فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وصلاة اللّه سبحانه وتعالى- كما قلنا- هي الرحمة، والإحسان، والرضوا.
وصلاة الملائكة، هي الدعاء والاستغفار.. أما صلاة المؤمنين على النبي فهى دعاؤهم اللّه سبحانه أن يصلى عليه، وأن يديم هذه الصلاة، ويضاعفه.
فيضاعف من رحمته وإحسانه ورضوانه على رسول.
وأما التسليم من المؤمنين على النبي، فهو تسليم عليه وتسليم له.. تسليم عليه بالدعاء له بالأمن والسلام من اللّه: «السلام عليك أيها النبي».. والتسليم له من المؤمنين بالطاعة والولا.
فهذه الصلاة، وهذا التسليم من المؤمنين هو بعض ما يجزى به المؤمنون النبىّ من إحسان في مقابل الإحسان العظيم الذي أحسن به إليهم، إذ هداهم إلى الإيمان، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، وسلك بهم الطريق إلى رضوان اللّه، وإلى جنات لهم فيها نعيم مقيم.. فما أقلّ ما يجزى به المؤمن، هذا الإحسان الذي لرسول اللّه في عنقه! قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذابًا مُهِينًا}. وإذا كانت الصلاة على النبىّ، والتسليم عليه وله من المؤمنين، هي بعض المطلوب منهم، جزاء إحسان النبىّ إليهم، فإن بعض الناس لا يجزون هذا الإحسان بالإحسان، بل يلقونه بالمساءة والض.
وقد توعّد اللّه سبحانه هؤلاء الذين يؤذون رسول اللّه، باللعنة في الدنيا والآخرة، وبالعذاب المهين، يوم الحساب والجزا.
وفي قال تعالى: {يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} تعظيم لشأن الرسول، وتغليظ للجرم الذي يقع في ساحة حرمه، من الكافرين، والمنافقين، ومن في قلوبهم مرض.. فهذا الذي يسوء النبىّ ويؤذيه من أقوال أهل الضلال وأفعالهم، يؤذى اللّه سبحانه وتعالى.. فكيف تكون نقمة اللّه ممن يؤذيه؟
ذلك ما لا يمكن تصوره! قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}. إن أهل السّوء مؤاخذون بجناياتهم، أيّا كان موقع هذه الجنايات.. ولكنها حين تكون في حق النبي تكون جنايات غليظة، وعدوانا آثما، إذ كان النبىّ داعية خير، ورسول هدى ورحمة.. فإذا لم يكن- والحال كذلك- ثمة جزاء بالإحسان، لقاء هذا الإحسان، فلا أقلّ من ألا يكون بغى وعدوان.. فإذا كان بغى وعدوان، فهو البلاء المبين، والإثم العظي.
والمؤمنون والمؤمنات، هم أولياء اللّه، وهم جنده في الأرض، ورسله بين الناس.. والعدوان عليهم- بغير ما اكتسبوا- عدوان على الحقّ، واجتراء على حرم اللّه.. ومن ثمّ، فإن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا، فقد احتملوا بهتانا، أي افتراء وعدوانا على الحق، وباءوا بإثم عظيم، يلقون جزاءه عذابا ونكال.
وفي قال تعالى: {بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} احتراس من الأذى الذي ينال المؤمنين والمؤمنات بما كسبت أيديهم.. فهذا الأذى لا يدخل في الحكم الذي ينال من يؤذونهم لغير ذنب ارتكبوه.. فالمؤمن والمؤمنة، قد يسرقان فتقطع أيديهما.. وهذا أذى لهما، ولكنه أذى لا يؤاخذ عليه من أقام الحدّ عليهما.. وهكذا كل أذى يقع على المؤمن والمؤمنة في مقابل ذن.
هذا، ولم يجىء هذا الاحتراس في قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} حيث لا يتصور أن يكون من رسول اللّه كسب يستحق عليه أذى.. ومعاذ اللّه! فقد حرسه اللّه من كل سوء، وحماه من المعاثر والمزالق.. وأكثر من هذا فقد جعله اللّه في ضمانه، إذ ضمه إلى جنابه، وجعل أذاه أذى له!. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)}.
