فصل: موعظة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.موعظة:

على العبد أن يعلم أن الله لا يضيع حق أحد من عباده لا على نفسه ولا على غيره فلما تقاصر لسان الزوجة لكونها أسيرة في يد الزوج فالله تعالى تولى الأمر بمراعاة حقها فأمر الزوج بالرجوع إليها أو تسريحها فإذا كان حق صحبة الأشكال محفوظا عليك حتى لو أخللت به أخذك بحكمه فحق الحق أحق بأن يجب مراعاته. اهـ. بتصرف يسير.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226)}.
أخرج عبد الرزاق وأبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه كان يقرأها {لذين يقسمون من نسائهم} ويقول: الإِيلاء القسم، والقسم الإِيلاء. وأخرج ابن المنذر عن أبي بن كعب. مثله.
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن حماد قال: قرأت في مصحف أبي {للذين يقسمون}.
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال: الايلاء أن يحلف بالله أن لا يجامعها أبدًا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله: {للذين يؤلون من نسائهم} قال: هو الرجل يحلف لامرأته بالله لا ينكحها فيتربص أربعة أشهر فإن هو نكحها كفر يمينه، فإن مضت أربعة أشهر قبل أن ينكحها خيره السلطان إما أن يفيء فيراجع، وإما أن يعزم فيطلق، كما قال الله سبحانه وتعالى.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والطبراني والبيهقي والخطيب في تالي التلخيص عن ابن عباس قال: كان إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك فوقت الله أربعة أشهر، فإن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر} قال: هذا في الرجل يؤلي من امرأته يقول: والله لا يجتمع رأسي ورأسك ولا أقربك ولا أغشاك. قال: وكان أهل الجاهلية يعدونه طلاقًا فحدَّ لهم أربعة أشهر، فإن فاء فيها كفر عن يمينه وكانت امرأته، وإن مضت الأربعة أشهر ولم يفئ فيها فهي طالقة، وهي أحق بنفسها وهو أحد الخطاب ويخطبها زوجها في عدتها ولا يخطبها غيره في عدتها، فإن تزوّجها فهي عنده على تطليقتين.
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن ابن عباس قال: كل يمين منعت جماعًا فهي إيلاء.
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم والشعبي. مثله.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال: لا إيلاء إلا بحلف.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أن خالد بن سعيد بن العاص هجر امرأته سنة ولم يكن حلف، فقالت له عائشة: أما تقرأ آية الإِيلاء؟ إنه لا ينبغي أن تهجر أكثر من أربعة أشهر.
وأخرج عبد بن حميد عن القاسم بن محمد بن أبي بكر. أنه سمع عائشة وهي تعظ خالد بن العاص المخزومي في طول الهجرة لامرأته، تقول: يا خالد إياك وطول الهجرة، فإنك قد سمعت ما جعل الله للموتى من الأجل، إنما جعل الله له تربص أربعة أشهر فأخذ طول الهجرة.
قال محمد بن مسلم: ولم يبلغنا أنه مضى في طول الهجرة طلاق لأحد ولكن عائشة حذرته ذلك، فأرادت أن تعطفه على امرأته، وحذرت عليه أن تشبهه بالإِيلاء.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: لا إيلاء إلا بغضب.
وأخرج عبد بن حميد عن علي بن أبي طالب قال: الإِيلاء إيلاءان: إيلاء الغضب، وإيلاء في الرضا، أما الإِيلاء في الغضب فإذا مضت أربعة أشهر فقد بانت منه، وأما ما كان في الرضى فلا يؤخذ به.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن عطية بن جبير قال: ماتت أم صبي بيني وبينه قرابة، فحلف أبي أن لا يطأ أمي حتى تفطمه، فمضى أربعة أشهر فقالوا: قد بانت منك. فاتى عليًا فقال: إن كنت إنما حلفت على تضرة فقد بانت منك وإلا فلا.
وأخرج عبد بن حميد عن أم عطية قالت: ولد لنا غلام فكان أجدر شيء وأسمنه. فقال القوم لأبيه: إنكم لتحسنون غذاء هذا الغلام. فقال: إني حلفت أن لا أقرب أمه حتى تفطمه. فقال القوم: قد- والله- ذهبت عنك امرأتك. فاترفعا إلى علي فقال علي: أنت أمن نفسك أم من غضب غضبته عليها فحلفت؟ قال: لا، بل أريد أن أصلح إلى ولدي. قال: فإنه ليس في الإِصلاح إيلاء.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال: أتى رجل عليًا فقال: إني حلفت أن لا آتي امرأتي سنتين. فقال: ما أراك إلا قد آليت. قال: إنما حلفت من أجل أنها ترضع ولدي؟ قال: فلا إذن.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن. أنه سأل عن رجل قال لامرأته: والله لا أقربك حتى تفطمي ولدك. قال: والله ما هذا بإيلاء.
