فصل: قال الشعراوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والمعية في قوله: {اللاتي هاجرن معك} معية المقارنة في الوصف المأخوذ من فعل {هاجرن} فليس يلزم أن يكنَّ قد خرجْنَ مصاحبات له في طريقه إلى الهجرة.
الصنف الثالث: امرأة تَهب نفسها للنبيء صلى الله عليه وسلم أي تجعل نفسها هبة له دون مهر، وكذلك كان النساء قبل الإسلام يفعلن مع عظماء العرب، فأباح الله للنبيء أن يتخذها زوجة له بدون مهر إذا شاء النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فهذا حقيقة لفظ {وهبت} فالمراد من الهبة: تزويج نفسها بدون عوض، أي بدون مهر، وليست هذه من الهبة التي تستعمل في صيغ النكاح إذا قارنها ذكر صداق لأن ذلك اللفظ مجاز في النكاح بقرينة ذكر الصداق ويصح عقد النكاح به عندنا وعند الحنفية خلافًا للشافعي.
فقوله: {وامرأة} عطف على {أزواجك}.
والتقدير: وأحللنا لك امرأة مؤمنة.
والتنكير في {امرأة} للنوعية: والمعنى: ونُعلمك أنا أحللنا لك امرأة مؤمنة بقيد أن تهب نفسها لك وأن تريد أن تتزوجها فقوله: {للنبيء} في الموضعين إظهار في مقام الإِضمار.
والمعنى: إن وهبتْ نفسها لك وأردتَ أن تنكحها.
وهذا تخصيص من عموم قوله: {وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك} فإذا وهبت امرأة نفسها للنبيء صلى الله عليه وسلم وأراد نكاحها جاز له ذلك بدون ذينك الشرطين ولأجل هذا وصفت {امرأة} ب {مؤمنة} ليعلم عدم اشتراط ما عدا الإيمان.
وقد عُدّت زينب بنت خُزيمة الهلالية وكانت تدعى في الجاهلية أمَّ المساكين في اللاتي وهبن أنفسهن، ولم تلبث عنده زينب هذه إلا قليلًا فتوفيت وكان تزوجها سنة ثلاث من الهجرة فليست مما شملته الآية.
ولم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج غيرها ممن وهبت نفسها إليه وهن: أم شريك بنت جابر الدوسية واسمها عزية، وخولة بنت حكيم عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسها فقالت عائشة: أما تستحيي المرأة أن تهب نفسها للرجل، وامرأة أخرى عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم روى ثابت البناني عن أنس قال: «جاءت امرأة إلى رسول الله فعرضت عليه نفسها فقالت: يا رسول الله ألك حاجة بي؟ فقالت ابنةُ أنس وهي تسمع إلى رواية أبيها: ما أقل حياءها وَاسَوأتاه واسوأتاه. فقال أنس: هي خير منك رغبت في النبي فعرضت عليه نفسها».
وعن سهل بن سعد أن امرأة عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجبها. فقال رجل: «يا رسول الله زوجنيها، إلى أن قال له، ملّكناكها بما معك من القرآن» فهذا الصنف حكمه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وذلك أنه نكاح مخالف لسنة النكاح لأنه بدون مهر وبدون ولي.
وقد ورد أن النسوة اللاتي وهبن أنفسهن للنبيء صلى الله عليه وسلم أربع هن: ميمونة بنت الحارث، وزينب بنت خزيمة الأنصارية الملقبة أمّ المساكين، وأم شريك بنت جابر الأسدية أو العامرية، وخولة بنت حكيم بنت الأوقص السَلَمية.
فأما الأوليان فتزوجهما النبي صلى الله عليه وسلم وهما من أمهات المؤمنين والأخريان لم يتزوجهما.
ومعنى {وهبت نفسها للنبيء} أنها ملّكته نفسها تمليكًا شبيهًا بملك اليمين ولهذا عطفت على {ما ملكت يمينك} وأردفت بقوله: {خالصة لك من دون المؤمنين} أي خاصة لك أن تتخذها زوجة بتلك الهبة، أي دون مهر وليس لبقية المؤمنين ذلك.
ولهذا لما وقع في حديث سهل بن سعد المتقدم أن امرأة وهبت نفسها للنبيء صلى الله عليه وسلم وعلم الرجل الحاضر أن النبي عليه الصلاة والسلام لا حاجة له بها سأل النبي عليه الصلاة والسلام أن يُزوجه إياها علمًا منه بأن تلك الهبة لا مهر معها ولم يكن للرجل ما يصدقها إياه، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم منه ذلك فقال له ما عندك؟ قال: ما عندي شيء.
