فصل: قال البيضاوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقيل: الذي أخفى في نفسه تعلق قلبه بها ومودة مفارقة زيد إياها.
والواو في {وَتُخْفِى في نِفْسِكَ} {وَتَخْشَى الناس} أي قالة الناس إنه نكح امرأة ابنه {والله أَحَقُّ أَن تخشاه} واو الحال أي تقول لزيد أمسك عليك زوجك مخفيًا في نفسك إرادة أن لا يمسكها وتخفي خاشيًا قالة الناس وتخشى الناس حقيقًا في ذلك بأن تخشى الله.
وعن عائشة رضي الله عنها: لو كتم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا مما أوحي إليه لكتم هذه الآية.
{فَلَمَّا قضى زَيْدٌ مّنْهَا وَطَرًا} الوطر الحاجة فإذا بلغ البالغ حاجته من شيء له فيه همة.
قيل: قضى منه وطره، والمعنى فلما لم يبق لزيد فيها حاجة وتقاصرت عنها همته وطلقها وانقضت عدتها {زوجناكها}.
روي أنها لما اعتدت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد: «ما أجد أحدًا أوثق في نفسي منك: أخطب عليّ زينب» قال زيد: فانطلقت وقلت: يا زينب أبشري إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبك ففرحت وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل بها وما أولم على امرأة من نسائه ما أولم عليها، ذبح شاة وأطعم الناس الخبز واللحم حتى امتد النهار {لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى المؤمنين حَرَجٌ في أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَرًا} قيل: قضاء الوطر إدراك الحاجة وبلوغ المراد منه {وَكَانَ أَمْرُ الله} الذي يريد أن يكونه {مَفْعُولًا} مكونًا لا محالة وهو مثل لما أراد كونه من تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب.
{مَّا كَانَ عَلَى النبى مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ الله لَهُ} أحل له وأمر له وهو نكاح زينب امرأة زيد أو قدر له من عدد النساء {سُنَّةَ الله} اسم موضع موضع المصدر كقولهم ترابًا وجندلًا مؤكد لقوله: {مَّا كَانَ عَلَى النبى مِنْ حَرَجٍ} كأنه قيل: سن الله ذلك سنة في الأنبياء الماضين وهو أن لا يحرج عليهم في الإقدام على ما أباح لهم ووسع عليهم في باب النكاح وغيره، وقد كانت تحتهم المهائر والسراري وكانت لداود مائة امرأة وثلثمائة سرية ولسليمان ثلثمائة حرة وسبعمائة سرية {فِى الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلُ} في الأنبياء الذين مضوا من قبل {وَكَانَ أَمْرُ الله قَدَرًا مَّقْدُورًا} قضاء مقضيًا وحكمًا مبتوتًا، ولا وقف عليه إن جعلت {الذين يُبَلّغُونَ رسالات الله} بدلًا من {الذين} الأول، وقف إن جعلته في محل الرفع أو النصب على المدح أي هم الذين يبلغون أو أعني الذي يبلغون {وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ الله} وصف الأنبياء بأنهم لا يخشون إلا اللّه تعريض بعد التصريح في قوله: {وَتَخْشَى الناس والله أَحَقُّ أَن تخشاه} {وكفى بالله حَسِيبًا} كافيًا للمخاوف ومحاسبًا على الصغيرة والكبيرة فكان جديرًا بأن تخشى منه.
{مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مّن رّجَالِكُمْ} أي لم يكن أبا رجل منكم حقيقة حتى يثبت بينه وبينه ما يثبت بين الأب وولده من حرمة الصهر والنكاح، والمراد من رجالكم البالغين، والحسن والحسين لم يكونا بالغين حينئذ والطاهر والطيب والقاسم وإبراهيم توفوا صبيانًا {ولكن} كان {رَسُولِ الله} وكل رسول أبو أمته فيما يرجع إلى وجوب التوقير والتعظيم له عليهم ووجوب الشفقة والنصيحة لهم عليه لا في سائر الأحكام الثابتة بين الآباء والأبناء، وزيد واحد من رجالكم الذين ليسوا بأولاده حقيقة فكان حكمه كحكمكم والتبني من باب الاختصاص والتقريب لا غير {وَخَاتَمَ النبيين} بفتح التاء عاصم بمعنى الطابع أي آخرهم يعني لا ينبأ أحد بعده وعيسى ممن نبي قبله، وحين ينزل ينزل عاملًا على شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كأنه بعض أمته.
وغيره بكسر التاء بمعنى الطابع وفاعل الختم.