وأخرج عبد بن حميد عن حماد قال: سألت إبراهيم عن الرجل يحلف أن لا يقرب امرأته وهي ترضع شفقة على ولدها؟ فقال إبراهيم: ما أعلم الإِيلاء إلا في الغضب، قال الله: {فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم} فإنما الفيء من الغضب. وقال إبراهيم: لا أقول فيها شيئًا. وقال حماد لا أقول فيها شيئًا.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن يزيد بن الأصم قال: تزوجت امرأة، فلقيت ابن عباس فقلت: تزوجت بهلل بنت يزيد، وقد بلغني أن في حلقها شيئًا، ثم قال: والله لقد خرجت وما أكلمها. قال: عليك بها قبل أن تنقضي أربعة أشهر.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن منصور قال: سألت إبراهيم عن رجل حلف لا يكلم امرأته، فمضت أربعة أشهر قبل أن يجامعها، قال: إنما كان الإِيلاء في الجماع، وأنا أخشى أن يكون إيلاء.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال: إذا آلى على شهر أو شهرين أو ثلاثة دون الحد برّت يمينه لا يدخل عليه إيلاء.
وأخرج الشافعي وعبد بن حميد والبيهقي عن طاوس قال: كل شيء دون الأربعة فليس بإيلاء.
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء قال: لو آلى منها شهرًا كان إيلاء.
وأخرج عبد بن حميد عن الحكم. أن رجلًا آلى من امرأته شهرًا، فتركها حتى مضت أربعة أشهر قال النخعي: هو إيلاء وقد بانت منه.
وأخرج عبد بن حميد عن وبرة. أن رجلًا آلى عشرة أيام فمضت أربعة أشهر، فجاء إلى عبدالله فجعله إيلاء.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي ليلى قال: إن آلى منها يومًا أو ليلة فهو إيلاء.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في الرجل يقول لامرأته: والله لا اطأك الليلة فتركها من أجل ذلك قال: إن تركها حتى تمضي أربعة أشهر فهو إيلاء.
وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن المنذر عن أبي بن كعب أنه قرأ: {فإن فاؤُوا فيهن فإن الله غفور رحيم}.
وأخرج عبد بن حميد عن علي بن أبي طالب قال: الفيء الجماع.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طرق عن ابن عباس قال: الفيء الجماع.
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال: الفيء الجماع.
وأخرج ابن المنذر عن علي قال: الفيء الرضا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: الفيء الرضا.
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي قال: قال مسروق: الفيء الجماع. قيل: ألا سألته عمن رواه؟ قال: كان الرجل في عيني من ذلك.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال: الفيء الإِشهاد.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد عن الحسن قال: الفيء الجماع، فإن كان له عذر من مرض أو سجن أجزأه أن يفيء بلسانه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال: إذا حال بينه وبينها مرض، أو سفر، أو حبس، أو شيء يعذر به، فإشهاده فيء.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الشعثاء. أنه سأل علقمة عن الرجل يولي من امرأته، فيكون بها نفاس أو شيء فلا يستطيع أن يطأها قال: إذا فاء بقلبه ولسانه ورضي بذلك فهو فيء.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن أبي الشعثاء قال: يجزئه حتى يتكلم بلسانه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن أبي قلابة قال: إذا فاء في نفسه أجزأه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن الحسن قال: إذا آلى الرجل من امرأته ثم وقع عليها قبل الأربعة أشهر فليس عليه كفارة، لأن الله تعالى قال: {فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم} أي لتلك اليمين.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم قال: كانوا يرجون في قول الله: {فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم} أن كفارته فيئه.
وأخرج عبد بن حميد عن زيد بن ثابت قال: عليه كفارة.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: إن فاء كفر وإن لم يفعل فهي واحدة، وهي أحق بنفسها.
{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)}.
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عبّاس أنه كان يقرأ وإن عزموا السراح.
وأخرج ابن جرير عن عمر بن الخطاب أنه قال في الإِيلاء إذا مضت أربعة أشهر لا شيء عليه حتى توقف فيطلق أو يمسك.
