فصل: قال المقريزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فالصلاة على أزواجه تابع لاحترامهن وتحريمهن على الأمة وأنهن نساؤه صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، فمن فارقها في حياتها ولم يدخل بها لا يثبت لها أحكام زوجاته اللاتي دخل بهن ومات عنهن، صلى الله عليه وسلم وعلى أزواجه وذريته وسلم تسليمًا.
فصل:
وأما الذرية فالكلام فيها في مسألتين:
المسألة الأولى في لفظها، وفيها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها من ذرأ الله الخلق، أي: نشرهم وأظهرهم، إلا أنهم تركوا همزها استثقالًا، فأصلها ذرأة بالهمز فعلة من الذرء، وهذا اختيار صاحب الصحاح وغيره.
والثاني: أن أصلها من الذر، وهو النمل الصغار، وكان قياس هذه النسبة ذرية بفتح الذال وبالياء، لكنهم ضموا أوله وهمزوا آخره وهذا من باب تغيير النسب.
وهذا القول ضعيف من وجوه:
منها مخالفة باب النسب، ومنها إبدال الراء ياء، وهو غير مقيس.
ومنها أن لا اشتراك بين الذرية والذر إلا في الذال والراء، وأما في المعنى فليس مفهوم أحدهما مفهوم الآخر.
ومنها أن الذر من المضاعف والذرية من المعتل أو المهموز، فأحدهما غير الآخر.
والقول الثالث: أنها من ذرا يذروا: إذا فرق، من قوله: {تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ} الكهف: من الآية 45، وأصلها على هذا ذرية فعلية من الذرو ثم قلبت الواو ياء لسبق إحداهما بالسكون.
والقول الأول أصح، لأن الاشتقاق والمعنى يشهدان له، فإن أصل هذه المادة من الذرء، قال الله تعالى: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَأُكُمْ فِيهِ} الشورى: من الآية 11، وفي الحديث:«أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ»، وقال تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ} لأعراف: الآية 179، وقال تعالى: {وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} النحل: من الآية 13، فالذرية منه بمعنى مفعولة أي مذروة ثم أبدلوا همزها فقالوا ذرية.
المسألة الثانية في معنى هذه اللفظة.
ولا خلاف بين أهل اللغة أن الذرية يقال على الأولاد الصغار وعلى الكبار أيضًا، قال تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} البقرة: الآية 124، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} آل عمران: 34، وقال: {وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} الأنعام: 87، وقال تعالى: {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا} الإسراء: 2- 3،وهل تقال الذرية على الأباء؟ فيه قولان: أحدهما أنهم يسمون ذرية أيضًا.
واحتجوا على ذلك بقوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}يّس: 41 وأمكر ذلك جماعة من أهل اللغة، وقالوا لا يجوز هذا في اللغة، والذرية كالنسل والعقب لا يكون إلا للعمود الأسفل، ولهذا قال تعالى: {وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ} الأنعام: من الآية 87، فذكر جهات النسب الثلاث من فوق، ومن أسفل، ومن الأطراف.
قالوا: وأما الآية التي استشهدتم بها فلا دليل لكم فيها، لأن الذرية فيها لم تضف إليهم إضافة نسل وإيلاد، وإنما أضيفت إليهم بوجه ما. والإضافة تكون بأدنى ملابسة واختصاص، وإذا كان الشاعر قدت أضاف الكوكب في قوله:
إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة ** سهيل أذاعت غزلها في القرائب

فأضاف إليها الكواكب لأنها كانت تغزل إذا لاح وظهر، والاسم قد يضاف بوجهين مختلفين إلى شيئين، وجهة إضافته إلى أحدهما غير جهة إضافته إلى الأخر، قال أبو طالب في النبي صلى الله عليه وسلم:
لقد علموا أن ابننا لا مكذب ** لدينا ولا يعزى لقول الأباطل

فأضاف نبوته بجهة غير جهة إضافته إلى أبيه عبد الله، وهكذا لفظة رسول الله، فإن الله سبحانه يضيفه إليه تارة، كقوله:{قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا} المائدة: من الآية 15، وتارة إلى المرسل إليهم كقوله: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ} المؤمنون: من الآية 69، فإضافته سبحانه إليه إضافة رسول إلى مرسله، وإضافته إليهم إضافة رسول إلى مرسل إليهم، وكذا لفظ كتاب فإنه يضاف إليه تارة، فيقال: كتاب الله. ويضاف إلى العباد تارة، فيقال: كتابنا القرآن، وكتابنا خير الكتب، وهذا كثير، فهكذا لفظ الذرية أضيف إليهم بجهة غير الجهة التي أضيف بها إلى آبائهم.
