فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ الحسن {باللاتي} جمعًا وهو راجع للأموال والأولاد كالتي على ما سمعت أولًا.
وقرئ {ءامَنُواْ بالذى} أي بالشيء الذي يقربكم.
وزلفى مصدر كالقربى وانتصابه على المصدرية من المعنى.
وقرأ الضحاك {زلفا} بفتح اللام وتنوين الفاء جمع زلفة وهي القربة {يَعْلَمُونَ وَمَا أموالكم وَلاَ أولادكم بالتى} استثناء من مفعول {تُقَرّبُكُمْ} على ما ذهب إليه جمع وهو استثناء متصل إذا كان الخطاب عامًا للمؤمنين والكفرة ومنقطع إذا كان خاصًا بالكفرة فالموصول في محل نصب أو رفع على أنه مبتدأ ما بعده خبره أو خبره مقدر أي لكن من آمن وعمل صالحًا فإيمانه وعمل يقربانه.
واستظهر أبو حيان الانقطاع، وقال في البحر إن الزجاج ذهب إلى بدليته من المفعول المذكور وغلطه النحاس بأن ضمير المخاطب لا يجوز الإبدال منه فلا يقال رأيتك زيدًا.
ومذاهب الأخفش والكوفيين أنه يجوز أن يبدل من ضميري المخاطب والمتكلم لكن البدل في الآية لا يصح ألا ترى أنه لا يصح تفريغ الفعل الواقع صلة لما بعد إلا فلو قلت ما زيد بالذي يضرب إلا خالدًا لم يصح. اهـ.
وذكر بعض الأجلة أن جعله استثناء من المفعول لا يصح على جعل التي كناية عن التقوى لأنه يلزم أن تكون الأموال والأولاد تقوى في حق غير من آمن وعمل صالحًا لكنها غير مقربة، وقيل لا بأس بذلك إذ يصح أن يقال وما أموالكم ولا أولادكم بتقوى إلا المؤمنين، وحاصله أن المال والولد لا يكونان تقوى ومقربين لأحد إلا للمؤمنين، وإذا كان الاستثناء منقطعًا صح واتضح ذلك، وجوز أن يكون استثناء من {أموالكم وأولادكم} على حذف مضاف أي إلا أموال من آمن وعمل صالحًا وأولادهم، وفي هذا إذا جعل التي كناية عن التقوى مبالغة من حيث أنه جعل مال المؤمن الصالح وولده نفس التقوى.
ثم إن تقريب الأموال المؤمن الصالح بانفاقها فيما يرضى الله تعالى وتقريب الأولاد بتعليمهم الخير وتفقيههم في الدين وترشيحهم للصلاح والطاعة.
{فَأُوْلَئِكَ} إشارة إلى من والجمع باعتبار معناها كما أن الأفراد فيما تقدم باعتبار لفظها، وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو رتبتهم وبعد منزلتهم في الفضل أي فأولئك المنعوتون بالايمان والعمل الصالح {لَهُمْ جَزَاء الضعف} أي لهم أن يجازيهم الله تعالى الضعف أي الثواب المضاعف فيجازيهم على الحسنة بعشر أمثالها أو بأكثر إلى سبعمائة فإضافة جزاء إلى الضعف من إضافة المصدر إلى مفعوله.
وقرأ قتادة: {جَزَاء الضعف} برفعهما فالضعف بدل، وجوز الزجاج كونه خبر مبتدأ محذوف أي هو الضعف.
ويعقوب في رواية بنصب {جَزَاء} ورفع {الضعف} فجزاء تمييز أو حال من فاعل {لَهُمْ} أي يجزون جزاء، وقرىء {جَزَاء} بالرفع والتنوين {الضعف} بالنصب على أعمال المصدر {بِمَا عَمِلُواْ} من الصالحات {وَهُمْ في الغرفات} أي في غرفات الجنة ومنازلها العالية {ءامِنُونَ} من جميع المكارم الدنيوية والأخروية.
وقرأ الحسن وعاصم بخلاف عنه والأعمش ومحمد بن كعب {فِى الغرفات} بإسكان الراء، وقرأ بعض القراء بفتحها، وابن وثاب والأعمش وطلحة وحمزة وخلف {فِى الغرفة} بالتوحيد وإسكان الراء، وابن وثاب أيضًا بالتوحيد وضم الراء والتوحيد على إرادة الجنس لأن الكل ليسوا في غرفة واحدة والمفرد أخصر مع عدم اللبس فيه.