أعقبت أحكام معاملة أزواج النبي عليه الصلاة والسلام بالثناء عليه وتشريف مقامه إيماء إلى أن تلك الأحكام جارية على مناسبة عظمة مقام النبي عليه الصلاة والسلام عند الله تعالى، وإلى أن لأزواجه من ذلك التشريف حظًّا عظيمًا.
ولذلك كانت صيغة الصلاة عليه التي علَّمها للمسلمين مشتملة على ذكر أزواجه كما سيأتي قريبًا، وليُجعل ذلك تمهيدًا لأمر المؤمنين بتكرير ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بالثناء والدعاء والتعظيم، وذُكرَ صلاة الملائكة مع صلاة الله ليكون مثالًا من صلاة أشرف المخلوقات على الرسول لتقريب درجة صلاة المؤمنين التي يؤمرون بها عقب ذلك، والتأكيد للاهتمام.
ومجيء الجملة الإسمية لتقوية الخبر، وافتتاحها باسم الجلالة لإِدخال المهابة والتعظيم في هذا الحكم، والصلاة من الله والملائكة تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته} في هذه السورة (43).
وهذه صلاة خاصة هي أرفع صلاة مما شمله قوله: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته} لأن عظمة مقام النبي يقتضي عظمة الصلاة عليه.
وجملة {يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه} هي المقصودة وما قبلها توطئة لها وتمهيد لأن الله لما حَذّر المؤمنين من كل ما يؤذي الرسول عليه الصلاة والسلام أعقبه بأن ذلك ليس هو أقصى حظهم من معاملة رسولهم أن يتركوا أذاه بل حظُّهم أكبر من ذلك وهو أن يُصَلُّوا عليه ويُسَلِّمُوا، وذلك هو إكرامهم الرسول عليه الصلاة والسلام فيما بينهم وبين ربهم فهو يدل على وجوب إكرامه في أقوالهم وأفعالهم بحضرته بدلالة الفحوى، فجملة {يا أيها الذين آمنوا} بمنزلة النتيجة الواقعة بعد التمهيد.
وجيء في صلاة الله وملائكته بالمضارع الدال على التجديد والتكرير ليكون أمر المؤمنين بالصلاة عليه والتسليم عقب ذلك مشيرًا إلى تكرير ذلك منهم إسوة بصلاة الله وملائكته.
والأمر بالصلاة عليه معناه: إيجاد الصلاة، وهي الدعاء، فالأمر يئول إلى إيجاد أقوال فيها دعاء وهو مجمل في الكيفية.
والصلاة: ذِكر بخير، وأقوال تجلب الخير، فلا جرم كان الدعاء هو أشهر مسميات الصلاة، فصلاة الله: كلامه الذي يُقدِّر به خيرًا لرسوله صلى الله عليه وسلم لأن حقيقة الدعاء في جانب الله معطّل، لأن الله هو الذي يدعوه الناس، وصلاة الملائكة والناسِ: استغفار ودعاء بالرحمات.
وظاهر الأمر أن الواجب كلُّ كلام فيه دعاء للنبيء صلى الله عليه وسلم ولكن الصحابة لما نزلت هذه الآية سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية هذه الصلاة قالوا: يا رسول الله هذا السلام عليك قد علمناه فكيف نصلي عليك؟ يعنون أنهم علِموا السلام عليه من صيغة بثّ السلام بين المسلمين وفي التشهد فالسلام بين المسلمين صيغته: السلام عليكم.
والسلام في التشهد هو «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته» أو «السلام على النبي ورحمة الله وبركاته».
فقال رسول الله: قولوا: «اللهم صلّ على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد».
هذه رواية مالك في الموطأ عن أبي حُميد الساعدي.
وروي أيضًا عن أبي مسعود الأنصاري بلفظ «وعلى آل محمد» عن أزواجه وذريته في الموضعين وبزيادة «في العالمين»، قبل: «إنك حميد مجيد والسلامُ كما قد علمتم».
وهما أصح ما روي كما قال أبو بكر بن العربي.
وهناك روايات خمس أخرى متقاربة المعنى وفي بعضها زيادة وقد استقصاها ابن العربي في أحكام القرآن.