وتقوّيه قراءة ابن مسعود {ولكن نَبِيًّا خَتَمَ النبيين} {وَكَانَ الله بِكُلّ شيء عَلِيمًا يا أيّها الذين ءامَنُواْ اذكروا الله ذِكْرًا كَثِيرًا} أثنوا عليه بضروب الثناء وأكثروا ذلك {وَسَبّحُوهُ بُكْرَةً} أول النهار {وَأَصِيلًا} آخر النهار، وخصا بالذكر لأن ملائكة الليل وملائكة النهار يجتمعون فيهما.
وعن قتادة: قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
والفعلان أي اذكروا الله وسبحوه موجهان إلى البكرة والأصيل كقولك صم وصل يوم الجمعة.
والتسبيح من جملة الذكر، وإنما اختص من بين أنواعه اختصاص جبريل وميكائيل من بين الملائكة إبانة لفضله على سائر الأذكار، لأن معناه تنزيه ذاته عما لا يجوز عليه من الصفات.
وجاز أن يراد بالذكر وإكثاره تكثير الطاعات والعبادات فإنها من جملة الذكر، ثم خص من ذلك التسبيح بكرة وهي صلاة الفجر وأصيلًا وهي صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء أو صلاة الفجر والعشاءين.
{هُوَ الذي يُصَلّى عَلَيْكُمْ وَمَلَئِكَتُهُ} لما كان من شأن المصلي أن ينعطف في ركوعه وسجوده استعير لمن ينعطف على غيره حنوًا عليه وترؤفًا كعائد المريض في انعطافه عليه والمرأة في حنوها على ولدها، ثم كثر حتى استعمل في الرحمة والترؤف ومنه قولهم صلى الله عليك أي ترحم عليك وترأف.
والمراد بصلاة الملائكة قولهم اللهم صل على المؤمنين جعلوا لكونهم مستجابي الدعوة كأنهم فاعلون الرحمة والرأفة، والمعنى هو الذي يترحم عليكم ويترأف حين يدعوكم إلى الخير ويأمركم بإكثار الذكر والتوفر على الصلاة والطاعة {لِيُخْرِجَكُمْ مّنَ الظلمات إِلَى النور} من ظلمات المعصية إلى نور الطاعة {وَكَانَ بالمؤمنين رَحِيمًا} هو دليل على أن المراد بالصلاة الرحمة.
وروي أنه لما نزل {إِنَّ الله وملائكته يُصَلُّونَ عَلَى النبى} قال أبو بكر: ما خصك الله يا رسول الله بشرف إلا وقد أشركنا فيه فنزلت {تَحِيَّتُهُمْ} من إضافة المصدر إلى المفعول أي تحية الله لهم {يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} يرونه {سلام} يقول الله تبارك وتعالى السلام عليكم {وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا} يعني الجنة.
{يا أيّها النبى إِنَّا أرسلناك شَاهِدًا} على من بعثت إليهم وعلى تكذيبهم وتصديقهم أي مقبولًا قولك عند الله لهم وعليهم.
كما يقبل قول الشاهد العدل في الحكم، وهو حال مقدرة كما تقول مررت برجل معه صقر صائدًا به إي مقدرًا به الصيد غدًا {وَمُبَشّرًا} للمؤمنين بالجنة {وَنَذِيرًا} للكافرين بالنار {وَدَاعِيًا إِلَى الله بِإِذْنِهِ} بأمره أو بتيسيره والكل منصوب على الحال {وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} جلا به الله ظلمات الشرك واهتدى به الضالون كما يجلى ظلام الليل بالسراج المنير ويهتدى به.
والجمهور على أنه القرآن فيكون التقدير وذا سراج منير أو وتاليًا سراجًا منيرًا، ووصف بالإنارة لأن من السرج ما لا يضيء إذا قل سليطه ودقت فتيلته، أو شاهدًا بواحدانيتنا ومبشرًا برحمتنا ونذيرًا بنقمتنا وداعيًا إلى عبادتنا وسراجًا وحجة ظاهرة لحضرتنا {وَبَشّرِ المؤمنين بِأَنَّ لَهُمْ مّنَ الله فَضْلًا كِبِيرًا} ثوابًا عظيمًا {وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين} المراد به التهييج أو الدوام والثبات على ما كان عليه {وَدَعْ أَذَاهُمْ} هو بمعنى الإيذاء فيحتمل أن يكون مضافًا إلى الفاعل أي اجعل إيذاءهم إياك في جانب ولا تبال بهم ولا تخف عن إيذائهم، أو إلى المفعول أي دع إيذاءك إياهم مكافأة لهم {وَتَوَكَّلْ عَلَى الله} فإنه يكفيكهم {وكفى بالله وَكِيلًا} وكفى به مفوضًا إليه.