وقالت طائفة: بل المراد جنس بني آدم، ولم يقصد الإضافة إلى الموجودين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما أريد ذرية الجنس.
وقالت طائفة:بل المراد بالذرية نفسها، وهذا أبلغ في قدرته وتعديد نعمه عليهم، أن حمل ذريتهم في الفلك في أصلاب آبائهم، والمعنى: أنا حملنا الذين هم ذرية هؤلاء وهم نطف في أصلاب الآباء، وقد أشبعنا الكلام على ذلك في كتاب الروح والنفس.
إذا ثبت هذا، فالذرية الأولاد، وهل يدخل فيها أولاد البنات؟ فيه قولان للعلماء هما روايتان عن أحمد، إحداهما: يدخلون، وهو مذهب الشافعي. والثانية: لا يدخلون، وهو مذهب أبي حنيفة.
واحتج من قال بدخولهم بأن المسلمين مجمعون على دخول أولاد فاطمة رضي الله عنها في ذرية النبي صلى الله عليه وسلم المطلوب لهم من الصلاة، لأن أحدًا من بناته لم يعقب غيرها، فمن انتسب إليه صلى الله عليه وسلم من أولاد ابنته، فإنما هو من جهة فاطمة رضي الله عنها خاصة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحسن ابن ابنته: «إن ابني هذا سيد» فسماه ابنه. ولما أنزل الله سبحانه آية المباهلة: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} آل عمران: الآية 61، دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وحسنًا وحسينًا، وخرج للمباهلة.
قالوا: وأيضًا فقد قال تعالى في حق إبراهيم: {ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ} الأنعام: 85-84. ومعلوم أن عيسى لم ينتسب إلى إبراهيم إلا من جهة أمه مريم عليها السلام.
وأما من قال بعدم دخولهم: فحجته أن ولد البنات إنما ينتسبون إلى آبائهم حقيقة، ولهذا إذا ولد الهذلي أو التيمي أو العدوي هاشمية لم يكن ولدها هاشميًا، فإن الولد في النسب يتبع أباه، وفي الحرية والرق أمه، وفي الدين خيرهما دينًا، ولهذا قال الشاعر:
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ** بنوهن أبناء الرجال الأباعد

ولو وصى أو وقف على قبيلة لم يدخل فيها أولاد بناتها من غيرها.
قالوا: وأما دخول فاطمة رضي الله عنها في ذرية النبي صلى الله عليه وسلم، فلشرف هذا الأصل العظيم والوالد الكريم، الذي لا يدانيه أحد من العالمين، سرى ونفذ إلى أولاد البنات لقوته وجلالته وعظم قدره، ونحن نرى من لا نسبة له إلى هذا الجناب العظيم من العظماء والملوك وغيرهم تسري حرمة إيلادهم وأبوتهم إلى أولاد بناتهم، فتلحظهم العيون بلحظ أبنائهم، ويكادون يضربون عن ذكر آبائهم صفحًا، فما الظن بهذا الإيلاد، العظيم قدره الجليل خطره؟
قالوا: وأما تمسككم بدخول المسيح في ذرية إبراهيم فلا حجة لكم فيه. فإن المسيح لم يكن له أب، فنسبه من جهة الأب مستحيل، فقامت أمه مقام أبيه، وهكذا كل من انقطع نسبه من جهة الأب إما بلعان أو غيره قامت أمه في النسب مقام أبيه وأمه، ولهذا تكون في هذه الحال عصبته في أصح الأقوال، وهو إحدى الروايات عن الإمام أحمد، وهو مقتضى النصوص، وقول ابن مسعود رضي الله عنه وغيره، والقياس يشهد له بالصحة، لأن النسب في الأصل للأب، فإذا انقطع من جهته عاد إلى الأم، فلو قدر عوده من جهة الأب رجع من الأم إليه، وهكذا كما اتفق الناس عليه في الولاء أنه لموالي