فصل: قال صاحب التفسير الواضح:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



إذن: لم يتزوج رسول الله من زينب، إنما زوَّجه ربه؛ لذلك نقول للمغرمين بالخوض في هذه المسألة، يحسبونها سُبَّة في حق رسول الله: افهموا الفرق بين زُوِّج وتزوج. تزوج أي: بنفسه وبرغبته، إنما زُوِّج أي زوَّجه غيره، وكلمة {زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37] تحتوي على الفعل زوَّج والضمير ن فاعل يعود على الحق سبحانه، والكاف لخطاب رسول الله، وهي مفعول أول، والهاء تعود على السيدة زينب، وهي مفعول ثانٍ للفعل زوَّج.
فرسول الله في هذه المسألة، وفي كل زوجاته لم يخالف عن أمر الله. فلتكونوا منصفين؛ لأن المسألة ليستْ عند محمد، إنما عند رب محمد، واقرأوا إن شئتم: {عسى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [التحريم: 5].
ثم هَبُوا- جدلًا- أن محمدًا فعلها، ما العيب فهيا وقد كان التعدُّد موجودًا، ولم ينشيء رسول الله تعدُّدًا، كان التعدُّد موجودًا في الأنبياء والرسل، وفيكم وعندكم.
أما الذين يتهمون رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه وسَّع على نفسه، فتزوَّج تسعًا، وضيَّق على أمته بأربعة، فالرد على ذلك أن الله تعالى حكم بأن زوجات الرسول أمهاتٌ للمؤمنين، وما دُمْنَ أمهات للمؤمنين، فليس لأحد أنْ يتزوَّجهُنَّ بعد رسول الله، أمّا غيرهن من المؤمنات فإنْ كان مع الرجل سبعة مثلًا، فعليه أنْ يفارق ثلاثة منهن، وهؤلاء الثلاثة سيجدْنَ مَنْ يتزوج بهنَّ، إذن: على الرسول أنْ يُمسِك زوجاته كلهن، وعلى غيره من المؤمنين أنْ يفارقوا ما زاد على أربع.
شيء آخر: تظنون أن رسول الله وسَّع الله له هذه المسألة، والحقيقة أن الله ضيَّق عليه إذا ما قارناه بغيره من عامة المؤمنين، فالمؤمن له أنْ يمسك أربعَ زوجات، فإذا ماتت إحداهن تزوج بأخرى، وإنْ طلَّق إحداهن تزوج بدلًا منها، فإن مُتْنَ جميعًا أو طلَّقهن، فله أنْ يتزوَّج غيرهن حتى يكمل الأربعة، وهكذا يكون للمؤمن أن يتزوَّج بعدد كثير من النساء.
أما رسول الله- نعم تزوج تسعًا- لكن خاطبه ربه بقوله: {لاَّ يَحِلُّ لَكَ النساء مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ} [الأحزاب: 52] فمَن الذي ضيِّق عليه إذن؟ محمد أم أمته؟
ثم يا قوم تنبهوا إلى الفرق بين الاستثناء في العدد والاستثناء في المعدود، هل استثني الله نبيه في العدد من أربع إلى تسع، أم استثناه في معدود بذاته، استثناه في المعدود لا في العدد، لأنه لو استثناه في العدد لكان له إذا ماتتْ إحدى زوجاته أنْ يتزوَّج بأخرى، إنما وقف به عند معدود بذاته، بحيث لو ماتوا جميعًا ما كان له صلى الله عليه وسلم أنْ يتزوَّج بعدهن.
وبعد ذلك أظلَّ الحكمُ على رسلو الله هكذا؟ لا، إنما كان في بداية الأمر وبعد ذلك حينما استقرتْ الأمور وأَمِن الله رسولَه قال له: افعل ما تشاء، لأنك مأمون على أمتك.
ثم نقول: هَبُوا أن رسول الله له اختيار في هذه المسألة، ولم تكن مُسْبقة، ألم يُؤدِّ فِعْلُه هذا إلى إلغاء عادة التبني؟ ثم أنُزِعَتْ الرسالة من رسول الله بعد أنْ فعل ما فعل؟ إذن: لا يتناقض مراد الله ومراد رسول الله.
والذين تناولوا سيدنا رسول الله في هذه المسألة مثل الذين تناولوا سيدنا يوسف- عليه السلام- لما قال الله فيه: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} [يوسف: 24] وكأنهم أكثر غيرةً على يوسف من ربه عز وجل، نعم همَّ بها يوسف أي: فكَّر فيها أو غير ذلك، ولن نقول لكم على الصواب لتظلوا في حيرتكم، لكن أنزعَ الله منه الرسالةَ بعد ما همَّ بها؟ إذن: همُّه بها لم يناقض الرسالة، فما تقولونه في هذه المسألة فضول منكم.