قال: اذهب فالتمس ولو خاتمًا من حديد فذهب ثم رجع فقال: لا والله ولا خاتَمًا من حديد، ولكن هذا إزاري فلها نصفه.
قال سهل: ولم يكن له رداء، فقال النبي: «وما تصنع بإزارك إن لبستَه لم يكن عليها منه شيء وإن لبستْه لم يكن عليك منه شيء ثم قال له ماذا معك من القرآن؟ فقال: معي سورة كذا وسورة كذا لسُور يُعدّدها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ملكناكها بما معك من القرآن».
وفي قوله: {إن وهبت نفسها للنبي} إظهار في مقام الإضمار لأن مقتضى الظاهر أن يقال: إن وهبت نفسها لك.
والغرض من هذا الإِظهار ما في لفظ {النبي} من تزكية فعل المرأة التي تهب نفسها بأنها راغبة لكرامة النبوءة.
وقوله: {إن أراد النبي أن يستنكحها} جملة معترضة بين جملة {إن وهبت} وبين {خالصة} وليس مسوقًا للتقييد إذ لا حاجة إلى ذكر إرادته نكاحها فإن هذا معلوم من معنى الإِباحة، وإنما جيء بهذا الشرط لدفع توهم أن يكون قبوله هبتها نفسها له واجبًا عليه كما كان عرف أهل الجاهلية.
وجوابه محذوف دل عليه ما قبله، والتقدير: إن أراد أن يستنكحها فهي حلال له، فهذا شرط مستقل وليس شرطًا في الشرط الذي قبله.
والعدول عن الإِضمار في قوله: {إن أراد النبي} بأن يقال: إن أراد أن يستنكحها لما في إظهار لفظ {النبي} من التفخيم والتكريم.
وفائدة الاحتراز بهذا الشرط الثاني إبطال عادة العرب في الجاهلية وهي أنهم كانوا إذا وهبت المرأة نفسها للرجل تعين عليه نكاحها ولم يجز له ردُّها، فأبطل الله هذا الالتزام بتخيير النبي عليه الصلاة والسلام في قبول هِبة المرأة نفسها له وعدمه، وليرفع التعيير عن المرأة الواهبة بأن الرد مأذون به.
والسين والتاء في {يستنكحها} ليستا للطلب بل هما لتأكيد الفعل كقول النابغة:
وهم قتلوا الطائي بالحجر عنوةً ** أبا جابر فاستنكحوا أم جابر

أي بنو حُنّ قتلوا أبا جابر الطائي فصارت أم جابر المزوجة بأبي جابر زوجة بني حُنّ، أي زوجة رجل منهم.
وهي مثل السين والتاء في قوله تعالى: {فاستجاب لهم ربهم} [آل عمران: 195].
فتبيَّن من جعل جملة {إن أراد النبي أن يستنكحها} معترضة أن هذه الآية لا يصح التمثيل بها لمسألة اعتراض الشرط على الشرط كما وقع في رسالة الشيخ تقي الدين السبكي المجعولة لاعتراض الشرط على الشرط، وتبعه السيوطي في الفن السابع من كتاب الأشباه والنظائر النحوية، ويلوح من كلام صاحب الكشاف استشعار عدم صلاحية الآية لاعتبار الشرط في الشرط فأخذ يتكلف لتصوير ذلك.
وانتصب {خالصة} على الحال من {امرأة} أي خالصة لك تلك المرأة، أي هذا الصنف من النساء، والخلوص معنيٌّ به عدم المشاركة، أي مشاركةِ بقية الأمة في هذا الحكم إذ مادة الخلوص تجمع معاني التجرّد عن المخالطة.
فقوله: {من دون المؤمنين} لبيان حال من ضمير الخطاب في قوله: {لك} ما في الخلوص من الإجمال في نسبته.
وقد دل وصف {امرأة} بأنها {مؤمنة} أن المرأة غير المؤمنة لا تحل للنبيء عليه الصلاة والسلام بهبة نفسها.
ودل ذلك بدلالة لحن الخطاب أنه لا يحلّ للنبيء صلى الله عليه وسلم تزوج الكتابيات بَلْهَ المشركات، وحكى إمام الحرمين في ذلك خلافًا.
قال ابن العربي: والصحيح عندي تحريمها عليه.
وبهذا يتميز علينا؛ فإن ما كان من جانب الفضائل والكرامة فحظه فيه أكثر وإذا كان لا تحل له من لم تُهاجر لنقصانها فضلَ الهجرة فأحرى أن لا تحلّ له الكتابية الحرة.
{قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ في أزواجهم وَمَا مَلَكَتْ أيْمَانُهُمْ}.