الأب، فإن تعذر رجوعه إليهم صار لموالي الأم، فإذا أمكن عوده إليهم رجع من موالي الأم إلى معدنه وقراره، ومعلوم أن الولاء فرع على النسب يحتذى فيه حذوه فإذا كان عصبات الأم من الولاء عصبات لهذا المولى الذي انقطع تعصيبه من جهة موالي أبيه، فلأن تكون عصبات الأم من النسب عصبات لهذا الولد الذي انقطع تعصيبه من جهة أبيه بطريق الأولى، وإلا فكيف يثبت هذا الحكم في الولاء ولا يثبت في النسب الذي غايته أن يكون مشبهًا به ومفرعًا عليه، وهذا مما يدل على أن القياس الصحيح لا يفارق النص أصلًا، ويدلك على عمق علم الصحابة رضي الله عنهم، وبلوغهم في العلم إلى غاية يقصر عن نيلها السباق، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. اهـ.

.قال المقريزي:

فصل في ذكر آل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
قال ابن سيده: وآل الرجل أهله، فإما أن تكون الألف منقلبة عن واو، وإما أن تكون بدلا من الهاء، وتصغيره أويل وأهيل، وقد يكون ذلك لما لا يعقل.
وأهل الرجل عشيرته وذوو قرباه، والجمع أهلون وأهلات، قال: وأهل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم- ويقال لهم آل البيت- قيل: نساء النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وقيل: الرجال الذين هم آله، وآل الرجل أهله، وآل الله وآل رسوله أولياؤه، أصلها أهل، ثم أبدلت الهاء بهمزة، فصارت في التقدير آل، فلما توالت الهمزتان أبدلوا الثانية ألفا.
قال: فلما كانوا بالآل الأشرف الأخص دون الشائع الأعم، حتى لا يقال إلا في نحو قولهم: آل الله، واللَّهمّ صل على محمد وعلى آل محمد، {وَقال رَجُلٌ مُؤْمِنٌ من آلِ فِرْعَوْنَ} 40: 28، قال ولا يقال: آل الخياط، كما يقال أهل الخياط ولا آل الإسكاف.
قال صاحب الصحاح: وآل الرجل أهله وعياله، وآله أيضا: أتباعه، وقيل: آل الرجل مشتق من يئول إذا رجع، فآل الرجل هم الذين يرجعون إليه ويضافون له، ويليهم أي يسوسهم، فيكون مآلهم إليه ومنه الإيالة وهي السياسة، فآل الرجل هم الذين يسوسهم.
ويقال آل الرجل له نفسه، وآله لمن يتبعه، ويقال: أهل الرجل لأهله وأقاربه، فمن الأول: قول النبي صلّى الله عليه وسلّم- لما جاءه أبو أوفى بصدقة-: اللَّهمّ صل على آل أبي أوفى، وقوله تعالى:؟ سلام على آل ياسين 37: 130؟، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: اللَّهمّ صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، فآل إبراهيم هو إبراهيم، لأن الصلاة المطلوبة للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هي الصلاة على إبراهيم نفسه، وآله تبع له فيها.
وقيل لا يكون الآل إلا الأتباع والأقارب، وزعموا أن الأدلة المذكورة المراد بها الأقارب، وأن قوله: كما صليت على آل إبراهيم: آل إبراهيم الأنبياء، والمطلوب من الله تعالى أن يصلى على النبي صلّى الله عليه وسلّم، كما صلى على جميع الأنبياء والمرسلين من ذرية إبراهيم، لا إبراهيم وحده، كما هو مصرح به في بعض الألفاظ من قوله: على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وكذا في {إِلْ ياسِينَ} 37: 130، فإنه قرئ:؟ {آل ياسين} 37: 130؟، والمراد أتباعه.