ثم تأتي العلة في هذه المسألة {لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى المؤمنين حَرَجٌ في أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَرًا} [الأحزاب: 37] ثم تختم الآية بما لا يدع مجالًا للشك في رسول الله: {وَكَانَ أَمْرُ الله مَفْعُولًا} [الأحزاب: 37] أي: لابد أن يحدث، ولن يترك لأيِّ شخص آخر، حتى لا تفسد القضية في إلغاء عادة التبني، إذن، فزواج رسول الله من امرأة مُتبنَّاه ما كان إلا لرفع الحرج عن جميع المؤمنين، والآن يصح لكل مُتبنٍّ أن يتزوج امرأة مُتبنَّاه. اهـ.

.قال صاحب التفسير الواضح:

روى أن رسول اللّه خطب زينب بنت عمته فظنت أن الخطبة لنفسه، فلما تبين أنه يريدها لزيد كرهت ذلك وامتنعت وامتنع أخوها عبد اللّه لنسبها ومكانتها من قريش وأن زيدا كان بالأمس عبدا، فلما نزل قوله تعالى: {وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}.
رضيا وقال أخوها: مرني بما شئت، فزوجها رسول اللّه لزيد.
نعم ليس لمؤمن ولا مؤمنة- بهذا الوصف- إذا أمر اللّه- عز وجل- ورسوله صلّى اللّه عليه وسلّم بأمر أن يعصياه بحال ولا ينبغي منهم ذلك، فالنبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهو حريص عليهم وبهم رءوف رحيم، ومن يختر خلاف أمر اللّه ورسوله فقد عصى وضل ضلالا مبينا يستحق عليه إثما كبيرا.
هذه المرأة التي أكرهت على الزواج من زيد لأنها شريفة وهو عبد أعتق، ولم تقبل إلا امتثالا لأمر اللّه ورسوله، ماذا تنتظر منها؟ مهما كان إيمانها! إنها إنسانة ومعها نفس لوامة، فلم تعاشر زيدا معاشرة الأزواج، وكانت له كارهة وعليه متعالية، وزيد رجل عزيز بالإيمان يعتقد أن أكرم الناس عند اللّه الأتقياء، وأنه لا فضل لإنسان على آخر إلا بالتقوى، لهذا كانت حياتهما الزوجية غير سعيدة، وكان زيد يشكو منها لرسول اللّه كثيرا.
روى أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كان قد أوحى إليه: أن زيدا يطلق زينب وأنه يتزوجها بتزويج اللّه إياها، فلما تشكى زيد للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم من خلق زينب وأنها لا تطيعه، وأعلمه أنه يريد طلاقها قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على جهة الأدب والوصية: «اتّق اللّه في قولك هذا وأمسك عليك زوجك» وهو يعلم أنه سيفارقها زيد ويتزوجها هو- وهذا ما أخفاه النبي في نفسه- ولم يرد أن يأمره بالطلاق لما علم أنه سيتزوجها وخشي الرسول من كلام المنافقين وقولهم: إن محمدا تزوج زينب بعد زيد وهو مولاه.
وقد عاتبه اللّه على هذا القدر حيث خشي الناس في شيء قد أباحه اللّه له لحكمة عالية وعلة سيذكرها القرآن لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ وعاتبه ربه حيث قال لزيد: أمسك عليك زوجك واتق اللّه مع علمه بأنه سيطلق، وحيث خشي الناس واللّه أحق بالخشية في كل حال.
وليس في أمر النبي لزيد بالإمساك وعدم الطلاق- مع علمه بأنه مطلق حتما- شيء، فاللّه يأمر الناس جميعا بالإيمان، وقد علم أن منهم المؤمن المستجيب والكافر الذي يستحيل عليه أن يجيب، وإنما أمره ليقطع عذره، ويقيم عليه حجته.
ولما انقضت عدة زينب خطبها رسول اللّه ودخل بها بغير إذن ولا عقد ولا صداق لأن اللّه زوجها له من فوق سبع سموات.
فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَرًا زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ- مواليهم ومن تبنوهم- إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وكان أمر اللّه في كل شيء مفعولا لا محالة إذ هو صاحب الأمر، وإليه يرجع الأمر كله.