جملة معترضة بين جملة {من دون المؤمنين} وبين قوله: {لكيلا يكون عليك حرج} أو هي حال سببي من المؤمنين، أي حال كونهم قد علمنا ما نَفرض عليهم.
والمعنى: أن المؤمنين مستمر ما شُرع لهم من قبلُ في أحكام الأزواج وما ملكتْ أيمانهم، فلا يَشملهم ما عُيّن لك من الأحكام الخاصة المشروعة فيما تقدم آنفًا، أي قد علمنا أن ما فرضناه عليهم في ذلك هو الَّلائق بحال عموم الأمة دون ما فرضناه لك خاصة.
و{ما فرضنا عليهم} موصول وصلته، وتعدية {فرضنا} بحرف على المقتضي للتكليف والإِيجاب للإِشارة إلى أن من شرائع أزواجهم وما ملكَتْ أيمانهم ما يَوَدُّون أن يخفف عنهم مثل عدد الزوجات وإيجاب المهور والنفقات، فإذا سمعوا ما خص به النبي صلى الله عليه وسلم من التوسعة في تلك الأحكام وَدّوا أن يلحقوا به في ذلك، فسجل الله عليهم أنهم باقون على ما سبق شرعه لهم في ذلك، والإخبار بأن الله قد علم ذلك كناية عن بقاء تلك الأحكام لأن معناه أنّا لم نغفل عن ذلك، أي لم نبطله بل عن علم خصصنا نبيئنا بما خصصناه به في ذلك الشأن، فلا يشمل ما أحللناه له بقيةَ المؤمنين.
وظرفية {في} مجازية لأن المظروف هو الأحكام الشرعية لا ذَوات الأزواج وذواتُ ما ملكته الأيمان.
{لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ الله غَفُورًا رَحِيمًا}.
تعليل لما شرعه الله تعالى في حق نبيئه صلى الله عليه وسلم في الآيات السابقة من التوسعة بالازدياد من عدد الأزواج وتزوج الواهبات أنفسهن دون مهر، وجَعل قبول هبتها موكولًا لإِرادته، وبما أبقى له من مساواته أمته فيما عدا ذلك من الإباحة فلم يضيّق عليه، وهذا تعليم وامتنان.
والحرج: الضيق، والمراد هنا أدنى الحرج، وهو ما في التكليف من بعض الحرج الذي لا تخلو عنه التكاليف، وأما الحرج القوي فمنفي عنه وعن أمته.
ومراتب الحرج متفاوتة، ومناط ما يُنفى عن الأمة منها وما لا ينفى، وتقديراتُ أحوال انتفاء بعضها للضرورة هو ميزان التكليف الشرعي فالله أعلم بمراتبها وأعلم بمقدار تحرج عباده وذلك مبين في مسائل العزيمة والرخصة من علم الأصول، وقد حرر ملاّكه شهاب الدين القرافي في الفرق الرابع عشر من كتابه أنواء البروق.
وقد أشبعنا القول في تحقيق ذلك في كتابنا المسمى مقاصد الشريعة الإسلامية.
وأعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سلك في الأخذ بهذه التوسعات التي رفع الله بها قدره مسلك الكُمّل من عباده وهو أكملهم فلم ينتفع لنفسه بشيء منها فكان عبدًا شكورًا كما قال في حديث استغفاره ربه في اليوم استغفارًا كثيرًا.
والتذييل بجملة {وكان الله غفورًا رحيمًا} تذييل لما شرعه من الأحكام للنبيء صلى الله عليه وسلم لا للجملة المعترضة، أي أن ما أردناه من نفي الحرج عنك هو من متعلقات صفتي الغفران والرحمة اللتين هما من تعلقات الإِرادة والعلم فهما ناشئتان عن صفات الذات، فلذلك جعل اتصاف الله بهما أمرًا متمكّنًا بما دلّ عليه فعل {كان} المشير إلى السابقية والرسوخ كما علمته في مواضع كثيرة. اهـ.

.قال الشعراوي:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ}.
تتحدث الآية عن مسألة اجتماعية تخصُّ حفظ النوع، وحفظ النوع الإنساني لا يتأتَّى إلا بالزواج، وهو وسيلة التكاثر، وأولى مراحل الزواج مرحلة الخِطْبة، وكثيرون لا يفهمون معنى الخِطْبة وحدودها لكل من الرجل والمرأة، فالخِطبة مجرد أنْ يذهب طالب البنت إلى وليِّها ليقول له: أإذا تقدمتُ لطلب يد ابنتك أكون أهلًا للقبول؟
فيقول وليُّها: مرحبًا بك، هذه تسمى خِطْبة، وربما لا يتقدم، فإنْ تقدَّم لها، له أنْ يراها مرة واحدة بين محارمها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للشاب الذي أراد الخطبة: «انظر إليها، فإنه أحْرَى أنْ يُؤدَم بينكما».
