فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



يروى أنها كانت لطيفة الهواء حسنة التربة لا تحذف فيها عامة ولا يكون فيها هامة حتى أن الغريب إذا حلها وفي ثيابه قمل أو براغيث ماتت، وقيل: المراد بطيبها صحة هوائها وعذوبة مائها ووفور نزهتها وأنه ليس فيها حر يؤذي في الصيف ولا برد يؤذي في الشتاء، وقرأ رويس بنصب {بَلْدَةٌ} وجميع ما بعدها وذلك على المدح والوصفية.
وقال أحمد بن يحيى: تقدير اسكنوا بلدة طيبة واعبدوا ربًا غفورًا ومن الاتفاقات النادية إن لفظ بلدة طيبة بحساب الجمل واعتبار هاء التأنيث بأربعمائة كما ذهب إليه كثير من الأدباء وقع تاريخًا لفتح القسطنطينية وكانت نزهة بلاد الروم.
{فَأَعْرِضُواْ} أي عن الشكر كما يقتضيه المقام ويدخل فيه الإعراض عن الايمان لأنه أعظم الكفر والكفران، وقال أبو حيان: أعرضوا عما جاء به إليهم أنبياؤهم الثلاثة عشر حيث دعوهم إلى الله تعالى وذكروهم نعمه سبحانه فكذبوهم وقالوا ما نعرف لله نعمة {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العرم} أي الصعب من عرم الرجل مثلث الراء فهو عارم وعرم إذا شرس خلقه وصعب، وفي معناه ما جاء في رواية عن ابن عباس من تفسيره بالشديد، وإضافة السيل إليه من إضافة الموصوف إلى الصفة، ومن أباها من النحاة قال التقدير سيل الأمر العرم.
وقيل: العرم المطر الشديد والإضافة على ظاهرها، وقيل: هو اسم للجرذ الذي نقب عليهم سدهم فصار سببًا لتسلط السيل عليهم وهو الفار الأعمى الذي يقال له الخلد وإضافة السيل إليه لأدنى ملابسة، وقال ابن جبير: العرم المسناة بلسان الحبشة، وقال الأخفش، هو بهذا المعنى عربي، وقال المغيرة بن حكيم: وأبو ميسرة: العرم في لغة اليمن جمع عرمة وهي كل ما بنى أو سنم ليمسك الماء ويقال لذلك البناء بلغة الحجاز المسناة، والإضافة كما في سابقه والملابسة في هذا أقوى؛ وعن ابن عباس وقتادة والضحاك ومقاتل هو اسم الوادي الذي كان يأتي السيل منه وربني السد فيه، ووجه إضافة السيل إليه ظاهر، وقرأ عزرة بن الورد فيما حكى ابن خالويه {العرم} بإسكان الراء تخفيفًا كقولهم في الكبد الكبد.
روى أن بلقيس لما ملكت اقتتل قومها على ماء واديهم فتركت ملكها وسكنت قصرها وراودوها على أن ترجع فأبت فقالوا: لترجعن أو لنقتلنك فقالت لهم: أنتم لا عقول لكم ولا تطيعوني فقالوا: نطيعك فرجعت إلى واديهم وكانوا إذا مطروا أتاهم السيل من مسيرة ثلاثة أيام فأمرت فسد ما بين الجبلين بمسناة بالصخر والقار وحبست الماء من وراء السد وجعلت له أبوابًا بعضها فوق بعض وبنت من دونه بركة منها اثنا عشر مخرجًا على عدة أنهارهم وكان الماء يخرج لهم بالسوية إلى أن كان من شأنها مع سليمان عليه السلام ما كان.