وقيل: إن الله تعالى وصفه بخمسة أوصاف وقابل كلًا منها بخطاب مناسب له، قابل الشاهد {وَبَشّرِ المؤمنين} لأنه يكون شاهدًا على أمته وهم يكونون شهداء على سائر الأمم وهو الفضل الكبير، والمبشر بالإعراض عن الكافرين والمناققين لأنه إذا أعرض عنهم أقبل جميع إقباله على المؤمنين وهو مناسب للبشارة، والنذير ب {وَدَعْ أَذَاهُمْ} لأنه إذا ترك أذاهم في الحاضر والأذى لابد له من عقاب عاجل أو آجل كانوا منذرين به في المستقبل، والداعي إلى الله بتيسيره بقوله: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الله} فإن من توكل على الله يسر عليه كل عسير، والسراج المنير بالإكتفاء به وكيلًا لأن من أناره الله برهانًا على جميع خلقه كان جديرًا بأن يكتفى به عن جميع خلقه.
{يا أيّها الذين ءامَنُواْ إِذَا نَكَحْتُمُ المؤمنات} أي تزوجتتم.
والنكاح هو الوطء في الأصل وتسمية العقد نكاحًا لملابسته له من حيث إنه طريق إليه كتسمية الخمر إثمًا لأنه سببه، وكقول الراجز:
أسنمة الآبال في سحابه

سمى الماء بأسنمة الآبال لأنه سبب سمن الآبال وارتفاع أسنمتها.
ولم يرد لفظ النكاح في كتاب الله تعالى إلا في معنى العقد لأنه في معنى الوطء من باب التصريح به، ومن آداب القرآن الكناية عنه بلفظ الملامسة والمماسة والقربان والتغشي والإتيان.
وفي تخصيص المؤمنات مع أن الكتابيات تساوي المؤمنات في هذا الحكم إشارة إلى أن الأولى بالمؤمن أن ينكح مؤمنة {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ} والخلوة الصحيحة كالمس {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} فيه دليل على أن العدة تجب على النساء للرجال.
ومعنى {تَعْتَدُّونَهَا} تستوفون عددها تفتعلون من العد {فَمَتّعُوهُنَّ} والمتعة تجب للتي طلقها قبل الدخول بها ولم يسم لها مهر دون غيرها {وَسَرّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} أي لا تمسكوهن ضرارًا وأخرجوهن من منازلكم إذ لا عدة لكم عليهن.
{يا أيّها النبى إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أزواجك اللاتى ءاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} مهورهن إذ المهر أجر على البضع ولهذا قال الكرخي: إن النكاح بلفظ الإجارة جائز.
وقلنا: التأييد من شرط النكاح والتأقيت من شرط الإجارة وبينهما منافاة.
وإيتاؤها إعطاؤها عاجلًا أو فرضها وتسميتها في العقد {وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْكَ} وهي صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما {وَبَنَاتِ عَمّكَ وَبَنَاتِ عماتك وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خالاتك اللاتى هاجرن مَعَكَ} ومع ليس للقران بل لوجودها فحسب كقوله: {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سليمان} [النمل: 44] وعن أم هانيء بنت أبي طالب: خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذرت فعذرني فأنزل الله هذه الآية، فلم أحل له لأني لم أهاجر معه {وامرأة مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِىّ} وأحللنا لك من وقع لها أن تهب لك نفسها نولا تطلب مهرًا من النساء المؤمنات إن اتفق ذلك ولذا نكرها.
قال ابن عباس: هو بيان حكم في المستقبل ولم يكن عنده أحد منهن بالهبة.
وقيل: الواهبة نفسها ميمونة بنت الحرث أو زينب بنت خزيمة أو أم شريك بنت جابر أو خولة بنت حكيم.
وقرأ الحسن {أن} بالفتح على التعليل بتقدير حذف اللام.
وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه بغير {إن} {إِنْ أَرَادَ النبى أَن يَسْتَنكِحَهَا} استنكاحها طلب نكاحها والرغبة فيه.
وقيل: نكح واستنكح بمعنى، والشرط الثاني تقييد للشرط الأول شرط في الإحلال هبتها نفسها وفي الهبة إرادة استنكاح رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه قال: أحللناها لك إن وهبت لك نفسها وأنت تريد أن تستنكحها لأن إرادته هي قبول الهبة وما به تتم، وفيه دليل جواز النكاح بلفظ الهبة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته سواء في الأحكام إلا فيما خصه الدليل {خَالِصَةٌ} بلا مهر حال من الضمير في {وَهَبَتْ} أو مصدر مؤكد أي خلص لك إحلال ما أحللنا لك خالصة بمعنى خلوصًا والفاعلة في المصادر غير عزيز كالعافية والكاذبة {لَّكَ مِن دُونِ المؤمنين} بل يجب المهر لغيرك وإن لم يسمه أو نفاه.