وعجيب أنْ يخلط الناس بين الخِطْبة والعقد، فيعطون الخِطْبة صفة العقد، فإذا قيل الوليُّ الخاطبَ اتفق معه على المهر أو الشبكة وعلى كلِّ تفاصيل الزواج، وأباح له أنْ يجلس مع ابنته، وأنْ يتحدث معها، وربما يختلي بها، ويا ليتهم جعلوها عقدًا، فأخرجوا أنفسهم من هذا الحرج.
فالخطبة إنْ عدل عنها الخاطب ما عليهم إلا أنْ يذهب إلى وليِّ البنت فيقول له: لقد طلبتُ منك يد ابنتك وأنا في حِلٍّ من هذا الأمر، أما العقد فلا يُفسخ قبل الدخول إلا بالطلاق، إذن: لا تجعلوها صورة خطبة وموضوعية عقد.
والحق سبحانه وتعالى يُبيِّن لنا في هذه الآية الكريمة ما يتعلَّق بأحكام الطلاق إنْ وقع قبل الدخول بالزوجة: {يا أيها الذين آمنوا إِذَا نَكَحْتُمُ المؤمنات ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49].
فالنكاح هنا مقصود به العقد فقط، وإلا لو قصد به المعنى الآخر لما قال: {مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب: 49] والمسُّ كناية عن الجماع، وهو عملية دائمًا يسترها القرآن بألفاظ لا تدل عليه حقيقة.
والحكم هنا {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] فليس للزوج على زوجته عِدَّة إنْ طلَّقها قبل أنْ يدخل بها؛ لأن العِدَّة إنما كانت لحكمة: فالعدة في حالة الطلاق الرجعي تعطي للزوج فرصة أنْ يراجع زوجته، وأنْ يعيدها بنفسه إلى عصمته، والعدة تكون لاستبراء الرحم والتأكد من خُلوِّه من الحمل، وقد تكون العِدَّة، لا لهذا ولا لذاك، ولكن لأنه تُوفِّي عنها.
فالعِدَّة قبل الدخول لها حكم، وبعد الدخول لها حكم آخر، وهذا الفرق يتضح كذلك في مسألة المهر، فقبل الدخول للزوجة نصف مهرها، كما قال سبحانه: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] وقال هنا: {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 49] فإنْ سُمِّي المهر بين الطرفين فلها نصفه، وإنْ لم يُسَمَّ فلها نصف مهر المثْل.
أما العِدَّة بعد الدخول ففيها تفصيل، بحيث تختلف من حالة لأخرى بما يناسب الحالة التي تشرع فيها العِدَّة، والعِدَّة كما قلنا: تدل على أنها شيء معدود، فإنْ كانت المرأة من ذوات الحيض، فهي ثلاث حيضات، ليتأكد خلالها استبراء الرحم، لكن الرحم يستبريء من مرة واحدة، فلماذا جعلها الله ثلاث حيضات؟
قالوا: الهدف من ذلك إعطاء الزوج فرصة، فقد يراجع نفسه وتهدأ نفسه، فيراجع زوجته في هذه المدة، فالشرع هنا يراعي بناء الأسرة، أَلاَ ترى أن الحق سبحانه شرع التقاء الزوج بزوجته بكلمة: زوِّجني وزوَّجتك، أما في حالة الطلاق والفراق بين الزوجين، فجعله على ثلاث مراحل؛ لأن الله تعالى يريد ألاَّ يجعل للغضب العابر سبيلًا لنقْضِ كلمة الله في الزواج.
وأذكر أنهم كانوا يسألوننا سؤالًا وكأنه لغز: أو يعتدُّ الرجل؟ أو: أو ليس للمرأة عِدَّةٌ عند الرجل؟ قالوا: نعم، يعتدُّ الرجل في حالة واحدة وهي: إذا تزوج امرأة ثم طلقها، وأراد أن يتزوج بأختها، فعليه أن يمضي العدة ليحلَّ له الزواج بأختها.
أما عِدَّة التي انقطع عنها الحيض فثلاثة أشهر، وعدة الحامل أنْ تضع حملَها، أما عدة المتوفَّي عنها زوجها فأربعة أشهر وعشرة أيام، لكن ما الحكم إذا اجتمع للمرأة الحملُ مع وفاة الزوج، فكيف تعتدُّ؟ قالوا: تعتدُّ في هذه الحالة بأبعد الأجلين: الحمل، أو الأربعة أشهر وعشرة أيام.