وقيل: الذي بنى لهم السد هو حمير أبو القبائل اليمنية، وقيل بناه لقمان الأكبر بن عاد ورصف أحجاره بالرصاص والحديد وكان فرسخًا في فرسخ ولم يزالوا في أرغد عيش وأخصب أرض حتى أن المرأة تخرج وعلى رأسها المكتل فتعمل بيديها وتسير فيمتلى المكتل مما يتساقط من أشجار بساتينهم إلى أن أعرضوا عن الشكر وكذبوا الأنبياء عليهم السلام فسلط الله تعالى على سدهم الخلد فوالد فيه فخرقه فأرسل سبحانه سيلًا عظيمًا فحمل السد وذهب بالجنان وكثير من الناس، وقيل: إنه أذهب السد فاختل أمر قسمة الماء ووصوله إلى جنانهم فيبست وهلكت، وكان ذلك السيل على ما قيل في ملك ذي الأذعار بن حسان في الفترة بين نبينا صلى الله عليه وسلم وعيسى عليه السلام، وفيه بحث على تقدير القول بأن الإعراض كان عما جاءهم من أنبيائهم الثلاثة عشر كما ستعلمه إن شاء الله تعالى عن قريب.
{وبدلناهم} أي أذهبنا جنتيهم وأتينا بدلها {بجناتهم جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَىْ أُكُلٍ} أي ثمر {خَمْطٍ} أي حامض أو مر، وعن ابن عباس الخمط الأراك ويقال لثمره مطلقًا أو إذا أسود وبلغ البربر، وقيل شجر الغضا ولا أعلم هل له ثمر أم لا، وقال أبو عبيدة: كل شجرة مرة ذات شوك، وقال ابن الأعرابي: هو ثمر شجرة على صورة الخشخاش لا ينتفع به وتسمى تلك الشجرة على ماقيل بفسوة الضبع، وهو على الأول صفة لأكل والأمر في ذلك ظاهر، وعلى الأخير عطف بيان على مذهب الكوفيين المجوزين له في النكرات، وقيل بدل وعلى ما بينهما الكلام على حذف مضاف أي أكل أكل خمط وذلك المضاف بدل من أكل أو عطف بيان عليه ولما حذف أقيم المضاف إليه مقامه وأعرب بإعرابه كما في البحر، وقيل هو بتقدير أكل ذي خمط، وقيل هو بدل من باب يعجبني القمر فلكه وهو كما ترى، ومنع جعله وصفًا من غير ضرب من التأويل لأن الثمر لا يوصف بالشجر لا لأن الوصف بالأسماء الجامدة لا يطرد وإن جاء منه شيء نحو مررت بقاع عرفج فتأمل.
وقرأ أبو عمرو {أُكُلٍ خَمْطٍ} بالإضافة وهو من باب ثوب خز، وقرأ ابن كثير {أَكَلَ} بسكون الكاف والتنوين {وَأَثْلٍ} ضرب من الطرفاء على ما قاله أبو حنيفة اللغوي في كتاب النبات له، وعن ابن عباس تفسيره الطرفاء، ونقل الطبرسي قولًا أنه السمر وهو عطف على {أَكَلَ} ولم يجوز الزمخشري عطفه على {خَمْطٍ} معللًا بأن الأثل لا ثمر له، والأطباء كداود الأنطاكي وغيره يذكرون له ثمرًا كالحمص ينكسر عن حب صغار ملتصق بعضه ببعض ويفسرون الأثل بالعظيم من الطرفاء ويقولون في الطرفاء هو برى لا ثمر له وبستاني له ثمر لكن قال الخفاجي: لا يعتمد على الكتب الطبية في مثل ذلك وفي القلب منه شيء، ونحن قد حققنا أن للأثل ثمرًا، وكذا لصنف من الطرفاء إلا أن ثمرهما لا يؤكل ولعل مراد النافي نفي ثمرة تؤكل، والأطباء يعدون ما تخرجه الشجر غير الورق ونحوه ثمرة أكلت أم لا، ومثله في العطف على ذلك في قوله تعالى: {وَشَىْء مّن سِدْرٍ قَلِيلٍ} وحكى الفضيل بن إبراهيم أنه قرىء {أثلا وشيئًا} بالنصب عطفًا على {وبدلناهم بجناتهم جَنَّتَيْنِ} والسدر شجر النبق، وقال الأزهري: السدر سدران سدر لا ينتفع به ولا يصلح ورقه للغسول وله ثمرة عفصة لا تؤكل وهو الذي يسمي الضال وسدر ينبت على الماء وثمره النبق وورقه غسول يشبه شجر العناب انتهى.