ما كان على النبي من حرج وليس عليه إثم ولا ضيق في كل شيء فرضه اللّه وسنه له وهكذا الأنبياء جميعا، وتلك سنة اللّه في الذين خلوا من قبله من الأنبياء، وكان أمر اللّه قدرا مقدرا من لدن الحكيم الخبير، والعليم البصير، هؤلاء الأنبياء هم الذين يبلغون رسالات ربهم متوكلين عليه لا يخشون أحدا غيره، وهذا شأن المؤمن الصادق، فما بال الأنبياء والمرسلين؟! وكفى باللّه حسيبا ورقيبا، وهو على كل شيء شهيد.
أيها الناس: ليس محمد أبا أحد من رجالكم حتى تقولوا: كيف يتزوج محمد زوجة ابنه ومولاه؟ ولكن كان رسول اللّه وخاتم النبيين وإمام المرسلين لا نبي بعده به ختمت الرسالات، وإليه انتهى الوحى من السماء، وانقطعت الأوامر الإلهية اكتفاء بالأمر الدائم والدستور المحكم الذي أنزل من لدن حكيم خبير على النبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم.
وكان اللّه بكل شيء عليما فجعل محمدا خاتم الأنبياء ورسالته عامة شاملة كاملة فيها الخير إلى يوم القيامة.
ومن المؤسف أن تندس في كتب التفسير أقوال تنسب إلى أكابر العلماء، واللّه يعلم أنهم براء، أو هي في الواقع سموم إسرائيلية، وضعها من أسلم من اليهود عن حسن قصد أو عن سوئه، ومنها ما قيل في تفسير هذه الآيات من نسبة أمور لا تليق بأى رجل عادى فضلا عن أشرف الخلق المشهود له من كافة الناس أنه رجل صادق ذو خلق.
وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [سورة القلم آية 4].
قالوا: إن محمدا رأى زينب فأحبها ثم كتم هذا الحب، ثم لم يجد بدا من إظهاره فأظهره، ورغب في زينب فطلقها زوجها وتزوجها، وزعموا أن العتاب في الآية لكتمان حبه لزينب.
ونظرة بسيطة إلى تاريخ زينب وظروفها في زواج زيد تجعلنا نؤمن بأن سوء العشرة التي كانت بين زينب وزيد إنما هو من اختلافهما اختلافا بينا في الحالة الاجتماعية فزينب شريفة، وزيد كان بالأمس عبدا. وقد أراد اللّه امتحانها بزواج زيد لتحطيم مبدأ العصبية القبلية والشرف الجاهلى، وجعل الشرف في الإسلام والتقوى فخضعت زينب مكرهة، وأسلمت لزيد جسدها دون روحها فكان الألم والضيق.
ومحمد هذا كان يعرف زينب من الصغر لأنها ابنة عمته فمن كان يمنعها منه؟ وكيف يقدم إنسان امرأة لشخص وهي بكر، حتى إذا تزوجها وصارت ثيبا رغب فيها؟
لا يا قوم: تعقلوا ما تقولون. وتفهموا الحق لوجه الحق تدركوه بلا تلبيس ولا تشويش.
وانظر إليهم وهم يقولون: إن الذي أخفاه محمد هو حبه لزينب ولهذا عوتب، وهل يعاتب الشخص لأنه لم يجاهر بحبه لامرأة جاره؟! ولكن الحق هو أن هذا الزواج كان امتحانا في أوله لزينب وأخيها حيث أكرها على قبول زيد، وفي النهاية كان امتحانا قاسيا للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم حيث يؤمر به، ويعلم نهايته، وزينب تحت مولاه زيد، والحكمة- كما نطق القرآن- هو تحطيم مبدأ كان معمولا به ومشهورا عند العرب هو تحريم زواج امرأة الابن من التبني كتحريمها إذا كان الابن من النسب، ولتغلغل العادة في النفوس جاء هدمها على يد النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وعلى يد زيد بن حارثة مولاه.
فالذي كان يكتمه النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في نفسه تأذيه من هذا الزواج المفروض وتراخيه في إنفاذ أمر اللّه به وخوفه من لغط الناس- وبخاصة المنافقين- عند ما يجدون نظام التبني قد انهار بعد ما ألفوه، ولهذا فقد عوتب.
هذه الحادثة تلقفها المستشرقون ومن على شاكلتهم من المسلمين، وخبوا فيها ووضعوا وأباحوا لأنفسهم الخوض في الأعراض، والتكلم في حق النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وتصويره بصورة يترفع عنها كثير من الناس، وكان سندهم في ذلك كله ما نقلته كتب التفسير. اهـ.

.قال محمود غريب:

محّمد صلّ يا ربّ عليه وعلى آله وبارك وسلّم كما تحبه وترضاه آمين.