{والذين يَسْعَوْنَ في ءاياتنا} بالرد والطعن فيها {معاجزين} أي بحسب زعمهم الباطل الله عز وجل أو الأنبياء عليهم السلام، وحاصله زاعمين سبقهم وعدم قدرة الله تعالى أو أنبيائه عليهم السلام عليهم، ومعنى المفاعلة غير مقصود هاهنا {أولئك} الذي بعدت منزلتهم في الشر {فِى العذاب مُحْضَرُونَ} لا يجديهم ما عولوا عليه نفعًا، وفي ذكر العذاب دون موضعه ما لا يخفى من المبالغة {قُلْ إِنَّ رَبّى يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} أي يوسعه سبحانه عليه تارة ويضيقه عليه أخرى فلا تخشوا الفقر وأنفقوا في سبيل الله تعالى وتقربوا لديه عز وجل بأموالكم وتعرضوا لنفحاته جل وعلا فمساق الآية للوعظ والتزهيد في الدنيا والحض على التقرب إليه تعالى بالانفاق وهذا بخلاف مساق نظيرها المتقدم فإنه للرد على الكفرة كما سمعت، وأيضًا ما سبق عام وما هنا خاص في البسط والتضييق لشخص واحد باعتبار وقتين كما يشعر به قوله تعالى هنا {لَهُ} وعدم قوله هناك، والضمير وإن كان في موضع من المبهم إلا أن سبق النظير خاليًا عن ذلك وذكر هذا بعده مشتملًا عليه كالقرينة على إرادة ما ذكر فلا تغفل. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34)}.
اعتراض للانتقال إلى تسلية النبي صلى الله عليه وسلم مما مُنيَ به من المشركين من أهل مكة وبخاصة مَا قابله به سادتهم وكبراؤهم من التأليب عليْه بتذكيره أن تلك سنة الرسل من قبله فليس في ذلك غضاضة عليه، ولذلك قال في الآية في الزخرف {وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة}. إلخ. أي وكذلك التكذيب الذي كذبك أهل هذه القرية.
والتعريض بقومه الذين عادَوه بتذكيرهم عاقبة أمثالهم من أهل القرى التي كذَّب أهلها برسلهم وأغراهم بذلك زعماؤهم.
والمترَفون: الذين أُعطُوا التَرَف، والترف: النعيم وسعة العيش، وهو مبني للمفعول بتقدير: إن الله أترفهم كما في قوله تعالى: {وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا} في سورة المؤمنون (33).
وفي بنائه للمفعول تعريض بالتذكير بنعمة الله عليهم لعلّهم يشكرونها ويقلعون عن الإِشراك به، وبعض أهل اللغة يقول تقديره: أترفتهم النعمة، أي أبطرتهم.
{وإنا بما أرسلتم} حكاية للقول بالمعنى: أي قال مترفو كل قرية لرسولهم: إنا بما أرسلتَ به كافرون.
وهذا من مقابلة الجمع بالجمع التي يراد منها التوزيع على آحاد الجمع.
وقولهم: {أرسلتم به} تهكم بقرينة قولهم: {كافرون} وهو كقوله تعالى: {وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون} [الحجر: 6]؛ أو المعنى: إنّا بما ادّعيتم أنكم أرسلتم به.
{وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35)}.
قَفّوْا على صريح كفرهم بالقرآن وغيره من الشرائع بكلام كَنَّوْا به عن إبطال حقية الإِسلام بدليل سفسطائي فجعلوا كثرة أموالهم وأولادهم حجة على أنهم أهل حظ عند الله تعالى، فضمير {وقالوا} عائد إلى {الذين كفروا} من قوله: {وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن} [سبأ: 31]. إلخ.
وهذا من تمويه الحقائق بما يحفّ بها من العوارض فجعلوا ما حف بحالهم في كفرهم من وفرة المال والولد حجةً على أنهم مظنة العناية عند الله وأن ما هم عليه هو الحق.
وهذا تعريض منهم بعكس حال المسلمين بأن حال ضعف المسلمين، وقلة عددهم، وشظِف عيشهم حجة على أنهم غير محظوظين عند الله، ولم يتفطنوا إلى أن أحوال الدنيا مسببة على أسباب دنيوية لا علاقة لها بأحوال الأولاد.
وهذا المبدأ الوهمي السفسطائي خطير في العقائد الضالة التي كانت لأهل الجاهلية والمنتشرة عند غير المسلمين، ولا يخلو المسلمون من قريب منها في تصرفاتهم في الدين ومرجعها إلى قياس الغائب على الشاهد وهو قياس يصادف الصواب تارة ويخطئه تارات.