واختلف في المراد هنا فقيل الثاني، ووصف بقليل لفظًا ومعنى أومعنى فقط وذلك إذا كان نعتًا لشيء المبين به لأن ثمره مما يطيب أكله فجعل قليلًا فيما بدلوا به لأنه لو كثر كان نعمة لا نقمة، وإنما أوتوه تذكيرًا للنعم الزائلة لتكون حسرة عليهم، وقيل المراد به الأول حتمًا لأنه الأنسب بالمقام، ولم يذكر نكتة الوصف بالقليل عليه.
ويمكن أن يقال في الوصف به مطلقًا أن السدر له شأن عند العرب ولذا نص الله تعالى على وجوده في الجنة والبستاني منه لا يخفى نفعه والبرى يستظل به أبناء السبيل ويأنسون به ولهم فيه منافع أخرى ويستأنس لعلو شأنه بما أخرجه أبو داود في سننه.
والضياء في المختارة عن عبد الله بن حبشيء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار» وبما أخرجه البيهقي عن أبي جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي كرم الله تعالى وجهه في مرض موته: «أخرج يا علي فقل عن الله لا عن رسول الله لعن الله من يقطع السدر» وفي معناهما عدة أخبار لها عدة طرق، والكل فيما أرى محمول على ما إذا كان القطع عبثًا ولو كان السدر في ملكه.
وقيل في ذلك مخصوص بسدر المدينة، وإنما نهى عن قطعه ليكون إنسًا وظلًا لمن يهاجر إليها، وقيل بسدر الفلاة ليستظل به أبناء السبيل والحيوان، وقيل بسدر الفلاة ليستظل به أبناء السبيل والحيوان، وقيل بسدر مكة لأنها حرم، وقيل بما إذا كان في ملك الغير وكان القطع بغير حق، والكل كما ترى، وأيًا كان ففي التنصيص عليه ما يشير إلى أن له شأنًا فلما ذكر سبحانه ما آل إليه حال أولئك المعرضين وما بدلوا بجنتيهم أتى جل وعلا بما يتضمن الإيذان بحقارة ما عوضوا به وهو مما له شأن عند العرب أعنى السدر وقلته، والإيذان بالقلة ظاهر وأما الإيذان بالحقارة فمن ذكر شيء والعدول عن أن يقال وسدر قليل مع أنه الأخص الأوفق بما قبله ففيه إشارة إلى غاية انعكاس الحال حيث أومأ الكلام إلى أنهم لم يؤتوا بعد إذهاب جنتهم شيئًا مما لجنسه شأن عند العرب إلا السدر وما أوتوه من هذا الجنس حقير قليل، وتسمية البدل جنتين مع أنه ما سمعت للمشاكلة والتهكم.
{ذلك} إشارة إلى ما ذكر من التبديل، وما فيه من معنى البعد للإشارة إلى بعد رتبته في الفظاعة أو إلى مصدر قوله تعالى: {جزيناهم} كما قيل في قوله سبحانه: {وكذلك جعلناكم أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 3 14] ومحله على الأول النصب على أنه مفعول ثان، وعلى الثاني النصب على أنه مصدر مؤكد للفعل المذكور، والتقديم للتعظيم والتهويل وقيل للتخصيص أي ذلك التبديل جزيناهم لا غيره أو ذلك الجزاء الفظيع جزيناهم لا جزاء آخر {بِمَا كَفَرُواْ} أي بسبب كفرانهم النعمة حيث نزعناها منهم ووضعنا مكانها ضدها، وقيل بسبب كفرهم بالرسل الثلاثة عشر الذين بعثوا إليهم.