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وسلام على النبيّ المصطفى؛ أما بعد:
قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} الأحزاب 36 وقال تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} الأحزاب 37 المعرفة الصحيحة لسبب نزول هذه الآيات حصن من الخطأ في فهمها والآيات التي اخترتها في هذا اللقاء اخطأ في فهمها البعض بسبب جهلهم بقصة نزول الآيات والقصة في سطور:
أن النبيّ صلّ يا رب عليه وعلى آله وبارك وسلّم كما تحبه وترضاه أمين أعتق زيدا بن حارثة ثم تبناه وسماه زيد بن محّمد تكريما لإيثار زيد العيش مع النبيّ عبدا على أن يعيش مع أهله ووالده حرا ثمّ عزم النبيّ على تزويج زيد فاختار له السّيدة زينب بنت جحش- بنت عمة النبيّ- وكان النبيّ يهدف من وراء هذا الاختيار إلى تحطيم الأغلال التي وضعتها الجاهلية على العبيد. فلا يتزوجون حرّة ولا يسعدون بعيش وهذه التجربة سوف تنقل تعاليم الإسلام من المثل إلى الواقع ولكن مع نبل التجربة إلا أنها صعبة على نفسيّة زينب أول شريفة يتزوجها عبد وإن أعتق فامتنعت، وامتنع أخوها ولكن السّماء قالت كلمتها في هذا الموضوع فلا اختيار مع أمر الله تعالى قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} الأحزاب 36 أطاعت زينب أمر السّماء وسلّمت جسدها لزيد أمّا قلبها فلا سلطان لها عليه انّك تستطيع أن ترغم فرسك على الذهاب للحوض ولكنّك لا تستطيع أن ترغمها على أن تشربوكان لابد لهذا الزواج أن ينجب المشاكل ويذهب زيد إلى النبيّ صلّ يا رب عليه وعلى آله وبارك وسلّم يشتكي ويطيب النبيّ خاطره ويتألم النبيّ نفسيا لأنه كان يتمنى نجاح التجربة ولكنّ الوحي أخبر النبيّ أن السيدّة زينب ستصبح زوجة له بعد أن يطلقها زيد وفزع النبيّ من هذا الخبر لأنه سوف يفتح عليه أفواه المنافقين.. ويسلط عليه ألسنة الذين استقر في قلوبهم قانون البيئة الذي يحّرم على الرجل أن يتزوج امرأة ابنه من التبني وكتم الرسول صلّ يا رب عليه وعلى آله وبارك وسلّم الخبر راجيا أن يعفيه الله تعالى من هذا الزواج وفي لحظات الخشية من السنة النّاس والرجاء في عفو الله تعالى جاء زيد يخبر النبيّ على طلاق زينب فقال له النبيّ: أمسك عليك زوجك واتق الله وهنا نزلت الآيات: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} الأحزاب 37 وإذ تقول للذي أنعم الله تعالى عليه بنعمة الإسلام وأنعمت عليه بنعمة العتق أمسك عليك زوجك فلا تطلقها واتق الله لان الطلاق أبغض الحلال وتخفي في نفسك ما الله مبديه وهو أنّ زينب ستصبح زوجا لك بعد طلاقها من زيد كما أخبرك الوحي وتخشى الناس أي وتخشى حديث الناس عنك بأنك تزوجت مطلقة ابنك من التبني والله أحق أن تخشاه وحده ولا تخشى معه أحدا فلمّا قضى زيد منها وطرا أي طلقها وانتهت عدتها زوجناكها فالتزويج من الله تعالى وليس للنبيّ أي دخل فيه سامح الله تعالى المفسرين الذين أخطئوا فهم القرآن لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج ادعياهم إذا قضوا منهن وطرا وهذا بيان للحكمة التي من أجلها فرض الله تعالى زواج زينب على النبيّ صلّ يا رب عليه وعلى آله وبارك وسلّم وواضح أن القرآن يستأصل بهذا الزواج ما بقي في أذهان الناس من قوانين الجاهلية المتعلقة بالتبني ومن قبل قد صحّح القرآن نسب المتبنى فقال تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}الأحزاب فلم يبقى بعد ذلك في موضوع التبني إلا أخوّة الإسلام وهي الرباط الاجتماعي المقدس وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا أبعد هذا الوضوح يصح لأحد من المفسرين أن يخطئ فهم القرآن؟ وأن يحّمل الآيات من الأخبار الفاسدة ما نسجته عقول أعداء الإسلام من خيط كرههم لنبيه؟ أقول هذا حتى لا نخطئ فهم القرآن. اهـ.