فصل: قال أبو السعود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والمعنى: لو ترى إذا فزعوا في الدنيا عند نزول الموت أو غيره من بأس الله تعالى بهم، روي معناه عن ابن عباس.
الحسن: هو فزعهم في القبور من الصيحة.
وعنه أن ذلك الفزع إنما هو إذا خرجوا من قبورهم؛ وقاله قتادة.
وقال ابن مُغَفَّل: إذا عاينوا عقاب الله يوم القيامة.
السّدّي: هو فزعهم يوم بدر حين ضربت أعناقهم بسيوف الملائكة فلم يستطيعوا فرارًا ولا رجوعًا إلى التوبة.
سعيد بن جُبير: هو الجيش الذي يخسف بهم في البيداء فيبقى منهم رجل فيخبر الناس بما لقي أصحابه فيفزعون، فهذا هو فزعهم.
{فَلاَ فَوْتَ} فلا نجاة؛ قاله ابن عباس.
مجاهد: فلا مهرب.
{وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} أي من القبور.
وقيل: من حيث كانوا، فهم من الله قريب لا يَعْزُبون عنه ولا يفوتونه.
وقال ابن عباس: نزلت في ثمانين ألفًا يغزون في آخر الزمان الكعبة ليَخْرِبوها، وكما يدخلون البيداء يخسف بهم؛ فهو الأخذ من مكان قريب.
قلت: وفي هذا المعنى خبر مرفوع عن حذيفة وقد ذكرناه في كتاب التذكِرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب: «فبيناهم كذلك إذ خرج عليهم السُّفياني من الوادي اليابس في فورة ذلك حتى ينزل دمشق فيبعث جيشين، جيشًا إلى المشرق؛ وجيشًا إلى المدينة، فيسير الجيش نحو المشرق حتى ينزلوا بأرض بابل في المدينة الملعونة والبقعة الخبيثة يعني مدينة بغداد، قال فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف ويفتضون أكثر من مائة امرأة ويقتلون بها ثلاثمائة كبش من ولد العباس، ثم يخرجون متوجهين إلى الشام فتخرج راية هدى من الكوفة فتلحق ذلك الجيش منها على ليلتين فيقتلونهم لا يفلِت منهم مخبر ويستنقذون ما في أيديهم من السبّي والغنائم ويَحُلّ جيشه الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيام ولياليها ثم يخرجون متوجهين إلى مكة حتى إذا كانوا بالبيداء بعث الله جبريل عليه السلام فيقول يا جبريل اذهب فأبِدْهم فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم، وذلك قوله تعالى: {وَلَوْ ترى إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} فلا يبقى منهم إلا رجلان أحدهما بشير والآخر نذير وهما من جُهينة»، ولذلك جاء القول: وعند جهينة الخبر اليقين.
وقيل: {أُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ} أي قبضت أرواحهم في أماكنها فلم يمكنهم الفرار من الموت، وهذا على قول من يقول: هذا الفزع عند النزع.
ويحتمل أن يكون هذا من الفزع الذي هو بمعنى الإجابة؛ يقال: فزِع الرجل أي أجاب الصارخ الذي يستغيث به إذا نزل به خوف.
ومنه الخبر إذا قال للأنصار: «إنكم لتَقِلّون عند الطمع وتكثرون عند الفزع».
ومن قال: أراد الخسف أو القتل في الدنيا كيوم بدر قال: أخذوا في الدنيا قبل أن يؤخذوا في الآخرة.
ومن قال: هو فزع يوم القيامة قال: أخذوا من بطن الأرض إلى ظهرها.
وقيل: {أُخِذُوا مِنْ مَكَان قَرِيبٍ} من جهنم فألقوا فيها.
قوله تعالى: {وقالوا آمَنَّا بِهِ} أي بالقرآن.
وقال مجاهد: بالله عز وجل.
الحسن: بالبعث.
قتادة: بالرسول صلى الله عليه وسلم.
{وأنى لَهُمُ التناوش مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ} قال ابن عباس والضحاك: التناوش الرجعة؛ أي يطلبون الرجعة إلى الدنيا ليؤمنوا، وهيهات من ذلك! ومنه قول الشاعر:
تمنَّى أن تئوب إليّ مَيٌّ ** وليس إلى تناوشها سبيل

وقال السُّدّي: هي التوبة؛ أي طلبوها وقد بَعُدت، لأنه إنما تقبل التوبة في الدنيا.
وقيل: التناوش التناول؛ قال ابن السِّكيت: يقال للرجل إذا تناول رجلًا ليأخذ برأسه ولحيته: ناشه ينوشه نَوْشًا.
وأنشد:
فهي تنوش الحوض نَوْشًا مِن عَلاَ ** نَوْشًا به تَقْطع أجواز الفَلا

