فصل: قال صاحب روح البيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ويفسر الأدب بالحاجة الشديدة المقتضية للاحتيال في دفعها ويستعمل تارة في الحاجة المفردة وأخرى في الاحتيال وإن لم تكن حاجة، وقال المبرد: هو الشهوة والمحبة يقال: ما قضيت من لقائك وطرًا أي ما استمتعت منك حتى تنتهي نفسي وأنشد:
وكيف ثوائي بالمدينة بعدما ** قضى وطرًا منها جميل بن معمر

وعن ابن عباس تفسير الوطر هنا بالجماع، والمراد لم يبق له بها حاجة الجماع وطلقها، وفي البحر نقلًا عن بعضهم أنه رضي الله تعالى عنه أنه لم يتمكن من الاستمتاع بها، وروى أبو عصمة نوح بن أبي مريم بإسناد رفعه إليها أنها قالت: ما كنت أمتنع منه غير أن الله عز وجل منعني منه، وروى أنه كان يتورم ذلك منه حين يريد أن يقربها فيمتنع.
قيل: ولا يخفى أنه على هذا يحسن جدًا جعل قضاء الوطر كناية عن الطلاق فتأمل، وفي الكلام تقدير أي فلما قضى زيد منها وطرًا وانقضت عدتها، وقيل: إن قضاء الوطر يشعر بانقضاء العدة لأن القضاء الفراغ من الشيء على التمام فكأنه قيل: فلما قضى زيد حاجته من نكاحها فطلقا وانقضت عدتها فلم يكن في قلبه ميل إليها ولا وحشة من فراقها {زوجناكها} أي جعلناها زوجة لك بلا واسطة عقد إصالة أو وكالة، فقد صح من حديث البخاري والترمذي أنها رضي الله تعالى عنها كانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات، وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال: كانت تقول للنبي عليه الصلاة والسلام إني لأدل عليك بثلاث ما من نسائك امرأة تدل بهن إن جدي وجدك واحد وإني أنكحك الله إياي من السماء وإن السفير لجبريل عليه السلام، ولعلها أرادت سفارته عليه السلام بين الله تعالى وبين رسوله صلى الله عليه وسلم وإلا فالسفير بينه عليه الصلاة والسلام وبينها كان زيدًا.
أخرج أحمد ومسلم والنسائي وغيرهم عن أنس قال: لما انقضت عدة زينب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد: اذهب فاذكرها علي فانطلق قال: فلما رأيتها عظمت في صدري فقلت: يا زينب ابشري أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك قالت: ما أنا بصانعة شيئًا حتى أؤامر ربي فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عليها بغير إذن.
ومن حديث أخرجه الطبراني والبيهقي في سننه وابن عساكر من طريق ابن زيد الأسدي عن مذكور مولى زينب قالت طلقني زيد فبت طلاقي فلما انقضت عدتي لم أشعر إلا والنبي عليه الصلاة والسلام قد دخل علي وأنا مكشوفة الشعر فقلت: هذا من السماء دخلت يا رسول الله بلا خطبة ولا شهادة فقال: الله تعالى المزوج وجبريل الشاهد، ولا يخفى أن هذا بظاهره يخالف ما تقدم من الحديث والمعول على ذاك، وقيل: المراد بزوجناكها أمرناك بتزوجها.
وقرأ علي وابناه ريحانتا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن. والحسين. وابنه محمد بن الحنفية. وجعفر الصادق رضي الله تعالى عنهم أجمعين {زوجتكها} بتاء الضمير للمتكلم وحده {زوجناكها لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى المؤمنين حَرَجٌ} أي ضيق وقيل إثم، وفسره بهما بعضهم كالطبرسي بناء على جواز استعمال المشترك في معنيه مطلقًا كما ذهب إليه الشافعية أو في النفي كما ذهب إليه العلامة ابن الهمام من الحنفية {فِى أَزْوَاجِ} أي في حق تزوج أزواج {أَدْعِيَائِهِمْ} الذين تبنوهم {إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُمْ وَطَرًا} أي إذا طلقهن الأدعياء وانقضت عدتهن فإن لهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، واستدل بهذا على أن ما ثبت له صلى الله عليه وسلم من الأحكام ثابت لأمته إلا ما علم أنه من خصوصياته عليه الصلاة والسلام بدليل، وتمام الكلام في المسألة مذكور في الأصول، والمراد بالحكم هاهنا على ما سمعت أولًا مطلق تزوج زوجات الأدعياء وهو على ما قيل ظاهر {وَكَانَ أَمْرُ الله} أي ما يريد تكوينه من الأمور أو مأموره الحاصل بكن {مَفْعُولًا} مكونًا لا محالة، والجملة اعتراض تذييلي مقرر لما قبله من تزويج زينب رضي الله تعالى عنها. اهـ.

