فصل: قال أبو السعود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو السعود:

{وَمَا أرسلناك إِلاَّ كَافَّةً لّلنَّاسِ} أي إلا إرسالةً عامَّةً لهم فإنَّها إذا عمَّتهم فقد كفتْهمِ أنْ يخرجَ منها أحدٌ منهم أو إلا جامعًا لهم في الإبلاغِ فهو حالٌ من الكافِ والتَّاء للمُبالغةِ ولا سبيلَ إلى جعلِها حالًا من النَّاسِ لاستحالةِ تقدُّمِ الحالِ على صاحبها المجرورِ {بَشِيرًا وَنَذِيرًا ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ} ذلك فيحملُهم جهلُهم على ما هُم عليهِ من الغيِّ والضَّلالِ {وَيَقُولُونَ} من فرطِ جهلِهم وغايةِ غيِّهم {متى هذا الوعد} بطريقِ الاستهزاء يعنون به المبشَّر به والمنذَر عنه أو الموعود بقوله تعالى: {يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا} {إِن كُنتُمْ صادقين} مخاطِبين لرَّسولِ الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به {قُل لَّكُم مّيعَادُ يَوْمٍ} أي وعدُ يومٍ أو زمانٍ وعدٍ والإضافة للتبيِّينِ وقُرىء ميعادٌ يومٌ منَّونينِ على البدل ويومًا بإضمارِ أعني للتَّعظيم {لاَّ تَسْتَئَخِرُونَ عَنْهُ} عند مفاجأتِه {سَاعَةً وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ} صفةً لميعادُ وفي هذا الجواب من المبالغةِ في التَّهديدِ ما لا يخفى حيثُ جعل الاستئخارَ في الاستحالةِ كالاستقدامِ الممتنعِ عقلًا وقد مرَّ بيانُه مرارًا ويجوزُ أنْ يكونَ نفيُ الاستئخار والاستقدامِ غيرَ مقيَّدٍ بالمُفاجأة فيكون وصفُ الميعادِ بذلك لتحقيقِه وتقريرِه. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَمَا أرسلناك إِلاَّ كَافَّةً لّلنَّاسِ}.
المتبادر أن {كَافَّةً} حال من الناس قدم مع إلا عليه للاهتمام كما قال ابن عطية، وأصله من الكف بمعنى المنع وأريد به العموم لما فيه من المنع من الخروج واشتهر في ذلك حتى قطع النظر فيه عن معنى المنع بالكلية فمعنى جاء الناس كافة جاءوا جميعًا، ويشير إلى هذا الإعراب ما أخرج ابن أبي شيبة.
وابن المنذر عن مجاهد أنه قال في الآية: أي إلى الناس جميعًا، وما أخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب أنه قال: أي للناس كافة، وكذا ما أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة أنه قال في الآية: أرسل الله تعالى محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى العرب والعجم فاكرمهم على الله تعالى أطوعهم له، وما نقل عن ابن عباس أنه قال: أي إلى العرب والعجم وسائر الأمم، وهو مبني على جواز تقديم الحال على صاحبها المجرور بالحرف وهو الذي ذهب إليه خلافًا لكثير من النحاة أبو علي وابن كيسان وابن برهان والرضى وابن مالك حيث قال:
وسبق حال ما بحرف جرقد ** أبوا ولا أمنعه فقد ورد

وأبو حيان حيث قال بعد أن نقل الجواز عمن عدا الرضى من المذكورين وهو الصحيح: ومن أمثلة أبي على زيد خير ما يكون خير منك، وقال الشاعر:
إذا المرء أعيته المروءة ناشئا ** فمطلبها كهلا عليه شديد

وقال آخر:
تسليت طرا عنكم بعد بينكم ** بذكراكم حتى كأنكم عندي

وقد جاء تقديم الحال على صاحبها المجرور وعلى ما يتعلق به، ومن ذلك قوله:
مشغوفة بك قد شغفت وإنما ** حتم الفراق فما إليك سبيل