أي تتناول ماء الحوض من فوق وتشرب شربًا كثيرًا، وتقطع بذلك الشرب فلوات فلا تحتاج إلى ماء آخر.
قال: ومنه المناوشة في القتال؛ وذلك إذا تدانى الفريقان.
ورجل نَوُوش أي ذو بطش. والتناوش: التناول: والانتياش مثله.
قال الراجز:
كانت تنوش العنَق انتياشا

قوله تعالى: {وأنى لَهُمُ التناوش مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ} يقول: أنَّى لهم تناول الإيمان في الآخرة وقد كفروا في الدنيا.
وقرأ أبو عمرو والكسائي والأعمش وحمزة: {وأنى لهم التناؤش} بالهمز.
النحاس: وأبو عبيدة يستبعد هذه القراءة؛ لأن {التناؤش} بالهمز البعد، فكيف يكون: وأنى لهم البعد من مكان بعيد.
قال أبو جعفر: والقراءة جائزة حسنة، ولها وجهان في كلام العرب، ولا يتأوّل بها هذا المتأوّل البعيد، فأحد الوجهين أن يكون الأصل غير مهموز، ثم همزت الواو لأن الحركة فيها خفية، وذلك كثير في كلام العرب.
وفي المصحف الذي نقلته الجماعة عن الجماعة {وَإِذَا الرسل أُقِّتَتْ} [المرسلات: 11] والأصل وُقّتت لأنه مشتق من الوقت.
ويقال في جمع دار: أدؤر.
والوجه الآخر ذكره أبو إسحاق قال: يكون مشتقًا من النئيش وهو الحركة في إبطاء؛ أي من أين لهم الحركة فيما قد بَعُد، يقال: نأشت الشيء أخذته من بُعْد والنئيش: الشيء البطيء.
قال الجوهري: التناؤش بالهمز التأخر والتباعد.
وقد نأشت الأمر أنأشه نأشا أخرته؛ فانتأش.
ويقال: فعله نئيشًا أي أخيرًا.
قال الشاعر:
تمنّى نئيشًا أن يكون أطاعني ** وقد حدثت بعد الأمور أمور

وقال آخر:
قعدت زمانًا عن طلابك للعلا ** وجئت نئيشًا بعد ما فاتك الخُبْر

وقال الفراء: الهمز وترك الهمز في التناؤش متقارب؛ مثل: ذِمْت الرجلَ وذَأَمْته أي عبته.
{مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ} أي من الآخرة.
وروى أبو إسحاق عن التميمي عن ابن عباس قال: {وَأَنَّى لهم} قال: الردّ، سألوه وليس بحين ردّ.
قوله تعالى: {وَقَدْ كَفَرُواْ بِهِ} أي بالله عز وجل.
وقيل: بمحمد {مِن قَبْلُ} يعني في الدنيا.
{وَيَقْذِفُونَ بالغيب} العرب تقول لكل من تكلم بما لا يَحُقّه: هو يقذف ويرجم بالغيب.
{مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} على جهة التمثيل لمن يرجم ولا يصيب، أي يرمون بالظن فيقولون: لا بعث ولا نشور ولا جنة ولا نار، رَجْمًا منهم بالظن؛ قاله قتادة.
وقيل: {يقذفون} أي يرمون في القرآن فيقولون: سحر وشعر وأساطير الأولين.
وقيل: في محمد؛ فيقولون ساحر شاعر كاهن مجنون.
{مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ} أي إن الله بعّد لهم أن يعلموا صدق محمد.
وقيل: أراد البعد عن القلب، أي من مكان بعيد عن قلوبهم.
وقرأ مجاهد {ويُقذفُون بالغيب} غير مسمّى الفاعل، أي يُرمون به.
وقيل: يقذف به إليهم من يغويهم ويضلهم.
قوله تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} قيل: حيل بينهم وبين النجاة من العذاب.
وقيل: حيل بينهم وبين ما يشتهون في الدنيا من أموالهم وأهليهم.
ومذهب قتادة أن المعنى أنهم كانوا يشتهون لما رأوا العذاب أن يقبل منهم أن يطيعوا الله جل وعز وينتهوا إلى ما يأمرهم به الله فحيل بينهم وبين ذلك؛ لأن ذلك إنما كان في الدنيا وقد زالت في ذلك الوقت.
والأصل حُوِل فقلبت حركة الواو على الحاء فانقلبت ياء ثم حذفت حركتها لثقلها.
{كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم} الأشياع جمع شِيَع، وشِيَع جمعه شيعة.
{مِّن قَبْلُ} أي بمن مضى من القرون السالفة الكافرة.
{إِنَّهُمْ كَانُواْ فِي شَكٍّ} أي من أمر الرسل والبعث والجنة والنار.
وقيل: في الدين والتوحيد، والمعنى واحد.
{مُّرِيبِ} أي يستراب به، يقال: أراب الرجل أي صار ذا ريبة، فهو مريب.
ومن قال هو من الريب الذي هو الشك والتهمة قال: يقال شكٌّ مريب؛ كما يقال: عجبٌ عجيب وشعر شاعر؛ في التأكيد.
ختمت السورة، والحمد لله رب العالمين. اهـ.