.قال صاحب روح البيان:

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ} روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم خطب زينب بنت جحش بن رباب الأسدي بنت عمته أميمة بنت عبد المطلب لمولاه زيد بن حارثة وكانت زينب بيضاء جميلة وزيد أسود أفطس فأبت وقالت: أنا بنت عمتك يا رسول الله وأرفع قريش فلا أرضاه لنفسي وكذلك أبى أخوها عبد الله بن جحش فنزلت.
والمعنى ما صح وما استقام لرجل ولا امرأة من المؤمنين فدخل فيه عبد الله وأخته زينب {إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُه أَمْرًا} مثل نكاح زينب أي: قضى رسول الله وحكم وذكر الله لتعظيم أمره والإشعار بأن قضاءه عليه السلام قضاء الله كما أن طاعة الله تعالى.
{أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} الخيرة بالكسر اسم من الاختيار أي: أن يختاروا {مِنْ أَمْرِهِمْ} ما شاءوا بل يجب عليهم أن يجعلوا أراءهم واختيارهم تبعًا لرأيه عليه السلام واختياره وجمع الضميرين لعموم مؤمن ومؤمنة لوقوعهما في سياق النفي.
وقال بعضهم: الضمير الثاني للرسول أي: من أمره والجمع للتعظيم {وَمَنْ} وهركه {يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} في أمر من الأمور ويعمل برأيه.
وفي كشف الأسرار ومن يعص الله فخالف الكتاب ورسوله فخالف السنة {فَقَدْ ضَلَّ} طريق الحق وعدل عن الصراط المستقيم {ضَلَالا مُّبِينًا} أي: بين الانحراف عن سنن الصواب.
وفي التأويلات النجمية: يشير إلى أن العبد ينبغي أن لا يكون له اختيار بغير ما اختاره الله بل تكون خيرته فيما اختاره الله له ولا يعترض على أحكامه الأزلية عند ظهورها له بل له الاحتراز عن شرّ ما قضى الله قبل وقوعه فإذا وقع الأمر فلا يخلو إما أن يكون موافقًا للشرع أو يكون مخالفًا للشرع فإن يكن موافقًا للشرع فلا يخلو إما أن يكون موافقًا لطبعه أو مخالفًا لطبعه فإن يكن موافقًا لطبعه فهو نعمة من الله يجب عليه شكرها وإن يكن مخالفًا لطبعه فيستقبله بالصبر والتسليم والرضى وإن يكن مخالفًا للشرع يجب عليه التوبة والاستغفار والإنابة إلى الله تعالى من غير اعتراض على الله فيما قدّر وقضى وحكم به فإنه حكيم يفعل ما يشاء بحكمته ويحكم ما يريد بعزته انتهى.
يقول الفقير: هذه الآية أصل في باب التسليم وترك الاختيار والاعتراض فإن الخير فيما اختاره الله واختاره رسوله واختاره ورثته الكمل والرسول حق في مرتبة الفرق كما أن الوارث رسول للخلافة الكاملة فكل من الرسول والوارث لا ينطق عن الهوى لفنائه عن إرادته بل هو وحي يوحى وإلهام يلهم فيجب على المريد أن يستسلم لأمر الشيخ المرشد محبوبًا أو مكروهًا ولا يتبع هوى نفسه ومقتضى طبيعته وقد قال تعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [البقرة: 216] فيمكن وجدان ماء الحياة في الظلمات {وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ} [البقرة: 216] فقد يجعل في السكر السم ومن عرف أن فعل الحبيب حبيب وأن المبلي ليس لبلائه سواه طبيب لم يتحرك يمينًا وشمالًا ورضى جمالًا وجلالًا.
واعلم أن الفناء عن الإرادة أمر صعب وقد قيل المريد من لا إرادة له يعني لا إرادة له من جهة نفسه فله إرادة من جهة ربه فهو لا يريد إلا ما يريد الله ولصعوبة إفناء الإرادة في إرادة الله وإرادة رسوله وإرادة وارث رسوله بقي أكثر السلاك في حجاب الوجود وغابوا عن الشهود وحرموا من بركة المتابعة ونماء المشايعة.
قال بعض الكبار: القهر عذاب ومن أراد أن يزول عنه حكم هذا القهر فليصحب الحق تعالى بلا غرض ولا شوق بل ينظر في كل ما وقع في العالم وفي نفسه فيجعله كالمراد له فيلتذ به ويتلقاه بالقبول والبشر والرضى فلا يزال من هذه حالته مقيمًا في النعيم الدائم لا يتصف بالقهر ولا بالذلة وصاحب هذا المقام يحصل له اللذة بكل واقع منه أو فيه أو من غيره أو في غيره نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من أهل التسليم وأرباب القلب السليم ويحفظنا من الوقوع في الاعتراض والعناد لما حكم وقضى وأراد.