وقول آخر:
غافلا تعرض المنية للمر ** ء فيدعى ولات حين إباء

وإذا جاز تقديمها على المجرور والعامل فتقديمها عليه دون العامل أجوز انتهى، وجعلوا هذا الوجه أحسن الأوجه في الآية وقالوا: إن ما عداه تكلف، واعترض بأنه يلزم عليه عما ما قبل إلا وهو أرسل فيما بعدها وهو {لِلنَّاسِ} وليس بمستثنى ولا مستثنى منه ولا تابعًا له وقد منعوه، وأجيب بأن التقدير وما أرسلناك للناس إلا كافة فهو مقدم رتبة ومثله كاف في صحة العمل مع أنهم يتوسعون في الظرف ما لا يتوسعون في غيره.
وقال الخفاجي عليه الرحمة: الاحسن أن يجعل {لِلنَّاسِ} مستثنى على أن الاستثناء فيه مفرغ وأصله ما أرسلناك لشيء من الأشياء إلا لتبليغ الناس كافة، وأما تقديره بما أرسلناك للخالق مطلقًا إلا للناس كافة على أنه مستثنى فركيك جدًا. اهـ.
ولا يخفى أن في الآية على ما استحسنه حذف المضاف والفصل بين أداة الاستثناء والمستثنى وتقديم الحال على صاحبها والكل خلاف الأصل وقلما يجتمع مثل ذلك في الكلام الصيح.
واعترض عليه أيضًا بأنه يلزم حينئذ جعل اللام في {لِلنَّاسِ} بمعنى إلى وليس بشيء لأن أرسل يتعدى باللام وإلى كما ذكره أبو حيان وغبره فلا حاجة إلى جعلها بمعنى إلى على أنه لو جعلت بمعناها لا يلزم خطأ أصلا لمجيء كل من اللام وإلى بمعنى الآخر، وكذا لا حاجة إلى جعلها تعليلية إلا على ما استحسنه الخفاجي.
وقال غيرو احد: إن {كَافَّةً} اسم فاعل من كف والتاء فيه للمبالغة كتاء راوية ونحو وهو حال من مفعول {أرسلناك} و {لِلنَّاسِ} متعلق به وإليه ذهب أبو حيان أي ما أرسلناك إلا كافًا ومانعًا للناس عن الكفر والمعاصي.
وإلى الحالية من الكاف ذهب أبو علي أيضًا إلا أنه قال: المعنى إلا جامعًا للناس في الإبلاغ.
وتعقبه أبو حيان بان اللغة لا تساعد على ذلك لأن كف ليس بمحفوظ أن معناه جمع، وفيه منه ظاهر لأنه يقال: كف القميص إذا جمع حاشيته وكف الجرح إذا ربطه بخرقة تحيط به وقد قال ابن دريد: كل شيء جمعته فقد كففته مع أنه جوز أن يكون مجازًا من المنع لأن ما يجمع يمتنع تفرقه وانتشاره، وقيل إنه مصدر كالكاذبة والعاقبة والعافية وهو أيضًا حال من الكاف إما باق على مصدريته بلا تقدير شيء مبالغة وإما بتأويل اسم الفاعل أو بتقدير مضاف أي إلا ذا كافة أي ذا كف أي منع للناس من الكفر، وقيل ذا منع من أن يشذوا عن تبليغك، وذهب بعضهم إلى أنه مصدر وقع مفعولًا له ولم يشترط في نصبه اتحاد الفاعل كما ارتضاه الرضى، وذهب العلامة الزمخشري إلى أنه اسم فاعل من الكف صفة لمصدر محذوف وتاؤه للتأنيث أي ما أرسلناك إلا إرسالة كافة أي عامة لهم محيطة بهم لأنها إذا شملتهم فقدكفتهم عن أن يخرج منها أحد منهم.
واعترض عليه بأن كافة لم ترد عن العرب إلا منصوبة على الحال مختصة بالمتعدد من العقلاء وأن حذف الموصوف، وإقامة الصفة مقامه إنما يكون لما عهد وصفه بها بحيث لا تصلح لغيره وأجيب بأن كافة هاهنا غير ما التزم فيه الحالية وإن رجعا إلى معنى واحد، وما قيل من أنه لم تستعمله العرب إلا كذلك ليس بشيء وإقامة الصفة مقام موصوفها منقاس مطرد بدون شرط إذا قامت عليه قرينة، وذكر الفعل قبله دال على تقدير مصدره كما في قمت طويلًا وحسنًا أي قيامًا طويلًا وحسنًا.
وفي الحواشي الخفاجية قد صح أن عمر رضي الله تعالى عنه قال في كتابه لآل بني كاكلة: قد جعلت لآل بني كاكلة على كافة بيت المسلمين لكل عام مائتي مثقال ذهبًا إبريزا وقاله علي كرم الله تعالى وجهه حين أمضاه فقد استعمل هذان الإمامان كافة في غير العقلاء وغير منصوب على الحالية.
ولا يخفى أن بعض ما اعترض به على هذا الوجه يعترض به على بعض الأوجه السابقة أيضًا، والجواب هو الجواب.
والذي اختاره في الآية ما هو المتبادر، ولا بأس ^بالتدم والاستعمال وارد عليه ولا قياس يمنعه، وأمر تخطى العامل إلا إلى ما ليس مستثنى ولا مستثنى منه سهل لحديث التوسع في الظرف، والآية عليه أظهر في الاستدلالعلى عموم رسالته صلى الله عليه وسلم وهو في ذلك كقوله تعالى: {قُلْ يا أهل أَيُّهَا الناس إِنّى رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 8 15] ولو استدل بها القاضي أبو سعيد لبهت اليهودي، وقد يستدل عليه بما لا يكاد ينكره من فعله صلى الله عليه وسلم مع اليهود في عصره ودعوته عليه الصلاة والسلام إياهم إلى الإسلام {بَشِيرًا} لمن أسلم بالثواب {وَنَذِيرًا} لمن لم يسلم بالعقاب، والوصفان حالان من مفعول {أرسلناك} وقد يجعلان على بعض الأوجه السابقة بدلًا من {كَافَّةً} نحو بدل المفصل من المجمل فتأمل.
{ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ} ذلك فيحملهم جهلهم على الإصرار على ما هم عليه من الغي والضلال.
{وَيَقُولُونَ} أي لجهلهم حقيقة أو حكمًا ولذا لم يعطف بالفاء وقيل يقولون أي من فرط تعنتهم وعدم العطف بالفاء لذلك.
وقيل الحامل فرط الجهل وعدم العطف بالفاء لظهور تفرعه على ما قبله ومثله يوكل إلى ذهن السامع، وقيل إن ذاك لأن فرط الجهل غير الجهل وهو كما ترى، وقيل لأن هذا حال بعض وعدم العلم في قوله تعالى: {لاَّ يَعْلَمُونَ} [سبأ: 28] حال بعض آخر، والذي يظهر لي أن القائلين بالفعل هم بعض المشركين المعاصرين له صلى الله عليه وسلم لا أكثر الناس مطلقًا وأن المراد بصيغة المضارع الاستمرار التجددي، وقيل عبر بها استحضارًا للصورة الماضية لنوع غرابة والأصل وقالوا:
{متى هذا الوعد} بطريق الاستهزاء يعنون المبشر به والمنذر عنه أو الموعود بقوله تعالى: {يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا} [سبأ: 26] {إِن كُنتُمْ صادقين} مخاطبين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به.
{قُل لَّكُم مّيعَادُ يَوْمٍ}.
أو وعد يوم على أن {مّيعَادُ} مصدر ميمي أو اسم أقيم مقام المصدر على ما نقل عن أبي عبيدة وهو بمعنى الموعود، وقيل: الكلام على تقدير مضاف أي لكم وقوع وعد يوم أو نجز وعد يوم، وتنوين يوم للتعظيم أي يوم عظيم، وجوز أن يكون الميعاد اسم زمان وإضافته إلى يوم {للتبيين} أي لبيان زمان الوعد بأنه يوم مخصوص نحو سحق ثوب وبعير سانية، وأيد الوجه الأول بوقوع الكلام جوابًا لقولهم {وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد} [سبأ: 29] والوجه الثاني أنه قرىء {مّيعَادُ يَوْمٍ} برفعهما وتنوينهما فإن يوم على هذه القراءة بدل وذلك يقتضي أن الميعاد نفس اليوم، وكونه بدل اشتمال بعيد، وكذا ما قال أبو حيان من أنه على تقدير محذوف أي قل لكم ميعاد ميعاد يوم فلما حذف المضاف أعرب ما قام مقامه بإعرابه، وقرأ ابن أبي عبلة {مّيعَادُ} بالرفع والتنوين {يَوْمًا} بالنصب والتنوين قال الزمخشري: وهو على التعظيم باضمار فعل تقديره لكم ميعاد أعني يومًا من صفته كيت وكيت، ويجوز الرفع على هذا أيضًا، وجوز أن يكون على الظرفية لميعاد على أنه مصدر بمعنى الموعود لا اسم زمان، وقال في البحر: يجوز أن يكون انتصابه على الظرف والعامل فيه مضاف محذوف أي إنجاز وعد يومًا من صفته كيت وكيت.
وقرأ عيسى {مّيعَادُ} منونًا {يَوْمٍ} بالنصب من غير تنوين مضافًا إلى الجملة ووجه النصب ما مر آنفًا.
{لاَّ تَسْتَئَخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً} إذا فاجأكم {وَلاَ تَسْتَقْدِمُونَ} أي عنه ساعة، والهاء على ما قال أبو البقاء يجوز أن تعود على {مّيعَادُ} وإن تعود على {يَوْمٍ} وعلى أيهما عادت كانت الجملة وصفًا له.
وفي الإرشاد هي صفة لازمة لميعاد، وفي الجواب على تقدير تقييد النفي بالمفاجأة من المبالغة في التهديد ما لا يخفى، ويجوز أن يكون النفي غير مقيد بذلك فيكون وصف الميعاد بما ذكر لتحقيق وتقديره، وقد تقدم الكلام في نظير هذه الجلمة فتذكر.
ولما كان سؤالهم عن الوقت على سبيل التعنت أجيبوا بالتهديد، وحاصله أنه لوحظ في الجواب المقصود من سؤالهم لا ما يعطيه ظاهر اللفظ وليس هذا من الأسلوب الحكيم فإن البليغ يلتفت لفت المعنى، وقال الطيبي: هو منه سألوا عن وقت إرساء الساعة وأجيبوا عن أحوالهم فيها فكأنه قيل: دعوا السؤال عن وقت ارسائها فإن كينونته لابد منه بل سلوا عن أحوال أنفسكم حيث تكونون مبهوتين متحيرين فيها من هول ما تشهدون فهذا أليق بحالكم من أن تسألوا عنه وهو كما ترى، وقيل: إنه متضمن الجواب بأن ذلك اليوم لا يعلمه إلا الله عز وجل لمكان تنكير {يَوْمٍ} وهو تعسف لا حاجة إليه.
واختلف في هذا اليوم فقيل يوم القيامة وعليه كلام الطيبي، وقيل: يوم مجيء أجلهم وحضور منيتهم، وقيل: يوم بدر. اهـ.