واستشكل هذا مع القول بأن السيل العرم كان زمن الفترة بأن الجمهور قالوا لا نبي بين نبينا وعيسى عليهما الصلاة والسلام، ومن الناس من قال: بينهما صلى الله عليه وسلم أربعة أنبياء ثلاثة من بني إسرائيل وواحد من العرب وهو خالد العبسي وهو قد بعث لقومه وبنو إسرائيل لم يبعثوا للعرب.
وأجيب بأن ما كان زمن الفترة هو السيل العرم لا غير والرسل الثلاثة عشر هم جملة من كان في قومهم من سبا بن يشجب إلى أن أهلكهم الله تعالى أجمعين فتأمل ولا تغفل.
{وَهَلْ نُجْزِى إِلاَّ الكفور} أي ما نجازي مثل هذا الجزاء الشديد المستأصل إلا المبالغ في الكفر إن أو الكفر فلا يتوجه على الحصر إشكال أن المؤمن قد يعاقب في العاجل.
وفي الكشف لإيراد أن المؤمن أيضًا يعاقب فإنه ليس بعقاب على الحقيقة بل تمحيص ولأنه أريد المعاقبة بجميع ما يفعله من السوء، ولا كذلك للمؤمن، ولا مانع من أن يكون الجزاء عامًا في كل مكافآت وأريد به المعاقبة مطلقًا من غير تقييد بما سبق لقرينة {جزيناهم بِمَا كَفَرُواْ} لتعيين المعاقبة فيه بل قال الزمخشري: هو الوجه الصحيح وذلك لعدم الإضمار ولأن التذييل هكذا آكد وأسد موقعًا ولا يتوجه الأشكال لما في الكشف.
وقرأ الجمهور {يجازي} بضم الياءي وفتح الزاي مبنيًا للمفعول {إِلاَّ الكفور} بالرفع على النيابة عن الفاعل.
وقرىء {يجازي} بضم الياء وكسر الزاي مبنيًا للفاعل وهو ضميره تعالى وحده {إِلاَّ الكفور} بالنصب على المفعولية، وقرأ مسلم بن جندب {يجزى} مبنيًا للمفعول {الكفور} بالرفع على النيابة، والمجازات على ما سمعت عن الزمخشري المكافآت لكن قال الخفاجي لم ترد في القرآن إلا مع العقاب بخلاف الجزاء فإنه عام وقد يخص بالخير، وعن أبي إسحاق تقول جزيت الرجل في الخير وجازيته في الشر، وفي معناه قول مجاهد يقال في العقوبة يجازي وفي المثوبة يجزي.
وقال بعض الأجلة: ينبغي أن يكون أبو إسحاق قد أراد أنك إذا أرسلت الفعلين ولم تعدهما إلى المفعول الثاني كانا كذلك وأما إذا ذكرته فيستعمل كل منهما في الخير والشر، ويرد على ما ذكر {جزيناهم بِمَا كَفَرُواْ} وكذا {وَهَلْ يجزى} في قراءة مسلم إذ الجزاء في ذلك مستعمل في الشر مع عدم ذكر المفعول الثاني، وقوله:
جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر ** وحسن فعل كما يجزى سنمار

وقال الراغب: يقال جزيته وجازيته ولم يجىء في القرآن إلا جزى دون جازى وذلك لأن المجازاة المكافأة وهي مقابلة نعمة بنعمة هي كفؤها ونعمة الله عز وجل تتعالى عن ذلك ولهذا لا يستعمل لفظ المكافأة فيه سبحانه وتعالى، وفيه غفلة عما هنا إلا أن يقال: أراد أنه لم يجىء في القرآن جاز فيما هو نعمة مسندًا إليه تعالى فإنه لم يخطر لي مجيء ذلك فيه والله تعالى أعلم، ويحسن عندي قول أبي حيان: أكثر ما يستعمل الجزاء في الخير والمجازاة في الشر لكن في تقييدهما قد يقع كل منهما موقع الآخر، وفي قوله سبحانه: {جزيناهم بِمَا كَفَرُواْ} دون جازيناهم بما كفروا على الوجه الثاني في اسم الإشارة ما يحكى تمتع القوم بما يسر ووقوعهم بعده فيما يسيء ويضر، ويمكن أن تكون نكتة التعبير بجزي الأكثر استعمالًا في الخير، ويجوز أن يكون التعبير بذاك أول وبنجازى ثانيًا ليكون كل أوفق بعلته وهذا جار على كلا الوجهين في الإشارة فتدبر جدًا. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ}.