والصواب من هذا كله: أن الآل إذا انفرد، دخل فيها المضاف، كقوله تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ} 40: 46، ولا ريب في دخوله في آله هنا، وقوله: {وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} 7: 130، ونظائره، وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: اللَّهمّ صل على آل أبى أوفى، ولا ريب في دخول أبى أوفى نفسه في ذلك، وقوله: اللَّهمّ صلى على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم- هنا أكثر روايات البخاري- وإبراهيم هنا داخل في آله.
وأما إذا ذكر الرجل ثم ذكر آله، لم يدخل فيهم، ففرق بين اللفظين المجرد والمقرون، فإذا قلت: أعط هذا الزيد وآل زيد، لم يكن زيد هنا داخلا في آله، وإذا قلت: أعطه لآل زيد تناول زيدا وآله، فعلم أن اللفظ واحد تختلف دلالته بالتجريد والاقتران، كالفقير والمسكين: هما صنفان، إذا قرن بينهما، وصنف واحد إذا أفرد كل منهما، ولهذا كانا في الزكاة صنفين، وفي الكفارة صنفا واحدا، وكالإيمان والإسلام، والبر والتقوى، والفحشاء والمنكر، والفسوق والعصيان، ونظائر ذلك في القرآن كثيرة.
وقد اختلف في آل النبي صلّى الله عليه وسلّم على أربعة أقوال، أحدها: أنهم الذين تحرم عليهم الصدقة، وفيهم ثلاثة أقوال: أحدها، أنهم بنو هاشم وبنو المطلب، وهذا مذهب الشافعيّ وأحمد في رواية عنه، والثاني: أنهم بنو هاشم خاصة، وهذا مذهب أبى حنيفة، وأحد أقوال أحمد، واختيار ابن القاسم من أصحاب مالك، والثالث:
أنهم بنو هاشم ومن فوقهم إلى غالب، فيدخل فيهم بنو المطلب، وبنو أميه، وبنو نوفل ومن فوقهم من بطون قريش، وهذا اختيار أشهب من أصحاب مالك، على ما حكاه صاحب الجواهر عنه.
وحكاه اللخمي في التبصرة عن أصبغ لا عن أشهب، وهذا القول في الأول، أعنى أنهم الذين تحرم عليهم الصدقة، هو منصوص عن الشافعيّ وأحمد، والأكثرين، وهو اختيار جمهور أصحابهما، والدليل عليه ما خرجه البخاري من حديث إبراهيم ابن طهمان، عن محمد بن زياد، عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يؤتى بالتمر عند صرام النخل، فيجيء هذا بتمره وهذا من تمره، حتى يصير عنده كوما من تمر فجعل الحسن والحسين يلعبان بذلك التمر، فأخذ أحدهما تمرة فجعلها في فيه، فنظر إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخرجها من فيه وقال: أما علمت أن آل محمد لا يأكلون الصدقة؟ ترجم عليه باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل، وهل يترك الصبى فيمسّ تمر الصدقة؟
وخرجه مسلم من حديث وكيع عن شعبة، عن محمد- وهو ابن زياد- سمع أبا هريرة يقول: أخذ الحسن بن على رضي الله عنه تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كخ كخ! ارم بها، أما علمت أنّا لا تحل لنا الصدقة؟؟» وخرج مسلم من حديث إبراهيم بن علية قال: حدثنا أبو حبّان قال: حدثني يزيد بن حبّان قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة، وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم رضي الله عنه، فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصليت خلفه، لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: يا ابن أخي، والله لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الّذي كنت أعي من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فما حدثتكم فاقبلوا، وما لا فلا تكلفونيه.
ثم قال: قام فينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوما خطيبا بماء يدعى خمّا بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر ثم قال: «أما بعد، ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر، يوشك أن يأتى رسول ربى فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله تعالى، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغّب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكّركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثا» ثم قال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته. أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل على، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال نعم.
وخرجه من حديث جرير عن أبى حيان به، وزاد فيه: كتاب الله فيه الهدى والنور، من استمسك به وأخذ به كان على الهدى، ومن أخطأ ضل.