{وَإِذْ تَقُولُ} روي أنه لما نزلت الآية المتقدمة قالت زينب وأخوها عبد الله رضينا يا رسول الله أي: بنكاح زيد فأنكحها عليه السلام إياه وساق إليها مهرها عشرة دنانير وستين درهمًا وخمارًا وملحفة ودرعًا وإزارًا وخمسين مدًا من طعام وثلاثين صاعًا من تمر وبقيت بالنكاح معه مدة فجاء النبي عليه السلام يومًا إلى بيت زيد لحاجة فأبصر زينب فأعجبه حسنها فوقع في قلبه محبتها بلا اختيار منه والعبد غير ملوم على مثله ما لم يقصد المأثم ونظرة المفاجأة التي هي النظرة الأولى مباحة فقال عليه السلام عند ذلك: «سبحان الله يا مقلب القلوب ثبت قلبي» وانصرف وذلك أن نفسه كانت تمتنع عنها قبل ذلك لا يريدها ولو أرادها لخطبها وسمعت زينب التسبيحة فذكرتها لزيد بعد مجيئه وكان غائبًا ففطن، فأتى رسول الله تلك الساعة فقال: يا رسول الله إني أريد أن أفارق صاحبتي فقال: «ما لك أرأيت منها شيئًا» قال: لا والله ما رأيت منها إلا خيرًا ولكنها تتعظم عليّ لشرفها وتؤذيني بلسانها فمنعه عليه السلام من الفرقة وذلك قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ} أي: واذكر وقت قولك يا محمد {لِلَّذِى أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} بالتوفيق للإسلام الذي هو أجل النعم وللخدمة والصحبة.
وفي التأويلات النجمية: بأن أوقعه في معرض هذه الفتنة العظيمة والبلية الجسيمة وقواه على احتمالها وأعانه على التسليم والرضى فيما يجري الله عليه وفيما يحكم به عليه من مفارقة الزوجة وتسليمها إلى رسول الله وبأن ذكر اسمه في القرآن من بين الصحابة وأفرد به {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} بحسن التربية والاعتقاق والتبني.
وفي التأويلات: بقبول زينب بعد أن أنعمت عليه بإيثارها عليه بقولك: أمسك الخ وهو زيد بن حارثة رضي الله عنه مولاه عليه السلام وهو أول من أسلم من الموالي وكان عليه السلام يحبه ويحب ابنه أسامة شهد بدرًا والخندق والحديبية واستخلفه النبي عليه السلام على المدينة حين خرج إلى بني المصطلق وخرج أميرًا في سبع سرايا وقتل يوم مؤتة بضم الميم وبالهمزة ساكنة موضع معروف عند الكرك وقد سبق في ترجمته عند قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لآبَآئهِمْ} في أوائل هذه السورة.
قال في الإرشاد: وإيراده بالعنوان المذكور لبيان منافاة حاله لما صدر منه عليه السلام على زيد لا ينافي استحياءه منه في بعض الأمور خصوصًا إذا قارن تعبير الناس ونحوه كما سيجيىء {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} وإمساك الشيء التعلق به وحفظه {وَاتَّقِ اللَّهَ} في أمرها ولا تطلقها ضرارًا، أو تعللًا بتكبرها {وَتُخْفِى في نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} الموصول مفعول تخفي والإبداء الإظهار.
يعنيك وهو علم بأن زيدًا سيطلقها وسينكحها يعني إنك تعلم بما أعلمتك أنها ستكون زوجتك وأنت تخفي في نفسك هذا المعنى والله يريد أن ينجز لك وعده ويبدي أنها زوجتك بقوله: {زَوَّجْنَاكَهَا} وكان من علامات أنها زوجته إلقاء محبتها في قلبه وذلك بتحبيب الله تعالى لا بمحبته بطبعه وذلك ممدوح جدًا ومنه قوله عليه السلام: «حبب إليّ من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عيني في الصلاة» وإنه لم يقل أحببت ودواعي الأنبياء والأولياء من قبيل الاذن الإلهي إذ ليس للشيطان عليهم سبيل.