.قال أبو السعود:

{قُلْ إِن ضَلَلْتُ} عن الطَّريقِ الحقِّ {فَإِنَّمَا أَضِلُّ على نَفْسِى} فإنَّ وبالَ ضلالِي عليها لأنَّه بسببها إذ هي الجاهلةُ بالذَّاتِ والأمَّارةُ بالسُّوءِ وبهذا الاعتبارِ قُوبل الشَّرطيةُ بقولِه تعالى: {وَإِنِ اهتديت فَبِمَا يُوحِى إِلَىَّ رَبّى} لأنَّ الاهتداء بهدايتِه وتوفيقِه. وقُرىء ربِّيَ بفتح الياء {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} يعلم قولَ كلَ من المُهتدي والضَّالِّ وفعلَه وإنْ بالغَ في إخفائِهما.
{وَلَوْ ترى إِذْ فَزِعُواْ} عند الموتِ أو البعثِ أو يومَ بدرٍ وعن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ ثمانين ألفًا يغزُون الكعبةَ ليخرِّبوها فإذا دخلُوا البيداء خُسف بهم، وجوابُ لو محذوفٌ أي لرأيتَ أمرًا هائلًا {فَلاَ فَوْتَ} فلا يفوتُون الله عزَّ وجلَّ بهربٍ أو تحصُّنٍ.
{وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} من ظهرِ الأرضِ أو من الموقفِ إلى النَّارِ أو من صحراء بدرٍ إلى قَليبها أو من تحت أقدامهم إذا خُسف بهم والجملةُ معطوفة على فَزِعوا وقيل على لا فوتَ على معنى إذْ فَزعُوا فلم يفوتُوا وأُخذوا ويؤيده أنه قرىء وأُخذ بالعطف على محلِّه أي فلا فوت هنا وهناك أخذٌ.
{وَقَالُواْ ءامَنَّا بِهِ} أي بمحمَّدٍ عليه الصَّلاة والسَّلام وقد مرَّ ذكرُه في قوله تعالى {ما بصاحِبكم}.
{وأنى لَهُمُ التناوش} التَّناوشُ التَّناولُ السَّهلُ أي ومِن أينَ لهم أنْ يتناولُوا الإيمانَ تناولًا سهلًا {مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ} فإنَّه في حيِّزِ التكليف وهُم منه بمعزلٍ بعيدٍ وهو تمثيلُ حالِهم في الاستخلاصِ بالإيمانِ بعد ما فاتَ عنهم وبعُد بحالِ مَنْ يُريدُ أنْ يتناولَ الشَّيءَ من غَلْوةٍ تناوله من ذراعٍ في الاستحالة. وقُرىء بالهمزِ على قلبِ الواوِ لضمِّها وهو من نأشتُ الشَّيءَ إذا طلبتُه، وعن أبي عمرو: التَّناؤشُ بالهمزِ التَّناولُ من بُعدٍ من قولِهم نأشتُ إذا أبطأتَ وتأخَّرتَ ومنه قولُ مَن قالَ:
تمنَّى نَئيشا أنْ يكون أطاعنِي ** وقد حدثتْ بعدَ الأمرِ أمورُ