وأخرج الشافعي وابن جرير والبيهقي عن طاوس أن عثمان كان يوقف المولي وفي لفظ كان لا يرى الإِيلاء شيئًا وإن مضت الأربعة أشهر حتى يوقف.
وأخرج مالك والشافعي وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه طلاق وإن مضت أربعة أشهر حتى يوقف فإما أن يطلق وإما أن يفيء.
وأخرج مالك والشافعي وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير والبيهقي عن ابن عمر قال أيما رجل آلى من امرأته فإنه إذا مضى أربعة أشهر وقف حتى يطلق أو يفيء ولا يقع عليه الطلاق إذا مضت الأربعة أشهر حتى يوقف.
وأخرج البخاري وعبد بن حميد عن ابن عمر قال الإِيلاء الذي سمى الله لا يحل لأحد بعد الأجل إلا أن يمسك بالمعروف أو يعزم الطلاق كما أمره الله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن أبي الدرداء في رجل آلى من امرأته قال يوقف عند انقضاء الأربعة أشهر فإما أن يطلق وإما أن يفيء.
وأخرج الشافعي وابن جرير والبيهقي عن عائشة أنها كانت إذا ذكر لها الرجل يحلف أن لا يأتي امرأته فيدعها خمسة أشهر لا ترى ذلك شيئًا حتى يوقف وتقول كيف قال الله إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي عن قتادة أن أبا ذر وعائشة قالا يوقف المولي بعد انقضاء المدة فإما أن يفيء وإما أن يطلق.
وأخرج الشافعي واليهقي عن سليمان بن يسار قال أدركت بضعة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يقول يوقف المولي.
وأخرج ابن جرير والدارقطني والبيهقي من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال سألت اثني عشر رجلًا من الصحابة عن الرجل يولي من امرأته فكلهم يقول ليس عليه شيء حتى تمضي الأربعة أشهر فيوقف فإن فاء وإلا طلق.
وأخرج البيهقي عن ثابت بن عبيدة مولى زيد بن ثابت عن اثني عشر رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الإِيلاء لا يكون طلاقًا حتى يوقف.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وابن مسعود وابن عمر وابن عباس قالوا الإِيلاء تطليقة بائنة إذا مرت أربعة أشهر قبل أن يفيء فهي أملك بنفسها.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس قال عزيمة الطلاق انقضاء أربعة أشهر.
وأخرج عبد بن حميد عن أيوب قال قلت لابن جبير: أكان ابن عباس يقول في الإِيلاء إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة وتزوّج ولا عدة عليها؟ قال: نعم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن ابن مسعود قال إذا آلى الرجل من امرأته فمضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة وتعتد بعد ذلك ثلاثة قروء ويخطبها زوجها في عدتها ولا يخطبها غيره فإذا انقضت عدتها خطبها زوجها وغيره.
وأخرج عبد بن حميد عن علي في الإِيلاء قال إذا مضت أربعة أشهر فقد بانت منه بتطليقة ولا يخطبها هو ولا غيره إلا من بعد انقضاء العدة.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في رجل قال لامرأته إن قربتك سنة فأنت طالق ثلاثًا إن قربها قبل السنة فهي طالق ثلاثًا وإن تركها حتى تمضي الأربعة أشهر فقد بانت منه بتطليقة فإن تزوجها قبل انقضاء السنة فإنه يمسك عن غشيانها حتى تنقضي السنة ولا يدخل عليه إيلاء.
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي في رجل قال لامرأته إن قربتك إلى سنة فأنت طالق قال إن قربها بانت منه وإن تركها حتى تمضي الأربعة أشهر فقد بانت منه بتطليقة فإن تزوّجها فغشيها قبل انقضاء السنة بانت منه وإن لم يقربها حتى تمضي الأربعة أشهر، فإنه يدخل عليه إيلاء آخر.
وأخرج مالك عن سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن. أنهما كانا يقولان في الرجل يولي من امرأته: أنها إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة واحدة، ولزوجها عليها رجعة ما كانت في العدة.
وأخرج مالك عن ابن شهاب قال: إيلاء العبد نحو إيلاء الحر وهو واجب، وإيلاء العبد شهران.
وأخرج عبد الرزاق عن عمر بن الخطاب قال: إيلاء العبد شهران.
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال إيلاء العبد من الأمة أربعة أشهر.
وأخرج عن معمر عن قتادة قال: إيلاء العبد من الحرة أربعة أشهر.
وأخرج مالك عن عبدالله بن دينار قال: خرج عمر بن الخطاب من الليل يسمع امرأة تقول:
تطاول هذا الليل واسود جانبه ** وأرقني أن لا خليل ألاعبه