قال في الأسئلة المقحمة: قد أوحى إليه أن زيدًا يطلقها وأنت تزوج بها فأخفى عن زيد سر ما أوحى إليه لأن ذلك السر يتعلق بالمشيئة والإرادة ولا يجب على الرسل الاخبار عن المشيئة والإرادة وإنما يجب عليهم الاخبار والإعلام عن الأوامر والنواهي لا عن المشيئة كما أنه كان يقول لأبي لهب آمن بالله وقد علم أن الله أراد أن لا يؤمن أبو لهب كما قال تعالى: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد: 3] لأن ذلك الذي يتعلق بعذاب أبي لهب إنما هو من المشيئة والإرادة فلا يجب على النبي إظهاره ولا الإخبار عنه {وَتَخْشَى النَّاسَ} تخاف لومهم وتعبيرهم إياك به.
وفي التأويلات النجمية: أي: تخشى عليهم أن يقعوا في الفتنة بأن يخطر ببالهم نوع إنكار أو اعتراض عليه أو شك في نبوته بأن النبي من تنزه عن مثل هذا الميل وتتبع الهوى فيخرجهم من الإيمان إلى الكفر فكانت تلك الخشية إشفاقًا منه عليهم ورحمة بهم أنهم لا يطيقون سماع هذه الحالة ولا يقدرون على تحملها {وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن} وإن كان فيه ما يخشى.
وفي كشف الأسرار: إنما عوتب عليه السلام على إخفاء ما أعلمه الله أنها ستكون زوجة له قالت عائشة رضي الله عنها: لو كتم النبي عليه السلام شيئًا من الوحي لكتم هذه الآية إذ تقول الخ وما نزل على رسول الله آية هي أشد عليه من هذه الآية.
وفي التأويلات يشير إلى أن رعاية جانب الحق أحق من رعاية جانب الخلق لأنتعالى في إبداء هذا الأمر وإجراء هذا القضاء حكمًا كثيرة فأقصى ما يكون في رعاية جانب الخلق أن لا يضل به بعض الضعفاء فلعل الحكمة في إجراء هذه الحكم فتنة لبعض الناس المستحقين الضلالة والإنكار ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة وهذا كما قال: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّءْيَا التي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ} [الإسراء: 60] فالواجب على النبيّ إذا عرض له أمران في أحدهما رعاية جانب الحق وفي الآخر رعاية جانب الخلق أن يختار رعاية جانب الحق على الخلق فإن للحق تعالى في إجراء حكم من أحكامه وأصفاء أمر من أوامره حكمًا كثيرة كما قال تعالى في إجراء تزويج النبي عليه السلام بزينب قوله: {لِكَىْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 37] {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا} أي: من زوجه وهي زينب {وَطَرًا}.
قال في القاموس: الوطر محركة الحاجة أو حاجة لك فيها همّ وعناية فإذا بلغتها فقد قضيت وطرك.
وفي الوسيط معنى قضاء الوطر في اللغة بلوغ منتهى ما في النفس من الشيء يقال قضى منها وطرًا وإذا بلغ ما أراد من حاجة فيها ثم صار عبارة عن الطلاق لأن الرجل إنما يطلق امرأته إذا لم يبق له فيها حاجة والمعنى فلما لم يبق لزيد فيها حاجة وتقاصرت عنها همته وطلقها وانقضت عدتها.
وفي التأويلات أما وطر زيد منها في الصورة استيفاء حظه منها بالنكاح ووطره منها في المعنى شهرته بين الخلق إلى قيام الساعة بأن الله تعالى ذكره في القرآن باسمه دون جميع الصحابة وبأنه آثر النبي عليه السلام على نفسه بإيثار زينب.
وفي الأسئلة المقحمة: كيف طلق زيد زوجته بعد أن أمر الله ورسوله بإمساكه إياها والجواب ما هذا للوجوب واللزوم وإنما هو أمر للاستحباب.
{زَوَّجْنَاكَهَا} هلال ذي القعدة سنة أربع من الهجرة على الصحيح وهي بنت خمس وثلاثين سنة والمراد الأمر بتزوجها أو جعلها زوجته بلا واسطة عقد ويؤيده ما روى أنس رضي الله عنه أنها كانت تفخر على سائر أزواج النبي عليه السلام وتقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سموات، «الله المزوج وجبريل الشاهد» وهو من خصائصه عليه السلام وأجاز الإمام محمد انعقاد النكاح بغير شهود خلافًا لهما قاس الإمام محمد ذلك بالبيع فإن النكاح بيع البضع والثمن المهر فكما أن نفس العقد في البيع لا يحتاج إلى الشهود فكذا في باب النكاح ونظر الإمامان إلى المآل فإنه إذا لم يكن عند الشهود بدون الإعلان فقد يحمل عى الزنى فالنبي عليه السلام شرط ذلك حفظًا عن الفسخ وصونًا للمؤمنين عن شبهة الزنى.
وروي أنها لما اعتدت قال رسول الله لزيد: «ما أجد أحدًا أوثق من نفسي منك اخطب لي زينب».