{وَقَدْ كَفَرُواْ بِهِ} أي بمحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أو بالعذابِ الشَّديدِ الذي أنذرهم إياه {مِن قَبْلُ} أي من قبلِ ذلك في أوانِ التَّكليفِ {وَيَقْذِفُونَ بالغيب} ويَرجمون بالظَّنِّ ويتكلَّمون بما لم يظهر لهم في حقِّ الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ من المطاعنِ أو في العذاب المذكورِ من بت القول بنفيه {مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ} من جهةٍ بعيدةٍ من حاله عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حيث ينسبونَه صلى الله عليه وسلم إلى الشِّعرِ والسِّحرِ والكذب وأنَّ أبعدَ شيءٍ ممَّا جاء به الشِّعرُ والسِّحرُ وأبعدُ شيءٍ من عادته المعروفة فيما بين الدَّاني والقاصِي الكذبُ، ولعله تمثيلٌ لحالِهم في ذلك بحالِ مَن يرمي شيئًا لا يراهُ من مكانٍ بعيدٍ لا مجالَ للوهم في لحوقِه. وقُرىء ويُقذفون على أنَّ الشَّيطانَ يلقي إليهم ويلقِّنهم ذلك وهو معطوفٌ على قد كفروا به على حكاية الحال الماضيةِ أو على قالُوا فيكون تمثيلًا لحالِهم بحال القاذفِ في تحصيل ما ضيِّعُوه من الإيمان في الدُّنيا {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} مع نفعِ الإيمانِ والنَّجاة من النَّارِ. وقُرىء بإشمامِ الضَّمِّ للحاء {كَمَا فُعِلَ بأشياعهم مّن قَبْلُ} أي بأشباهِهم من كفرةِ الأُمم الدَّارجة {إِنَّهُمْ كَانُواْ في شَكّ مُّرِيبِ} أي مُوقع في الرِّيبةِ أو ذي ربيةٍ. والأوَّلُ منقولٌ ممَّن يصحُّ أن يكونَ مُريبًا من الأعيانِ إلى المعنى والثاني من صاحبِ الشَّكِّ إلى الشَّكِّ كما يُقال شعرٌ شاعرٌ والله أعلم. اهـ.

.قال الألوسي:

{قُلْ إِن ضَلَلْتُ} عن الحق {فَإِنَّمَا أَضِلُّ على نَفْسِى} أي عائدًا ضرر ذلك ووباله عليها فإنها الكاسبة للشرور والأمارة بالسوء {وَإِنِ اهتديت} إلى الحق {فَبِمَا يُوحِى إِلَىَّ رَبّى} فإن الاهتداء بهدايته تعالى وتوفيقه عز وجل، وما موصولة أو مصدرية، وكان الظاهر وإن اهتديت فلها كقوله تعالى: {مَّنْ عَمِلَ صالحا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا} [فصلت: 6 4] أو إن ضللت فإنما أضل بنفسي ليظهر التقابل لكنه عدل عن ذلك اكتفاء بالتقابل بحسب المعنى لأن الكلام عليه أجمع فإن كل ضرر فهو من النفس وبسببها وعليها وباله، وقد دل لفظ على في القرينة الأولى على معنى اللام في الثانية والباء في الثانية على معنى السببية في الأولى فكأنه قيل: قل إن ضللت فإنما أضل بسبب نفسي على نفسي وإن اهتديت فإنما اهتدى لنفسي بهداية الله تعالى وتوفيقه سبحانه، وعبر عن هذا {بِمَا يوحى إِلَىَّ رَبّى} لأنه لازمه، وجعل على للتعليل وإن ظهر عليه التقابل ارتكاب لخلاف الظاهر من غير نكتة.
وجوز أن يكون معنى القرينة الأولى قل إن ضللت فإنما أضل علي لا على غيري، ولا يظهر عليه أمر التقابل مطلقًا، والحكم على ما قال الزمخشري عام وإنما أمر صلى الله عليه وسلم أن يسنده إلى نفسه لأن الرسول إذا دخل تحته مع جلالة محله وسداد طريقته كان غيره أولى به، وقال الإمام: أي إن ضلال نفسي كضلالكم لأنه صادر من نفسي ووباله عليها وأما اهتدائي فليس كاهتدائكم بالنظر والاستدلال وإنما هو بالوحي المنير فيكون مجموع الحكمين عنده مختصًا به عليه الصلاة والسلام، وفيما ذكره دلالة على ما قال الطيبي على أن دليل النقل أعلى وأفخم من دليل العقل وفيه بحث.
وقرأ الحسن وابن وثاب وعبد الرحمن المقري {ضَلَلْتُ} بكسر اللام و {أَضَلَّ} بفتح الضاد وهي لغة تميم، وكسر عبد الرحمن همزة {أَضَلَّ} وقرىء {رَبّى} بفتح الياء {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} فلا يخفى عليه سبحانه قول كل من المهتدي والضال وفعله وإن بالغ في إخفائهما فيجازى كلًا بما يليق.
{وَلَوْ ترى إِذْ فَزِعُواْ} أي اعتراهم انقباض ونفار من الأمر المهول المخيف، والخطاب في ترى للنبي صلى الله عليه وسلم أو لكل من تصح منه الرؤية، ومفعول {تَرَى} محذوف أي الكفار أو فزعهم أو هو {إِذْ} على التجوز إذ المراد برؤية الزمان رؤية ما فيه أو هو متروك لتنزيل الفعل منزلة اللازم أي لو تقع منك رؤية وجواب {لَوْ} محذوف أي لرأيت أمرًا هائلًا، وهذا الفزع على ما أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد يوم القيامة، والظاهر عليه أنه فزع البعث وهو مروى عن الحسن.