ومن أكبر أخطاء المسلمين في هذا الباب خطأ اللجَأ إلى القضاء والقدر في أعذارهم، وخطأ التخلق بالتوكل في تقصيرهم وتكاسلهم.
فجملة {وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادًا} عطف على جملة {وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن} [سبأ: 31] الخ، وقولهم: {وما نحن بمعذبين} كالنتيجة لقولهم {نحن أكثر أموالا وأولادًا} وإنما جيء فيه بحرف العطف لترجيح جانب الفائدة المستقلة على جانب الاستنتاج الذي يومىء إليه ما تقدمه وهو قولهم: {نحن أكثر أموالًا وأولادًا} فحصل من هذا النظم استدلال لصحة دينهم ولإِبطال ما جاء به الإِسلام ثم الافتخار بذلك على المسلمين والضعة لِجانب المسلمين بإِشارة إلى قياس استثنائي بناء على ملازمة موهومة، وكأنهم استدلوا بانتفاء التعذيب على أنهم مقرّبون عند الله بناء على قياس مساواة مطوي فكأنهم حصروا وسائل القرب عند الله في وفرة الأموال والأولاد.
ولولا هذا التأويل لخلت كلتا الجملتين عن أهم معنييهما وبه يكون موقع الجواب ب {قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر} أشدّ اتصالًا بالمعنى، أي قل لهم: إن بسط الرزق وتقتيره شأن آخر من تصرفات الله المنوطة بما قدره في نظام هذا العالم، أي فلا ملازمة بينه وبين الرشد والغي، والهدى والضلال، ولو تأملتم أسباب الرزق لرأيتموها لا تلاقي أسباب الغي والاهتداء، فربما وسع الله الرزق على العاصي وضيّقه على المطيع وربما عكس فلا يغرنهم هذا وذاك فإنكم لا تعلمون.
وهذا ما جعل قوله: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} مصيبًا المحزّ، فأكثر الناس تلتبس عليهم الأمور فيخلطون بينها ولا يضعون في مواضعها زيْنها وشَيْنها.
وقد أفاد هذا أن حالهم غير دالّ على رضَى الله عنهم ولا على عدمه، وهذا الإِبطال هو ما يسمى في علم المناظرة نقضًا إجماليًا.
وبسط الرزق: تيسيره وتكثيره، استعير له البسط وهو نشر الثوب ونحوِه لأن المبسوط تكثر مساحة انتشاره.
وقَدْر الرزق: عُسر التحصيل عليه وقلة حاصله؛ استعير له القَدْر، أي التقدير وهو التحديد لأن الشيء القليل يسهل عدّه وحسابه ولذلك قيل في ضده {يرزق من يشاء بغير حساب} [البقرة: 212]، ومفعول {يقدر} محذوف دل عليه مفعول {يبسط}.
وتقدم نظيره في سورة الرعد.
ومفعول {يعلمون} محذوف دل عليه الكلام، أي لا يعلمون أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر باعتبار عموم من يشاء من كونه صالحًا أو طالحًا، ومن انتفاء علمهم بذلك أنهم توهموا بسط الرزق علامة على القرب عند الله، وضده علامة على ضد ذلك.
وبهذا أخطأ قول أحمد بن الرواندي:
كم عَاقِلٍ عَاقل أعيتْ مذاهبُه ** وجَاهل جَاهل تلقاه مَرزوقا

هذا الذي ترك الأوهام حائرة ** وصيَّر العالم النحرير زنديقا

فلو كان عالمًا نحريرًا لما تحيّر فهمه، وما تزندق من ضيق عطن فكره.
{وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا}.
يجوز أن تكون جملة {وما أموالكم} عطفًا على جملة {قل إن ربي يبسط الرزق} [سبأ: 36] الخ فيكون كلامًا موجهًا من جانب الله تعالى إلى الذين قالوا: {نحن أكثر أموالًا وأولادًا} [سبأ: 35] فتكون ضمائر الخطاب موجهة إلى الذين قالوا: {نحن أكثر أموالًا وأولادًا}.
ويجوز أن تكون عطفًا على جملة {إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء} [سبأ: 36]، فيكون مما أُمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقوله لهم ويبلغه عن الله تعالى، ويكون في ضمير {عندنا} التفات، وضمائر الخطاب تكون عائدة إلى الذين قالوا: {نحن أكثر أموالًا وأولادًا وما نحن بمعذبين} [سبأ: 35] وفيها وجه ثالث ننبه عليه قريبًا.
وهو ارتقاء من إبطال الملازمة إلى الاستدلال على أنهم ليسوا بمحل الرضى من الله تعالى على طريقة النقض التفصيلي المسمى بالمناقضة أيضًا في علم المناظرة.