فوالله لولا الله أني أراقبه ** لحرك من هذا السرير جوانبه

فسأل عمر ابنته حفصة كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: ستة أشهر، أو أربعة. فقال عمر: لا أحبس أحدًا من الجيوش أكثر من ذلك.
وأخرج ابن إسحاق وابن أبي الدنيا في كتاب الأشراف عن السائب بن جبير مولى ابن عباس وكان قد أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما زلت أسمع حديث عمر أنه خرج ذات ليلة يطوف بالمدينة، وكان يفعل ذلك كثيرًا إذ مر بامرأة من نساء العرب مغلقة بابها وهي تقول:
تطاول هذا الليل تسري كواكبه ** وأرقني أن لا ضجيع ألاعبه

فوالله لولا الله لا شيء غيره ** لحرك من هذا السرير جوانبه

وبت ألاهي غير بدع ملعن ** لطيف الحشا لا يحتويه مضاجعه

يلاعبني طورًا وطورًا كأنما ** بدا قمرًا في ظلمة الليل حاجبه

يسر به من كان يلهو بقربه ** يعاتبني في حبه واعاتبه

ولكنني أخشى رقيبا موكلا ** بأنفسنا لا يفتر الدهر كاتبه

ثم تنفست الصعداء، وقالت: أشكو عمر بن الخطاب وحشتي في بيتي، وغيبة زوجي علي، وقلة نفقتي. فلان لها عمر يرحمه الله، فلما أصبح بعث إليها بنفقة وكسوة، وكتب إلى عامله يسرح إليها زوجها.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال: سأل عمر ابنته حفصة كم تصبر المرأة عن الرجل؟ فقلت: ستة أشهر فقال: لا جرم، لا أحبس رجلًا أكثر من ستة أشهر.
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن محمد بن معن قال: أتت امرأة إلى عمر بن الخطاب فقالت: يا أمير المؤمنين إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل، وأنا أكره أن أشكوه إليك وهو يقوم بطاعة الله. فقال لها: جزاك الله خيرًا من مثنية على زوجها. فجعلت تكرر عليه القول وهو يكرر عليها الجواب، وكان كعب بن سوار الاسدي حاضرًا فقال له: اقض يا أمير المؤمنين بينها وبين زوجها. فقال: وهل فيما ذكرت قضاء، فقال: إنها تشكو مباعدة زوجها لها عن فراشها وتطلب حقها في ذلك. فقال له عمر: أما لأن فهمت ذلك فاقض بينهما. فقال كعب: علي بزوجها، فأحضر فقال: إن امرأتك تشكوك. فقال: قصرت في شيء من نفقتها؟ قال: لا. فقالت المرأة:
يا أيها القاضي الحكيم برشده ** ألهى خليلي عن فراشي مسجده

