟ قال: «سبحان الله تطهري» قالت عائشة: فا جذبتُها إليّ، فقلت: «تتبعي بها أثر الدم».
فالرسول صلى الله عليه وسلم استحيى بأن يصرح لها بوضع القطنة المطيّبة بالمسك في المكان الذي كان يخرج منه الدم إتمامًا لطهارة، فأخذتها عائشة وأفهمتها المراد.
وفي صحيح مسلم أن المرأة من الأنصار اسمها أسماء، سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض، فقال: «تأخذ إحدكنّ ماءها وسدْرَها فتطَّهر فتحسن المطهر، فتصب على رأسها، فتدلكه دلكًا شديدًا حتى يبلغ شؤون رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسكة فتطَّهَّر بها» قالت اسماء: وكيف اتطهر بها؟ قال: «سبحان الله تطهري بها!» سبح الله تعجبًا من عدم فهمها حتى كفته زوجه عائشة ذلك.
والشواهد على ذلك كثيرة، وليس أمر التعليم منوطًا في امور الحيض والطهارة فقط كما يفهم البعض وإنما كان يشمعل كل مايرفع من مستوى المرأة من ناحية العبادة والمعاملة والأخلاق، فكان نساء النبي صلى الله عليه وسلم خير مبلغ عن رسول الله في حياته، وخير مرجع في الاستفتاء ورواية الحديث بعد وفاته.
ومن ذا الذي يقول إن زوجًا واحدة كانت تقوم بهذا العبء والواجب وحدها؟ ومَنْ ذا الذي ينكر هذه الحقيقة بعد أن ظهر الحق، وبان الدليل؟.
أما كسب التأييد: فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نفع الدعوة الإسلامية بزواجه من قبائل قريش، باعتبار أن قريشًا سيدة العرب، وإذا أسلمت قريش أسلمت العرب، وفعلًا قد وجد من هذه القبائل التي صاهرها العطف الكامل، والتأييد المطلق، بل أصبحوا يدخلون في الإسلام تباعًا، ويعتنقون الدين الجديد طواعية واختيارًا، وكان لهذا التعدد للزوجات دون في تشجيع الناس على الدخول في الإسلام وكان له دور في كسب النبي صلى الله عليه وسلم هذا العطف والتأييد.
فهذه جويرية بنت الحارث رضي الله عنها: لما أُسرَت مع قومها في غزوة بني المصطلق، استأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أذن لها قالت: يا رسول الله أنا بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني من البلاء مالم يخف عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس، فكاتبته على نفسي، فجئتك أستعينك على أمري: فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: «فهل لك في خير من ذلك؟» قالت: وما هو يا رسول الله؟ فأجاب صلى الله عليه وسلم: «أقضي عنك كتابتك وأتزوجك» فقالت في فرحمة غامرة: نعم يارسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «قد فعلت».
فما هي نتائج هذا الزواج؟ أقبل الناس وبأيديهم أسرى قومها، فأرسلوهم أحرارًا وهم يقولون: أصهار رسول الله! فما كانت إمرأة أعظم على قومها بركة منها، فأعتق المسلمون بزواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع الأسرى السبايا، ودخل الجميع في الإسلام وهم راضون وراغبون، وكان لهذا الزواج من جويرية أفضل الآثار، وأحسن النتائج.
وروت كتب السيرة أن أباها جاء النبي صلى الله عليه وسلن فقال: يا محمد أصبتم ابنتي وهذا فداؤها، فإن ابنتي لا يسبى مثلها!!، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يخيرها، فسرَّ أبوها بذلك، فخيّرها، فاختارت الله ورسوله، وكانت من أعبد امهات المؤمنين.
وذكر ابن هشام في السيرة أن والدها سمع حديثًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم عما جاء فيه من فداء ابنته، فصاح بصوت جهير: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله وأصدقها النبي صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم.
وهذه أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان الأموى رضي الله عنها، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع من الهجرة، وكان تزوجه بها تأليفًا لأبي سفيان سيد قريش وزعيم مكة، وترغيبًا له في الدخول بالإسلام، ومن ناحية أخرى كان هذا الزواج جبرًا لخاطرها، وجمعًا لشملها، وإنهاءً لوحشة الهجرة وسوء تصرف زوجها؛ ولزواج الرسول صلى الله عليه وسلم بها قصة، تتلخص في أن أم حبيبة أسلمت مع زوجها عبيد الله بن جحش الأسدي بمكة، وهاجرت مع زوجها إلى الحبشة، فتنصر زوجها هنالك وفارقها، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي فخطبها له، وأصدقها عنه أربعمائة دينار مع هدايا نفيسة، ولما عادت إلى المدينة بني بها وتزوجها، ولما بلغ أبا سفيان الخبر قال: هو الفحل لايقدع أنفه ويقصد أنه الكفء الذي لايماثلة أحد، وكانت هذه المصاهرة فيما بعد من العوامل الأساسية التي دفعت أبا سفيان إلى الدخول في الإسلام في العام التالي عام الفتح.
وهذه صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع من الهجرة، وكانت من يهود بني النضير، وأُسرت بعد قتل زوجها في غزوة خيبر، فأخذها دحية بن خليفة الكلبي في سهمه، فقال أهل الرأي من الصحابة: يارسول الله إنها سيدة قومها لا تصلح إلا لك، فاستحسن رأيهم أسباب منها: إباؤهه عليه الصلاة والسلام أن تذل هذه السيدة بالرق عند من تراه دونها في المكانة، وتشجيعه الناس على إعتاق الرقيق، أما بيت القصيد من هذا الزواج فهو رغبة النبي صلى الله عليه وسلم في تحريض اليهود على اعتناق الإسلام، أو على الأقل تخفيفهم من عداوتهم للإسلام، ومكرهم بالمسلمين وروى الإمام في مسنده أن الرسول صلى الله عليه وسلم خير صفية بين أن يعتقها وتكون زوجته أو يلحقها بأهلها، فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته.
فإذا أضفنا إلى هذا الزواج زواج الرسول صلى الله عليه وسلم بحفصة بنت عمر وهي من بني عدي، وزواجه بزينب بنت جحش وهي من بني أسد، وزوجه من أم سلمة وهي من بني مخزوم، وزواجه من ميمونة بنت الحارث وهي من بني هلال، وزواجه من سودة بنت زمعة وهي من بني عامر بن لؤي. إذا اضفنا كل هذا إلى باقي الزوجات اللاتي تحدثنا عنهن قبل قليل؛ يتبين لنا بشكل قاطع لايتحمل الشك أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بهؤلاء النسنوة يستهدف في الدرجة الأولى مصاهرة هذه القبائل، ليكسب تأييدها في المهمة التي كلف بها، وبعث من أجلها، ألا وهي رسالة الإسلام. ثم بالتالي كان يطمع بهدايتهم واعتناقهم هذا الدين الجديد، ولو اقتصر الرسول صلى الله عليه وسلم على زوجة واحدة لما كان هذا التأليف، ولما حظي بهذا التأييد.