عدل عن الخطاب إلى الغيبة في قوله: {إِنْ أَرَادَ النبى} ثم رجع إلى الخطاب ليؤذن أن الاختصاص تكرمة له لأجل النبوة وتكريره أي تكرير النبي تفخيم له.
{قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ في أزواجهم} أي ما أوجبنا من المهور على أمتك في زوجاتهم أو ما أوجبنا عليهم في أزواجهم من الحقوق {وَمَا مَلَكَتْ أيمانهم} بالشراء وغيره من وجوه الملك.
وقوله: {لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ} ضيق متصل ب {خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المؤمنين} وقوله: {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ في أزواجهم وَمَا مَلَكَتْ أيمانهم} جملة اعتراضية {وَكَانَ الله غَفُورًا رَّحِيمًا} بالتوسعة على عباده. اهـ.

.قال البيضاوي:

{وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ} ومن يدم على الطاعة.
{لِلَّهِ وَرَسُولِهِ} ولعل ذكر الله للتعظيم أو لقوله: {وَتَعْمَلْ صالحا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ} مرة على الطاعة ومرة على طلبهن رضا النبي عليه الصلاة والسلام بالقناعة وحسن المعاشرة. وقرأ حمزة والكسائي {ويعمل} بالياء حملًا على لفظ {من ويؤتها} على أن فيه ضمير اسم الله.
{وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا} في الجنة زيادة على أجرها.
{يانساء النبى لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ النساء} أصل أحد وحد بمعنى الواحد، ثم وضع في النفي العام مستويًا فيه المذكر والمؤنث والواحد والكثير، والمعنى لستن كجماعة واحدة من جماعات النساء في الفضل.
{إِنِ اتقيتن} مخالفة حكم الله ورضا رسوله.
{فَلاَ تَخْضَعْنَ بالقول} فلا تجئن بقولكن خاضعًا لينًا مثل قول المريبات.
{فَيَطْمَعَ الذي في قَلْبِهِ مَرَضٌ} فجور وقُرئ بالجزم عطفًا على محل فعل النهي على أنه نهى مريض القلب عن الطمع عقيب نهيهن عن الخضوع بالقول.
{وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا} حسنًا بعيدًا عن الريبة.
{وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ} من وقر يقر وقارًا أو من قر يقر حذفت الأولى من راءي اقررن ونقلت كسرتها إلى القاف، فاستغني عن همزة الوصل ويؤيده قراءة نافع وعاصم بالفتح من قررت أقر وهو لغة فيه، ويحتمل أن يكون من قار يقار إذا اجتمع.
{وَلاَ تَبَرَّجْنَ} ولا تتبخترن في مشيكن.
{تَبَرُّجَ الجاهلية الأولى} تبرجًا مثل تبرج النساء في أيام الجاهلية القديمة، وقيل هي ما بين آدم ونوح، وقيل الزمان الذي ولد فيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام كانت المرأة تلبس درعًا من اللؤلؤ فتمشي وسط الطريق تعرض نفسها على الرجال والجاهلية الأخرى ما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وقيل الجاهلية الأولى جاهلية الكفر قبل الإِسلام، والجاهلية الأخرى جاهلية الفسوق في الإِسلام ويعضده قوله عليه الصلاة والسلام لأبي الدرداء رضي الله عنه «إن فيك جاهلية، قال جاهلية كفر أو إسلام قال بل جاهلية كفر» {وَأَقِمْنَ الصلاة وَءَاتِينَ الزكوة وَأَطِعْنَ الله وَرَسُولَهُ} في سائر ما أمركن به ونهاكن عنه.
{إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس} الذنب المدنس لعرضكم وهو تعليل لأمرهن ونهيهن على الاستئناف ولذلك عمم الحكم.
{أَهْلَ البيت} نصب على النداء أو المدح.
{وَيُطَهّرَكُمْ} عن المعاصي.
{تَطْهِيرًا} واستعارة الرجس للمعصية والترشيح بالتطيهر للتنفير عنها، وتخصيص الشيعة أهل البيت بفاطمة وعلي وابنيهما رضي الله عنهم لما روي «أنه عليه الصلاة والسلام خرج ذات غدوة وعليه مرط مرجل من شعر أسود فجلس فأتت فاطمة رضي الله عنها فأدخلها فيه، ثم جاء علي فأدخله فيه ثم جاء الحسن والحسين رضي الله عنهما فأدخلهما فيه ثم قال: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس أَهْلَ البيت}» والاحتجاج بذلك على عصمتهم وكون إجماعهم حجة ضعيف لأن التخصيص بهم لا يناسب ما قبل الآية وما بعدها، والحديث يقتضي أنهم من أهل البيت لا أنه ليس غيرهم.