.قال عبد الكريم الخطيب:

الرسول وعموم رسالته:
قوله تعالى: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.
هذه الآية، هي تزكية من اللّه سبحانه وتعالى لنبيه الكريم، الذي أمره أن يقف من المشركين هذا الموقف، ويكشف لهم عن ضلالهم، ويزيل الغشاوة التي انعقدت على أبصارهم، فلم يتبينوا طريق الهد.
وفي قوله تعالى: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} بيان لهذا المقام العظيم، الذي لرسول اللّه عند ربه، وهو مقام لا يطاول، ومنزلة لا تنال.. قد انفرد بها- صلوات اللّه وسلامه عليه- من بين رسل اللّه وأنبيائه جميع.
فهو- صلوات اللّه وسلامه عليه- رسول الإنسانية كلها، والشمس التي تملأ آفاقها، وتدخل كل مكان فيها.. ولهذا وصفه اللّه سبحانه وتعالى بالسراج المنير، فقال تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَداعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجًا مُنِيرًا} (45- 46: الأحزاب).
والسّراج المنير، هو الشمس، كما يقول اللّه تعالى: {تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيها سِراجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} (61: الفرقان). وقد وصف اللّه سبحانه الشمس بأنها سراج وهاج، فقال تعالى: {وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدادًا وَجَعَلْنا سِراجًا وَهَّاجًا} (12- 13: النبأ).
وفى وصف الرسول- صلوات اللّه وسلامه عليه- بالسراج المنير، دون السراج الوهاج، إشارة إلى أمرين:
أولهما: أنه صلوات اللّه وسلامه عليه، كالشمس في علوّ منزلتها، وفي بسط سلطانها على الأرض كلها، فلا تغرب عنها أبدا، ولا يزايلها ضوؤها أبدا، بل إن هذا الضوء ليغمر نصف الأرض في كل لحظة من لحظات الزم.
وهذا يعنى أن رسالة محمد- صلوات اللّه وسلامه عليه- ستبسط سلطانها على هذه الأرض، وأنها لن تزايلها أبدا، وأن أية رقعة منها لا تخلو من شعاعة من شعاعاته.
وثانيهما: أنّ الشمس المحمدية، شمس، وقمر معا.. الشمس في يمينه، وهى كتاب اللّه وآياته، والقمر في شماله، وهو السنة المطهرة، المستمدة من كتاب اللّه، والمستنيرة من أضوائ.
وعموم رسالة محمد صلوات اللّه وسلامه عليه، مقررة في كتاب اللّه، في أكثر من موضع، فيقول سبحانه وتعالى: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ} (107: الأنبياء).
ويقول سبحانه: {قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} (158: الأعراف).
فالذين يمارون في عموم الرسالة المحمدية، أو يقفون بها عند مجتمع من المجتمعات، أو أمّة من الأمم، إنما يتأولون آيات اللّه على غير وجهها، ويخرجون بالكلمات الواضحة الصريحة عن مفهومها.
وإذا لم تكن الرسالة المحمدية رسالة الإنسانية كلها، لم يكن ثمّة معنى لأن تكون خاتمة الرسالات، وأن يكون رسولها خاتم الرس.