ومرجع صيغها إلى توجه إلى الله بأن يفيض خيرات على رسوله صلى الله عليه وسلم لأن معنى الصلاة الدعاء، والدعاء من حسن الأقوال، ودعاء المؤمنين لا يتوجه إلاّ إلى الله.
وظاهر صيغة الأمر مع قرينة السياق يقتضي وجوب أن يصلي المؤمن على النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه كان مجملًا في العدد فَمَحْمَله مَحْمل الأمر المُجمل أن يفيد المرة لأنها ضرورية لإِيقاع الفعل ولمقتضَى الأمر.
ولذلك اتفق فقهاء الأمة على أن واجبًا على كل مؤمن أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مرة في العمر، فجعلوا وقتها العمرَ كالحج.
وقد اختلفوا فيما زاد على ذلك في حكمه ومقداره، ولا خلاف في استحباب الإِكثار من الصلاة عليه وخاصة عند وجود أسبابها.
قال الشافعي وإسحاق ومحمد بن الموازِ من المالكية واختاره أبو بكر بن العربي من المالكية: إن الصلاة عليه فرض في الصلاة فمن تركها بطلت صلاته.
قال إسحاق: ولو كان ناسيًا.
وظاهر حكايتهم عن الشافعي أن تركها إنما يبطل الصلاة إذا كان عمدًا وكأنهم جعلوا ذلك بيانًا للإِجمال الذي في الأمر من جهة الوقت والعدد، فجعلوا الوقت هو إيقاع الصلاة للمقارنة بين الصلاة والتسليم، والتسليمُ وارد في التشهد، فتكون الصلاة معه على نحو ما استدل أبو بكر الصديق رضي الله عنه من قوله: لأقاتلنّ من فَرق بين الصلاة والزكاة، فإذا كان هذا مأخذهم فهو ضعيف لأن الآية لم ترد في مقام أحكام الصلاة، وإلا فليس له أن يبين مجملًا بلا دليل.
وقال جمهور العلماء: هي في الصلاة مستحبة وهي في التشهد الأخير وهو الذي جرى عليه الشافعية أيضًا.
قال الخطابي: ولا أعلم للشافعي فيها قُدوة وهو مخالف لعمل السلف قبله، وقد شنع عليه في هذه المسألة جدًا.
وهذا تشهد ابن مسعود الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم والذي اختاره الشافعي ليس فيه الصلاة على النبي، كذلك كل من روَى التشهد عن رسول الله.
قال ابن عمر: كان أبو بكر يعلمنا التشهد على المنبر كما تعلمون الصبيان في الكتَّاب، وعلمه أيضًا على المنبر عمر، وليس في شيء من ذلك ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قلت: فمن قال إنها سنة في الصلاة فإنما أراد المستحب.
وأما حديث: «لا صلاة لمن لم يصل عليَّ» فقد ضعفه أهل الحديث كلهم.
ومن أسباب الصلاة عليه أن يصلي عليه من جرى ذكره عنده، وكذلك في افتتاح الكتب والرسائِل، وعند الدعاء، وعند سماع الأذان، وعند انتهاء المؤذن، وعند دخول المسجد، وفي التشهد الأخير.
وفي التوطئة للأمر بالصلاة على النبي بذكر الفعل المضارع في {يصلون} إشارة إلى الترغيب في الإِكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تأسيًَّا بصلاة الله وملائكته.
واعلم أنا لم نقف على أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون على النبي كلما جرى ذكر اسمه ولا أن يكتبوا الصلاة عليه إذا كتبوا اسمه ولم نقف على تعيين مبدأ كتابة ذلك بين المسلمين.
والذي يبدو أنهم كانوا يصلون على النبي إذا تذكروا بعض شئونه كما كانوا يترحمون على الميِّت إذا ذكروا بعض محاسنه.
وفي السيرة الحلبية: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترى عمر من الدهش ما هو معلوم وتكلم أبو بكر بما هو معلوم قال عمر: إنا لله وإنا إليه راجعون صلواتُ الله على رسوله وعند الله نحتسب رسوله وروى البخاري في باب: متى يحلّ المعتمر: عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تقول كلما مرت بالحَجون صلى الله على رسوله محمد وسلم لقد نزلنا معه هاهنا ونحن يومئذٍ خِفاف إلى آخره.