جرَّ خبرُ سليمان عليه السلام إلى ذكر سبأ لما بين مُلك سليمان وبين مملكة سبأ من الاتصال بسبب قصة بلقيس، ولأن في حال أهل سبأ مضادة لأحوال داود وسليمان، إذ كان هذان مثلًا في إسباغ النعمة على الشاكرين، وكان أولئك مثلًا لسلب النعمة عن الكافرين، وفيهم موعظة للمشركين إذ كانوا في بحبوحة من النعمة فلما جاءهم رسول من المُنعِم عليهم يذكرهم بربهم ويوقظهم بأنهم خاطئون إذ عبدوا غيره، كذّبوه وأعرضوا عن النظر في دلالة تلك النعمة على المنعِم المتفرد بالإلهية.
وقال ابن عطية عند الكلام على قوله تعالى: {ولقد آتينا داود منا فضلًا} [سبأ: 10] لمّا فرغ التمثيل لمحمد صلى الله عليه وسلم رجع التمثيل لهم أي للمشركين أي لحالهم بسبإ وما كان من هلاكهم بالكفر والعتوّ. اهـ.
فهذه القصة تمثيل أمة بأمة، وبلاد بأخرى، وذلك من قياس وعبرِه.
وهي فائدة تدوين التاريخ وتقلبات الأمم كما قال تعالى: {ضرب الله مثلًا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدًا من كل مكان فكفرت بأنعم اللَّه فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون} [النحل: 112، 113] فسوَق هذه القصة تعريض بأشباه سبأ.
والمعنى: لقد كان لسبأ في حال مساكنهم ونظام بلادهم آية.
والآية هنا: الأمارة والدلالة بتبدل الأحوال وتقلب الأزمان، فهي آية على تصرف الله ونعمته عليهم فلم يهتدوا بتلك الآية فأشركوا به، وقد كان في إنعامه عليهم ما هو دليل على وجوده ثم على وحدانيته.
والتأكيد بلام القسم وحرف التحقيق لتنزيل المخاطبين بالتعريض بهذه القصة منزلةَ من يتردد في ذلك لعدم اتعاظهم بحال قوم من أهل بلادهم، وتجريد {كان} من تأنيث الفعل لأن اسمها غير حقيقي للتأنيث ولوقوع الفصل بالمجرور.
واللام في {لسبأ} متعلق ب {آية}.
والمساكن: البلاد التي يسكنونها بقرينة قوله: {جنتان عن يمين وشمال} والمساكن: ديار السكنى.
وتقدم الكلام على سبأ عند قوله: {وجئتك من سبأ} في سورة النمل (22).
واسم سبأ يطلق على الأمة كما هنا وعلى بلادهم كما في آية النمل وتقدم تفصيله.
وقرأ الجمهور {في مساكنهم} بصيغة جمع مسكن.
وقرأه حمزة والكسائي وحفص وخلف بلفظ المفرد {في مسكنهم} إلا أن حمزة وحفصًا فتَحَا الكاف، والكسائي وخلف كسرا الكاف وهو خارج عن القياس لأنه مضارع غير مكسور العين فحق اسم المكان منه فتح العين.
وشذ نحو قولهم: مسجد لبيت الصلاة.