نهاره وليله ما يرقده ** فلست في حكم النساء أحمده

زهده في مضجعي تعبده ** فاقض القضا يا كعب لا تردده

فقال زوجها:
زهّدَني في فرشها وفي الحجل ** إني امرؤ أزهد فيما قد نزل

في سورة النحل وفي السبع الطول ** وفي كتاب الله تخويف جلل

فقال كعب:
إن خير القاضيين من عدل ** وقضى بالحق جهرا وفصل

إن لها حقا عليك يا رجل ** تصيبها في أربع لمن عقل

قضية من ربها عز وجل ** فاعطها ذاك ودع عنك العلل

ثم قال: إن الله قد أباح لك من النساء أربعًا، فلك ثلاثة أيام ولياليها تعبد فيها ربك، ولها يوم وليلة. فقال عمر: والله ما أدري من أي امريك أعجب. أمن فهمك أمرها أم من حكمك بينهما! اذهب فقد وليتك قضاء البصرة.
وأخرج البيهقي في الدلائل عن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وعمر بن الخطاب معه، فعرضت امرأة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ادعي زوجك فدعته وكان ضرارًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما تقول امرأتك يا عبدالله؟ فقال الرجل: والذي أكرمك ما جف رأسي منها. فقالت امرأته: ما مرة واحدة في الشهر. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أتبغضينه؟ قالت: نعم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أدنيا رأسيكما فوضع جبهتها على جبهة زوجها، ثم قال: اللهم ألف بينهما وحبب أحدهما إلى صاحبه، ثم مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوق النمط ومعه عمر بن الخطاب، فطلعت امرأة تحمل ادما على رأسها، فلما رأت النبي طرحته وأقبلت فقبلت رجليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنت وزوجك؟ فقالت: والذي أكرمك ما طارف، ولا تالد، ولا ولد، بأحب إلي منه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشهد أني رسول الله. فقال عمر: وأنا أشهد أنك رسول الله».
وأخرج أبو يعلى وأبو نعيم في الدلائل من حديث جابر بن عبدالله. مثله.
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يصبح على كل سلامي من ابن آدم صدقة. تسليمه على من لقي صدقة، وأمره بالمعروف صدقه، ونهيه عن المنكر صدقة، وإماطته الأذى عن الطريق صدقة، وبضعه أهله صدقة. قالوا: يا رسول الله أحدنا يقضي شهوته وتكون له صدقة؟! قال: أرأيت لو وضعها في غير حلها ألم يكن يأثم».
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي ذرة قال: قلت: «يا رسول الله ذهب الأغنياء بالأجر. قال: ألستم تصلون، وتصومون، وتجاهدون، قلت: بلى، وهم يفعلون كما نفعل يصلون، ويصومون، ويجاهدون، ويتصدقون ولا نتصدق قال: إن فيك صدقة، وفي فضل سمعك صدقة على الذي لا يسمع تعبر عن حاجته صدقة، وفي فضل بصرك على الضرير تهديه إلى الطريق صدقة، وفي فضل قوتك على الضعيف تعينه صدقة، وفي إماطتك الأذى عن الطريق صدقة، وفي مباضعتك أهلك صدقة، قلت: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويؤجر؟! قال: أرأيت لو جعلته في غير حله أكان عليك وزر؟ قلت: نعم. قال: أتحتسبون بالشر ولا تحتسبون بالخير».
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولك في جماعك زوجتك أجر قلت: كيف يكون لي أجر في شهوتي؟ قال: أرأيت لو كان لك ولد فأدرك ورجوت خيره ثم مات أكنت تحتسبه؟ قلت: نعم. قال: فأنت خلقته؟ قلت: بل الله. قال: أفأنت هديته؟ قلت: بل الله هداه. قال: أفأنت كنت ترزقه؟قلت: بل الله يرزقه. قال: فكذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه، فإن شاء الله أحياه وإن شاء أماته ولك أجر».
وأخرج ابن السنى وأبو نعيم معًا في الطب النبوي والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل يوم جمعة فإن له أجرين اثنين غسله وأجر غسل امرأته».
وأخرج البيهقي في سننه عن عمر بن الخطاب قال والله إني لأكره نفسي على الجماع رجاء أن يخرج الله مني نسمة تسبح.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن زيد بن أسلم قال بلغني أنه جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب فقالت إن زوجها لا يصيبها فأرسل إليه فسأله فقال كبرت وذهبت قوّتي فقال له عمر أتصيبها في كل شهر مرة قال أكثر من ذلك قال عمر في كم تصيبها قال في كل طهر مرة فقال عمر اذهبي فإن فيه ما يكفي المرأة. اهـ.