وفي باب ما يقول عند دخول المسجد من جامع الترمذي حديث فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة الكبرى قالت: كان رسول الله إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم وقال: رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج صلى على محمد وسلم وقال: رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك، قال الترمذي: حديث حسن وليس إسناده بمتصل.
ومن هذا القبيل ما ذكره ابن الأثير في التاريخ الكامل في حوادث سنة خمس وأربعين ومائة: أن عبد الله بن مصعب بن ثابت رثى محمدًا النفس الزكية بأبيات منها:
والله لوْ شهد النبي محمد ** صلى الإله على النبي وسَلَّمًا

ثم أحدثت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في أوائل الكتب في زمن هارون الرشيد، ذكر ذلك ابن الأثير في الكامل في سنة إحدى وثمانين ومائة، وذكره عياض في الشفاء، ولم يذكرا صيغة التصلية.
وفي المخصص لابن سيده في ذكر الخُف والنعل: إن أبا مُحَلِّم بعث إلى حذَّاء بنعل ليحذوها وقال له: «ثم سُنَّ شَفْرَتك وسُنّ رأس الإِزميل ثم سَمِّ باسم الله وصلّ على محمد ثم انحها» إلى آخره.
ولا شك أن إتباع اسم النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه في كتب الحديث والتفسير وغيرها كان موجودًا في القرن الرابع، وقد وقفت على قطعة عتيقة من تفسير يحيى بن سلام البصري مؤرخ نسخها سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة فإذا فيها الصلاة على النبي عقب ذكره اسمه.
وأحسب أن الذين سنُّوا ذلك هم أهل الحديث.
قال النووي في مقدمة شرحه على صحيح مسلم يستحب لكاتب الحديث إذا مر بذكر الله أن يكتب عز وجل، أو تعالى، أو سبحانه وتعالى، أو تبارك وتعالى، أو جل ذكره، أو تبارك اسمه، أو جلت عظمته، أو ما أشبه ذلك، وكذلك يكتب عند ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكمالها لا رامزًا إليها ولا مقتصرًا على بعضها، ويكتب ذلك وإن لم يكن مكتوبًا في الأصل الذي ينقل منه فإن هذا ليس رواية وإنما هو دعاء.
وينبغي للقارىء أن يقرأ كل ما ذكرناه وإن لم يكن مذكورًا في الأصل الذي يقرأ منه ولا يَسأم من تكرر ذلك، ومن أغفل ذلك حُرم خيرًا عظيمًا. اهـ.
وقوله: {وسلموا تسليمًا} القول فيه كالقول في {صلوا عليه} حكمًا ومكانًا وصفة فإن صفته حددت بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والسلام كما قد علمتم» فإن المعلوم هو صيغته التي في التشهد «السلام عليك أيها النبي ورحمة اللَّه وبركاته».
وكان ابن عمر يقول فيه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم: «السلام على النبي ورحمة الله وبركاته».
والجمهور أبقوا لفظه على اللفظ الذي كان في حياة النبي عليه الصلاة والسلام رعيًا لما ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه حي يَبلُغه تسليم أمته عليه.
ومن أجل هذا المعنى أبقيت له صيغة التسليم على الأَحياء وهي الصيغة التي يتقدم فيها لفظ التسليم على المتعلِّق به لأن التسليم على الأموات يكون بتقديم المجرور على لفظ السلام.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي سلم عليه فقال: عليك السلام يا رسول الله فقال له: «إن عليكَ السلام تحيةُ الموتى، فقل: السلام عليك».
والتسليم مشهور في أنه التحية بالسلام، والسلام فيه بمعنى الأمان والسلامة، وجعل تحية في الأولين عند اللقاء مبادأة بالتأمين من الاعتداء والثأر ونحو ذلك إذ كانوا إذ اتقوا أحدًا توجّسُوا خِيفة أن يكون مضمرًا شرًا لملاقيه، فكلاهما يدفع ذلك الخوف بالإِخبار بأنه مُلق على مُلاقيه سلامة وأمنًا.
ثم شاع ذلك حتى صار هذا اللفظ دالًا على الكرامة والتلطف، قال النابغة:
أتاركة تدللها قطام ** وضِنًّا بالتحية والسلام