وهو مقام الانتقال من المنع إلى الاستدلال على إبطال دعوى الخصم، فقد أبطلت الآية أن تكون أموالُهم وأولادهم مقربة عند الله تعالى، وأنه لا يقرّب إلى الله إلا الإِيمان والعمل الصالح.
وجيء بالجملة المنفية في صيغة حصر بتعريف المسند إليه والمسند، لأن هذه الجملة أريد منها نفي قولهم: {نحن أكثر أموالًا وأولادًا وما نحن بمعذبين} أي لا أنتم، فكان كلامهم في قوة حصر التقريب إلى الله في كثرة الأموال والأولاد فنُفي ذلك بأسره.
وتكرير {لا} النافية بعد العاطف في {ولا أولادكم} لتأكيد تسلط النفي على كلا المذكورْين ليكون كل واحد مقصودًا بنفي كونه مما يقرب إلى الله وملتفتًا إليه.
ولما كانت الأموال والأولاد جمعَيْ تكسير عوملا معاملة المفرد المؤنث فجيء بخبرهما اسم موصول المفرد المؤنث على تأويل جماعة الأموال وجماعة الأولاد ولم يلتفت إلى تغلب الأولاد على الأموال فيخبر عنهما معًا ب {الذين} ونحوه.
وعدل عن أن يقال: بالتي تقربكم إلينا، إلى {تقربكم عندنا} لأن التقريب هنا مجاز في التشريف والكرامة لا تقريب مكان.
والزلفى: اسم للقرب مثل الرُّجعى وهو مفعول مطلق نائب عن المصدر، أي تقربكم تقريبًا، ونظيره {واللَّه أنبتكم من الأرض نباتًا} [نوح: 17].
وقوله: {إلا من آمن وعمل صالحًا} استثناء منقطع.
و {إلا} بمعنى لكنْ المخففة النون التي هي للاستدراك وما بعدها كلام مستأنف، وذلك من استعمالات الاستثناء المنقطع؛ فإنه إذا كان ما بعد {إلا} ليس من جنس المستثنى منه كان الاستثناء منقطعًا، ثم إن كان ما بعد {إلا} مفردًا فإن {إلا} تقدّر بمعنى لكنّ أخت إنّ عند أهل الحجاز فينصبون ما بعدها على توهم اسم لكنّ وتقدر بمعنى لكنْ المخففة العاطفة عند بني تميم فيتبع الاسم الذي بعدها إعراب الاسم الذي قبلها وذلك ما أشار إليه سيبويه في باب يختار فيه النصب من أبواب الاستثناء.
فأما إن كان ما بعد {إلا} جملة اسمية أو فعلية فإن {إلا} تقدر بمعنى لكنْ المخففة وتجعل الجملة بعدُ استئنافًا، وذلك في نحو قول العرب: والله لأفعلن كذا إلا حِلُّ ذلك أن أفعل كذا وكذا قال سيبويه: فإن: أَن أفعل كذا، بمنزلة: إلاّ فِعْل كذا، وهو مبني على حِلّ أي هو خبر له.
وحِلّ مبتدأ كأنه قال: ولكنْ حِلُّ ذلك أن أفعل كذا وكذا. اهـ.
قال ابن مالك في شرح التسهيل: وتقرير الإِخراج في هذا أن تجعل قولهم: إلا حلُّ ذلك، بمنزلة: لا أرى لهذا العَقد مبطِلًا إلا فِعْلَ كذا.
وجعل ابن خروف من هذا القبيل قوله تعالى: {لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه اللَّه العذاب الأكبر} [الغاشية: 22 24] على أن يكون {مَن} مبتدأ ويعذبه الله الخبر ودخل الفاء لتضمين المبتدأ معنى الجزاء.
وقال أبو يَسعود: إن {إلاّ} في الاستثناء المنقطع يكون ما بعدها كلامًا مستأنفًا. اهـ.
وعلى هذا فقوله تعالى هنا: {إلا من آمن وعمل صالحًا} تقديره: لكن من آمن وعمل صالحًا فأولئك لهم جزاء الضعف، فيكون {مَن} مبتدأ مضمَّنًا معنى الشرط و {لهم جزاء الضعف} جملة خبر عن المبتدأ وزيدت الفاء في الخبر لتضمين المبتدأ معنى الشرط.
وأسهل من هذا أن نجعل {مَن} شرطية وجملة {فأولئك لهم جزاء الضعف} جواب الشرط، واقترن بالفاء لأنه جملة اسمية.